الرئيسيةبحث

المعاقون ( Handicapped )



مركز تأهيل المعاقين في مدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية. يتم تدريب المعاقين على خياطة الملابس.
المعاقون من يعانون من عجز (إعاقة) بدني أو عجز عقلي يؤثر في مقدرتهم على الحياة السعيدة والمنتجة. ويشمل العجز الجسدي العمى والصمم والتشوه الخَلْقي واضطراب حركة العضلات والأعصاب والشلل وفقدان الأطراف. أما العجز العقلي فيشتمل على نوعين هما: المرض العقلي والتخلف العقلي.

وقد يكون العجز إعاقة وقد لايكون كذلك. فهو إعاقة إذا أثرّ على تطلعات الفرد وفي أدائه لعمله، وفي علاقاته بعائلته وبأصدقائه وبالمجتمع عامة. والناس الذين يعانون من نوع العجز نفسه قد لايكونون معاقين بالدرجة نفسها. فمثلاً إذا فقد أستاذ التاريخ أصبعه قد لايكون معاقاً بدرجة كبيرة، أما عازف البيانو فقد يصبح معاقاً بدرجة كبيرة إذا حدث له ذلك.

وتحدث كثير من الإعاقات المعروفة بسبب الأمراض. فمرض القلب قد يقلل من قوة وتحمل المصاب بصورة مستديمة. وقد تؤدي الصدمات الدماغية إلى الشَّلل وفقدان القدرة على النطق. ويمكن أن يؤدي داء التهاب المفاصل وكثير من أمراض العظام إلى التشوه. وتسبب بعض أمراض الأعصاب الدماغية العمى والصمم وفقدان التناسق. والشلل الدماغي مرض عقلي يُعطِّل الدماغ قبل وأثناء وبعد الولادة، نتيجة لتعطُّل جزء من الدماغ. يمكن أن يؤدي الشلل الدماغي إلى مشكلات في النطق والتخلف العقلي والحركات اللاإرادية للأطراف. وتتسبب الحوادث في العديد من أنواع الإعاقات بما في ذلك تلف النخاع وفقدان الأطراف.

رمز كرسي المعاقين يظهر في لوحات توضح التسهيلات الخاصة بالمعاقين، ومثل هذه التسهيلات تشمل منحدرات تمكن المعاق من الدخول إلى المباني والخروج منها بمفرده.
يستطيع المعاقون بإعاقات جسمية، أن يعيشوا حياة منتجة وحافلة وذلك بالحافز الملائم والتدريب الخاص. وقد تغلّب العديد من المشاهير على إعاقتهم، وقدموا للبشرية إسهامات مهمة. فالشاعر الإنجليزي جون ميلتون كان كفيفًا عندما كتب ملحمته الرائعة الفردوس المفقود. ومن قبله الشاعر الحكيم أبوالعلاء المعري 363 - 449هـ، 973 - 1057م الذي عاش مكفوف البصر وغلبت الفلسفة على شعره، وهو صاحب سقط الزند واللّزوميات ورسالة الغفران التي يقال بأن الشاعر الإيطالي دانتي قد تأثر بها في كتابة ملحمته الشهيرة الكوميديا الإلهية.

ومثل ذلك الشاعر المشهور بشار بن برد 96 - 168هـ، 714 - 784م الذي قدم في شعره السمع على البصر لفقده إياه. حيث قال:

قالوا بمن لا ترى تهذي فقلت لهم الأذن كالعين توفي القلب ماكانا
ياقوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا

تدريب الأطفال المعاقين في سن مبكرة يساعدهم على إتقان ما يناسب إعاقتهم وإعدادهم للاعتماد على أنفسهم في مستقبل حياتهم.
وحاسة السمع الأولى من بين الحواس يكتمل نموها عند الجنين منذ الشهر الخامس، وهي أيضًا آخر حاسة تموت لدى الإنسان. والموسيقار الألماني الكبير لودفيغ فان بيتهوفن كتب أغلب موسيقاه الجميلة بعد أن أصبح أصم. وأصبح فرانكلين روزفلت رئيساً للولايات المتحدة وهو مشلول الرجلين، نتيجة لإصابته بمرض شلل الأطفال وهو في التاسعة والثلاثين من عمره. وهيلين كيلر الأمريكية التي أصبحت عمياء وصماء وبكماء قبل الثانية من عمرها، تعلمت الكتابة والقراءة والنطق، وكرَّست حياتها لمساعدة الصّم والعمي. وكريستي براون الكاتب والشاعر الأيرلندي، ولد وهو مريض بالشلل المخي. وقد علّم نفسه الكتابة بقدمه اليسرى. ونُشرت سيرته الذاتية بعنوان قدمي اليسرى عام 1954م وأخرجت في فيلم سينمائي. وطه حسين الذي تغلب على مشكلة العمى وتقدم في الأدب حتى صار يعرف بعميد الأدب العربي. وهناك نماذج أخرى كثيرة ممن تغلبوا على ما أصابهم بالصبر والإيمان والمثابرة والرغبة في حياة مثمرة، ومنهم في وقتنا الحاضر كثيرون يتسنَّمون مناصب عليا في مختلف ميادين الحياة من الفقهاء والعلماء والأدباء والرياضيين والفنانين وغيرهم. وكل هؤلاء وغيرهم من المعاقين لم يوقفهم العجز عن أداء دورهم في الحياة.

مشكلات المعاقين

يواجه الشخص المعاق مشكلات خاصة قد تؤثر في حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية.

في الحياة الشخصية:

المشكلة الرئيسية للكثير من المعاقين هي محدودية مقدرتهم على ممارسة النشاطات اليومية العادية. فمثلاً، الشخص الذي لديه ذراع واحدة يواجه صعوبة في ارتداء وخلع ملابسه. والشخص الأصم قد يواجه مشكلة في استخدام الهاتف. وبعض الناس المعاقين تنقصهم المقدرة أو الطاقة اللازمة ليتحركوا دون مساعدة.

قد يواجه المعاقون أيضًا مشكلات نفسية خاصة، فقد يصابون بالإحباط، لأن عجزهم يجعلهم يشعرون بأنهم مختلفون عن أغلب الناس. إلا أن بعض المعاقين أيضًا يعتبرون عجزهم نوعاً من التحدي. وهذا ما يجعلهم يتغلبون على الإعاقة.

قد تصعب العلاقات الاجتماعية على المعاقين. فالكثير من غير المعاقين لايحسون بالارتياح في حضور شخص معاق. ومن أهم ما يجب أن يتعلمه المعاق هو كيف يجعل الآخرين في حالة من الاطمئنان إليه.

في الحياة الأسرية:

قد تتغير حياة الأسرة في المنزل إلى حد كبير إذا أصبح أحد أعضائها معاقًا. ويؤدي بعض أعضاء الأسرة أدوارًا معينة في المنزل قبل أن تحدث لهم الإعاقة. لذا فقد تحدث صعوبات جمة إذا تغيرت هذه الأدوار. فمثلاً قد تواجه الأسرة مشكلة التأقلم، إذا أصيب الوالد الذي يُزوِّدها بالدخل بالصدمة الدماغية، وأصبح عاجزًا عن العمل. وقد يحدث الاكتئاب الحاد إذا أصبح واجبًا على الأم أن تعمل وتتحمل المسؤولية الأولى في الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك قد يجد الأطفال صعوبة في تقبل الأدوار الجديدة لكل من والديهم.

وعلى أعضاء الأسرة الآخرين ألا يهتموا بالعضو العاجز لدرجة كبيرة. فالمعاقون يحتاجون إلى الشعور بأنهم مستقلون، وأن يسمح لهم بحل مشكلاتهم الخاصة كلما كان ذلك ممكنًا. فلو أن معاقًا إعاقة كبيرة مُنح اهتمامًا زائدًا، لأحسّ أعضاء الأسرة الآخرون نحوه بالغيرة والكراهية، ويجب على أعضاء الأسرة الآخرين أن يُشْعروا المعاق بالثقة كي يدرك أنَّ لديه آمالاً وأهدافاً وطموحات مثلما لديهم.

في الحياة الاجتماعية:

يتسبب تجاهل كثير من الناس للمعاقين في خلق كثير من المشكلات لهم. وأغلب الناس لايدركون كم يستطيع المعاق أن يحقق من نجاحات. ونتيجة لذلك يُستبعدون من النشاطات الاجتماعية كالمباريات الرياضية والأعمال المسرحية. ويتردد بعض أصحاب الأعمال في توظيفهم ظناً منهم أنهم لايقوون على العمل. وفي الحقيقة فإن سجلات العمل توضح أن المعاقين من الرجال والنساء يؤدون أعمالهم بصورة جيدة كالناس العاديين الذين يقومون بالعمل نفسه، إن لم يكن أفضل منهم. كما أن المعاقين يستمرون في العمل نفسه لمدة أطول.

ونتيجة لمحدودية قدرتهم على الحركة، فالكثير من المعاقين لايستطيعون الوصول للعديد من الأماكن والمرافق. ففي المدرسة مثلاً، يحتاج التلميذ أو المدرس المعاق إلى منحدرات وليس مدرجات، ومقاعد عريضة في المراحيض، وغير ذلك من أشكال البناء المساعدة. وقد تزايدت أعداد المباني العامة التي توجد بها مثل هذه التسهيلات للمعاقين، إلا أن الحصول عليها في المساكن والمواصلات العامة يظل مشكلة كبيرة.

التغلب على الإعاقات

يمكن علاج القليل من أنواع العجز، ومن هنا فعلى المعاقين أن يتعلموا كيف يتعايشون مع إعاقتهم. وللتغلب على العجز لابد أن تكون لدى المعاق الرغبة في أن يكون مستقلاً. وبدون هذه الرغبة، فإن مساعدة الآخرين له ستكون قليلة القيمة مما يجعل درجة العجز لديه مرتفعة. ويوجد العديد من أنواع المساعدات المتخصصة لتمكين العجزة من التغلب على عجزهم، وأهمها ثلاثة مجالات حيوية يستطيع الخبراء من خلالها تقديم مساعدتهم للمعاقين وهي: 1- الطب التأهيلي. 2- التعليم الخاص. 3- التدريب المهني.

معاقان سعودي وبحريني اشتركا في سباق المعاقين الذي نظمه المكتب الرئيسي لرعاية الشباب بالدمام.
هذا المعاق يقوم بعمل قطع من الأثاث تحت إشراف المسؤول عن وحدة النجارة.

الطب التأهيلي:

وهو نوع من الطب يساعد على تحسين حالة العجزة. وفي كثير من الحالات يقوم بإعادة التأهيل في المستشفى فريق من الفنيين برئاسة طبيب. وقد يشمل فريق الفنيين ممرضين ونفسانيين واجتماعيين وخبراء النطق وغيرهم.

يعتمد علاج العجز على حالة المريض، فقد تساعد العمليات الجراحية بعض أنواع العمى والصمم والتشوهات الخَلقية. وقد تستخدم العقاقير لعلاج حالات الاكتئاب الحادة وغيرها من الأمراض العقلية. ويستفيد الكثير من المعاقين من العلاج الطبيعي الذي قد تستخدم فيه الحرارة والضوء والماء. وقد يشمل العلاج الطبيعي أيضاً تمارين خاصة تعيد مقدرة المريض على التحمل وتقوي عضلاته.

العلاج المهني يساعد في التغلب على الإعاقات أو تخفيفها، وذلك بتعليم المرضى المهارات المختلفة، وخاصة تلك التي تساعد المعاقين على اكتساب الثقة بالنفس، وتسهم في مقدرتهم على الحياة الكاملة المعتادة. فمثلاً، يستطيع الشخص الذي فقد ساقيه أن يقود سيارة مجهزة بصورة خاصة بما يمكنه من قيادتها.

وتساعد الأجهزة الآلية المختلفة المعاقين على حياة أكثر اكتمالا ؛ فالناس المصابون بالشلل يمكن أن يتحركوا بكرسي المُقْعدين الكهربائي، ويمكن تركيب أطراف صناعية لتحل محل الأطراف المفقودة. وتساعد السماعات على تحسين سمع المصابين بأنواع معينة من الصمم بدرجة كبيرة.

برامج الحاسوب يستعان بها لتدريب المعاقين وإكسابهم مهارات معينة.

التعليم الخاص:

وهو نوع من التعليم مصمَّم لمساعدة الأطفال المعاقين لاستخدام مقدرتهم في التعلم. وهو يشمل التعليم في المدرسة والمنزل وفي المستشفيات والمعاهد المختصة. وفي المملكة المتحدة مثلاً، يرتاد ثلثا الأطفال المعاقين مدارس عادية.

وأولت الدول العربية المعاقين رعاية خاصة، فأنشأت من أجلهم المراكز المختصة لرعايتهم وتربيتهم. ففي مدينة الرياض مثلاً ومدن أخرى بالمملكة العربية السعودية أقيم أكثر من مركز من أجل هذا الغرض.

يتطلب تعليم الأطفال المعاقين مهارات ومواد تعليمية خاصة. فتدريس الأطفال المتخلفين عقليّاً يحتاج لمدرس مؤهل متخصص في الإعاقة لتعليمهم الاهتمام بأنفسهم ومتابعة الموضوعات المدرسية الأساسية. والأطفال الذين يعانون من ضعف النظر يحتاجون إلى كتب مطبوعة بأحرف كبيرة. أما الأطفال المكفوفون فيتعلمون من خلال كتب بريل، والكتب الناطقة (التسجيلات).

الأطراف الصناعية تساعد المعاقين على الاعتماد على أنفسهم في السير.تدريب المعاق الكفيف على القراءة بطريقة بريل.

المعاقون يتم تدريبهم على الآلة الكاتبة ليجدوا وظائف مناسبة.

التدريب المهني:

وهو إعداد وتدريب المعاقين لحرفة ما. ويعرف الاختصاصيون الذين يسمون بالمرشدين المهنيين أنواع المهارات التي يحتاج إليها المعاق للنجاح في عمل معين. ويعقد هؤلاء الاختصاصيون اختبارات لتحديد مقدرة ورغبات المعاق، ومن ثم معرفة نوع العمل الأفضل له لتدريبه عليه. فالأعمى يمكن تدريبه على تصميم برنامج للحاسوب. والشخص الذي يستخدم كرسي العجلة يمكن تدريبه ليعمل في إدارة شركة. وساعدت المخترعات التقنية الحديثة كالحاسوب والفاحصات الإلكترونية للكتب الدراسية المرتبطة بمحللات النطق ومُجهِّزات الكلمات المكبِّرة للكتب الدراسية والعديد من الأجهزة الأخرى المعدَّة خصيصاً لتأهيل المعاقين، ساعدت المعاقين لكي يعيشوا حياة مهنية كاملة.

مجموعة من الأطفال المعاقين يلعبون بألعاب للتسلية والترويح.مركز الأطفال المعاقين بالرياض. مجموعة من الأطفال يمارسون أعمال الرسم والتلوين.

موقف الناس من المعاقين

تنسيق الحدائق من المهن التي يتم تدريب المعاقين عليها في مركز الدمام بالمملكة العربية السعودية.
كان الناس في الأزمنة القديمة قلما يساعدون المعاقين. فقد كانت رفاهية المجموعات تعتمد على مقدرة كل عضو فيها على الحرب والعمل. والمعاقون الذين لا يستطيعون أداء واجباتهم يعتبرون مصدر تهديد لسلامة الجميع. لذا فقد طُرد أغلبهم، وترُكوا لمواجهة الموت. وكان أغلب القدماء يعتقدون أن سبب الأمراض والإصابات هو الأرواح الشريرة. ففي أسبرطة كانوا يدعون الأطفال المشوهين يموتون بتركهم في العراء ، وفي روما كان هناك تشريع يسمح للآباء أن يُغرقوا أطفالهم.

أما في العصور الوسطى في أوروبا بين القرنين الخامس والخامس عشر الميلاديين ، فكان الناس يسخرون من المعاقين، وينظرون إليهم بعين الريبة والشك. واستخدمهم بعض النبلاء مهرجين أو مضحكين. وتم إحراق الكثير منهم ظناً من الناس بأنهم سحرة.

بدأت النظرة نحو المعاقين تتغير في القرن التاسع عشر الميلادي. فقد بدأ كثير من الناس ينظرون إلى المعاقين بعين الشفقة ، ويتعاملون معهم بعناية خاصة. وبالرغم من ذلك فقد كان الناس يعتقدون بأن الإعاقة عار على المعاق وذويه. ونتيجة لذلك فإن أغلب المعاقين تم إخفاؤهم في داخل البيوت أو في المؤسسات الخاصة بالمعاقين.

خلال منتصف القرن العشرين جرى تقدم مهم في مجال معالجة المعاقين. وحتى ذلك الوقت مات أكثر الأطفال المصابين بالشلل النصفي، نتيجة لمشكلات التبول. ولكن في منتصف أربعينيات القرن العشرين ساعد اكتشاف بعض المضادات الحيوية الأطباء على علاج الكثير من هذه الحالات. وتم تطوير تقنيات إعادة التأهيل لمساعدة أمثال هؤلاء الضحايا على الحياة الكاملة المنتجة. وخلال الحرب العالمية الثانية وبعد نهايتها عام 1945م بذلت جهود مكثفة لإعادة تأهيل الجنود المصابين، وأنشأت المستشفيات العسكرية مراكز لإعادة التأهيل. وبعد قليل من الزمن تبعتها في ذلك العديد من المستشفيات الأخرى. وتقوم حالياً العديد من الأقطار بتقديم خدمات التعليم والتوظيف للمعاقين.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية