→ باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل | رياض الصالحين باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم المؤلف: يحيى النووي |
باب فضل الحب في الله والحث عليه ← |
باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة
قال اللَّه تعالى (الكهف 60-66): {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً}
إلى قوله تعالى {قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا}.
وقال تعالى (الكهف 28): {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.
360- وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال أبو بكر لعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بعد وفاة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يزورها. فلما انتهيا إليها بكت. فقالا لها: ما يبكيك أما تعلمين أن ما عند اللَّه خير لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالت: إني لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند اللَّه تعالى خير لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء. فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
361- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد اللَّه تعالى على مدرجته ملكاً. فلما أتى عليه قال: أين تريد قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه قال: لا، غير أني أحببته في اللَّه تعالى. قال: فإني رَسُول اللَّهِ إليك بأن اللَّه قد أحبك كما أحببته فيه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
يقال: أرصده لكذا إذا وكله بحفظه.
و المدرجة) بفتح الميم والراء: الطريق.
ومعنى (تربها): تقوم بها وتسعى في صلاحها.
362- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (من عاد مريضاً أو زار أخاً له في اللَّه ناداه مناد: بأن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ. وفي بعض النسخ غريب.
363- وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
( يحذيك): يعطيك.
364- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ومعنى ذلك: أن الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصال الأربع فاحرص أنت على ذات الدين واظفر بها واحرص على صحبتها.
365- وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لجبريل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ) فنزلت: {وما نتنزل إلا بأمر ربك، له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك} (مريم 64). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
366- وعن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به.
367- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح وقال الترمذي حديث حسن.
368- وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (المرء مع من أحب) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: قال قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم قال: (المرء مع من أحب).
369- وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن أعرابياً قال لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: متى الساعة قال له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (ما أعددت لها ) قال: حب اللَّه ورسوله. قال: (أنت مع من أحببت) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وهذا لفظ مسلم.
وفي رواية لهما: ما أعددت لها من كثير صوم ولا صلاة ولا صدقة ولكني أحب اللَّه ورسوله.
370- وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جاء رجل إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (المرء مع من أحب) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
371- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وروى البخاري قوله: (الأرواح) إلى آخره من رواية عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها.
372- وعن أسير بن عمرو. ويقال ابن جابر -وهو بضم الهمزة وفتح السين المهملة- قال: كان عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقال: أنت أويس بن عامر قال: نعم. قال: من مراد ثم من قرن قال: نعم. قال فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم قال: نعم. قال: لك والدة قال: نعم. قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: (يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على اللَّه لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) فاستغفر لي. فاستغفر له. فقال له عمر: أين تريد قال الكوفة. قال: ألا أكتب لك إلى عاملها قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي. فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس فقال: تركته رث البيت قليل المتاع. قال: سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: (يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على اللَّه لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) فأتى أويساً فقال استغفر لي. قال: أنت أحدث عهداً بسفر صالح فاستغفر لي. قال: لقيت عمر قال: نعم. فاستغفر له. ففطن له الناس فانطلق على وجهه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وفي رواية لمسلم أيضاً عن أسير بن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس فقال عمر: هل ههنا أحد من القرنيين فجاء ذلك الرجل. فقال عمر إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد قال: (إن رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له قد كان به بياض فدعا اللَّه تعالى فأذهبه إلا موضع الدينار أو الدرهم فمن لقيه منكم فليستغفر لكم)
وفي رواية له عن عمر قال إني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: (إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم).
قوله: (غبراء الناس) بفتح الغين المعجمة، وإسكان الباء وبالمد، وهم: فقراؤهم وصعاليكهم ومن لا تعرف عينه من أخلاطهم.
و (الأمداد) جمع مدد وهم: الأعوان والناصرون الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد.
373- وعن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: استأذنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في العمرة فأذن لي وقال: (لا تنسنا يا أخي من دعائك) فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
وفي رواية: قال (أشركنا يا أخي في دعائك) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ صحيح.
374- وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يزور قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يأتي مسجد قباء كل سبت راكباً وماشياً، وكان ابن عمر يفعله.