الرئيسيةبحث

الملح ( Salt )



بلورات الملح تُشكل مكعبات جيدة التكوين.
الملح معدن شفاف هش استخدم منذ العصور القديمة لإعطاء الطعام مذاقه ولحفظه. واليوم، يستخدم الملح أيضا في صناعة عدد كبير من المواد الكيميائية والمنتجات الكيميائية.

يتركب الملح من عنصري الصوديوم والكلور، واسمه الكيميائي كلوريد الصوديوم وصيغته الجزئية NaCl واسمه المعدني الهاليت. ويكوّن الملح عادة بلورات صافية في شكل مكعبات كاملة التكوين تقريباً. والشوائب في الملح تعطيه اللون الذي قد يكون أبيض أو رماديا أو أصفر أو أحمر. ويبدو ملح المائدة أيضا أبيض، ولكنه في الحقيقة يتكون من مكعبات شفافة.

ومصدر كل الملح ـ بما في ذلك الترسبات الموجودة تحت الأرض ـ هو الأجاج ؛ أي المياه المالحة من البحار والبرك والأجسام المائية الأخرى، والواقع أن ترسبات الملح الموجودة الآن قد تكونت تحت الأرض بتبخر مياه البحر منذ ملايين السنين.

وتعد الولايات المتحدة والصين أكبر منتجين للملح في العالم، ومن الدول الرائدة في إنتاج الملح أيضًا ألمانيا وكندا والهند وأستراليا والمكسيك والمملكة المتحدة وفرنسا والبرازيل.

والملح ضروري للصحة الجيدة، ويحتوي دم الإنسان على الملح، كما يجب أن يكون في خلايا الجسم ملح، حتى يمكنها أن تؤدي وظائفها بطريقة صحيحة. غير أن بعض الدراسات أوضحت أن كثرة الملح، أو مركبات الصوديوم الأخرى في طعام الإنسان، يمكن أن تؤدي إلى الارتفاع في ضغط الدم. ولهذا السبب، يحاول كثير من الناس أن يقللوا من مقدار الملح الذي يتناولونه، كما يستخدم بعض الناس بدائل الملح التي لا تحتوي على الصوديوم.

استخدامات الملح

في الصناعة الكيميائية:

تستهلك الصناعة الكيميائية أكبر الكميات من الملح، وتستخدمه بصفة رئيسية لإنتاج مواد كيميائية أخرى. فجزيء الملح يمكن أن يتفكك ويُستخدم لصنع مجموعة من منتجات الصوديوم والكلور.

وتُستخدم كمية كبيرة من الملح لصنع أحد مركبات الصوديوم يسمى الصودا أو كربونات الصوديوم التجارية، الذي يستخدم بصفة أولية في صناعة الزجاج والصابون.

وتشتق مركبات الكلور أيضا من الملح، حيث تستخدم هذه المركبات في صناعة الورق والبلاستيك ومضادات الآفات وسوائل التنظيف ومضادات التجميد والسوائل الأخرى التي تُستخدم في التقنية.

مزيلاً للتجمد:

حينما يخلط الملح مع الثلج، تنخفض درجة تجمد الثلج ولذلك ينثر الملح على الطرقات لينصهر الجليد والثلج. وفي بعض البلاد يستخدم كثير من الملح لهذا الغرض.

في صناعة الطعام:

تستخدم نسبة مئوية صغيرة من الملح الذي يستهلكه العالم في تتبيل الطعام.

استخدامات أخرى:

يستخدم الملح أيضا في عدد كبير من المنتجات والعمليات الأخرى، ومنها: صقل السيراميك، وإطعام المواشي، والأدوية، وتكرير النفط، والتبريد، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وصباغة النسيج وإزالة عسر الماء.

من أين يأتي الملح

الدول الرئيسية في انتاج الملح

الملح من البحر:

ماء البحر مالح لأن مياه الأمطار تذيب المعادن التي تحتوي على الصوديوم والكلور في الصخور والتربة ثم تحمل الأنهار هذه المعادن إلى البحر. وتبخير مياه البحر هي أقدم طريقة للحصول على الملح. وغالبا ما يُسمى الملح الذي يأتي من ماء البحر المتبخر الملح الشمسي.

ويتكون ماء البحر من 2,5% ملحًا ونحو 1% معادن أخرى، معظمها مركبات الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنسيوم. ونحصل على الملح تجاريا عن طريق أعمال التبخير الشمسي لماء البحر، وذلك بتحريك الملح خلال مجموعة من برك التبخير فتترسب المعادن المختلفة الموجودة في ماء البحر منفصلة عن الماء بمعدلات مختلفة. وتترسب معظم المعادن الأخرى قبل أن يترسب الملح، وبذلك تُترك هذه المعادن متخلفة بينما يتحرك ماء البحر من بركة لأخرى. وفي معظم الملح الذي تنتجه هذه الطريقة نحو 95 - 98% من كلوريد الصوديوم النقي.

وتتطلب عملية ترسيب الملح شمسياً إمدادًا وافراً من ماء البحر، ومسارات أرضية واسعة لبرك التبخير، ومناخاً حاراً جافاً ليعجل بالتبخير. وينتج معظم كميات الملح الشمسي في كل من: الصين وفرنسا والهند وإيطاليا واليابان وأسبانيا.

الملح من الأرض:

يُسمى الملح الموجود في طبقات صلبة كثيفة تحت الأرض الملح الصخري. وقد تكونت الترسّبات عن طريق التبخير لأجزاء كبيرة من المحيطات منذ ملايين السنين. وهي توجد مرافقة لترسبات معادن مثل كربونات الكالسيوم وكربونات البوتاسيوم الموجودة أيضا في ماء البحر.

وتوجد ترسّبات الملح تحت الأرض في كل قارة، ويوجد العديد من الترسبات الأكثر شهرة في النمسا وبولندا، وتجذب بعض هذه المناجم الملحية آلاف الزوار كل عام. وفي أستراليا يتم إنتاج الملح عن طريق التبخير الشمسي لماء البحر ويتم إنتاج الملح بدرجة أقل من البحيرات شديدة الملوحة الموجودة طبيعياً، ومن دلتا المياه الجوفية شديدة الملوحة.

وتوجد بعض ترسبات الملح في تكوينات تسمى القباب الملحية. فالملح أخف من معظم المعادن الأخرى، ويطفو إذا تعرض لضغط عال. وتتكون قباب الملح حينما تنساب طبقات الملح الصخري إلى أعلى وتخترق الصخور فوقها.

وهناك طريقتان أساسيتان لإزالة الملح من الأرض: تعدين الحجرات والأعمدة وتعدين المحلول. وفي حالة تعدين الحجرات والأعمدة، تُغمر أعمدة في الأرض ويكسر عمال المناجم صخور الملح بالحفارات، ثم يزيل عمال المناجم كتل الملح تاركين غرفاً ضخمة يفصل بينها أعمدة الملح. وتتطلب هذه الطريقة أن يُترك نصف كمية الملح التي تتخلف بمثابة أعمدة. وللحصول على معلومات أكثر حول تعدين الحجرات والأعمدة، ★ تَصَفح: الفحم الحجري.

أما في حالة تعدين المحلول فيتم حفر بئر في الأرض، وتُنزل أنبوبتان داخل الثقب ؛ أنبوبة صغيرة مركزية داخل أنبوبة أكبر. ويُضخ الماء العذب أسفل الأنبوبة المركزية حتى يصل إلى الترسبات الملحية. ويذيب الماء بعض الملح ليكون محلولا شديد الملوحة، ثم يُضخ هذا المحلول إلى السطح خلال الأنبوبة الخارجية ويُنقل المحلول شديد الملوحة كسائل أو يبخر في أجهزة خاصة تسمى أحواض التفريغ لتكوين الملح الصلب.

كيف يحضر ملح المائدة

تبخير حوض التفريغ طريقة لإنتاج ملح نقي ذي جودة عالية لاستخدامه في الطعام. يضخ المحلول الملحي خلال سلسلة من خزانات ضخمة يطلق عليها أحواض التفريغ. ويُغلى المحلول الملحي ثم يخض بقوة في الأحواض. تُشكل هذه العملية مكعبات صغيرة من الملح، تستقر في قاع الأحواض حيث تُجمع وتُجفف.
بعد أن نحصل على الملح سواء بالتعدين أو التبخير، فإنه يُفرز من أجل النوعية ثم يُسحق. ويُطحن الملح ويُقَسّم إلى عينات حسب حجم الجسيمات. ويستخدم الملح ذو النوعية العالية، والذي يطحن إلى جسيمات دقيقة كملح للمائدة، ويتحول ذلك الملح ذو الجسيمات الدقيقة إلى كتل عند ارتفاع الرطوبة. ولذلك يضيف المصنعون مادة حرة التدفق (مادة تمنع تكتل الملح ) إليه قبل تعبئته. وتتضمن المواد حرة التدفق المعروفة كربونات المغنسيوم، وكربونات الكالسيوم، وسليكات الكالسيوم، وفوسفات الكالسيوم. والواقع أن جميع هذه المركبات عديمة اللون وعديمة الرائحة والطعم، وغير ضارة.

ويحتوي الكثير من الملح الذي يشتريه المستهلكون على اليود ـ حيث تتم إضافة يوديد البوتاسيوم أو يوديد الصوديوم. وينتج عن نقص اليود في غذاء الإنسان حالة مرضية تُسمى الدراق حيث تتضخم الغدة الدرقية. ولكن كميات صغيرة من اليود كافية لمنع تضخم الغدة. وتساعد إضافة مركبات اليود إلى ملح الطعام أعداداً كثيرة من الناس في الحصول على اليود الذي يحتاجونه.

تاريخ الملح

كان الملح سلعة ثمينة منذ العصور القديمة، وكان يُستبدل به الذهب أوقية مقابل أوقية. وكان الصينيون القدامى يستخدمون عملات مصنوعة من الملح في التداول. وفي مناطق كثيرة حول البحر الأبيض المتوسط، كانت أقراص الملح ُتستخدم عملة متداولة. وفرضت عدة حضارات قديمة الضرائب أيضا على الملح.

وفي العصور القديمة كانت المناطق الساحلية الجافة، مصادر رئيسية للملح، خصوصا تلك التي كانت تحيط بالبحر الأبيض المتوسط. وقد تركزت طرق التجارة الأولى على أسبانيا وإيطاليا واليونان ومصر.

وشُقت أوائل الطرق وطرق القوافل بغرض نقل الملح. ونما عدد من المدن مثل جنوه وبيزا والبندقية، فأصبحت مراكز لتجارة الملح.

وفي القرن الرابع عشر الميلادي، بدأ الناس قرب ساحل بحر الشمال في شمال أوروبا تجارة الملح الذي احتاجوا إليه لحفظ الأسماك، وذلك حتى يمكن نقلها إلى الأسواق الداخلية. وفي وقت لاحق، حصل الناس على الملح بغلي مياه الينابيع المالحة. ونمت كثير من المدن والبلدات بجوار تلك الينابيع في جميع أنحاء أوروبا.

وتتطلب عملية غلي الماء المالح، للحصول على الملح، إمدادات كبيرة من خشب الوقود. ولكن هذه المشكلة حُلت جزئيا في القرن الثامن عشر الميلادي بعد أن بدأ انتشار استخدام الفحم. ومنذ ذلك الحين أصبحت إنجلترا أكبر مُنتج للملح في العالم، ويرجع ذلك إلى وفرة مخزونها من الفحم.

وفي أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، أدخلت تقنية الحفر العميق في إنتاج الملح. وحُفرت معظم الآبار الأولى لتحسين نوعية ينابيع الملح التي كانت تستخدم فعلا في إنتاج الملح وللكشف عن آبار جديدة. وبدأ إنتاج الملح من مناجم تحت الأرض في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي.

وقد ساعد الحفر في إحداث ثورة في معرفة طبقات الأرض، وقادت هذه المعرفة الجديدة إلى اكتشافات متزايدة عن الملح والبوتاس والنفط. كما أدى اكتشاف الملح، بطريقة غير مباشرة، إلى بروز صناعة البوتاس وصناعة النفط.

واليوم، تدرس حكومات عديدة إمكان تخزين النفايات المشعة في مناجم الملح الموجودة تحت الأرض. والواقع أن لمناجم الملح خواص عديدة تجعلها مواقع جيدة للنفايات المشعة. وعلى سبيل المثال، فقد ظلت هذه المناجم مستقرة وجافة لملايين السنين،كما توجد معظم مناجم الملح في مناطق تندر فيها الزلازل تماما. ويمتص الملح أيضا الحرارة مما يحيط به، كما أنه مناسب لرأب الصدوع التي تتكوّن في الجدران.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية