ذكر تلبيسه على عابدي النار والشمس والقمر
قال المصنف: قد لبس إبليس على جماعة فحسن لهم عبادة النار وقالوا هي الجوهر الذي لا يستغني العالم عنه ومن ههنا زين عبادة الشمس
وذكر أبو جعفر بن جرير الطبري: أنه لما قتل قابيل هابيل وهرب من أبيه آدم إلى اليمن أتاه إبليس فقال له: إن هابيل إنما قبل قربانه وأكلته النار لأنه كان يخدم النار ويعبدها فانصب أنت نارا تكون لك ولعقبك فبنى بيت نار فهو أول من نصب النار وعبدها قال الجاحظ: وجاء زرادشت من بلخ وهو صاحب المجوس فادعى أن الوحي ينزل إليه على جبل سيلان فدعى أهل تلك النواحي الباردة الذين لا يعرفون إلا البرد وجعل الوعيد بتضاعف البرد وأقر بأنه لم يبعث إلا إلى الجبال فقط وشرع لأصحابه التوضؤ بالأبوال وغيشان الأمهات وتعظيم النيران مع أمور سمجة قال ومن قول زرادشت كان الله وحده فلما طالت وحدته فكر فتولد من فكرته إبليس فلما مثل بين يديه وأراد قتله امتنع منه فلما رأى امتناعه ودعه إلى مدة
قال الشيخ أبو الفرج رحمه الله: وقد بنى عابدو النار لها بيوتا كثيرة فأول من رسم لها بيتا أفريدون فاتخذ لها بيتا بطرطوس وآخر ببخارى واتخذ لها بهمن بيتا بسجستان واتخذ لها أبو قباذ بيتا بناحية بخارى وبنيت بعد ذلك بيوت كثيرة لها وقد كان زرادشت وضع نارا زعم أنها جاءت من السماء فأكلت قربانهم وذلك أنه بنى بيتا وجعل في وسطه مرآة ولف القربان في حطب وطرح عليه الكبريت فلما استوت الشمس في كبد السماء قابلت كوة قد جعلها في ذلك البيت فدخل شعاع الشمس فوقع على المرآة فانعكس علىالحطب فوقعت فيه النار فقال لا تطفؤا هذه النار
فصل
قال المصنف: وقد حسن إبليس لعنه الله لأقوام عبادة القمر ولآخرين عبادة النجوم قال ابن قتيبة وكان قوم في الجاهلية عبدوا الشعرى العبور وفتنوا بها وكان أبو كبشة الذي كان المشركون ينسبون إليه رسول الله ﷺ أول من عبدها وقال قطعت السماء عرضا ولم يقطع السماء عرضا غيرها وعبدها وخالف قريشا فلما بعث رسول الله ﷺ ودعا إلى عبادة الله وترك الأوثان قالوا هذا ابن أبي كبشة أي شبهه ومثله في الخلاف كما قالت بنو إسرائيل لمريم يا أخت هارون أي يا شبيهة هارون في الصلاح وهما شعريان إحداهما هذه والشعرى الأخرى هي الغميضاء وهي تقابلها وبينها المجرة - والغميضاء من الذراع المبسوط في جبهة الأسد وتلك في الجوزاء
وزين إبليس لعنه الله لآخرين عبادة الملائكة وقالوا: هي بنات الله تعالى تعالى عن ذلك وزين للآخرين عبادة الخيل والبقر وكان السامري من قوم يعبدون البقر فلهذا صاغ عجلا وجاء في التعبير أن فرعون كان يعبد تيسا وليس في هؤلاء من أعمل فكره ولا استعمل عقله في تدبير ما يفعل نسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة