ذكر تلبيس إبليس في الشطح والدعاوى
قال المصنف رحمه الله: اعلم أن السلم يورث الخوف واحتقار النفس وطول الصمت وإذا اعتبرت علماء السلف رأيت الخوف غالبا عليهم والدعاوى بعيدة عنهم كما قال أبو بكر: ليتني كنت شعرة في صدر مؤمن وقال عمر عند موته: الويل لعمر إن لم يغفر له وقال ابن مسعود: ليتني إذا مت لا أبعث وقالت عائشة رضي الله عنها: ليتني كنت نسيا منسيا وقال سفيان الثوري لحماد بن سلمة عند الموت: ترجو أن يغفر لمثلي
قال المصنف رحمه الله: وإنما صدر مثل هذا عن هؤلاء السادة لقوة علمهم بالله وقوة العلم به تورث الخوف والخشية قال الله تعالى: { إنما يخشى الله من عباده العلماء } وقال ﷺ: [ أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشية ] ولما بعد عن العلم أقوام من الصوفية لاحظوا أعمالهم واتفق لبعضهم من اللطف ما يشبه الكرامات فانبسطوا بالدعاوى
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ نا أبو الفضل محمد بن علي السهلكي قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي يقول: ثنا أبو بكر عمر بن يمن ثنا أبو عمر الرهاوي ثنا أحمد بن محمد الجزري قال سمعت أبا موسى الدئيلي يقول: سمعت أبا يزيد البسطامي يقول: وددت أن قد قامت القيامة حتى أنصب خيمتي على جهنم فسأله رجل ولم ذاك يا أبا يزيد؟ فقال: إني أعلم أن جهنم إذا رأتني تخمد فأكون رحمة للخلق
أخبرني أبو بكر بن حبيب العامري نا أبو سعد بن أبي صادق ثنا ابن باكويه ني إبراهيم بن محمد ني حسن بن علوية ني طيفور بن عيسى ني أبو موسى الشبلي قال: سمعت أبا يزيد يقول: إذا كان يوم القيامة وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فأسأله أن يدخلني النار فقيل له لم: قال حتى تعلم الخلائق أن بره ولطفه في النار مع أوليائه
قال المصنف رحمه الله: هذا الكلام من أقبح الأقوال لأنه يتضمن تحقير ما عظم الله تعالى أمره من النار فإنه تعالى بالغ في وصفها فقال: { اتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة } وقال: { إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا } إلى غير ذلك من الآيات وقد أخبرنا عبد الأول نا ابن المظفر نا ابن أعين ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إسماعيل ثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: [ إن ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا له الصحابة: والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها ] أخرجاه في الصحيحين وفي إفراد مسلم من حديث ابن مسعود عن النبي ﷺ أنه قال: [ يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ]
أخبرنا محمد بن ناصر نا جعفر بن أحمد نا أبو علي التميمي نا أبو بكر بن مالة ثنا عبد الله بن أحمد ثني أبي بهز بن أسد ثنا جعفر بن سليمان ثنا علي بن زيد عن مطرف عن كعب قال: قال عمر بن الخطاب: يا كعب خوفنا فقال: يا أمير المؤمنين اعمل عمل رجل لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبيا لازدرأت عملك مما ترى فأطرق عمر رضي الله عنه مليا ثم أفاق قال: زدنا يا كعب قلت: يا أمير المؤمنين لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب لغلى دماغه حتى يسيل من حرها
فأطرق عمر مليا ثم أفاق فقال: زدنا يا كعب قلت: يا أمير المؤمنين إن جهنم لتزفر يوم القيامة زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مصطفى إلا خر جاثيا على ركبتيه ويقول: رب نفسي نفسي لا أسالك اليوم غير نفسي أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد نا أحمد الحداد ثنا أبو نعيم الحافظ ثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن الحسن البغدادي ثنا إبراهيم بن عبد الله الجنيد ثنا عبد الله بن محمد بن عائشة ثنا سالم الخواص عن فرات بن السائب عن زاذان قال: سمعت كعب الأحبار يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ونزلت الملائكة وصارت صفوف فيقول يا جبرائيل ائتني بجهنم فيأتي بها جبريل فتقاد بسبعين ألف زمام حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت ثانية فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثى على ركبتيه ثم تزفر الثالثة فتبلغ القلوب الحناجر وتذهب العقول فيفزع كل امرئ إلى عمله حتى أن إبراهيم الخليل يقول: بخلتي لا أسألك إلا نفسي ويقول موسى: بمناجاتي لا أسألك إلا نفسي وإن عيسى ليقول: بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني قلت: وقد روينا أن النبي ﷺ قال: [ يا جبرائيل ما لي أرى ميكائيل لا يضحك؟ فقال: ما ضحك ميكائيل مذ خلقت النار وما جفت لي عين مذ خلقت جهنم مخافة أن أعصي الله فيجعلني فيها ] وبكى عبد الله بن رواحة يوما فقالت امرأته: مالك تبكي؟ قال: أنبئت أني واردها ولم أنبأ أني صادر
قال المصنف رحمه الله: فإذا كانت هذه حالة الملائكة والأنبياء والصحابة وهم المطهرون من الأدناس وهذا انزعاجهم لأجل النار فكيف هانت عند هذا المدعى ثم أنه يقطع لنفسه بما لا يدري به من الولاية والنجاة وهل قطع بالنجاة إلا لقوم مخصوصين من الصحابة وقد قال: [ من قال إني في الجنة فهو في النار ] وهذا محمد بن واسع يقول عند موته: يا أخوتاه أتدرون أين يذهب بي؟ يذهب بي والله الذي لا إله إلا هو إلى النار أو يعفو عني قلت: وهذا إن صح عن هذا المدعي فهذا غاية من تلبيس إبليس
وقد كان ابن عقيل يقول: قد حكي عن أبي زيد أنه قال: وما النار؟ والله لئن رأيتها لأطفأنها بطرف مرقعتي أو نحو هذا قال: ومن قال هذا كائن من كان فهو زنديق يجب قتله فإن الأهوان للشيء ثمرة الجحد لأن من يؤمن بالجن يقشعر في الظلمة ومن لا يؤمن لا ينزعج وربما قال يا جن خذوني ومثل هذا القائل ينبغي أن يقرب إلى وجهه شمعة فإذا انزعج قيل له هذه جذوة من نار
أنبأنا محمد بن ناصر نا أبو الفضل السهلكي قال سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد قال سمعت الحسن بن علوية يقول: سمعت طيفور الصغير يقول سمعت عمي خادم أبي يزيد يقول: سمعت أبا يزيد يقول: سبحاني سبحاني ما أعظم شأني ثم قال: حسبي من نفسي حسبي قلت: هذا إن صح عنه فربما يكون الراوي لم يفهم لأنه يحتمل أن يكون قد ذكر تمجيد الحق نفسه فقال فيه ( سبحاني ) حكاية عن الله لا عن نفسه وقد تأوله له الجنيد بشيء إن لم يرجع إلى ما قلته فليس بشيء فأنبأنا ابن ناصر السهلكي نا محمد بن القاسم الفارسي سمعت الحسن بن علي المذكر سمعت جعفر الخلدي يقول: قيل للجنيد: إن أبا يزيد يقول: سبحاني سبحاني أنا ربي الأعلى فقال الجنيد: إن الرجل مستهلك في شهود الجلال فنطق بما استهلكه أذهله الحق عن رؤيته إياه فلم يشهد إلا الحق فنعته قلت: وهذا من الخرافات
أنبأنا عبد الأول نا أحمد بن أبي نصر الكوفاني نا الحسن بن محمد بن فوزي نا عبد الله بن علي السراج قال: سمعت أحمد بن سالم البصري بالبصرة يقول في مجلسه يوما: فرعون لم يقل ما قال أبو يزيد لأنت فرعون قال: { أنا ربكم الأعلى } والرب يسمى به المخلوق يقال رب الدار وقال أبو يزيد: سبحاني سبحاني لا يجوز إلا لله فقلت: قد صح عندك هذا عن أبي يزيد فقال: قد قال ذلك فقلت: يحتمل أن يكون لهذا الكلام مقدمات يحكى بأن الله تعالى يقول سبحاني لأنا لو سمعنا رجلا يقول: ( لا إله إلا أنا ) علمنا أنه يقرأ وقد سألت جماعة من أهل بسطام من بيت أبي يزيد عن هذا فقالوا لا نعرف هذا
أنبأنا ابن ناصر نا أبو الفضل السهلكي قال سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول سمعت عامر بن أحمد قال سمعت الكتاني يقول: حدثني أبو موسى الدئيلي قال: سمعت أبا يزيد يقول: كنت أطوف حول البيت أطلبه فلما وصلت إليه رأيت البيت يطوف حولي قال الشيرازي: وحدثنا إبراهيم بن محمد قال: سمعت الحسن بن علوية يقول: سمعت طيفور الصغير يقول سمعت أبا يزيد يقول: حججت أول حجة فرأيت البيت وحججت الثانية فرأيت صاحب البيت ولم أر البيت وحججت الثالثة فلم أر البيت ولا صاحب البيت قال الشيرازي: وسمعت محمد بن داودية يقول: سمعت عبد الله بن سهل يقول: سمعت أبا موسى الدئيلي يقول: سمعت أبا يزيد: وسئل عن اللوح المحفوظ قال: أنا اللوح المحفوظ قال الشيرازي: وسمعت المظفر بن عيسى المراغي يقول: سمعت سيرين يقول: سمعت أبا موسى الدئيلي يقول لأبي يزيد: بلغني أن ثلاثة قلوبهم على قلب جبريل قال أنا أولئك الثلاثة فقلت: كيف؟ قال: قلبي واحد وهمي واحد وروحي واحد قلت: وبلغني أن واحدا قلبه على قلب إسرافيل قال: وأنا ذلك الواحد ومثلي مثل بحر مصطلم لا أول له ولا آخر قال السهلكي: وقرأ رجل عند أبي يزيد: { إن بطش ربك لشديد } فقال أبو يزيد: وحياته إن بطشي أشد من بطشه وقيل لأبي يزيد: بلغنا إنك من السبعة قال: أنا كل السبعة وقيل له: إن الخلق كلها تحت لواء سيدنا محمد ﷺ فقال: والله إن لوائي أعظم من لواء محمد لوائي من نور تحته الجن والإنس كلهم مع النبيين وقال أبو يزيد: سبحاني سبحاني ما أعظم سلطاني ليس مثلي في السماء يوجد ولا مثلي صفة في الأرض تعرف أنا هو وهو أنا وهو هو
أخبرنا المحمدان بن ناصر وابن عبد الباقي قالا نا حمد بن أحمد نا أبو نعيم الحافظ ثنا أحمد بن أبي عمران ثنا منصور بن عبد الله قال: سمعت أبي يقول: قيل لأبي يزيد: إنك من الأبدال السبعة الذين هم أوتاد الأرض فقال: أنا كل السبعة
أنبأنا ابن ناصر نا أبو الفضل السهلكي قال سمعت أبا الحسين محمد بن القاسم الفارسي قال سمعت أبا نصر بن محمد بن إسماعيل البخاري يقول: سمعت أبا الحسين علي بن محمد الجرجاني يقول سمعت الحسن بن علي بن سلام يقول: دخل أبو يزيد مدينة فتبعه منها خلق كثير فالتفت إليهم فقال: { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني } فقالوا: جن أبو يزيد فتركوه قال الفارسي: وسمعت أبا بكر أحمد بن محمد النيسابوري قال: سمعت أبا بكر أحمد بن إسرائيل قال: سمعت خالي علي بن الحسين يقول: سمعت الحسن بن علي بن حياة يقول سمعت عمي وهو أبو عمران موسى بن عيسى بن أخي أبي يزيد قال سمعت أبي يقول: قال أبو زيد: رفع بي مرة حتى قمت بين يديه فقال لي: يا أبا يزيد إن خلقي يحبون أن يروك قلت: يا عزيزي وأنا أحب أن يروني فقال: يا أبا يزيد إني أريد أن أريكهم فقلت: يا عزيزي إن كانوا يحبون أن يروني وأنت تريد ذلك وأنا لا أقدر على مخالفتك قربني بوحدانيتك وألبسني ربانيتك وارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك فيكون أنت ذاك ولا أكون أنا هنا ففعل بي ذلك واقامني وزينني ورفعني ثم قال: اخرج إلى خلقي فخطوت من عنده خطوة إلى الخلق خارجا فلما كان من الخطوة الثانية غشي علي فنادى ردوا حبيبي فإنه لا يصبر عني ساعة
أنبأنا ابن ناصر نا السهلكي قال: سمعت محمد بن إبراهيم الواعظ يقول: سمعت محمد بن محمد الفقيه يقول سمعت أحمد بن محمد الصوفي يقول سمعت أبا موسى يقول حكي عن أبي يزيد أنه قال: أراد موسى ﷺ أن يرى الله تعالى وأنا ما أردت أن أرى الله تعالى هو أراد أن يراني
أخبرنا أبو بكر بن حبيب نا أبو سعيد بن أبي صادق الحيري ثنا أبو عبد الله بن باكويه ثنا أبو الطيب بن الفرغاني قال سمعت الجنيد بن محمد يقول: دخل علي أمس رجل من أهل بسطام فذكر أنه سمع أبا يزيد البسطامي يقول: اللهم إن كان في سابق علمك أنك تعذب أحدا من خلقك بالنار فعظم خلقي حتى لا تسع معي غيري
قال المصنف رحمه الله: أما ما تقدم من دعاويه فما يخفى قبحها وأما هذا القول فخطأ من ثلاثة أوجه: أحدها أنه قال: إن كان في سابق علمك وقد علمنا قطعا أنه لا بد من تعذيب خلق بالنار وقد سمى الله تعالى منهم خلقا كفرعون وأبي لهب فكيف يجوز أن يقال بعد القطع واليقين إن كان والثاني قوله: تعظم خلقي فلو قال لأدفع عن المؤمنين ولكنه قال حتى لا تسع أحدا غيري فأشفق على الكفار أيضا وهذا تعاط على رحمة الله تعالى والثالث أن يكون جاهلا بقدر هذه النار أو واثقا مننفسه بالصبر وكلا الأمرين معدوم عنده قلت: ثم قال: والله ولقد تكلمت أمس مع الخضر في هذه المسألة وكانت الملائكة يستحسنون قولي: والله تعالى يسمع كلامي فلم يعب علي ولو عاب علي لأخرسني قلت: لولا أن هذا الرجل نسب إلى التغير لكان ينبغي أن يرد عليه وأين الخضر ومن اين له أن الملائكة تستحسن قوله؟ وكم من قول معيب لم يعاجل صاحبه بالعقوبة وقد بلغني عن ميمون بن عبده قال: بلغني عن سمنون المحب أنه كان يسمي نفسه الكذاب بسبب أبياته التي قال فيها:
( وليس لي في شواك حظ *** فكيفما ما شئت فامتحني )
فابتلي بحبس البول فلم يقر له قرار فكان بعد ذلك يطوف على المكاتب وبيده قارورة يقطر منها بوله ويقول للصبيان: ادعوا لعمكم الكذاب
قال المصنف رحمه الله: إنه ليقشعر جلدي من هذه أتراه على ما يتقاوى وإنما هذه ثمرة الجهل بالله سبحانه وتعالى ولو عرفه لم يسأله إلا العافية وقد قال من عرف الله كل لسانه
أخبرنا أبو بكر بن حبيب نا أبو سعد بن أبي صادق نا ابن باكويه قال: سمعت محمد بن داود الجوزجاني يقول سمعت أبا العباس بن عطاء يقول: كنت أرد هذه الكرامات حتى حدثني الثقة عن أبي الحسين النوري وسألته فقال كذا كان قال: كنا في سميرية في دجلة فقالوا لأبي الحسين أخرج لنا من دجلة سمكة فيها ثلاثة أرطال وثلاث أواقي فحرك شفتيه فإذا سمكة فيها ثلاثة أرطال وثلاث أواقي ظهرت من الماء حتى وقعت في السميرية فقيل لأبي الحسين: سألناك بالله إلا أخبرتنا بماذا دعوت فقال: قلت وعزتك لئن لم تخرج من الماء حوتا فيها ثلاث أرطال وثلاث أواقي لأغرقن نفسي في دجلة
أخبرنا أبو منصور القزاز نا أبو بكر بن ثابت قال أخبرني عبد الصمد بن محمد بن الخطيب ثنا الحسن بن الحسين الهمداني قال سمعت جعفرا الخلدي سمعت الجنيد يقول سمعت النوري يقول: كنت في الرقة فجاءني المريدون الذين كانوا بها وقالوا: نخرج ونصطاد السمك فقالوا لي: يا أبا الحسين هات من عبادتك واجتهادك وما أنت عليه من الاجتهاد سمكة يكون فيها ثلاثة أرطال لا تزيد ولا تنقص فقلت لمولاي: إن لم تخرج إلي الساعة سمكة فيها ما قد ذكروا لأرمين بنفسي في الفرات فأخرجت سمكة فوزنتها فإذا فيها ثلاثة أرطال لا زيادة فيها ولا نقصان قال الجنيد: فقلت يا أبا الحسين لو لم تخرج كنت ترمي بنفسك؟ قال نعم
أخبرنا أبو بكر بن حبيب نا أبو سعد بن أبي صادق نا ابن باكويه نا أبو يعقوب الخراط قال قال لي أبو الحسين النوري: كان في نفسي من هذه الكرامات شيء وأخذت من الصبيان قصبة وقمت بين زورقين وقلت وعزتك لئن لم تخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال لا تزيد ولا تنقص لا آكل شيئا قال فبلغ ذلك الجنيد فقال: كان حكمه أن تخرج له أفعى تلدغه
أخبرنا ابن حبيب نا ابن أبي صادق نا ابن باكويه قال سمعت الحسين بن أحمد الفارسي يقول سمعت الرقي يقول سمعت علي بن محمد بن أبان قال سمعت أبا سعيد الخراز يقول: أكبر ذنبي إليه معرفتي إياه
قال المصنف رحمه الله: هذا إن حمل على معنى أني لما عرفته لم أعمل بمقتضى معرفته فعظم ذنبي كما يعظم جرم من علم وعصى وإلا فهو قبيح أخبرنا ابن حبيب نا ابن أبي صادق نا ابن باكويه ثني أحمد الحلفاي قال سمعت الشبلي يقول: أحبك الخلق لنعمائك وأنا أحبك لبلائك
أخبرنا محمد بن أبي القاسم أنبأنا الحسن بن محمد بن الفضل الكرماني نا سهل بن علي الخشاب وأخبرنا أبو الوقت نا أحمد بن أبي نصر نا الحسن بن محمد بن فوري قالا نا عبد الله بن علي السراج قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن فوري قالا نا عبد الله بن علي السراج قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد الهمداني يقول: دخلت على الشبلي فلما قمت لأخرج كان يقول لي ولمن معي إلى أن خرجنا من الدار مروا أنا معكم حيث ما كنتم وأنتم في رعايتي وكلاءتي نا محمد بن ناصر أبو عبد الله الحميدي نا أبو بكر محمد بن أحمد الأردستاني نا أبو عبد الرحمن السلمي قال سمعت منصور بن عبد الله يقول: دخل قوم على الشبلي في مرض موته الذي مات فيه فقالوا: كيف تجدك يا أبا بكر؟ فأنشأ يقول:
( إن سلطان حبه *** قال لا أقبل الرشا
فسلوه فديته *** ما لقتلي تحرشا )
قال ابن عقيل وقد حكي عن الشبلي أنه قال أن الله سبحانه وتعالى قال: { ولسوف يعطيك ربك فترضى } والله لا رضي محمد ﷺ وفي النار من أمته أحد ثم قال أن محمدا يشفع في أمته وأشفع بعده في النار حتى لا يبقى فيها أحد قال ابن عقيل: والدعوى الأولى على النبي ﷺ كاذبة فإن النبي ﷺ يرضى بعذاب الفجار كيف وقد لعن في الخمر عشرة فدعوى أنه لا يرضى بتعذيب الله تعالى للفجار دعوى باطلة وإقدام على جهل بحكم الشرع ودعواه بأنه من أهل الشفاعة في الكل وأنه يزيد على محمد ﷺ كفر لأن الإنسان متى قطع لنفسه بأنه من أهل الجنة كان من أهل النار فكيف وهو يشيد لنفسه بأنه على مقام يزيد على مقام النبوة بل يزيد على المقام المحمود وهو الشفاعة العظمى قال ابن عقيل: والذي يمكنني في حق أهل البدع لساني وقلبي ولو اتسعت قدرتي في السيف لرويت الثرى من دماء خلق
أخبرتنا شهدة بنت أحمد قالت أخبرنا جعفر بن أحمد ثنا أبو طاهر محمد بن علي العلاف سمعت أبا الحسين بن سمعون سمعت أبا عبد الله العلقي صاحب أبا العباس بن عطاء سمعت أبا العباس بن عطاء يقول: قرأت القرآن فما رأيت الله تعالى ذكر عبدا فأثنى عليه حتى ابتلاه فسألت الله تعالى أن يبتليني فما مضت الأيام والليالي حتى خرج من داري نيف وعشرون ميتا ما رجع منهم أحد قال وذهب ماله وذهب عقله وذهب ولده وأهله فمكث بحكم الغلبة سبع سنين أو نحوها وكان أول شيء قاله بعد صحوه من غلبته:
( حقا أقول لقد كلفتني شططا *** حملي هواك وصبري أن ذا عجب )
قلت: قلة علم هذا الرجل أثمر أن سأل البلاء وفي سؤال البلاء معنى التقاوى وذاك من أقبح القبيح و- الشطط - الجور ولا يجوز أن ينسب إلى الله تعالى وأحسن ما حمل عليه حاله أن يكون قال هذا البيت في زمان التغيير أخبرنا محمد بن ناصر أنبأنا أحمد بن علي بن خلف نا محمد بن الحسين السلمي سمعت أبا الحسن علي بن إبراهيم الحصري يقول: دعوني وبلائي ألستم أولاد آدم الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وأمره بأمره فخالفه إذا كان أول الدن دردى كيف يكون آخره قال وقال الحصري: كنت زمانا إذا قرأت القرآن لا أستعيذ من الشيطان وأقول الشيطان حتى يحضر كلام الحق
قال المصنف رحمه الله: قلت أما القول الأول بأنه يتسلط على الأنبياء جرأة قبيحة وسوء أدب وأما الثاني فمخالف لما أمر الله تعالى به فإنه قال: { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر نا عباد بن إبراهيم النسفي ثنا محمد بن الحسين السلمي قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد الدينوري يقول: قد نقضوا أركان التصوف وهدموا سبيلها وغيروا معانيها بأسامي أحدثوها سموا الطبع زيادة وسوء الأدب إخلاصا والخروج عن الحق شطحا والتلذذ بالمذموم طيبة وسوء الخلق صولة والبخل جلادة واتباع الهوى ابتلاء والرجوع إلى الدنيا وصولا والسؤال عملا وبذأ اللسان ملامة وما هذا طريق القوم
وقال ابن عقيل: عبرت الصوفية عن الحرام بعبارات غيروا لها الأسماء مع حصول المعنى فقالوا في الاجتماع على الطيبة والغناء والخنكرة أوقات وقالوا في المردان شب وفي المعشوقة أخت وفي الحبة مريدة وفي الرقص والطرب وجد وفي مناخ اللهو والبطالة رباط وهذا التغيير للأسماء لا يباح