ذكر أحاديث تبين خطأهم في أفعالهم
أخبرنا يحيى بن علي المدبر نا أبو بكر محمد بن علي الخياط ثنا الحسن بن الحسين بن حمكان ثنا عبدان بن يزيد العطار وأخبرنا محمد بن أبي منصور أنبأنا الحسن بن أحمد الفقيه ثنا محمد بن أحمد الحافظ ثنا أبو عبد الله محمد بن عيسى البرورجردي ثنا عمير بن مرداس قالا حدثنا محمد بن بكير الحضرمي ثنا القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري عن عبيد الله بن عمر عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب قال: جاء عثمان بن مظعون إلى النبي ﷺ فقال: [ يا رسول الله غلبني حديث النفس فلم أحب أن أحدث شيئا حتى أذكر لك ذلك فقال رسول الله ﷺ: وما تحدثك نفسك يا عثمان؟ قال: تحدثني نفسي أن أختصي فقال: مهلا يا عثمان فإن خصي أمتي الصيام قال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني أن أترهب في الجبال قال: مهلا يا عثمان فإن ترهب أمتي الجلوس في المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة قال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني بأن أسيح في الأرض قال مهلا يا عثمان فإن سياحة أمتي الغزو في سبيل الله والحج والعمرة قال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني بأن أخرج من مالي كله قال: مهلا يا عثمان فإن صدقتك يوما بيوم وتكف نفسك وعيالك وترحم المسكين واليتيم وتطعمه أفضل من ذلك قال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني بأن أطلق خولة امرأتي قال: مهلا يا عثمان فإن هجرة أمتي من هجر ما حرم الله عليه أو هاجر إلي في حياتي أو زار قبري بعد موتي أو مات وله امرأة امرأتان أو ثلاث أو أربع قال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني أن لا أغشاها قال: مهلا يا عثمان فإن الرجل المسلم إذا غشي أهله فإن لم يكن من قوعته تلك ولد كان له وصيف في الجنة فإن كان من وقعته تلك ولد فإن مات قبله كان له فرطا وشفيعا يوم القيامة وإن كان بعده كان له نورا يوم القيامة قال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني أن لا آكل اللحم قال: مهلا يا عثمان فإني أحب اللحم وآكله إذا وجدته ولو سألت ربي أن يطعمني إياه كل يوم لأطعمني قال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني أن لا أمس طيبا قال: مهلا يا عثمان فإن جبريل أمرني بالطيب غبا ويوم الجمعة لا مترك له يا عثمان لا ترغب عن سنتي فمن رغب عن سنتي ثم مات قبل أن يتوب صرفت الملائكة وجهه عن حوضي ]
قال المصنف رحمه الله: هذا حديث عمير بن مرداس
أخبرنا محمد بن أبي طاهر الجوهري نا أبو عمر بن حياة نا أحمد بن معروف نا الحسن بن الفهم ثنا محمد بن سعد نا الفضل بن دكين ثنا إسرائيل ثنا أبو إسحاق عن أبي بردة قال: دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي ﷺ فرأينها سيئة الهيئة فقلن لها: مالك فما في قريش رجل أغنى من بعلك قالت: ما لنا منه شيء أما ليله فقائم وأما نهاره فصائم فدخلن إلى النبي ﷺ فذكرن ذلك له فلقيه فقال: [ يا عثمان أمالك بي أسوة؟ فقال: بأبي وأمي أنت وما ذاك؟ قال: تصوم النهار وتقوم الليل قال: إني لأفعل قال: لا تفعل إن لعينك عليك حقا وإن لجسدك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا فصل ونم وصم وأفطر ] قال ابن سعد: وأخبرنا عارم بن الفضل ثنا حماد بن زيد ثنا معاوية بن عباس الحرمي عن أبي قلابة أن عثمان بن مظعون اتخذ بيتا فقعد يتعبد فيه فبلغ ذلك النبي ﷺ فأتاه فأخذ بعضادتي باب البيت الذي هو فيه وقال: [ يا عثمان إن الله تعالى لم يبعثني بالرهبانية - مرتين أو ثلاثا - وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة ]
أخبرنا محمد بن ناصر نا محمد بن علي بن ميمون نا عبد الوهاب بن محمد الغندجاني نا أبو بكر بن عبدان نا محمد بن سهل ثنا البخاري قال: قال موسى بن إسماعيل بن حماد بن زيد مسلم ثنا أبو معاوية بن قرة عن كهمس الهلالي قال: أسلمت وأتيت النبي ﷺ فأخبرته بإسلامي فمكثت حولا ثم أتيته وقد ضمرت ونحل جسمي فخفض في البصر ثم صعده قلت: أما تعرفني؟ [ قال: ومن أنت؟ قلت: أنا كهمس الهلالي قال: فما بلغ بك ما أرى؟ قلت: ما أفطرت بعدك نهارا ولا نمت ليلا قال: ومن أمرك أن تعذب نفسك؟ صم شهر الصبر ومن كل شهر يوما قلت: زدني قال: صم شهر الصبر ومن كل شهر يومين قلت: زدني قال: صم شهر الصبر ومن كل شهر ثلاثة أيام ]
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ثنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوري نا أبو أحمد محمد بن الغطريف ثنا أبو بكر الذهبي ثنا حميد بن الربيع ثنا عبدة بن حميد عن الأعمش عن جرير بن حازم عن أيوب عن أبي قلابة بلغ به ﷺ أن ناسا من أصحابه احتموا النساء واللحم اجتمعوا فذكرنا ترك النساء واللحم فأعدوا فيه وعيدا شديدا وقال: [ لو كنت تقدمت فيه لفعلت ثم قال: إني لم أرسل بالرهبانية إن خير الدين الحنيفية السمحة ]
قال المصنف رحمه الله: وقد روينا في حديث آخر عن النبي ﷺ أنه قال: [ إن الله تعالى يحب أن يرى آثار نعمته على عبده في مأكله ومشربه ] وقال: بكر بن عبد الله: من أعطي خيرا فرؤي عليه سمي حبيب الله محدثا بنعمة الله تعالى ومن أعطي خيرا فلم ير عليه سمي بغيض الله تعالى معاديا لنعمة الله تعالى
فصل
قال المصنف رحمه الله: وهذا الذي نهينا عنه من التقلل الزائد في الحد قد انعكس في صوفية زماننا فصارت همتهم في المأكل كما كانت همة متقدميهم في الجوع لهم الغذاء والعشاء والحلوى وكل ذلك أو أكثره حاصل من أموال وسخة وقد تركوا كسب الدنيا وأعرضوا عن التعبد وافترشوا فراش البطالة فلا همة لأكثرهم إلا الأكل واللعب فإن أحسن محسن منهم قالوا: طرح شكرا وإن أساء مسيء قالوا: استغفر ويسمون ما يلزمه إياه واجبا وتسمية ما لم يسمه الشرع واجبا جناية عليه أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز نا أحمد بن علي بن ثابت نا محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد الحافظ النيسابوري ثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ثنا أحمد بن سلمة ثنا محمد بن عبدوس السراج البغدادي قال: قام أبو مرحوم القاضي بالبصرة يقص على الناس فأبكى فلما فرغ من قصصه قال من يطعمنا إرزة في الله فقام شاب من المجلس فقال أنا فقال اجلس يرحمك الله فقد عرفنا موضعك ثم قام الثانية ذلك الشاب فقال اجلس فقد عرفنا موضعك فقام الثالثة فقال أبو مرحوم لأصحابه قوموا بنا إليه فقاموا معه فأتوا منزله قال فأتينا بقدر من باقلاء فأكلنا بلا ملح ثم قال أبو مرحوم علي بخوان خماسي وخمس مكاكيك أرز وخمسة أمنان سمن وعشرة أمنان سكر وخمسة أمنان صنوبر وخمسة أمنان فستق فجيء بها كلها فقال أبو مرحوم لأصحابه: يا إخواني كيف أصبحت الدنيا؟ قالوا: مشرق لونها مبيضة شمسها أخرقوا فيها أنهارها قال فأتى بذلك السمن فأجرى فيها ثم أقبل أبو مرحوم على أصحابه فقال يا إخواني كيف أصبحت الدنيا قالوا مشرق لونها مبيضة شمسها مجراة فيها أنهارها فقال يا إخواني اغرسوا فيها أشجارها قال فأتى بذلك الفستق والصنوبر فألقى فيها ثم أقبل أبو مرحوم على أصحابه فقال: يا إخواني كيف أصبحت الدنيا قالوا: مشرق لونها مبيض شمسها مجرى فيها أنهارها وقد غرست فيها أشجارها وقد تدلت لنا ثمارها قال: يا إخواني ارموا الدنيا بحجارتها قال: فأتى بذلك السكر فألقى فيها ثم أقبل أبو مرحوم على أصحابه فقال: يا إخواني كيف أصبحت الدنيا؟ قالوا: مشرق لونها مبيضة شمسها وقد أجريت فيها أنهارها وقد غرست فيها أشجارها وقد تدلت لنا ثمارها فقال يا إخواني: ما لنا وللدنيا اضربوا فيها براحتها قال: فجعل الرجل يضرب فيها براحته ويدفعه بالخمس قال أبو الفضل أحمد بن سلمة ذكرته لأبي حاتم الرازي فقال إمله علي فأمليته عليه فقال: هذا شأن الصوفية
قال المصنف رحمه الله: قلت وقد رأيت منهم من إذا حضر دعوة بالغ في الأكل ثم اختار من الطعام فربما ملأ كمية من غير إذن صاحب الدار وذلك حرام بالإجماع ولقد رأيت شيخا منهم قد أخذ شيئا من الطعام ليحمله معه فوثب صاحب الدار فأخذه منه