العذر الحادث |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أذن للرجل أبواه في الغزو فغزا ثم أمراه بالرجوع فعليه الرجوع إلا من عذر حادث والعذر ما وصفت من خوف الطريق، أو جدبه، أو من مرض يحدث به لا يقدر معه على الرجوع، أو قلة نفقة لا يقدر على أن يرجع يستقل معها، أو ذهاب مركب لا يقدر على الرجوع معه، أو يكون غزا بجعل مع السلطان، ولا يقدر على الرجوع معه، ولا يجوز أن يغزو بجعل من مال رجل فإن غزا به فعليه أن يرجع ويرد الجعل، وإنما أجزت له هذا من السلطان أنه يغزو بشيء من حقه وليس للسلطان حبسه في حال قلت عليه فيها الرجوع إلا في حال ثانية أن يكون يخاف برجوعه ورجوع من هو في حاله أن يكثروا وأن يصيب المسلمين خلة برجوعهم بخروجهم يعظم الخوف فيها عليهم فيكون له حبسه في هذه الحال، ولا يكون لهم الرجوع عليها، فإذا زالت تلك الحال فعليهم أن يرجعوا وعلى السلطان أن يخليهم إلا من غزا منهم بجعل إذا كان رجوعهم من قبل والد، أو صاحب دين لا من علة بأبدانهم فإن أراد أحد منهم الرجوع لعلة ببدنه تخرجه من فرض الجهاد فعلى السلطان تخليته غزا بجعل، أو غير جعل وليس له الرجوع في الجعل؛ لأنه حق من حقه أخذه، وهو يستوجبه وحدث له حال عذر وذلك أن يمرض، أو يزمن بإقعاد، أو بعرج شديد لا يقدر معه على مشي الصحيح وما أشبه هذا.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإني لارى العرج إذا نقص مشيه عن مشي الصحيح وعدوه كله عذرا والله تعالى أعلم، وكذلك إن رجل عن دابته، أو ذهبت نفقته خرج من هذا كله من أن يكون عليه فرض الجهاد، ولم يكن للسلطان حبسه عليه إلا في حال واحدة أن يكون خرج إلى فرض الجهاد بقلة الوجود فعليه أن يعطيهم حتى يكون واجدا فإن فعله حبسه وليس للرجل الامتناع من الأخذ منه إلا أن يقيم معه في الجهاد حتى ينقضي فله إذا فعل الامتناع من الأخذ منه.
وإذا غزا الرجل فذهبت نفقته، أو دابته فقفل ثم وجد نفقة، أو فاد دابة فإن كان ذلك ببلاد العدو لم يكن له الخروج وكان عليه الرجوع إلا أن يكون يخاف في رجوعه، وإن كان قد فارق بلاد العدو فالاختيار له العود إلا أن يخاف فلا يجب عليه العود؛ لأنه قد خرج، وهو من أهل العذر فإن كانت تكون خلة برجوعه، أو كانوا جماعة أصابهم ذلك وكانت تكون بالمسلمين خلة برجوعهم فعليهم وعلى الواحد أن يرجع إذا كانت كما وصفت إلا أن يخاف إذا تخلفوا أن يقتطعوا في الرجوع خوفا بينا فيكون لهم عذر بأن لا يرجعوا.