الرئيسيةبحث

شلل الأطفال ( Poliomyelitis )



شلل الأطفال كان من أكثر الأمراض مدعاة إلى الخوف حتى اكتشاف لقاح فعّال في عام 1955م. وتبين هذه الصورة من الخمسينيات ضحية لشلل الأطفال وهي تتعلم المشي على دعامتين وأربطة للساقين.
شلل الأطفال التهاب خطير يسببه فيروس، يصيب عادة الرضع والأطفال وأحيانًا الكبار ويؤدي إلى الشلل الحركي التام. وشاعت أوبئة شلل الأطفال في الماضي، وكانت مخيفة لكل البشر، لأن هذا المرض ترك كثيرين من ضحاياه مصابين بالشلل مدى الحياة. وظهر أول لقاحٍ ضد هذا المرض في الخمسينيات من القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين تم استئصال هذا المرض في الدول المتقدمة.

أنواع شلل الأطفال:

قد يصيب فيروس الشلل الخلايا العصبية في الدماغ والنخاع الشوكي ويسبب الشلل، إلاّ أن فيروس الشلل هذا لا يؤدي دائما إلى المرض الشديد. وتظهر على بعض المرضى بهذا الشلل أعراض خفيفة، مثل الحمى، والصداع، وألم الحلق والقيء. وربما توجد مثل هذه الأعراض في عدة أنواع من الأمراض، ولذا قد يعجز الطبيب عن التشخيص المؤكد للمرض على أنه مرض شلل الأطفال.

أما الإصابات الشديدة بشلل الأطفال فهي ـ كالإصابات الخفيفة ـ تبدأ بالأعراض نفسها، ولكن الأعراض لاتختفي، إذ يبدأ التيبس في الظهور في كلٍ من الرقبة والظهر، وتصبح العضلات ضعيفة والحركة عسيرة. وربما حدث الألم في كلٍ الظهر والساقين. وبخاصة إذا أصبحت هذه الأعضاء مشدودة أو ممددة. وقد يعجز الإنسان عن الوقوف أو المشي إذا تمكن منه مرض الشلل.

ولا يُعَدُّ معظم مرضى شلل الأطفال مصابين بالشلل الدائم ؛ لأن الشلل قد يحدث على درجات وفي عدة مجموعات من العضلات. ويُعَدُّشلل الأطفال الشوكي من أكثر أنواع الشلل شيوعًا. ويحدث هذا النوع من المرض عندما تهاجم فيروسات الشلل الخلايا العصبية التي تتحكم في عضلات كلٍ من الساقين والذراعين والجذع والحجاب الحاجز والبطن والحوض. أما الشلل البصلي فهو يعد من أخطر أنواع الشلل، وينشأ نتيجة تهتك الخلايا العصبية في جذع الدماغ. وتتحكم بعض هذه الأعصاب في عضلات البلع، وتحريك العينين واللسّان والوجه والعنق. وقد تتأثر كذلك الأعصاب التي تتحكم في التنفس ودوران السوائل في الجسم.

ويعاني بعض المرضى بالشلل من أعراض جديدة تظهر بعد مُضي ما يقرب من نحو ثلاثين عامًا أو أكثر من الإصابة الأولى. وأهم هذه الأعراض، الإرهاق، وضعف العضلات، وآلام المفاصل، وصعوبة التنفس. ولم يتيقن الأطباء من معرفة السبب الرئيسي في حدوث الحالة التي تُسمى متلازمة مابعد الشلل.

فيروس شلل الأطفال

سبب شلل الأطفال:

هناك ثلاثة فيروسات تسبب الشلل، وتُسمى النمط الأول والثاني والثالث.

وبإمكان فيروسات الشلل أن تنمو فقط في الخلايا الحية. وهي تدخل الجسم عبر الأنف والفم وتصل إلى الأمعاء، ثم تسعى عبر الألياف العصبية أو يحملها الدم إلى الجهاز العصبي المركزي. وهنا تدخل في خلية عصبية وتتكاثر بسرعة حتى تتهتك الخلية أو تموت. وينشأ الشلل عندما تتهتك عدة خلايا.

ولا يعرف العلماء بشكل دقيق كيفية انتشار الشلل أو لماذا تحدث الأوبئة. ويعتقد معظم أصحاب الشأن أن الفيروس ينتشر عن طريق كلٍ من الأنف والحلق والأمعاء عند المصابين بالعدوى. والمصابون بالعدوى الفيروسية، لا يصابون دائمًا بالشلل. وقد تم اكتشاف الفيروس عند الأصحاء ظاهريًا أثناء انتشار الأوبئة.

الوقاية من شلل الأطفال:

يوجد نوعان من لقاح الشلل، وكلاهما يقي الإنسان، بإذن الله، من الإصابة بأحد أمراض شلل الأطفال الثلاثة. ويُعطى اللقاح الأول بوساطة الحقن، وهو الذي اكتشفه الباحث الأمريكي جوناس سالك. وقد أعلن العلماء أنه فعّال ومأمون وكان ذلك في عام 1955م.

ثم اكتشف باحث أمريكي آخر وهو أَلبرت بروس سابين اللقاح الآخر لشلل الأطفال. وقد بدأ استخدامه في أوائل الستينيات من القرن العشرين. وهو لقاح يمكن تعاطيه عن طريق الفم.

ويوصي الأطباء بالتحصين ضد الشلل في بواكير الحياة. ويعطى لقاح الشلل بصورة نموذجية في أربع جرعات. تُعطى الجرعة الأولى في نهاية الشهر الثالث، والثانية في نهاية الشهر الرابع، والثالثة في نهاية الشهر الخامس، ثم تعطى الجرعة الرابعة وهي جرعة منشطة في نهاية الشهر الثامن عشر.

علاج شلل الأطفال:

لم يكتشف حتى الآن دواء يستطيع قتل فيروس الشلل أو التحكم في انتشاره داخل الجسم. ولكن تعتمد درجة الشفاء عند كثير من المرضى على الرعاية الطبية الفورية والتمريض الجيد.

وتُعد الراحة التامة في الفراش أهم علاج لهذا المرض. ويعتقد الأطباء أن الإرهاق قد يزيد من شدة المرض. وهم يستخدمون طرق علاج بسيطة، مثل العصائب الساخنة الرطبة لتخفيف الألم. وإذا اختفت الحمى فقد يُحرِّك إخصائيو العلاج الطبيعي أطراف المريض لمنع حدوث التشوهات والتيبس المؤلم في العضلات. ومن ثم تساعد التمرينات المركزة على تقوية العضلات وإعادة تدريبها فيما بعد. وقد يتمكن المرضى ـ حتى المصابون منهم بالشلل الشديد ـ من الحركة الكافية لأداء عدة أنشطة. أما المصابون بصورة أخف فهم يستعيدون ـ عادة ـ أغلب أنشطتهم السابقة. وقد يحتاج بعضهم إلى الجبائر أو الأربطة أو الدعامتين التي تساعدهم على الحركة.

وربما استخدم الأطباء جهازًا آليًا مثل جهاز التنفس الاصطناعي ليساعد المريض على التنفس عند إصابة عضلات التنفس بالشلل. ويستعيد ما يقرب من ثلثي أمثال هؤلاء المرضى تنفسهم الطبيعي.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية