شهود من لا فرض عليه القتال |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: والذين لا يأثمون بترك القتال والله تعالى أعلم بحال ضربان ضرب أحرار بالغون معذورون بما وصفت وضرب لا فرض عليهم بحال وهم العبيد، أو من لم يبلغ من الرجال الأحرار والنساء، ولا يحرم على الإمام أن يشهد معه القتال الصنفان معا، ولا على واحد من الصنفين أن يشهد معه القتال.
[قال الشافعي]: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأل: هل كان رسول الله ﷺ يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ فقال قد (كان رسول الله ﷺ يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ولم يكن يضرب لهن بسهم، ولكن يحذين من الغنيمة).
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ومحفوظ أنه شهد مع رسول الله ﷺ القتال العبيد والصبيان وأحذاهم من الغنيمة.
[قال]: وإذا شهد من ليس عليه فرض الجهاد قويا كان، أو ضعيفا القتال أحذى من الغنيمة كما كان رسول الله ﷺ يحذي النساء وقياسا عليهن وخبر عن النبي ﷺ في العبيد والصبيان، ولا يبلغ بحذية واحد منهم سهم حر، ولا قريبا منه ويفضل بعضهم على بعض في الحذية إن كان منهم أحد له غناء في القتال، أو معونة للمسلمين المقاتلين، ولا يبلغ بأكثرهم حذية سهم مقاتل من الأحرار. وإن شهد القتال رجل حر بالغ له عذر في عدم شهود القتال من زمن، أو ضعف بمرض، أو عرض، أو فقير معذور ضرب له بسهم رجل تام فإن قال: من أين ضربت لهؤلاء وليس عليهم فرض القتال، ولا لهم غناء بسهم، ولم تضرب به للعبيد ولهم غناء، ولا للنساء والمراهقين، وإن أغنوا وكل ليس عليه فرض القتال؟ قيل: له قلنا خبرا وقياسا فأما الخبر، فإن (النبي ﷺ أحذى النساء من الغنائم) وكان العبيد والصبيان ممن لا فرض عليهم، وإن كانوا أهل قوة على القتال ليس بعذر في أبدانهم، وكذلك العبيد لو أنفق عليهم لم يكن عليهم القتال فكانوا غير أهل جهاد بحال كما يحج الصبي والعبد، ولا يجزئ عنهما من حجة الإسلام؛ لأنهما ليسا من أهل الفرض بحال ويحج الرجل والمرأة الزمنان اللذان لهما العذر بترك الحج والفقيران الزمنان فيجزئ عنهما عن حجة الإسلام؛ لأنهما إنما زال الفرض عنهما بعذر في أبدانهما وأموالهما متى فارقهما ذلك كانا من أهله، ولم يكن هكذا الصبي والعبد في الحج قال، وكذلك لو لم يكونا كذا والمرأة مثلهما في الجهاد وضربت للزمن والفقير اللذين لا غزو عليهم؛ لأن (رسول الله ﷺ أسهم لمرضى وجرحى وقوم لا غناء لهم على الشهود) وأنهم لم يزل فرض الجهاد عليهم إلا بمعنى العذر الذي إذا زال صاروا من أهله، فإذا تكلفوا شهوده كان لهم ما لأهله.