الهرطقة هي تغير في عقيدة أو منظومة معتقدات مستقرة، و خاصة الدين، بطريق إدخال معتقدات جديدة عليها أو إنكار أجزاء أساسية منها بما لا يجعلها متوافقة مع المعتقد الذي نشأت فيه.
يركز التعريف التالي على السياق المسيحي بسبب الخلفية التي نشأت فيها الكلمة، لكن "الهرطقة" تنطبق في سياقات مختلف العقائد، الديني منها و غيره. و في السياق الإسلامي تستخدم "بدعة" للدلالة على المعنى ذاته فيما يتعلق بعقيدة الإسلام و فِرقه.
الكلمة "هرطقة" من اليونانية αἵρεσις "هايرِسيس" (أصلها من αἱρέομαι "هايريوماي" بمعنى "يختار")، و هو ما يعني إما اختيارا مغايرا في العقيدة أو نحلة من المؤمنين. كان إرنايوس Irenaeus هو من أعطى الكلمة زخمها المعروفة به حاليا في مؤلفه Contra Haerese "ضد الهرطقات" الذي وصف فيه و فند مناوئيه في بدايات الكنيسة المسيحية، و قد وصف نفسه كأورثودوكسي ("أوروثو" تعني "صحيح" و دوكسا تعني عقيدة)، و قد تطور موقفه ليصبح في النهاية الموقف الرسمي للكنيسة المسيحية المبكرة.
لذا فكلمة "هرطقة" ليست وصفا موضوعيا و إنما تنطلق من وجهة نظر من يستخدمها الذي ينتمي إلى جماعة كانت قد اتفقت فيما بينها مسبقا على ما هو "أورثودوكس"، أي صحيح و ملتزم بالأصل، أي أصوليا. لكي يوجد من يمكن وصفه بالمهرطق فإنه يجب أن يسبقه وجود نظام راسخ من المعتقدات (دوجما) يوصف بأنه أورثودوكسي. و تستخدم كلمة "هرطقة" لوصف أي رؤية لا تتوافق مع الراسخ في أي مجال.
تستخدم لفظة "أورثودكس" في المسيحية الأورثودكسية الشرقية و البروتستنتية و الإسلام (في الكتابات الغربية أساسا) و بعض الفرق اليهودية و بقدر أقل في بعض الديانات الأخرى. كما توصف التنويعات على الفكر الماركسي اللينيني بأنها انحرافات إلى اليمين أو إلى اليسار. و في العلوم يستخدم وصف "هرطقة" على نحو مجازي ساخر.
لا يصف من يُعَدُّون هراطقة آراءهم على أنها هرطقات، فمثلا يرى المسيحيون اللاتين الكثوليك أن البروتسنتية هرطقة، بينما ترى جماعات غير كاثوليكية أن الكاثوليكية هي الارتداد العظيم.
و على النحو المقابل يَرى من يوصفون بأنهم هراطقة أنفسهم على أنهم إصلاحيون أو مجددون أو أنهم ينقون العقيدة و يخلصونها مما شابها، أو أن فهمهم لها لهو الفهم الأصلي الذي انحرفت عنه الجماعة التي تصف ذاتها بأنها أرثودكسية.
ظهرت في المسيحية خلال عصورها الأولى آراء متباينة في العقيدة المسيحية فذهب البعض إلى ان الرب واحد في جوهره مثلث الأقانيم (الآب والابن والروح القدس إله واحد) وذهب البعض الآخر إلى ان إنكار لاهوت المسيح وأنه لم يكن إلهاً بل هو مجرد إنسان مخلوق وتم إطلاق مصطلح الهرطقة على كل ماإعتبره الأكثرية خروجا عن ماإعتبرته "تفاسير وتأويلات غير صحيحة لمفهوم آيات الكتاب المقدس فكان يعقد بين الحين والآخر اجتماعات تُعرف باسم المجامع لبحث هذه الهرطقات وإصدار الحكم بصددها. [1]. عقد في عام 449 المجمع الرابع او ماسمي مجمع أفسس الثاني الذي تم رفض قراراته من قبل بابا روما ودعى الإمبراطور مرقيانوس والإمبراطورة بولخيريا لانعقاد هذا المجمع بناء على طلب أسقف روما فتم عقد مجمع خلقيدونية في مدينة خلقيدونية سنة 451 وحضره 330 أسقفاً (في رواية) و600 أسقف في روايةأخرى. [2] . يعتبر المجمع الرابع ومجمع خلقدونية من أكثر المجامع المثيرة للجدل فقد ذهب البعض إلى ان أوطاخي قد "دلّس به وخدع آباء المجمع الذين أقرّوا بأرثوذكسيته، وهذه الكنائس هي التي رفضت لاحقاً مجمع خلقيدونية وإن كان آباؤها قد قاموا في ذلك المجمع (خلقيدونية) بالحكم بهرطقة أوطاخي وحرموه، أما الكنائس التي اعترفت بخلقيدونية فتطلق على مجمع إفسس الثاني وترفض كامل نتائجه وتعدّ مجمع خلقيدونية المجمع المسكوني الرابع [3]. وقد أدى نتائج مجمع خلقيدونية إلى انفصال تدريجي لكنائس مصر والحبشة وسوريا وأرمينيا [4]