الرئيسيةبحث

التربية والتعليم ( Education )



الطلاب في جامعة الملك سعود إحدى الجامعات بالمملكة العربية السعودية.
إجراء تجربة علمية في المختبر بإحدى المدارس في دولة الإمارات العربية المتحدة.
التربية والتعليم مصطلح يشير في معناه الواسع إلى الطرائق التي يكتسب بها الناس المهارات والمعارف ويتوصلون بها إلى الفهم الصحيح للدنيا ولأنفسهم.

والتربية والتعليم ليستا كلمتين مترادفتين، بل بينهما عموم وخصوص. فالتربية أشمل من التعليم الذي هو جزء من التربية. وبينما يكون التعليم محدودًا بما يقدمه المعلم من معلومات ومهارات واتجاهات داخل الصف، فإن التربية تأخذ مكانها داخل الصف وخارجه ويقوم بها المعلم وغير المعلم. ولعل أفضل طريقة لمناقشة مفهوم التربية والتعليم هي تقسيم أساليب التعليم هذه إلى ثلاثة أنواع: نظامي، وتلقائي، وغير رسمي.

التعليم النظامي. هو ذلك التعليم الذي يتلقاه المتعلمون في المدرسة، وغالبا ما يعرف بالتعليم المدرسي. وفي معظم الأقطار يلتحق الناس بشكل من أشكال التعليم النظامي خلال مرحلة الطفولة. وفي هذا النوع من التعليم يتولى المسؤولون عن المدرسة ما ينبغي تدريسه، وعلى المتعلمين أن يدرسوا ما حدده المسؤولون تحت إشراف المعلمين. وعلى المتعلم أن يأتي إلى المدرسة بانتظام وفي الوقت المحدد، ويبذل جهدًا يوازي الجهد الذي يبذله زملاؤه في الصف، وفي التعليم النظامي تعقد امتحانات لقياس مدى تحصيل الطلاب وتقدمهم في الدراسة. وفي نهاية العام ينتقل الناجحون إلى مستويات متقدمة، كالانتقال من صف إلى صف أو مستوى أو مرحلة. وفي نهاية الأمر يحصلون على دبلوم أو شهادة إكمال، أو درجة محددة للدلالة على نجاحهم خلال فترة الدراسة.

التعليم التلقائي. يشير إلى ما يتعلمه الناس من خلال ممارستهم لحياتهم اليومية ؛ فالأطفال الصغار يتعلمون اللغة بالاستماع إلى الآخرين، وهم يتحدثون، ثم يحاولون التحدث كما يفعل الآخرون. ويتعلمون كيفية ارتداء ملابسهم أو آداب الطعام أو ركوب الدراجات أو إجراء الاتصالات الهاتفية أو تشغيل جهاز التلفاز.

ويمكن أن تكون التربية تلقائية عندما يحاول الناس الحصول على معلومات أو اكتساب مهارات بمبادرة شخصية بدون معلم. وذلك عن طريق زيارة محل لبيع الكتب أو مكتبة أو متحف. وقد يشاهدون برنامجًا في التلفاز أو شريط فيديو أو يستمعون إلى برنامج إذاعي. وفي هذه الحالة لا يطلب منهم النجاح في امتحان.

التعليم غير الرسمي. يحتل مكانة وسطًا بين النوعين السابقين، النظامي والتلقائي. وعلى الرغم من أن له برامج مخططة ومنظمة، كما هو الحال في التعليم النظامي، فإن الإجراءات المتعلقة بالتعليم غير الرسمي أقل انضباطًا من إجراءات التعليم النظامي. فمثلاً في الأقطار التي يوجد بين سكانها من لا يعرفون القراءة والكتابة، اشتهرت طريقة كل متعلم يعلم أميًا بوصفها أسلوبًا لمحاربة الأمية. في هذه الطريقة يقوم قادة التربية والتعليم بإعداد مادة مبسطة لتعليم القراءة، ويقوم كل متعلم بتعليمها لواحد ممن لا يعرفون القراءة والكتابة. ولقد تمكن آلاف الناس من تعلم القراءة بهذه الطريقة غير الرسمية في البلاد العربية وفي بعض المجتمعات مثل الصين ونيكاراجوا والمكسيك وكوبا والهند.

وتقوم معظم أقطار العالم بإنفاق كثير من الوقت والمال لتوفير التعليم النظامي لمواطنيها، وقد بلغ العدد الكلي للطلاب في العالم 1,000,000,000 كما بلغ عدد المعلمين 50,000,000 تقريبًا في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين.

وتتناول هذه المقالة التعليم النظامي الذي تقدمه المدارس والكليات، والجامعات، والمؤسسات الأخرى المشابهة. وهناك مؤسسات أخرى تقدم تعليمًا منظمًا كالمساجد التي تقدم تعليمًا غير رسمي، والكنيسة التي تقدم تعليمًا في الأديرة ومدارس اللاهوت. وكذلك تفعل الحركات الكشفية للذكور وحركات المرشدات وغيرها.

أنواع التعليم

تقدم أنظمة التعليم في جميع الأمم المتحضرة نوعين من التعليم: العام والفني. كما تقدم غالبية الأقطار برامج للتعليم الخاص للأطفال المعوقين والموهوبين، وكذلك تقدم برامج تعليم الكبار لمن يرغبون في مواصلة تعليمهم بعد انقطاعهم عنه.

التعليم العام:

يهدف التعليم العام إلى إعداد مواطنين يتسمون بقدر من المعرفة والاستنارة وتحمل المسؤولية. ويصمم هذا النوع من التعليم للقيام بنقل الثقافة المشتركة من جيل إلى جيل أكثر من كونه إعدادًا للمهنيين والمتخصصين.

ويعد التعليم الابتدائي تعليمًا عامًا في مجمله ؛ حيث يتعلم تلاميذ المرحلة الابتدائية في كل الأقطار المهارات التي يحتاجونها في حياتهم كالقراءة، والكتابة، والحساب. وبالإضافة إلى ذلك فهم يتعلمون مواضيع أخرى تشمل: الجغرافيا، والتاريخ والعلوم. وفي معظم الأقطار الصناعية يواصل الصبيان تعليمهم العام في المدرسة الثانوية.

وتعرف المرحلة المتقدمة من التعليم العام في الدول الغربية بالتعليم الحر، حيث تهدف إلى التنمية العقلية للدارسين بصورة واسعة.وهذا النوع من التعليم يدرب الطلاب على استعراض جميع أوجه المشاكل التي تواجههم، ومعرفة جميع جوانبها قبل التوصل إلى قرار نهائي في شأنها. وفروع المعرفة التي تساعد على تنمية هذا الجانب تعرف بالفنون الحرة وتشمل الفروع الإنسانية والرياضيات والأحياء والفيزياء والعلوم الاجتماعية.

التعليم المهني:

يهدف التعليم المهني إلى إعداد الأفراد للمهن، وتوجد مدارس ثانوية من هذا النوع، يطلق عليها أحيانًا اسم المدارس الثانوية الفنية، وهي مدارس مهنية ثانوية متخصصة، تدرس فيها مواد كالنجارة، والمعادن والإلكترونيات والزراعة والصناعة. ويشترط في طلاب المدارس الفنية المتخصصة أن ينالوا قدرًا من التعليم العام. وتقوم الكليات والمدارس الفنية المتخصصة في التعليم العالي بتقديم التعليم الفني في مستوياته المتقدمة. أما الجامعات والمدارس المتخصصة الأخرى، فتقوم بإعداد الطلاب في مجالات متعددة كالزراعة والمعمار والأعمال الحرة والهندسة والقانون والطب والموسيقى والتمريض والصيدلة والتدريس وغير ذلك. وجدير بالذكر أن كثيراً من المصانع والمؤسسات تقدم للعاملين فيها تدريبًا قبل الخدمة وفي أثنائها.

التعليم الخاص:

يهتمُّ التعليم الخاص بتعليم المعوقين والموهوبين، وتقوم معظم الأقطار بتقديم برامج تربوية خاصة بفئة المعوقين، كالصم والبكم والمكفوفين والمعوقين جسديًا أو عقليًا، وكذلك الذين يعانون من الاضطرابات العاطفية. كما تقوم بعض أنظمة التعليم المحلية بإعانة الطلاب الموهوبين.

تعليم الكبار:

تتولى معظم الأقطار التعليم العام والفني للكبار من خلال الفصول المسائية. فبرنامج التعليم المستمر يتيح الفرصة للكبار لمواصلة تعليمهم العام، أو تأهيلهم لمهنة أو هواية معينة، ويتفاوت المنهج من تعليم القراءة والكتابة بمستوى يعادل مستوى المدرسة الابتدائية إلى التدريب المتقدم في المجالات التجارية والتقنية.

ينتظم ملايين الكبار في شكل من أشكال التعليم، وتقوم الجامعات في كثير من أقطار العالم بتقديم برامج للدراسات الإضافية التي تتيح الفرصة للكبار لدراسة مقررات في مستوى الكليات، كما تقدم المؤسسات التجارية ووكالات المجتمع المختلفة ومدارس المراسلة والمستشفيات والمؤسسات الصناعية والنقابات والمتاحف والسجون ومحطات التلفاز، برامج متنوعة لتعليم الكبار.

التعليم حول العالم

ينقسم التعليم في معظم الأمم إلى مراحل مختلفة. ويبدأ التعليم الرسمي منذ الطفولة المبكرة مرورًا بالمرحلة الابتدائية ثم المرحلة الثانوية، حتى التعليم العالي. ويدار التعليم كليًا أو جزئيًا في هذه الأقطار ـ باستثناء بعض البلدان ـ بوساطة الحكومة المركزية.

وتختلف الدول اختلافًا بينًا في نوع التعليم الذي تقدمه لمواطنيها، وفي مدة الاستمرار في الدراسة، كما أنها تختلف في مدى قدرتها على توفير المباني المدرسية، والمدرسين، وتختلف كذلك في دعم إدارات التربية والتعليم. فنجد أن دول أمريكا الشمالية ومعظم الدول الأوروبية بها أنظمة تربوية متقدمة وممعنة في القدم، وذلك نتيجة للأنظمة الاقتصادية المتقدمة لتلك الأقطار. ولذلك ينال كل الأطفال في كل المجتمعات الصناعية تقريبًا تعليمًا ابتدائيًا، كما ينال معظمهم تعليمًا ثانويًا، مما جعل تلك المجتمعات تتميز بنسبة عالية من الذين يعرفون القراءة والكتابة. ومن ناحية أخرى، نجد أن نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة في الدول النامية متدنية، حيث تعاني معظم البلدان نقصًا في عدد المدارس والمدرسين. ولذلك لا يتمكن كثير من الأطفال من إكمال دراستهم.


الطلاب المنتظمون في المدارس على مستوى العالم
النسبة المئوية للطلاب* في مراحل التعليم المختلفة

المناطق الرئيسيةالعمر أقل من 6 سنواتالعمر 7-12الكليات
أمريكا الشمالية10210185
أوروبا1059943
أوقيانوسيا10011158
أمريكا اللاتينية1146219
آسيا1065711
إفريقيا81347
النسبة العالمية1026017
* تقارن نسبة انتظام الطلاب في المدارس بين عدد الطلاب وعدد السكان. وتشير نسبة الانتظام التي تفوق الرقم 100 إلى ضم الطلاب الأكبر سناً أو الأصغر إلى ذات الفئة.
الأرقام لعام 1997م.
المصدر: منظمة التربية والعلوم والثقافة االتابعة للأمم المتحدة.

التنظيم:

تُقدِّم كثير من الدول تعليمًا مبكرًا للأطفال في دور الحضانة ورياض الأطفال. وفي معظم الدول المتقدمة نلاحظ أن التعليم فيها قبل المدرسة إلزامي ومجاني. أما أهداف هذه المرحلة التعليمية في كل بلد فتنحصر في تعليم الأطفال مبادئ القراءة والكتابة، والتفاعل مع الآخرين. وبالإضافة إلى ذلك يتعلم الأطفال عادات وتقاليد مجتمعهم ومتطلبات المواطنة. وفي معظم البلاد يتلقى الأطفال دروسًا تتناسب مع سنهم في المعلومات الدينية والجغرافيا والتاريخ والعلوم.

وفي كثير من الدول تواصل غالبية الأطفال تعليمها حتى نهاية المرحلة الابتدائية. أما مرحلتا التعليم الثانوي والعالي فهما متاحتان فقط لقلة من المتميزين، أو الذين في مقدورهم مواصلة تعليمهم مقابل رسوم يدفعونها. وفي معظم الدول الصناعية، كاليابان وأستراليا ودول أوروبا الغربية جُعِل التعليم إلزاميا لمدة تتراوح بين 9 و11سنة وتشتمل على 3 - 4 سنوات في المدرسة الثانوية.

ويقدم النظام التعليمي في معظم الدول تعليمًا ثانويًا متنوعًا. فالطلاب يتلقون تعليمًا ثانويًا أكاديميًا أو مهنيًا. وتقود بعض المدارس الثانوية المهنية الطلاب إلى تعليم مهني أو تقني عالٍ، ويقوم بعضها بتدريب الطلاب، وإعدادهم للعمل مباشرة. وهذا النظام يمكِّن كثيرًا من الطلاب في بعض الدول من الالتحاق بالعمل بعد إكمال المدرسة الثانوية مباشرة والاستمرار في التعليم العالي بنظام الدراسة لبعض الوقت.

ويعقد للطلاب في كثير من الدول امتحان يتحدد على أساسه توزيعهم على المدارس الثانوية، فبعضهم يلتحق بالمدرسة الثانوية الأكاديمية التي تقودهم إلى الجامعة، وبعضهم يلتحق بالمدارس المهنية. وفي دول أخرى توجد مدرسة ثانوية واحدة تعرف بالثانوية الشاملة يدرس فيها الطلاب منهجًا موحدًا يجمع بين الأكاديمي والمهني والتقني.

أما في مجال التعليم العالي، فإن أي دولة لابد أن يكون لديها كلية، أو جامعة واحدة على أقل تقدير. ولكن هناك كثيرًا من الدول العربية والدول الأوروبية الصناعية لديها عدد من الكليات والجامعات، بالإضافة إلى الكليات التقنية المتقدمة والمدارس المتخصصة. والطلاب الذين يكملون المدرسة الثانوية يتقدمون لامتحان القبول قبل التحاقهم بأي مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي.

ولدى كل دولة تقريبًا نوع من أنواع التعليم للمعوقين، وتتيح معظم الدول التعليم للمعوقين في جميع المستويات. وتقدم كثير من البلدان النامية إعانات لتعليم الكبار القراءة والكتابة.

والمدارس التي تهيئ السكن للطلاب ذات أهمية خاصة في بعض البلدان. وفي مثل هذه المدارس لا يعيش الطلاب في منازلهم إنما يقيمون في مساكن ملحقة بالمدارس. ويوجد في أوروبا وغيرها بعض من هذه المدارس التي يدرس بها أبناء القادرين على تحمل نفقاتها. ويعتقد بعض التربويين أن التربية الاجتماعية يمكن أن تتم بصورة أكثر فاعلية في مثل هذه الظروف التي يعيش فيها الطلاب في المدرسة. كما أن هذا الوضع يمكِّن الأمهات من الذهاب للعمل دونما حاجة إلى الانشغال بأبنائهن.

الإدارة:

في بعض الدول تتولى الدولة إدارة التعليم وتمويله ولا مجال لمدارس أهلية. وفي دول أخرى توجد المدارس الأهلية بجانب المدارس الحكومية التي يتلقى معظم الأطفال تعليمهم الابتدائي والثانوي فيها.

للحكومة بعض السلطة على أمور التربية والتعليم في معظم الدول. ففي فرنسا تتحكم الحكومة المركزية بصورة كاملة في نظام التربية والتعليم، حيث تقوم وزارة مركزية بالإشراف على تخطيط برامج التربية والتعليم وإدارتها حتى على مستوى الإدارات المحلية. وفي كثير من البلدان الأخرى تتحكم الحكومة المركزية في بعض جوانب النظام التربوي من خلال الوزارات المتخصصة. وتقوم تلك الوزارات بتفويض جانب من صلاحياتها للسلطات المحلية. أما في بريطانيا فإن الحكومة المركزية تقتسم سلطة الإشراف على النظام التربوي مع السلطات المحلية.

التمويل:

تتولى مختلف الدول تمويل التعليم بطرق متعددة. ويمكننا أن نورد ثلاثة أساليب أساسية لتمويل التعليم: 1- تتولى الدول كل نفقات التعليم في بلدان مثل دول الخليج العربية ومصر وإيران والبرازيل وبيرو وكثير من الدول في إفريقيا. 2- في معظم الأقطار، وفي كل الأقطار ذات الكثافة السكانية العالية تقريبًا، تساهم الحكومة الوطنية في تمويل التعليم مع السلطات المحلية في الولايات والمحافظات والمجالس المحلية والمدن. وفي بعض البلدان، كفرنسا وإيطاليا وبلجيكا، تتولى الحكومة الوطنية النصيب الأكبر في ذلك التمويل. أما في بعضها الآخر فإن التمويل يأتي من مؤسسات الحكومة المحلية. 3- وفي السودان والهند ومجموعة أخرى من الدول تتولى سلطات المحافظة أو المجالس المحلية المسؤولية الكاملة عن تمويل التعليم.

وكثير من الدول يدعم ميزانية التعليم عن طريق الرسوم الدراسية التي تفرض على الطلاب، وعن طريق المساهمات التطوعية، ومن بعض المصادر الخاصة، كما تتلقى بعض الدول النامية إعانات خارجية لدعم التعليم.

وفي بعض الدول كالسعودية يمنح كل الطلاب في مؤسسات التعليم العالي إعانات مالية إضافة إلى التعليم والسكن مجانًا. أما في بعض الدول، كبريطانيا والاتحاد السوفييتي (سابقًا) فيتلقى الطلاب المتفوقون فقط تعليمًا مجانيًا في جميع المراحل بما في ذلك نفقات الإعاشة.

التعليم في البلدان العربية

فصل دراسي في إحدى المدارس بمدينة الدمام، بالمملكة العربية السعودية.

ينقسم التعليم في الدول العربية إلى مراحل مختلفة يكاد يكون في تدرجها تشابه كبير من حيث السلم التعليمي، وإن اختلف عدد سنوات المراحل في بعض الدول. فمعظمها يبدأ فيه التعليم النظامي بمرحلة ماقبل التعليم الابتدائي وينتهي بالتعليم العالي والجامعي. وسنتناول في هذا الجزء هذه المراحل في الدول العربية مجتمعة، ولمزيد من التفاصيل عن كل دولة على حدة، ★ تَصَفح: التعليم في الدول العربية.


ماقبل الابتدائي:

كان عدد الأطفال المقيدين بهذه المرحلة عام 1980م 1,2 مليون طفل. وهذه المرحلة ليست إلزامية في البلاد العربية، وبعضها تابع للدولة وبعضها الآخر تقوم به مؤسسات أهلية. وبدأت العناية بهذه المرحلة حديثًا نسبيًا وتتكثف في العواصم والمدن بينما تقل ـ وأحيانًا تنعدم ـ في القرى والأرياف.

التعليم الابتدائي:

يبدأ الأطفال الانخراط في المدارس الابتدائية في سن السادسة في معظم أرجاء العالم العربي، ومدتها ست سنوات وفي بعض البلدان تمتد إلى ثماني سنوات، أو تسع، وقد يطلق عليها في بعض البلدان اسم مرحلة الأساس. وهذه المرحلة تمثل قاعدة الهرم التعليمي، وهي مرحلة إلزامية في معظم الدول العربية. وقد زادت نسبة القيد الإجمالي في هذه المرحلة خلال العقد الأخير من ثمانينيات القرن العشرين الميلادي لتصل 95%، وبذا تكون الأقطار العربية قد حققت تقدمًا كميًا في التعليم الابتدائي.

التعليم المتوسط والثانوي:

وتضم هذه المرحلة الفئة العمرية من 12 إلى 18 سنة، وتسمى المرحلة المتوسطة أو الإعدادية في بعض الأقطار المرحلة الإعدادية أو الوسطى. وتعتبر بعض الدول العربية المرحلة المتوسطة أو الإعدادية مكملة للتعليم الابتدائي الإلزامي، وأنها الحلقة الثانية فيما يطلق عليه التعليم الأساسي، وبعض الأقطار يلحق المرحلة المتوسطة بالمرحلة الثانوية باعتبارها المرحلة الأولى في التعليم الثانوي.

كانت جملة قيد الطلاب في مرحلة التعليم المتوسط والثانوي التي جاءت في إحصائيات اليونسكو عام 1993م 8,5 مليون طالب عام 1980م ارتفعت إلى 15,5 مليون عام 1990م، وقد فاقت الدول العربية بذلك مجموعة الدول النامية.

إعطاء درس في برمجة الحاسوب.

التعليم العالي والجامعي:

تضم هذه المرحلة الطلاب من الفئة العمرية 18 - 24 سنة، ويشير آخر إحصاء صادر عن اليونسكو عام 1993م إلى أن مجموع الطلاب في هذه المرحلة بالوطن العربي عام 1980م كان 1,5 مليون طالب، ارتفعت أعدادهم عام 1990م إلى 2,5 مليون طالب بزيادة قدرها 66%، وقد زادت نسبة التحاق الإناث بمؤسسات التعليم العالي بنسبة بلغت 2,8% في الفترة من 1980م إلى 1990م. وتفوق نسبة القيد في مؤسسات التعليم العالي بالوطن العربي نظيراتها في مجموعة الدول النامية.


التعليم في الدول الأخرى

في جامعة نيروبي في كينيا. يصور المشهد عددًا من الطلاب والمحاضرين والزوار الذين قدموا لحضور إحدى احتفالات التخرج.

أستراليا:

التعليم في أستراليا مسؤولية الولايات الأسترالية الست كل في حدودها ؛ حيث تتساوى صلاحيات حكومة القطاع الشمالي والسلطات التعليمية في قطاع العاصمة. ولا توجد سيطرة للحكومة المركزية على تنظيم المدارس أو تخطيط مناهجها، وإنما تقوم بتقديم بعض الإعانات المالية على نظام المنح لكي تتمكن الولايات من تنفيذ برامجها التعليمية بصورة أفضل.

يتلقى حوالي 75% من الأطفال الأستراليين تعليمهم في مدارس الولايات التي تتيح التعليم المجاني حتى نهاية المرحلة الثانوية. وبالإضافة إلى ذلك تقوم الولايات بتوفير الكتب والدفاتر والأدوات الفنية مجانًا. وتجدر الإشارة إلى أن معظم مدارس الولايات التي تعرف أيضًا بالمدارس الحكومية يطالَبُ فيها أولياء الأمور بدفع مبالغ رمزية على أساس اختياري لمساعدة الولايات في تغطية نفقات الأجهزة المدرسية، ولا يسمح للمدارس الحكومية (مدارس الولايات) بتدريس العلوم الدينية.

وبجانب المدارس الحكومية توجد مدارس أخرى تعرف بالمدارس غير الحكومية، وهي مدارس تسيطر عليها المؤسسات الدينية خاصة على مستوى المرحلة الابتدائية. وتملك الكنيسة الكاثوليكية الرومانية النصيب الأكبر من هذه المدارس. وفي هذه المدارس غير الحكومية يتلقى الأطفال تعليمًا دينيًا بجانب تعلم المواد الأخرى. أما المدارس المستقلة غير المرتبطة بالكنيسة، فيقوم بإدارتها نفر من أولياء الأمور والمعلمين المتخصصين والإداريين التربويين، وتلتزم جميع المدارس غير الحكومية بالنمط العام للمدارس الحكومية وتتلقى إعانة مالية من حكومة الولاية.

ويُلزم الأطفال في أستراليا بمتابعة التعليم في المدرسة بين سن السادسة والخامسة عشرة. (وفي تسمانيا بين سن السادسة والسادسة عشرة). ويتزايد عدد الطلاب الذين يستمرون في الدراسة بعد سن الخامسة عشرة استعدادًا لدخول التعليم العالي في الجامعات والكليات، ولكن كثيرًا من الأطفال دون السادسة يتلقون تعليمًا قبل المرحلة الابتدائية في مدارس متخصصة، ومراكز رعاية الطفولة. وتتلقى هذه المدارس والمراكز، بوجه خاص، إعانة مالية من حكومة الولاية.

في أستراليا 19جامعة، يدرس بها حوالي 175,500 طالب. وتعد جامعة سيدني أقدمها حيث تم تأسيسها في عام 1850م، أما أكبر هذه الجامعات فهي جامعة نيو ساوث ويلز التي يدرس بها 19,000 طالب. وتقدم الكليات العليا دروساً مهنية متخصصة في التمريض وعلاج صعوبات النطق ومجالات أخرى متشابهة. وتقدم في الكليات التقنية والمعاهد المتخصصة دروس في التعليم المستمر على أساس التعليم بعض الوقت. وبالإضافة إلى ذلك يقوم عدد من الوكالات الرسمية وغير الرسمية بتقديم برامج ثقافية وبرامج لتعليم الكبار على نطاق واسع.

التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي في أستراليا منفصلان بعضهما عن بعض، خاصة في المدن الكبيرة. وينتقل الأطفال تلقائياً من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية في سن ما بين الحادية عشرة والثالثة عشرة. والتعليم الثانوي في المدارس الثانوية التي تديرها الولايات يقبل كل الناجحين في المرحلة الابتدائية، ويكون القبول على أساس قرب المدرسة من مكان إقامة التلميذ. وتقدم المدرسة الثانوية منهجًا موحدًا يجمع بين الدراستين الأكاديمية والمهنية. أما المدارس الثانوية غير الحكومية فتفصل بين البنين والبنات في الغالب، وتقوم بإيواء التلاميذ من بعض الفئات العرقية والاقتصادية في المجتمع.

وقد اقتضت طبيعة توزيع السكان في وسط أستراليا ـ حيث الكثافة السكانية قليلة ـ انتشار نظام المدارس ذات المعلم الواحد في بعض المجتمعات النائية. وكثير من السلطات التعليمية في أستراليا تقوم بترحيل التلاميذ إلى مدارس تكون في الوسط، وغالبًا تُلحق بمثل هذه المدرسة أماكن لسكن التلاميذ وإعاشتهم. أما الأطفال الذين يعيشون في المزارع البعيدة، فإنهم يتعلمون عن طريق الانتساب أو عن طريق برامج تعليمية تُبث عبر الإذاعة وفق نظام يُعرف بنظام مدارس الأثير ؛ حيث تجرى المناقشة بين المعلمين والتلاميذ وفق نظام الإذاعة المرتدة، كما تقدم برامج تربوية عبر الإذاعة والتلفاز.

وتلزم السلطات التعليمية في أستراليا نفسها بتقديم تعليم مناسب للأطفال غير القادرين اقتصاديًا واجتماعيًا. كما أنها تقدم برامج تعليمية بلغات متعددة لأولئك الذين مازالوا يعيشون في المستوطنات الأصلية.

ويقاس تحصيل التلاميذ في المرحلة الثانوية بأساليب قياس الأداء أو عن طريق الامتحانات التحريرية أو بهما معًا ؛ وفي كثير من الولايات يحصل التلاميذ على شهادة بعد إكمالهم مرحلة التعليم الإلزامي.

وتقوم بعض الولايات بتقديم تعليم ثانوي متخصص أو برامج تعليمية متخصصة داخل المدارس الثانوية في مجالات كالزراعة والاقتصاد المنزلي والموسيقى والرقص.

إندونيسيا:

وزارة التربية والثقافة الإندونيسية هي المشرفة على التعليم بشكل أساسي في إندونيسيا، ولكن وزارة الشؤون الدينية هي المسؤولة عن المدارس الدينية الابتدائية. ويلزم القانون جميع الأطفال بين سن السابعة والثالثة عشرة بالالتحاق بالمدرسة. والتعليم الابتدائي مجاني. أما بين سن الثالثة عشرة والتاسعة عشرة، فإن الطلاب قد يلتحقون بالمدرسة الثانوية، ولكن بصورة اختيارية. والتعليم الثانوي في إندونيسيا ذو مرحلتين، مدة كل منهما ثلاث سنوات. مع نهاية الثمانينيات كان 53% من الأطفال الذين بلغوا سن الدراسة مسجلين في المرحلة المتوسطة في الوقت الذي كان 35% منهم مسجلين في المرحلة الثانوية.

في إندونيسيا حوالي 48 جامعة وكلية حكومية و 25 جامعة أهلية، ويدرس في أكبر جامعاتها في جاكرتا حوالي 20 ألف طالب.

في عام 1945م كان أقل من 10% من سكان إندونيسيا يعرفون القراءة والكتابة، أما اليوم فإن حوالي 75% من السكان يعرفون القراءة والكتابة نتيجة لبرامج محو الأمية المكثفة التي طبقتها إندونيسيا خاصة في المناطق الريفية والقروية. ورغم أن بعض المناطق لا يمتلك عددًا كافيًا من المدارس فإن نسبة الذين ينالون تعليمًا من نوع ما في ازدياد مطرد.

أيرلندا:

التعليم العام مسؤولية وزارة التربية في جمهورية أيرلندا، ويقوم مكتب التربية بتصريف شؤون التعليم العام. والتعليم إلزامى للأطفال بين سن السادسة والخامسة عشرة.

أما التعليم الابتدائي فتوفره الدولة كما يوفره القطاع الأهلي. وتتلقى بعض مدارس القطاع الأهلي إعانات مالية من الحكومة، وفي هذه الحالة تكون تلك المدارس تحت إشراف مكتب التربية. ومعظم المدارس في الدولة تابعة للتنظيمات الدينية، وتتلقى إعانات مالية من الدولة.

أما غالبية الطلاب فيذهبون إلى المدارس الحكومية ويتلقون تعليمًا مجانيًا منذ سن الرابعة. ويتم تدريس اللغة الأيرلندية، وهي لغة التدريس الرئيسية في بعض المدارس.

التعليم فوق الابتدائي. ويستوعب التعليم فوق الابتدائي الطلاب بين سن الثانية عشرة والثامنة عشرة، في مدارس ثانوية أو مهنية أو في مدارس المجتمع. وأغلب المدارس الثانوية مدارس أهلية تشرف عليها وتديرها التنظيمات الدينية ومجالس مكونة من الأهالي. وتتلقى هذه المدارس مساعدات مالية من الحكومة. والتعليم فوق الابتدائي مجاني في جميع المدارس المهنية ومدارس المجتمع وفي جميع المدارس الثانوية تقريبًا.

ويتلقى التلاميذ في المرحلة الثانوية تعليمًا عامًا، وفي سن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة يُعقد لهم امتحان الشهادة المتوسطة التي تدل على إكمال مقررات تلك المرحلة. أما التأهيل لدخول الجامعة فيكون عند بلوغ التلميذ سن الثامنة عشرة، بعد اجتياز امتحان الشهادة الثانوية.

أما المدارس المهنية، ومدارس المجتمع، فإنها بجانب تدريب الطلاب على الالتحاق بالعمل، تقدم لهم مقررات إضافية لتأهيل التلاميذ للشهادة المتوسطة وشهادة إنهاء المرحلة الثانوية.

تحتوي جامعة دبلن التي تأسست في عام 1591م على كلية واحدة هي كلية ترينيتي في مدينة دبلن. وتوجد كليات جامعية في كل من كورك ودبلن وجالاوي وماينوث. أما كلية القديس باتريك في ماينوث فإنها تقوم بإعداد الكهنة بجانب تعليم العامة. أما جامعة لمريك فقد كانت في الماضي معهدًا من معاهد التعليم العالي، وكذلك كانت جامعة مدينة دبلن معهدًا للتقنية. وتوجد أربع كليات تربية لإعداد معلمي المرحلة الابتدائية، أما التعليم الفني فتقدمه مجموعة من المعاهد الفنية في المدن المختلفة.

جنوب إفريقيا:

استدعت سياسة الحكومة (العنصرية السابقة) في جنوب إفريقيا القاضية بتعليم كل فئة عرقية بصورة منفصلة وجود أربعة أنظمة للتعليم ؛ نظام للبيض، ونظام خاص بالآسيويين، ونظام خاص بالملونين، ونظام خاص بالسود. وفي عام 1985م، تم إنشاء مكتب خامس للتعليم للإشراف على تعليم جميع الفئات.

وبالرغم من مزاعم تلك الحكومة بوجود نظام تعليم يتيح فرصًا متساوية لجميع المجموعات العرقية، فإن تعليم الإفريقيين ظل متأخرًا. ويدل تقرير صدر في عام 1984م على أن نصف سكان جنوب إفريقيا مازالوا أميين. أما نسبة الأمية فهي بين البيض 7%، و 29% بين الآسيويين، و38% بين الملونين، وحوالي 68% بين الأفارقة السود.

والتعليم إلزامي لأطفال البيض، والآسيويين والملونين بين سن السابعة والسادسة عشرة، حيث يحتل التعليم الابتدائي السنوات الأربع أو الخمس الأولى من هذه الفترة. والتلاميذ الذين يتحدثون باللغتين الإنجليزية والأفريكانية يدرسونهما. وحوالي 60% من أبناء البيض الذين يلتحقون بالمرحلة الثانوية يكملون هذه المرحلة. أما وسط الآسيويين والملوَّنين فالنسبة هي 40% و 10% على التوالي.

وقد ظل التعليم إلزاميًا ـ لعدة سنوات ـ بالنسبة للأفارقة بين سن السابعة والحادية عشرة، إلا أن نصف التلاميذ كانوا يتركون المدرسة قبل إكمال المرحلة الابتدائية.

وتوجد في جنوب إفريقيا 21 جامعة و100 كلية لتدريب المعلمين. وأقدم جامعات جنوب إفريقيا هما جامعة كيب تاون وجامعة جنوب إفريقيا فقد أنشئتا عام 1918م. ويدرس بجامعات جنوب إفريقيا نحو 320,000 طالب، كما توجد نحو 190 كلية تجارية وتقنية بالبلاد.

أدت التطورات السياسية الأخيرة في جنوب إفريقيا، إلى إعادة النظر في النِّظام التعليمي، الذي كان يقوم على التقسيم العرقي، ووضع مخطط لتوجيه التعليم توجيهًا قوميًا. وقد أنشئت تسع إدارات تعليمية، بواقع إدارة في كل مقاطعة من المقاطعات التسع التي أعيد تنظيمها عام 1994م

سنغافورة:

87% من إجمالي سكان سنغافورة يعرفون القراءة والكتابة، ويبدأ الأطفال دراستهم في سن السادسة. وبنهاية المرحلة الابتدائية عند سن التاسعة يتقدمون لامتحان يُحدد في ضوء نتائجه المسار الذي سيدخله كل تلميذ في المرحلة الثانوية، التي تنتهي عند سن الخامسة عشرة أو السابعة عشرة. ولكن التلاميذ ذوي المستويات الضعيفة يواصلون دراستهم إن أرادوا. وتستخدم اللغات الإنجليزية والصينية والماليزية والتاميلية في التدريس في المرحلة الابتدائية.

والتعليم العالي متاح في جامعة سنغافورة الوطنية وفي معهد نانيانج للتقنية. ويوجد في سنغافورة معاهد وكليات تقنية ومهنية، تقدم تعليمًا فنيًا وتعليمًا متقدمًا في الصناعات العالمية.

الفلبين:

ينقسم التعليم الرسمي في الفلبين إلى ثلاثة مستويات: التعليم الابتدائي، والتعليم الثانوي، والتعليم الفني والمهني. وأكثر من 90% من الشعب الفلبيني يعرف القراءة والكتابة، كما أن حوالي 95% منهم التحقوا بالمدارس.

والتعليم الابتدائي مجاني وإلزامي، حيث يلتحق الأطفال بالمدرسة الابتدائية من سن السابعة وحتى الثالثة عشرة. والدراسة باللغتين الفلبينية والإنجليزية.

يبدأ التلاميذ تعليمهم الثانوي في سن الثالثة عشرة لمدة أربع سنوات، يدرسون خلال السنتين الأوليين مقررات عامة، ويتخصصون خلال السنتين الأخيرتين. وحتى عام 1989م كان التلاميذ يدرسون باللغة الإنجليزية، ثم بعد ذلك أصبح التدريس باللغة الفلبينية ماعدا الرياضيات والعلوم.

وبالرغم من حرص الفلبينيين على تعليم أبنائهم إلا أن نسبة عالية من تلاميذ المرحلة الثانوية يفشلون في إكمال المرحلة. وتدل الإحصاءات على أن حوالي 67% فقط من التلاميذ الذين يلتحقون بالمرحلة الابتدائية في سن السابعة يكملون مقرارات تلك المرحلة.

في سن السابعة عشرة ينتقل التلاميذ الذين يكملون المرحلة الثانوية إلى الكليات ذات السنوات الأربع. ومعظم طلاب الكليات يدرسون التجارة وإدارة الأعمال في المؤسسات الأهلية والدينية. وتعد جامعة سانت توماس في مانيلا أقدم الجامعات الفلبينية. وفي الفلبين اثنتان وخمسون جامعة أكبرها جامعة التقنية في مانيلا.

ماليزيا:

تقوم المدارس التي تتلقى معونات من الحكومة بتوفير التعليم المجاني. ويتكون النظام التعليمي من أربع مراحل ؛ ابتدائية وثانوية (الصغرى والعليا) وفوق الثانوية والعليا. ويلتحق الأطفال بالمرحلة الابتدائية في سن السادسة، أما لغة التعليم الرسمية فهي اللغة الماليزية، ويتم تعليم اللغة الإنجليزية بوصفها لغة ثانية. أما الأطفال في مدارس الصينيين والتاميل فيدرسون اللغتين الصينية والتاميلية. مدة الدراسة في المرحلة الثانوية خمس سنوات، ويلتحق بها التلاميذ عند سن الثانية عشرة، والتدريس فيها باللغة الماليزية. في سن الخامسة عشرة يعقد للتلاميذ امتحان شهادة التعليم الصغرى، ويواصل الناجحون في هذا الامتحان دراستهم في المرحلة الثانوية العليا. وفي سن السابعة عشرة يعقد امتحان شهادة التعليم الماليزية. والذين ينجحون في هذا الامتحان يمكنهم مواصلة الدراسة لمدة سنتين في المدرسة العليا التي تؤهلهم لدخول الجامعة. والفرصة متاحة لبقية التلاميذ للالتحاق بالمدارس الثانوية الفنية والمهنية.

بلغ عدد المدارس الابتدائية في ماليزيا في نهاية الثمانينيات 6,700 مدرسة، يدرس بها 2,200,000 تلميذ. كما بلغ عدد المدارس الثانوية 1,164 مدرسة، يدرس بها 1,300,000 تلميذ. ويوجد في ماليزيا سبع جامعات يدرس بها حوالي 000,48 طالب. وأقدم هذه الجامعات وأكبرها هي جامعة الملايو في كوالا لامبور.

فصل دراسي في أكاديمية المك فهد في لندن.

المملكة المتحدة:

يدرس حوالي 93% من الأطفال البريطانيين في مدارس حكومية أو مدارس تُعِينها الحكومة. أما البقية فيدرسون بالمدارس الأهلية. وتنقسم أنظمة التعليم البريطاني إلى ثلاث مراحل: المرحلة الابتدائية، والثانوية، وما بعد الثانوية. ولأن التعليم إلزامي بين سن الخامسة والسادسة عشرة، فإن كل الأطفال الذين يدرسون حتى نهاية المرحلة الثانوية ينالون تعليمًا عامًا ؛ أما التعليم المهني فلا يكون إلا بعد مرحلة التعليم الثانوي في الغالب.

ويوجد في أنظمة التعليم في المملكة المتحدة برنامج للخدمات، وآخر لتقديم الوجبات للتلاميذ، أما التوجيه المهني لمن يتركون المدرسة، فتقوم به مكاتب التوجيه المحلية.

تتاح الفرصة للأطفال للالتحاق بدور الحضانة قبل دخول المدرسة، وذلك حسب رغبة أولياء الأمور. أما فصول الحضانة الملحقة بالمدارس الابتدائية فتقبل الأطفال من سن الثالثة.

يبدأ معظم الأطفال في المملكة المتحدة دراستهم الابتدائية منذ سن الخامسة، حيث يلتحقون بفصول تمهيدية في مدرسة لليافعين. وفي هذه المدرسة في إنجلترا وويلز تعتمد التربية والتعليم على بعض الأنشطة القائمة على اللعب. وفي فترة لاحقة يعلم الأطفال مهارات محددة كالقراءة والكتابة والحساب.

وفي سن السابعة والنصف، وحتى سن الحادية عشرة يلتحق الأطفال بالمدرسة الصغرى في إنجلترا، وأيرلندا، وويلز. أما في أسكتلندا فإنهم يبقون حتى سن الثانية عشرة. وفي المدارس الصغرى يقضي الأطفال وقتًا كبيرًا في ممارسة بعض الأعمال غير الرسمية، كالفنون والصناعات اليدوية. ولكن الجانب الأكاديمي يتخذ الطابع الرسمي بالتدريج.

وينتقل معظم التلاميذ من المدرسة الصغرى إلى المدرسة الثانوية الشاملة التي تقبل التلاميذ دون اعتبار لقدراتهم. وفي بعض المناطق يعقد امتحان في نهاية المرحلة الابتدائية، حيث يتم اختيارهم للالتحاق بمدرسة علمية ثانوية وفقًا لنتائج ذلك الامتحان. والمدرسة الثانوية العلمية مدرسة تابعة للدولة، ويتركز التعليم فيها على الدراسات الثقافية.

ينظم التعليم الثانوي وفق المناطق الأربعة في كل من إنجلترا وأستكلندا وويلز وأيرلندا الشمالية، حيث يدرس معظم التلاميذ في المدرسة الثانوية الشاملة التابعة للدولة، ويلتحق بعضهم بالمدارس الأهلية.

وفي سن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة يعقد امتحان يعرف بامتحان الشهادة الثانوية العامة، وقد بدئ بذلك الامتحان لأول مرة عام 1988م.

و قد بدأ العمل في الثمانينيات بتقنين منهج وطني للمقررات التعليمية الأساسية. ومعظم الطلاب الذين يواصلون دراستهم إلى ما بعد سن السادسة عشرة يتقدمون لامتحان الشهادة الثانوية العامة على المستوى المتقدم، هذا في الوقت الذي يدرس بعضهم مقررات تعدهم لمهن محددة.

ويتنوع نظام المدارس الشاملة إلى عدة أشكال ؛ فبعضها يقبل جميع التلاميذ بين سن الحادية عشرة والسادسة عشرة أو الثامنة عشرة، وبعضها الآخر يقبل من تتراوح أعمارهم بين التاسعة أو العاشرة إلى الثانية عشرة أو الثالثة عشرة، بينما يقبل بعض التلاميذ الذين تزيد أعمارهم عن السادسة عشرة فتقوم المدرسة بتحويلهم إلى ما يعرف بكليات المستوى السادس.

وفي إنجلترا وويلز يلزم الطلاب الذين بلغوا سن السادسة عشرة ويرغبون في مواصلة تعليمهم ـ من أجل التأهيل لبعض المهن التجارية ـ دراسة بعض المقررات قبل الالتحاق بالمهن، هذا بالإضافة إلى الممارسة العملية التي تؤهلهم لشهادة ما قبل التعليم المهني.

أما في أسكتلندا، فإن جميع المدارس الثانوية تقريبًا من نوع الثانويات الشاملة، وتقبل التلاميذ بين سن الثانية عشرة والسادسة عشرة، ثم تقوم بتحويلهم إلى مدارس أخرى متقدمة. أما تلاميذ الثانوية العليا فيحصلون في نهاية دراستهم على شهادة التعليم الأسكتلندية وذلك حين بلوغهم سن السادسة عشرة. وفي سن الثامنة عشرة يتقدمون لامتحان المستوى العالي.

أما في أيرلندا الشمالية، فإن معظم التلاميذ بين سن الثانية عشرة والثامنة عشرة يدرسون في المدارس الشاملة، بينما يلتحق بعضهم بالمدارس الثانوية العلمية، ويكون هدفهم الحصول على الشهادة الثانوية العامة.

وجميع المدارس الثانوية في المملكة المتحدة توفر لتلاميذها تربية بدنية، تتيح لهم ممارسة الألعاب بالإضافة إلى الأنشطة الإضافية التي توفرها لتلاميذها بعد انتهاء اليوم الدراسي.

يتلقى الأطفال المعوقون تعليمًا خاصًا في الأنظمة التعليمية الأربعة، ففي الوقت الذي يلتحق فيه بعضهم بالمدارس العادية يواصل معظمهم الدراسة في مدارس خاصة بهم.

يتوفر التعليم الإضافي لأولئك الذين تجاوزوا سن السادسة عشرة ولم يلتحقوا بالجامعات، أو بالمؤسسات التقنية والفنية. وفي عام 1991م أعلنت الحكومة أنها ستقوم بتمويل كل برامج التعليم من هذا النوع.

ويلتحق الطلاب الذين يدرسون دراسة مهنية بكليات الفنون التطبيقية والكليات التقنية والكليات الفنية وكليات الفنون، أو الكليات أو المعاهد الزراعية. وفي إنجلترا وويلز تقدم كليات الفنون التطبيقية منهجًا متقدمًا تمنح بموجبه درجة علمية. أما الأنواع الأخرى من مؤسسات التعليم المستمر، فتقدم برامج أقل في مستواها تغطي مجالاً واسعًا. أما في أسكتلندا، فإن المؤسسات الفنية المركزية تقدم برامج دراسية في مجال الزراعة والتجارة والتقنية.

تتطلب شهادة التعليم العالي في بريطانيا الانتظام الكامل، أو ما يوازي ذلك في إحدى الجامعات أو كليات الفنون التطبيقية أو في كلية عليا بما في ذلك كليات تدريب المعلمين. والجامعات البريطانية ليست جزءًا من نظام التعليم الحكومي، وإنما هي مؤسسات مستقلة أنشئت بموجب أوامر ملكية، ولكنها في الغالب تتلقى بعض المساعدات الحكومية. والجامعة المفتوحة في بريطانيا تجربة فريدة، إذ تمنح درجات لطلابها من خلال الانتساب إليها حيث تتم الدراسة من خلال البث الإذاعي والكتب.

الهند:

يتبع نظام التعليم الحالي في الهند نظام التعليم الأوروبي وخاصة النظام البريطاني الذي أدخل هناك في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وكان هدف التعليم خلال الحكم البريطانى للهند هو إعداد موظفين أكفاء، وتبعًا لذلك تم التركيز على تدريس اللغات والمهارات الحسابية. وقد أدت هذه السياسة التعليمية إلى تكوين طبقة من المتعلمين، ينتمون غالبًا إلى الطبقات الاجتماعية العليا، بينما ظل معظم الشعب الهندي أُمِّيًا لا يعرف القراءة أو الكتابة.

أما اليوم فإن حوالي ثلث سكان الهند يعرفون القراءة والكتابة. وعندما نالت الهند استقلالها في عام 1947م، كانت نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة من سكانها لا تتجاوز نصف النسبة الحالية. والتحسن الذي طرأ على نسبة غير الأميين كان نتيجة لسياسة الحكومة الهندية التي بدأت عام 1951م، عندما أنفقت الحكومة الهندية مبالغ كبيرة في بناء المدارس وتدريب المعلمين وتوفير الكتب والأدوات المدرسية الأخرى. وقد استعانت الهند كثيرًا بالبث الإذاعي في تعليم أبنائها.

يتيح الدستور الهندي تعليمًا للأطفال بين سن السادسة والرابعة عشرة، وتتولى حكومات الولايات الهندية توفير التعليم بالمجان من سن السادسة حتى الحادية عشرة. أما الأطفال بين الحادية عشرة والرابعة عشرة فإن تعليمهم مجاني في 12 ولاية. ويتلقى حوالي 85% من أطفال الهند تعليمًا حتى سن الحادية عشرة، ولكن هذه النسبة تنخفض بشكل ملحوظ وسط الفئات العمرية فوق الحادية عشرة. حيث يواصل حوالي 35 % فقط من هؤلاء تعليمهم.

والمدارس في المناطق الريفية بالهند قليلة إذا قورنت بعدد المدارس في المدن. وجميع المدارس في الهند مكتظة بالتلاميذ.

توجد في الهند أكثر من 4,850 كلية وجامعة. وأربعة أشخاص من كل مائة ممن تتراوح أعمارهم بين سن 18-23 عامًا يدرسون في واحدة من هذه المؤسسات التعليمية العليا.

الولايات المتحدة:

لا يوجد في الولايات المتحدة نظام تعليم قومي موحد، إنما تقوم كل ولاية بالتخطيط والتنظيم لنظام التعليم فيها. ولكن توجد بعض السمات المشتركة بين أنظمة التعليم في جميع الولايات.

وينقسم التعليم النظامي الرسمي إلى المراحل الآتية: التعليم الابتدائي، التعليم الثانوي، التعليم العالي.

ويعد التعليم في جميع الولايات إلزاميًا في جميع المراحل التي تتولى الولاية تقديمها، إلا أن لأولياء الأمور الخيار في إلحاق أبنائهم بالمدارس الأهلية. وغالبًا ما يمول التعليم من إيراد الضرائب على المستوى المحلي ومستوى الولاية والحكومة الفيدرالية. وتخول معظم الولايات جانبًا من صلاحياتها التعليمية إلى المجالس المحلية. ويبدأ سن الدخول إلى المدرسة في معظم الولايات من سن الخامسة. والتعليم إلزامي حتى سن السابعة عشرة، ويسمح للتلاميذ بمغادرة المدرسة عند سن الثالثة عشرة في بعض الولايات.

يتم التعليم الابتدائي في المدارس الابتدائية التي تسمى أيضًا المدارس الصفِّية أو المدارس النظامية. ويلتحق الأطفال بالمدرسة الابتدائية عند سن السادسة، ويستمرون بها حتى سن الثانية عشرة أو الرابعة عشرة حيث تكون الدراسة ست أو ثماني سنوات، وعادة ما يكون الأطفال من سن واحدة في صف واحد، إلا أنه في بعض المدارس الابتدائية الحديثة يوجد أطفال متفاوتون في أعمارهم في صف واحد يدرسون وفق قدراتهم.

معظم التلاميذ يلتحقون بمدرسة ثانوية أو مدرسة عليا بعد إكمال تعليمهم الابتدائي، ولكن بعض الولايات أوجدت مدارس متوسطة للتلاميذ بين سن العاشرة والرابعة عشرة.

ينقسم التعليم الثانوي في الولايات المتحدة إلى مدارس ثانوية صغرى (المتوسط/ الإعدادي في البلاد العربية) وثانوية عليا (الثانوية في بعض البلاد العربية). وينال التلاميذ شهادة الدبلوم بعد إكمال كل الصفوف الدراسية.

وفي معظم المجتمعات المحلية يتخذ التعليم الشكلين المذكورين، وعادة ما يلتحق التلاميذ بالمدرسة الثانوية الصغرى من المستوى السابع وحتى المستوى التاسع. ويتجه معظم خريجي الثانوية الصغرى إلى المدرسة الثانوية العليا فيدرسون مقررات مختلفة.

وتمنح معظم المدارس الثانوية تعليمًا عامًا ومهنيًا ؛ حيث يدرس التلاميذ الذين يرغبون في مواصلة تعليمهم في المقررات العامة أو المقرارات التي تعد لدخول الكليات. أما الذين يرغبون في العمل بعد إكمال المرحلة الثانوية فيدرسون مقررات مهنية.

يلتحق حوالي 60% من تلاميذ المرحلة الثانوية في الولايات المتحدة بواحدة من 3,000 مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي. وأكثر من نصف هذه المؤسسات كليات تابعة للولايات وتضم آلاف الطلاب. وتشمل مؤسسات التعليم العالي أيضًا، كليات المجتمع، والكليات المتوسطة والمعاهد الفنية والجامعات ومدارس مهنية متفرقة.

التعلم والتدريس

بالرغم من عدم وجود اتفاق تام بين العلماء والتربويين حول طبيعة التعلم الإنساني، فإن هناك بعض الأفكار العامة التي يمكن قبولها في هذا الخصوص. إن نظريات التعلم تعتمد بصورة كبيرة على نتائج الأبحاث الحديثة في مجال علم النفس. ويمكن تقسيم معظم النظريات المتعلقة بالتعلم إلى ثلاث مجموعات أساسية: 1- نظريات تعديل السلوك أو نظريات الحافز (المثير) والاستجابة، 2- النظريات المعرفية 3-النظريات الإنسانية.

طرق التدريس:

للتدريس طرق متعددة، ولاختيار أفضل الطرق على المعلم أن يحدد الهدف من التدريس، إذ لا يمكن تحقيق جميع أهداف التدريس من خلال استخدام طريقة واحدة. وهناك ثلاث طرق معروفة هي: الحفظ، وحل المشكلات الموَجَّه، والتدريس التشخيصي، وكل أسلوب من هذه الأساليب يناسب أهدافًا تربوية معينة.

التعلم بالحفظ. يعني حفظ الدروس كما يبدو نَصُّها في الكتاب المقرر، أو كما يلقيه المعلم. وقد يكون الدرس شعرًا، أو قائمة ببعض الكلمات وكيفية هجائها، أو قانونًا رياضيًا أو أسماء الملوك القدماء، أو عناوين بعض الأعمال الأدبية، أو معادلات كيميائية. فعندما يقوم التلاميذ بحفظ المادة المطلوبة يقوم المعلمون باختبار حِفظهم. إن التعلم عن طريق الحفظ يتناسب مع حفظ مفردات لغة أجنبية أو حفظ بعض التواريخ المهمة.

حل المشكلات الموجَّه. يستخدم عندما يهدف المعلمون إلى إكساب التلاميذ مهارات حل المشكلات الرياضية، أو العلمية أو بعض المواقف الاجتماعية. وفي هذا الأسلوب يبدأ المعلم بشرح كيفية التصدي لمشكلة محددة، فيعرض مجموعة من الخطوط اللازمة لذلك على السبورة. ثم يقوم باقتراح مشكلات مشابهة، ويطالب التلاميذ بتحديد الخطوط اللازمة لحل كل منها، ويقوم بالتجول وسط التلاميذ ليتابع عملهم، ويقدم النصائح والتوجيهات الفردية لمن يحتاجها. وبهذه الطريقة يتدرب التلاميذ على أساليب متعددة لحل المشكلات.

التدريس التشخيصي. في هذه الطريقة لا يبادر المعلم بإلقاء محاضرة أو توضيح، وإنما يعرض بعض المشكلات على الطلاب ويدعوهم إلى حلها ثم يسأل كلاً منهم أن يوضح الخطوات التي اتبعها للوصول إلى الحل. فإذا لم تكن إجابات التلاميذ صحيحة قام المعلم بتصحيح مواضع الخطأ فيها.

نبذة تاريخية

لم يتطور التعليم في مجتمعات ما قبل التاريخ إلا بعد أن توصل الناس إلى لغة التخاطب فيما بينهم بدلاً من استخدام التلميحات والإشارات.

تعلم الصغار في مجتمعات ما قبل التاريخ عن طريق التلمذة الصناعية والمحاكاة، وعن طريق الطقوس الدينية. أما عن طريق التلمذة الصناعية فيعمل الصغير مع صانع ماهر ويتعلم كيفية بناء مأوى يؤويه، وعن طريق المحاكاة تعلم الصغار لغة الكبار وعاداتهم. كما تعلموا معنى الحياة، وأهمية الروابط فيما بينهم من خلال ممارسة الطقوس الدينية. وعادة ما يُكلف الصغار بإقامة الشعائر الدينية، فإذا ما نجحوا في ذلك كان لهم شأن كبير في مجتمعهم.

بداية التعليم النظامي

اكتشف السومريون الذين عاشوا في وادي دجلة والفرات نظامًا للكتابة حوالي عام 3500 ق.م. وكذلك طور المصريون نظامًا للكتابة حوالي 3000ق.م. وقد احتوى النظامان على أساليب لكتابة الحروف والأرقام. وقد ساعد اكتشاف الكتابة كثيرًا على ظهور المدارس بالشكل الذي نعرفه الآن.

كان المعلمون قبل اكتشاف الكتابة يكررون الدرس شفاهًا، فيقوم التلاميذ بحفظ ما سمعوه. وكان الشعر أسلوبًا جيدًا لنقل التراث في مجتمعات ماقبل الكتابة. ولكن تعليم الأطفال القراءة جعلهم قادرين على معرفة شؤون الأمم الأخرى. وهكذا نشأت مدارس خاصة بتعليم القراءة والكتابة والحساب.

التربية والتعليم عند السومريين والمصريين:

أنشأ السومريون والمصريون مدارس لتعليم القراءة والكتابة حوالي عام 3000 ق.م. وكان معظم المعلمين من كهنة المعابد، أما التلاميذ فقد كانوا قلة من أبناء وبنات الطبقات العليا.

كان التعليم يبدأ من سن الخامسة وحتى السابعة عشرة، وكان تعليمًا محددًا ومملاً، واستخدمت فيه الكتابة بالصور، وكان على المتعلمين أن يكرروا ما كتبوه مرات، وكان الحساب يُعلَّم عن طريق نسخ الحسابات التجارية، فإذا أتم المتعلمون تعليمهم عُينوا كتبة للحسابات في الدولة.

التربية والتعليم في مناطق شرق البحر المتوسط:

انتشرت الحضارة من سومر ومصر إلى السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، حيث كانت قبائل معينة في هذه المنطقة تتحدث اللغات السامية . وفيما بين عامي 1500 و1000 ق.م، ابتكرت هذه القبائل الحروف الهجائية الأولى في العالم، فأضافوا للتربية والتعليم أداة جديدة. ويسَّر استخدام الحروف الهجائية الكتابة بالحروف بدلاً من استخدام الصور.

جرة من العهد الإغريقي القديم عليها صورة لشاب يتسلم إجازة لإكماله دراستة في العلوم العسكرية.

التربية والتعليم عند الإغريق القدماء:

حقق الإغريق تقدمًا تربويًا وتعليميًا ملموسًا في العصور القديمة. وتعتمد التربية الغربية المعاصرة إلى حد كبير على أسس التربية الإغريقية القديمة.

كانت بلاد الإغريق مقسمة إلى دويلات مستقلة، هدفت التربية في كل من هذه الدويلات إلى إعداد المواطن الصالح. وكانت أثينا، وإسبرطة من أهم تلك الدويلات واختلفت نظرة كل منهما إلى شروط المواطنة ؛ ففي إسبرطة كان التعليم يعِدُّ للخدمة، وكان التركيز في التعليم على التدريبات البدنية والعسكرية، وكانت العناية بتعليم القراءة والكتابة ضئيلة.

أما أثينا فقد اهتمت بالتربية العقلية بصورة أساسية، ولكنها ألزمت مواطنيها بالتربية البدنية وخدمة الدولة.

وبالرغم من أن أثينا أوجدت لنفسها نظامًا تربويًا تعليميًا متميزًا، فإن التربية لم تكن ديمقراطية ؛ إذ اقتصرت على أبناء الأثينيين، ولم يسمح للعبيد بالتعليم.

كان التعليم عند الأثينيين يبدأ منذ السادسة، ولم تكن هناك مدارس ثابتة كالتي نعرفها اليوم. وإنما كان العبيد الموثوق فيهم ينقلون الطفل من معلم إلى آخر. وهكذا تعلم الأطفال القراءة والكتابة والحساب والموسيقى والرقص والرياضة البدنية. وكانت أعمال هوميروس وغيره من الشعراء تعلم في أثينا. وكان التلاميذ يستمرون في المرحلة الابتدائية حتى سن الخامسة عشرة. ومن سن السادسة عشرة وحتى سن العشرين كانوا ينتقلون إلى قاعة للألعاب الرياضية تديرها الدولة لإعداد المواطنين المدربين تدريبًا عسكريًا يمكنهم من الدفاع عن وطنهم، وذلك من خلال التدريب على الجري والمصارعة وفنون الحرب. وبجانب هذه التدريبات كان الطلاب يمارسون أسلوب المناقشات والجدل لتطوير ملكة الاستقراء والقدرات الخطابية.

وبحلول القرن الخامس قبل الميلاد. كان التعليم العالي في أثينا يتركز في دراسة الفلسفة و البلاغة ، ويندرج تحت الفلسفة دراسة المنطق والرياضيات والأخلاق والعلوم، ويندرج تحت البلاغة دراسة شؤون الدولة والتاريخ والخطابة.

خلال القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد ظهر في أثينا فلاسفة، ومعلمون عظماء، أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو. وحوالي عام 387 ق.م أنشأ أفلاطون مدرسة للفلسفة عرفت فيما بعد بالأكاديمية. وأنشأ أرسطوطاليس مدرسة مشابهة في حوالي عام 330 ق.م. سماها الليسيوم.

ولم يكن لمعظم نساء أثينا تعليم نظامي. وإن يكن بعضهن قد تلقين تعليمًا في الموسيقى والشعر والرقص من خلال انتمائهن لبعض المنظمات الدينية.

وجد في اليونان ـ كغيرها من البلاد القديمة ـ كثير من المجموعات الدينية السرية التي تبنت نوعًا من النشاط التعليمي، ذلك أن أكاديمية أفلاطون وليسيوم أرسطوطاليس كانتا ذواتي صبغة دينية. وبجانب ذلك تولت بعض المؤسسات المهنية مهمة التعليم، فتطورت الدراسات الطبية مثلاً وسط عدد من الأسر تحالفت معًا لتكون جمعية تربوية سرية.

التربية والتعليم عند قدماء الرومان:

أقام الرومانيون نظامًا تعليميًا شاملاً على النمط الإغريقي حوالي عام 100ق.م. أتاحوا فيه ـ على عكس الإغريق ـ فرص التعليم للبنات والبنين. فكان معلم المرحلة الابتدائية يقوم بتعليم أبناء الأسر الموسرة بين سن السابعة والعاشرة من العمر. وتعلم الأطفال قراءة اللغتين الإغريقية واللاتينية وكتابتهما. وفي الوقت الذي نالت فيه البنات تعليمًا ابتدائيًا، اتيحت الفرصة للبنين للالتحاق بالمدارس الثانوية بين سن العاشرة والرابعة عشرة، حيث يواصل البنون دراسة قواعد وآداب اللغتين اللاتينية والإغريقية . ولقد عرف الرومانيون التعليم العالي ؛ حيث كانت المعاهد العليا تعد الطلاب للخطابة والقانون وشؤون الحكم.

وبالرغم من أن الرومانيين قد تبنوا جانبًا من نظم التربية والتعليم الإغريقية، إلا أنهم قد فاقوا الإغريق في بعض المجالات كالزراعة والهندسة والقانون، حيث قاموا بتطوير كل تلك المعارف. وبحلول عام 200 ق.م. كان الرومانيون قد نشروا ثقافتهم في معظم أنحاء العالم الغربي.

الدين وانتشار التعليم

عُني أتباع الديانات المختلفة بالتعليم، وإقامة المدارس لنشر الدين، ومن خلاله كانوا يدعون الناس إلى دينهم، وشارك في هذه العملية أحبار اليهود ورهبان النصارى، كما أن العلماء في العالم الإسلامي نهضوا بمهنة التربية والتعليم ومازالوا يواصلونها. ولهذا فإن النصارى قد عملوا على نشر مدارسهم في أغلب مناطق شمال أوروبا خلال القرون الأولى من العصر النصراني، كما عملوا على التنصير في الأمريكتين الشمالية والجنوبية وإفريقيا وآسيا وجزر المحيط الهادئ في الفترة الواقعة بين القرن الخامس عشر والقرن العشرين. وخلال تلك الفترة ـ أيضًا ـ تمكن المسلمون من نشر الدين الإسلامي من إندونيسيا حتى أسبانيا. وبهذه الطريقة استطاع النصارى والمسلمون إدخال التعليم النظامي في عدة ثقافات عالمية.

وصل دعاة الإسلام والنصرانية حتى الهند والصين، لكن الهنود والصينيين كان لديهم تعليم نظامي منذ قرون خلت، ففي الهند شكَّل كتاب الفيدا (كتاب الهندوس المقدس) مصدراً أساسيا للتعليم. وخلال العصر الذهبي لحكم أسرة جوبتا عُرفت الهند بوصفها واحدة من أهم مراكز العلم في العالم حيث افتتحت الجامعات بين عامي 320 و500م قبل وقت طويل من ظهور الجامعات الأوروبية في العصور الوسطى. أما في الصين فقد تأسست الجامعات قبل ظهورها في الهند، وكان ذلك بين عامي 199ق.م. والعام الأول الميلادي.

التربية والتعليم عند المسلمين:

كان للمسلمين في جميع أنحاء الدول الإسلامية ـ خلال عهود ازدهار الحضارة الإسلامية ـ نظام تعليمي واحد تقريبًا عمل على تحقيق وحدة العقيدة والمنهج العلمي بين شتى الأجناس والشعوب التي تألفت منها الدولة الإسلامية. وقد ظهرت مؤسسات تعليمية متعددة كما ظهر مربون أفذاذ سبقوا إلى الإشارة لكثير من حقائق التربية وأصولها قبل كثير من التربويين في العصر الحديث.

المسجد. يرتبط تاريخ التربية الإسلامية ارتباطًا وثيقًا بالمسجد ؛ فقد كان المسجد إلى جانب كونه دارًا للعبادة، معهدًا للتعليم، ودارًا للقضاء، وساحة لاستقبال الوفود وتجمع المجاهدين في سبيل الله. ولم يكن التدريس مقصورًا على المواد الدينية، بل شمل كذلك الدراسات اللغوية والأدبية والفلك والحساب. ومن أهم هذه المساجد بعد المسجد الحرام في مكة ومسجد الرسول صلي الله عليه وسلم في المدينة، جامع المنصور ببغداد الذي درس فيه الخطيب البغدادي في منتصف القرن الخامس الهجري، والكسائي الذي درس علوم اللغة وأبو العتاهية الذي كان يملي فيه من شعره، كذلك جامع دمشق الذي وفد إليه طلاب العلم من شتى أرجاء العالم الإسلامي، وجامع عمرو بن العاص في مصر الذي بني عام 21هـ، 643م. ★ تَصَفح: المسجد.

الكتاتيب. بدأت في الظهور منذ بداية الفتوحات الإسلامية الأولى وكان بناؤها يعد عملاً يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، وينخرط فيها التلاميذ الفقراء والأغنياء على حد سواء، وانتشرت في المدن والقرى على حد سواء. وقد كانت هذه الكتاتيب تقام في المساجد أو بجوارها أو بعيدة عنها مثل كتاب أبي القاسم البلخي الذي ضم في وقت من الأوقات 3,000 تلميذ. وكان يتولى تعليم التلاميذ في هذه الكتاتيب حفظة القرآن في المقام الأول ومعلمون آخرون يدرسون إلى جانب العلوم الدينية التاريخ، والشعر، ومبادئ الحساب، وقليـلاً من قواعـد اللغــة العربيـة، والأدب. ومن أبرز من لمعت أسماؤهم في هذه الكتاتيب من المعلمين الضحاك بن مزاحم (ت 105هـ، 723م)، والكميت بن زيد (ت 126هـ، 743م)، وعبدالحميد الكاتب (ت 132هـ، 749م). ★ تَصَفح: الكتاب.

خزائن الكتب. وهي ما يمكن أن نطلق عليه الآن المكتبات، وقد أطلق على بعضها في وقت ما حوانيت الوراقين. وقد ظهرت أولى خزائن الكتب هذه خلال القرن الأول الهجري، وتمثلت في خزانة خالد بن يزيد بن معاوية (ت85هـ، 704م)، وقد فتحت هذه الخزانة للعامة للاستفادة منها، وأنشئت مكتبات عامة في المساجد والمدارس يرجع إليها طلاب العلم والباحثون وأهمها مكتبة بيت الحكمة في بغداد ودار الحكمة في القاهرة. وانتشرت حوانيت الوراقين منذ مطلع الخلافة العباسية في كل مدن الدولة الإسلامية، وكانت تعرض فيها الكتب للبيع، وتقام فيها المناظرات بين العلماء والأدباء، ومن أشهر الوراقين الأدباء ابن النديم مؤلف الفهرست ، وياقوت الحموي مؤلف معجم الأدباء ومعجم البلدان.

المدارس. أنشئت أول مدرسة في العالم الإسلامي في نيسابور في بلاد فارس (إيران حاليًا)، وكان اسمها المدرسة البيهقية وذلك في القرن الرابع الهجري. إلا أن بداية ازدهار المدارس ارتبط بالأتراك السلاجقة عند استيلائهم على بغداد. فقد أسس الوزير نظام الملك السلجوقي المدرسة النظامية ببغداد سنة 457هـ، 1064م. وقد أعطى رواتب ثابتة للمعلمين وزود الطلاب بالمسكن والمأكل، وتعد هذه المدرسة نواة لنظام الكليات الجامعية في العالم الإسلامي.

أما في مصر فقد انتشرت المدارس في عهد الدولة الأيوبية، وبلغ عدد مدارس القاهرة وحدها 63 مدرسة أشهرها المدرسة الناصرية التي بناها السلطان زين الدين كتبغا المنصوري وأتمها السلطان محمد بن قلاوون سنة 703هـ، 1303م وعلى الرغم من أن هذه المدارس قد عنيت بدراسة الفقه، إلا أن العلوم الطبيعية والطبية بدأت تشق طريقها تدريجيًا إلى مناهج هذه المدارس خاصة أنه كلما افتتح بيمارستان (مستشفى) كان يلحق بالمدرسة لممارسة الطب عمليًا ونظريًا.

التربية والتعليم عند النصارى في العصور الوسطى:

أدَّت الكنيسة النصرانية دورًا أساسيًا في تشكيل نظم التربية والتعليم الأوروبية خلال العصور الوسطى التي استمرت من القرن الخامس الميلادي إلى القرن السادس عشر الميلادي.

كان على الكبار معرفة تعاليم الدين النصراني، ونقلها إلى أطفالهم، ولهذا فقد سيطرت الجهات الدينية على جانب كبير من التعليم النظامي، واستمرت تلك المدارس مئات السنين تعد طلاّبها للمهن الدينية حيث كان الطلاب يتعلمون على أيدي الكهنة في سكناهم، وتعلم آخرون في الأبرشيات والأديرة.

ولقد تعلم الطلاب في هذه الأبرشيات والأديرة علوم التراتيل الكنسية وعلم اللاهوت واللغة اللاتينية التي تُعدُّ اللغة الرسمية للكنيسة الغربية، بالإضافة إلى العلوم الأخرى التي كانت تدرس في المجتمعين الإغريقي والروماني القديمين، وكانت تنقسم إلى مجموعتين عرفتا في صورتهما الموحدة بالفنون الحرة السبعة. اشتملت المجموعة الأولى التي تعرف بالثالوث على ثلاث مواد هي النحو والبلاغة والمنطق. واشتملت المجموعة الثانية التي تعرف بالرابوع على أربع مواد هي الحساب والهندسة والفلك والموسيقى.

أما الذين لم ينالوا حظًا من التعليم الرسمي، فكانوا يلتحقون بالعمل عند أصحاب المهن والحرف على أساس التلمذة الصناعية، وبعضهم تعلم الفروسية التي أعدتهم للحياة العسكرية أو الوظائف الحكومية. وقد تكونت نقابات لأصحاب الأعمال والتجار والصناعات اليدوية، وغيرهم من أصحاب المهن.

نشأة الجامعات العربية

كان العرب سباقين إلى إنشاء الجامعات، وتعد جامعتان عربيتان هما جامعة الأزهر في مصر وجامعة القرويين في المغرب نموذجًا احتذته الجامعات الحديثة. أنشأ جامعة الأزهر جوهر الصقلي عام 359هـ، 970م، وبدأ النشاط الديني والعلمي في المسجد الذي عرف بالجامع الأزهر في بادئ الأمر، ثم فتح أبوابه لدراسة العلوم العقلية جنبًا إلى جنب مع العلوم الدينية في عهد العزيز بالله في منتصف القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي. وبدأ التدريس بهيئة تدريس قوامها 36 مدرسًا تلقوا مرتبات شهرية وهيئت لهم مساكن بجوار الجامعة. ★ تَصَفح: جامعة الأزهر.

أما جامعة القرويين فقد بدأت بأن تبرعت فاطمة بنت محمد القيرواني ببناء مسجد جامع وكان ذلك عام 245هـ، 859م، ثم عرف في مرحلة لاحقة باسم جامعة القرويين. وتعد فترة المرينيين من أزهى فترات هذه الجامعة حيث تنوعت المواد الدراسية لكثرة الوافدين على مدينة فاس، وأدخلت إلى جانب العلوم الدينية علوم أخرى كالتاريخ والأدب والعلوم الطبيعية والرياضيات والفلك. ★ تَصَفح: جامعة القرويين.

أقيمت بعواصم ومدن العالم الإسلامي مدارس تعد بمثابة مؤسسات للتعليم العالي يُدرس فيها علم اللغة، والشريعة، والنحو، والأدب، والجبر، والمثلثات والهندسة والكيمياء والفيزياء، والفلك، والطب والمنطق وغير ذلك. وأول هذا النوع من المدارس أنشأه في بغداد نظام الملك الذي عمل وزيرًا للسلطان السلجوقي ملك شاه.

وقامت على غرار هذا النوع من المدارس مدارس عليا منها المدرسة الرشيدية والشريفية في سوريا، والناصرية والصلاحية في مصر والمستنصرية في بغداد التي ألحق بها مستشفى لتعليم الطب. ولم تخل مدينة هامة من مدرسة أو أكثر من هذه المدارس العليا.

أما في الأندلس (أسبانيا) فقد انتشرت معاهد التعليم انتشارًا كبيرًا حتى إن قرطبة وحدها كان بها عدة مئات من هذه المعاهد، ومن أشهر الجامعات بها قرطبة، وأشبيليا، وملقا وغرناطة. وقد نقشت على بوابة جامعة غرناطة العبارة التالية: يقوم استقرار العالم ونظامه على أربعة أسس : علم الحكماء ، وعدل الملوك ، وصلاة العابدين ، وبأس الشجعان. ووفد إلى هذه الجامعات طلاب أوروبا وقساوستها وأمراؤها للدراسة.

كان من الطبيعي أن تستفيد أوروبا استفادة كبرى من الجامعات الإسلامية عندما بدأت في إنشاء جامعاتها في القرن الثاني عشر الميلادي، أي بعد قرنين من إنشاء أول جامعة في العالم الإسلامي. واقتبسوا إلى جانب العلوم النظم الإدارية وغيرها من النظم التي اتبعت في جامعات العالم الإسلامي، ومثال ذلك الزي الجامعي، وتنظيم المعلمين في روابط (نقابات)، وحلقات التعليم، ونظام التعليم والسكن الداخلي للطلاب، والأوقاف على التعليم، ونظام المدرس ـ المعيد، والأستاذ المحنك. وكذلك نظام المناهج الدراسية، وأساليب التدريس. وكما نشأت الجامعات الإسلامية الأولى في كنف المسجد نشأت الجامعات الغربية الأولى في أحضان الكنيسة كما حدث عند قيام جامعة كمبردج.

نشأة الجامعات الغربية

جامعة باريس كانت معروفة في كل أنحاء أوروبا في القرون الوسطى بسبب المشاهير من علمائها وأساتذتها.
ظهرت الجامعات الحديثة لأول مرة في أوروبا خلال القرن الثاني عشر الميلادي مقتبسة من نظام الجامعات في العالم الإسلامي وكان ذلك في شكل جمعيات أو نقابات تجمع عددًا من العلماء، ولكنها لم تكن في مبانٍ أو أماكن محددة.

تتبع معظم الجامعات الأوروبية أحد نموذجين: نموذج جامعات الشمال، وكانت تمثله جامعة باريس، وقد أصبحت أشهر جامعة في أوروبا خلال القرن الثالث عشر الميلادي. وتطوّرت معظم الجامعات في شمال أوروبا عن نقابات المعلمين في مدارس الأبرشيات، وكانت تلك الجامعات تُدار بوساطة جمعيات المعلمين الذين فرضوا رسومًا على الطلاب مقابل تعليمهم ومنحهم درجات جامعية. وكانت المواد الأساسية التي تُدرَّس هي الفنون السبعة الحرة واللاهوت.

والنموذج الثاني هو نموذج جامعات جنوب أوروبا، وتمثله جامعة بولونيا في إيطاليا، وهي أقدم جامعات أوروبا، وقد تأسّست في عام 1100م. وتكونت الجامعات في جنوب أوروبا من نقابات الطلاب وجمعياتهم المكونة من أصحاب الحرف والمهن، من كبار السن بينما كان الطلاب في الشمال من الصغار الذين لم تبلغ أعمارهم العشرين. وقد درجت نقابات الطلاب في الجامعات الجنوبية على تعيين الأساتذة ووضع اللوائح والقوانين التي تنظم عملهم كالمحاسبة، في حالة الغياب. وكانت معظم جامعات الجنوب متخصّصة في دراسة القانون والطب.

ولم تكن الجامعات في العصور الوسطى تشترط في طلابها إكمال الدراسة الثانوية أو الابتدائية. وحتى عام 1500م كان بمقدور الأطفال أن يلتحقوا بالجامعة في سن العاشرة، حيث يظل التلميذ متجولاً من مدينة لأخرى يتلقى الدروس في جامعاتها. وبحلول عام 1500م كانت في أوروبا حوالي80 جامعة مازال بعضها موجودًا حتى يومنا هذا. ★ تَصَفح: الجامعة.

عصر النهضة الأوروبية

يمثل عصر النهضة تلك الفترة من تاريخ أوروبا التي سادت فيها روح الاهتمام بالعالم والاستقلال والنفوذ. لقد بدأت النهضة في إيطاليا خلال القرن الرابع عشر الميلادي وعمت أرجاء أوروبا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين حيث بدأت حركة إعادة النظر في المعرفة.

خلال عصر النهضة بدأ الكلاسيكيون في المناداة بإحياء الثقافتين الإغريقية والرومانية القديمتين بدلاً من ثقافة العصور الوسطى.

لقد اعتقد الإنسانيون التقليديُّون أن أهم أهداف التربية والتعليم إعداد المثقف، تمامًا كما رأى الأثينيون القدماء، ولذلك فقد عدوا مدارس الساحات الإغريقية أفضل المدارس. وهكذا نشأت المدارس في أوروبا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين على غرار تلك المدارس، وقبلت أطفال الطبقات العليا، وتعلموا فيها اللغتين الإغريقية واللاتينية والآداب القديمة، بالإضافة إلى الآداب العامة والتربية البدنية. وبمرور الزمن تطورت هذه المدارس لتكوِّن المدرسة الثانوية الأوروبية التي عنيت بتدريس الفنون السبعة الحرة. وقد عرفت هذه المدارس الثانوية باسم الجمنازيا في ألمانيا، والليسيه والكوليج في فرنسا، والمدارس الثانوية النظامية في إنجلترا.

أما أطفال الطبقات الدنيا في المجتمع، فقد التحقوا بالمدرسة الابتدائية حيث درسوا القراءة والكتابة واللهجات المحلية والحساب والتاريخ والجغرافيا. ولم تتح الفرصة لهؤلاء للالتحاق بالمدرسة الثانوية أو الجامعة. وبدأت المدارس الابتدائية في الظهور في أوروبا منذ القرن السادس عشر.

اختراع الطباعة:

أدى اختراع الطباعة في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي إلى توفير كمية من المطبوعات، مما جعل الكثيرين يرغبون في تعلم القراءة والكتابة. وبالإضافة إلى هذا فقد شجع انتشار تلك المطبوعات الكثيرين على الحرص على الاطلاع والاستزادة من المعلومات الضرورية التي تجعل منهم معلمين أكْفَاءَ.

عصر الإصلاح الديني النصراني:

تم اكتشاف الطباعة في الوقت الذي ازداد فيه الخلاف بين أنصار الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، بصورة أدت إلى ظهور ما سمي بالحركات الدينية الإصلاحية في أوروبا في القرن السادس عشر الميلادي، ومن ثم ظهرت الحركة البروتستانتية التي نادت بضرورة السماح لكل الناس بتداول الإنجيل. وقد أدى اختراع الطباعة إلى توفير نسخ كثيرة منه زهيدة الثمن.

بدأت بعض البلاد الأوروبية البروتستانتية، كألمانيا، وسويسرا، في القرن السادس عشر في إنشاء مدارس ابتدائية لأبناء العامة لتمكينهم من دراسة الإنجيل بلهجاتهم المحلية. وفي الوقت نفسه قامت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بتوسيع نشاطها التعليمي، حيث قامت بعض المجموعات الكاثوليكية بإنشاء مدارس تتولى تدريس أطفال الكاثوليك باللهجة المحلية. وقد زادت أعداد المدارس الثانوية بصورة مطردة أيضًا.

عصر العـقـل

بدأ عصر العقل في الغرب في العقد الأول من القرن السابع عشر واستمر حتى أواخر القرن الثامن عشر حيث عمل العلماء على التفكير والتجريب العلمي لاكتشاف القوانين التي تعمل الطبيعة وفقًا لها.

تأثرت التربية والتعليم كثيرًا بتلك الحركات العلمية في عدة جوانب، فبالرغم من بدء تدريس العلوم في المدارس، إلا أن ذلك لم يحدث بالنسبة للمدارس الابتدائية والثانوية إلا في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. ولكن الأمر كان ملحاً للجامعات حيث بدأ الاهتمام الشديد بتدريس العلوم وبالتجريب العلمي منذ أواخر القرن الثامن عشر الميلادي.

وفي مقابل التطور الذي طرأ على العلوم الطبيعية، بدأ بعض العلماء والفلاسفة أمثال ديكارت، وتوماس هوبز وجون لوك بالدعوة إلى أهمية تطوير العلوم الاجتماعية لتحليل المجتمعات الإنسانية وتطوير العلوم السلوكية التي عرفت فيما بعد بعلم النفس لتفسير سلوك الأفراد.

أدت الثورة العلمية أيضًا إلى تثبيت أهمية التدريب في بعض النشاطات المجتمعية الأخرى مثل استخدام الآلات الحديثة في حرث الأرض وفلاحتها بدلاً من الطرق التقليدية التي سادت حتى تلك الفترة.

وهكذا عندما حلت الثورة الصناعية احتاج المجتمع أفرادًا مؤهلين تأهيلاً عاليًا في مجالي الهندسة والعلوم، فنشأت المدارس التجارية والفنية في مناطق كثيرة في أوروبا. وفي الولايات المتحدة نادى بعض القادة من أمثال بنيامين فرانكلين، وتوماس جيفرسون بضرورة إدخال مواد نافعة إلى المقررات الدراسية، أما المواد النافعة فقد قصدوا بها تدريس العلوم الضرورية لمقابلة متطلبات التغير المذهل في مجال الصناعات.

نشأة مدارس الدولة

مع بدايات القرن التاسع عشر الميلادي أصبحت الدولة في الغرب رمزًا للوحدة، وبذلك حلت محل الكنيسة في الإشراف الفعلي على مؤسسات التعليم، فتقلص الإشراف الديني، وزاد إشراف الدولة على التعليم.

ففي فرنسا ـ عقب الثورة الفرنسية عام 1789م ـ نشأت سلسلة من المدارس الثانوية والجامعات تحت السيطرة الكاملة للدولة في عام 1802م. وأصبحت المدارس الابتدائية جزءًا من النظام في عام 1833م. أما الولايات المتحدة، وبروسيا فقد سبقتا فرنسا في إحكام قبضة الدولة على نظام التعليم، حيث تبنّت بروسيا نظامًا تعليميًا خاضعًا تمامًا للدولة. فالتحق بالتعليم جميع الأطفال بتمويل وتنظيم كاملين من الدولة. أما المنهج الدراسي فقد شمل تدريس الأدب الألماني والجغرافيا والتاريخ، وتم اختيار أفضل المعلمين للتدريس. وفي عام 1871م أصبح ملك بروسيا أول إمبراطور لألمانيا الموحدة. وساد الاعتقاد بأن نظام التعليم الوطني في بروسيا كان سببًا أساسيًا في قوتها.

اختلف الحال في بريطانيا، إذ كانت هي الدولة الوحيدة التي لم تسيطر على التعليم في ذلك الوقت، ولكن توسعت الكنائس والجمعيات الخيرية في نشر التعليم، وتولت دورًا فاق كثيرًا دور الدولة. وأسس المصلح البريطاني روبرت أوين ـ الذي كان يملك بعض المطاحن ـ أول مدرسة للأطفال في بريطانيا في أوائل القرن التاسع عشر. أما أكثر المدارس شهرة في بريطانيا فقد كانت مدرستي إيتون ورجبي اللتين قدمتا تعليمًا ثانويًا تقليديًا لأبناء الطبقات العليا في المجتمع.

ولم يكن تعليم البنات في مستوى تعليم البنين، ولكن عدد البنات بدأ في الازدياد منذ القرن التاسع عشر وتمكن قليل منهن من الالتحاق بالجامعات. واليوم فإن الفرصة للتعلم متاحة لجميع الأطفال من البنين والبنات، بصورة متساوية، وبرغم هذا فإن تعليم البنات في بعض الدول ما زال دون مستوى تعليم الذكور.

أصبح التعليم الابتدائي مجانيًا وإلزاميًا في معظم الدول الأوروبية مع بدايات القرن العشرين، وأكثر من هذا فإن التعليم المجاني الإلزامي امتد إلى نهاية المرحلة الثانوية في بعض الدول. وبرغم التوسع الملحوظ في التعليم المهني والتقني منذ منتصف العقد الأول من القرن العشرين، فإن كثيرًا من الدول تقدم تعليمًا ثانويًا عامًا، وقد أقدم كثير من الدول على إضافة تعليم الأطفال قبل المرحلة الابتدائية إلى أنظمتها التعليمية منذ منتصف القرن العشرين.

مقالات ذات صلة

المصدر: الموسوعة العربية العالمية