الرئيسيةبحث

العرب ( Arabs )



العـــرب الأمة التي توحدها لغة واحدة هي اللغة العربية، والتاريخ الواحد والحضارة الواحدة. يعيش معظم العرب في جنوب غربي آسيا وشمالي إفريقيا. هاجر منهم كثيرون إلى بلدان عديدة كالبرازيل والولايات المتحدة وكندا وفرنسا وبريطانيا وبعض البلدان الإفريقية. ويبلغ عدد العرب المقيمين في العالم العربي نحو 209 مليون نسمة.

ولعبارة العالم العربي تحديدان: سياسي ولغوي. 1- في التحديد السياسي: يضم العالم العربي مجموعة الدول التي تضمها جامعة الدول العربية، وهي تسع عشرة دولة: الأردن، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، تونس، الجزائر، السودان، سوريا، العراق، عُمان، قطر، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، المغرب، المملكة العربية السعودية، موريتانيا، اليمن، فلسطين. تسمّى دولاً عربية لأن معظم سكانها عرب وحكامها من العرب. وثمة ثلاث دول أخرى، جيبوتي والصومال وجزر القمر، تضم مجموعات من العرب، وتندرج ضمن التحديد السياسي لمصطلح العالم العربي لأنها منتمية إلى جامعة الدول العربية. 2- في التحديد اللغوي: يضم العالم العربي مجموعة السكان الذين يتكلمون العربية بوصفها لغة أمًا. غير أن الدول العربية تضم أقليات من غير العرب (كالأكراد في العراق والبربر في شمالي إفريقيا). وفي بعض الدول غير العربية، كإيران مجموعات سكان عرب.

من المرجَّح أن كلمة عرب تعود في الأصل إلى بدو رُحَّل اعتمدوا الجَمَل وسيلة لنقلهم في شبه الجزيرة العربية وفي مناطق مجاورة في الشرق الأوسط. لكن هذه الكلمة باتت تعني، فيما بعد، الذين يتكلمون العربية بوصفها لغة أمًا. ومع السنوات، انحسر عدد العرب الرُحَّل في الفلوات، وبات العرب يسكنون المدن والحواضر والقرى.

تربط العرب عناصر مشتركة من حضارتهم هي: اللغة العربية، والأدب العربي، والفنون العربية. وتجمعهم عناصر دينية وتاريخية ؛ فمعظم العرب مسلمون، ولمّا كان بلوغ العرب أعلى المستويات السياسية والثقافية في القرون الوسطى مرتبطًا بانتشار الإسلام فإننا نجد أن العربي غير المسلم، يُجِلُّ الإسلام دينًا، ويعي دوره الحضاري.

بدأ شعور العرب بضرورة توحدهم تحت لواء الهوية العربية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين حين كانت معظم الأراضي العربية تحت الحكم التركي وحكم الانتداب الأوروبي. يضاف إلى ذلك وعي العرب بعظمة التراث العربي الذي نقلوه إلى أوروبا في العصور القديمة.

أرض العرب

يمتد العالم العربي على مساحة تبلغ نحو 13 مليون كم²، ويضمُّ أقسامًا كبرى في ثلاث مناطق: شبه الجزيرة العربية وشمالي إفريقيا وجزء من البقعة التي أطلق عليها الرحالة العربي ابن بطوطة اسم الهلال الخصيب (العراق، الأردن، لبنان، سوريا، فلسطين). غير أن فلسطين اليوم مقسّمة إلى منطقتين: الأولى محتلة، والأخرى (الضفة الغربية وقطاع غزة)، يسكنها أهلها العرب الفلسطينيون. وهناك اتّفاق بأن تتولَّى السلطة الوطنية إدارة هذه المنطقة في ما يُسمَّى بالحكم الذاتي على أن تبقى السلطة الفعلية، في يد اليهود.

وبرغم اتساع رقعة الأراضي العربية، لا يسكن أهلها سوى أجزاء محدودة منها، لأن الباقي أرض رملية صحراوية (الصحراء الغربية في شمالي إفريقيا، والصحراء العربية في شبة الجزيرة العربية، وبادية الشام في الهلال الخصيب) أو جبلي تعلوه الثلوج (المغرب ولبنان). ويتوزع العرب في سكنى أراضيهم على المناطق الخصبة التي تتوفر فيها المياه والرطوبة، كالتلال أو السواحل والسهول (لبنان وسوريا وفلسطين وبعض مناطق شمالي إفريقيا)، وعلى وديان الأنهار (وادي النيل ودلتا النيل ـ حيث يعيش أكثرية سكان مصر الذين يشكلون نحو ربع السكان العرب ـ أو منطقة ما بين النهرين حيث يعيش معظم سكان العراق).

في العصور القديمة، كان النقص في المياه عائقًا أمام إمكانات الزراعة، وعاملاً رئيسيًا في بطء النمو السكاني والاقتصادي، لكنه لم يَحُل دون ممارسة العرب تجارة واسعة مع بلدان عديدة حتى قبيل القرن التاسع عشر الميلادي.

نمط الحياة في العالم العربي

معظم العرب يعيشون في المدن والحواضر الكبرى، ويعملون في المصانع والمؤسسات الخاصة والحكومية. الصورة (يمين) مجمع تجاري يشمل مختلف قطاعات الأعمال. والصورة (أعلاه) لمجمع سكني يعطي دلالة على مدى تقدم الحياة الحضرية عند العرب.
إذا كان طابع البداوة والارتحال هو الطابع الغالب على حياة العرب الأوائل، فلم يعد في العرب اليوم من هذا النمط سوى أقل من 1%. ومعظم عرب اليوم يعيشون في المدن والحواضر الكبرى، ويعملون في المصانع والمؤسسات الخاصة والحكومية أو في قطاعات الأعمال والصحة، ويعيش قسم منهم في قرى صغيرة مزراعين أو تجارًا صغارًا. وثمة دول عربية أتاحت فيها شبكة المواصلات العريضة وصول المصانع والمعامل إلى القرى والأرياف التي أوجدت عملاً للكثيرين من سكان تلك المناطق النائية.

رابط اللغة:

يتكلم جميع العرب العربية. فهي لغتهم الأم. وإذا اختلفت لهجاتهم الجارية على ألسنتهم من منطقة إلى أخرى، فإن العربية الفصحى على مستوى الكتابة توحد بينهم. ويحرص العرب على الفصحى لأنها لغة القرآن الكريم. وهي اللغة الرسمية للدول العربية ولغة التعليم العام ووسائل الإعلام. على أن بين العرب من يستعملون لغات أجنبية لغة ثانية، أبرزها الإنجليزية والفرنسية. ★ تَصَفح: اللغة العربية.

رابط الدين:

أكثر من 90% من العرب مسلمون. وجُلّهم من أهل السنة، ومنهم الشيعة (في العراق، وشرقي شبه الجزيرة العربية، ولبنان) والدروز (في لبنان، سوريا، فلسطين). أما العرب غير المسلمين، فإن معظمهم من النَّصارى مثل: الأقباط (في مصر)، الكاثوليك والأورثوذكس والبروتستانت (في العراق، الأردن، لبنان، سوريا، فلسطين). وفي بعض الدول العربية توجد أقليات قومية ودينية. ★ تَصَفح: الإسلام.

معظم العرب الريفيين يعيشون في منازل من طابق واحد أو عدّة طوابق. وتتخذ هذه المنازل أشكالاً هندسية مختلفة. ففي الصورة (على اليمين) منازل تقليدية في المملكة العربية السعودية، وأخرى (الصورة على اليسار) لمنازل تقليدية أيضاً في اليمن.

الحياة العائلية:

يقيم العرب للروابط العائلية شأنًا كبيرًا. ويعلقون أهمية كبرى على الانتساب إلى فروع وجذور وأفخاذ في القبيلة أو العائلة. وغالبًا ما كانوا يتزوجون من داخل النسب الواحد. ومن عاداتهم أيضًا الاستضافة وإكرام الضيف. ★ تَصَفح: القبيلة.

على أن تلك الأنساب تشعَّبت في القرون الأخيرة بسبب تأثير القيم الغربية وحاجة بعض العرب إلى السفر من أجل العمل. غير أن الكثيرين مازالوا يحافظون على الرَّوابط العائلية.

وإذا كان دور المرأة العربية في السابق هو الاهتمام بتربية الأولاد وأمور المنزل فقط، فإن ضرورات الحياة في بعض الدول العربية دفعتها مؤخرًا إلى ميدان العمل.

عامل التربية:

كان التعليم الغالب لدى أكثر البلدان العربية يقتصر على علوم الدين والعربية. ثم اتصل العرب بالثقافات الحديثة وأضافوا إلى علوم الدين والعربية علوم الطب والهندسة وغيرها، فضلاً عن تطوير مناهج علوم العربية والدين.

ويتلقى نحو 90% من الذكور في العالم العربي يتلقوا دراسة ابتدائية على الأقل. وقد عرف العرب التعليم العالي منذ القدم، حيث أنشأوا: جامعة الزيتونة، والأزهر، والقرويين. أما اليوم فيبلغ عدد الجامعات في الدول العربية أكثر من 85 جامعة كبرى.

الآداب والفنون:

. يرجع الأدب العربي إلى نحو 1500عام بدءًا بالعصر الجاهلي الذي يعود أقدم نص وصلنا منه إلى نحو عام 500م. ثم كان عصر النبوة والخلافة الراشدة فالأموي فالعباسي. وعرف العرب شعراء وكتّابًا من مختلف الأنواع الأدبية والفكرية والعلمية والفلسفية. ولا يزال الشعر هو ديوان العرب الأوّل، مع أن مؤلفات عديدة تصدر لهم في الرواية والقصة والمسرح والوجدانيات.

حقق العرب قديمًا تفوقًا مرموقًا في فنون تشكيلية مختلفة، كالزخرفة والعمارة والخطوط وغيرها. ونما في القرن العشرين دورهم في الفنون التشكيلية. ولهم تاريخ طويل من الموسيقى التي تركت أثرها الكبير على الغرب سواء بالأداء أو بالإيقاع أو حتى بالآلات.

الملابس:

يرتدي بعض العرب العباءات والجلباب. وفي بعض البلدان، تلبس النسوة الحجاب في الأماكن العامة. غير أن الأزياء الغربية غلبت على أنحاء كثيرة من العالم العربي ولم تعد مشهدًا غير مألوف. ولا يزال الريفيون في المناطق الزراعية يلبسون الكوفية والعقال.

النفط أصبح مصدرًا أساسيًا في اقتصاد بعض الدول العربية، حيث يختزن الوطن العربي ثلاثة أخماس الاحتياطي العالمي منه.

السكن:

يعيش معظم العرب الريفيين في منازل من طابق واحد أو طابقين، مبنية من حجارة، سقفها من قرميد أو طين. وتتخذ هذه المنازل أشكالاً هندسية مختلفة. ومع أن المدن العربية الكبرى شهدت أبنية على الطراز المعماري الغربي، فلاتزال منازل كثيرة في المناطق الريفية (المملكة العربية السعودية، اليمن) تعكس الطابع العربي التقليدي.

الاقتصاد:

كان العالم العربي، لقرون عديدة ملتقى طرق التجارة الدولية. وكان العرب وسواهم من التجار ينقلون التوابل والأقمشة والزجاج بين آسيا وإفريقيا وأوروبا. وقد تراجع الاقتصاد في العالم العربي حين ازدهرت التجارة والصناعة في أوروبا خلال القرن الثامن عشر. غير أن تدفق النفط في الأراضي العربية مع مطلع القرن العشرين، أعاد إليها أهميتها لأنه بات أهم الموارد الاقتصادية في العالم. وتملك الدول العربية ثلاثة أخماس احتياطي النفط في العالم. وساعدت أموال النفط بعض الحكومات العربية (المملكة العربية السعودية، البحرين الكويت، العراق، ليبيا، عُمان، قطر، الإمارات العربية المتحدة) على تحسين وضع بلدانها في حقول كثيرة مثل التربية والصحة والنقل والمواصلات والقطاعات الحيوية. غير أن بلدانًا أخرى لا تزال تعاني بعض الفقر في وضعها المعيشي. وإجمالاً، تعتمد بعض الدول العربية على تصدير النفط والمواد الأولية والمنتجات الزراعية. أما الدول العربية التي تعتمد على تصدير منتجاتها الصناعية فهي قليلة (الأردن، لبنان، المغرب، تونس، مصر).

نبذة تاريخية

الكعبة المشرفة في مكة المكرمة بلمملكة العربية السعودية
مدينة القدس مهد الديانات السماوية الثلاث. و يظهر فيها المسجد الاقصى
الأزهر الشريف من الجامعات التي أنشأها العرب منذ القدم.

العرب قبل الإسلام:

ورد أقدم ذكْر للعرب في وثائق آشورية حوالي عام 850 ق.م. وهذه الوثائق تصف العرب القدماء بأنهم قوم رُحَّل ورعاة إبل عاشوا فيما يطلق عليه اليوم الأردن وفلسطين، ثم انتشروا شمالاً وشرقًا فيما يطلق عليه اليوم سوريا والعراق، وجنوبًا إلى وسط شبه الجزيرة العربية.

ونحو عام 400ق.م، بدأت القبائل العربية تشكل دويلات وممالك صغيرة، معظمها على جوانب طرق القوافل، كان أبرزها البتراء وتَدْمُر. والبتراء (الأردن اليوم)، كانت عاصمة النبطيين ثم اجتاحها الرومان عام 106م لكنها عادت وازدهرت وظلت كذلك حتى مطالع القرن الثاني. وتَدْمُر (في بادية الشام) وقعت تحت الحكم الروماني حوالي عام 160م وبلغت أوجها في منتصف القرن الثاني.

ظهور الإسلام وانتشاره:

بعث الله خاتم الأنبياء والرسل مُحَمَّدًا ﷺ، من جزيرة العرب في بدايات القرن السابع الميلادي إلى الناس كافة، وأنزل عليه القرآن الكريم. وقد وُلِدَ الرسول العربي في مكة المكرمة عام 570م ونشأ فيها. ثم هاجر إلى يثرب (المدينة المنورة شمالي مكة) عام 622م. ومنذئذ، بدأ التقويم الهجري. وعند وفاته عام 633م، تعاقب على خلافته أربعة خلفاء راشدين، انتشر الإسلام على عهدهم من مصر إلى إيران ثم أخذت الدولة العربية ترتكز ـ في قيادة العرب المسلمين ـ على الإسلام دينًا وعلى العربية لغةً.

وطوال مئات من السنين، كانت الحياة السياسية في تلك الدول الشاسعة بأيدي مجموعات متعددة: قريش(قبيلة النبي ﷺ) والأمويون والعباسيون والعلويون. نشر الأمويون (661 - 750م) الإسلام حتى أسبانيا غربًا والهند شرقًا. ونشر العباسيون (750 - 1258م) الفنون والثقافة في عصورهم الأولى. أما العلويون، فقد كانوا دائما يحاولون الثورة على العباسيين للاستئثار بالحكم، ولم ينجحوا في ذلك إلا حين أنشأوا الحكم الفاطمي عام 297هـ، 909م ودام حتى 567هـ، 1171م.

وهكذا، تكونت الهوية العربية من استخدام العربية لغةً، ومن الاعتزاز بالإسلام دينًا، ومن التراث الأدبي والفكري الذي تكوَّن على أيام الأمويين والعباسيين.

بين القرنين العاشر والخامس عشر، تعرضت أجزاء من شرقي الأراضي العربية لغزوات متتالية أبرزها من السلجوقيين الأتراك والمغول، وما بقي من شمال إفريقيا كان في حكم العرب والبربر.

العثمانيون والحكم الأوروبي:

في حوالي منتصف القرن السادس عشر، وُضِعت معظم الأراضي العربية تحت حكم العثمانيين الذين كانوا يحكمون تحت راية الخلافة الإسلامية.

وفي مطلع القرن الثامن عشر، ازدهر النمو الاقتصادي والعسكري في معظم أوروبا، فتفوَّق الأوروبيون على العثمانيين. وحين حاول هؤلاء تحديث اقتصادهم، أكثروا الاستدانة من الأوروبيين فوقعوا تحت نفوذهم. واجتاحت بلدان أوروبية مناطق كبيرة من أراضي الدولة العثمانية، فاحتلت فرنسا الجزائر عام 1830م، كما سيطرت على المغرب وتونس في مطلع القرن العشرين. واحتلت بريطانيا في نهايات القرن التاسع عشر السودان ومصر، وسيطرت على سواحل شبه الجزيرة العربية. واحتلت إيطاليا ليبيا عام 1912م.

ظهور القومية العربية:

قامت القومية العربية لتناهض الهيمنة الأوروبية على أجزاء العالم العربي. ويرى بعض المؤرخين أن العثمانيين بحكم صلاتهم بالغرب وبسبب ضعف بعض حكامهم كانوا وراء طمع الغرب في بلاد العرب. كذلك يرى بعضهم أن القومية نفسها صنيعة من صنائع الغرب أراد بها حرب الإسلام والعرب. والقومية العربية موجة ظهرت ضمن تيار القوميات التي ظهرت بداياتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في العالم الثالث حركة ضاربة للاستعمار، قامت على مبدأ أن الإنسانية مكونة من قوميات وشعوب ترتبط فيما بينها بعامل تاريخي ولغوي مشترك، ولكل قومية مطلب تاريخي، هو تحقيق السيادة على أرضها القومية.

غير أن الإسلام ظل القوة العظمى التي ربطت بين معظم العرب. وقد قامت في العالم العربي مع مطلع القرن العشرين حركات قومية اتخذت تيارين: الأول ازدهر في مناطق معينة من العالم العربي، والآخر اتخذ اللغة العربية عاملاً مشتركًا للوحدة العربية، وهو الذي سمي لاحقًا بالتعبير السياسي تيار القومية العربية.

وبعد دخول العثمانيين الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا عام 1914م، نشطت بريطانيا في تأجيج ثورة قومية عربية ضد العثمانيين، ووعدت قادة تلك الثورة بإقامة حكم ذاتي على الأراضي العثمانية بعد انتهاء الحرب. لكن بريطانيا أجرت اتفاقًا سريًا مع فرنسا بشطر تلك الأراضي إلى منطقتي نفوذ بريطانية وفرنسية. وفي عام 1918م، حين وضعت الحرب أوزارها، قامت عصبة الأمم التي صارت فيما بعد منظمة الأمم المتحدة بشطر الأراضي العربية التي كانت تحت السيطرة العثمانية إلى شطرين، فحكَّمت بريطانيا على العراق وفلسطين وشرق الأردن الذي يسمَّى اليوم الأردن، بينما حكَّمت فرنسا على سوريا ولبنان. ووفقًا للاتفاق الثنائي بينهما ، تعيَّن على بريطانيا وفرنسا بصفتهما سلطة انتدابية أن تشرفا على سير تلك الدول نحو الحكم الذاتي.

الصراع من أجل الاستقلال:

في مطلع العشرينيات، بعد انتهاء الحرب تمامًا، كان العرب موزعين على أكثر من خمس عشرة محمية أوروبية (تحت الانتداب)، وحدثت انقسامات سياسية واقتصادية وثقافية. وعند ذلك، ضعف تيار القومية العربية، وبات تركيز السكان يتجه فقط نحو تحقيق الاستقلال الوطني في الأرض التي يعيشون في كنفها. أخذت دول عربية تغنم استقلالها تدريجيًا، وقد تمت عملية الاستقلال في بعض الدول العربية بصورة سلمية (الكويت). وفي بعضها الآخر ، اكتنفت هذه العملية معارك دامية (الجزائر)، وبعضها بالانتفاضات الشعبية والاحتجاج (مصر) وآخر الدول المستقلة هي البحرين وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة.

بعد الاستقلال:

سيطرت على الحياة السياسية في معظم الدول العربية منذ الاستقلال إحدى قوتين: عوائل عريقة أو قيادة جيش. ولم يعمد الانتداب الأوروبي إلى إنشاء مؤسسات حكومية ديمقراطية في الدول التي حكمها، وذلك كي لا تهدد تلك المؤسسات حكم الانتداب. كما لم يعمل على تعزيز النظام الاقتصادي أو التربوي خوفًا من الوعي الذي سينتشر حتما في صفوف الشعب.

السعي إلى الوحدة:

في عام 1945م، قامت سبع دول عربية بتأسيس الجامعة العربية. ثم انضمت إليها جميع الدول العربية (وبعثة عن فلسطين) سعيًا إلى تحقيق هدفها بتقوية الأواصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيما بينها.

حاولت ـ أكثر من مرة ـ دولتان أو ثلاث دول عربية إنشاء وحدة سياسية فيما بينها، بتأثير من فكرة القومية العربية. وهذا ما حصل مثلاً بين مصر وسوريا حين أنشأتا الجمهورية العربية المتحدة عام 1958م. لكن تلك الوحدة انهارت حين انسحبت سوريا منها عام 1961م. وجرت محاولات أخرى للوحدة، ولكن لم يُكتب النّجاح لمعظمها.

حرب الخليج الأولى والثانية:

اندلعت حرب مدمِّرة بين العراق وإيران في سبتمبر 1980م، ولم تتوقَّف إلا عام 1988م، وقد قضت تلك الحرب على كثير من قدرات البلدين. ثم كانت حرب الخليج الثانية التي أدَّى إليها احتلال العراق للكويت في أغسطس 1990م. وتمَّ إجلاء القوات العراقية وتحرير الكويت، وتسبَّبت تلك الحرب في انقسام الدول العربية وتدهور اقتصادياتها وتضررت فكرة الوحدة العربية. ★ تَصَفح: حرب الخليج الثانية.

أطفــال الحجـــارة الفلسطينيون. إصرار على عودة الأرض وطرد العدو الإسرائيلي المغتصب.

الصراع العربي الإسرائيلي:

بدأ ذلك في مطلع القرن العشرين حين أخذ مهاجرون يهود يفدون من أوروبا إلى فلسطين. وفي عام 1917م، دعمت بريطانيا مبدأ إنشاء دولة يهودية في فلسطين (وعد بلفور). وكانت هي نفسها قد وعدت بدعم قيام حكم ذاتي عربي مستقل في الأراضي التي كانت عثمانية، ومن بينها فلسطين. ومنذئذ، أخذ الصراع يتوتر بين العرب واليهود. وفي عام 1947م، تبنت الأمم المتحدة مشروعًا رفضه العرب بتقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية. وفي عام 1948م، شنت عدة دول عربية حربًا على دولة إسرائيل لاسترداد الحقّ العربي، فكانت الحصيلة لجوء آلاف الفلسطينيين إلى الدول العربية المجاورة. وانتهت الحرب عام 1949م دون إجراء أي معاهدة سلام. وتسبّب الصراع العربي الإسرائيلي في اشتعال حروب متتالية (1956، 1967، 1973م). وفي عام 1982م اجتاحت إسرائيل لبنان وأجبرت منظمة التحرير الفلسطينية على الخروج من بيروت. وكان يسقط يوميًا شبان فدائيون في حركة الانتفاضة التي بدأت عام 1987م وهي التي اشتهرت باسم ثورة الحجارة. وقد تواصلت الانتفاضة دون انقطاع حتى بلغت ذروتها ابتداءً من سبتمبر 2000م عندما دنس السفاح شارون المسجد الأقصى مع حرسه فأصبحت تعرف باسم انتفاضة الأقصى. وقد واجهت إسرائيل هذه الحجارة بالأسلحة الحديثة مثل صواريخ لاو وطلقات دمدم المميتة وغيرها جعلت الانتفاضة تقدم الشهداء على مدار اليوم كان أشهرهم الطفل محمد جمال الدرة (10 سنوات) الذي قتل بوحشية هزت العالم، ثم الطفلة إيمان حجو (4 شهور). واجه الفلسطينيون البطش الإسرائيلي المتزايد وحملة الاغتيالات الانتقائية التي تختار نشطاء الانتفاضة باتباع أسلوب القنابل البشرية حيث فجّر بعض الاستشهاديين العبوات الناسفة التي حملوها بين جنباتهم في مناطق حيوية داخل فلسطين المحتلة.

سبَّب الصراع العربي الإسرائيلي صراعات سياسية بين الدول العربية نفسها ؛ ففي عام 1979م وقعَّت مصر صلحًا منفردًا مع إسرائيل (بعد معاهدة كامب ديفيد) مما دفع العرب إلى إخراجها من جامعة الدول العربية. لكنها عادت إلى الحظيرة العربية عام 1989م.

وفي سبيل البحث عن حل لهذا الصراع التاريخي، بدأت بعض الدول العربية وممثلون عن الفلسطينيين مفاوضات سلام مع إسرائيل، جرى معظمها تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا انتهت بتوقيع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وإسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي في الرابع من مايو 1993م على اتفاقية الحكم الذاتي للفلسطينيين في غزة وأريحا. وقد أخذت بعض الدُّول العربية، مثل: الأردن وتونس والمغرب تعترف بإسرائيل.

منظر جوي لقلب تدمر، إحدى الممالك الصغيرة قديمًا في بادية الشام.

العرب اليوم:

مازال العرب يواجهون تحديات مصيرية. من ذلك، مشاكل الفقر وازدياد عدد السكان وضعف العناية الصحية والشح في تسهيلات الأنظمة التربوية في بعض الدول. وفي دول أخرى، نفطية غنية، بلغت حكوماتها مستوى عاليًا جدًا في العناية الصحية والأنظمة التربوية، ولكنها تسعى إلى إيجاد أنشطة اقتصادية بديلة تحسبًا للشح المرتقب في النفط في باطن أراضيها، وبالتالي في مواردها المالية. وتسعى دول عربية أخرى إلى إيجاد حلول لمشاكل عِرْقية أو دينية داخلية كتلك التي بين العرب والأكراد في العراق، أو بين الشماليين والجنوبيين في السودان، إضافة إلى المشكلة التاريخية المزمنة بين العرب واليهود (إسرائيل) في فلسطين المحتلة.


المصدر: الموسوعة العربية العالمية