الرئيسيةبحث

إقليم البحرين

إقليم البحرين (مصطلح قديم) هي منطقة تاريخية كانت تقع في شرق شبه الجزيرة العربية. امتدت من البصرة شمالا إلى عمان جنوباً على طول ساحل الخليج العربي، وقد شملت الكويت، والأحساء، والقطيف، بالإضافة إلى جزر أوال (مملكة البحرين حالياً).

فهرس

تاريخ

فترة ما قبل الإسلام

التحضّر في هذه المنطقة قديم جداً و يعود على الأقل إلى حضارة دلمون التي ازدهرت فيما بين 2200 و 1600 قبل الميلاد، و التي كان مركزها في جزر البحرين و تركت هناك آثاراً كثيرة. كما تعود بعض أقدم النقوش باللغة العربية إلى هذه المنطقة و هي النقوش الحسائية (نسبة إلى الأحساء)، و التي تمثّل مرحلة قديمة من اللغة العربية كانت تستخدم فيها حرف "الهاء" كأداة تعريف أسوة باللغات السامية الأخرى كالعبرية و السريانية.

و ترد القطيف الحالية باسم "كاتيوس" في الخرائط الرومانية، كما عرفها العرب باسم "الخط". أما واحة الأحساء، فعرفت حينها باسم هجر. كانت المنطقة مركزاً للمسيحية النسطورية حتى قدوم الإسلام في عام 629.

تنوخ

تشكلت تنوخ من اتحاد قبلي شمل أكبر القبائل العربية، ضمت :قضاعة، وقبيص، وإياد، وتميم، والأزد، وجماعة من العماليق، وبقية من القبائل العربية النجدية والتهامية، واتفق زعماء هذه القبائل على تمليك زعيمهم مالك بن فهم والمناداة به ملكاً على المنطقة المحصورة بين نجد غرباً والخليج العربي شرقاً وحدود عُمان جنوباً، وحدود البصرة شمالاً ، وقد سميت هذه المنطقة الجغرافية الشاسعة البحرين.

ويخالط الغموض قصة هجرة العرب إلى العراق، وقصة الحلف التنوخي، وقيام الممالك العربية في العراق وسوريا ، ألا ان مؤرخي العرب كافة أتفقوا على أن القبائل العربية تحالفت باسم تنوخ وحكموا إقليم البحرين وتطلعوا إلى العراق ودخلوه ، وكان أول ملك عربي منهم هو مالك بن فهم الذي مات في العراق ودفن فيه ، وتولى الحكم بعده أخوه عمر بن فهم، فلما مات عمر تولى الملك جذيمة الأبرش.

وفي عهد الملك جذيمة الأبرش استقر الملك للعرب وتطورت أساليب إدارة الحكم وشؤون المُلك ولا شك أن جذيمة الملك استفاد من معارف الفرس وأنظمتهم وأساليبهم في تدبير شؤون المُلك، ووصفه المؤرخون بأنه ملك عظيم ضم إليه شمل العرب وأسس لهم أركان دولة كبيرة وغزا بجيوشه الممالك المتاخمة لدولته الممتدة.

العصر الإسلامي الأول

و في بداية القرن 7 كان إقليم البحرين من أول المناطق التي اعتنق سكانها الإسلام في شبه الجزيرة العربية، بالرغم من بعدها عن المدينة المنورة. بني في ذلك العهد مسجد جواثا في هجر، و يعد من أقدم المساجد في التاريخ و بعض آثاره قائمة في العصر الحالي. كانت القبيلة الأبرز في المنطقة آنذاك هي عبد القيس من ربيعة بزعامة الجارود بن المعلى العبدي، و عليه سمّيت بلدة الجارودية الموجودة في نواحي القطيف إلى اليوم، و قد دخلت القبيلة بقيادته في الإسلام سلماً حسب ما ترويه المصادر الإسلامية. و كان من قبائل المنطقة الأخرى عشائر من بني تميم و من بكر بن وائل.

كانت البحرين إحدى مسارح حروب الردة بعد وفاة النبي محمد مباشرة عام 633 م، إذ قاتل فيها المسلمون بقيادة العلاء بن الحضرمي المرتدين من بني تميم و غيرهم، إلا أن قبيلة عبد القيس كانت قد بقيت في مجملها على الإسلام.

بقيت البحرين موالية لعلي بن أبي طالب أثناء الحرب التي خاضها مع معاوية بن أبي سفيان في خلافته، و لكن في العصر الأموي استولى على المنطقة طائفة النجدات من الخوارج، و كان مركزهم في اليمامة (شرق نجد)،إلا أن دولة النجدات سقطت سريعاً عام 692 م. بعد ذلك نصب الأمويون و من بعدهم العباسيون ولاتهم على المنطقة.

القرامطة

في عام 899 احتلها القرامطة، وهم طائفة إسماعيلية. و قد دمّر القرامطة مدينة هجر و أسسوا لأنفسهم عاصمة سميت بالأحساء على مسافة قليلة منها، و أقاموا نظاماً ذا سمات شيوعية و أسقطوا معظم فروض الإسلام في مناطق نفوذهم. و نشر القرامطة و حلفاؤهم من القبائل البدوية من بني عامر بن صعصعة في تلك الفترة الذعر في أنحاء الدولة العباسية، فدمّروا الكوفة كما اجتاحوا الحجازفي عام 930 و أخذوا الحجر الأسود من مكة إلى عاصمتهم الأحساء، فبقي هناك قرابة العشرين عام حتى أعادوه إلى مكة بعد توسّط الخليفة الفاطمي حاكم مصر آنذاك. و في عام 976 انهزم القرامطة على يد الدولة العباسية، كما اصطدموا بالفاطميين، و لكن لم ينته أمرهم في البحرين إلا على يد أسرة العيونيين من بني عبد القيس في القرن الحادي عشر.

من 1000 إلى 1400 م

أزيح العيونييون بعد ذلك من الحكم على يد أسرة أخرى هي آل عصفور من بني عقيل، ثم تولى الحكم في المنطقة آل جروان الشيعة في القرن الرابع عشر. و في هذه الفترة مر الرحالة ابن بطوطة في المنطقة فوصف مدينتي الأحساء و القطيف بأنهما مدينتان مزدهرتان، و أن غالبية أهل مدينة القطيف من الشيعة، دون أن يذكر على أي مذاهب الشيعة كانوا. و هناك مصادر تصف الجراونة بأنهم من بقايا القرامطة، و ذهب بعض المؤرخين مثل جوان كول إلى أنهم كانوا على المذهب الإسماعيلي، إلا أن التشيع الإثني عشري كان قد بدأ بالنمو باطراد تحت حكمهم على أية حال. و قد كانت المدن الساحلية و جزر أوال تدفع خراجاً لحكام هرمز في جنوب إيران في هذه الفترة.

الدولة الجبرية

في القرن الخامس عشر استولى على المنطقة أسرة من بادية الأحساء يقال لهم آل جبر من بني عقيل فأسسوا الدولة الجبرية على أنقاض الدولة الجروانية. و قد كان أبرز حكامها أجود بن زامل الذي امتد نفوذه من شمال عمان جنوباً و حتى ما يعرف حالياً بالكويت شمالاً، كما بسط نفوذه على شرق نجد. و قد صار أجود من أشهر ملوك زمانه و عمل على تعزيز المذهب المالكي السني في الأحساء، إلا أن القطيف ظلت مركزاً للتشيع كما كانت منذ قرون.

الحكم العثماني: الفترة الأولى

و توفي أجود بن زامل عام 1507 و سقطت الدولة الجبرية بعد ذلك بسنوات على إثر الصراع مع البرتغاليين في جزر البحرين و في عمان، بالإضافة إلى الصراع مع قبيلة المنتفق حليفة الدولة العثمانية، فأصبحت المنطقة ولاية عثمانية في أواسط القرن السادس عشر. و في هذه الفترة انحسر مسمى "البحرين" عن المنطقة ليشمل فقط جزر البحرين (أوال قديماً)، و أصبحت المنطقة تسمى مجازاً بمنطقة الأحساء أو بالأحساء و القطيف، نسبة إلى أكبر الحواضر فيها. أما جزر البحرين فسقطت في هذه الفترة تحت حكم البرتغاليين الذين انتزعوها من الجبريين عام 1514 م و أوكلوا إدارتها إلى الهرمزيين، ثم استولى الفرس الصفويون عليها عام 1602 م، قبل أن يتمكن من أمرها آل خليفة من العتوب الذين قدموا إليها من الهدار جنوب نجد، و ذلك في عام 1783 م. في عام 1555م /963هـ ارسل السلطان العثماني جيشاً إلى الاحساء بقيادة محمد باشا وبعد الاستيلاء عليها بنى مسجداً في قلعة الكوت (حي الكوت القديم حالياٌ) يعرف الآن بمسجد الدبس ،وانتهت فترة السيادة العثمانية بعد 117عام اي في عام 1080هـ بعد ان استغل بني خالد ضعف الدولة العثمانية وطردهم من الاحساء وكان اخر ولاتها حينذاك عمر باشا. وسيطر بنو خالد على الاحساء وتولى عليها خالد براك بن عريعر وسمى نفسه ملك الاحساء وذلك عام 1080هـ/1669م. واستمر حكم الخوالد على الاحساء و القطيف حتى عام 1271هـ/1854م الذي سيطرت في الدولة العثمانية على الاحساء مرة ثانية.

دولة بني خالد

انضوى بعد ذلك العديد من قبائل البادية حول الأحساء و القطيف، و أغلبهم من بني عقيل، تحت لواء قبيلة بني خالد، الذين تمكنوا بقيادة براك بن غرير من هزيمة المنتفق و طرد الحاميات العثمانية من الهفوف، التي صارت المدينة الكبرى في واحة الأحساء، عام 1670. و بسط الخوالد حكمهم على الأحساء و القطيف و بواديهما و على شبه جزيرة قطر (و لكن ليس على جزر البحرين)، و قسم آل غرير تلك المناطق بين عشائر بني خالد المختلفة، و بسطوا نفوذهم حتى مشارف البصرة شمالاً، فبنوا حصناً على الساحل هناك باسم "الكوت" أصبح نواة لما يعرف الآن بالكويت. و حاول الخوالد مد نفوذهم إلى إقليم اليمامة شرق نجد، و صار لهم العديد من الحلفاء هناك، كآل معمر حكام بلدة العيينة، إلا أن دولتهم وقعت تحت وطأة الاقتتال الداخلي على الحكم و سقطت على يد الدولة السعودية الأولى الناشئة في الدرعية عام 1793 م.

الحكم العثماني: الفترة الثانية

و على إثر سقوط الدولة السعودية على يد والي مصر من قبل العثمانيين، محمد علي باشا، عام 1818 م، أعاد العثمانيون بسط نفوذهم على الأحساء و القطيف، و نصبوا بني خالد حكاماً على المنطقة من قبلهم، و لكن الخوالد لم يكونوا بالقوة التي كانوا عليها في السابق، و تعقّدت الأمور بدخول قبائل بدوية جديدة قادمة من جنوب الجزيرة كالعجمان و الهواجر و آل مرة إلى المنطقة، و استعاد السعوديون نفوذهم على المنطقة بقيادة فيصل بن تركي مع ضعف النفوذ العثماني. لكن الحكم السعودي لم يدم طويلاً، إذ سقطت الدولة السعودية الثانية في الرياض على يد آل رشيد، حكام حائل، الذين آثروا المهادنة مع العثمانيين و لم يحاولوا مد نفوذهم إلى الأحساء و القطيف، فعادت المنطقة إلى الحكم العثماني المباشر من جديد، و أصبحت المنطقة تابعة لولاية البصرة العثمانية.

أما جزر البحرين، فدخلت في حماية الامبراطورية البريطانية في هذه الفترة حتى استقلالها عام 1971 (انظر بحرين و تاريخ البحرين).

المملكة العربية السعودية

في عام 1914 م استولى عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، على المنطقة و طرد القوات العثمانية منها، فأصبحت جزءً من دولته الناشئة، و لا زالت المنطقة تحت الحكم السعودي إلى اليوم حيث تشكل جزءً من المنطقة الشرقية، إحدى مناطق المملكة الإدارية الثلاث عشرة (انظر شرقية (منطقة)).

مصادر

انظر أيضاً