الرئيسيةبحث

شرح العقيدة الطحاوية/قوله فهذا ديننا واعتقادنا ظاهراً وباطناً

قوله فهذا ديننا واعتقادنا ظاهراً وباطناً


ونحن براء إلى الله تعالى من كل من خالف الذي ذكرناه و بيناه ، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان ، ويختم لنا به ، ويعصمنا من الأهواء المختلفة ، والآراء المتفرقة ، والمذاهب الردية ، مثل المشبهة ، والمعتزلة ، والجهمية ، والجبرية ، والقدرية ، وغيرهم ، من الذين خالفوا السنة والجماعة ، وحالفوا الضلالة ، ونحن منهم براء ، وهم عندنا ضلال وأردياء . وبالله العصمة والتوفيق .

شرح : الإشارة بقوله : فهذا كل ما تقدم من أول الكتاب إلى هنا .

والمشبهة : هم الذين شبهوا الله سبحانه بالخلق في صفاته ، وقولهم عكس قول النصارى ، شبهوا المخلوق - وهو عيسى عليه السلام - بالخالق وجعلوه إلهاً ، وهؤلاء شبهوا الخالق بالمخلوق ، كداود الجواربي وأشباهه .

والمعتزلة : هم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء الغزال وأصحابهما ، سموا بذلك لما اعتزلوا الجماعة بعد موت الحسن البصري رحمه الله ، في أوائل المائة الثانية ، وكانوا يجلسون معتزلين ، فيقول قتادة وغيره : أولئك المعتزلة ، وقيل : إن واصل بن عطاء هو الذي وضع أصول منه مذهب المعتزلة ، وتابعه عمرو بن عبيد تلميذ الحسن البصري ، فلما كان زمن هارون الرشيد صنف لهم أبو الهذيل كتابين ، وبين مذهبهم ، وبنى مذهبهم على الأصول الخمسة ، التي سموها : العدل ، والتوحيد ، وإنقاذ الوعيد ، والمنزلة بين المنزلتين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! ولبسوا فيها الحق بالباطل ، إذ شأن البدع هذا ، اشتمالها على حق وباطل . وهم مشبهة الأفعال ، لأنهم قاسوا أفعال الله تعالى على أفعال عباده ، وجعلوا ما يحسن من العباد يحسن منه ، وما يقبح من العباد يقبح منه ! وقالوا : يجب عليه أن يفعل كذا ، ولا يجوز له أن يفعل كذا ، بمقتضى ذلك القياس الفاسد ! ! فإن السيد من بني آدم لو رأى عبيده تزني بإمائه ولا يمنعهم من ذلك لعد إما مستحسناً للقبيح ، وإما عاجزاً ، فكيف يصح قياس أفعاله سبحانه وتعالى على أفعال عباده ؟ ! والكلام على هذا المعنى مبسوط في موضعه . فأما العدل ، فستروا تحته نفي القدر ، وقالوا : إن الله لا يخلق الشر ولا يقضي به ، إذ لو خلقه ثم يعذبهم عليه يكون ذلك جوراً ! ! والله تعالى عادل لا يجور . ويلزم على هذا الأصل الفاسد أن الله تعالى يكون في ملكه ما لا يزيده ، فيريد الشيء ولا يكون ، ولازمه وصفه بالعجز ! تعالى الله عن ذلك . وأما التوحيد فستروا تحت القول بخلق القرآن ، إذ لو كان غير مخلوق لزم تعدد القدماء ! ! ويلزمهم على هذا القول الفاسد أن علمه وقدرته وسائر صفاته مخلوقة ، أو التناقض ! وأما الوعيد ، فقالوا : إذا أوعد بعض عبيده وعيداً فلا يجوز أن لا يعذبهم ويخلف وعيده ، لأنه لا يخلف الميعاد ، فلا يعفو عمن يشاء ، ولا يغفر لمن يريد ، عندهم ! ! وأما المنزلة بين المنزلتين ، فعندهم أن من ارتكب كبيرة يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر ! ! وأما الأمر بالمعروف ، فهو أنهم قالوا : علينا أن نأمر غيرنا بما أمرنا به ، وأن نلزمه بما يلزمنا ، وذلك هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وضمنوه أنه يجوز الخروج على الأئمة بالقتال إذا جاروا ! !

وقد تقدم جواب هذه الشبه الخمس في مواضعها . وعندهم أن التوحيد والعدل من الأصول العقلية التي لا يعلم صحة السمع إلا بعدها ، وإذا استدلوا على ذلك بأدلة سمعية ، فإنما يذكرونها للإعتضاد بها ، لا للإعتماد عليها ، فهم يقولون : لا نثبت هذه بالسمع ، بل العلم بها متقدم على العلم بصحة النقل ! فمنهم من لا يذكرها في الأصول ، إذ لا فائدة فيها عندهم ، ومنهم من يذكرها ليبين موافقة السمع للعقل ، ولإيناس الناس بها ، لا للإعتماد عليها ! والقرآن والحديث فيه عندهم بمنزلة الشهود الزائدين على النصاب ! والمدد اللاحق بعسكر مستغن عنهم ! وبمنزلة من يتبع هواه واتفق أن الشرع ما يهواه ! ! كما قال عمر بن عبد العزيز : لا تكن ممن يتبع الحق إذا وافق هواه ، ويخالفه إذا خالف هواه ، فإذا أنت لا تثاب على ما وافقته من الحق ، وتعاقب على ما تركته منه ، لأنك إنما اتبعت هواك في الموضعين . وكما أن الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى ، والعمل يتبع قصد صاحبه وإرادته ، فالإعتقاد القوي يتبع أيضاً علم ذلك وتصديقه ، فإذا كان تابعاً للإيمان كان من الإيمان ، كما أن العمل الصالح إذا كان عن نية صالحة كان صالحاً ، وإلا فلا ، فقول أهل الإيمان التابع لغير الإيمان ، كعمل أهل الصلاح التابع لغير قصد أهل الصلاح . وفي المعتزلة زنادقة كثيرة ، وفيهم من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .

والجهمية : هم المنتسبون إلى جهم بن صفوان السمرقندي ، وهو الذي أظهر نفي الصفات والتعطيل ، وهو أخذ ذلك عن الجعد بن درهم ، الذي ضحى به خالد بن عبد الله القسري بواسط ، فإنه خطب الناس في يوم عيد الأضحى ، وقال : أيها الناس ، ضحوا تقبل الله ضحاياكم ، فإني مضح بالجعد بن درهم ، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليماً ، تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً ! ثم نزل فذبحه . وكان ذلك بعد استفتاء علماء زمانه ، وهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى . وكان جهم بعده بخراسان ، فأظهر مقالته هناك ، وتبعه عليها ناس ، بعد أن ترك الصلاة أربعين يوماً شكاً في ربه ! وكان ذلك لمناظرته قوماً من المشركين ، يقال لهم السمنية ، من فلاسفة الهند ، الذين ينكرون من العلم ما سوى الحسيات ، قالوا له : هذا ربك الذي تعبده ، هل يرى أو يشم أو يذاق أو يلمس ؟ فقال : لا ، فقالوا : هو معدوم !! فبقي أربعين يوماً لا يعبد شيئاً ، ثم لما خلا قلبه من معبود يؤلهه ، نقش الشيطان اعتقاداً نحته فكره ، فقال : إنه الوجود المطلق ! ! ونفى جميع الصفات ، واتصل بالجعد . وقد قيل : إن جعداً كان قد اتصل بالصابئة الفلاسفة من أهل حران ، وأنه أيضاً أخذ شيئاً عن بعض اليهود المحرفين لدينهم ، المتصلين بلبيد بن الأعصم ، الساحر الذي سحر النبي ﷺ . فقتل جهم بخراسان ، قتله سلم بن أحوز ولكن كانت قد فشت مقالته في الناس ، وتقلدها بعده المعتزلة . ولكن كان جهم أدخل في التعطيل منهم ، لأنه ينكر الأسماء حقيقة ، وهم لاينكرون الأسماء بل الصفات . وقد تنازع العلماء في الجهمية : هل هم من الثنتين وسبعين فرقة أم لا ؟ ولهم في ذلك قولان : وممن قال إنهم ليسوا من الثنتين وسبعين فرقة - عبد الله بن المبارك ، و يوسف بن أسباط . وإنما اشتهرت مقالة الجهمية من حين محنة الإمام أحمد بن حنبل وغيره من علماء السنة ، فإنه من إمارة المأمون قووا وكثروا ، فإنه قد أقام بخراسان مدة واجتمع بهم ، ثم كتب بالمحنة من طرسوص سنة ثمان عشرة ومائتين وفيها مات ، وردوا الإمام أحمد إلى الحبس ببغداد إلى سنة عشرين ، وفيها كانت محنته مع المعتصم ومناظرته لهم بالكلام ، فلما رد عليهم ما احتجوا به عليه ، وبين أنه لا حجة لهم في شيء من ذلك ، وأن طلبهم من الناس أن يوافقوهم وامتحانهم إياهم - : جهل وظلم ، وأراد المعتصم إطلاقه ، أشار عليه من أشار بأن المصلحة ضربه ، لئلا تنكسر حرمة الخلافة من بعد مرة ! فلما ضربوه قامت الشناعة في العامة ، وخافوا ، فأطلقوه . وقصته مذكوره في كتب التاريخ . ومما انفرد به جهم : أن الجنة والنار تفنيان ، وأن الإيمان هو المعرفة فقط ، والكفر هو الجهل فقط ، وأنه لا فعل لأحد في الحقيقة إلا لله وحده ، وأن الناس إنما تنسب إليهم أفعالهم على سبيل المجاز ، كما يقال تحركت الشجرة ، ودار الفلك ، وزالت الشمس ! ولقد أحسن القائل :

عجبت لشيطان دعا الناس جهرة إلى النار واشتق اسمه من جهنم

وقد نقل أن أبا حنيفة رحمه الله ، لما سئل عن الكلام في الأعراض والأجسام ؟ فقال : لعن الله عمرو بن عبيد ، هو فتح على الناس الكلام في هذا .

والجبرية : أصل قولهم من جهم بن صفوان ، كما تقدم ، وأن فعل العبد بمنزلة طوله ولونه ! وهم عكس القدرية نفاة القدر ، فإن القدرية إنما نسبوا إلى القدر لنفيهم إياه ، كما سميت المرجئة لنفيهم الإرجاء ، وأنه لا أحد مرجأ لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم . وقد تسمى الجبرية قدرية لأنهم غلوا في إثبات القدر ، وكما يسمى الذين لا يجزمون بشيء من الوعد والوعيد ، بل يغلون في إرجاء كل أمر حتى الأنواع ، فلا يجزمون بثواب من تاب ، كما لا يجزمون بعقوبة من لم يتب ، وكما لا يجزم لمعين . وكانت المرجئة الأولى يرجئون عثمان و علياً ، ولا يشهدون بإيمان ولا كفر ! !

وقد ورد في ذم القدرية أحاديث في السنن : منها ما روى أبو داود في سننه ، من حديث عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن النبي ﷺ ، قال : القدرية مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم . وروي في ذم القدرية أحاديث أخر كثيره ، تكلم أهل الحديث في صحة رفعها ، والصحيح أنها موقوفة ، بخلاف الأحاديث الواردة في ذم الخوارج ، فإن فيهم في الصحيح وحده عشرة أحاديث ، أخرج البخاري منها ثلاثة ، وأخرج مسلم سائرها . ولكن مشابهتهم للمجوس ظاهرة ، بل قولهم أرادأ من قول المجوس ، فإن المجوس اعتقدوا وجود خالقين ، والقدرية اعتقدوا خالقين ! !

وهذه البدع المتقابلة حدثت من الفتن المفرقة بين الأمة ، كما ذكر البخاري في صحيحه ، عن سعيد بن المسيب ، قال : وقعت الفتنة الأولى ، يعني مقتل عثمان ، فلم تبق من أصحاب بدر أحداً . ثم وقعت الفتنة الثانية ، فلم تبق من أصحاب الحديبية أحداً . ثم وقعت الثالثة ، فلم ترتفع وللناس طباخ ، أي عقل وقوة . فالخوارج والشيعة حدثوا في الفتنة الأولى ، والقدرية والمرجئة في الفتنة الثانية ، والجهمية ونحوهم بعد الفتنة الثالثة . فصار هؤلاء الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا - يقابلون البدعة بالبدعة ، أولئك غلوا في علي ، وأولئك كفروه ! وأولئك غلوا في الوعيد ، حتى خلدوا بعض المؤمنين ، وأولئك غلوا في الوعيد حتى نفوا بعض الوعيد أعني المرجئة ! وأولئك غلوا في التنزيه حتى نفوا الصفات ، وهؤلاء غلوا في الإثبات ، حتى وقعوا في التشبيه ! وصاروا يبتدعون من الدلائل والمسائل ما ليس بمشروع ، ويعرضون عن الأمر المشروع ، وفيهم من استعان على ذلك بشيء من كتب الأوائل : اليهود والنصارى والمجوس والصابئين ، فثانهم قرؤوا كتبهم ، فصار عندهم من ضلالتهم ما أدخلوه في مسائلهم ودلائلهم ، وغيروه في اللفظ تارة ، وفي المعنى أخرى ! فلبسوا الحق بالباطل ، وكتموا حقاً جاء به نبيهم ، فتفرقوا واختلفوا وتكلموا حينئذ في الجسم والعرض والتجسيم ، نفياً واثباتاً .

وسبب ضلال هذه الفرق وأمثالهم ، عدولهم عن الصراط المستقيم ، الذي أمرنا الله باتباعه ، فقال تعالى : وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله . وقال تعالى : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فوحد لفظ صراطه و سبيله ، وجمع السبل المخالفة له . وقال ابن مسعود رضي الله عنه : خط لنا رسول الله ﷺ خطاً ، وقال : هذا سبيل الله ، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن يساره ، وقال : هذه سبل ، على كل سبيل شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ : وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون . ومن ههنا يعلم أن اضطرار العبد إلى سؤال هداية الصراط المستقيم فوق كل ضرورة ، ولهذا شرع الله تعالى في الصلاة قراءة أم القرآن في كل ركعة ، إما فرضاً أو ايجاباً ، على حسب اختلاف العلماء في ذلك ، لاحتياج العبد إلى هذا الدعاء العظيم القدر ، المشتمل على أشرف المطالب وأجلها . فقد أمرنا الله تعالى أن نقول : اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال : اليهود مغضوب عليهم ، والنصارى ضالون . وثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال : لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا : يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ ! .

قال طائفة من السلف : من انحرف من العلماء ففيه شبه من اليهود ، ومن انحرف من العباد ففيه شبه من النصارى . فلهذا تجد أكثر المنحرفين من أهل الكلام ، من المعتزلة ونحوهم - فيه شبه من اليهود ، حتى أن علماء اليهود يقرؤون كتب شيوخ المعتزلة ، ويستحسنون طريقتهم ، وكذا شيوخ المعتزلة يميلون إلى اليهود ويرجحونهم على النصارى . وأكثر المنحرفين من العباد ، من المتصوفة ونحوهم - فيهم شبه من النصارى ، ولهذا يميلون إلى نوع من الرهبانية والحلول والإتحاد ونحو ذلك . وشيوخ هؤلاء يذمون الكلام وأهله ، وشيوخ أولئك يعيبون طريقة هؤلاء ويصنفون في ذم السماع والوجد وكثير من الزهد والعبادة التي أحدثها هؤلاء .

ولفرق الضلال في الوحي طريقتان : طريقة التبديل ، وطريقة التجهيل . أما أهل التبديل فهم نوعان : أهل الوهم والتخييل ، وأهل التحريف والتأويل .

فأهل الوهم والتخييل ، هم الذين يقولون : أن الأنبياء أخبروا عن الله واليوم الآخر والجنة والنار بأمور غير مطابقة للأمر في نفسه ! لكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن الله شيء عظيم كبير ، وأن الأبدان تعاد ، وأن لهم نعيماً محسوساً ، وعقاباً محسوساً ، وإن كان الأمر ليس كذلك ، لأن مصلحة الجمهور في ذلك ، وإن كان كذباً فهو كذب لمصلحة الجمهور! ! وقد وضع ابن سينا وأمثاله قانونهم على هذا الأصل .

وأما أهل التحريف والتأويل ، فهم الذين يقولون : أن الأنبياء لم يقصدوا بهذه الأقوال ما هو الحق في نفس الأمر ، وأن الحق في نفس الأمرهو ما علمناه بعقولنا ! ثم يجتهدون في تأويل هذه الأقوال إلى ما يوافق رأيهم بأنواع التأويلات ! ! ولهذا كان أكثرهم لا يجزمون بالتأويل ، بل يقولون : يجوز أن يراد كذا . وغاية ما معهم إمكان احتمال اللفظ .

وأما أهل التجهيل والتضليل ، الذين حقيقة قولهم : أن الأنبياء وأتباع الأنبياء جاهلون ضالون ، لا يعرفون ما أراد الله بما وصف به نفسه من الآيات وأقوال الأنبياء ! ويقولون : يجوز أن يكون للنص تأويل لا يعلمه إلا الله ، لا يعلمه جبرائيل ولا محمد ولا غيره من الأنبياء ، فضلاً عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وأن محمد ﷺ كان يقرأ : الرحمن على العرش استوى . إليه يصعد الكلم الطيب . ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي - وهو لا يعرف معاني هذه الآيات ! بل معناها الذي دلت عليه لا يعرفه إلا الله تعالى ! ! ويظنون أن هذه طريقة السلف ! !

ثم منهم من يقول : إن المراد بهذا خلاف مدلولها الظاهر المفهوم ، ولا يعرفه أحد ، كما لا يعلم وقت الساعة ! ومنهم من يقول : بل تجري على ظاهرها !! وهؤلاء يشتركون في القول بأن الرسول لم يبين المراد بالنصوص التي يجعلونها مشكلة أو متشابهة ، ولهذا يجعل كل فريق المشكل من نصوصه غير ما يجعله الفريق الآخر مشكلاً ! ثم منهم من يقول : لم يعلم معانيها أيضاً ! ومنهم من يقول : علمها ولم يبينها ، بل أحال في بيانها على الأدلة العقلية ، وعلى من يجتهد في العلم بتأويل تلك النصوص ! ! فهم مشتركون في أن الرسول لم يعلم أو لم يعلم ، بل نحن عرفنا الحق بعقولنا ثم اجتهدنا في حمل كلام الرسول على ما يوافق عقولنا ، وأن الأنبياء وأتباعهم لا يعرفون العقليات ! ! ولا يفهمون السميعات ! ! وكل ذلك ضلال وتضليل عن سواء السبيل .

نسأل الله السلامة والعافية ، من هذه الأقوال الواهية ، المفضية بقائلها إلى الهاوية .

سبحان ربك رب العزة عما يصفون . وسلام على المرسلين . والحمد لله رب العالمين .


شرح العقيدة الطحاوية
المقدمة | قوله: (نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله أن الله واحد لا شريك له) | (انواع التوحيد الذي دعت إليه الرسل) | قوله: (ولاشيء مثله) | قوله: (ولا شيء يعجزه) | قوله: (ولا إله غيره) | قوله:(قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء) | قوله: ( لايفنى ولايبيد ) | قوله: (ولا يكون إلا ما يريد) | قوله: ( لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام ) | قوله: (ولا يشبهه الأنام) | قوله: (حي لا يموت قيوم لا ينام) | قوله: (خالق بلا حاجة، رازق بلا مؤنة) | قوله: (مميت بلا مخافة، باعث بلا مشقة) | قوله: (ما زال بصفاته قديما قبل خلقه) | قوله: (ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بأحداثه البرية استفاد اسم الباري) | قوله: (له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق) | قوله: (وكما أنه محيي الموتى بعد ما أحيا) | قوله: (ذلك بأنه على كل شيء قدير) | قوله: (خلق الخلق بعلمه) | قوله: ( وقدر لهم أقدارا ) | قوله: ( وضرب لهم آجالا ) | قوله: (ولم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم، وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم) | قوله: (وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته) | قوله: (وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته) | قوله: (يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي، فضلا. ويضل من يشاء، ويخذل ويبتلي، عدلا) | قوله: ( وكلهم يتقلبون في مشيئته، بين فضله وعدله ) | قوله: ( وهو متعال عن الأضداد والأنداد ) | قوله: ( لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره) | قوله: ( آمنا بذلك كله، وأيقنا أن كلا من عنده) | قوله:(وإن محمدا عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى) | قوله: (وإنه خاتم الانبياء) | قوله: ( وإمام الاتقياء ) | قوله: ( وسيد المرسلين ) | قوله: (وحبيب رب العالمين) | قوله: (وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى) | قوله:(وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، بالحق والهدى، وبالنور والضياء) | قوله: (وإن القرآن كلام الله ) | قوله: (ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر) | قوله: (والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية) | قوله:(ولا تثبت قدم الإسلام الا على ظهر التسليم والاستسلام) | قوله: (فمن رام علم ما حظر عنه علمه) | قوله: (فيتذبذب بين الكفر والإيمان) | قوله:(ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم، أو تأولها بفهم) | قوله: (ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه) | قوله: (فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية) | قوله: ( وتعالى عن الحدود والغايات) | قوله: ( والمعراج حق) | قوله:( والحوض - الذي أكرمه الله تعالى به غياثاً لأمته - حق) | قوله: (والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما روي في الأخبار) | قوله: ( والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق ) | قوله: (وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار) | قوله: (وكل ميسر لما خلق له، والأعمال بالخواتيم) | وقوله: (وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه) | قوله: (فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى) | قوله: ( ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم ) | قوله: ( فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن) | قوله: (وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه) | قوله: (وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه) | قوله:(وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة والإعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته) | قوله:(فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيماً) | وقوله : ( والعرش والكرسي حق ) | قوله:(وهو مستغن عن العرش وما دونه) | قوله:(ونقول: ان الله اتخذ إبراهيم خليلاً ،وكلم الله موسى تكليماً) | قوله:(ونؤمن بالملائكة والنبيين ،والكتب المنزلة على المرسلين) | قوله:(ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين) | قوله : ( ولا نخوض في الله ، ولا نماري في دين الله ) | قوله:(ولا نجادل في القرآن ، ونشهد أنه كلام رب العالمين) | قوله:(ولا نكفرأحداً من أهل القبلة بذنب ، ما لم يستحله) | قوله ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته | قوله والأمن والإياس ينقلان عن ملة الاسلام وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة | قوله ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه | قوله والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان | تابع قوله والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان | تابع أيضا قوله والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان | قوله والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن | قوله وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن | قوله والايمان هو الايمان بالله | قوله ونحن مؤمنون بذلك كله لا نفرق بين أحد من رسله | قوله وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون | قوله ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم | قوله ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً | قوله ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق | قوله ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من وجب عليه السيف | قوله ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا | قوله ونتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة | قوله ونحب أهل العدل والأمانة ونبغض أهل الجور والخيانة | قوله ونقول الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه | قوله ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الاثر | قوله والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين | قوله ونؤمن بالكرام الكاتبين فإن الله قد جعلهم علينا حافظين | قوله ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين | قوله وبعذاب القبر لمن كان له أهلاً | قوله ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة | وقوله والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبداً ولا تبيدان | قوله والاستطاعة التي يجب بها الفعل | قوله وأفعال العباد هي خلق الله وكسب من العباد | قوله ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون ولا يطيقون إلا ماكلفهم | قوله وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم للأموات | قوله والله تعالى يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات | قوله ويملك كل شيء ولا يملكه شيء | قوله والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى | وقوله ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم | قوله ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً لأبي بكر الصديق | قوله ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه | قوله ثم لعثمان رضي الله عنه | قوله ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه | قوله وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون | قوله وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة | قوله ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات من كل دنس | قوله وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر | قوله ولا نفضل أحداً من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام | قوله ونؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن الثقات من رواياتهم | قوله ونؤمن بأشراط الساعة | قوله ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة | قوله ونرى الجماعة حقاً وصواباً والفرقة زيغاً وعذاباً | قوله ودين الله في الأرض والسماء واحد وهو دين الإسلام | قوله فهذا ديننا واعتقادنا ظاهراً وباطناً