فلسطين، تاريخ ( Palestine )
☰ جدول المحتويات
منظر عام لمدينة القدس في فلسطين من جبل الزيتون |
وموقع فلسطين الجغرافي بين آسيا وإفريقيا حتَّم عليها منذ القدم الاهتمام بالطرق التجارية ومن أقدمها وأشهرها الطريق المعروف باسم فياماريس (طريق البحر). وهو يبدأ من دمشق ويسير حتى يبلغ المكان المعروف باسم جسر بنات يعقوب فيعبر نهر الأردن ويسير محاذيًا لمرج ابن عامر (سهل)، ويسير محاذيًا للشاطئ مارًا باللد والرملة إلى غزة ومنها إلى العريش. وهناك طريق آخر قديم يخرج أيضًا من دمشق عابرًا الأردن جنوب بحيرة طبرية عبر جسر المجامع محاذيًا بيسان وجنين ويسير إلى نابلس فالقدس فالخليل. وموقع فلسطين بين مصر وجنوب غربي آسيا، جعلها موضع صراع منذ آلاف السنين.
كان سكان البلاد الأصليون من الكنعانيين العرب الذين عاشوا فيها آلاف السنين قبل مجيء اليهود إليها. وهؤلاء العرب هم الذين بنوا القدس. حاول اليهود إضفاء الغموض والتجاهل على الوجود العربي في فلسطين، وذلك بما يملكون من وسائل دعائية قوية، ولكنهم تناسوا الحقيقة المهمة، وهي أنهم إنما طرأوا على فلسطين والقدس بمرورهم العابر في مطلع القرن الثامن عشر قبل الميلاد، أي أنهم قادمون متأخرون على مسرح الأحداث في فلسطين.
وقد ظلت فلسطين منذ الفتح الإسلامي جزءًا من دولة الإسلام خلال فترة الخلفاء الراشدين، ثم الدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية. وما زال المسلمون حتى يومنا هذا يعتبرونها جزءًا من دار الإسلام لابد أن يعود إلى أصله.
بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918م)، دخلت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وأصدرت بريطانيا وعد بلفور عام 1917م لإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين تحت ضغط الحركة الصهيونية العالمية، وقاوم العرب الفلسطينيون مخططات بريطانيا وحلفائها اليهود وقاموا بثورات متعددة أبرزها ثورة 1929م والثورة الكبرى 1936م. وخرجت بريطانيا من فلسطين وقد تركت كميات كبيرة من الأسلحة لليهود مما ممكنهم من احتلال ثلاثة أرباع فلسطين وطرد 700,000 من سكانها الشرعيين إلى الدول العربية المجاورة.
فلسطين في التاريخ القديم
فجر التاريخ والاستقرار العربي:
عاشت في فلسطين شعوب كثيرة، مثل: العموريين والكنعانيين وغيرهم من الشعوب القديمة منذ الألف الثالث قبل الميلاد. ولهذا، فقد عرفت أرض فلسطين باسم أرض كنعان. والكنعانيون هم شعب ساميٌّ سكن فلسطين منذ نحو 3,000 عام قبل الميلاد، وأقاموا عددًا من المدن المسورة، وأنشأوا حضارة اقتبسها منهم العبرانيون فيما بعد.وفيما بين القرنين العشرين والثامن عشر قبل الميلاد، غادر شعب ساميٌّ يدعى العبَرانيين منطقة ما بين النهرين واستقر في أرض كنعان. ورحل بعض العَبرانيين إلى مصر. وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد، قاد موسى عليه السلام اليهود خارجًا من مصر ليعود بهم إلى أرض كنعان. وقد اتبع اليهود دينًا يدعو إلى عبادة إله واحد، على حين أن الشعوب الكنعانية الأخرى كانت تعبد عدة آلهة. ظل العبرانيون لمدة 200 سنة، يصارعون الشعوب الكنعانية الأخرى والمناطق المجاورة. وكان يسيطر على الساحل الجنوبي الغربي من أرض كنعان أحد الشعوب القوية المعادية لليهود وهم الفلسطينيون الذين سميت منطقة فلسطين باسمهم.
الغزوات:
في القرن الثامن قبل الميلاد، قام الآشوريون، وهم شعب عاش فيما يسمى الآن بالعراق، ببسط حكمهم غربًا إلى البحر الأبيض المتوسط، وغزوا فلسطين سنة 722 أو 721ق.م. وبعد مائة سنة، أخذ البابليون يسيطرون على الإمبراطورية الآشورية وغزوا يهودا (جنوب فلسطين) سنة 586ق.م، ودمروا هيكل سليمان في القدس، واسترقَّوا كثيرًا من اليهود، وأجبروهم على العيش في المنفى في بابل. وبعد خمسين سنة، غزا الملك الفارسي قورش الكبير بابل، وسمح لليهود بالعودة من المنفى وبناء المعبد والاستقرار في فلسطين من جديد. وحكم الفرس معظم الشرق العربي بما في ذلك فلسطين من سنة 530 حتى 331ق.م، ثم قام الملك الإسكندر الأكبر بغزو الإمبراطورية الفارسية، ودحر داريوس الثالث ملك الفرس في موقعة إمسوس في خريف عام 333ق.م. وبعد وفاة الإسكندر سنة 323ق.م، تقاسم قادته الكبار الإمبراطورية. فأسس سلوقس أحد القادة، الأسرة السلوقية الحاكمة التي سيطرت على فلسطين حتى عام 200ق.م. وقد حال الحكام الجدد بين اليهود وممارسة دينهم، فثار اليهود سنة 167ق.م بقيادة يهوذا المكابي وطردوا السلوقيين من فلسطين. وأنشأوا مملكة موحدة جديدة عرفت باسم يهودا، وبقيت زعامة المكابيين على اليهود حتى بسط الرومان سلطانهم على فلسطين في عام 63ق.م.الحكم الروماني:
في سنة 63ق.م، قامت الكتائب الرومانية بغزو يهودا التي أصبحت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية. وُلِدَ عيسى عليه السلام في بيت لحم خلال السنوات الأولى من الحكم الروماني، وأخمد الرومان ثورات اليهود، الثورة الأولى (66 حتى 70م) والثورة الثانية (من 132-135م)، وطردوهم من القدس، وأطلقوا على المنطقة اسم فلسطين. لكن بقيت جماعة منهم في الجليل في أقصى شمالي فلسطين، واستمر الحكم الروماني لفلسطين حتى سنة 300م، ثم حكمها البيزنطيون (الإمبراطورية البيزنطية)، حيث انتشرت النصرانية في جميع أنحاء فلسطين.الفتح العربي الإسلامي
خلال القرن السابع الميلادي، انطلقت الجيوش العربية الإسلامية من الجزيرة العربية لفتح معظم بلاد الشرق الأوسط بما في ذلك فلسطين. ومع ظهور الإسلام الذي انتشر وعمّ المنطقة كلها، حيث عُومل اليهود والنصارى على أنهم أهل كتاب فتركت لهم حرية العقيدة والثقافة. ومع ذلك، فقد دخل أكثر السكان المحليين في الإسلام تدريجيًا، كما قبلوا الثقافة العربية الإسلامية التي رعاها حكامهم. ★ تَصَفح: عمرو بن العاص.
وفي مطلع الألف الثاني بعد الميلاد، بدأ السلاجقة ـ وهم ينتمون إلى الجيش التركي ـ يسيطرون على فلسطين بعد أن احتلوا القدس سنة 464هـ، 1071م، ودام الحكم السلجوقي لفلسطين أقل من 30 سنة. أراد الصليبيون النصارى القادمون من أوروبا أن يُسيطروا على فلسطين فبدأت الحروب الصليبية سنة 490هـ، 1096م. واحتل الصليبيون القدس 493هـ، 1099م، واستمروا يحكمونها حتى 583هـ، 1187م، عندما استرجع القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي فلسطين وهزم الصليبيين هزيمة منكرة في موقعة حطين الشهيرة واستولى على حيفا وقيسارية ويافا ونابلس، ثم عقد النية على استعادة بيت المقدس وبالفعل دخلها في 583هـ، يوم الجمعة الموافق 2/10/1187م. واستولى على القدس. ★ تَصَفح: صلاح الدين الأيوبي.
الحروب الصليبية:
من المعروف أن فترة الحروب الصليبية فترة خطرة جدًا في تاريخ المسلمين عامة وفلسطين خاصة ؛ إذ استجابت أوروبا بكل ثقلها لدعوة البابا أوريان التي ناشد فيها زعماء أوروبا أن يستولوا على فلسطين من المسلمين ويقيموا فيها دولة نصرانية. ودامت الحروب قرابة قرنين، ظلت القدس قرابة قرن منهما تحت السيطرة الصليبية حتى حررها المسلمون بقيادة صلاح الدين. ولا يزال التاريخ يروي كيف بطش الصليبيون بالمسلمين بطشًا دمويًا يوم دخلوا بيت المقدس. لكن المسلمين فعلوا عكس ذلك يوم حرروها بقيادة صلاح الدين الأيوبي، إذ كانوا قمة في التسامح، حتى دخلت شخصية صلاح الدين وجدان الرجل الأوروبي بوصفه أنبل فرسان التاريخ وأكثرهم حفظًا للعهود وتسامحًا وعفوًا.وفي منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، استطاع المماليك الذين حكموا مصر، أن يؤسسوا دولة ضمت إليها فلسطين. وقد تميّز عصر المماليك في القدس باهتمامهم بها وترميم مقدساتها الإسلامية، حتى إننا نجد سلاطينهم يكسون قبة الصخرة المقدسة من الخارج بالفسيفساء. وظل المماليك حكامًا حتى تمكن الأتراك العثمانيون من هزيمتهم عام 923هـ، 1517م، وأصبحت فلسطين جزءًا من الدولة العثمانية. وكان العرب المسلمون يشكلون أكثر سكان فلسطين عددًا. ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي، أخذ اليهود يهاجرون إلى القدس من مختلف أقطار البحر الأبيض المتوسط ويستقرون فيها وفي أجزاء أخرى من فلسطين. وقد بلغ عدد اليهود في فلسطين عام 1880م حوالي 24,000 نسمة، من أصل مجموع السكان البالغ عددهم 500 ألف، ثم أتت حملات الاضطهاد في روسيا عام 1882 بموجة جديدة من يهود بولندا ورومانيا حتى أصبح هناك خمسون ألف يهودي في فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.
الحركة الصهيونية:
ابتداءً من أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، زادت هجرة اليهود بسبب الضغط الذي وقع عليهم في أقطار شرق أوروبا. أنشأ بعض اليهود حركة تعرف باسم الصهيونية، أخذت هذه الحركة تعمل من أجل قيام دولة يهودية مستقلة لهم في فلسطين. وأنشأ الصهاينة مستعمرات زراعية في فلسطين. وفي خلال هذه الفترة، تزايد سكان فلسطين بسرعة. وفي عام 1914م بلغ العدد الإجمالي للسكان في فلسطين 700,000 نسمة ؛ كان منهم 615,000 عربي و57,000 يهودي. ★ تَصَفح: الصهيونية.التآمر الاستعماري على فلسطين
الحرب العالمية الأولى ووعد بلفور:
انضمت الإمبراطورية العثمانية إلى كل من ألمانيا والنمسا والمجر في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م) ضد الحلفاء، وتولت أمر فلسطين حكومة عسكرية عثمانية. وخططت بريطانيا وبعض حلفائها لتقسيم أملاك الدولة العثمانية فيما بينها بعد الحرب. وطالبت اتفاقية سايكس ـ بيكو 1916م بوضع جزء من فلسطين تحت سيطرة حكومة حلفاء مشتركة. وعرضت بريطانيا أن تلبي بعد الحرب مطالب العرب بالاستقلال عن العثمانيين مقابل مساعدة العرب للحلفاء فيما عرف بمراسلات حسين ـ مكماهون. وفي 1916م ثار بعض العرب على العثمانيين اعتقادًا منهم بأن بريطانيا سوف تساعدهم في إنشاء دولة عربية مستقلة في الشرق الأوسط. وكانت فلسطين ضمن المنطقة التي وعدهم الإنجليز بها، ولكن بريطانيا أنكرت ذلك إثر إعلان اتفاقية سايكس ـ بيكو بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا عام 1917م.وفي عام 1917م وفي محاولة منها لكسب الدعم اليهودي لها في الحرب، أصدرت بريطانيا وعد بلفور. نص الوعد على تعهد بريطانيا بمساعدة اليهود في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، دون الإخلال بالحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين. لكن هذا الوعد يناقض نفسه منذ البداية، ذلك لأن قيام دولة يهودية في فلسطين يؤدي بالضرورة إلى الإضرار بحق العرب والمسلمين.
وبعد الحرب، قامت عصبة الأمم بتقسيم الكثير من أراضي الدولة العثمانية إلى أراضٍ واقعة تحت الانتداب.
وفي عام 1920م تلقت بريطانيا تكليفًا بالانتداب المؤقت على فلسطين يمتد من غربي نهر الأردن إلى شرقيه. وكان على البريطانيين أن يساعدوا اليهود على بناء وطن قومي لهم ومساندتهم في إيجاد مؤسسات الحكم الذاتي. وفي 1922م، أعلنت عصبة الأمم رسميًا أن حدود فلسطين تبدأ فقط من الأراضي الواقعة غربي النهر. أما المنطقة شرقي نهر الأردن حاليًا، فقد جعلت محمية بريطانية منفصلة. وقد بدأ تنفيذ الحماية على المنطقتين عام 1923م.
كانت بنود الانتداب البريطاني على فلسطين غير واضحة، ومن ثم فسرتها أطراف عديدة تفسيرات مختلفة. واعتقد كثير من الصهاينة أن بريطانيا لم تفعل شيئًا كثيرًا لدعم شعار الوطن القومي اليهودي. وقد سعى الإنجليز إلى بناء مؤسسات حكم ذاتي، كما تقتضي مهام الانتداب. لكن عروضهم لمثل تلك المؤسسات كانت غير مقبولة من قبل العرب، وبذلك لم تظهر مؤسسات الحكم الذاتي إطلاقًا، وعارض العرب فكرة الوطن القومي اليهودي، وخافوا أن تخطط بريطانيا لتسليم فلسطين للصهاينة بعد أن سمحت بهجرة أعداد كبيرة منهم إلى فلسطين. وفي خلال هذه الفترة، ظهرت أول حركة فلسطينية قومية عربية. وفي مناسبات كثيرة، قامت المظاهرات والصدامات احتجاجًا من العرب على السياسة البريطانية والأنشطة الصهيونية.
في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، جاء إلى فلسطين حوالي 100,000 مهاجر يهودي من ألمانيا النازية وبولندا. وهذه الإجراءات أخافت عرب فلسطين. وقد نظم العرب إضرابًا عامًا شل الحياة في كل فلسطين تقريبًا. واستمر 176 يومًا، وكان الأول من نوعه في العالم.
وفي عام 1939م، أخذ الإنجليز بكل عنف يجددون الهجرة اليهودية وامتلاك الأراضي من العائلات غير الفلسطينية التي أحست بالهلع من جراء الاضطرابات فباعت أراضيها وهربت إلى خارج فلسطين وذلك طوال السنوات الخمس التالية. كما امتلك اليهود أغلبية الأراضي بمساعدة ـ المندوب السامي البريطاني اليهودي هربرت صموئيل الذي استغل وجود قانون عثماني قديم بإعطاء الأرض التابعة للدولة لمن يستثمرها فحول معظم هذه الأراضي لليهود. لكنهم أقروا بأن الهجرة بعد ذلك سوف تعتمد على موافقة العرب. ★ تَصَفح: الصهيونية.
الحرب العالمية الثانية وتقسيم فلسطين:
خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) انضم كثير من العرب واليهود إلى قوات الحلفاء. وبعدها هاجر إلى فلسطين مئات الآلاف من اليهود الأوروبيين.وأوصت هيئة الأمم بتقسيم فلسطين إلى دولتين ؛ عربية ويهودية، وطلبت وضع القدس تحت الوصاية الدولية. وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الخطة في نوفمبر 1947م. وأصدرت قرارها في 29 نوفمبر 1947م الذي تضمن التوصية بتقسيم فلسطين وإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين ولكنها تجاهلت بقرارها حق شعب فلسطين في تقرير مصيره، وأعطت اليهود 56% من أراضي شعب فلسطين، في حين أنهم كانوا يمثلون فقط 5,6% من مجموع السكان قبل التقسيم. وقبل اليهود بقرار الأمم المتحدة، لكن العرب رفضوه ونشب القتال في الحال.
وفي 14 مايو 1948م، أعلن اليهود قيام دولتهم المستقلة، وانسحب البريطانيون من فلسطين. وفي اليوم التالي، قامت الدول العربية المجاورة بمحاولة مساعدة أهل فلسطين في محنتهم ضد اليهود. وعندما انتهى القتال في 1949م، ضمت إسرائيل مناطق تتجاوز الحدود التي وضعتها الأمم المتحدة، أما بقية المنطقة التي خصصتها الأمم المتحدة للعرب فقد أصبحت تحت إدارة كل من مصر والأردن. فوضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها كما انضم الجزء الآخر (الضفة الغربية) إلى إمارة شرق الأردن، وتكوَّن من ذلك المملكة الأردنية الهاشمية. وكانت النتيجة النهائية هي أن حوالي 700,000 من العرب طردوا من إسرائيل وأصبحوا لاجئين في الأقطار العربية المجاورة.
في عام 1964م أسس الشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعيًا له من أجل تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفي عام 1974م اعترفت الدول العربية بالمنظمة باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
استمرار الصراع:
أبرمت الأمم المتحدة سلسلة من اتفاقات إيقاف القتال بين العرب واليهود عامي 1948م و1949م. ولكن لم يجر توقيع اتفاقية سلام فعّالة. واشتعلت الحرب على نطاق واسع مرة أخرى عامي 1956 و1967م. وبعد انتهاء فترة قرار وقف إطلاق النار الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1967م، كانت إسرائيل قد احتلّت الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك شبه جزيرة سيناء المصرية، ومرتفعات الجولان السورية.في عام 1973م، شنت مصر وسوريا الحرب ضد إسرائيل انتهت بهزيمة إسرائيل وانتهت أسطورة الجيش الذي لا يقهر. وكانت حرب عام 1967م قد أدّت إلى وضع حوالي مليون عربي تحت الحكم الإسرائيلي، وبعد الحرب، أصبح مصير الفلسطينيين هو المحور الذي يدور حوله الصراع العربي الإسرائيلي. وأكدت منظمة التحرير في ميثاقها الوطني (1969م)، التزامها بتحرير جميع فلسطين. في عام 1978م وقعت مصر وإسرائيل اتفاقية كامب ديفيد لتسوية النزاع بين البلدين، وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. وتضمنت الاتفاقية بنودًا تنص على إعطاء الحكم الذاتي للمقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد خمس سنوات، على أن يتبع ذلك قرار يتعلق بالوضع المقبل لهذه المناطق. وقد انتقدت الدول العربية الأخرى هذه الاتفاقية بشدة. وفي عام 1987م انفجرت انتفاضة الحجارة لتكشف عنف وجبروت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي، وتجسد الانتفاضة تكاتف الفصائل السياسية والقوى الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال. اعترفت منظمة التحرير أخيرًا بحق إسرائيل في الوجود في فلسطين ودخلت معها في مفاوضات بهدف التوصل لحل سلمي للنزاع القائم بينهما. تم توقيع اتفاق الحكم الذاتي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في 4 مايو 1994م بالقاهرة بشأن إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في غزة وأريحا. وفي يوليو 1994م وصل ياسر عرفات إلى غزة ليدير سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني. وفي يناير 1996م، انتخب ياسر عرفات رئيسًا للسلطة الفلسطينية، كما انتخب المجلس التشريعي الفلسطيني. حال انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسًا لوزراء إسرائيل في 29 مايو 1996م دون إكمال عملية إعادة انتشار (انسحاب) القوات الإسرائيلية من أراض عربية فلسطينية واسعة شملتها اتفاقيات السلام بسبب سياساته الاستيطانية المتشددة، وتعرقلت عملية السلام في المنطقة برمتها.
وفي مايو 1999م، حصل مرشح حزب العمل إيهود باراك على 56% من أصوات الناخبين وأصبح رئيساً للوزراء. وفي سبتمبر من العام نفسه اتفق باراك مع الرئيس عرفات على عقد جولة مفاوضات الحل النهائي. وفي يونيو 2000م، رعى الرئيس الأمريكي بيل كلنتون مفاوضات شاقة للسلام بين الرئيسين عرفات وباراك في منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية. استغرقت المفاوضات أكثر من أسبوعين قدم خلالها الرئيس كلنتون ورقة أمريكية قال إنها كفيلة بحل المشاكل كافة، لكنها كانت تمثل الموقف الإسرائيلي تماماً.
انهارت المفاوضات للاختلاف الجوهري حول ثلاث مسائل حيوية هي: القدس وعودة اللاجئين والأرض والحدود والأمن. فبينما تمسك الجانب الفلسطيني بحق الفلسطينيين في السيادة على القدس بوصفها عاصمة لدولتهم، لم يوافق الجانب الإسرائيلي إلا على إعطاء الفلسطينيين سيادة اسمية على الحرم الشريف فقط. وأصر الفلسطينيون على مشروعية عودة اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، إلا أن الإسرائيليين لم يوافقوا إلا على عودة بعض اللاجئين وفي الإطار (الإنساني) الذي يهدف إلى لم شمل بعض الأسر الفلسطينية وبأعداد محدودة كل عام. وطالب المفاوضون الفلسطينيون تطبيق البنود المتعلقة بالأرض والحدود والأمن التي حددتها اتفاقية أوسلو، إلا أن الجانب الإسرائيلي عمد إلى التسويف والتأجيل ؛ فانهارت المفاوضات. أنحى الرئيس الأمريكي باللائمة على الرئيس عرفات لأنه، حسب رأيه، كان وراء فشل المفاوضات لعدم مرونته.
وفي 28 سبتمبر دنس زعيم كتلة الليكود مجرم الحرب شارون الحرم الشريف بالمسجد الأقصى عندما دخله مع ثلاثة آلاف من جنوده فانطلقت انتفاضة الأقصى. وجدت الانتفاضة دعماً من جميع الدول العربية خاصة في اجتماع القمة العربية الطارئة التي عقدت لهذا الغرض في أكتوبر 2000م. قدمت الانتفاضة مئات الشهداء، وبقي الشهيدان محمد جمال الدرة، 10 سنوات، وإيمان حجو، 4 أشهر، رمزاً لصمود الشعب العربي الفلسطيني أمام وحشية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً. وفي فبراير 2001م فاز السفاح شارون في الانتخابات المبكرة، وأصبح رئيساً للوزراء ومضى في محاولاته وقف الانتفاضة بمزيد من البطش وسفك الدماء. ردَّت المقاومة الفلسطينية بقنابل بشرية إذ عمد بعض الاستشهاديين إلى نسف أنفسهم بمتفجرات حملوها بين جنباتهم وسط المستوطنين والجنود اليهود. وانقسم الفلسطينيون والعرب والمسلمون في النظر إلى هذه العمليات. فمنهم من قال بجوازها، ومنهم من رأى ضرورة أن توجه هذه العمليات ضد الجنود اليهود والمنشآت العسكرية دون المدنيين، ومنهم من أكد على عدم جدواها مطلقاً إذ لم تؤد إلى نتائج تفيد القضية الفلسطينية، بل أضرت بها.
إختبر معلوماتك :
- تعتبر فلسطين واحدة من أهم المناطق التاريخية في العالم، وضح أسباب ذلك.
- ما أهم الشعوب التي سكنت فلسطين قديمًا؟
- ماذا تعرف عن الكنعانيين؟ ولماذا سميت فلسطين بأرض كنعان؟
- كيف وصل اليهود إلى فلسطين؟ ومتى كان ذلك؟
- كيف دخل الإسلام فلسطين؟
- تُعد الحروب الصليبية فترة خطرة في تاريخ المسلمين عامة وفلسطين خاصة. اشرح ذلك.
- كيف أسهمت بريطانيا في اغتصاب اليهود لفلسطين من أصحابها العرب؟
- شكلت انتفاضة الحجارة وسيلة ضغط على إسرائيل للتخلي عن جبروتها. اشرح ذلك.
- ما أثر انتخاب بنيامين نتنياهو على عملية السلام؟