الرئيسيةبحث

الروح/المسألة التاسعة عشرة/فصل13

فصل

قولكم في الوجه الحادي والعشرون: أن الجسم يحتاج في قوامه وبقائه وحفظه إلى نفس أخرى ويلزم التسلل.
جوابه: أنه لا يلزم من افتقار البدن إلى نفس تحفظه افتقار النفس إلى نفس تحفظها وهل ذلك إلا بمجرد دعوة كاذبة مستند إلى قياس قد تبين بطلانه فإن كل جسم لا يصير إلى نفس تحفظه كأجسام المعادن وجسم الهواء والماء والنار والتراب وأجسام سائر الجمادات.
فإن قلتم: إن هذه ليست أحياء ناطقة بخلاف النفس فإنها حية ناطقة.
قلنا: فحينئذ يبقى الدليل هكذا أن كل جسم حي ناطق يحتاج في حفظه وقيامه إلى نفس تقوم به. وهذه دعوى مجردة وهي كاذبة فإن الجن والملائكة أحياء ناطقون وليسوا مفتقرين في قيامهم إلى أرواح أخرى تقوم بهم.
فإن قلتم: وكلامنا معكم في الجن والملائكة فإنهم ليسوا بأجسام متحيزة.
قلنا: للكلام مع من يؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله. وأما من كفر بذلك فالكلام معه في النفس ضائع، وقد كفر بفاطر النفس ومبدعها وملائكته وما جاءت به رسله وكان تاركا ما دل عليه العيان مع دليل الإيمان فإن الآثار المشهودة في العالم من تأثيرات الملائكة والجن بإذن ربهم لا يمكن إنكارها، ولا هي موجودة بنفسها، ولا تقدر عليها القوى البشرية.

هامش