الرئيسيةبحث

حفظ الأغذية ( Food preservation )



حفظ الأغذية يساعد على منع فسادها ـ ويُستخدم التعليب والتجميد وعديد من الطرق الأخرى لحفظ أنواع متعددة من الأغذية.
حِفْظُ الأغذية أيَّة عملية تُتَّخذ لإبطاء الفساد الطبيعي للأغذية، وتوجد عدة طرق لذلك، تتراوح ما بين التبريد البسيط للأغذية وحفظ الأغذية بالإشعاع. وبعض طرق حفظ الأغذية طرق قديمة جدًا تعود لعصر ماقبل التاريخ، إلا أنه قد تمَّ تطوير طرق جديدة لحفظ الأغذية نتيجة للتقدم العلمي الحديث.

وقد ساعد حفظ الأغذية في جعل الحياة الحديثة ممكنة. وبدون حفظ الأغذية، فإنه كان يلزم لمعظم الأفراد القيام بزراعة الغذاء الخاص بهم. ولا يمكن نقل الغذاء من الريف إلى المدن بدون أن يتعرض للفساد أو التلف بفعل الآفات. نتيجة لذلك، فإنه لم يكُن من الممكن إنشاء مدن جديدة، كما أن المجاعات ستكون في الغالب أكثر شيوعًا وانتشارًا، لأنه بدون حفظ الغذاء يتعذر حفظ الكمِّيات الفائضة من الغذاء للاستخدام في الحالات الطارئة.


كيف يَفْسدُ الغذاء

تفسد جميع أنواع الأغذية عاجلاً أو آجلاً إذا لم يتم حفظها. وبعض المواد الغذائية ـ مثل الحبوب والبندق والجوز ـ يمكن حفظها لعدة أشهر بدون أيَّة معالجات خاصة تقريبًا. بينما لا تبقى بعض الأغذية الأخرى مثل الحليب أو اللحم في حالة طازجة بدون تلف إلا لمدة يوم أو يومين.

ويحدُث فساد الأغذية أساسًا من مصدرين رئيسيّين هما الآفات والكائنات الحيّة الدقيقة أو الأحياء المجهرية. وتشمل الآفات الحشرات والقوارض التي تُدمِّر العديد من المحاصيل تدميرًا كاملاً أو تُحْدث بها إتلافًا كبيرًا عندما تتغذى الآفات بها. وتقوم الآفات كذلك بنقل أمراضٍ خطيرة إلى الغذاء. ويمكن التحكُّم في الآفات عن طريق استخدام مُبيدات الآفات أو بتخزين الأغذية في أوعية خاصة مثل الصوامع الحديدية المُحْكَمة القَفْل التي تَمنع القوارض من الوصول إليها.

وتشمل الكائنات الحية الدقيقة البكتيريا والفُطُر والخميرة. وتَفْسُد الأغذية حينما يتضاعف عدد هذه الكائنات الحية الدقيقة بحيث تُسَبِّب تغيرًا في طعمها أو نكهتها. ويتضاعف عدد البكيتريا بسرعة كبيرة وتنتج حموضًا وغازات وبعض الموادّ الكيميائية الأخرى. وبعض هذه المواد سام للإنسان مثل العفن. وهو فطريات تنمو وتتكاثر على سطح الأطعمة الرطبة في درجة حرارة تساوي 32°م تقريبًا. ومع ذلك يستمر نمو الفُطريات في درجات حرارة منخفضة عن ذلك، لأن بذور الفُطريات تكون قوية ويصعب التخلص منها. ومن السهل رؤية النمو الفُطري على سطح المواد الغذائية، مما يجعل منظرها غير شهيّ وغير مقبول. أما الخمائر فتُنتِجُ الكحول وبعض المواد العضوية الأخرى المُسماة إسترات. وهذه الكحول والإسترات التي تُنتَج في بعض الأغذية بفعل الخمائر تعطي رائحة غير مقبولة.

وقد يحدثُ فسادٌ في المواد الغذائية قبل التمكن من اكتشاف تغيُّر في طعمها أو رائحتها. فعلى سبيل المثال لا يمكن ملاحظة البكتيريا المعروفة باسم كلوستريديم بويتولينم على المادة الغذائية ومع ذلك تسبِّب هذه البكتيريا حالات تَسَمُّم غذائي شديدة الخُطورة تسمى التسمم الغذائي (البتيولية). وهذا التسمم عادةً ما يكون سببًا للوفاة. ★ تَصَفح: التسمم الغذائي.

كيف يُمكن حفظ الغذاء

تشمل أهم طرق حفظ الأغذية الوسائل التالية: 1- المعالجة 2- التعليب 3- التخزين على درجات حرارة منخفضة أو التبريد 4- التجميد 5- التجفيف 6- التجفيف بالتجميد 7- إضافة الموادّ الحافظة 8- التعبئة بالتعقيم 9- الإشعاع. بالإضافة إلى ذلك فإن بعض طرق الحفظ الأخرى، مثل التعقيم (البسترة) والتخمير والتبخير والتخزين في ظروف بيئية محكومة تساعد على حفظ بعض الأغذية.

المعالجة:

تشمل المعالجة إضافة بعض المكوِّنات مثل المِلْح والسكر ونترات الصوديوم ونتريت الصوديوم إلى المواد الغذائية. وتعتبر هذه الطريقة من أقدم طرق حفظ الأغذية. وتُستخدم المعالجة حاليًا لحفظ لحم البقر المعالج وبعض أنواع اللحوم الأخرى. كما تُستخدم الطريقة نفسها أحيانًا لحفظ السمك والبطاطس والخيار وبعض أنواع البندق والجوز.

ولكل من مكونات المعالجة دوره الخاص في التأثير على الأطعمة. فيقوم الملح بإبطاء نمو الكائنات الحية الدقيقة والتخلص من بعض الماء الموجود في الغذاء. بينما يقوم السكر بالتطرية ومعادلة التصلُّب الذي يُسببه الملح. وتساعد أملاح نترات ونتريت الصوديوم في المحافظة على اللّون الأحمر في اللحم. أما التوابل فيتم إضافتها أساسًا لإعطاء الطعم.

وتتمُّ إضافة مكونات المعالجة إلى الأغذية بعدة طرق ؛ ففي بعض الحالات يتم فَرْك هذه المكونات على سطح الأغذية وأحيانًا يتم غمرها في محلول هذه المكونات، أو يتم حقن محلول هذه المكونات مباشرة داخل المادة الغذائية أو يتم مزج هذه المكونات بالمادة الغذائية.

وتتم معالجة بعض أنواع اللحوم والأسماك عن طريق التدخين. ويحتوي الدُّخان الناتج عن حرق الأخشاب على بعض المواد الكيميائية التي تقلل من سرعة نمو الكائنات الحية الدقيقة. ويتم تعليق الأغذية المطلوب تدخينها في مبنى التدخين. وتوفير الدخان اللازم يتم عن طريق الحرق البطيء لبعض أنواع الأخشاب الخاصة.

وقد أثبتت الدراسات أن بعض المواد المٌستَخدَمة في عملية المعالجة قد تكون ضارةٍ بالصحة. فعلى سبيل المثال يسبب الكثير من الملح في الغذاء ارتفاعًا في ضغط الدم، كما أنه في حالات خاصة قد يتفاعل ملح نتريت الصوديوم المُسْتَخدَم في المعالجة مع بعض المواد الكيميائية الأخرى ويُكوِّن مادة نتروزامين التي يُمكن أن تُسبِّب مرض السرطان.

عملية التعليب تحفظ الأغذية عن طريق تسخين الغذاء بعد وضعه في وعاء مٌحَكم القفل ، ويقوم المشرفون بالتَّأكد من أنه قد تم تنظيف الغذاء وإعداده جيدًا قبل التعليب.

التَّعليب:

يعد التعليب أكثر طرق حفظ الأغذية شيوعًا وانتشارًا في البلاد الصناعية. في هذه الطريقة، يتم وضع الأغذية في أوعية محكمة القفل تسمى عُلبة ـ سواء كانت علبة من صفيح أو زجاج ـ ثم يتم تسخين العلبة لقتل وتدمير الكائنات الحية الدقيقة التي قد تُسَبِّب فسادًا للأغذية.

وتنتج مصانع تعليب الأغذية العديد من الأغذية المُعَلَّبة مثل الفواكه والخضراوات. ويتم تنظيف الغذاء وغسله جيدًا قبل وضعه في العُلَب. وبالنسبة للعديد من الأغذية ـ مثل الفواكه والخضراوات ـ فإنه يتم تقطيعها إلى أجزاء أو شرائح، أو يتم تقشيرها قبل التعليب.

وبعد الانتهاء من تجهيز الأغذية الخام فإن عملية التعليب نفسها تشتمل على خمس عمليات أساسية هي: 1- التعبئة 2- التسخين الابتدائي 3- قفل العلب 4- المعالجة الحرارية 5- التبريد.

التعبئة. تقوم الآلات حاليًا بتعبئة العلب بسرعة قد تصل إلى 1,200 عبوةٍ في الدقيقة، إلا أنه في بعض الأحيان تتم التعبئة يدويًا. وتتمُّ تعبئة المادة الخام في عُلب من المعدن أو الزجاج. ولا يتم ملء العلب بالكامل وإنما يُترَك جزءٌ فارغ داخل العلبة يسمى الفراغ الرأسي ويلزم التحكم في حجمه بدقة ـ فإذا كان الفراغ الرأسي صغيرًا فإن العلب تنتفخ أثناء المعاملة الحرارية. أما إذا كان الفراغ الرأسي كبيرًا فإن هذا يؤدي إلى نقص وزن الغذاء في العبوة كما يقلل من فترة الحفظ.

التسخين الابتدائي. يشمل إزالة الهواء الموجود في الفراغ الرأسي لتكوين فراغ جُزئي في العبوة. ويقوم التسخين الابتدائي بتقليل نمو البكتيريا في العلبة حيث إنّ معظم أنواع البكتيريا لا تنمو في عدم وجود أكسجين. وكذلك فإن التسخين الابتدائي يمنع انتفاخ العلب أثناء التسخين.

قَفْل العلب. تقوم آلات خاصة بقفل عدة مئات من علب الصفيح في الدقيقة الواحدة، أما الآنية الزجاجية فيتم قفلها بسرعة أقل من ذلك. والعبوة بعد قفلها تكون مُحكمة القَفل ومعزولة عن الوسط الخارجي ولا تسمح بتسرُّب الغازات.

المعالجة الحرارية. في هذه المرحلة، يتم تسخين العبوات إلى درجة حرارة محددة ومحكومة بمدة زمنية محددة. ودرجة الحرارة المستخدمة ومدة التسخين تختلفان كثيرًا حسب المادة الغذائية المراد حفظها بالتعليب، وكذلك حسب حجم العبوة. وفي هذه العملية، يتم قتلُ وإبادة الكائنات الحية الدقيقة التي قد تُسَبِّب فسادًا للأغذية. ويتم تسخين العبوات في وحدات تسخين خاصة تسمى معقِّمات.

التبريد. هذه العملية تتبع عملية المعالجة الحرارية مباشرة. وذلك لمنع النضج الزائد للمادة الغذائية المعلبة. ويتم تبريد العبوات بنقلها من المعقِّم إلى ماء بارد. أو يتم رشّ العبوات بتيار من الماء البارد أو يتم تبريد العبوات جزئىًا بالماء البارد ثم تعريضها لتيار من الهواء البارد.

أحد عيوب عملية التعليب هو التغير الذي تحدثه المعالجة على ملمس ولون وطعم الأغذية. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض العناصر المغذية تُفقد أثناء عمليات التعليب، ومع ذلك فإن الأغذية المعلَّبة معروفة ومُفضَّلة لدى المستهلكين، نظرًا لأنها رخيصة السعر، ويسهل التعامل معها، وتشتمل على العديد من الأنواع المختلفة من الأغذية، ويمكن حفظها لمدة طويلة.

التخزين على درجات حرارة منخفضة أو التبريد:

يُحفظ الغذاء طازجًا على درجة حرارة أعلى من الصفر المئوي. والتخزين على هذه الدرجة أو قريبًا منها يُوقف نمو ونشاط معظم الكائنات الحية الدقيقة التي تسبب فساد الأغذية. كما أنه يقلل أيضًا من نشاط الإنزيمات التي تسبب التغيرات غير المرغوبة في لون وطعم وملمس المواد الغذائية. والأغذية التي تحتاج للحفظ بالتبريد تشمل السمك واللّحم والبيض واللبن والفواكه والخضراوات.

وللتخزين على درجات حرارة منخفضة ميزة عن معظم طرق الحفظ الأخرى، حيث إنه يُحدث تغيراتٍ طفيفةً في الأغذية، نظرًا لأن عملية التبريد تحافظ على اللون والطعم والعناصر المغذية الموجودة في الغذاء الطازج.

التجميد:

يزيل التجميد الحرارة من الأغذية باستخدام درجات حرارة منخفضة ويبطِّئ من نمو الكائنات الحية الدقيقة، كما يوقف تمامًا التدهور أو التكسير في العناصر الغذائية. ومن المعروف أن معظم الأغذية، نظرًا لاحتوائها على نسبة مرتفعة من الماء، فـإنها تتجمد على درجات حرارة تتراوح ما بين صفر و -4°م.

تعتبر الخضراوات من بين أهم الأغذية التي يتم حفظُها بالتجميد. ويلزم سلق (تبييض) الخضراوات قبل تجميدها. وتقوم عملية السلق بمنع الإنزيمات ـ التي لا يتم قتلها أثناء التجميد ـ من تغيير طعم الخضراوات. ومن الأغذية الأخرى التي يتم حفظها بالتجميد ـ بخلاف الخضراوات ـ اللحم والسمك والدواجن والعصائر. ويلزم تنظيف المواد الغذائية وتقشيرها أو إعدادها بإحدى صور الإعداد قبل تجميدها. بعض الأغذية ـ خصوصًا الأغذية التي يتم تسويقها في صورة أغذية مجمدة جاهزة للإعداد، يتم طبخها قبل التجميد.

وأهم الطرق الصناعية الشائعة للتجميد حاليًا تشمل: 1- التجميد على الألواح أو الأرفف 2- التجميد بالسيور المستمرة 3- التجميد بتيارات الهواء البارد 4- التجميد بالغازات السائلة. أمّا التجميد بالألواح فيتم في كبائن لها رفوف تمر أسفلها أنابيب مبردة. في هذه الحالة تُوضع عُبوات الأغذية على الرفوف، ويتمُّ غلق الكبائن لعدة ساعات حتى تتجمد الأغذية. يتم التجميد بالسيور المستمرة في حجرات كبيرة تترواح درجة الحرارة بها ما بين -23°و-34°م. وبطريقة بطيئة تتحرك العبوات الموضوعة على سيور داخل هذه الحجرات حتى يتجمد الطعام.

أما طريقة التجميد بتيارات الهواء البارد فتماثل طريقة التجميد بالسيور المستمرة. إلا أنه يتم فيها استخدام مروحة قوية داخل حجرة التجميد لدفع تيار الهواء البارد بشدة وقوة. هذا التيار الهوائي البارد والسريع الذي تكون درجة حرارته -34°م يُسبِّب تجميدًا سريعًا للأغذية السائلة.

وفي التجميد بالغازات السائلة، يتم دفع رشاش من النيتروجين السائل أو ثاني أكسيد الكربون السائل مباشرة على الأغذية بحيث يتم تجميدها بسرعة كبيرة. وعلى سبيل المثال، فإن فطيرة التفاح يلزمها ثلاث ساعات لتتجمد في مجمِّدات تيار الهواء البارد بينما يلزمها خمس دقائق فقط لتتجمد في مجمِّدات التجميد بالغازات السائلة.

من ناحية أخرى، فإن تجميد الأغذية يحافظ على العناصر المغذية الموجودة به بدرجة أكبر من أي طريقة أخرى من طرق الحفظ. بالإضافة إلى ذلك فإن الأغذية المُجمَّدة إذا ما احتوت على ملح الطعام فإنها لا تحتوي إلا على كميات قليلة منه فقط.

التجفيف:

تُستخدم الحرارة في التجفيف لطرد الرطوبة من الغذاء، لأن الميكروبات الدقيقة التي تسبب فساد الأغذية تحتاج إلى الرطوبة لتنمو. فعندما يتم تجفيف الغذاء إلى الدرجة أو الحد الذي تفقد فيه الأغذية معظم الماء الموجود بها، فإن الكائنات الدقيقة لا تستطيع النمو عليها. وتشمل الأغذية المجففة الزبيب، والبازلاء، والشوربة، والحليب، والبيض وعش الغراب وعديدًا من الأغذية الأخرى. وتوجد عدة طرق لإنتاج الأغذية المجففة منها: 1- التجفيف بالشمس 2- التجفيف على صوانٍ 3- التجفيف في الأنفاق 4- التجفيف بالرش 5- التجفيف بالاحتراق النبضي 6- التجفيف الطبلي.

يتم التجفيف بالشمس بتوزيع المادة الغذائية في صورة طبقة رقيقة وتعريضها لحرارة الشمس. ويتم تجفيف الفواكه والحبوب عادة بهذه الطريقة. وفي التجفيف على صوانٍ، تُسْتخدم دورة وحركة الهواء الساخن داخل غرف جيدة العزل لتجفيف الغذاء المحمَّل على الصواني. ويتشابه التجفيف في الأنفاق مع التجفيف على الصواني، إلا أن غرف التجفيف في الأنفاق تكون أكثر طولاً حتى تتحرك الأغذية بصفة مستمرة خلال نفق التجفيف وتكون الأغذية موضوعة في عربات أو محملة فوق السير المتحرك.

أما التجفيف بالرش، فيتم فيه رش السوائل أو المعلقات، وهي مخلوط من السائل المعلق به حبيبات دقيقة مطحونة ناعمة ـ إلى داخل حجرة كبيرة مسخنة. في نفس الوقت، يتم دفع تيار من الهواء الساخن داخل الحجرة. ويجفف الهواء الساخن حبيبات الأغذية لتعطي مسحوقًا جافًا. ويعتبر الحليب المجُفَّف أحد المُنتجات التي يتم تصنيعها بهذه الطريقة.ويجمع التجفيف بالاحتراق النبضي بين الحرارة والموجات الصوتية القوية لتجفيف الأغذية التي لا يمكن تجفيفها بأي طريقة أخرى. وسُكَّر الذرة العالي الفركتوز هو أحد المُنتجات التي يتم تجفيفها بهذه الطريقة. ويتم التجفيف الطبلي عن طريق توزيع طبقة رقيقة من الغذاء على سطح طبل دوّار متحرك يدور حول محوره يسمى المجفف الطبلي. تجف المادة الغذائية بمجرد ملامستها لسطح الطبل المسخن ويتم إزالتها من سطح الطبل قبل أن يكمل الطبل دورته حتى لا يحترق الغذاء.

التجفيف بالتجميد:

هو عملية تجفيف بطريق التجميد حيث يمكن للثلج تحت ظروف خاصة أن يتحول مباشرة من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية بدون أن ينصهر أولاً إلى سائل. تُسمى هذه الظاهرة التسامي. وتُستخدم هذه الظاهرة أساسًا لعملية تجفيف الأغذية. وفي مصانع التجميد، تتم إزالة الماء من الأغذية بينما تكون هذه المواد في حالة مجمدة. ويتم وضع الأغذية المجمدة أولاً على أرفف في غرفة كبيرة مفرغة من الهواء. ويتم تسخين الأرفف قليلاً بحيث تصبح درجة حرارة الأغذية أقل قليلاً من درجة الذوبان الخاصة به. ويتبخر الثلج، تستمر المواد الغذائية محتفظة بشكلها الخارجي إلا أنها تصبح مثل الإسفنج مادة جافة قليلة الوزن.

وبعكس التجفيف ـ فإن عملية التجفيف بالتجميد لا تُسبب انكماشا للمادة الغذائية أثناء فصل الماء. وينتج عن عملية التجفيف، أغذية صلبة ومتماسكة وعادة لا تعود هذه الأغذية إلى ملمسها الأصلي حينما تتم عملية الابتلال (إعادة الماء إلى الغذاء المجفف). أما الأغذية المحفوظة بطريقة التجفيف بالتجميد فإنها تُحافظ على الطعم الأصلي والملمس الأصلي بدرجة أحسن من الأغذية المجففة. بالإضافة إلى أنها تحتفظ بالعناصر الغذائية بدرجة أحسن. كذلك يعيب عملية التجفيف بالتجميد أنها مكلِّفة اقتصاديًا، وعلى ذلك فهي لا تُستخدم إلا مع أغذية محدودة فقط. وتشمل الأغذية المحفوظة بالتجميد القهوة السريعة الذوبان وخليط الشوربة المجففة والفراولة وعش الغراب والجمبري.

المضافات (الإضافات) الغذائية:

تُضاف بعض المواد لمنع الفساد أو لزيادة القيمة الغذائية للطعام. والمواد المُضافة هي مركبات كيميائية تُستخدم لحفظ الأغذية حينما لا توجد وسيلة أخرى ملائمة أو فعالة. وفي معظم البلاد، يلزم الحصول على موافقة الجهات الحكومية لاستخدام المواد المضافة. وتساعد بعض المواد المضافة على زيادة فترة بقاء الغذاء صالحًا للاستخدام ومُسْتساغًا للمستهلك. وتشمل المواد المضافة للأغذية: مضادات الأكسدة والمواد الحافظة وبعض المواد المضافة الأخرى مثل مواد احتجاز الأيونات والمواد الملينة التي تحول دون تصلب الغذاء وتساعد على استمرار الغذاء في حالة جذابة للمستهلك.

تحتوي معظم الأغذية على دهون غير مُشَبعة وأحماض دهنية وفيتامينات قابلة للذوبان في الدهن. وحينما تَتَّحد هذه المركَّبات أو تتفاعل مع الأكسجين، فإنها تتحول إلى مركبات أخرى جديدة. وبصفة عامة فإن مثل هذه التفاعلات ينتج عنها روائح وطعم غير مقبول في الغذاء، كما أنها قد تنتج مواد ضارة وتعمل على فقد المغذِّيات. وتعمل مضادات الأكسدة على منع المركَّبات الأساسية الموجودة في الأغذية من التفاعل مع الأكسجين. ويعتبر استخدام مضادات الأكسدة مثل البيوتيلاتد هيدروكس أنيسول وجالات البروبيل وحامض الأسكوربيك (فيتامين ج) من الأمور المتفق عليها.

وتمنع المواد الحافظة الكائنات الحية الدقيقة من النمو في الأغذية التي لا يمكن حفظها بطرق حفظ أخرى مثل التعليب أو التجميد. وتُستخدم المواد الحافظة بدرجة كبيرة في الخبز وغير ذلك من منتجات المخابز والخضراوات المُمَلَّحة وعصائر الفاكهة. وتشمل المواد الحافظة الشائعة الاستخدام حامض البنزويك وحامض السوربيك وثاني أكسيد الكبريت.

وتحتوي بعض الأغذية على كميِّات ضئيلة من المعادن مثل الحديد والنحاس. هذه المعادن تساعد الأكسجين على الارتباط بالمواد الغذائية وإحداث تغيير في لون الغذاء. وتقوم موادّ احتجاز الأيونات بمنع المعادن من التفاعل مع الأغذية. وتشمل مواد احتجاز الأيونات مركبات مثل إيثيلين داي أمين تترا اسيتات وحامض الستريك. وتساعد المواد الملينة الأغذية مثل الخبز والفطائر على الاحتفاظ برطوبتها. هذه الأغذية تفقد رونقها وتصبح غير مقبولة للمستهلك عندما تجفّ وتفقد رطوبتها. من أمثلة المواد الملينة الجلسرين والسوربيتول.

التعبئة تتم عادة بوساطة آلات خاصة. بعض هذه الآلات تقوم بتعبئة 1,200 علبة في الدقيقة. الآنية الزجاجية الموضحة في الصورة تعبأ بصلصة المكرونة الإسباغيتي قبل قفلها.

التعبئة بالتعقيم:

يتم في هذه الطريقة تعقيم المادة الغذائية ثم تعبئتها في وعاء مُعقَّم. ويمكن الاحتفاظ بهذه الأغذية لمدة غير محددة بدون تبريد إذا ما تم إجراء عملية التعبئة بالتعقيم بالطريقة المثلى. وعلى سبيل المثال، فإن اللبن المجفَّف والمعبَّأ بالتعقيم يمكن الاحتفاظ به لعدة أشهر في دولاب المطبخ.

وتشمل الأوعية الشائعة الاستخدام لحفظ الأغذية بطريقة التعبئة بالتعقيم الكرتون المغلَّف بالمعدن وأكواب البلاستيك وحقائب البلاستيك. هذه الأوعية أقل في سعرها وفي وزنها من علب الصفيح أو الآنية الزجاجية الشائعة الاستخدام لتعبئة الأغذية المحفوظة. ومن المُمَيّزات الأخرى للتعبئة بالتعقيم محافظة هذه الطريقة على الطعم بدرجة عالية جدًا. ومن المعروف أن علب الصفيح أو الآنية الزجاجية تحتاج إلى فترات زمنية طويلة للتعقيم وأنه كلما زادت الفترات الزمنية التي يتم فيها تسخين الأغذية زاد التغيُّر في الطعم. ونظرًا لأنه عند الحفظ بطريقة التعبئة تحت ظروف معقمة يتم تسخين الطعام بسرعة ولفترة زمنية قصيرة خارج العبوّة، فإن الأغذية المحفوظة بالتعبئة بالتعقيم يكون طعمها أقرب ما يكون لطعم الغذاء الطازج الطبيعي. كما أن هذه الأغذية تحتفظ بكمية أكثر من العناصر الغذائية.

ومنذ بداية موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على تعبئة الأغذية بالتعقيم عام 1981م، فقد زادت شعبية وانتشار هذه الأغذية نظرًا لأنها أرخص سعرًا وأسهل في التعامل معها من الأغذية المحفوظة بطرق الحفظ الأخرى.

الإشعاع:

يُعالج الغذاء بالإشعاع المؤيِّن، أي الإشعاع الذي ينتج عنه جسيمات مشحونة كهربائيًا. وتعتبر الأشعة السينية وأشعة جاما وحزم الإلكترونات صورًا من الإشعاع المستخدم في حفظ الغذاء. وتقوم الجرعة الصغيرة من الإشعاع بقتل البكتيريا. كما تُسبِّب وقف النشاط الإنزيمي مع عدم إحداث تغيرات كيميائية في الغذاء، أو تُحدث فقط القليل من هذه التغيرات. وتقوم الأشعة أيضًا بقتل الحشرات الموجودة في الغذاء، وتمنع إنبات بعض الخضراوات. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإشعاع يقضي على الكائنات الحية الدقيقة السامة مثل السالمونيلا أو التريكني التي قد تسبب أمراضًا.

لقد أصبح حفظ الأغذية بالإشعاع مقبولاً من منظمة الصحة العالمية التابعة لهيئة الأمم المتحدة منذ عام 1961م. وتُستَخدَم هذه الطريقة في بلجيكا (مكونات الغذاء والتوابل) وكندا (الأغذية البحرية والخنزير) والمجر (البصل والفلفل) وهولندا (الأغذية البحرية والأسماك المجمَّدة) وجنوب إفريقيا (الفاكهة والخضراوات) والاتحاد السوفييتي (سابقًا) (الحبوب) والولايات المتحدة الأمريكية (البطاطس والدقيق والتوابل). ومع ذلك فإنَّ هناك جدلاً مستمرًا حول احتمال وجود بعض التأثيرات الضارة.

الطرق الأخرى لحفظ الأغذية:

تشمل: 1- البسترة 2- التخمير 3- التبخير 4- التخزين في ظروف بيئية محكومة.

أما البسترة (نسبة إلى باستير مكتشف هذه الطريقة) فهي طريقة سريعة للمعاملة الحرارية تسبب قتل البكتيريا الضارة، ولكنها لا تُسبب إلا تدميرًا طفيفًا للمغذِّيات الموجودة في الغذاء. وتُستَعمل هذه الطريقة في الحليب وبعض المشروبات الأخرى. أما عملية التخمير فتؤدي إلى تغير التركيب الكيميائي للأغذية وبالتالي تساعد على حفظه. وينتج عن عملية التخمير مركبات مثل الكحول وثاني أكسيد الكربون وبعض الأحماض العضوية. وتعمل هذه المركبات موادّ حافظة للمخَّللات والكرنب المُخلّل والسَّلامي وبعض الأغذية الأخرى.

أما الطريقة الثالثة من طرق حفظ الأغذية فهي عملية التبخير. وهي رشّ الغذاء ببعض الغازات السامة لقتل الفئران والحشرات. على سبيل المثال، يُستخدم غاز بروميد الميثيل بكثرة لتبخير الحبوب والفاكهة المجففة والتوابل. والتخزين في ظروف بيئية محكومة يوجد الظروف الجويّة التي تُطيل من فترة حفظ الغذاء خصوصًا الفواكه. وأكثر الظروف الجوية ملاءمة للحفظ هو الجو المُكَوَّن من 92% إلى 95% نيتروجين و3% أكسجين ومن 2 إلى 5% ثاني أكسيد الكربون.

نبذة تاريخية

الطرق القديمة:

قام الإنسان الأول في عصر ماقبل التاريخ بتجفيف الحبوب والبندق والجوز والجذور وبعض المنتجات النباتية الأخرى في الشمس. أما القبائل الموجودة في الأجواء الشمالية الباردة فمن المحتمل أن تكون قد قامت بإبقاء الغذاء خارج الكهوف أو الأكواخ في فترة الشتاء لمنع فساد الأغذية. أما الإنسان الأول في المناطق الجنوبية، فكان يستخدم الأجواء الباردة داخل الكهوف لحفظ غذائه. وبعد اكتشاف النار قام سكان الكهوف على الأغلب بتجفيف الأسماك واللحم على النار. ومن المحتمل أن يكون التجفيف على النار قد أدى إلى تطور عملية التدخين كإحدى طرق الحفظ.

وتُعتبر طريقتا المعالجة بالملح والتخمير من بين طرق الحفظ الأولية الأخرى. ولقد قام الإنسان الأول بتمليح اللحم والسمك لمنع فساده واستخدم الرُّحَل في آسيا عملية التخمير لصناعة الجبن.

الطرق الحديثة لحفظ الأغذية:

بدأت منذ القرن الثامن عشر حينما قام العالم الإيطالي لازّارو سبالانزاني ـ المهتم بعلم التاريخ الطبيعي ـ بتعبئة مُسْتَخلص اللحم في أوعية زجاجية محكمة القفل، ثم قام بتسخينها لمدة ساعة. استمر بعض هذا الغذاء صالحًا للاستهلاك لمدة عدة أسابيع.

وفي بداية القرن التاسع عشر، قام نيكولاس أبرت ـ صانع الحلويات في باريس ـ بعملية التعليب ؛ فقام بتعبئة الأغذية في آنية زجاجية يتم قفلها بإحكام بالفلين، وتسخينها في ماء مغلي. وقام أبرت كذلك بنشر أول كتاب عن التعليب. وبرغم قيام أبرت بالمساهمة الأساسية والرئيسية في عملية التعليب، إلا أنه لم يُفهَم السبب في فاعلية هذه الطريقة لحفظ الأغذية. وقد أمكن تفسير سبب فاعلية طريقة التعليب بعد 50 عامًا حينما قام الكيميائي الفرنسي لويس باستير باكتشاف أن الحرارة تُسبِّب قتل الكائنات الحية الدقيقة الضارة. ★ تَصَفح: باستير، لويس.

لقد بدأ استخدام الحفظ بالتخزين على درجات الحرارة المنخفضة منذ عدة سنوات. إلا أنه كانت هناك رغبة في حفظ المواد الغذائية مُبَرَّدة في الأجواء الدافئة. وفي البداية، تم قطع ألواح الثلج من البرك والمستنقعات التي يكون ماؤها مجمدًا في فصل الشتاء وتمّ تخزين هذا الثلج في مبانٍ خاصة تسمى مخازن الثلج. وتم استخدام نشارة الخشب لتغطية الثلج وإبطاء ذوبانه أثناء الصيف. وفي عام 1851م، تمّ استخراج أول براءة اختراع لأول آلة صناعية لصناعة الثلج على مستوى تجاري، وسُجِّلت للدكتور الأمريكي جون جورّي. وقد أدى هذا الاختراع إلى استخدام التبريد على مستوى تجاري كبير لحفظ الأغذية أثناء النقل والتخزين.

وقد أصبح من الممكن استخدام تجميد الأغذية كإحدى طرق الحفظ عن طريق التطور في عمليات التبريد. وفي عام 1925م، قام المخترع الأمريكي كليرنس بيردزآي بتطوير طريقة للتجميد السريع، استخدم فيها السيور المعدنية المبردة المتحركة لإجراء عملية التجميد السريع للأسماك.

ولم يبدأ تجفيف الأغذية على مستوى كبير إلا أثناء الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918م) حينما أصبح الغذاء المجفف مهمًَّا وأساسيًّا لتغذية الجنود. وقد أدى الاحتياج إلى مثل هذا الغذاء المجفَّف خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945م) إلى تطور صناعة بعض المواد مثل القهوة سريعة الذوبان واللبن المجفَّف.

واليوم، فإن هناك بعض القلق بين بعض الأفراد فيما يتعلق بمدى انتشار الطرق المختلفة لإعداد وتجهيز الأغذية. ويعتقد هؤلاء الأفراد أن عمليات المعالجة هذه تؤدي إلى إزالة المغذِّيات من الغذاء. كما يعتقد هؤلاء أن العديد من المواد المُضافة للأغذية مواد ضارة للإنسان. ويوصي هؤلاء الأفراد بالعودة إلى الأغذية الطبيعية التي تتعرض لأقل قدر مُمْكِن من التصنيع، والتي لا تحوي أي مواد كيميائية مضافة. ومع ذلك فإن الأفراد المسؤولين عن شركات حفظ وتصنيع الأغذية يجادلون هؤلاء القلقين ويصرُّون على أن عمليات التصنيع وحفظ الأغذية توفر غذاء منخفض التكلفة ومغذيًا، كما يصرون على أن المواد المضافة للأغذية المسموح باستخدامها هي مواد لا خطر منها على المستهلك.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية