الرئيسيةبحث

الروح/المسألة التاسعة عشرة/فصل هل الصورة العقلية مجردة

هل الصورة العقلية مجردة؟

قولكم في الوجه الثالث: أن الصور العقلية الكلية مجردة وتجريدها إنما هو سبب الأخذ لها وهو القوة العقلية.
جوابه أن يقال: ما الذي تريدون بهذه الصورة العقلية الكلية؟ أ تريدون به أن المعلوم حصل في ذات العلم، أو أن العلم به حصل في ذات العالم؟ فالأول ظاهر للإحالة، والثاني حق، إلا أنه لا يفيدكم شيئا، لأن الأمر الكلي المشترك بين الأشخاص الإنسانية هو الإنسانية لا العلم بها، والإنسانية لا وجود لها في الخارج كلية، والوجود في الخارج للمعينات فقط، والعلم تابع للمعلوم، فكما أن المعلوم معين فالعلم به معين لكنه صورة منطبقة على أفراد كثيرة، فليس في الذهن ولا في الخارج صورة غير منقسمة البتة. وقد غلط في هذا الموضع طوائف من العقلاء لا يحصيهم إلا اللّه تعالى، فالصورة الكلية التي يثبتونها ويزعمون أنها حالة في النفس فهي صورة شخصية موصوفة بعوارض شخصية، فهب أن هذه الصورة العقلية حالة في جوهر وليس بجسم ولا جسماني فإنها غير مجردة من العوارض.
فإن قلتم، مرادنا بكونها مجردة النظر إليها من حيث هي هي مع قطع النظر عن تلك العوارض.
قيل لكم: فلم لا يجوز أن تكون الصورة الحالة في المحل الجسماني منقسمة، وإنما تكون مجردة إذا نظرنا إليها من حيث هي هي بقطع النظر عن عوارضها.

هامش