→ ما أحدث أهل الذمة الموادعون مما لا يكون نقضا | كتاب الأم - كتاب الجزية المؤلف: الشافعي |
المهادنة على النظر للمسلمين ← |
المهادنة |
[قال الشافعي]: فرض الله عز وجل قتال غير أهل الكتاب حتى يسلموا وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية وقال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} فهذا فرض الله على المسلمين قتال الفريقين من المشركين وأن يهادنوهم، وقد كف رسول الله ﷺ عن قتال كثير من أهل الأوثان بلا مهادنة إذا انتاطت دورهم عنهم مثل بني تميم وربيعة وأسد، وطيء حتى كانوا هم الذين أسلموا وهادن رسول الله ﷺ ناسا ووادع حين قدم المدينة يهودا على غير ما خرج أخذه منهم.
[قال الشافعي]: وقتال الصنفين من المشركين فرض إذا قوي عليهم وتركه واسع إذا كان بالمسلمين عنهم أو عن بعضهم ضعف، أو في تركهم للمسلمين نظر للمهادنة وغير المهادنة، فإذا قوتلوا، فقد وصفنا السيرة فيهم في موضعها.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا ضعف المسلمون عن قتال المشركين، أو طائفة منهم لبعد دارهم، أو كثرة عددهم أو خلة بالمسلمين، أو بمن يليهم منهم جاز لهم الكف عنهم ومهادنتهم على غير شيء يأخذونه من المشركين، وإن أعطاهم المشركون شيئا قل أو كثر كان لهم أخذه، ولا يجوز أن يأخذوه منهم إلا إلى مدة يرون أن المسلمين يقوون عليها إذا لم يكن فيه وفاء بالجزية، أو كان فيه وفاء، ولم يعطوا أن يجري عليهم الحكم.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولا خير في أن يعطيهم المسلمون شيئا بحال على أن يكفوا عنهم؛ لأن القتل للمسلمين شهادة وأن الإسلام أعز من أن يعطي مشرك على أن يكف عن أهله؛ لأن أهله قاتلين ومقتولين ظاهرون على الحق إلا في حال واحدة وأخرى أكثر منها وذلك أن يلتحم قوم من المسلمين فيخافون أن يصطلحوا لكثرة العدو وقلتهم وخلة فيهم فلا بأس أن يعطوا في تلك الحال شيئا من أموالهم على أن يتخلصوا من المشركين؛ لأنه من معاني الضرورات يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها، أو يؤسر مسلم فلا يخلى إلا بفدية فلا بأس أن يفدى؛ لأن رسول الله ﷺ فدى رجلا من أصحابه أسره العدو برجلين، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن (رسول الله ﷺ فدى رجلا برجلين).