→ تفريع من تؤخذ منه الجزية من أهل الأوثان | كتاب الأم - كتاب الجزية المؤلف: الشافعي |
الصغار مع الجزية ← |
من ترفع عنه الجزية |
[قال الشافعي]: قال الله تبارك وتعالى {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} قال: فكان بينا في الآية والله تعالى أعلم أن الذين فرض الله عز وجل قتالهم حتى يعطوا الجزية الذين قامت عليهم الحجة بالبلوغ فتركوا دين الله عز وجل وأقاموا على ما وجدوا عليه آباءهم من أهل الكتاب وكان بينا أن الذين أمر الله بقتالهم عليها الذين فيهم القتال وهم الرجال البالغون.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ثم أبان رسول الله ﷺ مثل معنى كتاب الله عز وجل فأخذ الجزية من المحتلمين دون من دونهم ودون النساء (وأمر رسول الله ﷺ أن لا تقتل النساء من أهل الحرب، ولا الولدان وسباهم) فكان ذلك دليلا على خلاف بين النساء والصبيان والرجال، ولا جزية على من لم يبلغ من الرجال، ولا على امرأة، وكذلك لا جزية على مغلوب على عقله من قبل أنه لا دين له تمسك به ترك له الإسلام، وكذلك لا جزية على مملوك؛ لأنه لا مال له يعطي منه الجزية فأما من غلب على عقله أياما ثم أفاق، أو جن فتؤخذ منه الجزية؛ لأنه يجري عليه القلم في حال إفاقته وليس يخلو بعض الناس من العلة يغرب بها عقله ثم يفيق، فإذا أخذت من صحيح ثم غلب عقله حسب له من يوم غلب على عقله فإن أفاق لم ترفع عنه الجزية، وإن لم يفق رفعت عنه من يوم غلب على عقله قال: وإذا صولحوا على أن يؤدوا عن أبنائهم ونسائهم سوى ما يؤدون عن أنفسهم فإن كان ذلك من أموال الرجال فذلك جائز، وهو كما ازديد عليهم من أقل الجزية ومن الصدقة ومن أموالهم إذا اختلفوا وغير ذلك مما يلزمهم إذا شرطوه لنا، وإن كانوا على أن يؤدوها من أموال نسائهم، أو أبنائهم الصغار لم يكن ذلك عليهم، ولا لنا أن نأخذه من أبنائهم، ولا نسائهم بقولهم فلا شيئا عليك فإن قالت: فإن أؤدي بعد علمها قبل ذلك منها ومتى امتنعت، وقد شرطت أن تؤدي لم يلزمها الشرط ما أقامت في بلادها، وكذلك لو تجرت بمالها لم يكن عليها أن تؤدي إلا أن تشاء، ولكنها تمنع الحجاز فإن قالت أدخلها على شيء يؤخذ مني فألزمته نفسها جاز عليها؛ لأنه ليس لها دخول الحجاز. وإذا صالحت على أن يؤخذ من مالها شيء في غير بلاد الحجاز فإن أدته قبل، وإن منعته بعد شرطه فلها منعه؛ لأنه لا يبين لي أن على أهل الذمة أن يمنعوا من غير الحجاز ولو شرط هذا صبي، أو مغلوب على عقله لم يجز الشرط عليه، ولا يؤخذ من ماله، وكذلك لو شرط أبو الصبي، أو المعتوه أو وليهما ذلك عليهما لم يكن ذلك لنا ولنا أن نمنعهما من أن يختلفا في بلاد الحجاز، وكذلك يمنع مالهما مع الذي لا يؤدي شيئا عن نفسه، ولا يكون لنا منعه من مسلم، ولا ذمي يؤدي عن ماله وتمنع أنفسهما.
قال: ولو أن أهل دار من أهل الكتاب امتنع رجالهم من أن يصالحوا على جزية، أو يجري عليهم الحكم وأطاعوا بالجزية ولنا قوة عليهم وليس في صلحهم نظر فسألوا أن يؤدوا الجزية عن نسائهم وأبنائهم دونهم لم يكن ذلك لنا، وإن صالحوهم على ذلك فالصلح منتقض، ولا نأخذ منهم شيئا إن سموه على النساء والأبناء؛ لأنهم قد منعوا أموالهم بالأمان وليس على أموالهم جزية، وكذلك لا نأخذها من رجالهم، وإن شرطها رجالهم، ولم يقولوا من أبنائنا ونسائنا أخذناها من أموال من شرطها بشرطه، وكذلك لو دعا إلى هذا النساء والأبناء لم يؤخذ هذا منهم، وكذلك لو كان النساء والأبناء أخلياء من رجالهم ففيها قولان: أحدهما ليس لنا أن نأخذ منهم الجزية ولنا أن نسبيهم؛ لأن الله عز وجل إنما أذن بالجزية مع قطع حرب الرجال وأن يجري عليهم الحكم، ولا حرب في النساء والصبيان إنما هن غنيمة وليسوا في المعنى الذي أذن الله عز وجل بأخذ الجزية به، والقول الثاني: ليس لنا سباؤهم وعلينا الكف عنهم إذا أقروا بأن يجري عليهم الحكم وليس لنا أن نأخذ من أموالهم شيئا، وإن أخذناه فعلينا رده.
قال: وتؤخذ الجزية من الرهبان والشيخ الفاني الزمن وغيره ممن عليه الحكم من رجال المشركين الذين أذن الله عز وجل بأخذ الجزية منهم.
وإذا صالح القوم من أهل الذمة على الجزية ثم بلغ منهم مولود قبل حولهم بيوم، أو أقل، أو أكثر فرضي بالصلح سئل فإن طابت نفسه بالأداء لحول قومه أخذت منه، وإن لم تطب نفسه فحوله حول نفسه؛ لأنه إنما وجب عليه الجزية بالبلوغ والرضا ويأخذ منه الإمام من حين رضي على حوله أصحابه وفضل إن كان عليه من سنة قبلها لئلا تختلف أحوالهم كأن بلغ قبل الحول بشهر فصالحه على دينار كل حول فيأخذ منه إذا حال حول أصحابه نصف سدس دينار، وفي حول مستقبل معهم دينار، فإذا أخره أخذ منه في حول أصحابه دينار ونصف سدس دينار.