→ باب الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر | رياض الصالحين باب بيان كثرة طرق الخير المؤلف: يحيى النووي |
باب الاقتصاد في العبادة ← |
باب بيان كثرة طرق الخير
قال اللَّه تعالى (البقرة 215): {وما تفعلوا من خير فإن اللَّه به عليم} .
وقال تعالى (البقرة 197): {وما تفعلوا من خير يعلمه اللَّه} .
وقال تعالى (الزلزلة 7): {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره} .
وقال تعالى (الجاثية 15): {من عمل صالحاً فلنفسه} .
والآيات في الباب كثيرة.
117-وأما الأحاديث فكثيرة جداً وهي غير منحصرة فنذكر طرفاً منها:
الأول عن أبي ذر جندب بن جنادة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قلت: يا رَسُول اللَّهِ أي الأعمال أفضل قال ﷺ : (الإيمان بالله والجهاد في سبيله) قلت: أي الرقاب أفضل قال ﷺ : (أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا) قلت: فإن لم أفعل قال ﷺ : (تعين صانعاً أو تصنع لأخرق) قلت: يا رَسُول اللَّهِ أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل قال ﷺ : (تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(الصانع) بالصاد المهملة هذا هو المشهور.
وروي (ضائعا) بالمعجمة: أي ذا ضياع من فقر أو عيال ونحو ذلك.
و (الأخرق) : الذي لا يتقن ما يحاول فعله.
118- الثاني عن أبي ذر أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ قال : (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة؛ ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(السلامى) بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: المفصل.
119- الثالث عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال النبي ﷺ : (عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
120- الرابع عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن ناساً قالوا: يا رَسُول اللَّهِ ذهب أهل الدثور بالأجور:
يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم . قال ﷺ : (أوليس قد جعل اللَّه لكم ما تصدقون به: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة) قالوا: يا رَسُول اللَّهِ أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال ﷺ : (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(الدثور) بالثاء المثلثة: الأموال واحدها دثر.
121- الخامس عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال لي النبي ﷺ : (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
122- السادس عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ورَوَاهُ مُسْلِمٌ أيضاً من رواية عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل. فمن كبر اللَّه، وحمد اللَّه، وهلل اللَّه، وسبح اللَّه، واستغفر اللَّه، وعزل حجراً عن طريق الناس، أو شوكة أو عظماً عن طريق الناس، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر عدد الستين والثلاثمائة فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار).
123- السابع عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي ﷺ قال : (من غدا إلى المسجد أو راح أعد اللَّه له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(النزل): القوت والرزق وما يهيأ للضيف.
124- الثامن عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قال الجوهري: الفرسن من البعير كالحافر من الدابة. قال: وربما استعير في الشاة.
125- التاسع عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي ﷺ قال: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة: فأفضلها قول لا إله إلا اللَّه، وأدناها إماطة الأذى الطريق. والحياء شعبة من الإيمان) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(البضع): من ثلاثة إلى تسعة بكسر الباء وقد تفتح. و (الشعبة): القطعة.
126- العاشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ قال: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش. فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر اللَّه له فغفر له) قالوا: يا رَسُول اللَّهِ إن لنا في البهائم أجرا فقال ﷺ : (في كل كبد رطبة أجر) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية للبخاري: (فشكر اللَّه له فغفر له فأدخله الجنة)
وفي رواية لهما (بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فسقته فغفر لها به).
(الموق): الخف.
و (يطيف): يدور حول
(ركية) وهي: البئر.
127- الحادي عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي ﷺ قال: (لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وفي رواية له: (مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة)
وفي رواية لهما (بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر اللَّه له فغفر له).
128- الثاني عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
129- الثالث عشر عنه أن رَسُول اللَّهِ ﷺ قال: (إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
130- الرابع عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ ﷺ قال: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
131- الخامس عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (ألا أدلكم على ما يمحو اللَّه به الخطايا ويرفع به الدرجات ) قالوا: بلى يا رَسُول اللَّهِ. قال ﷺ : (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
132- السادس عشر عن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (من صلى البردين دخل الجنة) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(البردان): الصبح والعصر.
133- السابع عشر عنه رص قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
134- الثامن عشر عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (كل معروف صدقة) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. ورَوَاهُ مُسْلِمٌ من رواية حذيفة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
135- التاسع عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وفي رواية له: (فلا يغرس المسلم غرساً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة)
وفي رواية له: (لا يغرس مسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة) وروياه جميعاً من رواية أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قوله (يرزؤه): أي ينقصه.
136- العشرون عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رَسُول اللَّهِ ﷺ فقال لهم: (إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد ) فقالوا: نعم يا رَسُول اللَّهِ قد أردنا ذلك. فقال ﷺ : (بني سلمة: دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وفي رواية: (إن بكل خطوة درجة) ورَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أيضاً بمعناه من رواية أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
و (بنو سلمة): قبيلة معروفة من الأنصار رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
و (آثارهم): خطاهم.
137- الحادي والعشرون عن أبي المنذر أبي بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه وكان لا تخطئه صلاة، فقيل له أو فقلت له: لو اشتريت حماراً تركبه
في الظلماء وفي الرمضاء فقال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي.
فقال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (قد جمع اللَّه لك ذلك كله) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وفي رواية: (إن لك ما احتسبت) .
(الرمضاء): الأرض التي أصابها الحر الشديد.
138- الثاني والعشرون عن أبي محمد عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله اللَّه بها الجنة) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(المنيحة): أن يعطيه إياها ليأكل لبنها ثم يردها إليه.
139- الثالث والعشرون عن عدي بن حاتم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت النبي ﷺ يقول: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية لهما عنه قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة) .
140- الرابع والعشرون عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : (إن اللَّه ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(الأكلة) بفتح الهمزة: هي الغدوة أو العشوة.
141- الخامس والعشرون عن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي ﷺ قال: (على كل مسلم صدقة) قال: أرأيت إن لم يجد قال: (يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق) قال: أرأيت إن لم يستطع قال: (يعين ذا الحاجة الملهوف) قال: أرأيت إن لم يستطع قال: (يأمر بالمعروف أو الخير) قال: أرأيت إن لم يفعل قال: (يمسك عن الشر فإنها صدقة) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.