الرئيسيةبحث

إفريقيا ( Africa )



أيقونة تكبير الخريطة السياسية لإفريقيا
إفريقيا تأتي في المرتبة الثانية بين القارات من حيث المساحة، ومن حيث السكان. وقارة آسيا فقط تغطي مساحةً أكبر منها، وقارة آسيا فقط الأكثر سكاناً منها أيضاً. تشغل إفريقيا خُمس مساحة العالم وتستأثر بثُمن سكانه تقريباً.

تضم إفريقيا 53 قطراً مستقلاً، إلى جانب العديد من الوحدات السياسية الأخرى. وأكبر أقطارها السودان، مساحته 2,505,813كم²، وأصغرها ـ سيشل مساحته 455كم² ـ وأكثر بلدان إفريقيا سكانًا نيجيريا (أكثر من 125 مليون نسمة)، غير أن خُمسي دولها يقل سكانها عن خمسة ملايين نسمة.

تتميز القارة الإفريقية بأنها هضبة شاسعة يقطعها القليل من السلاسل الجبلية، ويحيط ببعض جهاتها سهلٌ ساحليٌ ضيِّق. وهي قارة ذات تنوع مدهش وعجائب طبيعيةٍ عظيمة. تُشكّل ذؤابات الأشجار الشاهقة سرادقًا أخضر سميكاً على نطاق غابات الأمطار المدارية في غرب ووسط إفريقيا. وفي شمالها، تمتد أكبر صحراء في العالم الصحراء الكبرى بمساحة تساوي مساحة الولايات المتحدة كلها تقريباً. وفي إفريقيا أطول نهر في العالم، وهو نهر النيل الذي يجري لمسافة 6,400كم شمال شرقي إفريقيا. وفي معظم القارة مروجٌ خضراء. وتعيش الأفيال والزراف والأُسود والحُمُر الوحشية وحيوانات أخرى كثيرة في أراضي الحشائش في الشرق والجنوب. غير أن الصيد وإزالة الحشائش والغابات بوساطة المزارعين قد قلل بصورة ملحوظة أعداد الحيوانات المتوحشة في القارة.


قارة إفريقيا الواسعة ذات تنوع واضح

حيوانات متوحشة حول موارد الماء في إقليم الحشائش
نيروبي، عاصمة كينيا
مجموعة صيادين من قبيلة الماساي في كينيا.
رقص احتفالي لنساء البربر في المغرب.
قارة إفريقيا الواسعة ذات تنوع واضح. فمناطق الطبيعة البِكْر والمدن الحديثة جزء من الطبيعة الريفية للقارة الإفريقية. وأنماط الحياة القديمة والحديثة موجودة في القارة، وساهمت مئات من المجموعات العرقية في بناء الإرث الحضاري الثري.

ولحماية ما تبقَّى من هذه الحيوانات، أنشأت العديد من البلدان محميَّاتٍ قومية للصيد كما أنشأت المناطق المحجوزة التي أصبحت بدورها مناطق جذبٍ للسياح، الأمر الذي مكَّن للسياحة أن تصبح مورداً اقتصادياً مهماً لعدد من البلدان من بينها كينيا وتنزانيا وزمبابوي.

تنتمي شعوب إفريقيا إلى عدة مجموعات عرقية وخلفيات حضارية متنوعة. ففي الشمال، على سبيل المثال، أغلب السكان عرب، أما في الجنوب، حيث يسكن معظم الأفارقة، فإن السود يشكلون غالبية السكان، غير أنهم موزعون إلى أكثر من 800 مجموعة عرقية، كل لها لغتها ودينها ونشاطاتها الخاصة. والواقع أن العدد الهائل من المجموعات العرقية ذات الأحجام المتفاوتة جعل من الصعب على الكثير من الدول الإفريقية أن تنمو كدول موحدة وعصرية. ففي حالات كثيرة، تمزِّق الحدود بين الدول أراضي الجماعات العرقية، ولذلك فقد يشعر بعض الناس بالانتماء إلى جيرانهم في الدولة المجاورة أكثر من انتمائهم إلى مجموعات أخرى داخل بلادهم. ولقد أدَّت الخلافات العرقية إلى حروب أهلية في عددٍ من البلدان الإفريقية.

يسكن حوالي 70% من الأفارقة في المناطق الريفية حيث يمارسون زراعة المحاصيل وتربية الماشية. وفي كثيرٍ من أنحاء الريف الإفريقي، يعيش الأفارقة نمط حياة أسلافهم منذ مئات السنين. وعلى أية حال، هاجر الكثير من سكان الريف إلى المدن في منتصف القرن العشرين حيث استبدلوا بأنماط الحياة التقليدية طرق حياة عصرية.


حقائق موجزة

المساحة: 30,190 kكم².
أطول الأبعاد: من الشمال إلى الجنوب 8,047كم، من الشرق إلى الغرب 7,564كم.
طول خط الساحل: 36,888كم.
السكان: حسب تقديرات 2000م 824,767 k نسمة.
الكثافة السكانية: 27 شخصًا/كم².
الارتفاع:أعلى قمة: جبل كيليمنجارو في تنزانيا، 5,895م فوق مستوى سطح البحر.
أدنى مستوى: بحيرة أسال في جيبوتي 155م دون مستوى سطح البحر.
الظواهر الطبيعية:سلسلة الجبال الرئيسية: مرتفعات الأحجار، الأطلس، دراكنزبيرج، رونزوري (جبال القمر)، تيبستي.
الأنهار الرئيسية: الكونغو، (زائير)، ليمبوبو، النيجر، النيل، الأورانج، الزمبيزي.
البحيرات الرئيسية: ألبرت، تشاد، نياسا (ملاوي)، تنجانيقا، تيركانا، فكتوريا.
الصحاري الكبرى: كلهاري، ناميب، الصحراء الكبرى.
عدد الدول المستقلة: 53 دولة.

تتمتع إفريقيا بثروة معدنية هائلة، ففيها تكويناتٌ ضخمة من النحاس والماس والذهب والنفط. كما تمتلك القارة ثروةً غابيةً قيمة. وإضافة إلى ذلك، يُمكن استعمال العديد من الأنهار الإفريقية والمساقط لإنتاج الطاقة الكهرومائية. تنتج إفريقيا أيضاً معظم الإنتاج العالمي من المنيهوت (الكسافا)، والكاكاو، والبقوليات، واليام. ومع ذلك، فإن لإفريقيا، دون القارات الأخرى، أضعف مستوىً من التنمية الاقتصادية.

تُعتبر الزراعة النشاط الاقتصاديّ الرائد، غير أن معظم المزارعين يستعملون أدوات وطرقاً زراعيةً عتيقة في استغلال أراضيهم. أما في مجال الصناعة، فقد كان لنقص رأس المال وقلة العمالة المدربة، والمنافسة من قِبَل الصناعات الوافدة من القارات الأخرى أثر سلبيُّ على التنمية الصناعية. وتعتمد معظم دول إفريقيا على واحد أو اثنين من المنتجات الزراعية أو المعدنية في الحصول على أكثر من نصف دخلها من الصادرات، ولذا فإن الاقتصاد يتأثر سلباً في حالة فشل المحصول الزراعي أو تدني الأسعار العالمية. وعموماً، فإن غالبية الدول الإفريقية تعتمد بشدة على العون من دول خارج القارة.

وقد قامت إحدى أعظم حضارات العالم، وهي الحضارة المصرية القديمة، على ضفاف النيل منذ أكثر من 5000 سنة. ونمت بعد ذلك ممالك أخرى قوية ومتقدمة في إفريقيا. وبالرغم من ذلك، فإن عدداً من غير الأفارقة أطلقوا، ولفترة طويلة من الزمن، على هذه القارة اسم القارة المظلمة. ولعلهم أطلقوا هذه التسمية بسبب جهلهم بما كان يجري داخل القارة وكذلك لاعتقادهم بأن الأفارقة لم يطوِّروا حضارة ذات شأن.

بدأ الأوروبيون في إنشاء محطاتٍ تجاريةٍ في إفريقيا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، وصار الذهب أهم صادرات القارة. ولهذا فقد تنافس الأوروبيون بشراسة للسيطرة على إفريقيا خلال القرن التاسع عشر. وبحلول بداية القرن العشرين، توزَّعت القارة تماماً إلى مناطق نفوذٍ استعمارية إمبراطورية.

لقد قاوم الإفريقيون الحكم الاستعماري منذ بدايته، غير أن المطالبة بالاستقلال لم تأخذ شكل الحركة الشعبية إلا في أواسط القرن العشرين. وقد حصلت 47 مستعمرة على استقلالها في الفترة بين عامي 1950 و1980م، غير أن القادة في معظم هذه الدول الحديثة الاستقلال لم يكن بوسعهم معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي ظلت قائمة بعد الاستقلال. ونتج عن ذلك أن انقلب قادةٌ عسكريون على بعض تلك الحكومات وأطاحوا بها وأحلُّوا محلَّها أنظمة استبدادية عسكرية. وأصبح نظام الحزب الواحد هو قاعدة الحكم في عددٍ آخر من البلدان. أما في العصر الحاضر، فإن التنافس العرقي والخلافات الإقليمية بين الدول تشكل عقبةً أمام استقرار إفريقيا. وإضافة إلى ذلك، فإن هناك مشاكل الضغط السكاني والفقر والمجاعة والأمراض، وهي أكبر التحديات أمام القادة الإفريقيين.


الأقطار الإفريقية المستقلة

الاسمالمساحة كم²السكانالعاصمةتاريخ الاستقلال
إثيوبيا1,104,300 65,579 kأديس أبابا #
إرتريا117,6004,044 kأسمرا1993
إفريقيا الوسطى622,9483,746 kبانغي1960
أنجولا1,246,70013,684 kلواندا1975
أوغندا 241,03823,199 k كمبالا 1962
بنين112,622 6,422 kبورتو نوفو 1960
بتسوانا 581,730 1,661 kجابرون1966
بوركينا فاسو 274 k 12,600 k أوجادوجو 1960
بوروندي27,834 7,044 k بوجمبورا 1962
تشاد1,284 k8,081 kإنجمينا 1960
تنزانيا883,749 35,090 kدار السلام1964 **
توجو56,7854,865 kلومي1960
تونس163,6109,845 kتونس1956
الجابون267,6681,280 k ليبرفيل 1960
جامبيا 11,2951,372 kبانجول1965
الجزائر2,381,74132,813 k الجزائر1962
جزر القمر 1,862852 kموروني 1975
جنوب إفريقيا1,221,03740,952 kمدينة الكاب ؛ بريتوريا ؛ بلومفونتين 1931
جيبوتي 23,200 665 kجيبوتي 1977
رواندا 26,3388,063 kكيجالي1962
زامبيا 752,618 9,549 k لوساكا1964
زمبابوي390,757 12,896 kهراري 1980
ساحل العاج322,46315,417 kأبيدجان 1960
ساوتومي وبرنسيب 964 153 kساو تومي 1975
السنغال 196,7229,969 kداكار 1960
سوازيلاند17,3631,064 k إمبابان 1968
السودان 2,505,81330,742 k الخرطوم 1956
سيراليون71,7405,067 kفريتاون1961
سيشل455 79 kفكتوريا 1976
الصومال 637,65710,837 kمقديشو1960
غانا 238,53321,318 k أكرا1957
غينيا 245,857 7,794 kكوناكري 1958
غينيا الاستوائية 28,051 475 k مالابو1968
غينيا بيساو 36,125 1,264 kبيساو1974
الكاميرون475,44215,855 kياوندي 1960
الكونغو 342 k3,105 kبرازافيل 1960
الكونغو الديمقراطية (زائير سابقًا)2,344,85854,768 kكنشاسا 1960
كيب فيرد 4,033447 k برايا 1975
كينيا580,36731,069 kنيروبي1963
ليبيا1,759,5405,869 kطرابلس1951
ليبيريا 111,3693,385 k مونروفيا 1847
ليسوتو 30,335 2,237 k ماسيرو1966
مالي1,240,19211,810 kباماكو 1960
مدغشقر587,041 16,811 k تناناريفو 1960
مصر1,001,44970,818 k القاهرة 1922
المغرب 446,550 29,248 kالرباط 1956
ملاوي118,48411,449 k ليلونجو1964
موريتانيا1,035,5202,874 kنواكشوط1960
موريشيوس 2,0401,177 kبورت لويس1968
موزمبيق801,59020,367 k مابوتو 1975
ناميبيا824,2921,768 kوندهوك 1990
النيجر 1,267 k11,395 kنيامي1960
نيجيريا923,768128,886 kلاجوس1960

* الأراضي التابعة في إفريقيا

الاسمالمساحةالسكانالعاصمة التبعية
جزر ماديرا 794264 kفنشالمنطقة ذات حكم ذاتي تابعة للبرتغال
ريونيون 2,512515,814سانت ـ دنيسإدارة فرنسية
مجموعة جزر سانت هيلانة 4148 kجيمستاون تابعة لبريطانيا
ملحوظات:
k = 1000
* كل قطر أو أراضٍ تابعة في إفريقيا لها مقالة في الموسوعة.
# ظلت إثيوبيا مستقلةً لمدة حوالي 2000 سنة.
** تاريخ الاتحاد بين تنجانيقا وزنجبار.
- عدد السكان مبنيٌ على تقديرات 2002م للدول المستقلة، أما الأراضي التابعة فعدد سكانها مبنيّ على تقديرات 2002م وما قبلها مأخوذ من الأرقام الرسمية للحكومات والأمم المتحدة.

الشعوب الإفريقية

أين يسكن الإفريقيون. تأتي إفريقيا في المرتبة الثانية من حيث السكان بعد آسيا، وتوضح هذه الخريطة توزيع السكان ومواقع المدن الكبرى، وتظهر المناطق الآهلة بالسكان بالألوان الداكنة.

عدد السكان:

يبلغ عدد سكان إفريقيا حوالي 831 مليون نسمة، يسكن أكثر من 600 مليون نسمة منهم جنوبي الصحراء، كما أن ثلثي الإفريقيين يسكنون في قرىً ريفيةٍ وتسكن البقية في المدن.

يصل متوسط الكثافة السكانية إلى 28 شخصاً/كم²، إلا أن السكان لايتوزعون بصورةٍ متساوية على أجزاء القارة، ذلك لأن معظم الصحراء الكبرى وبعض المناطق الصحراوية الأخرى خالية تماماً من السكان. وإضافة إلى ذلك، نجد أن بعض أراضي الحشائش الجافة والغابات المدارية قليلة الكثافة سكانياً. وفي المقابل، نجد أن مناطق أخرى مكتظةً سكانياً. وتأتي مصر (وادي النيل) كإحدى أكثر المناطق من حيث الكثافة السكانية في العالم وذلك بمتوسط كثافة يصل إلى نحو 1550شخص/كم² في الوجه البحري. ومن بين مناطق الكثافات السكانية العالية الأخرى في إفريقيا قطاعات من ساحل البحر المتوسط وأجزاءٌ من نيجيريا ومنطقة البحيرات والساحلان الغربي والجنوبي الشرقي للقارة.

يتزايد سكان إفريقيا بصورةٍ مطردة ويعزى ذلك إلى التحسن الواضح في العناية الطبية بالأطفال، كما أن هناك ارتفاعاً في معدل المواليد (عدد الأطفال الذين يولدون لكل 1000 شخص في العام). يبلغ معدل المواليد في إفريقيا 38 طفلاً لكلِّ 1000 شخص، وهو أعلى من المتوسط العالمي. لكن معدل الوفيات أيضاً (عدد الأشخاص الذين يموتون في العام) أعلى من المعدل العالمي إذ يصل إلى 14 حالة وفاة. وعلى العموم، فإن معدلي المواليد والوفيات في إفريقيا ضعف مثيليهما في كثيرٍ من الدول الصناعية.

يصل معدل العمر المتوقع في إفريقيا، وهو متوسط عدد السنوات التي يتوقع أن يعيشها الأفراد، إلى 52 عاماً بينما يصل هذا المعدل إلى 76 عاماً في بعض الدول الصناعية. وينخفض المعدل عن المتوسط العام للقارة بصفةٍ خاصة في الدول الإفريقية الأكثر فقراً، فهو مثلاً في زامبيا 37 عاماً، وفي موزمبيق 40 عاماً. ويبدو الوضع مختلفاً في الدول الإفريقية الأكثر نماءً حيث يكون العمر المتوقع أعلى من المتوسط العام للقارة، فهو على سبيل المثال، يصل إلى 75 عاماً في ليبيا، و69 عاماً في تونس.

يُعزى ارتفاع معدل الوفيات في إفريقيا إلى جملة أسباب، فالناس يُعانون في كثير من أجزاء القارة سوء التغذية. ثم إن المجاعة قد فتكت عبر السنين بأعداد لا حصر لها من الإفريقيين خصوصاً في الدول المتاخمة للصحراء. وإضافة إلى ذلك، فإن سوء الرعاية الصحية وعدم كفاءة الخدمات الطبية قد ساهما بشكلٍ واسع في نشر الأمراض. وأخطر الأمراض في إفريقيا الإيدز، والملاريا، والبلهارسيا، والسل، ومرض النوم، والحمَّى الصفراء.

شعوب إفريقيا. تنتمي شعوب إفريقيا إلى جماعات عرقية وجنسية ولغوية ودينية متنوعة، والصور أعلاه تعطي فكرة عامة عن مختلف شعوب القارة.

الأجناس البشرية في إفريقيا:

من غير الممكن التحدث عن أجناس بشرية خالصة لم تختلط بغيرها في إفريقيا أو غيرها، إلا أننا نستطيع أن نميز بين ثلاثة أجناس في القارة هي:

1-الجنس الإفريقي و2- الجنس الأوروبي و3- الجنس الآسيوي (الإندونيسي والهندي)

الجنس الإفريقي. يشكل نحو 75% من العدد الكلي لسكان القارة، وربما يكون هؤلاء السكان الأصليين لإفريقيا. ينقسم هذا الجنس إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:

1- الأفارقة السود أو الزنوج، 2- الأقزام، 3- الخويسان. وقد سكن الأقزام والخويسان إفريقيا قبل أي من الجماعات الأخرى.

تبلغ نسبة الإفريقيين السود 70% تقريباً من سكان القارة، وهم يشكلون غالبية السكان في شرق وغرب ووسط وجنوب القارة. وعلى الرغم مما يبدو من تفاوت في ملامحهم الجسمانية، فإن جماعاتِ منهم تشترك في خصائص مميزةٍ مثل جماعات النيليين النحيلة الأجسام التي يصل طول بعض أفرادها إلى 210سم.

أما الأقزام، فهي جماعة قصيرة القامة بشكل غير عادي، تميل سحنتهم البنية إلى الاحمرار. ويتراوح طول القزم الراشد بين 120 و142سم. يسكن حوالي 150 k قزم في إفريقيا حيث يقطنون بصفة خاصة في الغابات المدارية في حوض نهر الكنغو (زائير) بوسط إفريقيا.

ويضم الخويسان السان أو البوشمن والخويخيين أو الهتنتوت، ولكلتا الجماعتين بَشرةٌ بُنِّيةٌ مصفرّةٌ وشعرٌ مجعَّد ملفوف. وقد سكنت جماعات الخويخيين والسان على وجه الخصوص معظم جنوبي وشرقي إفريقيا. أما اليوم، فلم يبق منهم سوى 50 k من السان يسكنون صحراء كلهاري في بتسوانا وناميبيا (التي تسمى أيضاً جنوب غربي إفريقيا) و 40 k من الناما في ناميبيا أيضاً.

الجنس الأوروبي. بدأ الأوروبيون الاستقرار في أجزاء من إفريقيا خلال القرن السابع عشر الميلادي. وتضم القارة اليوم حوالي خمسة ملايين من أصل أوروبي ينحدر أغلبهم من أصولٍ بريطانية أو هولندية أو فرنسية، ويسكن معظمهم في جنوب إفريقيا وزمبابوي.

الجنس الآسيوي. سكان مدغشقر، وهي جزيرة في جنوب شرقي القارة الأم، والبالغ عددهم 5,2 مليون نسمة، هم من أصل إندونيسي وصلوا إلى الجزيرة منذ 2000 عام مضت.

الجنس الهندي. يضم هذا الجنس حوالي مليون شخص في جنوبي وشرقي إفريقيا، وهم أحفاد أسلاف وفدوا من الهند خلال القرن التاسع عشر.

الأجناس البشرية الأخرى:

يختلف العلماء حول تصنيف العرب والبربر في شمال إفريقيا، إذ يعتبرهم بعض العلماء جزءاً من الجنس الأوروبي، على حين يعارض بعضهم الآخر ذلك. استقرت أول جماعة عربية في شمال إفريقيا خلال القرن السابع الميلادي، وتضم القارة حوالي 125 مليوناً من العرب يسكن معظمهم في مصر وشمال السودان وعلى طول ساحل البحر المتوسط. كما سكن البربر شمال غربي إفريقيا منذ عصور ما قبل التاريخ ويوجد منهم الآن حوالي 20 مليوناً يسكنون بصفة رئيسية في الجزائر والمغرب.

وتوجد أعداد كبيرةٌ من الإفريقيين ذات أصولٍ مختلطة. ففي السودان مثلاً، يوجد كثيرٌ من السكان ذوي الأصل الإفريقي الأسود المختلط بالعنصر النوبي ذي السِحنة البُنية والذي يرجع في أصوله إلى قدماء المصريين والليبيين. ويعيش في جمهورية جنوب إفريقيا أكثر من5,2 مليون نسمة من ذوي أصل يختلط فيه الإفريقي مع الآسيوي والأوروبي وكانت حكومة جنوب إفريقيا تصنِّفهم كملوَّنين.

مجموعة عرقية نيجيرية تقيم حفلاً دينيّاً شعبيّاً. كل جماعة عرقية في إفريقيا لها معتقداتها وطقوسها الدينية الموروثة.

المجموعات العرقية:

تنتمي شعوب إفريقيا إلى مئات الجماعات العرقية وكل جماعة تتكون من أُناس يشتركون في التاريخ واللغة والدين وفي التراث الفني وأساليب الحياة. وكان استعمال لفظ قبيلة شائعاً في الماضي لتمييز هذه الجماعات، لكن العديد من العلماء رأى أن اللفظ مضلِّلٌ واستعملوا بدلاً منه لفظ الجماعة العرقية، وعموماً لايزال لفظ قبيلة مستعملاً لدى بعض دوائر العلماء لتمييز مجموعةٍ صغيرةٍ داخل المجموعة العرقية الكبيرة.

تكوّن جماعاتٌ متعددةٌ من العرب والبربر مجموعات عرقية متميزة في شمال إفريقيا. أما في إفريقيا جنوبي الصحراء، فتوجد أكثر من 800 جماعة عرقية وسط الإفريقيين السود. ويحتفظ معظم الإفريقيين بروابط عرقية قوية تصل بينهم.

اللغات:

تحتفظ معظم الجماعات العرقية الإفريقية بلغاتها أو لهجاتها الخاصة. ومع أن هناك بعض الأفراد من جماعاتٍ عرقيةٍ مختلفة يتحدثون لغةً واحدةً مشتركة، فإن اللغة في الغالب، تميز الإفريقيين كأعضاء في جماعات عرقية معينة. يتحدث الإفريقيون أكثر من 800 لغةٍ مما يجعل الاتصال بينهم متعذراً في بعض الأحوال. لكن هناك بعض اللغات الشائعة الاستعمال كالعربية والسواحيلية والهوسا. وإضافةً إلى ذلك، فإن ملايين الإفريقيين يتحدثون أكثر من لغةٍ واحدة يستعملونها في أسفارهم ولتسيير أعمالهم وفي الشؤون الحكومية. تنقسم اللغات التي يتحدث بها الإفريقيون إلى ثلاث مجموعات كبيرة، هي:

1- اللغات الإفريقية، 2- اللغات الإفريقية الآسيوية، 3- اللغات الهندية ـ الأوروبية.

أيقونة تكبير اللغات الرئيسية في إفريقيا
اللغات الإفريقية. يتحدث بها حوالي 290 مليون نسمة يسكنون أساساً جنوبي الصحراء وإلى الغرب من السودان الجنوبي. تنقسم هذه اللغات إلى ثلاث عائلات رئيسية هي: 1- النيجرية ـ الكردفانية. 2- النيلية ـ الصحراوية. 3- الخويسانية.

تعتبر النيجرية الكردفانية أوسع لغات إفريقيا السوداء انتشاراً، وذلك قياساً إلى العائلات اللغوية الأخرى، إذ تضم حوالي 300 من لغات البانتو المستعملة في وسط وشرق وجنوب إفريقيا. يُشير لفظ بانتو إلى لغات البانتو وإلى المجموعات العرقية التي تتحدث بها أيضاً. وتُعتبر اللغة السواحيلية أكثر لغات البانتو استعمالاً. ومن بين لغات البانتو الأخرى المهمة لغات الكاندا والكيكيويو والكونغو والروندي والسوثو والزولو. كما تضم مجموعة اللغات النيجرية الكردفانية لغات أخرى غير البانتو تستعمل في غربي إفريقيا منها الأكان والإجبو، أو الإيبو واليوروبا.

ويتحدث اللغات النيلية الصحراوية حوالي 35 مليوناً يقطنون في أجزاءٍ من تشاد وكينيا ومالي والنيجر والسودان وتنزانيا وأوغندا. وتُعتبر لغات الدينكا، والكانوري، والماساي، والنوير، اللغات الرئيسية داخل هذه المجموعة.

يتحدث حوالي 100 k من بينهم الخويخيون والسان، في جنوب غربي إفريقيا اللغات الخويسانية التي تستعملها أيضاً مجموعتان صغيرتان داخل تنزانيا. وتُسمَّى هذه اللغات أحياناً بلغات التكتكة وذلك نسبة إلى الكثير من كلماتها ذات حروف الذلاقة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه اللغات لا تنتمي إلى أي من اللغات الإفريقية الأخرى.

اللغات الإفريقية ـ الآسيوية. تُستعمل في الجزء الشمالي من إفريقيا، وتضم العربية والبربرية وهما اللغتان الرئيسيتان في أقصى الشمال الإفريقي حيث يتحدث نحو 125 مليونًا اللغة العربية ويتحدث 20 مليوناً البربرية. هذا بالإضافة إلى لغات إفريقية آسيوية أخرى مثل الأمهرية والجالا والهوسا والصومالية.

اللغات الهندية الأوروبية. تنتشر الأفريكانية والإنجليزية في الجنوب الإفريقي حيث يتحدث بكلٍّ منهما نحو ثلاثة ملايين نسمة، وهما تُعتبران عموماً اللغتين الأساسيتين في مجموعة اللغات الهندية الأوروبية. والأفريكانية هي اللغة التي طوَّرها المستوطنون الهولنديون الأوائل في جنوب إفريقيا. ★ تَصَفح: الأفريكانية، اللغة.

ويتحدث عددٌ كبيرٌ من المتعلمين الإفريقيين اللغات الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية التي تبقى في مجملها دليلاً على الإرث الاستعماري القديم في العديد من البلدان الإفريقية. وهذه اللغات تتخذ لغات رسميةٍ في كثيرٍ من بلدان إفريقيا، كما أنها أدت دوراً في مجالات توحيد لغات هذه الشعوب، والاتصال والتعامل الدوليين، والدواوين الحكومية.

لغات أخرى. يتحدث سكان مدغشقر لغة ملاجاسي وهي لغة من عائلة اللغات الملايوية ـ البولينيزية. كما يتحدث المنحدرون من أصولٍ هندية في جنوبي وشرقي إفريقيا لغات هندية مختلفة، إلا أن معظمهم يعرف اللغة الإنجليزية.

الإسلام له ملايين الأتباع في إفريقيا. معظم الشعوب في الشمال تقيم شعائر الإسلام، كما يعتنقه كثير من الإفريقيين الآخرين. توضح الصورة مسلمين يصلُّون في نيجيريا.

الأديان:

يدين حوالي 200 مليون إفريقي بدياناتٍ إفريقيةٍ موروثة. وهناك مئات الديانات في إفريقيا لأن كل مجموعةٍ عرقية محلية لها مجموعتها الخاصة من المعتقدات والممارسة. لكن هذه المعتقدات المحلية تحتفظ فيما بينها بكثيرٍ من السمات المشتركة. وتفسر هذه العقائد كيف خُلقَ الكَوْن، كما تبيِّن الحق والباطل وتوضح العلاقة بين البشر والطبيعة وتحدد العلاقة بين الصغار والكبار. تُبين هذه المعتقدات أسباب المآسي وتُعلّم الناس كيف يعيشون حياةً طيبةً ويتجنبون المشاكل.

تعترف بعض المعتقدات الإفريقية بوجود الربّ، لكنها تزعم أنه يتعين على الناس طلب المساعدة عن طريق التوسل إلى أربابٍ أصغر أو أرواح الأسلاف المُتوفَين. ويقيم بعضهم الطقوس الخاصة بهم ويقدمون القرابين إلى ما يسمونها آلهة ونجد أن الكثيرين من أتباع هذه المعتقدات يقيمون الاحتفال بمناسبة انتقال الطفل إلى سن النضج.

وأكثر الديانات تعقيداً هي تلك التي توجد عند بعض الجماعات في غرب إفريقيا مثل الدوجون في مالي، واليوروبا في نيجيريا، والأشانتي في غانا. تضم ديانات هذه الجماعات مجموعة معقدة من العقائد عن الربّ والآلهة الأدنى. ومن ناحية أخرى، تتولى المرأة في غرب إفريقيا المناصب الدينية المهمة. لمزيد من المعلومات عن الأديان الإفريقية الموروثة، ★ تَصَفح: الأساطير، علم.

ويعتنق حوالي 250 مليوناً الإسلام، وهو الدين الرسمي في بلدان شمال إفريقيا. كما يُعتبر الإسلام قوةً لها أهميتها في كثير من البلدان المجاورة. وإضافة إلى ذلك، فإن أقليات مسلمةً كبيرةً تتمتع بنفوذٍ واسعٍ في بلدانٍ مثل أوغندا وتنزانيا.

ويتبع حوالي 130 مليوناً النصرانية، ينتمي معظمهم إلى الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وإلى العديد من الكنائس البروتستانتية. وتتبع أعداد متزايدة من الإفريقيين كنائس إفريقية مستقلةً تجمع بين المعتقدات النصرانية والطقوس الإفريقية الموروثة.

أنماط المعيشة في إفريقيا الشمالية

تشترك بلدان إفريقيا الشمالية: موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وشمال السودان، ومصر في خصائص عدة. تتحدث الغالبية الكبرى من السكان نفس اللغة وهي العربية، وديانتهم هي الإسلام، ولها تاريخ مشترك هو تاريخ الأمة العربية. وتتشابه كثير من الملامح العرقية والحضارية للمنطقة مع ملامح البلدان المجاورة، لكن هذه البلدان تُشكل فيما بينها بشكلٍ عام منطقة متميزة تختلف عن سائر إفريقيا جنوبي الصحراء.

تقع إفريقيا الشمالية بمحاذاة البحر المتوسط. ولذلك فقد ظلت على اتصالٍ مباشرٍ مع أوروبا والشرق الأوسط طوال تاريخها. لقد حكمت فرنسا يوماً ما الجزائر وموريتانيا والمغرب وتونس، وحكمت إيطاليا ليبيا، وحكمت بريطانيا مصر والسودان. والجزيرة العربية هي صاحبة أكبر أثر في تاريخ هذه المنطقة، التي تعتبر جزءاً مهماً من العالم العربي المعاصر.

وإضافة إلى الأغلبية العربية المسلمة، توجد في إفريقيا الشمالية أقليات أخرى تختلف في اللغة والجنس والدين. على سبيل المثال، البربر في كل من الجزائر والمغرب يشاركون العرب في الدين ولكنهم يحتفظون بثقافتهم المتميزة ويتحدثون لهجاتهم الخاصة. كذلك يشكل الإفريقيون السود أقليةً عرقيةً مهمةً، غير أن كثيرين منهم يتحدثون العربية ويدينون بالإسلام. ومن الأقليات الأقباط النصارى الذين يتحدثون العربية ويتبعون الكثير من أنماط الحياة العربية.

وتتعرض الصفحات التالية بشكل رئيسي إلى أنماط الحياة العربية في إفريقيا الشمالية. لمزيد من التفاصيل، ★ تَصَفح المقالات الخاصة بكل بلدٍ من بلدان المنطقة.

الرعي البدوي والزراعة القروية هما نمطا الحياة التقليدية في إفريقيا الشمالية. الصورة إلى اليمين توضح بدواً ينتقلون بانتظام في المراعي بإبلهم وماعزهم وأغنامهم.. وتوضح الصورة إلى اليسار مزارعي وادي النيل وهم يعملون في حقولهم المروية مستع

حياة الريف:

يعيش حوالي نصف السكان في المناطق الريفية، ويعمل معظمهم في تربية الحيوان أو زراعة المحاصيل في مزارع صغيرة مؤجرة أو مملوكة للعائلة، حيث يؤدون جميع أعمالهم بالأيدي. يشتغل المزارعون في بعض المناطق في مزارع حكومية يستعملون فيها الآلات والتقنية الحديثة، غير أن الآلاف من سكان الريف لا تتوافر لهم أرض يفلحونها.

يسكن الناس في كثيرٍ من أجزاء ريف إفريقيا الشمالية في مساكن ذات سقوف مستوية وذات حيطان من اللَّبن سميكة تساعد في الوقاية من الحرارة العالية في فصل الصيف. أما في مناطق المرتفعات، فتُبنى بعض المنازل بالجص أو الحجر. وتتميز معظم بيوت الريف ببساطة الأثاث، كما تنقصها وسائل الراحة العصرية مثل الهاتف وإمدادات المياه والكهرباء.

قرية ريفية في المغرب منازلها ذات سقوف مستوية وحيطانها من اللَّبن. الكثير من المنازل ذات حيطانٍ سميكة للوقاية من الحرارة الشديدة بالمنطقة.
وتربي جماعةٌ صغيرةٌ من الرحَّل تُسمى البدو الجمال والماعز والأغنام في الصحراء.كانت معظم إفريقيا الشمالية آهلةً يوماً ما بالبدو، والأدب الشعبي العربي مليء بقصص مغامراتهم. أما في الوقت الحاضر، فإن أقل من 10% من سكان المنطقة بدو، وهم يتحركون بانتظام بين مراعي الصيف ومراعي الشتاء ويسكنون خياماً مصنوعة من الصوف والشعر والوبر.

يتبع نمط الحياة في المناطق الريفية بإفريقيا الشمالية أنماطاً تقليدية. الأزواج هم الذين يقومون بإعاشة الأسرة، والزوجات هن اللائي يقمن برعاية الأطفال مع الاهتمام بالشؤون المنزلية. كما يعمل الأطفال مع ذويهم إما في الحقل وإما في المنزل. وعندما يكبر الوالدان يقوم الأبناء برعايتهما.

واهتمام أهل الريف وتطلعهم محصوران في محيط الأسرة والقرية. وتمثل الرحلة الأسبوعية إلى سوق القرية التجربة الفريدة للقروي خارج بيته ومزرعته.

ميدان في مدينة الجزائر بالجزائر تُحيط به المحال التجارية الصغيرة والمساكن. ويبدو المسجد في خلفية الصورة.

حياة المدينة:

القاهرة عاصمة مصر وأكبر مدينة في إفريقيا حيث يسكنها 12 مليون نسمة. أما بقية المدن ذات المليون نسمة في إفريقيا الشمالية فهي الإسكندرية (مصر)، والجزائر (الجزائر)، والدار البيضاء والرباط (المغرب)، والخرطوم وأم درمان (السودان). ويعكس الفن المعماري في معظم مدن الشمال الطابعين الأوروبي والإسلامي. والمساجد وأسواق الهواء الطلق سمات مميزة لكل المدن. وتكتظ جنبات الشوارع الضيقة المتعرجة في الأحياء القديمة بالمنازل والحوانيت. أما الطرق الواسعة والحدائق والشقق الحديثة وعمارات المكاتب، فإنها تمثل الأجزاء الأحدث من المدينة.

ويبدو سكان المدن في إفريقيا الشمالية في أغلب الأحيان متمتعين بمستوى معيشي أفضل من سكان الريف، فوسائل الراحة كالسيارات والكهرباء وإمدادات المياه والهاتف أكثر توافراً في المدن. كما توجد بالمدن منشآت طبية ومدارس وجامعات. كما أن الكثرة الغالبة من العاملين بالمدن يحصلون على أجورٍ أفضل من العاملين بالأرياف.

لقد قادت جاذبية حياة المدن الكثيرين من سكان الريف إلى الهجرة إليها، فسكن بعضهم مع الأقارب أو في الأحياء الفقيرة المكتظة. وأصبحت العديد من المدن تعاني شدة الازدحام وما يتبع ذلك من نقص في الخدمات المدنية كالكهرباء والهاتف وإمدادات المياه.

حفل عرس ريفي في مصر حيث تُزف العروس إلى منزل العريس وهي داخل هودج فوق جمل. كانت مثل هذه الاحتفالات تمثل بعض أنماط الزواج الريفي في الماضي.

الزواج والأسرة:

تنظم قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية أمور الزواج في كل إفريقيا الشمالية. إضافة إلى ذلك، فإن الوالدين ـ غالبًا ـ يختاران الزوج أو الزوجة لأي من أبنائهما أو بناتهما. كما أن تدخل الوالدين لتنظيم المهر أو الزواج أصبح أقل شيوعًا مما كان في السابق لاسيما وسط سكان المدن.

في كثير من أنحاء ريف إفريقيا الشمالية، تتكون الأسرة ليس من الوالدين والأطفال فقط وإنما من الأجداد والعمات والخالات والأعمام والأخوال وأبناء العمومة والخؤولة. إن هذه الأسرة الممتدة توفر الأمن النفسي والمساعدة المالية والحياة الاجتماعية. أما في المدينة، فإن العائلة النووية المكونة من الوالدين والأطفال هي المظهر العام.

كان الدور التقليدي للمرأة هو البقاء في البيت لرعاية أسرتها، ولكن أعدادًا متزايدة من النساء قد استفدن من التعليم والفرص المتاحة التي لم تكن متوفرة في الماضي، وبدأن يعملن خارج البيت.

أسرة راعٍ بربريّ في المغرب تُعدُّ وجبة مع شاي بالنعناع والبقلاوة المصنوعة من العسل والفواكه والمكسرات. يقدم الشاي بالنعناع مع الوجبة وكمرطب للضيوف.

الطعام والملابس:

يُشكل الخبز المسطح ومنتجات الحبوب الأخرى الطعام الرئيسي في إفريقيا الشمالية. والكسكسي هو الطبق الشعبي في معظم أجزاء المغرب العربي، وهو من حبوب خشنة من القمح مبخرة ثم يُصبُّ عليها الحساء وتضاف إليها الخضراوات وقطع من اللحم. أما في مصر والسودان، فيشكل الخبز والفول الوجبة الشعبية خاصةً في المدن وينفرد السودان بوجبة شعبية أخرى هي الكِسْرة وهي رقائق من الذرة يُضاف لها اللحم والخضراوات الطازجة. يأكل الناس أيضاً الفواكه والخضراوات. ويكلِّف اللحم كثيراً حين يكون جزءاً من الوجبة اليومية، غير أن الناس يتناولون أحياناً لحوم الدجاج أو الماعز أو الحملان أو الجمال.

ويلبس كل الناس تقريباً في المدن والقرى على حد سواء الملابس التقليدية. يلبس الرجال أردية طويلة فضفاضة وجلباباً أشبه بالقميص، كما يضع الكثيرون عمامة أو طاقيةً على رؤوسهم. وتلبس النساء ثياباً بسيطةً وطويلةً أو عباءة داكنة اللون أو شالاً، وذلك لدى خروجهن إلى الشارع. وتتبع بعض النساء التعاليم الإسلامية في وضع حجاب على الوجه، ويلبس كثير من الرجال والنساء في المدن الزي الغربي.


توسيع قاعدة التعليم في الريف كان هدفاً رئيسياً لحكومات إفريقيا الشمالية، لكن نقص المدارس والمعلمين أضرَّ بالعملية. الصورة لفصلٍ في ليبيا.

التعليم:

تحاول الحكومات الوطنية تطوير التعليم ببناء المزيد من المدارس وتوسيع فرص التعليم وإتاحتها لأكبر عددٍ من المواطنين، خصوصاً في المناطق الريفية، غير أن هناك مصاعب تعوق هذا التطور. ويتزايد السكان بمعدلٍ أكبر من القدرة على بناء مدارس جديدة، كما أن تكاليف التعليم في ازدياد مستمر، على حين أن الكثير من المناطق تعاني نقصًا في المدرسين المؤهلين. وهناك أعدادٌ غفيرةٌ من التلاميذ يضطرون إلى ترك المدرسة لكي يؤدوا عملاً من شأنه مساعدة أسرهم. وفي بعض المناطق، تفرض مصاريف دراسية لتعليم الأطفال، وهو أمر لا تستطيعه معظم الأسر. وعلى العموم، فإن بلدان إفريقيا الشمالية قد صادفت نجاحاً في توسيع قاعدة التعليم الثانوي والجامعي أكثر من التعليم الابتدائي، ذلك لأن الكثير من خريجي مرحلة التعليم الابتدائي يجدون فرصاً للالتحاق بالمرحلة الثانوية.


أنماط المعيشة جنوبي الصحراء

تتكون الغالبية العظمى من سكان جنوبي الصحراء من الإفريقيين السود. وقد حكمت الممالك والإمبراطوريات والدول مدن جنوب الصحراء حتى مطلع القرن العشرين عندما تسلمت القوى الأوروبية زمام الأمور في المنطقة. حكمت فرنسا معظم غرب إفريقيا وسيطرت البرتغال على أجزاءٍ من جنوب إفريقيا وأسَّست بريطانيا مستعمراتٍ لها في الغرب والشرق والجنوب. أما اليوم، فإن الإفريقيين يحكمون معظم إفريقيا جنوبي الصحراء، غير أن المناهج المدرسية تدرس بالإنجليزية أو الفرنسية أو البرتغالية. كما أن العديد من المتعلِّمين الإفريقيين يتحدثون لغةً أوروبية. ولكن النفوذ الأوروبي لم يؤثر في الحياة اليومية للإفريقيين في جنوبي الصحراء.

ينتهج الإفريقيون عموماً طرقاً تقليديةً في إحياء عادات أسلافهم، حيث يعيش معظمهم في المناطق الريفية معتمدين على فلاحة الأرض. ويمثل رعي الأبقار مصدر اعتزاز لمجموعات معينة في شرق إفريقيا، فهي للرجال منهم مقياس الثروة ودليل المكانة الاجتماعية، كما أنها مورد أساسي للغذاء والضرورات الأخرى.

وقد أحدثت الثروة المعدنية تنمية اقتصادية هائلة في الأجزاء الجنوبية من إفريقيا أكثر من أي جزء آخر في القارة. لكن معظم الثروة التي يتم الحصول عليها من الإنتاج المعدني كانت إلى وقت قريب في أيدي البيض وهم أقلية متميزة في الجنوب.

ويستعرض الجزء التالي بصورةٍ رئيسية أنماط حياة الإفريقيين السود في جنوبي الصحراء. لمزيد من المعلومات ★ تَصَفح الجزء الخاص بكل قطر.

رعي الأبقار مفخرة قبائل الدينكا والفولاني والماساي والتركانا، في جنوب الصحراء. والأبقار رمز الثروة عند هذه القبائل التي تستفيد من منتجات الألبان ولا تأكل اللحم إلا نادراً. ويتحرك الرعاة بقطعانهم حركةً موسمية.

حياة الريف:

يعيش حوالي 70% من سكان إفريقيا جنوبي الصحراء في قرى من المناطق الريفية، حيث لا تضم القرية سوى عدد يتراوح بين 40 و50 شخصاً، ومع ذلك فإن هناك بعض القرى التي تضم المئات بل الآلاف. ومهما يكن حجم القرية، فإنها نسيج مترابط من مجتمع ينتمي إلى مجموعةٍ عرقيةٍ واحدة حيث ينتمي الأفراد بعضهم إلى بعض بالقرابة أو بالزواج.

ويتمتع الملوك والزعماء بقدرٍ عالٍ من الاحترام عند بعض القبائل على الرغم من محدودية نفوذهم السياسي. ونجد في كثير من الأحوال أن منصب الملك أو الزعيم منصب وراثي، ويستخدم وسيلة لربط القرى ذات الأصل العرقي المشترك. وفي وسط المجموعات العرقية ذات التنظيم غير المحكم، فإن كبار السن هم الذين يقومون بتصريف الشؤون المحلية.

سوق مفتوحة بالقرب من أبيدجان في ساحل العاج حيث تعرض البضائع التي يبيعها تجار الجملة وتعاونيات الأسر الزراعية. الأسواق هي أيضاً مراكز لالتقاط الأخبار والترويح الاجتماعي.
والقرى في معظمها تجمُّع بسيط من المنازل تُحيط به الأراضي الزراعية. ويمكن أن تحتوي التجمعات السكانية الكبرى على مدرسةٍ أو على قليلٍ من المتاجر وربما تشمل أيضاً مؤسساتٍ أخرى كالعيادات الطبية أومباني المحكمة التي تسوِّي النزاعات المحلية وتجبي الضرائب. وتضم معظم القرى ميداناً مركزياً يتجمع فيه الناس لزيارة بعضهم بعضاً وللترويح والاحتفال.

وتتفاوت المساكن من قرية إلى أخرى تبعاً للمناخ ونمط الحياة والتقاليد. يسكن كثير من الإفريقيين في بيوت من الطين المجفف بالشمس ومفروشة بالتبن والقش وأوراق الأشجار، ويوجد في كلِّ القرى عدَّة منازل من الخرسانة مفروشة بصفائح المعدن. تُغطىّ بعض المنازل في أجزاء من غربي إفريقيا بالفخار وتُزين بأشكال منحوتة. وتبنى بيوت المسلمين أحياناً حول فناء بحيث تقوم النساء بأداء واجباتهن المنزلية دون أن يتمكن أحد من غير أفراد الأسرة من النظر إليهن. وهذه العادة نابعة من التقاليد الإسلامية.

ولم تتغير الحياة في القرية كثيراً، فمعظم السكان يفلحون الأرض ويربون الحيوانات. كما أن وسائل الزراعة الحديثة لا تستعمل إلا في أجزاءٍ من إفريقيا مثل كينيا وزمبابوي وأجزاء من غرب إفريقيا، ولكن غالبية الفلاحين في جنوب الصحراء يستعملون مثل أسلافهم الآلات اليدوية.

الآلات الزراعية الحديثة تستعمل في الإقطاعيات الواسعة جنوبي الصحراء. وهي تنتج محاصيل للتصدير. لكن معظم المزارعين يملكون حيازاتٍ صغيرة وأدوات يدويةً بسيطة.
يمارس كثير من الإفريقيين الزراعة المتنقلة لأن التربة في إفريقيا رقيقة وفقيرة ولهذا فإن المزارعين ينظفون التربة من الأشجار والحشائش ويزرعون المحاصيل لعدة سنوات حتى تضعف التربة وتقل خصوبتها، وعندها تتحرك الجماعة إلى موقعٍ آخر، ومن ثم فإن القطعة المهجورة تستعيد خصوبتها وبالتالي يمكن زراعتها مرةً أخرى. ولايزال نظام الزراعة المتنقلة ممارساً في مناطق كثيرة، إلا أنه في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، يصعب التحرك من موقع إلى آخر. وعليه يظلُّ المزارعون يزرعون أراضي تقل خصوبتها وتزداد فقراً موسماً بعد آخر.

وتقوم معظم العائلات الزراعية بزراعة المحاصيل الغذائية لاستعمالها الخاص. تشمل المحاصيل الغذائية التي تزرع في أراضي الحشائش في إفريقيا الشرقية والجنوبية، الفول السوداني، والحبوب مثل الذرة الشامية والدخن والذرة الرفيعة. أما في الأراضي الرطبة، فإن المحاصيل تشمل الموز ولسان الحمل والأرز والجذريات مثل اليام والكاسافا.

تزرع المحاصيل النقدية أيضاً، مثل البن وحبوب الكاكاو والقطن وجوز الهند والفواكه. ثم يبيع المزارعون محاصيلهم للحصول على المال لشراء أغراضٍ مثل الدراجات والمعلبات والملابس والبرافين والمصابيح وعلب الثقاب. ويستعمل المزارعون أيضاً ما يحصلون عليه من النقود لتسديد الضرائب وتغطية تكاليف العلاج والتعليم.

المنازل الريفية تختلف بحسب المناخ والتقاليد ومواد البناء المحلية. ومنازل قبائل الإندبيلي في جنوب إفريقيا، كما توضح الصورة أعلاه، مصنوعةٌ من الطين الجاف ومطليةٌ بعدة ألوان.
وبالإضافة إلى زراعة المحاصيل، يربي المزارعون الدجاج، والماعز، والأغنام التي ربما تباع للحصول على المال.

تمتلك العائلة الزراعية في العادة حيازاتٍ خارج القرية وتزرع كل واحدةٍ منها بمحصول مختلف. قد تقوم العائلات أيضاً باستئجار حيازاتٍ من الأرض ومزارع في أراضٍ مملوكة لكبراء القرية وزعمائها. يقوم الفلاحون أيضاً بالعمل لوقت محدود في الإقطاعيات والمزارع الكبيرة. وعموماً، فإن الرجل والمرأة يفلحان معاً لساعاتٍ طويلةٍ من اليوم لكسب عيشهم.

وتعمل المرأة القروية ساعاتٍ طويلةٍ لتنجز أعمالها المنزلية مثل جمع حطب الوقود وطحن الحبوب وحمل ماء الشرب. لكن استحداث بعض الآلات البسيطة، مثل مضخة المياه والمطحنة اليدوية في القرى، قد وفَّر للمرأة وقتاً للقيام بأعباء أخرى. يشترك جميع من في القرية في الأعمال الكبيرة مثل تنظيف قطعة أرضٍ جديدة أو بناء بيت جديد، ويقوم الناس أثناء أدائهم لهذه الأعمال التعاونية بتناول الطعام والشراب معاً والغناء بصورةٍ جماعية.

ويقوم بعض المزارعين، مثلهم مثل الذين يعيشون على ضفاف النيل، بري حقولهم. إلا أن النمط الغالب هو الاعتماد على الأمطار الموسمية. وتبعاً لذلك، فإن العمل وجميع الأنشطة المماثلة تأخذ طابعاً موسمياً. وتعمل الأسر الزراعية أياماً طويلة وشاقة في أثناء موسم الأمطار، فتزرع وتعتني بمحاصيلها. وقد يكون هناك نقصٌ في الغذاء خلال الموسم الزراعي، لكن الغذاء يتوافر في الموسم الجاف بعد الحصاد حيث يجد الناس مزيداً من وقت الفراغ الذي يمضونه في ترميم معداتهم ومنازلهم، وفي لقاء الأصدقاء والأقارب، وفي بيع محاصيلهم للحصول على الأغراض الأخرى. وتقوم المرأة في غرب إفريقيا، عادة بالعمليات التجارية، الأمر الذي مكَّن بعضهن أن يصبحن ثريات بحكم مهارتهن في العمل التجاري. أما في الأنحاء الأخرى من إفريقيا، فإن التجارة عملٌ يمارسه الرجال والنساء دون تمييز.

وتمثل الاحتفالات الجماعية جزءاً مهماً في الحياة الريفية الإفريقية. وهي تقام عادةً للاحتفال ببداية موسم الأمطار أو الزراعة أو الانتهاء من الحصاد. ولبعض الجماعات حفلاتٌ سنوية حيث ترقص مجموعات غير معروفة من كبار السن من غير المسلمين حتى يتخلص المجتمع من القوى الشريرة والسحرة. وتجتمع القرية كلها، وأحياناً تكون معها القرى المجاورة، للاحتفال بميلاد طفل أو زواج أو جنازة، أو لعلاج مريض أو بلوغ أحدهم سن الرشد. وعلى وجه العموم، فإن مثل هذه الاجتماعات تساعد على تقوية الروابط الأسرية والعقائد الدينية.

ويترك الشباب في كثيرٍ من أجزاء إفريقيا قراهم لعدة سنوات إلى المدن بأمل الحصول على مايكفي من النقود للزواج أو لتأسيس عمل تجاري صغير أو لمواصلة الدراسة. ويحصل كثيرٌ من الرجال في وسط وجنوبي إفريقيا على وظائف مؤقتة كعمال مناجم. ونتيجة لكل هذا، فإن على النساء في القرية القيام بكثير من الأعمال الزراعية بأنفسهن.

والبداوة إحدى أنماط الحياة السائدة في أجزاء من إفريقيا، خصوصاً أثناء الفصل الجاف بالقرب من الصحارى وفي مرتفعات شرق إفريقيا. وتتَّبع جماعات الدينكا، والدينكا الفلاني، والماساي، والتركانا، مسارات محددةً لإيجاد أراضي المراعي لقطعانهم من الماشية، والأغنام والماعز وفي بعض الحالات الإبل.

ويعتمد الرعاة المتنقلون على حيواناتهم في الحصول على الطعام. ويهتم الرجال والصبيان بالقطعان، أما النساء فإنهن يرعَين الشؤون المنزلية. تقوم بعض جماعات الرعاة، كالماساي مثلاً، ببناء حظائر كبيرة لحيواناتهم. وداخل هذه الحظائر، يبنون بيوتاً أشبه بالأكواخ القبابية من القش والطين والروث الجاف، كما تسكن جماعات أخرى في خيام مصنوعة من جلود وشعور الحيوانات.

متجر حديث في داكار (السنغال) يختلف تماماً عن السوق المفتوح حيث تتغير أنماط الحياة شيئاً فشيئاً بفعل انتقال القرويين وأهل الريف المستمر إلى المدن.

حياة المدينة:

لا يشكِّل سكان المدن أكثر من 30% من مجموع سكان جنوبي الصحراء في إفريقيا، غير أن هذه النسبة ترتفع في جيبوتي وغينيا الاستوائية وموريشيوس وجنوب إفريقيا. وتتحرك أعداد متزايدةٌ من سكان الريف نحو المدن بحثاً عن العمل. وفي جنوبي الصحراء، ظهر عدد من المدن التي يتجاوز عدد سكانها المليون مثل أديس أبابا (إثيوبيا)، وأبيدجان (ساحل العاج)، ومدينتي الكاب وجوها نسبرج (جنوب إفريقيا)، وكنشاسا (الكونغو الديمقراطية)، ولاجوس (نيجيريا).

وفي جنوبي الصحراء الإفريقية، توجد مدن قديمة يبلغ عمرها عدة قرون، فمدينة إكسوم الإثيوبية ربما تجاوز عمرها أكثر من 2 k سنة. وعندما وصل الأوروبيون الأوائل إلى غرب إفريقيا خلال القرن الخامس عشر الميلادي، وجدوا أن مدناً مثل تمبكتو في مالي وإبادان وكانو في نيجيريا، كانت ولفترة من الزمن مراكز اقتصادية وحضارية حية. أسَّس الأوروبيون مدناً كثيرةً في إفريقيا، كانت البداية بمستوطنة مدينة الكاب الهولندية عام 1652م في جمهورية جنوب إفريقيا.

والعمارة في مدن جنوب الصحراء مزيج من النمطين التقليدي والحديث. وتضم الأحياء في المدن الحديثة الحدائق والفنادق ومباني المكاتب والمساكن العالية والمحالّ التجارية الكبيرة. أما الأحياء القديمة، فإنها تعجُّ بالمنازل والحوانيت على جنبات الطرقات الضيقة. ولاتزال الأسواق المفتوحة، حيث يشتري الناس الطعام والكساء والأغراض الأخرى المتنوعة، ظاهرةً عامةً في العديد من المدن.

مباريات كرة القدم تجذب حشوداً كبيرة في المدن الإفريقية إذ إنها لعبة ذات شعبية واسعة في كل القارة. الصورة لمباراة تلعب في أكرا بغانا.
وكما هو الحال في إفريقيا الشمالية، فإن سكان المدن في جنوبي الصحراء يتمتعون بمستوى معيشي أفضل من سكان الريف. وتوفر المدن مدارس ومؤسسات طبية أفضل من تلك التي في الريف. كما توفر المدينة لأصحاب المهارات الأساسية فرص عملٍ ذات عائدٍ مجزٍ سواءٌ أكان في وظائف الدولة أم في الأعمال التجارية أم في الصناعة أم في المجالات الأخرى.

وتختلف أنماط الحياة داخل المدينة بصورةٍ ملحوظة. يسكن الأثرياء في شققٍ فخمة أو في منازل واسعةٍ وحديثة، إلا أن أغلب السكان يقطنون في أحياءٍ غير مخطَّطة في منازل صغيرةٍ من طابق واحد، وتبنى الكثير من المنازل من الخشب أو من قوالب الخرسانة، وهي ذات أسقف من الحديد المضلع.

وتواجه مدن جنوبي الصحراء نفس المشاكل التي تواجهها مثيلاتها في الشمال ؛ فالزيادة الحادّة في أعداد سكان المدن جعلت من الصعب على الحكومات توفير إسكان كافٍ ومواصلات عامةٍ فعَّالة. وتواجه إمدادات المياه والصرف الصحي والأنظمة الكهربائية ضغوطاً فوق طاقتها، كما أن العديد من المدن تعاني تضخم أعداد العاطلين.

النساء في مالي يقمن بتحويل الحبوب إلى طحين. ويشارك الجنسان في العمل بالمزرعة، غير أن هناك أعباءً خاصةً بالرجل وأخرى خاصة بالمرأة. وإعداد الطعام من واجبات النساء.

الزواج والأسرة:

ترتبط الأسر الإفريقية فيما بينها بروابط ومشاعر قوية يميزها الإخلاص والتعاون. ولاتقتصر هذه المشاعر على الأبوين فقط، وإنما يتساوى في ذلك الأبناء والأجداد وكذلك العمَّات والأعمام وأبناؤهم. وتساعد الأسرة أفرادها فيما يتعلق بأعمالهم وفي غير ذلك، كما تعنى الأسرة بالمرضى والمسنِّين. ولايزال كثيرٌ من الإفريقيين يطلبون نصيحة وموافقة الأقارب قبل اتخاذ أي قرارٍ مهم.

وحسب الأعراف الإفريقية، فإن الزواج أكثر من رابطةٍ بين الزوج والزوجة، بل هو وسيلة لكسب المزيد من الأقارب بإضافة إخوان الزوج وإخوان الزوجة والأطفال. وعموماً، فإن عائلتي العريس والعروس لابد أن يوافقا على الزواج قبل أن يتم فعلاً. ومن المتعارف عليه في معظم المجتمعات أن على الرجل أو والده أو أحد أعمامه تقديم مهرٍ في شكل نقودٍ أو ماشيةٍ أو غيرها. ولاينظر الإفريقيون إلى المهر كثمنٍ للعروس بل هو تعبير عن الاهتمام بها ومدى التقدير للعلاقات الجديدة مع أسرتها.

ويسمح العديد من المجموعات العرقية في إفريقيا بتعدد الزوجات. وبعض الرجال لديهم أكثر من زوجة، ويوزع الزوج اهتمامه وإمكاناته بالتساوي بين زوجاته، وتتوقع كل واحدة منهن أن يكون لها منزلها المستقل وماشيتها وأغراضها الأخرى. لقد حاول بعض الإفريقيين والمنصِّرين إلغاء تقليدي المهر وتعدد الزوجات، غير أن محاولاتهم باءت بالفشل.

وللإفريقيين طرق مختلفة في تتبُّع أنسابهم. تهتم بعض الجماعات بجانبي الأم والأب معاً، إلا أن معظم الجماعات منظمة على الأساس الأبوي، فهم يتتبعون الأنساب عن طريق رجال العائلة. ويتم الميراث عن طريق الأب لأبنائه الذكور ويتمتع الآباء بالولاية القانونية على أبنائهم.

ينتشر النظام الأمومي وسط بعض الجماعات، خصوصاً في إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية وأحراش غرب إفريقيا. يتصل أفراد العائلة في تلك الجماعات عن طريق النساء. ويتم الميراث عن طريق الأم لبناتها ويكون لإخوان الأم الولاية على أبنائها.

ولكل نظام قرابةٍ أسماؤه الخاصة التي يُطلقها على الأقارب. وتصنف هذه الأسماء أفراد العائلة في مجموعاتٍ تختلف عن تلك المتعارف عليها في المجتمعات الغربية. ونجد في المجتمعات التي تتحدث باللغة الإنجليزية مثلاً أن شقيق الأب والأم يحملان نفس اللفظ، إلا أن ذلك يختلف في النظم الإفريقية حيث إن لكل منهما لفظًا قائمًا بذاته. وبنفس الطريقة، يصنف الأفارقة أبناء أعمامهم وأبناء أخوالهم.

وتُصنف مجموعاتٌ من الأُسر في بعض المجتمعات في شكل عشائر، ويرى أبناء العشيرة أنهم جميعاً سلالة رجلٍ واحد. وتراعي بعض العشائر نظماً خاصة، كما أن العشيرة تقوم بما تقوم به العائلة من حماية لأعضائها.

لقد تضاءلت الروابط الأسرية لدى بعض الإفريقيين بفعل الهجرة إلى المدن. يعيش الأقارب في نفس الحيّ. ومعظم سكان المدن يحتفظون بعلاقاتٍ متينة مع أقاربهم في الريف.

الولائم الجماعية مثل التي في الصورة أعلاه في غانا، تُقام للاحتفال بمناسبات كالزواج والولادة. فاللقاء يقوِّي الروابط العامة والعلاقات الأسرية التي تساعد بدورها في توحيد المجتمعات الإفريقية.

الطعام والشراب:

يأكل معظم الإفريقيين في جنوبي الصحراء، سواءٌ أكانوا في المدن أم في الريف، وجبةً رئيسيةً واحدةً في اليوم تكون عادةً في المساء، كما يتناولون وجباتٍ خفيفةً في أوقاتٍ مختلفةٍ من اليوم. وتعتبر الوجبة الرئيسية فرصةً للقاء الأقارب والجيران. يتناول بعض الرجال والصبيان الوجبة بمفردهم وليس مع النساء والبنات. يجتمع الناس في معظم البيوت حول قصعةٍ توضع على الأرض، ويلتقمون الطعام بأصابعهم أو بقطعٍ من الخبز.

وتتكون الوجبة الإفريقية العادية من طعامٍ نشويًّ كالأرز أوحساء الطحين أو اليام، ويقدم الطعام مع مرقٍ يحتوي على خضارٍ وقطعٍ من اللحم. والطعام الشائع في إفريقيا المدارية هو لسان الحمل أو موز الجنة الإفريقي الكبير الذي يمكن أن يغلى ويطبخ كحساء أو يجفَّف ليطحن كدقيق.

يأكل الإفريقيون الدجاج ولحم الماعز والضأن والبقر. ويشكل السمك جزءاً مهماً في وجبة سكان السواحل، وأولئك الذين يعيشون حول ضفاف الأنهار وحول البحيرات. ويعتمد الإفريقيون الذين يربون الأبقار على اللبن والجبن وقشدة اللبن، كما يسحب بعضهم ـ مثل قبائل الماساي ـ الدم من الأبقار خصوصاً في أيام الاحتفالات الكبيرة ويشربونه طازجاً أومغلياً أو مخلوطاً مع قشدة اللبن.

ويصنع كثيرٌ من الإفريقيين ـ من غير المسلمين ـ البيرة من العسل أو من بعض الحبوب، كالذرة الشامية والدخن، كما أنهم يصنعون النبيذ من عصارة بعض أنواع النخيل.

ويعاني الناس في أجزاء من إفريقيا سوء التغذية نتيجةً لنقص الغذاء الموسمي والحاجة إلى وجبة متوازنة. كما تؤدي فترات الجفاف الطويلة، خصوصاً في أطراف الصحراء، إلى مجاعاتٍ طاحنة حيث يموت آلاف الناس أحياناً بسببها.


الملابس التقليدية تتميز في إفريقيا بالألوان الناصعة والتشكيل البارز. وتُلبس الأزياء المطرزة والحليّ في المناسبات الخاصة. الصورة لزعيم قريةٍ يصل إلى احتفال إسلامي في تشاد ـ يلبس هو وحاشيته أزياءً إسلاميةً تقليدية. الزي الأوروبي يُلبَسْ في المناطق الحضرية بكثرة. وهذا المنظر في مدينة دار السلام بتنزانيا.

الملابس:

يلبس كثير من الرجال في غربي إفريقيا وفي المناطق المجاورة للصحراء ثوباً متدلياً، أو سراويل فضفاضةً مع قميصٍ واسعٍ أو جلباب، كما أنهم يستعملون العمامة والطاقية. وتأخذ المرأة قطعةً طويلةً من القماش تلفّها حول جسمها في شكل فستان، كما تقوم أيضاً بلف قطعة أخرى حول الرأس فيما يشبه العمامة. وتتَّبع معظم النساء المسلمات التقاليد الإسلامية في تغطية وجوههن بحجاب كلما خرجن إلى الشارع. ويربط كثير من أهل الريف ـ رجالاً ونساءً ـ قطعةً من القماش حول الخصر أو الكتف في شكل عباءة، كما يلبس بعض الرعاة الإفريقيين جلباباً من الجلد. وتُعتبر العقود الزاهية والأسورة والخلخال والأقراط جزءاً من الزيّ الإفريقي.

يلبس ملوك الأشانتي في غانا وكذلك ملوك بعض القبائل الأخرى وحواشيهم أزياء جميلة في مناسباتهم الخاصة. ★ تَصَفح: الملابس.

التعليم الجامعي يتوافر في معظم الأقطار الإفريقية. وقبل أربعينيات القرن العشرين، كان على الإفريقيين الذهاب إلى الخارج لتلقي التعليم الجامعي. والصورة أعلاه لطلاب في جامعة داكار بالسنغال.
التعليم التقليدي في إفريقيا يزود الأطفال بمهاراتٍ خاصة يحتاجونها لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم. وهنا، يتعلم الصبية كيف يصنعون رأس الحربة.

التعليم:

أنشأ المسلمون قبل مئات السنين أول مجموعة من المدارس في إفريقيا عند حوافّ الصحراء. وقد قامت هذه المدارس بتعليم الإسلام واللغة العربية والعلوم. لكن بالنسبة لمعظم الإفريقيين لم يكن التعليم يعني الذهاب إلى المدرسة. وكان الآباء يعلمون أبناءهم بالقدر الذي يؤهلهم لإتقان حرفةٍ معينةٍ تكون مصدراً للدخل، فكانوا يتدربون على فنونٍ مثل تشكيل المعادن وتشكيل الخشب وصنع الخزف، والنسيج.

بدأت الإرساليات التنصيرية بتعليم الإفريقيين في جنوبي الصحراء القراءة والكتابة منذ القرن السادس عشر الميلادي، غير أن النهضة التعليمية الحقيقية لم تحدث إلا في القرن العشرين عندما أحسَّت القوى الاستعمارية الأوروبية بحاجتها إلى إفريقيين للعمل في وظائف الدولة والقطاع الخاص. انطلاقاً من ذلك، قامت بريطانيا وفرنسا والقوى الاستعمارية الأخرى بإنشاء المدارس في إفريقيا.

وتتبنَّى الحكومات الإفريقية في الوقت الحاضر برامج لبناء المدارس وتوسيع فرص التعليم لأعدادٍ كبيرةٍ من الناس. ونجد اليوم عدداً كبيراً من الإفريقيين، أكثر من أي وقت مضى ينتظمون في المدارس الابتدائية والثانوية وفي الجامعات.

وبالرغم من التقدم الذي حدث في مجال التعليم هنالك بعض المشكلات. من بينها ارتفاع نسبة الأمية، ولا تتعدى نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة في إفريقيا جنوبي الصحراء 25%. وتتفاوت هذه النسبة من بلد إلى آخر، فهي في الجابون وزمبابوي، على سبيل المثال، 60% وفي تنزانيا أعلى من 90%. أما في بلدانٍ مثل بوركينا فاسو ومالي وبنين، فهي حوالي 20%. وتعاني مناطق عديدة ـ خصوصاً في الريف ـ نقص المدارس والوسائل التعليمية والمعلمين المؤهلين.

لا يذهب عددٌ كبير من الأطفال في بعض المناطق إلى المدرسة إطلاقاً، كما تترك أعدادٌ أخرى المدرسة بعد وقت قصير للانضمام إلى سوق العمل لمساعدة عائلاتهم في كسب العيش.

الفنون

العمارة الإفريقية تتنوع بين المساجد الرائعة ومنازل القرية البسيطة. المسجد في الصورة أعلاه في القيروان بتونس شُيِّد عام 1860م، والصورة إلى اليسار في إحدى قرى الدوجون في مالي حيث تُبنى المنازل وصوامع الغلال ذات الأسقف القبابية من اللَّب
نالت فنون عدة قدراً عالياً من التطور منذ آلاف السنين في أجزاء كثيرة من إفريقيا. وأقدم قطعةٍ فنيةٍ عرفت في إفريقيا كانت رسوماتٍ من عهود ما قبل التاريخ وجدت في ناميبيا، في الصحراء وفي مناطق أخرى وفوق الصخور وعلى جدران الكهوف والحواجز الصخرية لكن فنون المعمار والرسم والنحت المصري القديم هي الأشهر عالمياً في هذا المجال. ونجد اليوم أن الكثير من الشعوب الإفريقية تقدم أمثلةً رائعةً في عمل السلال والخزف والأشغال الجلدية والمعدنية والغزل وصباغة الأقمشة. والفن جزءٌ من الحياة اليومية في إفريقيا، ومن هنا فإن فنوناً رائعةً تظهر من خلال صنع الأدوات والأواني المنزلية كما تتبدَّى في التحف ولوازم الحفلات.

وفنون إفريقيا الشمالية تختلف عن فنون بقية القارة. ينتج الفنانون في الشمال أعمالاً فنيةً جميلةً ذات طابع متميز هو الطابع الإسلامي. وهناك أيضًا أعمال تنتمي للمذاهب الحديثة. ويمكن ملاحظة الأمثلة البارزة للفن الإسلامي في العديد من المساجد الرائعة المنتشرة عبر إفريقيا الشمالية. يتميز فنانو إفريقيا الشمالية أيضاً ببدائع فنهم في المنسوجات وأشغال المعادن والزجاج والمهارات الفنية الأخرى.

أيقونة تكبير فنون من إفريقيا

النحت:

تشمل صناعات النحت الإفريقية التماثيل والأقنعة وصناديق الزينة والعديد من التحف الأخرى للأغراض الدينية وللاحتفالات وللاستعمال اليومي. صُنعت بعض المنحوتات الإفريقية الأولى من الخشب. ولأن الخشب لا يعمر طويلاً، فإن الكثير منها قد اندثر ولم يبق إلا القليل. وهنالك أمثلةٌ رائعةٌ من النحت الإفريقي على البرونز والعاج وعلى أنواع من الفخار. وأقدم التماثيل الإفريقية المعروفة هي تماثيل فخار ترا ـ كوتا التي صنعها أهل حضارة النوك في جنوب نيجيريا منذ حوالي عام 500ق.م. كما أن كثيراً من رؤوس التماثيل الرائعة صُنعت فيما يُعرف الآن بإيفي في نيجيريا في القرن الثالث عشر الميلادي. وصنع الفنانون في مملكة بنين (السابقة) في غرب إفريقيا تحفاً من طراز رفيع من العاج، وتماثيل ورؤوساً ولوحات من البرونز، وذلك بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر الميلاديين.

لم يعرف إلا عدد قليل من الناس، خارج إفريقيا، شيئاً عن النحت الإفريقي حتى بداية القرن العشرين. وقد كان للفن الإفريقي تأثير كبير على الفن الغربي، فقد أثرت التصاوير الإفريقية البارعة والبسيطة في فن النحت على الفنان الفرنسي جورج براك وهنري مور البريطاني وبابلو بيكاسو الأسباني.

ويتَّبع النحاتون الإفريقيون الذين يعملون اليوم على الأخشاب والمعادن طرق أسلافهم في النحت، مثل اليوروبا في نيجيريا، والدوجون والبامبارا في مالي، والسنوفو والبولي والدان في ساحل العاج، والفانج في الجابون والكونغو والكوبا واللوبا والليجا في الكونغو الديمقراطية. للمزيد من المعلومات، ★ تَصَفح: النحت، فن.


الرقص التقليدي الإفريقي يمجد أحداثاً في المناسبات العادية، كالولادة والوفاة والحصاد، والصورة أعلاه لراقصين من قبيلة الزولوفي جنوب إفريقيا.
الموسيقى الملكية للأشانتي في غانا لتكريم زعيم جديد. الأبواق بأنواعها آلاتٌ موسيقية شائعة في إفريقيا وتصنع من الخشب والعاج وقرون الحيوانات.

الموسيقى:

للموسيقى الإفريقية أساليب شتى. فهي تتبع التقاليد العربية في الشمال الإفريقي. وقد انتشرت الموسيقى والأدوات الموسيقية المستعملة في الشمال إلى الجنوب، وتأثر بها بعض الناس في تشاد وغانا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال والسودان. أما الموسيقى الإثيوبية، فقد تأثرت بالموسيقى القبطية. وتشمل الموسيقى التقليدية في إفريقيا السوداء الغناء الجماعي والموسيقى الخاصة بالاحتفالات الملكية والموسيقى والرقص في المناسبات الدينية. ويستعمل عازفو الموسيقى الإفريقية الطبول والقرون والصافرات وغيرها من الأدوات الموسيقية.

والواقع أن الإيقاعات المعقدة والأغنيات الجماعية وأغاني البلوز تعكس بعض التقاليد الإفريقية. وقد أثرت الموسيقى الإفريقية على الموسيقى الشعبية الغربية وموسيقى الجاز والكالبسو في جزر الهند الغربية، كما أثرت على موسيقى الرقص في أمريكا اللاتينية. ★ تَصَفح: الموسيقى.

الأدب:

إفريقيا غنية بأدبها الشفهي التقليدي الذي تناقلته الشعوب عبر الأجيال. يحتوي هذا الأدب على تاريخ المجموعات العرقية وأساطير الشعوب والأبطال وعلى قصص المكر والاحتيال وعلى قصص الحيوان والأمثال والألغاز والأغاني في مديح الملوك والرؤساء. وللأدب الشفهي دور في الاحتفالات الدينية، ففيه سجِل لتعليم الصغار الأخلاق والتقاليد ولتمجيد القادة السياسيين. وفي الوقت الحاضر، بدأ الباحثون الإفريقيون بتسجيل الأدب الشفهي لحفظه من الضياع.

في الماضي، كان الأدب الإفريقي المكتوب منحصراً في مناطق قليلة. ففي الشمال، كُتب الأدب باللغتين العربية والسواحيلية، كما كتبت قبائل الهوسا أدبها بالعربية. وفي إثيوبيا، كتب عددٌ قليلٌ من المتعلمين بالحروف القبطية. ولكن منذ بداية القرن العشرين، ظهرت بعض الأعمال الأدبية لكتاب إفريقيين. فلقد أنتج كتّاب إفريقيون أعمالهم بلغات إفريقية مختلفة، مثل الهوسا، والصومالية، والسواحيلية، واليوروبا، والزولو. ولكن معظم الأدب في الوقت الحاضر يكتب بالإنجليزية أو الفرنسية أو البرتغالية، وهي لغات القوى الاستعمارية السابقة. ويتضمن الأدب الإفريقي المكتوب اليوم: الروايات والمسرحيات والشعر.

السطح

تغطي إفريقيا حوالي 30,190 kكم²، أي أكثر من خمس مساحة اليابسة كلها. القارة هضبة ضخمة تغطيها الصحارى والغابات والمروج.

الأقاليم:

تنقسم إفريقيا إلى إقليمين رئيسيين هما: 1- إفريقيا السفلى 2- إفريقيا العليا.

إفريقيا السفلى. تتكون من إفريقيا الشمالية والغربية والوسطى. وباستثناء القليل من السهول الساحلية، فإن الإقليم في معظمه يقع على ارتفاع 150 و610م فوق مستوى سطح البحر. تنقسم إفريقيا السفلى إلى ستة أقاليم هي:

1- الأراضي الساحلية المنخفضة 2- المرتفعات الشمالية 3- هضبة الصحراء 4- الهضبة الغربية 5- حوض النيل 6- حوض الكونغو.

تكون الأراضي المنخفضة الساحلية شريطاً ضيقاً حول إفريقيا الشمالية وفي الجزء المنبعج من إفريقيا الغربية. يحتوي هذا الإقليم على أراضٍ زراعيةٍ خصبة، وعلى غابات وشواطئ رملية، وعلى صحارى ومستنقعات.

وتشكل المرتفعات الشمالية منطقةً جبلية تمتد عبر أجزاء من الجزائر والمغرب وتونس. وتوجد بجبال أطلس في هذا الإقليم رواسب صخور الفوسفات وخام الحديد والمنجنيز.

وتغطي هضبة الصحراء معظم إفريقيا الشمالية. والصحراء بدورها تغطي معظم الهضبة وترتفع فوق بعض أماكنها مجموعاتٌ من جبال منعزلة. وترقد رواسب قيمة من النفط والمعادن الأخرى تحت الصحراء. تتداخل الصحراء مع إقليم الحشائش الجافة المعروف بالساحل في الشريط الجنوبي للهضبة الصحراوية.

وتقع الهضبة الغربية جنوبي هضبة الصحراء، وتتكون من الغابات والحشائش وتجري فيها أنهار مثل نهر النيجر.

وحوض النيل أرض مسطحة وجافة يجري فيها النيل وروافده في شمال شرقي إفريقيا. وبالإضافة إلى الأراضي الخصبة على جانبي النيل، تنتشر الصحراء في الشمال ومستنقعات السدود في الجنوب.

ويضم حوض الكونغو وسط غربي إفريقيا معظم الأراضي التي يرويها نهر الكونغو وروافده. وتغطي غابات الأمطار المدارية معظم الحوض.

إفريقيا العليا. تتكون من إفريقيا الشرقية، والجنوبية. ومعظم أجزاء هذه المنطقة على ارتفاع أكثر من 910م فوق مستوى سطح البحر. وتنقسم إفريقيا العليا إلى خمس مناطق صغيرة هي:

1- منطقة الأخدود 2- المرتفعات الشرقية 3- الهضبة الجنوبية 4- الأراضي المنخفضة الساحلية 5- مدغشقر.

تمتد منطقة الأخدود من إثيوبيا إلى موزمبيق. وتتكون المنطقة من الأخدود الإفريقي العظيم وهو مجموعة من الشقوق المتوازية التي تشكِّل أوديةً عميقةً حادة الحواف. وتضفي البحيرات والجبال جمالاً على هذه المنطقة التي تضم بعض أخصب الأراضي الزراعية في إفريقيا نظراً لوجود التُّرب البركانية الغنية.

وتعتبر المرتفعات الشرقية مروجاً خضراء ذات مراعٍ تستفيد منها القطعان والكثير من الحيوانات المتوحشة، ويمر الأخدود المتضرِّس عبر المرتفعات الشرقية.

وتغطي الهضبة الجنوبية معظم إفريقيا الجنوبية. ومعظم أراضي الهضبة مستويةٌ أو مروجٌ متدحرجة يُستفاد من أراضيها في زراعة المحاصيل والرعي. وتنتشر فوق الهضبة الصحارى والمستنقعات والغابات، كما تحيط الجبال المتضرسة والحوافُّ الجبلية بالهضبة من ناحية الجنوب والغرب. وتوجد رواسب من الماس والذهب تحت هذه الهضبة.

وتحيط الأراضي المنخفضة الساحلية بحواف الهضاب العالية بإفريقيا الشرقية والجنوبية، حيث تضم الأراضي المنخفضة أراضي زراعيةً خصبةً وشواطئ رمليةً وأراضي مستنقعات رطبة.

أما جزيرة مدغشقر، رابع أكبر جزيرة في العالم، فتقع على بعد نحو 390كم في المحيط الهندي في الجهة الجنوبية الشرقية من القارة. ومع أن الجزيرة جزءٌ من إفريقيا العليا، فإنه يمكن تقسيمها أيضاً إلى جزءين أساسيِّين. تشكل الأراضي الساحلية المنخفضة شريطاً ضيقاً بطول الساحل الشرقي ثم تتسع لتصير سهولاً خصبةً في الغرب. تشغل المرتفعات الوسطى كلَّ الأجزاء الوسطى بطول الجزيرة، وينتشر فوقها عددٌ من القمم يزيد ارتفاع بعضها على 2,700م فوق مستوى سطح البحر.

الصحارى تغطي حوالي خُمس مساحة إفريقيا والصورة أعلاه لواحة في الصحراء الكبرى، أكبر الصحارى في العالم، وتمتد عبر إفريقيا الشمالية من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر.

الصحارى وإقليم الحشائش والغابات:

تغطي الصحارى نحو خمسي قارة إفريقيا. تمتد الصحراء الكبرى، وهي أكبر صحارى العالم، عبر إفريقيا الشمالية من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر، كما تشغل مساحةً تبلغ نحو 9 ملايين كم². والصحراء الكبرى منطقة صخورٍ عارية وجلاميد وأحجار وتلال رملية لايقطعها إلا القليل من الواحات ووادي النيل الخصب. تجاور صحراء ناميبيا ساحل الأطلسي في إفريقيا الجنوبية الغربية وإلى الداخل منها تمتد صحراء كلهاري.

تشغل أقاليم الحشائش التي تُسمَّى أيضاً السافانا أكثر من خمسي مساحة إفريقيا. تشكل السافانا قوساً عريضاً يبدأ من ساحل الأطلسي إلى جنوبي الصحراء الكبرى ماراً بإفريقيا الشرقية ليتجه مرةً أخرى غرباً ليعود إلى الأطلسي ماراً بجنوب حوض الكونغو. وتنمو الحشائش الطويلة والشجيرات الشوكية والأشجار المتفرقة في هذه المنطقة. أما الغابات الكثيفة، فتظهر في المناطق الأكثر مطراً، أما قرب الصحراء، فتقل الأشجار وتكون الحشائش أقصر.

تغطي الغابات أقل من خُمس مساحة إفريقيا. ويظن بعض الناس من خارج القارة أن إفريقيا مجرد غابةٍ يشق الإنسان طريقه فيها بالفأس أو السكين. وفي واقع الأمر، فإن الغابة بمعناها الحقيقي نادرة الوجود في إفريقيا. ومعظم الغابات في إفريقيا غاباتُ أمطار مدارية حيث تنبت أشجارها العريضة الأوراق والدائمة الخضرة في حوض الكونغو وفي أجزاء من غرب إفريقيا ومدغشقر. وتظل أرض هذه الغابات مفتوحةً دون معوقات. وتحف جيوبٌ من غابات المانجروف الكثيفة المتداخلة ببعض المناطق الساحلية غربي وشرقي القارة، وكذلك في مدغشقر. وتنمو غاباتٌ أخرى في مرتفعات إفريقيا الشرقية وفي الجبال، في الشمال الغربي وفي أجزاء من الجنوب.

نهر الكونغو (الكونغو الديمقراطية) ثاني أطول نهر بعد النيل. ينبع نهر الكونغو من جنوب شرقي الكونغو الديمقراطية (زائير سابقًا) وينساب مسافة 4,371كم إلى المحيط الأطلسي.

الأنهار والشلالات:

يجري نهر النيل، أطول أنهار العالم، مسافة 6,695كم، من شرق إفريقيا الوسطى إلى الشمال نحو البحر المتوسط. لكن معظم الأنهار الرئيسية الأخرى في إفريقيا بما في ذلك نهر الكونغو ونهر النيجر، تصبُّ في المحيط الأطلسي. وتضم الأنهار التي تصبُّ في المحيط الهندي نهري الليمبوبو والزمبيزي.

تجعل الشلالات والمساقط المائية الملاحة أمراً عسيراً في العديد من الأنهار الإفريقية، لكنها مع ذلك تزود القارة بما يساوي 15% من إمكانات الطاقة المائية العالمية. وقد شيدت مشروعات الطاقة الكهرومائية المتعددة الأغراض على عدد من الأنهار. وبالإضافة إلى توفير الطاقة الكهرومائية وتوفير مياه الري، تهتم هذه المشروعات بالتحكم في الفيضان. وتمثل بعض الشلالات، كشلالات فكتوريا على نهر الزمبيزي، مناطق سياحية رائعة.

البحيرات. توجد معظم بحيرات إفريقيا شرقي القارة حيث تتشكل سلسلة من البحيرات الطويلة العميقة في بطون الأودية الأخدودية. وتُعتبر بحيرة تنجانيقا، إحدى تلك البحيرات، أطول بحيرةٍ عذبةٍ في العالم إذ تمتد مسافة 680كم ويصل عمقها إلى أكثر من 1,430م. تشمل البحيرات الأخدودية الأخرى نياسا وألبرت وتيركانا. وتقع أكبر بحيرات إفريقيا، وهي بحيرة فكتوريا في حوضٍ ضحلٍ بين سلسلتين من الأودية الأخدودية. ومن حيث العذوبة، تأتي فكتوريا التي تشغل مساحة تبلغ 69,484كم²، في المرتبة الثانية بعد بحيرة سوبيريور.

مناظر إفريقيا الخلابة تضم شلالات فكتوريا (إلى اليمين) وجبل كيليمنجارو الذي يُشرف في تنزانيا على بركانٍ خامد (إلى اليسار). وهو يرتفع إلى 895,5م، ويُعَدُّ قمة متميزة في إفريقيا. وتقع شلالات فكتوريا على نهر الزمبيزي بين زامبيا وزمبابوي.

الجبال:

تسببت الأنشطة البركانية في ظهور معظم جبال إفريقيا العالية. ولذلك، فإن أعلى قمتين، وهما كيليمنجارو بارتفاع 5,895م، وجبل كينيا، بارتفاع 5,199م، تطلان على براكين خامدة. وبالرغم من أن كلتيهما تقعان قريباً من خط الاستواء، إلا أن قمم هذه الجبال تغطيها الثلوج كما أن بها الجبال الجليدية في معظم أوقات السنة. نتج عن الأنشطة البركانية أيضاً مرتفعات إثيوبيا، وكتلة تبستي المنعزلة في الصحراء، وجبل الكاميرون أعلى قمة في إفريقيا الغربية. وتغطي الصخور البركانية دراكنز برج، وهي منطقةٌ جبليةٌ تنحدر منها مباشرة هضبة إفريقيا الجنوبية والشرقية نحو البحر. وتقع أعلى قمة على جبال دراكنز برج بين ليسوتو ومقاطعة ناتال في جنوب إفريقيا.

أما السلسلتان الرئيسيتان غير البركانيتين فهما سلسلة رونزوري وجبال أطلس. تقع سلسلة رونزوري على الحدود بين أوغندا والكونغو الديمقراطية (زائير)، وتمتد جبال أطلس من المغرب إلى تونس، وتشكِّل أطول جبال إفريقيا، وهي تنتمي لنفس المجموعة الجبلية التي تنتمي إليها جبال الألب الأوروبية.

المناخ

أيقونة تكبير المناخ في إفريقيا
تتميز معظم إفريقيا بالمناخ الدافئ أو الحار، لكن الرطوبة والأمطار تتفاوت بشكلٍ واضح من منطقة إلى أخرى. والخريطة في الصفحة التالية توضح أنماط المناخ في إفريقيا، كما أن الخرائط على الصفحة التي تليها تشير إلى متوسط الحرارة لشهري يناير ويوليو، ومتوسط التساقط السنوي من المطر، والجليد المذاب، والأنواع الأخرى من الرطوبة.

توجد في إفريقيا أكبر منطقة مدارية مقارنةً بالقارات الأخرى. وينصِّف خط الاستواء القارة، وتقع حوالي 90% من أراضيها بين المدارين. وتتعاقب الفصول جنوبي خط الاستواء في صورة معاكسة لما في شماليه، لكن درجات الحرارة عالية على وجه العموم في كل مناطق القارة.

أيقونة تكبير درجات الحرارة
ويلاحظ صغر المدى الحراري الفصلي. وفي الحقيقة، فإن المدى الحراري اليومي أكبر منه في معظم أجزاء القارة، أي أن الفرق بين درجات حرارة النهار ودرجات حرارة الليل أكبر من الفرق بين درجات أحرِّ الشهور ودرجات أبردها. ولهذه الأسباب، يقول بعضهم: "شتاء إفريقيا في لياليها".

تتركز أعلى معدلات الحرارة في الصحراء الكبرى وفي أجزاء من الصومال. كانت أعلى درجة حرارة في الظل هي 58°م، وقد تم تسجيلها في العزيزية في ليبيا في 13 سبتمبر عام 1922م. تصل درجات حرارة شهر يوليو في عين صالح بالجزائر وعلى طول الساحل الشمالي للصومال إلى 46°م أو أكثر، وذلك بصورةٍ يومية تقريباً. أما درجات حرارة الليل، فتهبط بشكل واضح. وتتميز الصحراء الكبرى بأكبر مدىً حراريّ فصليّ في إفريقيا.

يتراوح متوسط حرارة الشتاء في الصحراء الكبرى بين 10°م و16°م. وتتراوح المتوسطات على مدار السنة عند خط الاستواء في حدود 24°م، ومن النادر أن تُسجَّل درجات حرارة أعلى من 38°م.

والمناطق الأكثر برودة في إفريقيا هي الشمال الغربي، والأراضي المرتفعة في الشرق، وأجزاء من الجنوب. وفي جوهانسبرج بجنوب إفريقيا مثلاً، يكون يناير، وهو أدفأ الشهور، بمتوسط 20°م فقط، أما الصقيع والجليد، فهي ظواهر عادية في جبال إفريقيا.

أيقونة تكبير توزيع الأمطار
وتتوزع الأمطار توزعاً غير متساو في إفريقيا، فهناك مناطق أمطارها غزيرة جداً وأخرى أمطارها قليلة جداً. ويصل المعدل السنوي للأمطار في أجزاء من غرب إفريقيا إلى أكثر من 250سم. ويبلغ معدل شهر يونيو في منروفيا في ليبيريا نحو 100سم من الأمطار. وفي تناقض غريب، نجد أن أكثر من نصف إفريقيا لاتزيد أمطاره على 50سم من الأمطار سنوياً. وتصل المعدلات في الصحراء الكبرى وفي صحراء ناميبيا إلى أقل من 25سم في العام. وفي بعض أجزاء الصحراء، قد لاينزل المطر لمدة سنة أو سنوات متوالية. وعندما ينزل المطر يصاب أطفالٌ كثيرون بالذعر لأنهم لم يشاهدوه من قبل.

يهطل المطر على مدار العام في غابات حوض الكونغو والمناطق الساحلية في غرب إفريقيا. أما بقية إفريقيا ففيها فصل من الأمطار الغزيرة أو فصلان تفصل بينهما فترات جافة. وتتباين معدلات الأمطار في بعض مناطق إفريقيا بشدة من عام لآخر وذلك أكثر من تباينها من فصل لآخر.

ومنذ أواخر الستينيات من القرن العشرين، تسبَّب الجفاف في معاناة كبيرة في بعض أجزاء إفريقيا ؛ فقد مات ملايين الإفريقيين بسبب الجوع والمرض. وكانت أكثر المناطق تضرراً إثيوبيا ومناطق الساحل في الأطراف الجنوبية للصحراء الكبرى.

جعل مناخ إفريقيا التقدُّم الزراعي صعباً. وأصبح المزارعون في مناطق الأمطار القليلة المتذبذبة غير قادرين على تحديد أي محصولٍ يزرعونه. كما لجأ بعض المزارعين إلى زراعة عددٍ من المحاصيل ذات المتطلبات المتفاوتة من الرطوبة بأمل أن يُصيب أحدها نجاحاً. واختار بعضهم الآخر زراعة محصولٍ أو اثنين مخاطرين بما قد يحدث من مجاعةٍ في حالة عدم سقوط المطر بالمعدل المطلوب من المياه. أما مناطق الأمطار الغزيرة، فتعاني جرف الأجزاء الحيوية من التربة. والواقع أن المناخ الحار الرطب في كثيرٍ من أنحاء إفريقيا يساعد على انتشار الحشرات الناقلة للأمراض لكل من الإنسان والحيوان.

الحيوانات في إفريقيا

أيقونة تكبير حيوانات القارة الإفريقية
حيوانات إفريقيا أشهر الحيوانات في العالم. وتعيش في القارة آلاف الفصائل من الثدييات والزواحف والبرمائيات والأسماك والطيور والحشرات. تنتقل أعداد ضخمة من الظباء والجاموس والزراف والحمر الوحشية بين مروج الشرق والجنوب فتفترسها الفهود الصيادة والضباع وبنات آوى والنمور الرقطاء والأسود. وتسكن القطعان المتبقية من الأفيال في الشرق والجنوب الشرقي. أما قرد الرباح الإفريقي، فيعيش في مناطق كثيرة. وتعيش التماسيح وأفراس النهر في الأنهار المدارية والمستنقعات، كما يسكن الشمبانزي والقرود الغابة. وتوجد الطيور الكبيرة مثل البشروش والبجع واللقالق في إفريقيا الشرقية والجنوبية. ويعيش النعام في الجنوب وفي الأجزاء الشرقية من إفريقيا وفي الصحراء الكبرى الغربية. أما حيوان الليمور أو الهبار، فيعيش في مدغشقر وهو من فصيلة القردة.

كانت الحيوانات المتوحشة في إفريقيا أكثر عدداً وأكثر انتشاراً مما هي عليه اليوم. وقد أوضحت الرسومات القديمة على الصخور أن أفراس النهر والزراف سكنت يوماً ما في مناطق هي الآن صحراوية، وقد تسبَّبت التغيرات المناخية نوعاً ما في تقليل الأعداد وإنقاص عدد الفصائل. وكان الإنسان هو السبب الأهم وذلك بالصيد الجائر، وتدمير البيئات الطبيعية التي تعيش عليها الحيوانات ليجد متسعاً من الأرض للزراعة والعمران. ومن الحَتميّ أن تنقرض حيواناتٌ مثل الخرتيت الأبيض والغوريلا والفيل تماماً إذا لم تتم حمايتها من التدخل البشري.

وقد اتخذت البلدان الإفريقية خطواتٍ لحماية ثرواتها الواسعة من الحياة الطبيعية. لقد أصبح صيد بعض الحيوانات ممنوعاً في مناطق كثيرة. وقام عددٌ من البلدان الإفريقية بإنشاء محميَّاتٍ وحدائق قومية مفتوحة للحيوانات حيث يمنع فيها الصيد بهدف حماية هذه الحيوانات. وبدأ تنظيم الصيد في شكل حملات (سفاري) مرتبة. يذهب الكثيرون في رحلات السفاري لتصوير الحيوانات في بيئتها الطبيعية. ولكن، على الرغم من ذلك، فإن الصيد الجائر لايزال يمثِّل تحدياً كبيراً.

يعارض كثيرٌ من أهل الريف الإفريقيين إجراءات المحافظة على الحيوانات المتوحشة. فالحيوانات المتوحشة تنافس في بعض المناطق المزارعين والرعاة على الأرض الصالحة للزراعة، وقد تقوم بتدمير المحصول بأكمله أو تهدد حياة القرويين وحيواناتهم. ولحوم بعض الحيوانات المتوحشة تشكل جزءاً مهماً من وجبة بعض الإفريقيين، كما أن بعض من يهتمون بممارسة الصيد غير المقنن يعانون الأمرَّيْن لإطعام أُسرهم.


الحياة الحيوانية في إفريقيا

الغوريلا
النّو
النمر الأرقط
الحياة الحيوانية في إفريقيا تتكون من آلاف الفصائل من الثدييات والطيور والحشرات والحيوانات الأخرى. والصور (أدناه) لثلاثة من أكثر الثدييات شهرةً في إفريقيا.

النباتات في إفريقيا

أيقونة تكبير نباتات القارة الإفريقية
تتنوع الحياة النباتية في إفريقيا بحسب المناخ والارتفاع. وتحتفظ الغابات الاستوائية والمدارية المطيرة في إفريقيا الغربية والوسطى بمئات الأنواع من الأشجار التي تشمل أشجار زيت النخيل، وأشجار الفاكهة، مثل الأناناس والمانجو، إضافة إلى أشجار الكاكاو والأبنوس وخشب الماهوجني وخشب التيك، وأنواعاً أخرى من الأخشاب الصلبة اللينة التي تستعمل في صناعة الأثاث وخشب الأبلكاش وأخشاب القشرة. وتستند أشجار المانجروف إلى جذور طويلة، وهي تنتشر في مناطق المستنقعات على طول السواحل المدارية. أما أشجار الزيتون والبلوط والأشجار الدائمة الخضرة، كالآس، فتنمو في الشمال الغربي وكذلك في الكاب أو الجزء الجنوبي من القارة.

وتغطي النباتات المقاومة للجفاف والحرائق أراضي الحشائش. تضم أراضي الحشائش إضافةً إلى العديد من الأعشاب، أشجار التبلدي السميكة الجذوع والأكاسيا وشجيرات اليتوع الشوكية. تضم حشائش الإستبس الجافة جداً عند أطراف الصحراء عشبيات قصيرةً والقليل من أنواع النباتات الأخرى. ويوجد في واحات الصحراء وأوديتها نخيل التمر والدوم ونبات الطرفاء وبعض أنواع أشجار الأكاسيا. وقد تظهر أنواعٌ معينةٌ من الحشائش والشجيرات قصيرة العمر في الصحراء، خصوصاً بعد العواصف الممطرة التي نادراً ما تحدث هناك.

وعلى المرتفعات الإفريقية، تنمو أجمات الخيزران وأشجار البودوكاربس وأشجار السرخس والأرز، حيث تغطى المراعي في المنحدرات العالية بالأعشاب والحوذان والبنفسج. أما الحزازيات والأشنة، فتنمو بالقرب من قمم الجبال.

لقد دمر الناس كثيراً من النباتات الطبيعية في إفريقيا، وأزال المزارعون الغابات لزراعة المحاصيل، كما أحرق الصيادون الحشائش لتخرج إليهم حيوانات الصيد. وأخيراً، فقد حوَّل الرعي الجائر أجزاءً من أراضي الحشائش إلى صحراء تقريباً.


الحياة النباتية في إفريقيا

الخيزران
شجرة التبلدي
الويلوتشيا
الحياة النباتية في إفريقيا تتنوع حسب المناخ، فمثلاً، ينمو الخيزران في الغابات المدارية وشجر التبلدي في السافانا والويلوتشيا في مناطق الصحراء الجنوبية الغربية.

الفصائل الدخيلة:

جُلبت كثيرٌ من النباتات الشائعة في إفريقيا اليوم من أجزاءٍ أخرى من العالم بوساطة التجار والمستعمرين. فقد استجلبوا معظم محاصيل الغذاء، مثل الموز والكاسافا والذرة الشامية، كما استجلبوا أيضاً المحاصيل النقدية كالكاكاو والشاي. كما أن أشجار الأوكالبتوس الواسعة الانتشار في إفريقيا والتي تستعمل حطبًا للحريق أو مواد بناء أصلها أسترالي. واستجلب المستوطنون الأوروبيون من آسيا معظم حيوانات الحقل الإفريقية، مثل الأبقار والماعز والأغنام والجمال، التي تمد معظم إفريقيا الشمالية بالطعام وغير ذلك من الضروريات.

الاقتصاد

البلدان الإفريقية عمومًا ذات اقتصاديات نامية. وتعاني الدول الإفريقية، على وجه الخصوص، تدني الناتج الوطني الإجمالي الذي يمثل قيمة مجموع السلع والخدمات المنتجة داخل الدولة خلال سنة. ويمكن التوصل إلى نصيب الفرد من الناتج الوطني الإجمالي عن طريق قسمة الناتج الوطني الإجمالي على عدد السكان. وعلى هذا، لا يصل دخل الفرد في معظم البلدان الإفريقية إلى 400 دولار أمريكي في العام. ★ تَصَفح: الناتج الوطني الإجمالي.

أيقونة تكبير الزراعة والأسماك في إفريقيا

الزراعة:

توظف الزراعة عدداً أكبر من العاملين وتساهم بقدرٍ أوفر في القيمة النهائية للإنتاج في إفريقيا أكثر من أي نشاطٍ اقتصادي آخر. تتصدر إفريقيا العالم في إنتاج الكاكاو والكاسافا وفول البلاذر والقرنفل ونواة النخيل وفول الفانيلا واليام. كذلك تُعتبر إفريقيا منتجاً رئيسياً للموز والبن والقطن والفول السوداني والمطاط والسكر والشاي. ويربي الإفريقيون أكثر من ثلثي جمال العالم وثلث الماعز وسُبع رؤوس الماشية والأغنام في العالم.

كما يزرع المزارعون الإفريقيون جملة من المحاصيل الغذائية لاستعمالهم الشخصي. تشمل المحاصيل الغذائية الرئيسية في أراضي غربي ووسط إفريقيا الرطبة: الموز ولسان الحمل والأرز والجذريات كاليام والكاسافا. وتزرع الذرة الشامية والدخن والذرة الرفيعة في أقاليم الحشائش في الشرق والجنوب. كما يُزرع في شمال إفريقيا الشعير والقمح، ويستعمل المزارعون مياه الري للفواكه والخضراوات. ويزرع سكان واحات الصحراء التمور وقليلاً من الشعير والقمح.

وتُستغَلُّ ثلاثة أخماس الأراضي الزراعية في إفريقيا في الزراعة الإعاشية حيث يزرع الناس ما يسد حاجتهم المباشرة فقط. غير أنه يلاحظ أن الاتجاه نحو هذا النوع من الزراعة في تناقصٍ مستمر حيث يتجه الإفريقيون بشكلٍ مطرد نحو إنتاج المحاصيل النقدية. هذا بالإضافة إلى أن مزارعي الإعاشة أنفسهم يستعملون جزءاً من أرضهم لإنتاج المحاصيل النقدية. وقد أحدث التحول عن زراعة الإعاشة إلى المحاصيل النقدية بعض المشاكل. يحدث مثلاً نقص في الغذاء، لأن عدداً من المزارعين انصرفوا عن إنتاج محاصيل الغذاء. وثمة مشكلة أخرى هي أن منتجي المحاصيل النقدية لا يضمنون دخولاً مستقرةً بسبب التبدُّل المستمر للأسعار في السوق العالمية.

القطن يُزرع في وادي نهر النيل وهو أرضٌ خصبةٌ في إفريقيا الشمالية الشرقية. ويُعتبر القطن العالي الجودة والطويل التيلة محصولاً مهماً في مصر والسودان.
لقد كانت ملكية الأرض في الماضي حقاً مشاعاً بين جميع أفراد القبيلة، إلا أننا نشهد الآن شيوع نظام الملكية الفردية مع أن النزعة نحو التعاون مازالت قوية. ونجد أن كثيراً من المزارعين يضمون أراضيهم بعضها إلى بعض ويشترون المعدات والبذور في شكلٍ جماعي، كما يشتركون في الجمعيات التعاونية لتسويق محاصيلهم.

ويستأجر بعض المزارعين في إفريقيا الشمالية الأراضي التي يزرعونها. كما أن هناك حيازات ومستعمرات زراعية كبيرةً تنتج المحاصيل النقدية، مثل جوز الهند ومنتجات الزيت والمطاط والسيزال والسكر والشاي. ويعمل آلاف العمال بصفة دائمة أو بعض الوقت في هذه المزارع.

وعلى وجه العموم، تبدو الإنتاجية الزراعية متدنيةً في إفريقيا، ويرجع ذلك إلى عددٍ من الأسباب. فالمزارعون يزرعون مساحات صغيرةٍ من الأرض كما أنهم يزرعونها بوسائل غير فعالة. وكذلك، فإن معظم الأراضي الإفريقية رقيقة الطبقات وفقيرة التربة. وتجرف الأمطار الغزيرة في غرب ووسط إفريقيا الطبقات العلوية الغنية من التربة. ويتسبب الجفاف والفيضانات أحياناً في تدمير المحاصيل وإضعاف الإنتاج بشكلٍ ملحوظ. لا تربىَّ الماشية في مناطق كثيرة في إفريقيا بسبب المناخ غير الملائم أو الأمراض المدارية، هذا علاوة على أن سلالات الماشية الإفريقية غير محسنة.

أيقونة تكبير التعدين والتصنيع في إفريقيا

التعدين:

يساهم التعدين بما يزيد على نصف عائد الصادرات في إفريقيا، إلا أنه يوظف أقل من 1,5 مليون من العاملين. وتتوزع الثروة المعدنية في إفريقيا بطريقة غير متساوية، فنجد أن خمسة بلدان فقط، وهي: جنوب إفريقيا وليبيا ونيجيريا والجزائر وزامبيا، تنتج أربعة أخماس كل المعادن المصدرة. وتسيطر الحكومة في العديد من البلدان على صناعة التعدين وتستعمل عائدها في تمويل المشاريع الحكومية.

تعتبر جنوب إفريقيا المنتج الأول للذهب في العالم وتأتي ليبيا ونيجيريا في صدارة الدول المنتجة للنفط في العالم، وكذلك الأمر بالنسبة للجزائر أحد البلدان المهمة في إنتاج النفط. وتنتج إفريقيا كذلك ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي من الكوبالت، وأكثر من خُمسي الإنتاج العالمي من الفاناديوم، وحوالي ثُلث الإنتاج العالمي من الكروم والمنجنيز والبلاتين. كما أن إفريقيا هي المنتج الرئيسي للنحاس والماس والفوسفات واليورانيوم. ومن المعادن الأخرى التي تُنتج في القارة، الأنتيمون وخام الحديد والغاز الطبيعي والقصدير.

إنتاج النفط يُعتبر مهماً في عدد من البلدان الإفريقية كالجزائر وليبيا ونيجيريا وكلها دول رائدة في إنتاجه. والصورة أعلاه لرجالٍ يستخدمون آلة حفر في نيجيريا.
التنمية الصناعية ظلت هدفاً أساسياً للبلدان الإفريقية منذ استقلالها عن القوى الاستعمارية الأوروبية. والصورة لمصنع تجميع السيارات في نيروبي بكينيا.

التصنيع:

يؤدي التصنيع دوراً ضئيلاً في الاقتصاد الإفريقي، وقد كان الاهتمام بالزراعة والتعدين مرتكزاً في الماضي على اهتمام المستعمرين بالزراعة والتعدين حتى تحصل الصناعة في أوروبا على ما تحتاج إليه من مواد خام. وفي الوقت الحاضر، نجد أمماً إفريقية ناشئة لديها كم هائل من المواد الخام لكنها مع ذلك بدون صناعات. ولايستطيع العديد من البلدان الإفريقية مقابلة النفقات الباهظة لبناء مصانع، كما أنها تعاني نقص العمالة الماهرة ونقص الإداريين والفنيين. وإضافة إلى كل ذلك، فإن منافسة الصناعات الأمريكية والأوروبية لها لم تشجع تنمية صناعة حقيقية في إفريقيا.

ومنذ مطلع القرن العشرين، بنت المدن الكبرى والبلديات في إفريقيا صناعات صغيرة تنتج سلعاً استهلاكية مثل السجائر والأثاث والأحذية والصابون والمشروبات الغازية. كما تنتج بعض المصانع الإفريقية سلعاً مثل أجزاء السيارات والنسيج.

وجنوب إفريقيا هي أكثر البلدان تصنيعاً في إفريقيا، فهي تنتج خمسي السلع المصنَّعة في القارة. تنتج مصانع جنوب إفريقيا تشكيلة من المنتجات تشمل السيارات والمواد الكيميائية والملابس والأطعمة الجاهزة والحديد والصلب. وتلي جنوب إفريقيا في الأهمية مصر والجزائر والمغرب ونيجيريا.

الحِراجة وصيد الأسماك:

تمتلك إفريقيا ربع غابات العالم، لكن 15% فقط منها هو المستغل في إنتاج أخشاب الصناعة وخشب الأبلكاش وأخشاب القشر وغيرها. وتشمل الأشجار ذات القيمة العالية أخشاباً صلبةٍ مثل الجوز الإفريقي وشجر الماهوجني وأخشاباً لينة مثل الأوكالبتوس والأُكومي. وتظهر أهمية الحراجة بصورة خاصة في الكاميرون والكونغو والجابون وغانا وساحل العاج ونيجيريا والكونغو الديمقراطية.

تجلب أساطيل الصيد على طول السواحل الإفريقية كميات كبيرة من الأنشوفة والماكريل والسردين وسمك التونة وأنواع أخرى من الأسماك. وتصدر إفريقيا معظم هذه الأسماك في شكل زيت سمك أو وجبة سمك. وتوفر الأنهار والبحيرات قدراً وافراً من أسماك المياه العذبة التي توفر البروتين الذي تفتقر إليه وجبة كثيرٍ من الإفريقيين. توجد مصايد المياه العذبة الرئيسية في بحيرات شرق إفريقيا، والمستنقعات التي حول بحيرة تشاد وفي أعالي نهر النيل.

النقل والمواصلات:

في إفريقيا 1,300 kكم من الطرق، لكن المرصوف منها لايزيد على 97 kكم فقط. وتكون الطرق، في مناطق كثيرة، غير صالحةٍ للاستعمال أثناء موسم الأمطار. يمتلك أقل من 2% من الإفريقيين سيارات ويسكن غالبيتهم في المدن. تتَّبع الحافلات والشاحنات طرقاً محددةً لنقل الناس والبضائع بين القرى، ولذلك فإن بعض الناس يلجأ إلى المشي على الأقدام أو يعتمد على الدراجة، كما تُستعمل الحمير والحيوانات الأخرى في نقل البضائع والناس في مناطق كثيرة. وتُعتبر الجمال وسيلة نقلٍ يُعتمد عليها في الصحراء.

تصل أطوال خطوط السكك الحديدية في إفريقيا إلى 95 kكم. وتتمتع جنوب إفريقيا بأفضل نظام للسكك الحديدية، كما تربط شبكاتٌ لا بأس بها أجزاءً في شمال إفريقيا. لكن معظم الخطوط الأخرى خطوطٌ حديديةٌ غير مزدوجة تنقل المعادن والمنتجات الزراعية إلى الموانئ التي تعمل في التجارة الخارجية. والواقع أن أغلب خطوط السكك الحديدية في إفريقيا بنيت خلال الحقبة الاستعمارية لأغراض عسكرية وتجارية.

ويفتقر الساحل الإفريقي إلى الموانئ الطبيعية الجيدة، إلا أن المهندسين استطاعوا بناء مرافئ ذات تجهيزات ملاحية حديثة في كل البلدان الساحلية تقريباً. وتستخدم المجاري المائية الداخلية كطرقٍ ملاحيةٍ في أجزاءٍ محدودةٍ من القارة. فالشلالات والمساقط المائية تعوق الملاحة في كثيرٍ من الأنهار. إضافة إلى أن الأنهار والبحيرات في أماكن الأمطار الفصلية المحدودة تصبح أحياناً ضحلةً بحيث تتعذر فيها الملاحة في جزء من العام. ويستعمل القرويون في الغابات المدارية القوارب المصنوعة من جذوع الأشجار، وكذلك المركبات الصغيرة، في النقل النهري. وتربط السكك الحديدية والطرق تلك الأجزاء الملاحية في أنهار الكونغو (زائير) والنيجر والنيل بالموانئ المحيطية والبحرية معوضةً بذلك عن الأجزاء غير الصالحة للملاحة في تلك الأنهار.

وتمتلك معظم الدول الإفريقية خطوطاً للطيران تباشر الأسفار الداخلية والدولية معاً، كما تخدم المدن الإفريقية الكبرى خطوط الطيران الأجنبية.

الاتصالات:

تتمتع مدن إفريقيا بوسائل اتصال أفضل من المناطق الريفية.ولكل من هذه المدن صحفها المحلية، كذلك تتوافر الصحف والمجلات من أوروبا والولايات المتحدة في معظم المدن الكبرى. وتوفر أغلب البلدان في إفريقيا خدمات تلفازية، أما أجهزة التلفاز فتوجد بمعدل جهاز واحد لكل 25 شخصاً. ويعيش في الريف أشخاصٌ لم يشاهدوا التلفاز مطلقاً. ويُعتبر المذياع وسيلة الاتصال الجماهيري الأساسية حيث تبث محطات الإذاعة برامجها في كل البلدان. ورغم أن أجهزة الراديو توجد بمعدل جهاز واحد لكل 5 أشخاص إلا أن هناك بلادًا إفريقية جنوبي الصحراء لا تملك إلا 8% فقط من أجهزة المذياع، حيث يوجد جهاز مذياعٍ واحدٍ على الأقل في كل قرية، فيتجمع القرويون حوله للاستماع إلى الأخبار والبرامج الأخرى.

وتقتصر الخدمات الهاتفية، إلى حد ما، على المدن. ولكن في الآونة الأخيرة حدثت طفرة كبيرة في خدمة الهاتف في الريف والقرى في بعض الدول مثل مصر وغيرها من الدول. تمتلك القارة نحو سبعة ملايين خط هاتفي. وفي مصر وحدها نحو ربع خطوط هواتف القارة. وقد أُدخلت الخدمات الهاتفية في معظم البلدان الإفريقية في بادئ الأمر بوساطة الحكام المستعمرين بهدف مساعدة الإدارة الاستعمارية. لذا، يُعتقد أن الاتصالات الهاتفية بين إفريقيا وأوروبا أفضل من تلك التي تربط بين البلدان الإفريقية أو داخل البلد الواحد نفسه حتى أيامنا هذه.

التجارة الخارجية:

تساهم إفريقيا بنحو 4% فقط من القيمة الكلية للصادرات والواردات في التجارة الدولية. ورغم ذلك، فإن التجارة تؤدي دوراً مهماً في اقتصاد القارة. يتم تصدير ما يقارب الربع من الإنتاج الكلي لإفريقيا إلى الخارج. وقد كان للتجارة الخارجية أثر إيجابي في تطوير وسائل النقل وشبكات الاتصال وفي قيام المدن وتوسعها، وفي تطور زراعة المحاصيل النقدية.

تتعامل إفريقيا تجارياً مع أوروبا واليابان وأمريكا الشمالية. وتتمثل أهم واردات إفريقيا في: الأطعمة والحديد والصلب والمعدات والسيارات.

ويسهم النفط بأكثر من نصف الصادرات الإفريقية. ثم تأتي سلع الكاكاو والبن والقطن والذهب والغاز الطبيعي على رأس قائمة الصادرات الأخرى. ويعتمد عددٌ من الدول الإفريقية في صادراته على سلعةٍ واحدة. تعتمد ليبيا ونيجيريا، على سبيل المثال، على النفط بصورةٍ أساسية، وتعتمد بوتسوانا على الماس، وجامبيا على الفول السوداني، وغانا على الكاكاو، وأوغندا على البن، وزامبيا على النحاس، ومصر والسودان على القطن.

والواقع أن الأهمية القصوى للتجارة الخارجية في الاقتصاد الإفريقي، والاعتماد الكبير على عدد محدود جداً من الصادرات جعل الاقتصاديات الإفريقية تتصف بحساسية عالية لتقلبات الأسعار في السوق العالمية. ونتيجةً لكلِّ هذا، أصبحت إفريقيا نشطةً عالمياً في مجالات السيطرة على تقلبات الأسعار والحصول على شروط أفضل وأكثر إنصافاً في التعامل التجاري. تنتمي كلُّ من الجزائر والجابون وليبيا ونيجيريا إلى عضوية منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك وهي منظمة للدول المنتجة للنفط تتمتع بقدر كبير من التأثير على السوق العالمية للنفط. تنتمي الدول الإفريقية المعتمدة على سلعة واحدة للتصدير إلى منظمات مماثلة تُعنى بالتصدير كلًّ في مجالها.

العون الخارجي:

تعتمد كلُّ الدول الإفريقية تقريباً بشكل أو آخر على العون الخارجي الذي يأتي في شكل منحٍ مالية أو قروض أو مساعدات فنية في مجالات الزراعة أو التربية أو الصحة.

تقدم الدول أو المنظمات العالمية العون لإفريقيا، ويقدم هذا العون على هيئة فوائد مركبة أحيانًا. وتأتي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في مقدمة الدول المانحة. تقدِّم الأمم المتحدة من خلال منظماتها المتعددة عوناً ضخماً إلى إفريقيا. وتضم قائمة المانحين الأساسيين أيضاً البنك الدولي والهيئات التابعة له، والوكالة الدولية للتنمية، وصندوق التنمية الاقتصادية التابع للمجموعة الاقتصادية الأوروبية، وبنك التنمية الإفريقي وتابعه صندوق التنمية الإفريقي. ويقدم المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا مساعدات ماليةً إلى دول إفريقية.

وتتلقى مصر عوناً خارجياً أكثر من أي دولة إفريقية أخرى، يُرد على هيئة فوائد تفرضها الدول الدائنة. ومن الدول الإفريقية الأخرى التي تتلقى عوناً خارجياً ضخماً إثيوبيا وكينيا والمغرب والسودان وتنزانيا.

وقد ساعد العون الخارجي بلدان إفريقيا على تأسيس صناعتها وتحسين إنتاجيتها الزراعية وبناء المساكن والطرق والمدارس. كما زوَّد العون الخارجي بعض بلدان إفريقيا بالطعام والمؤن للتخفيف من حدة المجاعات الناتجة عن الجفاف والكوارث الطبيعية، وتلك التي تسببها الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية.

وعموماً، لم يكن العون الخارجي مفيداً على الدوام. وهنالك أنواعٌ من القروض تصاحبها فوائد باهظة أو تشترط أن يشتري البلد المتلقي للقرض معدات من البلد المانح. يحصل البلد المانح في كثير من الأحيان على فوائد كبيرة من البلد المتلقي. هذا علاوة على أنه يوظف العون، في بعض الأحيان، في بناء منشآت حكومية ضخمة كالسدود والطرق السريعة وما شاكلها من مشروعات قد لا يستفيد منها معظم الناس فائدة مباشرة.

نبذة تاريخية

الرسم على جدران الكهوف والحواجز الصخرية عرف لدى الإفريقيين منذ آلاف السنين. والرسم في الصورة أعلاه في منطقة تسيلن آجار في الجزائر.

تُعتبر إفريقيا الموطن الأول للجنس البشري، ففيها عثر على أول آثار الإنسان. والدليل على ذلك وجود عظام لأحافير اكتشفت في أجزاء من إفريقيا الشرقية والجنوبية. وقد استنتج العلماء من واقع ذلك الدليل أن البشر الأوائل سكنوا منذ مليوني سنة في إفريقيا. والواقع أن الأدوات الحجرية البدائية التي صنعها أولئك الناس هي التي أعطت العصر الحجري اسمه. وحينذاك، انتشرت حضارة العصر الحجري من إفريقيا إلى القارات الأخرى. لمزيد من المعلومات المفصلة عن البشر الأوائل والعصر الحجري، ★ تَصَفح: شعوب ما قبل التاريخ.

ويناقش هذا الفصل الخطوط العريضة للتاريخ الإفريقي. ولمعرفة تاريخ بلد معين، ★ تَصَفح: المقالة الخاصة بذلك البلد في الموسوعة. و★ تَصَفح أيضاً قائمة المقالات ذات الصلة المدرجة بآخر هذه المقالة.

دخول الزراعة:

حدثت ثورة تنمويةً في إفريقيا القديمة قادت في وقتها إلى تغييرات اقتصادية واجتماعية وسياسية عظيمة. لقد عاش معظم إفريقيا العصر الحجري على صيد الحيوانات المتوحشة وجمع نباتات الطعام، مثل تمر التوت البري والبذور والجذور، كما اعتمد سكان ضفاف البحيرات والأنهار على الأسماك بصورة كبيرة.

كان الصيادون وجامعو القوت يعيشون في مجموعات صغيرة، ومع تغيُّر المواسم، كانوا يتحركون حركة مرنة من مكان إلى مكان يتبعون فيها هجرات الحيوانات ويبحثون عن نباتات الطعام. وعندما تعلَّم الناس ممارسة الزراعة واستئناس الحيوان، لم يجدوا أنفسهم بحاجةٍ إلى الحركة المستمرة، وإنما انشأوا مواقع سكن مستقرة.

استغرق انتشار الزراعة في إفريقيا آلاف السنين. ولا أحد يعلم على وجه اليقين متى، وفي أي جزء في القارة بدأت الزراعة. استحدثت الزراعة في بعض المناطق بسبب هجرة أُناس آخرين إليها من مناطق أخرى من القارة. أما في بعض المناطق الأخرى، فيبدو أن الإنسان قد بدأ يجرب النباتات البرية حتى توصل إلى استئناسها ومعرفة الزراعة. ويعتقد بعض العلماء أن الزراعة بدأت في الشرق الأوسط ثم انتشرت غرباً نحو إفريقيا الشمالية. وبحلول عام 5000ق.م، عرف الناس في الشمال استئناس الحيوان وتربيته وعرفوا كيف يزرعون بعض المحاصيل مثل الشعير والقمح. ويعتقد عددٌ آخر من العلماء أن الناس في بعض أجزاء إفريقيا، مثل إثيوبيا وكينيا، ربما يكونون قد طوَّروا الزراعة بطريقتهم الخاصة والمستقلة.

ويرى العلماء أن مجموعات عدة كانت تسكن أجزاءً من إفريقيا عندما بدأت الزراعة تنمو وتتطور هناك. سكنت الشعوب ذات البشرة الفاتحة في الشمال، وكان الأقزام يجوبون الغابات الوسطى، كما سكنت شعوب الخويسان ذات البشرة المصفرة في الجنوب، وكان الإفريقيون السود في الصحراء، وفي أراضي الحشائش المجاورة. ولم تكن الصحراء الكبرى صحراء بمعنى الكلمة في ذلك الوقت، إنما كانت مروجاً خضراء يطارد فيها الصيادون الحيوانات، على حين كانت جماعات صائدي الأسماك تعيش حول البحيرات والأنهار، ويزرع المزارعون الحبوب ويربون قطعان الماشية.

ومنذ عام 4000ق.م، بدأ المناخ الإفريقي في التغير التدريجي نحو الجفاف، فتحرك في هذا الوقت جمع من المزارعين جنوباً ومارسوا زراعة محاصيل كالأرز واليام. وتحولت منطقة الصحراء بحلول عام 1500ق.م إلى بيداء جرداء وإلى عائقٍ للحركة المرنة بين إفريقيا الشمالية وباقي القارة. ولكن، ومهما يكن من أمر، فإن طرق التجارة عبر الصحراء ظلَّت وسيلة الاتصال المفتوح بين الشمال والجنوب.

حضارة كوش عاشت في الفترة من 2000ق.م. إلى 350م على ضفاف نهر النيل في المنطقة المعروفة الآن باسم السودان. وكانت كوش مركزاً تجارياً مهماً. واشتهرت مروي، عاصمة كوش، بصناعة الحديد التي انتقلت منها إلى باقي أجزاء القارة الإفريقية. كما كانت مركزاً تتلاقى

الحضارات السابقة:

استطاعت تربة وادي النيل الخصبة أن تُكوِّن في تاريخ مبكر بعضاً من المجتمعات الزراعية الثرية. وتطورت تلك المجتمعات إلى دويلات، وقامت مدنٌ داخل تلك الدويلات لتخدم كمراكز إدارية وتجارية. تجمعت تلك الدويلات الصغيرة في شكل دولتين كبيرتين ـ مصر العليا (دلتا النيل بشمال مصر) ومصر السفلى (صعيد مصر) ـ في حوالي عام 3400ق.م. وقد توحدت دولتا مصر على يد مينا حاكم مصر العليا في عام 3100ق.م. وأصبحت الدولة الموحَّدة أول حضارة إفريقية ذات شأن وإحدى أعظم الحضارات في تاريخ العالم. وصلت مصر ذروة قوتها عام 1400ق.م. لتصبح فيما بعد جزءاً من الإمبراطورية الفارسية ثم إمبراطورية الإسكندر الأكبر. ثم أخضعت الجيوش الرومانية مصر لسيطرتها في عام 30ق.م، وحولتها إلى ولاية رومانية. واستطاع الرومان في ذلك الوقت أن يسيطروا على طول الساحل الشمالي الإفريقي.

في عام 2000ق.م، ظهرت مملكة كوش في وسط وشمال ما يعرف الآن بجمهورية السودان، وبقيت حتى عام 350م. وقد تأثرت كوش بمصر كثيراً وكانت مركزاً مهماً للفنون والعلم والتجارة.

ساعدت التجارة بين الإفريقيين والشعوب الأخرى وبين الإفريقيين أنفسهم على انتشار استعمال المعادن. ويرجَّح أن يكون المصريون هم أول من استعمل الأدوات البرونزية بدلاً من الأدوات الحجرية. ودخلت ظاهرة استعمال البرونز إلى مصر من الشرق الأوسط عام 3000ق.م. وبدأ الناس في إفريقيا الشمالية استعمال الحديد في حوالي عام 1000ق.م. وأصبحت كوش أحد أكبر مراكز تعدين وتصنيع الحديد.

الهجرة جنوباً:

عند ميلاد المسيح، بدأت الشعوب السوداء الناطقة بلغة البانتو إحدى أكبر الهجرات في التاريخ. تحركت هذه الشعوب جنوباً من المنطقة التي تعرف الآن بخط الحدود بين نيجيريا والكاميرون، إلى غابات إفريقيا الوسطى. واتصلت الهجرات جنوباً ما يزيد على k عام، كانت المحصلة النهائية لها استقرار الشعوب الناطقة بالبانتو في كل أجزاء إفريقيا الوسطى والشرقية والجنوبية.

ويعتقد المؤرخون أن الهجرة بدأت واستمرت بسبب الحاجة الدائمة إلى مزيدٍ من الأرض لإعالة الأعداد المتنامية من السكان. وكانت للهجرات آثارٌ واضحةٌ على المناطق التي غطتها. وقد كانت هذه الشعوب تنقل معها معرفتها بالزراعة وأشغال الحديد وهي تتحرك، وصارت لغات البانتو نتيجةً لتلك الهجرات اللغات الرئيسية المستعملة جنوبي الصحراء.

ويعتقد المؤرخون بأن هجرات البانتو كانت سلمية. لقد قابلت هذه الهجرات، وهي متجهة جنوباً، جماعات صيد كالأقزام في الغابات الوسطى وجماعات الخويسان في الشرق والجنوب. وتزوج بعض الصيادين من البانتو وتأثروا بهم في أسلوب حياتهم إلا أن بعضهم تقهقر وانزوى إما في الغابة وإما في صحارى وسط جنوبي إفريقيا.

تأثير النصرانية:

في القرن الرابع الميلادي، أصبحت النصرانية الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية التي كانت تضم مصر وبقية الساحل الشمالي لإفريقيا. وغزت قبائل الواندال الجرمانية الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي. كانت هذه القبائل تدين بمذهب نصراني محظور اسمه الآريوسية. ★ تَصَفح: الأريوسية. وقضى الواندال على النفوذ الروماني في معظم ساحل إفريقيا الشمالي. وفي القرن السادس الميلادي، وقعت المنطقة مرة أخرى تحت تأثير النفوذ النصراني الأرثوذكسي عندما أصبحت جزءاً من الإمبراطورية البيزنطية.

وحينذاك، كانت هناك منطقتان إلى الجنوب من مصر وقعتا تحت التأثير القوي للإمبراطورية الرومانية وتأثرتا بالنصرانية الأولى وهما أكسوم والنوبة. وقد تأسست مملكة أكسوم قبل الميلاد في تلك المنطقة التي تعرف حاليًا باسم شمال شرقي إثيوبيا. ازدهرت أكسوم كملتقى طرق بين الإمبراطورية الرومانية والهند وتحولت إلى دولة نصرانية خلال القرن الرابع. وقد هزمت أكسوم دولة كوش المجاورة في عام 350م، ومن ثم تحكمت في كل الطرق البرية والبحرية التي تربط إفريقيا بكل من أوروبا وآسيا. وقد انهارت مملكة أكسوم بعد القرن السادس الميلادي، إلا أن تقاليدها النصرانية بقيت حيةً لتشكل الأساس للكنيسة النصرانية الإثيوبية.

وعلى أثر سقوط كوش، قامت عدَّة ممالك في وادي النيل في منطقة النوبة. وقد كانت ممالك زراعيةً غنيةً احتفظت بعلاقات تجارية وثيقة مع مصر النصرانية. وقد حولت الإرساليات المصرية النوبيين إلى النصرانية في القرن السادس الميلادي. وازدهرت النصرانية في النوبة مئات من السنين وامتد النفوذ الديني لبلاد النوبة غرباً إلى كثيرٍ من البلاد المجاورة.

ظهور الإسلام:

كان ظهور الإسلام أحد التطورات المهمة في التاريخ الإفريقي. ظهر الإسلام في الجزيرة العربية في أوائل القرن السابع الميلادي. وخلال 100 عام، أقام المسلمون العرب إمبراطورية تمتد من الشرق عبر إفريقيا الشمالية إلى أسبانيا. فتح المسلمون مصر عام 17هـ، 639م، ونشروا الدين الإسلامي في كلَّ إفريقيا الشمالية قبل عام 78هـ، 710م. انقسمت الدولة الإسلامية فيما بعد إلى دويلاتٍ أصغر، ولكن صلات الدين واللغة والتجارة بقيت حيةً تربط المسلمين بعضهم ببعض.

تقبلت الشعوب التي حكمها المسلمون في إفريقيا الشمالية الإسلام ترحيبًا بتعاليمه وتخلصًا من الحكم الروماني البغيض. ولم تستغرق عملية تحويل أهل إفريقيا الشمالية عن النصرانية والديانات المحلية إلى الإسلام إلا عشرات محدودة من السنين. هذا فيما عدا بعض قبائل البربر الذين كانوا على علاقات وطيدة مع ولاة الرومان. وانتشر الإسلام جنوبي الصحراء بوساطة التجار والمسافرين بصفة رئيسية. فقد كانت قوافل الجمال التي تقطع الصحراء سبب اتصال بين المسلمين الشماليين وغرب إفريقيا. كما قام التجار المسلمون الذين أبحروا إلى ساحل المحيط الهندي بتحويل الشعوب التي تعيش على طول الساحل، فيما يعرف الآن بالصومال وكينيا وتنزانيا، إلى الإسلام.

كان للمسلمين، إلى جانب نشر الإسلام، آثارٌ أخرى بعيدة المدى في إفريقيا. لقد اهتموا بالعلم وجمعوا وحفظوا كثيراً من المعارف المتوارثة في العلوم والفلسفة والجغرافيا والتاريخ. وأدخل المسلمون إلى إفريقيا أشكالاً من فنونهم المتميزة. وقد تعلَّم كثيرٌ من الإفريقيين الأميين القراءة والكتابة العربية على أيدي المسلمين. وصارت العربية لغةً مشتركةً بين العديد من المجموعات العرقية. وأسس العلماء المسلمون المدارس التي جذبت الطلاب إليها من عدة أماكن.

ممالك إفريقيا الغربية:

بدأت تزدهر في حوالي عام 1000م، ويعزى ذلك أساساً إلى نمو التجارة عبر الصحراء. وكان تجار من بني حفص والمرينيين والزِّناتيين يجلبون الذهب وفول الكولا من غرب إفريقيا إلى تلك الممالك الشمالية. كان التجار يبادلون الذهب وفول الكولا بالملح والنحاس الذي يُستخرج من مناجم الصحراء الكبرى والفاكهة المجففة التي يتم إنتاجها في إفريقيا الشمالية، كما كانوا يبادلون المنسوجات الواردة من أوروبا بالمعدات الجيدة الصنع من الجزيرة العربية. واكتسبت ممالك التخوم الجنوبية للصحراء قوةً وثروةً بفضل السيطرة على تجارة الصحراء. وصارت مدنٌ مثل غاو وتمبكتو مراكز تجارية نشطة. وعندما امتدت طرق التجارة جنوباً تحولت ممالك ودول مثل الأشانتي وبنين وموساي وأويو والمدن الكبرى في إقليم الهوسا إلى مراكز تجارية مهمة.

ومن المرجح أن تكون مملكة غانا قد تأسست كواحدة من أعظم الممالك في غرب إفريقيا خلال القرن الرابع الميلادي. بلغت المملكة ذروة قوتها في عام 1000م عندما اتسعت لتشمل أجزاء من مالي وموريتانيا. وحلَّت إمبراطورية مالي محل مملكة غانا في القرن الثالث عشر الميلادي كأعظم قوة في الغرب، حيث شملت أجزاءً مما يعرف الآن بجامبيا وغينيا والسنغال ومالي وموريتانيا. وبحلول القرن السادس عشر الميلادي، أصبحت معظم إمبراطورية مالي تحت سيطرة إمبراطورية صنغي التي امتدَّت من ساحل الأطلسي إلى ما هو وسط نيجيريا حاليًا. وظهرت كانم شرقي كل من مالي وصنغي، وقد تأسَّست في القرن الثامن الميلادي ودامت مدة 1000 عام.

أيقونة تكبير إفريقيا في القرن
الخامس عشر الميلادي

الممالك الشرقية والوسطى والجنوبية:

في حوالي عام 1100م، سكنت أعدادٌ متزايدة من التجار العرب المسلمين على سواحل المحيط الهندي فيما يعرف حاليًا بكينيا وموزمبيق والصومال وتنزانيا. وقد ساعد هؤلاء التجار على إقامة تجارةٍ بحرية نشطة ربطت إفريقيا الشرقية بالصين والهند وإندونيسيا وبالبلدان المحيطة بالبحر الأحمر والخليج العربي. كانت موانئ الساحل الشرقي تصدر الذهب والعاج ومنتجات أخرى لتستورد سلعاً مثل الحرير والملابس القطنية والخزف الصيني. وتطورت مستوطنات الساحل الشرقي إلى مجموعة ثرية من المدن الكبرى تشمل كيلوا ومقديشو وممبسا وصوفالا. وأصبح سكان المدن والدول هذه يتحدثون اللغة السواحيلية وأصبحت ثقافتهم مزيجـاً بين الإفريقيـــة المحليـــة والتقالــيد الإسلامية.

وبزوال الممالك النصرانية في شمال السودان، تأسست ممالك إسلامية كان من أهمها مملكة الفونج (1505- 1820م) التي اختارت مدينة سنار عاصمة لها. ★ تَصَفح: الفونج، مملكة. واستطاع الفونج إحكام سيطرتهم على طرق التجارة المتجهة شمالاً إلى مصر وشرقاً إلى البحر الأحمر. وقامت العديد من الممالك في الغابات وأراضي الحشائش في إفريقيا الوسطى والجنوبية. وأسست بعض الممالك القوية نظاماً معقداً للحكم وتقاليد راسخةً في النحت والموسيقى والأشعار غير المكتوبة.

وقد قامت هناك إحدى أكبر الممالك التي بدأت تتوسع بعيداً عن نواتها الأولى عند مصب نهر الكونغو (زائير) خلال القرن الخامس عشر ألا وهي الكونغو التي انتعشت حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وثمة مملكةٌ أخرى كبيرة ظهرت في القرن الخامس عشر الميلادي هي مملكة لوبا فيما يعرف بجنوب زائير (الكونغو الديمقراطية حاليًا).كما أن شعب الكرانجا قد أسَّس خلال القرن الخامس عشر إمبراطورية موانا موتابا مكان زيمبابوي وموزمبيق الحاليتين. وقامت إمبراطورية سانجامير بهزيمة موانا موتابا خلال القرن الخامس عشر وأصبحت مدينة زمبابوي عاصمةً لكلتيهما.

أيقونة تكبير الكشوف الأوروبية لإفريقيا

بداية السيطرة الأوروبية:

بدأ البرتغاليون في القرن الخامس عشر باكتشاف الساحل الغربي لإفريقيا. وقد كان همُّهم تجارة الذهب. ولهذا فقد أنشأوا محطات في جامبيا وساحل الذهب (غانا الحالية) وفي أراضي الساحل الغربي الأخرى، كما بدأوا محاولة تحويل حكام الكونغو والممالك الأخرى إلى النصرانية. وما أن وصل البرتغاليون إلى إفريقيا الغربية، حتى بدأوا بإرسال الإفريقيين السود كرقيق إلى أوروبا. قاد فاسكو دا جاما حملةً برتغالية في عامي (1497، 1498م) أبحرت حول رأس الرجاء الصالح وحول الساحل الشرقي لإفريقيا ومن ثم إلى الهند. وقد كسب البرتغاليون السيطرة على الدول ـ المدن في إفريقيا الشرقية خلال القرن السادس عشر الميلادي وخلال القرن السابع عشر. استولى الهولنديون على العديد من المحطات التجارية البرتغالية في الساحل الغربي، كما أسَّسوا مدينة الكاب على الطرف الجنوبي لإفريقيا في عام 1652م.

لقد كانت إفريقيا تصدر الرقيق إلى آسيا وأوروبا قبل وصول البرتغاليين بزمنٍ طويل، إلا أن تأسيس المزارع الأوروبية الكبيرة في الأمريكتين الشمالية والجنوبية في القرن السادس عشر الميلادي أدى إلى ارتفاع معدل الطلب على الرقيق من الإفريقيين. وبحلول القرن التاسع عشر، كان الأوروبيون قد جلبوا إلى الأمريكتين نحو عشرة ملايين من رقيق إفريقيا الغربية. وذهب نحو 500 k من الرقيق إلى أمريكا الشمالية. وعلى الساحل الشرقي، أرسل التجار الإفريقيون الرقيق إلى زنجبار والدول المحيطة بالبحر الأحمر والخليج العربي.

لقد جلبت تجارة الذهب والرقيق الثروة والجاه والقوة لعددٍ من ممالك الغابات في إفريقيا مثل مملكة الأشانتي في موقع غانا الحالية.

وأدخل التجار الأوروبيون إلى إفريقيا محصولي المنيهوت (الكاسافا) والذرة الشامية اللذين صارا محصولين مهمين هناك. كما أدخل الأوروبيون إلى إفريقيا البندقية التي استعملها الإفريقيون بعد ذلك في الحروب فيما بينهم أو ضد الأوروبيين أنفسهم.

بدأ الأوروبيون حركة اكتشاف داخل إفريقيا خلال أواخر القرن الثامن عشر، بهدف نشر النصرانية وتطوير علاقات تجارية تعتمد على المعادن وزيت النخيل والمواد الخام الأخرى اللازمة للصناعة. وقد تفاءل الأوروبيون الذين عارضوا تجارة الرقيق إذ إن المنتجات التجارية الجديدة ستساعد في إنهاء تلك التجارة. وفي عام 1807م، منعت بريطانيا تجارة الرقيق وتبعتها الولايات المتحدة عام 1808م.

وتوطد النفوذ الأوروبي وكذلك السيطرة الأوروبية في إفريقيا عن طريق الوسائل الحربية. لقد كان معظم إفريقيا الشمالية جزءاً من الإمبراطورية العثمانية منذ القرن السادس عشر الميلادي. لكن تضاؤل نفوذ هذه القوة أدى إلى أن تعمل القوى الأوروبية من أجل السيطرة على المنطقة. وخلال القرن التاسع عشر، احتلت فرنسا الجزائر وتونس واحتلت بريطانيا مصر والسودان. وبعد عام 1700م، بدأ الهولنديون في جنوب إفريقيا يتحركون من مستوطنتهم في الكاب إلى الداخل، وبدأوا ينتشرون وهم يحاربون الإفريقيين ويخضعونهم لسيطرتهم.

وعلى الرغم من الوجود الأوروبي المتزايد، ظلت أجزاءٌ كبيرةٌ من إفريقيا بعيدةً عن التأثير الأوروبي حتى منتصف أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. وهنالك أحداثٌ كبيرةٌ في التاريخ الإفريقي لم يكن للأوروبيين تأثير فيها. قاد المصلحون الدينيون المسلمون، بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، سلسلةً من الفتوحات في إفريقيا الغربية لتوطيد الدين الإسلامي. وبحلول عام 1860م، حكمت الدول الإسلامية الجديدة معظم أراضي الحشائش الغربية. أما في جنوب إفريقيا، فقد كسبت جيوش الزولو ذات التدريب الجيد سلسلة من الحروب ضد جيرانهم أوائل القرن التاسع عشر الميلادي.

إفريقيا عام 1914م لم يكن فيها سوى دولتين مستقلتين ـ إثيوبيا وليبيريا، وكانت بقية القارة تحت الحكم الاستعماري بقيادة القوى الأوروبية.

الحكم الاستعماري:

بينما كان النفوذ الأوروبي في الشؤون الاقتصادية الإفريقية يتنامى باطراد عن طريق التجارة، كان الأوروبيون يكسبون المزيد من السيطرة السياسية على أجزاء من القارة. ووضح في الثمانينيات من القرن التاسع عشر وجود تنافس محموم بين القوى الأوروبية للسيطرة على أكبر مساحة من القارة. وبحلول عام 1914م، تقاسمت كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والبرتغال وأسبانيا كل إفريقيا فيما بينها وبقيت إثيوبيا وليبيريا دولتين مستقلتين.

تأسس الحكم الأوروبي في بعض أجزاء إفريقيا سلمياً عن طريق المعاهدات مع الزعماء الإفريقيين. وقد قاوم إفريقيون آخرون الحكم الأوروبي، فمثلاً نُظِّمت الانتفاضات العنيفة ضد الحكم البريطاني في نيجيريا وفي ما يعرف بغانا حاليًا، وضد الفرنسيين في إفريقيا الغربية والشمالية وضد الألمان في ما يعرف اليوم بتنزانيا وناميبيا. عموماً، أحكم الأوروبيون في منتصف العشرينيات من القرن العشرين سيطرتهم القوية على معظم إفريقيا.

استمر الحكم الاستعماري لزمنٍ طويل نسبياً إلى أن شرع في الجلاء منذ الستينيات من القرن العشرين عن معظم أنحاء القارة، لكنه، على أية حال، جلب تغييرات كبيرة إلى إفريقيا. أوجد الحكم الاستعماري وحدات سياسية جديدة بحدود تقطع أحياناً أوطان الكيانات القبلية. وقد مكَّنت هذه السيطرة الاستعمار من التحكم في شؤون حكم البلاد الإفريقية. وقد تحدَّت الإرساليات النصرانية التي صاحبت الاستعمار التقاليد الدينية والاجتماعية التي كانت جزءاً من الحياة الإفريقية لزمنٍ طويل. وربط الحكم الاستعماري إفريقيا بنظام اقتصادي مبني على حاجة العالم الخارجي لا على حاجة الواقع المحلي. وكان على المزارعين وعمال المناجم الإفريقيين إنتاج سلع للأسواق العالمية ومواد خام للصناعات الأوروبية.

وينظر كثير من الإفريقيين إلى حقبة الحكم الاستعماري على أنها تجربةٌ مهينة في تاريخهم. مهما يكن من أمر، فإن الحقبة الاستعمارية استحدثت العديد من التطورات التي أقيمت في الأصل لخدمة المستعمر. فقد ساعد الأوروبيون مثلاً في تطوير الخدمات الطبية، كما ساعدوا في السيطرة على بعض الأمراض. ومع ذلك، فقد تسبب الوجود الأوروبي في جلب أمراض جديدة للقارة لم تكن معروفةً من قبل. وانتشرت مدارس كثيرة بها أنشطة متعددة إلى جانب مهارات أخرى.

احتفالات الاستقلال أقيمت بمناسبة نهاية الحكم الأجنبي، في منتصف القرن العشرين، في الكثير من البلدان الإفريقية. الصورة لمسؤولين بريطانيين وكينيين يوم استقلال كينيا.

حركات الاستقلال:

قاوم كثير من الإفريقيين الحكم الاستعماري منذ البداية. وقد بدأت الجماعات المنظمة في بعض المستعمرات الإفريقية المطالبة بالحكم الذاتي منذ أوائل القرن العشرين. لكن المناداة بالاستقلال لم تصبح حركةً جماهيريةً قوية إلا بعد الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م).

قاد الإفريقيون الذين تعلموا في أوروبا المنظمات التي تدعو إلى الحكم الذاتي في كثير من المستعمرات. وقامت هذه المنظمات مستفيدةً من السند الشعبي لها بتنظيم الإضرابات وحركات المقاطعة والمسيرات. وتطور الشعور المعادي للاستعمار في بعض الأحوال إلى مظاهراتٍ وهجمات وإلى تمرد مسلح. ونتيجةً لذلك، حصلت العديد من المستعمرات على استقلالها في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين. لقد اندلعت ثورة ضد الفرنسيين في الجزائر عام 1954م. ونظراً للوجود الكبير للمستوطنين الفرنسيين، استمرت الثورة ثماني سنوات. وفي عام 1957م، أصبح ساحل الذهب أول مستعمرة إفريقية سوداء تحصل على حريتها. نالت هذه المستعمرة استقلالها من بريطانيا وأخذت اسم غانا. ومنحت كل من بلجيكا وفرنسا وبريطانيا الاستقلال لمعظم مستعمراتها في منتصف الستينيات من القرن العشرين.

كانت حكومة جمهورية جنوب إفريقيا أكبر عقبة في طريق حركة الاستقلال. وحاربت البرتغال معارك ضارية في أنجولا وموزمبيق قبل منحهما الحرية في عام 1975م. وحارب السود في روديسيا طويلاً ضد حكم الأقلية البيضاء ولم تُنتخب حكومة بأغلبية سوداء إلا في عام 1979م. واعترفت بريطانيا باستقلال روديسيا في العام التالي وأعيدت تسمية القطر زمبابوي. ونالت جنوب إفريقيا استقلالها تماماً عن بريطانيا في عام 1931م، لكن حكومة جنوب إفريقيا البيضاء استبعدت السود كلية من شؤون الحكم عن طريق نظام تفرقة عنصرية متشدد يسمى الأبارتيد.

وقد سيطرت جنوب إفريقيا على مقاطعة ناميبيا التي تُسمى أيضاً جنوب غربي إفريقيا فيما اعتُبر مشكلة عالمية خلال منتصف القرن العشرين، إذ نظرت معظم الدول إلى هذه السيطرة على أنها غير قانونية. وبعد سنوات من التفاوض، وافقت جنوب إفريقيا في عام 1988م على خطةٍ لاستقلال ناميبيا. وقد عقدت انتخابات عامة في ناميبيا عام 1989م وأصبح ذلك القطر مستقلاً في 21 من مارس 1990م.

واغتبط الإفريقيون بنيلهم الاستقلال، غير أن قادة كثيرٍ من الدول الناشئة لم يتمكنوا من معالجة العديد من المشاكل التي برزت في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وقد كان لكثير من هذه المشكلات جذوره الاستعمارية قديماً وحديثاً، وارتبط بعضها بفشل الأنظمة في تحقيق التقدم المنشود. وقد أطاح بعض القادة العسكريين بالحكومات المدنية وأقاموا نظماً استبدادية في عدد من البلدان. اشتعلت نيران الحروب الأهلية في كلًّ من الكونغو (كنشاسا) ونيجيريا وتشاد وكذلك في بلدان أخرى.

إفريقيا اليوم:

تواجه بعض الأقطار باستمرار، العديد من المشاكل مثل الفقر والأُمية والأمراض ونقص الطعام. إن فترات الجفاف التي تعم أجزاء من القارة تسهم من وقت لآخر في حدوث نقص مريع في الطعام. وقد كانت فترة الثمانينيات من القرن العشرين أسوأ فترة جفاف تمر بها بعض بلدان القارة، حيث ماتت أعداد كبيرة من الناس والحيوانات نتيجة للمجاعة وما يتصل بها من أمراض. وكان الجفاف مهلكاً في إثيوبيا بصفة خاصة.

والواقع أن الاعتماد على مُنْتَج واحد أو منتجين اثنين كمصدر للدخل القومي يعوق مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كثير من البلدان الإفريقية. كما تسَّببت معدلات التضخم العالية في الدول الصناعية في قيام إفريقيا بسداد قيمة البضائع المصنعة التي تستوردها بأكثر مما تتقاضى عن المواد الخام التي تصدِّرها. ومن ناحية أخرى، فإن التنافس العرقي مازال يؤرق كثيراً من البلدان، كما أن الخلافات الإقليمية قد أدت إلى حروب متعددة بين بعض الأمم الإفريقية.

إن إحدى أكبر المعضلات في إفريقيا كانت مشكلة التمييز العنصري للسود في جنوب إفريقيا. والواقع أن صناعات جنوب إفريقيا وقواتها المسلحة هي الأكثر تطوراً في القارة، كما أن ثروتها المعدنية تزوِّد العالم الصناعي بمواد خامٍ حيوية، لكن سياسات الحكومة البيضاء تجاه الأغلبية السوداء كانت قد أغضبت الدول الإفريقية وجلبت الانتقاد من معظم دول العالم. وقد جعلت الاضطرابات المناوئة للحكومة وأشكال التظاهر الأخرى التي يقوم بها السود في جنوب إفريقيا مركزاً يستقطب اهتمام العالم.

وقد أُجريت في أوائل مايو 1994م أول انتخابات حرة يشترك فيها البيض والسود. وقد أسفرت تلك الانتخابات عن فوز حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه نيلسون مانديلا. وقد تم تنصيب نيلسون مانديلا بصورة رسمية كأول رئيس أسود لجنوب إفريقيا في 10 مايو 1994م. وتنتهي بتنصيبه أربعة قرون من الفصل العنصري في تلك البلاد.

ينظر الكثيرون إلى إفريقيا بتفاؤل برغم مشاكلها. إن أعداداً متزايدة من الإفريقيين ينتظمون في المدارس أكثر من ذي قبل وينمُّون مهاراتٍ لازمةً لتطوير مستوياتهم المعيشية. كما أن الموارد المعدنية القيمة في كلًّ من أنجولا والجابون ونيجيريا، أو في بلدان أخرى، يمكن أن تؤدي إلى بناء قوة اقتصادية متينة.

تحاول البلدان الإفريقية أن تعمل معاً من أجل حل مشاكلها، ويتم التعاون بصورة طيبة تحت شعار حركة الأفرقة. وتسعى منظمة الوحدة الإفريقية، وهي منظمةٌ للدول الإفريقية، إلى إيجاد حلول للصراعات بين الدول الإفريقية. لقد طوَّر الإفريقيون التجمعات الإقليمية لتقوية التعاون في الشؤون الاقتصادية. فنجد، على سبيل المثال، أن المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا تعمل على تيسير التجارة بين أعضائها. وهناك مجموعةٌ أخرى، وهي مجموعة شرق إفريقيا يتنازع أعضاؤها (كينيا وأوغندا وتنزانيا) على عدد من المسائل. لكن هذه التجمعات لن تحلّ مشاكل إفريقيا بل تُبقِي الأمل فقط في أن التعاون سيؤدي حتماً إلى التقدم وإلى المزيد من الاستقرار في القارة. وفي تسعينيات القرن العشرين تحولت كثير من حكومات الدول الإفريقية من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعددية الحزبية.


تواريخ مهمة في إفريقيا

2 k kق.م ربما يكون الأناس الأوائل قد عاشوا في إفريقيا الشرقية.
5000ق.م مارس الناس الزراعة في إفريقيا.
3100ق.م توحدت مصر العليا ومصر السفلى في بلد واحد.
2000ق.م. ظهرت مملكة كوش جنوب مصر (شمالي السودان حاليًا).
30ق.م الإمبراطورية الرومانية تسيطر على إفريقيا الشمالية.
هجرة القبائل المتحدثة بلغة البانتو جنوباً.
القرن الرابع الميــلادي مملكة أكسوم تصبح مملكةً نصرانية.
القرن الخامس الميلادي الممالك النوبية تتحول إلى النصرانية.
639-710مالعرب المسلمون يفتحون إفريقيا الشمالية.
1000-1500م تأسست ممالك كبرى في إفريقيا جنوبي الصحراء.
القرن الخامس عشر الميلادي بدأ البرتغاليون في اكتشاف ساحل إفريقيا الغربي.
1652م الهولنديون يؤسسون مدينة الكاب.
أواخر القرن الثامن عشر بدأ الأوروبيون في اكتشاف أغوار إفريقيا.
الثمانينيات من القرن التاسع عشر بدأت الحكومات الأوروبية في بسط نفوذها على أجزاءٍ من إفريقيا.
العشرينيات من القرن التاسع عشر توطدت أركان الحكم الأوروبي في إفريقيا.
الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين نالت معظم المستعمرات استقلالها.
1975م البرتغال، آخر بلد أوروبي يهيمن على أراضٍ إفريقية كبيرة، يتخلى عن مستعمراته.
1979م الإفريقيون السود في روديسيا (زمبابوي) يمسكون بزمام الحكم وينهون حكم الأقلية البيضاء هناك.
الثمانينيات من القرن العشرين أحد أسوأ أشكال الجفاف في التاريخ يضرب إفريقيا، وكانت إثيوبيا أكثر تضررًا من غيرها.
1990م ناميبيا تحصل على استقلالها مُنهيةً حكم الأقلية البيضاء للإقليم.
1991م ألغيت سياسة التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا.
1994م أنهت انتخابات ديمقراطية غير عنصرية حكم الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا.

إختبر معلوماتك :

  1. ما الأدوار التي تؤديها الآداب غير المكتوبة في إفريقيا؟
  2. من البدو وكيف يعيشون؟
  3. كيف جعل مناخ إفريقيا التقدم الزراعي صعباً؟
  4. ما التغييرات الأساسية التي أدخلها الاستعمار إلى إفريقيا؟
  5. ما لغات التكتكة وأين تستعمل في إفريقيا؟
  6. ما المشاكل التي صاحبت الانتقال من الزراعة الإعاشية إلى زراعة المحاصيل النقدية؟
  7. ما أكثر الأقطار الإفريقية تصنيعاً؟
  8. لماذا نجد معدلات الوفيات في إفريقيا عالية؟
  9. ما المشاكل التي تواجهها إفريقيا اليوم؟
  10. متى أُجريت أول انتخابات تشريعية حرة في جنوب إفريقيا وما نتائجها؟

المصدر: الموسوعة العربية العالمية