→ قوله: ( وسيد المرسلين ) | شرح العقيدة الطحاوية المؤلف: ابن أبي العز الحنفي |
قوله: (وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى) ← |
قوله: (وحبيب رب العالمين) |
وحبيب رب العالمين [1]
شرح: ثبت له ﷺ أعلى مراتب المحبة، وهي الخلة، كما صح عنه ﷺ أنه قال: إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً.
وقال: ولو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الرحمن. والحديثان في الصحيح وهما يبطلان قول من قال: الخلة لإبراهيم والمحبة لمحمد، فإبراهيم خليل الله ومحمد حبيبه.
وفي الصحيح أيضاً: إني أبرأ الى كل خليل من خلته. والمحبة قد ثبتت لغيره.
قال تعالى: { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [2]، { فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [3]، { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [4].
فبطل قول من خص الخلة بإبراهيم والمحبة بمحمد، بل الخلة خاصة بهما، والمحبة عامة. وحديث ابن عباس رضي الله عنهم الذي رواه الترمذي الذي فيه: إن إبراهيم خليل الله، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر -: لم يثبت.
والمحبة مراتب: أولها: العلاقة، وهي تعلق القلب بالمحبوب.
والثانية: الإرادة، وهي ميل القلب إلى محبوبه وطلبه له.
الثالثة: الصبابة، وهي انصباب القلب إليه بحيث لا يملكه صاحبه، كانصباب الماء في الحدور.
الرابعة: الغرام، وهي الحب اللازم للقلب، ومنه الغريم، لملازمته، ومنه: { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } [5].
الخامسة: المودة، والود، وهي: صفو المحبة وخالصها ولبها، قال تعالى: { سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } [6]..
السادسة: الشغف، وهي وصول المحبة إلى شغاف القلب.
السابعة: العشق: وهو الحب المفرط الذي يخاف على صاحبه منه، ولكن لا يوصف به الرب تعالى ولا العبد في محبة ربه، وإن كان قد أطلقه بعضهم. واختلف في سبب المنع، فقيل: عدم التوقيف، وقيل غير ذلك. ولعل امتناع إطلاقه: أن العشق محبة مع شهوة.
الثامنة: التيم، وهو بمعنى التعبد.
التاسعة: التعبد.
العاشرة: الخلة، وهي المحبة التي تخللت روح المحب وقلبه. وقيل في ترتيبها غير ذلك. وهذا الترتيب تقريب حسن، لا يعرف حسنه إلا بالتأمل في معانيه.
واعلم أن وصف الله تعالى بالمحبة والخلة هو كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته، كسائر صفاته تعالى، وإنما يوصف الله تعالى من هذه الأنواع بالإرادة والود والمحبة والخلة، حسبما ورد النص.
وقد اختلف في تحديد المحبة على أقوال، نحو ثلاثين قولاً. ولا تحد المحبة بحد أوضح منها، فالحدود لا تزيدها إلا خفاء.
وهذه الاشياء الواضحة لا تحتاج الى تحديد، كالماء والهواء والتراب والجوع ونحو ذلك.
هامش
- ↑ [قال الألباني: بل هو خليل رب العالمين فإن الخلة أعلى مرتبة من المحبة وأكمل ولذلك قال ﷺ: " إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا " ولذلك لم يثبت في حديث أنه ﷺ حبيب الله. فتنبه وراجع في الفقرة الآتية ( 52 ) بسطا لهذا في كلام الشارح عليها]
- ↑ [آل عمران: 134]
- ↑ [آل عمران: 76]
- ↑ [البقرة: 222]
- ↑ [الفرقان: 65]
- ↑ [مريم: 96]