→ باب الجمع بين الخوف والرجاء | رياض الصالحين باب فضل البكاء المؤلف: يحيى النووي |
باب فضل الزهد في الدنيا ← |
باب فضل البكاء من خشية اللَّه تعالى وشوقاً إليه
قال اللَّه تعالى (الإسراء 109): {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً}.
وقال تعالى (النجم 59، 60): {أفمن هذا الحديث تعجبون، وتضحكون ولا تبكون!}.
446- وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال لي النبي ﷺ: (اقرأ علي القرآن) قلت: يا رَسُول اللَّهِ أقرأ عليك وعليك أنزل قال: (إني أحب أن أسمعه من غيري) فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} (النساء 41) قال: (حسبك الآن) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
447- وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: خطب رَسُول اللَّهِ ﷺ خطبة ما سمعت مثلها قط! فقال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا) قال: فغطى أصحاب رَسُول اللَّهِ ﷺ وجوههم ولهم خنين مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وسبق بيانه في باب الخوف (انظر الحديث رقم 400).
448- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: (لا يلج النار رجل بكى من خشية اللَّه حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل اللَّه ودخان جهنم) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
449- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: (سبعة يظلهم اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة اللَّه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في اللَّه اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف اللَّه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر اللَّه خالياً ففاضت عيناه) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
450- وعن عبد اللَّه بن الشخير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: أتيت رَسُول اللَّهِ ﷺ وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء. حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي في الشمائل بإسناد صحيح.
451- وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ لأبي بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (إن اللَّه عَزَّ وَجَلَ أمرني أن أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا} (البينة) قال: وسماني قال: نعم) فبكى. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية: فجعل أبيٌ يبكي.
452- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: قال أبو بكر لعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما بعد وفاة رَسُول اللَّهِ ﷺ: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رَسُول اللَّهِ ﷺ يزورها. فلما انتهينا إليها بكت. فقالا لها ما يبكيك أما تعلمين أن ما عند اللَّه خير لرَسُول اللَّهِ ﷺ ! قالت: إني لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند اللَّه خير لرَسُول اللَّهِ ﷺ ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء. فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها. رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وقد سبق في باب زيارة أهل الخير (انظر الحديث رقم 359).
453- وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال: لما اشتد برَسُول اللَّهِ ﷺ وجعه قيل له في الصلاة. قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس) فقالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها: إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ غلبه البكاء. فقال: (مروه فليصل)
وفي رواية عن عائشة رَضِيَ اللّهُ عَنْها قالت قلت: إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
454- وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أتي بطعام وكان صائماً فقال: قتل مصعب بن عمير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، وهو خير مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة إن غطي بها رأسه بدت رجلاه وإن غطي بها رجلاه بدا رأسه، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا قد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
455- وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي ﷺ قال: (ليس شيء أحب إلى اللَّه تعالى من قطرتين وأثرين: قطرة دموع من خشية اللَّه، وقطرة دم تهراق في سبيل اللَّه. وأما الأثران: فأثر في سبيل اللَّه تعالى، وأثر في فريضة من فرائض اللَّه تعالى) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وفي الباب أحاديث كثيرة , منها:
حديث العرباض بن سارية رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: وعظنا رَسُول اللَّهِ ﷺ موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون.
وقد سبق في باب النهي عن البدع (انظر الحديث رقم 157).