→ باب كراهة تمنى الموت | رياض الصالحين باب الورع وترك الشبهات المؤلف: يحيى النووي |
باب استحباب العزلة عند فساد الناس ← |
باب الورع وترك الشبهات
قال اللَّه تعالى (النور 15): {وتحسبونه هيناً وهو عند اللَّه عظيم}.
وقال تعالى (الفجر 14): {إن ربك لبالمرصاد}.
588- وعن النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال سمعت رَسُول اللَّهِ ﷺ يقول: (إن الحلال بين، وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه؛ ألا وإن لكل ملك حمىً، ألا وإن حمى اللَّه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلـه، وإذا فسدت فسد الجسد كلـه؛ ألا وهي القلب) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وروياه من طرق بألفاظ متقاربة.
589- وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن النبي ﷺ وجد تمرة في الطريق فقال: (لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
590- وعن النواس بن سمعان رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي ﷺ قال: (البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
(حاك) بالحاء المهملة والكاف أي: تردد فيه.
591- وعن وابصة بن معبد رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: أتيت رَسُول اللَّهِ ﷺ فقال: (جئت تسأل عن البر ) قلت: نعم. فقال: (استفت قلبك. البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب. والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك) حديث حسن رواه أحمد والدارمي في مسنديهما.
592- وعن أبي سِروعة -بكسر السين المهملة ونصبها- عقبة بن الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت: إن قد أرضعت عقبة والتي قد تزوج بها. فقال لـها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني. فركب إلى رَسُول اللَّهِ ﷺ بالمدينة فسألـه، فقال رَسُول اللَّهِ ﷺ: (كيف وقد قيل ) ففارقها عقبة ونكحت زوجاً غيرها. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
(إهاب) بكسر الـهمزة، و (عزيز) بفتح العين وبزاي مكررة.
593- وعن الحسن بن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: حفظت من رَسُول اللَّهِ ﷺ: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
معناه: اترك ما تشك فيه وخذ ما لا تشك فيه.
594- وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: كان لأبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا فقال أبو بكر: وما هو فقال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني لذلك هذا الذي أكلت منه. فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
(الخراج): شيء يجعله السيد على عبده يؤديه إلى السيد كل يوم وباقي كسبه يكون للعبد.
595- وعن نافع أن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف، وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته فقال: إنما هاجر به أبوه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
596- وعن عطية بن عروة السعدي الصحابي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.