ذكر تلبيس الشيطان على فرق الفلاسفة
قال النوبختي قد زعمت فرقة من المتجاهلين أنه ليس للأشياء حقيقة واحدة في نفسها بل حقيقتها عند كل قوم على حسب ما يعتقد فيها فإن العسل يجده صاحب المرة الصفراء مرا ويجده غيره حلوا قالوا وكذلك العالم هو قديم عند من اعتقد قدمه محدث عند من اعتقد حدوثه واللون جسم عند من اعتقده جسما وعرض عند من اعتقده عرضا قالوا فلو توهمنا عدم المعتقدين وقف الأمر على وجود من يعتقد وهؤلاء من جنس السوفسطائية فيقال لهم أقولكم صحيح؟ فسيقولون هو صحيح عندنا باطل عند خصمنا
قلنا دعواكم صحة قولكم مردودة وإقراركم بأن مذهبكم عند خصمكم باطل شاهد عليكم ومن شهد على قولهم بالبطلان من وجه فقد كفى خصمه بتبيين فساد مذهبه ومما يقال لهم: أتثبتون للمشاهدة حقيقة؟ فإن قالوا لا لحقوا بالأولين وإن قالوا حقيقتها حسب الاعتقاد فقد نفوا عنها الحقيقة في نفسها وصار الكلام معهم كالكلام مع الأولين
قال النوبختي: ومن هؤلاء من قال: إن العالم في ذوب وسيلان قالوا ولا يمكن الإنسان أن يتفكر في الشيء الواحد مرتين لتغير الأشياء دائما فيقال لهم: كيف علم هذا وقد أنكرتم ثبوت ما يوجب العلم وربما كان أحدكم الذي يجيبه الآن غير الذي كلمه