الرئيسيةبحث

كتاب الأم/الدعوى والبينات


الدعوى والبينات


أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال ما كان بيد مالك من كان المالك من شيء يملك ما كان المملوك فادعاه من يملك بحال فالبينة على المدعي فإن جاء بها أخذ ما ادعى، وإن لم يأت بها فعلى المدعى عليه الشيء في يديه اليمين بإبطال دعواه فإن حلف برئ، وإن نكل قيل للمدعي لا نعطيك بنكوله شيئا دون أن تحلف على دعواك مع نكوله فإن حلفت أعطيناك دعواك، وإن أبيت لم نعطك دعواك، وسواء ادعاها المدعي من قبل الذي هي في يديه أنها خرجت إليه منه بوجه من الوجوه أو من قبل غيره أو باستحقاق أصل أو من أي وجه ما كان، وسواء كانت بينهما مخالطة أو لم تكن.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أصل معرفة المدعي والمدعى عليه أن ينظر إلى الذي الشيء في يديه يدعيه هو وغيره فيجعل المدعي الذي نكلفه البينة، والمدعى عليه الذي الشيء في يديه، ولا يحتاج إلى سبب يدل على صدقه بدعواه إلا قوله، وهكذا إن ادعى عليه دينا أو أي شيء ما كان كلف فيه البينة ودعواه في ذمة غيره مثل دعواه شيئا قائما بعينه في يدي غيره قال، وقاله أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كانت الدار أو أي شيء ما كان لرجل فادعى أنه باعه من رجل، وأنكر الرجل فعلى المدعي البينة، لأنه مدع في ذمة الرجل وماله شيئا هو له دونه، والرجل ينكره فعليه اليمين، ولو كان الرجل يدعي شراء الدار، ومالك الدار يجحده كان مثل هذا، وعلى مدعي الشراء البينة لأنه يدعي شيئا هو في ملك صاحبه دونه، ولا يأخذ بدعواه دون أن يقيم بينة، وعلى الذي ينكر البيع اليمين وقاله أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وهكذا لو ادعى رجل دينا أو غصبا أو شيئا على رجل فأنكر الرجل لم يكن له أن يأخذه إلا ببينة، وعلى المنكر اليمين، ولو أقر له بدعواه، وادعى أنه قضاه إياه ففيها قولان أحدهما أن الدعوى لازمة له، ودعواه البراءة غير مقبولة منه إلا ببينة، ومن قال هذا فسواء عنده كان دعواه البراءة موصولا بإقراره أو مقطوعا منه، والقول الثاني أنه إذا كان لا يعلم حقه إلا بإقراره فوصل بإقراره دعواه المخرج كان مقبولا منه، ولا يكون صادقا كاذبا في قول واحد، ولو قطع دعواه المخرج من الإقرار فلم يصلها به كان مدعيا عليه البينة، وكان الإقرار له لازما، ومن قال هذا القول الآخر فينبغي أن تكون حجته أن يقول أرأيت رجلا قال لرجل لك علي ألف درهم طبرية أو لك عندي عبد زنجي، وادعى الرجل عليه ألفا وازنة أو ألفا مثاقيل أو عبدا بربريا أليس يكون القول قول المدعى عليه؟ وسواء في هاتين المسألتين أن يقر له بدين، ويزعم إلى أجل في القول الأول الدين حال، وعليه البينة أنه إلى أجل، والقول الثاني أن القول قوله إذا وصل دعواه بإقراره.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: إذا كان الشيء في يد اثنين عبدا كان أو دارا أو غيره فادعى كل واحد منهما كله فهو في الظاهر بينهما نصفان، ويكلف كل واحد منهما البينة على ما في يدي صاحبه فإن لم يجد واحد منهما بينة أحلفنا كل واحد منهما على دعوى صاحبه فأيهما حلف برئ، وأيهما نكل رددنا اليمين على المدعي فإن حلف أخذ، وإن نكل لم يأخذ شيئا ودعواه النصف الذي في يد صاحبه كدعواه الكل ليس في يديه منه شيء لأن ما في يد غيره خارج من يديه، وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقيم كل واحد منهما البينة على ما في يدي صاحبه، ولكل واحد منهما اليمين على صاحبه فأيهما حلف برئ، وأيهما نكل حبس حتى يحلف، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا نكل عن اليمين قضينا عليه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: إذا تداعى الرجلان البيع فتصادقا عليه، واختلفا في الثمن فقال البائع بعتك بألفين، وقال المشتري اشتريت منك بألف والسلعة قائمة بعينها، ولا بينة بينهما تحالفا معا فإن حلفا معا فالسلعة مردودة على البائع، وأيهما نكل رددت اليمين على المدعى عليه، وإن نكل المشتري حلف البائع لقد باعه بالذي قال ثم لزمته الألفان فإن حلف البائع ثم نكل المشتري عن اليمين أخذ البائع الألفين لأنه قد اجتمع نكول المشتري، ويمين البائع على دعواه، وهكذا إن كان الناكل هو البائع، والحالف هو المشتري كانت بيعا له بالألف، ولو هلكت السلعة ترادا قيمتها إذا حلفا معا، وإذا كانت السنة تدل على أنهما يتصادقان في أن السلعة مبيعة، ويختلفان في الثمن، فإذا حلفا ترادا، وهما يتصادقان أن أصل البيع كان حلالا فلا يختلف المسلمون فيما علمت أن ما كان مردودا لو وجد بعينه في يدي من هو في يديه ففات أن عليه قيمته إذا كان أصله مضمونا، ولو جعلنا القول قول المشتري إذا فاتت السلعة كنا قد فارقنا السنة، ومعنى السنة، وليس لأحد فراقهما، وقد صار بعض المشرقيين إلى أن رجع إلى هذا القول فقال به، وخالف صاحبه فيه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولو أقام أحدهما البينة على دعواه أعطيناه ببينته.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا ادعى رجل أنه نكح امرأة لم أقبل دعواه حتى يقول نكحتها بولي وشاهدين عدلين، ورضاها فإذا قال هذا، وأنكرت المرأة أحلفناها، فإن حلفت لم أقض له بها، وإن نكلت لم أقض له بها بالنكول حتى يحلف، فإذا حلف قضيت له بأنها زوجته، وأحلف في النكاح، والطلاق، وكل دعوى، وذلك أني وجدت من حكم الله تبارك وتعالى ثم سنة نبيه ﷺ أن الله عز وجل قضى أن يحلف الزوج القاذف، وتحلف الزوجة المقذوفة ثم دلت السنة على أن الحد يسقط عن الزوج، وقد لزمه لولا اليمين، والإجماع على أن الحد يسقط عن المرأة باليمين، والسنة تدل على أن الفرقة بينهما، وعلى نفي الولد فالحد قتل، ونفي الولد نسب فالحد على الرجل يمين فوجدت هذا الحكم جامعا لان تكون الأيمان مستعملة فيما لها فيه حكم، ووجدت النبي ﷺ أمر الأنصار أن يحلفوا، ويستحقوا دم صاحبهم فأبوا الأيمان فعرض عليهم أيمان يهود فلا أعرف حكما في الدنيا أعظم من حكم القتل، والحد، والطلاق، ولا اختلاف بين الناس في الأيمان في الأموال، ووجدت النبي ﷺ يقول: (واليمين على المدعى عليه) فلا يجوز أن يكون على مدعى عليه دون مدعى عليه إلا بخبر لازم يفرق بينهما بل الأخبار اللازمة تجمع بينهما.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وهكذا لو ادعت عليه المرأة النكاح وجحد كلفت المرأة البينة فإن لم تأت بها أحلف فإن حلف برئ، وإن نكل رددت اليمين على المرأة، وقلت لها احلفي فإن حلفت ألزمته النكاح، وهكذا كل شيء ادعاه أحد على أحد من طلاق، وقذف، ومال، وقصاص، وغير ذلك من الدعوى.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا ادعى رجل أن امرأته خالعته بعبد أو دار أو غير ذلك، وأنكرت المرأة كلف الزوج البينة فإن جاء بها ألزمته الخلع، وألزمتها ما اختلعت به، وإن لم يأت بها أحلفتها فإن حلفت برئت من أن يأخذ منها ما ادعى، ولزمه الطلاق، وكان لا يملك فيه الرجعة من قبل أنه يقر بطلاق لا يملك فيه رجعة، ويدعي مظلمة في المال فإن نكلت عن اليمين رددت اليمين على الزوج فإن حلف أخذ ما ادعى أنها خالعته عليه، وإن نكل لم أعطه بدعواه شيئا، ولا بنكولها حتى يجتمع مع نكولها يمينه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا ادعى العبد على مالكه أنه أعتقه أو كاتبه، وأنكر ذلك مالكه فعلى العبد البينة فإن جاء بها أنفذت له ما شهد له به من عتق أو كتابة، وإن لم يأت بها أحلفت له مولاه فإن حلف أبطلت دعوى العبد، وإن نكل المولى عن اليمين لم أثبت دعوى العبد إلا بأن يحلف العبد فإن حلف أثبت دعواه فإن ادعى العبد التدبير فهو في قول من لا يبيع المدبر هكذا، وفي قول من يبيع المدبر هكذا إلا أنه يقال لسيد العبد لا يصنع اليمين شيئا، وقل قد رجعت في التدبير، ويكون التدبير مردودا، ولو أن مالك العبد قال قد أعتقتك على ألف درهم فأنكر العبد المال، وادعى العتق أو أنكر المال والعتق كان المالك المدعي فإن أقام السيد البينة أخذ العبد بالمال، وإن لم يقمها أحلف له العبد فإن حلف برئ من المال، وكان حرا في الوجهين لأن المولى يقر بعتقه فيهما فإن نكل العبد عن اليمين لم يثبت عليه شيء حتى يحلف مولاه فإن حلف ثبت المال على العبد، وإن نكل السيد عن اليمين فلا مال على العبد، والعتق ماض.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولو تعلق رجل برجل فقال أنت عبد لي، وقال المدعى عليه بل أنا حر الأصل فالقول قوله فأصل الناس الحرية حتى تقوم بينة أو يقر برق، وكلف المدعي البينة فإن جاء بها كان العبد رقيقا، وإن أقر العبد له بالرق كان رقيقا له، وإن لم يأت بالبينة أحلف له العبد فإن حلف كان حرا، وإن نكل لم يلزمه الرق حتى يحلف المدعي على رقه فيكون رقيقا له.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وهكذا الأمة مثل العبد سواء، وهكذا كل ما يملك إلا في معنى واحد فإن رجلا أو امرأة لو كانا معروفين بالحرية فأقرا بالرق لم يثبت عليهما الرق.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا ادعى الرجل على الرجل دما أو جراحا دون الدم عمدا أو خطأ فسواء، وعليه البينة فإن جاء بها قضي له فإن لم يأت بها، ولا بما يوجب القسامة في الدم دون الجراح أحلف المدعى عليه فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لم ألزمه بالنكول شيئا حتى يحلف المدعي فإن حلف ألزمت المدعى عليه جميع ما ادعى عليه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وأيمان الدماء مخالفة جميع الأيمان الدم لا يبرأ منه إلا بخمسين يمينا، وما سواه يستحق، ويبرأ منه بيمين واحدة إلا اللعان فإنه بأربعة أيمان، والخامسة التعانه، وسواء النفس، والجرح في هذا يقبله بالذي نقصه به من نكوله عن اليمين، ويمين صاحبه المدعى عليه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وخالفنا بعض الناس رحمة الله عليه في هذا فزعم أن كل من ادعى جرحا أو فقأ عينين أو قطع يدين، وما دون النفس أحلف المدعى عليه فإن نكل اقتص منه ففقأ عينيه، وقطع يديه، واقتص منه فيما دون النفس، وهكذا كل دعوى عنده سواء، وزعم أن في قول النبي ﷺ: (واليمين على المدعى عليه) دليل على أنه إذا حلف برئ فإن نكل لزمته الدعوى ثم عاد لما احتج به من قول النبي ﷺ فنقضه في النفس فقال إن ادعى عليه قتل النفس فنكل عن اليمين استعظمت أن أقتله، وحبسته حتى يقر فأقتله أو يحلف فأبرئه قال مثل هذا في المرأة يلتعن زوجها وتنكل.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولا أعلمه إلا خالف في هذا ما زعم أنه موجود في سنة رسول الله ﷺ فلم نحقه، ولم نبطله كان ينبغي إذا فرق بين النفس، وما دونها من الجراح أن يقول لا أحبسه إذا نكل عن اليمين، ولا أجعل عليه شيئا إذا كان لا يرى النكول حكما، وهو على الابتداء لا يحبس المدعى عليه إلا ببينة فإن كان للنكول عنده حكم فقد خالفه لأن النكول عنده يلزمه ما نكل عنه، وإن لم يكن للنكول حكم في النفس فقد ظلمه بحبسه في قوله لأن أحدا لا يحبس أبدا بدعوى صاحبه، وخالفه صاحبه، وفر من قوله فأحدث قولا ثانيا محالا كقول صاحبه فقال ما عليه حبس، وما ينبغي أن يرسل، واستعظم الدم، ولكن أجعل عليه الدية فجعل عليه دية في العمد، وهو لا يجعل في العمد دية أبدا، وخالف سنة رسول الله ﷺ في أنه يخير ولي الدم في القصاص أو الدية ثم يقول ليس فيه إلا القصاص إلا أن يصطلحا فأخذ لولي الدم ما لا يدعي، وأخذ من المدعى عليه ما لا يقر به، وأحدث لهما من نفسه حكما محالا لا خبرا، ولا قياسا، وإذا كان يأخذ دماء الناس في موضع بشاهدين حتى يقتل النفس، وأكثر ما نأخذ به موضحة من شاهدين أو إقرار فما فرق بين الدم والموضحة، وما هو أصغر منها.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا ادعى رجل على رجل كفالة بنفس أو مال فجحد الآخر فإن على المدعي الكفالة البينة فإن لم تكن له بينة فعلى المنكر اليمين فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعي فإن حلف لزمه ما ادعى عليه، وإن نكل سقط عنه غير أن الكفالة بالنفس ضعيفة، وقال أبو حنيفة رحمه الله على مدعي الكفالة البينة فإن لم تكن له بينة فعلى المنكر اليمين فإن حلف برئ، وإن نكل لزمته الكفالة.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا ادعى على رجل أنه أكراه بيتا من دار شهرا بعشرة، وادعى المكتري أنه اكترى الدار كلها ذلك الشهر بعشرة فكل واحد منهما مدع على صاحبه، وعلى كل واحد منهما البينة فإن لم تكن بينة فعلى كل واحد منهما اليمين على دعوى صاحبه فإن أقام كل واحد منهما البينة على دعواه فالشهادة باطلة، ويتحالفان، ويترادان، وإن كان سكن الدار أو بيتا منها فعليه كراء مثلها بقدر ما سكن، وهكذا لو أنه ادعى أنه اكترى منه دابة إلى مكة بعشرة، وادعى رب الدابة أنه أكراه إياها إلى أيلة بعشرة كان الجواب فيها كالجواب في المسألة قبلها، ولو أقام أحدهما بينة، ولم يقم الآخر أجزت بينة الذي أقام البينة، وقاله أبو حنيفة.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا تداعى الرجلان الدار كل واحد منهما يقول هي لي في يدي، وأقاما معا على ذلك بينة جعلتها بينهما نصفين من قبل أنا إن قبلنا البينة قبلنا بينة كل واحد منهما على ما في يده، وألغيناها عما في يدي صاحبه فأسقطناها، وجعلناها كدار في يدي رجلين ادعى كل واحد منهما كلها فيقضى لكل واحد منهما بنصفها، ونحلفه إذا ألغينا البينة على دعوى صاحبه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كان العبد في يدي رجل فادعاه آخر، وأقام البينة أنه كان في يديه أمس فإنه لا تقبل منه البينة على هذا لأنه قد يكون في يديه ما ليس له، ولو أقام البينة أن هذا العبد أخذه هذا منه أو انتزع منه العبد أو اغتصبه منه أو غلبه على العبد، وأخذه منه أو شهدوا أنه أرسله في حاجته فاعترضه هذا من الطريق فذهب به أو شهدوا أنه أبق من هذا فأخذه هذا فإن هذه الشهادة جائزة، ويقضى له بالعبد فإن لم تكن له بينة فعلى الذي في يديه العبد اليمين فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعي فإن حلف أخذ ما ادعى، وإن نكل سقط دعواه، وإنما أحلفه على ما ادعى صاحبه. [قال أبو يعقوب] رحمه الله تعالى تقبل بينته، ويترك في يديه كما كان.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كانت الدار، وغيرها من المال في يدي رجل فادعاه رجل أو بعضه فقال الذي هو في يديه ليس هذا بملك لي، وهو ملك لفلان، ولم يقم بينة على ذلك فإن كان فلان حاضرا صير له، وكان خصما عن نفسه، وإن كان فلان غائبا كتب إقراره له، وقيل لهذا المدعي أقم البينة على دعواك، وللذي هو في يديه ادفع عنه فإن أقام المدعي البينة عليه قضي له به على الذي هو في يديه، وكتب في القضاء إني إنما قبلت بينة فلان المدعي بعد إقرار فلان الذي هو في يديه بأن هذه الدار لفلان، ولم يكن فلان المقر له، ولا وكيل له حاضرا فقالت البينة لفلان المدعي هذه الدار على ما حكيت في كتابي، ويحكي شهادة الشهود، وقضيت له بها على فلان الذي هي في يديه، وجعلت فلانا المقر له بها على حجته يستأنفها فإذا حضر أو وكيل له استأنف الحكم بينه وبين المقضي له، وإن أقام الذي هي في يديه البينة أنها لفلان الغائب أودعه إياها أو أكراه إياها فمن قضى على الغائب سمع بينته، وقضى له، وأحلفه لغيبة صاحبه أن ما شهد به شهوده لحق، وما خرجت من ملكه بوجه من الوجوه، وكتب له في كتاب القضاء إني سمعت بينته، ويمينه، وفلان الذي ذكر أن له الدار غائب لم يحضر، ولا وكيل له فإذا حضر جعله خصما، وسمع بينته إن كانت، وأعلمه البينة التي شهدت عليه فإن جاء بحق أحق من حق المقضي له قضى له به، وإن لم يأت به أنفذ عليه الحكم الأول، وإن سأل المحكوم له الأول القاضي أن يجدد له كتابا بالحكم الثاني عند حضرة الخصم كان عليه أن يفعل فيحكي ما قضى به أولا حتى يأتي عليه ثم يحكي أن فلانا حضر، وأعدت عليه البينة، وسمعت من حجته وبينته ثم يحكيها ثم يحكي أنه لم ير له فيها شيئا، وأنه أنفذ عليه الحكم الأول، وقطع حجته بالحكم الآخر.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وليس في القضاء على الغائب إلا واحد من قولين إما لا يقضى على غائب بدين، ولا غيره، وإما يقضى عليه في الدين وغيره، ونحن نرى القضاء عليه بعد الأعذار، وقد كتبنا الأعذار في موضع غير هذا، وسواء كان إقرار الذي الدار في يديه قبل شهادة الشهود أو بعدها، وسواء هذا في جميع الأحوال.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنها له آجرها إياه، وادعى آخر أنها له، وأنه أودعها إياه فكل واحد منهما مدع، وعلى كل واحد منهما البينة فإن أقاما بينة فإنه يقضي بها نصفين، وقاله أبو حنيفة رضي الله عنه. [قال الربيع]: حفظي عن الشافعي أن الشهادتين باطلتان، وهو أصح القولين. [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كانت الدار أو العبد في يدي رجل فادعى رجل أنه غصبه إياه في وقت وأقام بينة على ذلك، وادعى آخر أنه أقر أنه وديعة له في وقت بعد الغصب، وأقام على ذلك بينة فإنه يقضي به لصاحب الغصب، ولا يقضي لصاحب الإقرار بشيء، ولا يجوز إقراره فيما غصب من هذا وصاحب الغصب هو المدعي، وعليه البينة.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا ادعى رجل أنه اشترى من رجل عبدا، وأمة بألف درهم، ونقده الثمن، وهما في يدي البائع فقال البائع إنما بعتك العبد وحده بألف درهم فإنهما يتحالفان، ويتفاسخان، والله أعلم.


كتاب الأم
كتاب الطهارة | كتاب الحيض | كتاب الصلاة | كتاب صلاة الخوف وهل يصليها المقيم | كتاب صلاة العيدين | كتاب صلاة الكسوف | كتاب الاستسقاء | كتاب الجنائز | كتاب الزكاة | كتاب قسم الصدقات | كتاب الصيام الصغير | كتاب الاعتكاف | كتاب الحج | مختصر الحج المتوسط | مختصر الحج الصغير | كتاب الضحايا | كتاب الصيد والذبائح | كتاب الأطعمة | كتاب النذور | كتاب البيوع | باب السلف والمراد به السلم | كتاب الرهن الكبير | الرهن الصغير | التفليس | الصلح | الحوالة | باب الضمان | الشركة | الوكالة | جماع ما يجوز إقراره إذا كان ظاهرا | العارية | الغصب | كتاب الشفعة | باب القراض | المساقاة | المزارعة | الإجارة وكراء الأرض | إحياء الموات | الأحباس | كتاب الهبة | باب في العمرى | كتاب اللقطة | اللقطة الكبيرة | كتاب اللقيط | باب الجعالة | كتاب الفرائض | كتاب الوصايا | باب الولاء والحلف | الوديعة | قسم الفيء | كتاب الجزية | كتاب قتال أهل البغي وأهل الردة | كتاب السبق والنضال | كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي | كتاب النكاح | كتاب اللعان | كتاب جراح العمد | كتاب الحدود وصفة النفي | الاستحقاق | الأشربة | الوليمة | صدقة الشافعي | وثيقة في المكاتب أملاها الشافعي | وثيقة في المدبر | كتاب الأقضية | الإقرار والمواهب | الدعوى والبينات | الشهادات | باب الحدود | الأيمان والنذور والكفارات في الأيمان | باب في الأقضية | كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى | اختلاف علي وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما | كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما | كتاب الرد على محمد بن الحسن | كتاب سير الأوزاعي | كتاب القرعة | أحكام التدبير | المكاتب