تحفيظ القرآن للفتيات في عمان حيث تقوم بهذه المهمة إحدى السيدات الحافظات لكتاب الله.
أحد فصول تحفيظ القرآن التي ينظمها المركز الإسلامي لأبناء المسلمين في لندن.
درس في تلاوة القرآن على يد أحد الأساتذة في المركز الإسلامي في كاردف ببريطانيا.
والقرآن ـ كلام الله المنزل ـ أساس عقيدة المسلم، وهو يعالج بصفة أساسية العلاقة بين الخالق سبحانه وتعالى وبين مخلوقاته، ويؤسس لقيام مجتمع يسوده العدل والأمن، كما أنه يهتم بصلاح البشر في الدنيا، وفي الآخرة، ويضع الإطار لأوجه حياتهم في كل نواحيها، الدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما أنه يوضح لهم أسس العقيدة الحقة. فهو يؤكد في سوره المكية والمدنية على وحدانية الله سبحانه وتعالى، خالق الخلق ومدبره القهار، الذي لا تدركه الأبصار، والذي لا تجب العبادة، ولا يجب الخضوع والتسليم إلا له.
والقرآن بعد أن يقرر نظرية التوحيد المطلق، يؤكد في مواضع كثيرة أن الله سبحانه وتعالى قد حقق إرادته عن طريق الرسل الذين جاءوا برسالة مكتوبة، والقرآن هو آخر هذه الرسالات وهو تتمة لما سلف منها، ومن ثم، فهو موافق لها. وتحدث القرآن عن أهل الكتاب أنهم بدلوا وغيروا وأنهم كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله، وأنهم لم يقيموا التوراة والإنجيل ولو أنهم أطاعوا الله وعملوا بما أنزل عليهم لكانوا سعداء، ولكنهم لم يطيعوا. وطاعة الله ـ كما يقررها القرآن ـ واجبة على كل البشر. وهناك ثواب وعقاب، وجنة ونار، وبعث وقيامة.
ويكرر القرآن، في مواضع كثيرة، أن القيامة (الساعة) لا يعلمها إلا الله وحده، وسيُنفخ في الصور، فيقوم الموتى من قبورهم وينتشرون، فيلقى كل إنسان جزاءه، حيث توزن الأعمال، ويُعطَى كلٌ كتابه. فإن كان محسنًا، أي من أصحاب اليمين الذين يأخذون كتابهم بيمينهم فهو من أهل الجنة، وإن كان مسيئًا من أصحاب الشمال فهو من أهل النار.
وقد تحدث القرآن عن عذاب الكفار، ومرتكبي المعاصي وردّد ذلك كثيرًا وأكد عليه، لكنه أكد أيضًا الرحمة الإلهية، والتسامح، وأن قدرة الله غير محدودة، وأن رحمته وعلمه وسعا كل شيء، وأن لا شبيه له. فليس كمثله شيء. وهو فوق المخلوقات وبعيد عنها، لكنه في الوقت نفسه أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد. وأوضح للبشر أنواع المعاصي، وقرر لمرتكب كل معصية عقوبة، فحرَّم الشرك بالله، وجعل عقوبته النار، وكذلك فقد ذكر كثيرًا من الكبائر، فمن قتل من البشر أحدًا عمدًا، فقصاصه القتل. وكذلك الإفساد في الأرض وزعزعة أمن المسلمين. وقد حرم الإسلام الربا والزنا وشرب الخمر، وأوصى بالتقوى، والعمل الصالح.
وتعرض القرآن لكثير من مناحي الحياة الاجتماعية، فأوصى بالمرأة، بوصفها عضوًا له وزنه في المجتمع الإسلامي، حيث قرر حقوقها بعد أن كانت مهضومة، ومنحها الاعتبار بعد أن كان الجاهليون يعتبرونها عيبًا يجب إخفاؤه، فكان بعضهم يئدون بناتهم في الصغر، وكانت المرأة عندهم كالمتاع تورث وتباع، فيرث الابن زوجات أبيه. ولم يكن للمرأة ميراث، فورَّثها القرآن، وقرر حقوقها ابنة وزوجة وأمًا. وأمر ألا يتزوج عليها إذا خاف الزوج عدم العدل، كما قرر أن العدل القلبي بين النساء في هذه الأمور صعب إن لم يكن مستحيلاً، مهما حرص الزوج. كما أوصى القرآن بحسن معاملة الوالدين والرأفة بهما، وإعطائهما حقوقهما كاملة دون ضجر أو ضيق، وأوصى خيرًا بالأرامل والأيتام، وبحسن معاملتهم، وعدم التعدي على حقوقهم وأموالهم. وجعل الذي يأكل مال اليتيم كالذي يأكل في بطنه نارًا، وحذر من ذلك أشد التحذير، وأمر بالإحسان إلى الفقراء والمساكين. فقرر لهم ولغيرهم حقًا في الزكاة التي فرضها على أغنياء المسلمين، وجعل جزاء العمل الصالح ـ أيا كان ـ الثواب والجنة، كما حضّ على الأمانة، والصدق، ونكران الذات، وحسن المعاملة وكل الصفات الحميدة، التي تجعل من الفرد عضوًا صالحًا في مجتمعه.
لقد أكد القرآن والإسلام على الحرية، ومن ثم، فقد تعرض الإسلام لموضوع الرق، فضيقه، ووضع له الحدود، وعالجه علاجًا إنسانيًا حافظ فيه على كرامة الإنسان. فقد كان الرق نظامًا شائعًا في مجتمعات ما قبل الإسلام، فجاء الإسلام ليمنع النخاسة والاسترقاق، ويمنع اصطياد البشر وبيعهم، وليبيح الرق في حالة واحدة هي حالة الحرب العدوانية المعلنة من عدو ضد الإسلام وأهله، فأسرى مثل تلك الحرب هم الأرقاء، ولا يوجد في الإسلام رق إلا بهذا السبب، فلا نخاسة، ولا غزو، ولا نهب، ولا اختطاف لصغير أو كبير. كما أن الإسلام منع معاملة الرقيق بقسوة، وحض على حسن معاملتهم، وأوجد أسبابًا عدة لعتقهم، لأنه يرى أن الرق حالة طارئة ومكروهة، لذا يجب إزالتها بشتى السبل.
عمد الإسلام إلى تضييق مصادر الرق بقصره على أسرى الحرب الشرعية. وألزم الأفراد بعتق الرقاب في الكفـارات، ورغَّبهم فيـه باعتـبـاره قربـى إلى الله تعـالى. ﴿ومـن قتل مؤمنًا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة﴾ النساء: 92 . كما جعل الإسلام من أبواب الزكاة عتق الرقاب. وقرر حسن معاملتهم لدرجة تجعل من الرق علاقة اجتماعية استنفدت أغراضها، وأوصى بهم النبي ﷺ خيرا. فقال (هم إخوانكم خَوَلكم (خدمكم) جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس. ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم). حديث صحيح، ورد في مسند أحمد، وغيره. ومن آخر ما أوصى به عليه الصلاة والسلام (الصلاة.. الصلاة، وما ملكت أيمانكم) كما كان ينهى عن ذكر لفظ الرق نفسه، فلا يقول عبدي وأَمَتي، وإنما يقول فتاي وفتاتي.
وتسهيلاً لعتق الأرقاء، فقد جعل الإسلام للرقيق حق المكاتبة، وهو أن يشتري حريته من سيده مقابل مبلغ مقرر من المال، وكذلك قرر أن الأمَة إذا أنجبت ولدًا فهي أم ولد، ولها مركز غير الرقيق، وليس لسيدها التصرف فيها بهبة أوبيع ويكون ولدها حرًا. كما أن الإسلام يتلمس العديد من الوسائل لعتق الرقيق، فيكفي من السيد أن ينطق بالعتق ليقع، ولو كان مازحًا أو مكرهًا أو غير ذلك. وقد روى الإمام مالك عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه قال: ثلاث ليس فيهن لعب: ¸النكاح والطلاق والعتق·. وهكذا فإن الإسلام اعتنى بأمر الرقيق، فأوصى بهم، وشجع على عتقهم.
الإسلام والإيمان لفظان قد يوضع كل منهما مكان الآخر. والإسلام هو التسليم لمشيئة الله والانقياد لأوامره والانتهاء عما نهى عنه. أما الإيمان فهو ما وقر في القلب وصدّقه العمل. وقد يشير الإسلام إلى الأعمال الظاهرة، في حين يشير الإيمان إلى الاعتقاد. والإيمان: أن يؤمن المسلم بالله ورسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة وتظهر القبة الخضراء في الخلف. |
أركان الإسلام خمسة هي: 1- شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله 2- إقام الصلاة 3- إيتاء الزكاة 4-صوم رمضان 5- الحج إلى بيت الله الحرام لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً.
المسجد الكبير في مدينة الدوحة والمسلمون يؤدون الصلاة. |
وتتكون الصلاة من قيام وقراءة للقرآن وركوع وسجود، وجلوس للتشهد، مع قراءة القرآن. وبعض الصيغ الأخرى. وتكون صلاة الجماعة في المسجد ـ وقد تقام في أي مكان آخر ـ وفيها يقف المصلون في صفوف متراصة جنبًا إلى جنب، ويقف الإمام الذي يؤم الصلاة (أي يقودها) في مقدمة المصلين، مستقبلاً القبلة. ولكل وقت من أوقات الصلاة أذان، هو صيغة النداء للصلاة، ينادي به مؤذن من على مئذنة المسجد، أو من مكبرات الصوت كما يفعل المؤذنون في يومنا هذا. وللأذان صيغة معينة. ★ تَصَفح: الآذان.
وصلاة الجمعة هي الصلاة الجماعية المفروضة على المسلمين، وتؤدّى في المسجد، وقد تحضرها النساء أو لا حسب ظروف رعايتهن لأولادهن وبيوتهن. وتسبق صلاة الجمعة (وهي ركعتان) خطبتان يلقيهما الإمام باللغة العربية أو بأي لغة أخرى، وتفصل بينهما جلسة خفيفة يجلسها الإمام. ولا يجوز قراءة القرآن في كل الصلوات بغير اللغة العربية. وقد يتعرض الإمام في خطبة الجمعة إلى تبصير الناس بدينهم، أو مناقشة بعض الأمور التي تهم الناس، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية... إلخ.
وتمثل صلاة الجماعة اتحادهم واجتماعهم على هدف واحد، وهو الإحساس بأنهم عبيد الله، العاملون على طاعته، المنيبون إليه، الخائفون منه، والمقرُّون بربوبيته، ووحدانيته. وهي جمع وتآلف بين المسلمين، وتعاطف بينهم. ★ تَصَفح: الصلاة.
وقد ذكر القرآن عدة مرات مستحقي الزكاة الثمانية، وهم الفقراء والمساكين، والعاملون على جمعها (جمع الزكاة)، والمؤلفة قلوبهم (وهم الذين تقتضي الضرورة منحهم بعض الأموال من أجل الدفاع عن الإسلام، وينضم إليهم من أسلموا حديثًا ممن يقتضي الأمر إدخال الطمأنينة إلى نفوسهم) وفي الرقاب (وهم الرقيق الذين يريدون أن يشتروا حريتهم من سَيِّدهْم). يستحق الزكاة أيضًا، الغارمون (وهم أصحاب الديون) كما يستحقها أيضًا المجاهدون في سبيل الله، وكذلك المسافرون الذين انقطعوا عن أموالهم وقد أشار إليهم القرآن بابن السبيل. ويجمع الزكاة إمام المسلمين ـ أي رئيس الدولة ـ ويوزعها على مستحقيها، يقول الله تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم﴾ التوبة: 60 . ★ تَصَفح: الزكاة.
ويحسن في شهر الصيام الإكثار من العبادة، والتدبر، وقراءة القرآن، وعمل الخير والعطف على المساكين، كما أن هناك من المسلمين من يعتكف في المساجد في عشرة الأيام الأخيرة من رمضان، بغرض العبادة والتقرب إلى الله بالطاعات والذكر. والمسلمون يتحرون ليلة القدر في تلك الأيام، وهي الليلة التي أنزل فيها القرآن على النبي ﷺ. ورُخّص للمريض الذي لا يقوى على الصيام أن يفطر، وكذا المسافر والحامل والمرضع إن خافتا على نفسيهما أو على الجنين فلهما أن تفطرا وعليهم القضاء. أما المريض الذي لا يرجى شفاؤه والمسن الضعيف الهرم، الذي لا يستطيع الصيام ؛ فعليهما إطعام مسكين عن كل يوم. ويحتفل المسلمون عند آخر أيام شهر رمضان بعيد الفطر المبارك، حيث يشكرون الله على الصيام وعلى خيراته، ويصلون الأرحام كما أوصى بذلك الإسلام. ★ تَصَفح: الصوم ؛رمضان.
وللحج أركان وشعائر خاصة، مثل النية والإحرام، والطواف والسعي، والوقوف بالمشاعر (منى وعرفات ومزدلفة). وهناك مواقيت مكانية يحرم منها الحجاج. وإذا أحرم المسلم بالحج من الميقات كان عليه أن يتجرد من المخيط والمحيط. ويكتفي بلبس شقين من قماش أبيض، واحد لأسفل الجسم والآخر لأعلاه، دون تغطية الرأس، ويتبع إحرام الحاج امتناع عن أمور عدة، منها التطيب ومباشرة النساء، وقتل الصيد، وللإخلال بأي واحدة من هذه الواجبات كفارة معينة. أما الطواف، فهو الطواف بالكعبة سبعة أشواط، وهناك طواف القدوم الذي يؤديه الحاج عند دخوله مكة، ثم طواف الإفاضة، بعد الانتهاء من الوقوف بعرفات، ثم طواف الوداع. وعلى الحاج السعي بين الصفا والمروة، وهما الجبلان اللذان كانت هاجر زوج سيدنا إبراهيم (عليه السلام) تسعى بينهما طلبًا للماء، لها ولابنها الرضيع إسماعيل عندما نفد ماؤهما.
والوقوف بعرفات يوم التاسع من ذي الحجة (اليوم الذي يسبق عيد الأضحى) أهم ركن في الحج، ولا يتم الحج إلا به. ثم يأتي بعد ذلك الوقوف بمزدلفة، والمبيت بمنى يومين أو ثلاثة، ورمي الجمرات الثلاث في أيام منى.
ويوم النحر وهو العاشر من ذي الحجة هو عيد الأضحى المبارك ـ أو مايعرف بالعيد الكبير أحيانًا ـ وفيه يحتفل المسلمون في كل بقاع الأرض، بالذكر والصلاة، والتقرب إلى الله بذبح كبش أو خلافه. ثم بالتزاور ووصل الأرحام.
والحج عبادة جماعية، يجتمع فيها الحجاج من كل بقاع العالم الإسلامي في وقت واحد، ومكان واحد ليؤدوا مناسك واحدة، وهو مظهر رائع من مظاهر وحدة الأمة الإسلامية، وهو دعوة للمسلمين كل عام إلى التعارف والتقارب، وهو أشبه ما يكون بمؤتمر إسلامي يلتقي فيه المسلمون مرة كل عام. وهو مثال للمساواة بين المسلمين ـ في مظهرهم، وفي توجههم، وفي خضوعهم التام لله، وهو حق لأرواحهم وتذكير لهم بيوم القيامة ـ فوقوفهم في عرفات خاشعين، داعين لله، منيبين إليه، شبيه بموقفهم أمام الله يوم البعث. ★ تَصَفح: الحج.
وتجدر الإشارة إلى أنه ليس للمسلمين مناسبات دينية يحتفلون بها سوى احتفالهم بالعيدين، عيد الفطر وعيد الأضحى، هذا في السَّنَة، ولهم يوم الجمعة في كل أسبوع.
جانب من المصلين في مسجد بالكويت |
يطلق على الشخص الذي يؤم المصلين: الإمام ويطلق أيضًا على حاكم الأمة، كما أن الإمام بالنسبة للشيعة هو بمثابة الخليفة لأهل السنة، ومن ثم، يمكن القول: إن الجماعة لا تكون بغير إمام، ولا يقتصر هذا الأمر على الصلاة، فحياة المسلم حياة إسلامية لا تكون إلا من خلال الجماعة. ويجب أن يكون الإمام تقيًا، له نصيب وافر من العلم، يعرف القرآن معرفة جيدة. ويجب أن ترضى عنه أغلبية الجماعة، وكذلك الحال مع إمام الأمة، أي حاكمها. ولابد للإمام من مراعاة أحوال المصلين خلفه، فمنهم الضعفاء والمرضى.... إلخ، فيتعاطف معهم، ولا يطيل الصلاة عليهم، وإذا أصاب الإمام عذر فهو يخلي مكانه لغيره، وكذلك قائد الأمة، وتجب طاعة الإمام طاعة كاملة، والالتزام بما يقوم به، فلا يتحرك المصلي قبل إمامه، ولا يركع ولا يسجد قبله. وكذلك على الأمة طاعة القائد ـ إلا أن يأمر بمعصية فلا طاعة له عندئذ ـ وردّ أخطاء الإمام في الصلاة، فيجب أن ينبه إلى خطئه، وكذلك حاكم الأمة.وكل هذه الإرشادات توضح أيضًا ما يجب أن تكون عليه الأمة مع قائدها.
الفرقة هي الجماعة أو الطائفة التي اجتمعت على رأي يخالف آراء الفرق الأخرى، والفرق الإسلامية جماعات تغايرت آراؤها في بعض المفاهيم. ورد عن الرسول ﷺ أنه قال: (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، الناجية منها واحدة والباقون هلكى. قيل: ومن الناجية؟ قال: أهل السنة والجماعة. قيل: ومن أهل السنة والجماعة؟ قال: ما أنا عليه).
وأشهر الفرق الإسلامية أهل السنة، والأشاعرة، والماتريدية، والمعتزلة، والجبرية، والمرجئة، والخوارج، والشيعة. تعد بعض الفرق أصولاً يتشعب عنها كثير من الفرق الصغيرة، ولمزيد من المعلومات عن الفرق الإسلامية ★ تَصَفح: المقالة الخاصة بكل فرقة من هذه الفرق في هذه الموسوعة.
هي أحكام الدين الإسلامي الذي نُزِّل على محمد ﷺ سواءٌ منها مايتعلق بالعقيدة أو الفقه. وقد أخذت الشريعة معنى أخص لتدل على الفقه خاصة.
جموع المسلمين عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة. |
الشمول. فهي تشمل أحكام العبادات: وهي التي تنظم علاقة الإنسان بربه، كالصلاة والصوم والزكاة والحج. وأحكام المعاملات: وهي التي تنظم علاقة الإنسان مع غيره في الدولة الإسلامية، وعلاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول. وتنقسم أحكام المعاملات إلى: أحكام الأحوال الشخصية: وهي التي تتعلق بالأسرة، من خِطبة ونكاح، وحقوق زوجية ونسب وطلاق وعدة ونفقة. والأحكام المدنية: وهي التي تتعلق بالبيع والشراء والرهن والإجارة والوكالة والشُفعة، وما يترتب عليها من حقوق مالية. والأحكام الجنائية: وتتعلق بما يصدر عن المكلَّف من جرائم، وما يستحق عليها من عقوبة. وأحكام المرافعات: وهي التي تتعلق بالقضاء والدعوى والبيِّنات. والأحكام الدستورية: وهي التي تتعلق بنظام الحكم وأصوله وسلطان الحاكم على الرعية، وحقوق وواجبات كل منهما. والأحكام الدولية: وهي التي تنظم علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول، ومعاملة غير المسلمين في الدولة الإسلامية.
الأطفال لهم رعاية خاصة في الإسلام. |
وهذه العبادات والأحكام الشرعية، منظِّمة لحياة الناس، ومُصلحة لأفراد المجتمع الإسلامي بأسلوب تربوي فريد. فالصلاة على سبيل المثال علاقة بين العبد وربه. يقول الله سبحانه وتعالى مبينًا هذه العبادة التربوية في المجتمع: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ العنكبوت: 45 . والصوم يقود إلـى التقـوى يقـول الله سبحانه وتعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ البقرة: 183 . والزكاة تؤدي إلى الطهارة فيقول الله سبحانه وتعالى: ﴿خذ من أموالهم صدقةً تطهِّرهم وتزكّيهم بها﴾ التوبة: 103 . وفي الحج بُعدٌ عن الرفث والفسوق والجدال، وأمرٌ بالتزود بالتقوى، يقول سبحانه وتعالى: ﴿الحج أشهرٌ معلومات فمن فرض فيهن الحجّ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتّقوُنِ يا أولي الألباب﴾ البقرة: 197 .
مسجد المركز الإسلامي في مدينة جلاسجو، بأسكتلندا يتسم بنمط معماري إسلامي جميل. |
المرونة والصلاحية لكل زمان ومكان. يقصد بالمرونة المقْدرَة على إعطاء الحلول لكل مشكلة، تطرأ في حياة الناس، في كل بيئة وعصر، وبيان حكم الشرع في كل نازلة تستجد. والسر في مرونة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان هو أن الإسلام جاء بقواعد كليّة وبقيمٍ ومبادئ ثابتة، لا تتغير، ولا تتبدل، ثم وجّه العلماء للنظر والاجتهاد في المسائل والحوادث الجزئية، التي تستجد في إطار هذه القواعد والمبادئ. ومن هنا لا تستجد مسألة إلا ولها حكم في الشريعة.
اليسر ورفع الحرج. وهذا مبدأ عظيم وشامل لجميع الأحكام في الشريعة الإسلامية وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تقرر التيسير ورفع الحرج، منها: قولـه تعالى: ﴿ما يريد الله ليجعلَ عليكم من حرج﴾ المائدة:6 وقوله تعالى: ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ الحج: 78 وغيرها من الآيات (سورة التوبة آية 91، وسورة النور آية 61، وسورة الأحزاب آية 37، 38).
والتيسير ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية يرجعان إلى التوسط والاعتدال في الدين الإسلامي. وقد أثبت الله التوسط بقوله ﴿وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا﴾ البقرة: 143 . فإذا رافق الفعل مشقة زائدة، فإن هذه المشقة تُرفع شرعًا بعد النظر في سببها، فإذا كانت من الفعل ذاته سقط وجوب الفعل أو حرمته، إلى حين زوال المشقة، فلا يجب الصوم مثلاً على المسافر، ويجوز أكل الميتة للمضطر. وأما إذا كانت المشقة بفعل المكلَّف واختياره، فإنها مرفوعة بنهي الله عن ذلك، كالنهي عن الوصال في الصوم والنهي عن التنطع في العبادات وغيرها.
جموع المصلين عند مسجد الملك فيصل في إسلام أباد، باكستان |
العدل. ويتمثل هذا المبدأ في التوجيهات القرآنية التي تأمر بالعدل المطلق بين الناس، وتنهى عن الظلم حتى مع من نبغض ونعادي، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجَرمَنّكم شنئانُ قومٍ على ألا تعدلو اعدلوا هو أقربُ للتقوى واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون﴾ المائدة:8
بين القرآن الكريم أن سبب زوال الأمم وهلاكها هو شيوع الظلم، قال تعالى: ﴿ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا﴾ يونس: 13 . وقد تجلى العدل وظهر في التاريخ الإسلامي، حتى مع غير المسلمين، ومن ذلك قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع القبطي الذي شكا إليه ابن والي مصر عمرو بن العاص، لما لطم القبطيَّ بغير حق فأنصف عمر هذا القبطي، عندما قال له: ¸اضرب ابن الأكرمين·. والحرص على العدل ونبذ الظلم هو الذي جعل أهل بلاد الشام النصارى يرحبون بالمسلمين ويعلنون حبهم لهم مع أنهم كانوا يحكمون من أبناء دينهم الروم.
المساواة. كلمة تفقد معناها عندما يبتعد الناس عن منهج الإسلام وتعاليم القرآن وسنة الرسول ﷺ. وقد قرر القرآن أن التقوى هي الأساس، والميزان الذي يوزن به الناس، وأن الناس متساوون، وإن اختلفوا في الأجناس والألوان، قال تعالى: ﴿يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ الحجرات: 13 . وقد تمثلت المساواة في الإسلام في أعظم صورها، بجعل المؤمنين إخوة، فقال تعالى: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ الحجرات :10 . ولم تكن هذه المبادئ مجرد مُثلٍ عليا تُقرّ وتُردّد، بل طُبِّقت عمليًا، عندما آخى الرسول ﷺ بين كبار الأنصار وأغنيائهم، وبين فقراء المهاجرين وفيهم الموالي. وكان من التطبيق العملي لهذا المبدأ، أن جعل الرسول ﷺ زيد بن حارثة أميرًا، وهو من الموالي، في غزوة مؤتة. وكذلك عندما أمّر ابنه أسامة لغزو الروم، وكان في الجيش أبو بكرٍ وعمر وسعد بن أبي وقاص.
الحرية. تقررت الحرية في الإسلام، من خلال توجيهات القرآن المعجز، فقد قرر القرآن حرية الفكر وحرية العقيدة، وحرية الرأي. ففي مجال الفكر، اهتم الإسلام بتحرير العقل من الأوهام والخرافات، وأخذ القرآن يخاطب العقل البشري مؤصِّلاً كبرى قضايا التوحيد. كما حث القرآن على استخدام العقل وتحرير الفكر. وعاب القرآن على من ألغى عقله وفكره وقلّد غيره. وقد بلغ احترام الإسلام للعقل ذروته، عندما جعل المجتهد مأجورًا على تفكيره، وبذل جهده وإن أخطأ فقال عليه الصلاة والسلام:إذا حكم الحاكمُ فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم ، عن عمرو بن العاص. وأما حرية العقيدة فتتجلى في قوله تعالى: ﴿لا إكراه في الدين﴾ البقرة: 256 . ولقد شهد هذا المبدأ تطبيقًا عمليًا، غايةً في النزاهة والنبـل، فـعاش النصارى في ظل الدولة الإسلامية غير مُكرهين على اعتناق الإسلام. والتاريخ الإسلامي وما فيه من قصص وأحداث تزخر بالمواقف النبيلة معروف للقاصي والـداني. وأمـا حرية القول، فقد أباحت الشريعة للناس أن يُعبِّروا عما يشعرون، وعمـا يجـول في خـواطـرهم. بـل جعلت القول واجبًا على الناس من خلال فريضة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فقال تعالى: ﴿ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾ آل عمران: 104 .
وهناك نوعان من مصادر الشريعة: مصادر أصلية ومصادر تبعية: المصادر الأصلية: وهي كتاب الله تعالى: القرآن الكريم وسُنّة نبيه عليه الصلاة والسلام. والقرآن الكريم كتاب الله المنزل على رسوله محمد ﷺ، والمنقول إلينا بالتواتر، وقد يعرف بأنه كلام الله المعجز. ★ تَصَفح:القرآن الكريم.
أما السُنّة فهي ما صدر عن رسول الله ﷺ، من قول أو فعل أو تقرير أو سكوت سوى القرآن. ★ تَصَفح: السنة.
المسجد الجامع في دلهي |
الإجماع. ومعناه في اللغة، العزم على الشيء، والتصميم عليه، وفي الاصطلاح: اتفاق المجتهدين المسلمين، بعد وفاة رسول الله ﷺ على حكم شرعي. والأصل فيه قوله عليه السلام: (إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة) حديث حسن، خرجه ابن أبي عاصم في السنة، عن أنس.
والإجماع نوعان. إجماع صريح وإجماع سكوتي. أما الصريح فهو أن يبدي بعض المجتهدين رأيه في واقعة أو قضية ثم يعرضه على جميع المجتهدين فيقروه عليه صراحة. وأما السكوتي فهو أن يبدي بعض المجتهدين رأيه في قضية ثم يعرضه على جميع المجتهدين أو ينتشر الرأي بينهم في زمانهم فلا يقره أحد ولا ينكره أحد وإنما يسكت الجميع.
وهناك من ينكر حصول الإجماع لصعوبة ذلك، وهناك من يقبله في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر فقط، نظرا لاجتماع الصحابة، أما بعد ذلك فلا يسلّمون بوقوع الإجماع لصعوبته. وهناك من يقبل الإجماع الصريح دون السكوتي، ويتفق جمهور العلماء على قبول النوعين مستدلين بأنه لا يتصور من الصحابة أو المجتهدين سكوت على خطأ ـ كما أن من العلماء من قال إن الإجماع الصريح دلالته قطعية بخلاف السكوتي فدلالته ظنية.
القياس من المصادر التَّبعية ويعني في اللغة التقدير والمساواة، وفي الاصطلاح: إلحاق مسألة لا نص على حكمها بمسألة ورد نص بحكمها، في الحكم، وذلك لتساوي المسألتين في علة الحكم أو سببه.
ومثال ذلك تحريم شرب الخمر، حيث ورد نص في ذلك، والعلة هي الإسكار، فكل شراب فيه هذه العلة، يكون حكمه التحريم، قياسا على الخمر.
جموع من المصلين يؤدون الصلاة في المركز الإسلامي في لندن |
ولكن القياس على الإجارة أولى، لأن الموقوف عليه لا يملك الوقف بل المنفعة فقط، وإذن فالقياس على الإجارة أولى، ومقتضى ذلك دخول حقوق الارتفاق تبعا، ولو لم ينص عليها، قياسا على دخولها في الارتفاق من غير ذكر لها، وسبب هذا أن انتفاع الموقوف يتعذر دون تبعية هذه الحقوق، لذا فهي تقاس على الارتفاق استحسانا وليس على الوقف.
مثال النوع الثاني استثناء جزئية من أصل، والمفروض أن القاعدة تنطبق على جزئياتها كافة، لكن قد يظهر للمجتهد دليل يقتضي استثناء مسألة معينة عن الحكم الكلي. فمثال ذلك:كل محجور عليه لسفه لا تصح تبرعاته ومنها الوقف، لكن جرى استثناء جواز وقفه على نفسه استحسانا لأنه بذلك يحفظ ماله فلا يصير عالة على غيره.
المصالح المرسلة. هي الوصف الذي لم يقم دليل من الشارع على اعتباره أو إلغائه.
ويقسم العلماء المصالح إلى ثلاثة أنواع:
مصالح اعتبرها الشارع، ووضع لها حكما لتحقيقها، مثل حفظ النفس بمنع القتل، وحفظ المال بمنع سرقته أو إتلافه. ومصالح ألغاها الشارع ولم يعتبرها، كالمحارب يوقع نفسه بالأسر، فيحفظ نفسه من القتل، فقد أوجب الشارع عليه الجهاد والقتال. ومصالح لم يقم دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها.
فكل قضية ليس فيها نص ولا إجماع ولا قياس ولا استحسان، وفيها مصلحة للناس، بشرط ألا يوجد دليل يدل على إلغاء هذه المصلحة، فمن حق المجتهد إيجاد حكم مناسب لتحقيقها.
فعندما كثرت الجيوش وتوسعت رقعة الدولة الإسلامية على عهد الخليفة عمر رضي الله عنه وجد من المصلحة أن يضع الدواوين ففعل ذلك باسم المصلحة.
سد الذرائع. إذا كانت الوسيلة توصل إلى محرم صارت محرمة، ووجب منعها، وإذا كانت تؤدي إلى واجب فهي واجبة. والمعتبر ليس نية الفاعل، بل ما يؤدي إليه. فالاحتكار مثلا ممنوع سدًا لذريعة التضييق على الناس، ومنع الدائن من قبول الهدايا من مدينه، سدُُّ لذريعة الربا.
العرف يسمى العادة أو هو ما اعتاده الناس من قول أو فعل. فقد اعتاد الناس البيع بالتعاطي، دون استعمال صيغ البيع، ودخول الحمامات العامة، دون تحديد وقت أو كمية الماء المستعمل.
والعرف منه الصحيح ومنه الفاسد، والمعتبر شرعًا هو الصحيح دون الفاسد ويشترط ألا يعارض نصًا شرعيًا فإذا تغير العُرف تغير الحكم تبعًا له ما دام صحيحًا.
مذهب الصحابي. كان الكثير من الصحابة يفتي الناس. والسؤال: إذا كان ما يفتيه صادرًا عن رأي واجتهاد، فهل هو ملزم لمن جاء بعده أم لا؟ يرى بعض العلماء أنه حجة، ومن حق المجتهد أن يختار ما يراه الأقرب، لكتاب الله وسنة رسوله. بينما ذهب آخرون إلى أنه ليس بحجة، وليس مُلزما، ويبدو أن قول الصحابي ليس بحجة بنفسه ولكنه مرجح فقط.
شرع من قبلنا. ما حكم الأحكام السابقة على شريعة الإسلام كالموجودة في التوراة مثلاً وجاء ذكرها في الكتاب أو السُنّة؟ بعض العلماء يعتبرها شرعًا لنا وبعضهم لا يعتبرها.
الاستصحاب لغةً المصاحبة، واصطلاحًا الحكم ببقاء الشيء على ما كان عليه حتى يقوم الدليل على تغييره، فإذا علم أن فلانًا ملك دارًا مثلا فتبقى كذلك حتى يقوم دليل على انتقالها لغيره. ومن تطبيقات الاستصحاب أن الأصل في الأشياء الإباحة، فكل نبات أو حيوان أو تصرف لا يعرف له حكم في الكتاب أو السنة أو باقي المصادر، فإنه يحكم بجوازه وإباحته، لأن الأصل الإباحة والأصل براءة الذمة لكل إنسان حتى يثبت العكس.
الفقه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.
وقد جاءت أحكام الفقه شاملة لكل نواحي الحياة، فهي تشمل:
1- أحكام العبادات: وهي التي تنظم علاقة الإنسان بربه، كالصلاة والصوم والزكاة والحج.
2- أحكام المعاملات: وهي التي تنظم علاقة الإنسان مع غيره في الدولة الإسلامية، وعلاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول وتُقسم إلى: أحكام الأحوال الشخصية، والأحكام المدنية، والأحكام الجنائية، وأحكام المُرافعات، والأحكام الدستورية، والأحكام الدولية.
عصر الصحابة. تصدى الصحابة رضي الله عنهم لإفتاء الناس وكان منهم المكثر ومنهم المقل. وكانوا يعتمدون في الإجابة عما يُسألون عنه على الاجتهاد المعتمد على القرآن والسنة.
عصر التابعين. استمر العلماء من التابعين في الإجابة عن أسئلة الناس. واتسعت دائرة الاجتهاد نظرًا لاتساع الدولة الإسلامية ودخول عدد كبير من الناس في الدين في هذا العصر ممن لهم عادات وتقاليد وسلوك وأنماط حياة تختلف عن الصحابة، مما اضطر العلماء لبذل مزيد من الجهد للإجابة عن أسئلة الناس. ولم تستجد مسألة إلا وبينوا حكمها في الدين. وقد ساعدهم على ذلك أن أحكام الدين جاءت عامة نصت على مسائل كلية مجملة.
بعض المسلمين يؤدون الصلاة أمام مبنى البلدية في إحدى مدن فرنسا |
أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي. ولد في الكوفة سنة80 هـ، وتوفي سنة 150هـ وعاش في العراق.
مالك بن أنس بن مالك الأصبحي. ولد سنة 93هـ، وتوفي سنة 179هـ وعاش في المدينة المنورة.
محمد بن إدريس الشافعي الهاشمي المطلبي. ولد في غزة بفلسطين سنة 150 هـ، وتوفي في مصر سنة 204هـ، ووضع مذهبه الجديد فيها.
أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني. ولد في بغداد سنة 164هـ، وتوفي فيها سنة 241هـ.
اتفق الأئمة الأربعة على الاحتجاج بالكتاب والسنة والإجماع والقياس، واختلفوا في بقية المصادر كالاستحسان والمصالح المرسلة والعرف وقول الصحابي. وتأثر كل إمام بالبيئة التي عاش فيها، فأبو حنيفة مثلاً عاش في العراق في بلد اشتهرت فيها المناظرات والاهتمام بالرأي وكثر فيها أصحاب الأهواء والبدع والوضع في الحديث فدفعه ذلك إلى التشدد في قبول الأحاديث والإكثار من الاجتهاد بالرأي.
يقصد بأصول الفقه معرفة القواعد والأدلة التي يتوصل بها إلى الأحكام الشرعية. وغاية هذا العلم الوصول إلى معرفة الأحكام الشرعيةعن طريق تطبيق قواعد علم الأصول واستنباط الأحكام الشرعية من الأدلة.
دخل كثيرٌ من غير العرب في الإسلام واهتموا بدراسته وتعلم أحكامه، فأصبحت الحاجة ماسة لتدوين قواعد علم الأصول لأن الناس لم يكونوا في عصر التابعين وتابعيهم بمستوى الصحابة في فهم اللغة التي تعتبر الأداة لفهم القرآن والسنة، فكان لا بد من تدوين القواعدالأصولية التي تعين هؤلاء الذين ادعوا الاجتهاد تأييدًا لأهوائهم فكان لا بد من تدوين قواعد علم الأصول ليحتكم إليها وليُعرف المجتهد الحق ممن يدعي الاجتهاد.
أول من دون في علم أصول الفقه كتابًا وصل إلينا الإمام محمد بن إدريس الشافعي. فقد طلب منه المحدث المشهور عبد الرحمن بن مهدي أن يضع كتابًا في معاني القرآن ويجمع قبول الأخبار فيه وحجية الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ، فاستجاب الشافعي لذلك وألف الكتاب وأرسله إلى عبد الرحمن بن مهدي فسمي الرسالة.
منهج الشافعية أو المتكلمين أو الجمهور. امتاز التأليف في هذا المنهج بدراسة القواعد الأصولية دراسة نظرية مجردة، فما أيده الدليل والعقل أثبته العلماء دون النظر في فروع المذهب. وسُمي منهج الشافعية لأن الإمام الشافعي أول من ألف في هذا المنهج. وسُمي منهج المتكلمين لأن العلماء في تأليفهم في علم الأصول سلكوا نفس المنهج الذي سلكه علماء الكلام في التأليف. وسُمي منهج الجمهور لأن جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة ألفوا في علم الأصول على هذا المنهج.
منهج الحنفية أو الفقهاء. امتاز التأليف في هذا المنهج باستنباط القواعد الأصولية من الفروع الفقهية في المذهب، فهي دراسة تطبيقية مليئة بالفروع الفقهية، لذلك سُمي منهج الفقهاء. وسمي منهج الحنفية لأن الذين ألفوا هذا المنهج علماء الحنفية فقط. وأول من ذكر الأصول التي أثبتت كتب أصحاب أبي حنيفة، الكرخي المتوفى سنة 370هـ.
الجمع بين منهج الحنفية والشافعية. حاول بعض العلماء الجمع بين مزايا منهج الحنفية ومزايا منهج الشافعية، فركزوا على تحرير وتقعيد القواعد الأصولية كما هو منهج الشافعية، ولم يغفلوا ذكر المسائل الفقهية التطبيقية على كل قاعدة كما هو منهج الحنفية. وقد تأخر التأليف في هذا المنهج عن سابقيه وأول من ألف في هذا المنهج ابن الساعاتي المتوفى سنة 694 هـ والذي ألف كتابًا سماه البديع.
المصلون في مسجد السلطان في سنغافورة |
لاتنشأ المعارف كاملة، بل تنمو وتتقدم يومـًا بعد يوم والفقه لايشذ عن ذلك ولايبتعد، وقد مر بأدوار يمكن إجمالها فيما يلي: مرحلة عصر النبوة: حيث كان الاعتماد على الوحي، وكان الاجتهاد محدودًا، ولم يدون من الفقه شيء باستثناء بعض الجهود الشخصية. وعصر الصحابة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وتوالي الفتوحات واتساع رقعة الدولة: حيث دعت الحاجة إلى الاجتهاد لمعرفة بعض المستجدات وحكمها، فقام بذلك بعض الصحابة من أصحاب القدرات الفقهية، مثل: الخلفاء الراشدين وعائشة، وزيد بن ثابت، وابن عمر، وابن مسعود وابن عباس وأمثالهم (رضوان الله عليهم جميعًا)، لكن لم يدون شيء في الفقه. وعصر التابعين: وهم من تتلمذوا على فقهاء الصحابة، وقد ظهرت في اجتهاداتهم مدرستان: واحدة تلتزم النص وهم أهل الحديث، وأخرى تضيف إليه إعمال العقل وهم أهل الرأي.
أما أهل الحديث وهم أهل الحجاز، فكانوا يعتمدون النص ويدورون معه، ولاحاجة للأخذ بالرأي. ذلك لأن لديهم ثروة كبيرة من السنة وأقوال الخلفاء والفقهاء. ومن أعلامها: سالم، مولى ابن عمر، وعكرمة وابن جريج ـ من تلاميذ ابن عباس ـ وسعيد بن المسيب، الذي أطلق عليه اسم فقيه الفقهاء، وقد عرفوا باسم أهل الحديث لعنايتهم به.
أما مدرسة أهل الرأي: وهي مدرسة أهل العراق، الذين لم يجدوا من السنة ما وجده الآخرون، والذين كانوا يتخوفون من الأحاديث الموضوعة، مما حملهم على التشدد في قبول الحديث، ومن أعلام هذه المدرسة إبراهيم النخعي وحماد بن سليمان والأحناف. وفي عصر تابعي التابعين دوّنت السنة، كما دونت فتاوى الصحابة والتابعين، لتصبح مرجعـًا لمن يريد الاجتهاد. وعصر كبار المجتهدين من الفقهاء يمكن التأريخ له من أواخر أيام الأمويين وحتى القرن الرابع الهجري. وفيه دوِّن الفقه، كما ظهرت المذاهب الفقهية التي ماتزال قائمة حتى اليوم.
يلاحظ أن المذهب الفقهي الذي كان له تلامذة خدموه استمر وتقدم، ومن لا تلاميذ له مات، وبقيت بعض اجتهاداته محفوظة. فمذهب الأوزاعي مثلاً لم يعد له وجود اليوم، بينما المذاهب الأربعة وإلى جانبها المذهب الشيعي الزيدي ثم الشيعي الجعفري ماتزال قائمة بفضل من يخدمها وينشرها ويكتب فيها. من هذه المذاهب:
وكانت طريقة الأحناف مشجعة على إتاحة فرصة جيدة للتلاميذ للتدرب على الاجتهاد وضبط المسائل.
كما سار الأحناف وفق منهج واضح، يتحرى العلة ويبحث عنها، لكنهم ابتدأوا أولاً بالفقه، ثم استخرجوا الأصول والقواعد منه فيما بعد. وقد كان للإمام أبي حنيفة جمهور من التلاميذ، على رأسهم أبو يوسف الذي صار قاضيـًا للقضاة، ومحمد بن الحسن الشيباني، وزفر بن الهذيل، والحسن بن زياد.
وقد أوجدوا بعض المصطلحات الخاصة بهم، فإذا اتفق أبو حنيفة وأبو يوسف، قالوا: اتفق ¸الشيخان·. فإذا وقع الاتفاق بين أبي يوسف ومحمد، قالوا اتفق ¸الصاحبان·. وقد أطلق على الأحناف أهل الرأي وهو التوجه الشائع في الكوفة.
الكتاب والسنة والإجماع واتفاق أهل المدينة والقياس وقول الصحابي والمصلحة المرسلة والعرف وسد الذرائع والاستحسان والاستصحاب.
ويلاحظ أن استعمال المصلحة قد سيطر على كثير من المسائل، حتى اقترنت المصلحة بالمذهب، فجلّ المسائل المستندة إلى الرأي جاءت على أساس المصلحة، بل وكانت المصلحة أحيانًا تقدم على القياس وخبر الواحد.
كتب الإمام مالك الموطأ فكان أساس المذهب، ونشر تلاميذه مذهبه من بعده.
وقد جعله اهتمامه الشديد بالسنة يكره أن تدون فتاواه، لكن أصحابه كتبوا عنه. ولما جاء أبو بكر الخلال جمع هذه المسائل والفتاوى ورتبها في كتابه الجامع. وقد ألف المرداوي الإنصاف في اثني عشر جزءًا كلها في مذهب أحمد.
وقد كان يفتي في المسألة، فإذا وجد حديثـًا أفتى حسب الحديث. لذا كثرت الخلافات والمرويات عنه.
اعتاد زيد أن يملي على تلاميذه، وقد وصلنا كتاب المجموع فــي الفقـه والحديث مرويـًا عنه، عن طريق عمرو ابن خالد الواســطي، وكتب تلاميذه الكثير فأسهموا في نشر المذهب، لكنه لم يدون أصوله، إلا أن الفقهاء استنبطوها من الفروع ـ كما فعل الأحناف ـ ومن هذه الأصول: الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان والمصلحة المرسلة وحكم العقل.
وقد أسس هذه المذاهب رجال اجتهدوا فيها اجتهادًا، وجاء بعدهم من يجتهد فيها ولايخرج عنها، كما صار لكل مذهب مقلدون. ومازال باب الاجتهاد مفتوحًا، فالاجتهاد حق مشروع لمن ملك أدواته من المسلمين والمسلمات.
المصلون في مسجد يوف بالجزيرة في السنغال |
لم تجد هذه الدعوة القبول من أهل مكة، إذ إنها كانت تهدد مصالحهم الدينية والتجارية والاجتماعية بل والسياسية أيضًا. فعارضوها واشتدوا في معارضتها وفي إيذاء واضطهاد الذين آمنوا بها، مما دفع ببعض المؤمنين إلى الهجرة للحبشة أولاً ثم هجرتهم جميعًا مع النبي محمد ﷺ إلى يثرب (المدينة المنورة فيما بعد) في عام 622م. وكانت الهجرة إلى المدينة حدثًا فاصلاً في تاريخ الإسلام، أدت إلى تحول الإسلام من مرحلة الدعوة والاضطهاد إلى مرحلة الانطلاق والتطبيق ؛ حيث تمكن النبي محمد ﷺ من إقامة أمة الإسلام ودولته في المدينة، التي كانت النواة للدولة الإسلامية في العصور اللاحقة. واستمر الإسلام يقوى وينتشر من المدينة وحواليها، وماهي إلا سنوات قلائل حتى استسلمت مكة للنبي ﷺ وصحبه، فدخلوها منتصرين عام 8هـ، 630م، حيث أزالوا من الكعبة الأصنام، وكل مظاهر الشرك، وأصبحت مكة مع المدينة، مدينتي الإسلام المقدستين.
التحق النبي ﷺ بالرفيق الأعلى في ربيع الأول عام 11هـ، 633م، وبوفاته واجهت أمة الإسلام الوليدة مشكلتين، مشكلة من يخلفه في حكم الأمة، ومشكلة الردة. وقد تغلبت الأمة على المشكلتين، فاختير أبو بكر الصديق رضي الله عنه خليفة لرسول اللهلله، وكان بذلك أول الخلفاء الراشدين، وتمكن أبوبكر من محاربة وهزيمة المرتدين الذين رفضوا دفع الزكاة إلى الخليفة. وفي عهد الخليفة أبي بكر، استمرت حركة الفتح الإسلامية التي خرجت بالإسلام من الجزيرة العربية إلى بلدان الهلال الخصيب المجاورة، واستطاعت في النهاية ـ وبعد أن تابعها الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب، والثالث عثمان بن عفان ـ هزيمة الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية، ففتحت سوريا والعراق وفلسطين ومصر. واستمرت حركة الفتح متصلة الحلقات، على عهد الدولة الأموية والدولة العباسية، حتى وصل الإسلام إلى أسبانيا غربًا وإلى الصين شرقًا.
اتصل المسلمون القادمون من جزيرة العرب بأهل وحضارات تلك البلاد المفتوحة، وتأثروا بتلك الحضارات، وأثَّروا فيها. فكانت النتيجة ظهور حضارة عربية إسلامية زاهرة، امتد أثرها فيما بعد إلى بلدان أخرى. وقد شجع المسلمون العلم وتعلموه باعتباره واجبًا دينيًا، إذ إن دينهم كان يحفزهم لتعلم العلم الواجب على كل مسلم ومسلمة، وترجموا وحفظوا تراث وعلم الإغريق والفرس والهنود، وصهروا كل ذلك في بوتقة إسلامية، فكانت الحضارة العربية الإسلامية التي أبدع علماؤها وأضافوا إلى المعرفة، في ميادينها المختلفة، خصوصًا في مجالات الطب، والعلوم كالرياضيات والفلك والفيزياء والهندسة، وفي مجال الجغرافيا والتاريخ والفن والأدب.
والعالم الأوروبي وغيره مدين للعرب والمسلمين بالكثير الذي لا يمكن إنكاره بحال من الأحوال. فقد تعلمت أوروبا الكثير في هذه المجالات، بل إن مانقل من هذه المعارف الإسلامية العربية إلى أوروبا عن طريق الترجمة (إلى اللاتينية بالذات) كان هو الأساس الذي بُنيت عليه الحضارة الأوروبية. فمخترعات العرب المسلمين في مجالات الملاحة ـ كالإسطرلاب، والخرائط البحرية وغيرها ـ كانت عاملاً أساسيًا في قيام أوروبا بحركة الاكتشافات البحرية. كما كانت كتب الرازي وابن سينا في الطب هي المسيطرة على التعليم الطبي في أوروبا حتى نهاية القرن السادس عشر الميلادي. وكذلك كتابات جابر بن حيان في الكيمياء والخوارزمي في الرياضيات وغيرها من المعارف التي انتقلت من عالم الإسلام إلى أوروبا، عن طريق أسبانيا الإسلامية وعن طريق الوجود الإسلامي في صقلية. ★ تَصَفح: العلوم عند العرب والمسلمين.