الرئيسيةبحث

الروح/المسألة التاسعة عشرة/فصل النفس والجسم

فصل النفس والجسم

فأما قولهم: إن العقلاء متفقون على قولهم: الروح والجسم والنفس والجسم، وهذا يدل على تغايرهما. فالجواب أن يقال: إن مسمى الجسم في اصطلاح المتفلسفة والمتكلمين أعم من مسماه في لغة العرب وعرف أهل العرش، فإن الفلاسفة يطلقون الجسم على قابل الأبعاد الثلاثة خفيفا كان أو ثقيلا، مرئيا كان أو غير مرئي، فيسمون الهواء جسما، والنار جسما، والماء جسما، وكذلك الدخان والبخار والكواكب، ولا يعرف في لغة العرب تسمية شي ء من ذلك البتة، فهذه لغتهم وأشعارهم، وهذه النقول عنهم في كتب اللغة. قال الجوهري:
قال أبو زيد: الجسم، الجسد، وكذلك الجسمان والجثمان، قال الأصمعي:
الجسم والجسمان والجسد والجثمان الشخص، وثد جسم الشيء أي عظم فهو عظيم جسيم، وجسام بالضم.
و نحن إذا سمينا النفس جسما فإنما هو باصطلاحهم وعرف خطابهم، وإلا فليست جسما باعتبار وضع اللغة، ومقصودنا بكونها جسما إثبات الصفات والأفعال والأحكام التي دل عليها الشرع والعقل والحس من الحركة والانتقال والصعود والنزول ومباشرة النعيم والعذاب واللذة والألم، وكونها تحبس وترسل وتقبض وتدخل وتخرج، فلذلك أطلقنا عليها اسم الجسم تحقيقا لهذه المعاني، وإن لم يطلق عليها اسم الجسم فالكلام مع هذه الفرقة المبطنة في المعنى لا في اللفظ، فقول أهل التخاطب والروح والجسم هو بهذا المعنى.

هامش