الحكم بين أهل الذمة |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: لم أعلم مخالفا من أهل العلم بالسير (أن رسول الله ﷺ لما نزل بالمدينة وادع يهود كافة على غير جزية وأن قول الله عز وجل: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} إنما نزلت في اليهود الموادعين الذين لم يعطوا جزية ولم يقروا بأن يجري عليهم الحكم وقال بعض نزلت في اليهوديين اللذين زنيا).
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: والذي قالوا يشبه ما قالوا لقول الله عز وجل: {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله} وقوله تبارك وتعالى {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك} الآية. يعني والله تعالى أعلم إن تولوا عن حكمك بغير رضاهم وهذا يشبه أن يكون ممن أتى حاكما غير مقهور على الحكم والذين حاكموا إلى رسول الله ﷺ في امرأة منهم ورجل زنيا موادعون وكان في التوراة الرجم ورجوا أن لا يكون من حكم رسول الله ﷺ الرجم فجاءوا بها فرجمهما رسول الله ﷺ قال: وإذا وادع الإمام قوما من أهل الشرك، ولم يشترط أن يجري عليهم الحكم ثم جاءوه متحاكمين فهو بالخيار بين أن يحكم بينهم أو يدع الحكم، فإن اختار أن يحكم بينهم حكم بينهم حكمه بين المسلمين لقول الله عز وجل: {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} والقسط حكم الله عز وجل الذي أنزله عليه ﷺ.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وليس للإمام الخيار في أحد من المعاهدين الذين يجري عليهم الحكم إذا جاءوه في حد الله عز وجل وعليه أن يقيمه ولا يفارقون الموادعين إلا في هذا الموضع، ثم على الإمام أن يحكم على الموادعين حكمه على المسلمين إذا جاءوه فإن امتنعوا بعد رضاهم بحكمه حاربهم، وسواء في أن له الخيار في الموادعين إذا أصابوا حدا لله أو حدا فيما بينهم لأن المصاب منه الحد لم يسلم ولم يقر بأن يجرى عليه الحكم.