حرب الخليج الثانية ( Arabian Gulf War II )
☰ جدول المحتويات
حرب الخليج الثانية حربٌ اندلعت في 17 يناير 1991م بين النظام العراقي من جهة، وتحالف 39 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى. وقد اتخذت هذه الحرب ساحتها في كل من العراق والكويت اللتين تقعان في الطرف الشمالي من الخليج العربي. قامت هذه الحرب بسبب عدم امتثال القيادة العراقية لقرارات الأمم المتحدة بشأن الغزو العراقي للكويت في 2 أغسطس عام 1990م.
أبرز الدول العربية التي ضمها التحالف هي المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات وقطر وعمان، ومصر، وسوريا، والمغرب. وعلى الصعيد العالمي، قامت كل من بريطانيا وفرنسا بدور بارز في هذه الحرب إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تمثل دور الأمم المتحدة بشكل حاسم في القرار الذي أصدره مجلس الأمن في نوفمبر 1990م الذي دعا لاستخدام أي وسيلة تمكن من إخراج العراق من الكويت ما لم ينسحب منها بشكل سلمي في موعد أقصاه يوم الثلاثاء 15 يناير 1991م.
قام النظام العراقي باحتلال الكويت بعد فشل مفاوضات عديدة بين البلدين. وبدا هذا العمل تهديدًا مباشرًا للمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، وبخاصة بعد أن احتشدت القوات العراقية على حدود المملكة العربية السعودية واخترقت قطاعات منها بعض الأراضي السعودية في المنطقة الشمالية. لذلك، تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لتدارك هذا التهديد، وللتصدي لاحتلال العراق للكويت. لما لم يستجب العراق للقرارات الدولية، وعلى إثر انتهاء فترة الإنذار في 15 يناير 1991م شنت قوات التحالف الدولي هجومها الجوي، وتمكنت من تعطيل الرادارات والمقاومات الأرضية العراقية كما تمكنت من تدمير القواعد الجوية وأهم المرافق والمنشآت العسكرية والحيوية والصناعية في العراق، واستطاعت تحقيق انتصار مبكر في الحرب الجوية.
بعد خمسة أسابيع من القصف المتواصل شنت دول التحالف حربًا برية كانت ساحتها أرض الكويت وجنوبي العراق. وقد بدت مقاومة الجيش العراقي ضعيفة جدًا، ولم يدم ذلك الزحف سوى مائة ساعة استسلم بعدها الجيش العراقي ووافق على وقف إطلاق النار.
أسباب الحرب:
اتهمت القيادة العراقية الكويت بأنها قامت بضخ كميات من النفط تفوق ما تسمح به منظمة أوبك، وذلك إبان حرب الخليج الأولى، المعروفة باسم الحرب العراقية الإيرانية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض سعر النفط على الصعيد العالمي. كما اتهم العراق دولة الكويت بأنها تضخ نفطًا عراقيًا من حقل الرميلة الذي يمتد متشعبًا بين الحدود العراقية الكويتية. وقد أصبحت هذه الاتهامات، فيما بعد، أسبابا استند إليها النظام العراقي في تحركاته الدبلوماسية، وتغطياته الإعلامية لتبرير غزوه لدولة الكويت.كان العراق قد دخل في حرب مريرة وطويلة مع إيران، في الفترة 1980 - 1988م، كبدته أضرارًا اقتصادية بالغة، فوقع في ديون طائلة للكويت وبعض الدول الأخرى. وقد خرج العراق من الحرب ثاني أكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط. وأمام الوضع الاقتصادي المتردي في العراق، طلبت الحكومة العراقية من الدول العربية المساعدة في إعادة بناء الاقتصاد العراقي وإلغاء الديون المترتبة على العراق للكويت ولدول عربية أخرى.
ويمكن أن تلخص الأسباب التي ساقها العراق في غزوه للكويت على النحو التالي:
1- أعلن العراق أكثر من مرة بأن الكويت جزء من أراضيه. مشيرًا إلى أن الكويت كانت في القرن الثامن عشر الميلادي جزءًا من ولاية البصرة التابعة للحكم العثماني. وعند انتهاء السيطرة التركية على العراق في أوائل القرن العشرين لم تعد الكويت جزءًا من تلك الولاية، ثم وقع كل من العراق والكويت تحت الانتداب البريطاني، حتى استقل العراق عام 1933م، والكويت عام 1961. غير أن العراق لم يعترف باستقلال الكويت إلا عام 1963م، ولكن ذلك الاعتراف لم ينه النزاع حول الحدود المشتركة بين البلدين.
2- بعد الحرب العراقية الإيرانية، وقع خلاف بين الحكومة العراقية، وحكومة الكويت حول الديون المستحقة لدولة الكويت والتي كان العراق يطالب بإلغائها، وحول المساعدات التي يحتاجها العراق من الكويت لإعادة بناء اقتصاده.
3- ولربما يكون الشعور بالقوة العسكرية بعد وقف إطلاق النار في حرب الخليج الأولى من بين الأسباب التي شجعت النظام العراقي على القيام باحتلال الكويت. ومما لا شك فيه أن استيلاء الحكومة العراقية على نفط الكويت وثرواته سيؤدي إلى تعزيز وضع العراق داخل منظمة أوبك، وإلغاء القسم الأكبر من الديون المترتبة عليه. ومن ناحية أخرى، فإن موقع الكويت على ساحل الخليج العربي وحيازتها لمرفأ ممتاز وشاطئ طويل مفتوح على الخليج تمثل وضعًا استراتيجيًا ممتازا ومنفذًا مهمًا للعراق.
احتلال الكويت وردود الأفـعال
في الساعة الثانية من صباح يوم الخميس 2 أغسطس 1990م، عبرت حدود الكويت مئات المصفحات والدبابات العراقية. ولم تمض أربع وعشرون ساعة، حتى كان العراق يحكم سيطرته على الكويت. وسرعان، ما انتشر آلاف الجنود العراقيين على الحدود الكويتية مع المملكة العربية السعودية، مما شكل تهديدا مباشرا لسيادة وأمن المملكة العربية السعودية. في 8 أغسطس 1990م، أعلن العراق ضم الكويت إليه واعتبارها المحافظة العراقية التاسعة عشرة.
الموقف العربي والعالمي من الاحتلال:
صدرت إدانات فورية عربية ودولية ضد غزو العراق للكويت من العديد من الدول، كما صدرت قرارات عديدة من مجلس الأمن، وجامعة الدول العربية وبعض المنظمات الدولية الأخرى مطالبة بالانسحاب الفوري للقوات العراقية من الكويت إلا أن النظام العراقي رفض تغليب صوت العقل.وفي نيويورك، اجتمع مجلس الأمن وأصدر قرارًا يندد بالاحتلال العراقي، وفي 6 أغسطس 1990م صدرت قرارات من مجلس الأمن الدولي فرضت عقوبات على العراق وحظرت التعامل معه إلا في المواد الطبية والغذائية وفي ظروف محددة. وفي الشهر نفسه، أعلنت الولايات المتحدة عن إرسال جنودها إلى منطقة الخليج. ولم يمض وقت طويل حتى تشكل ضد العراق التحالف الذي أطلق عليه عاصفة الصحراء وضم تسعًا من الدول العربية، من بينها الكويت، وثلاثين دولة غير عربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي رد فعل مباشر على احتشاد القوات الدولية على الحدود الكويتية والعراقية قامت السلطات العراقية في منتصف أغسطس باحتجاز الأجانب في كل من العراق والكويت ونقلهم إلى منشآت عسكرية وصناعية ليكونوا دروعًا بشرية ضد هجمات دول التحالف في حال اندلاع الحرب. وفي منتصف ديسمبر 1990م، أطلق النظام العراقي، جميع الرهائن الأجنبية تحت ضغوط شديدة من بعض الدول ومن بينها دول عربية.
وفي 29 نوفمبر 1990م، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا طالب فيه باستعمال جميع الوسائل الضرورية لإخراج القوات العراقية من الكويت إذا لم ينسحب العراق منها في 15 يناير 1991م. لكن جيوش النظام العراقي لم تنسحب من الكويت، ووقعت الحرب التي تركت نتائج سياسية واقتصادية مؤذية للشعب العراقي خاصة وللشعب العربي بوجه عام.
قوات التصدي:
في أواسط يناير 1991م، كانت قوات دول التحالف في الخليج العربي قد بلغت نحو 670,000 جندي مجهزين بنحو 3,500 دبابة ومصفحة ونحو 1,800 طائرة حربية. وتشكلت القوى البحرية من نحو 200 سفينة حربية، بينها ست حاملات طائرات أمريكية وسفينتان حربيتان. وكانت الولايات المتحدة بمفردها قد أرسلت نحو 425,000 جندي، وتقاطرت القوات المسلحة الأخرى من 27 دولة من بينها فرنسا وإنجلترا وبعض الدول العربية كالمملكة العربية السعودية ومصر وسوريا. أما الدول التي لم ترسل جنودًا، فقد ساهمت بالمعدات أو بمبالغ مالية. وتحسبًا لهجوم متوقع من قبل هذه القوات، نشر العراق في قسمه الجنوبي وفي الكويت نحو نصف مليون جندي مجهزين بنحو 4,500 مصفحة ودبابة، 550 طائرة حربية، وأضاف إلى هذه القوات بعض الفرق البحرية.اندلاع الحرب:
في حوالي الساعة الثالثة من فجر السبت 17 يناير 1991م، بدأت قوات التحالف قصفًا جويًا لأهداف صناعية وعسكرية في العراق، ولاحقًا في الكويت، طوال خمسة أسابيع متواصلة. وكانت هذه العملية ترمي في المرحلة الأولى إلى تدمير القوة الهجومية لدى العراق. وكان من أهدافها أيضًا، تدمير ترسانات السلاح البيولوجي والكيميائي والنووي لدى النظام العراقي، وتحطيم سلاح الجو العراقي وتعطيل قدرات النظام العراقي في الحصول على معلومات، كذلك تحجيم القدرات القتالية للجيش العراقي في الكويت جنوبي العراق. وتمكنت دول التحالف من تحقيق معظم أهدافها باستخدامها أجهزة تعمل ليلاً، وأخرى موجهة بدقة إلى الأهداف بعضها تم إطلاقه من سفن راسية في مياه الخليج ومياه بحر العرب والبحر الأحمر. وأخرى متطورة استخدمت للمرة الأولى. لم يكن في إمكان القوات العراقية مواجهة القوة التدميرية لقوات التحالف أو التصدي لها. فاكتفت بإطلاق صواريخ سكود على المملكة العربية السعودية وبلدان مجلس التعاون الخليجي. كما أطلق النظام العراقي بعض هذه الصواريخ على إسرائيل في محاولة واضحة لكسر طوق العزلة العربي من حوله، إلا أن هذا المخطط لم يحقق أغراضه.والمعركة البرية الوحيدة التي وقعت في المرحلة الأولى من الحرب كانت في مدينة الخفجي السعودية قرب الحدود الكويتية. فبعدما أخلاها السعوديون احتلتها القوات العراقية في 29 يناير 1991م. لكن السعوديين والقطريين عادوا فاسترجعوها بعد أقل من يومين بمساعدة قوات عربية وأجنبية.
في 24 فبراير 1991 بدأت المرحلة الثانية للحرب، حين شنت قوات التحالف هجومًا بريًا على جبهات عدة في وقت واحد متقدمة نحو الكويت وجنوبي العراق. ولكن مقاومة القوات العراقية في الكويت كانت هشة، وانقطعت عنها خطوط الإمدادات، فاستسلمت. وبعد يومين أمر صدام حسين قواته بالانسحاب، فأعلنت دول التحالف في 28 فبراير 1991م وقف جميع عملياتها العسكرية ضد العراق.
نهاية الحرب:
في 11 أبريل 1991م أعلن مجلس الأمن رسميًا انتهاء الحرب بعد أن وافق العراق في 6 أبريل 1991م على وقف إطلاق النار بقرار تعهد فيه ضمنيًا بتعويض الكويت عن أضرار الحرب، وتدمير جميع منشآت أسلحته البيولوجية والنووية، وكذلك مصانع إنتاجه الحربية وكل ما يتعلق بالتصنيع العسكري. وفي وقت لاحق، انتدبت الأمم المتحدة فرقًا إلى العراق لمراقبة تدمير تلك المنشآت واستمرت في فرض عقوبات الحظر عليه ضمانًا لتنفيذه كل ما تعهد به.ما بعد الحرب:
وفقًا للتقديرات الأولى، قتل نحو 100,000جندي عراقي في هذه الحرب، على حين أن الخسائر البشرية في صفوف قوات التحالف لم تبلغ إلا نحو 480 شخصًا. تمكنت قنابل دول التحالف التي ألقيت على العراق من تدمير شبكة المواصلات والاتصالات ومعظم المصانع الرئيسية والبنية التحتية، فانقطعت خطوط الكهرباء والمياه. وانهار الاقتصاد الذي كان في الأساس ضعيفًا قبل الحرب. وبعد انتهاء المعارك حدثت قلاقل كبيرة واضطرابات خصوصًا في المناطق الكردية في شمال العراق، ومناطق الشيعة في الجنوب لكن القوات العراقية تصدت بقوة لها وتمكنت من تحجيمها. وهرب الكثيرون من الشيعة إلى إيران في حين هرب الأكراد إلى جبال نائية تفصل شمالي العراق عن تركيا. وفي الفترة من أبريل حتى يوليو 1991م، أعلنت الولايات المتحدة ودول حليفة أخرى عن إقامة أحزمة أمنية ومخيمات لاجئين في شمالي العراق لحماية الأكراد.وفي منتصف مايو 1993م أصدر مجلس الأمن قرارًا برسم الحدود بين العراق والكويت، الأمر الذي أدى إلى أن يعيد العراق أحد عشر بئرًا من النفط إلى ملكية الكويت.
وفي نوفمبر 1994م اعترفت الحكومة العراقية بسيادة الكويت، وأعلنت الأمم المتحدة نص القرار الذي اعترف العراق فيه بشرعية الكويت وكيانه.
عانى بعض الجنود الذين شاركوا في الحرب من أعراض متلازمة حرب الخليج. وتشمل هذه الأعراض الإعياء والصداع والطفح الجلدي وآلام العضلات والمفاصل. ويعتقد بعض الخبراء أن الأسلحة الكيميائية العراقية التي قصفت قوات التحالف مواقعها هي سبب هذا المرض. ويعتقد آخرون أن جرعات عقار بروميد البيريدوستيجمن التي تناولها جنود التحالف للحماية من غاز الأعصاب هي السبب الرئيسي للمرض.
★ تَصَفح أيضاً: متلازمة حرب الخليج.
إختبر معلوماتك :
- ما أبرز دول التحالف ضد العراق ؟ ولمن كانت قيادتها؟
- لماذا تَشكَّل التحالف؟
- ما أهداف القيادة العراقية من احتلالها الكويت؟
- ما مستوى القوة العسكرية العراقية عند دخولها في حرب الخليج الثانية؟ وكيف كان مستوى قوات التحالف؟
- ما نظرتك الشخصية إلى الموضوع بعد قراءتك هذه النبذة عن أسباب الحرب ووقوعها ونتائجها المؤسفة على الشعب العراقي؟