الرئيسيةبحث

السودان ( Sudan )



السودان أكبر الدول العربية والإفريقية قاطبة من حيث المساحة (2,505,813 كم²)، ويمتد بين دائرتي عرض 4° و22° شمالاً وخطي طول 22 و 38° شرقًا. وتبلغ أطول مسافة له من الشمال للجنوب حوالي 2,050كم، وأقصى مسافة من الشرق للغرب حوالي 1,850كم. وتشكل مساحة السودان 8,3% من مساحة القارة الإفريقية و1,7% من مساحة اليابسة. وللسودان حدود مشتركة مع تسع دول عربية وإفريقية هي: مصر، وليبيا، وتشاد، وإفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية (زائير سابقًا)، وأوغندا، وكينيا، وأثيوبيا، وإرتريا. وتطل البلاد على واجهة بحرية طولها 644كم على البحر الأحمر.

نظام الحكم

أيقونة تكبير خــريطــــة الســــــــودان

السودان جمهورية رئاسية ينتخب فيها الرئيس مباشرة بوساطة الشعب لفترة خمس سنوات، ولايجوز إعادة انتخابه لأكثر من ولاية واحدة فقط. ويعين الرئيس شاغلي المناصب الوزارية والاتحادية والمناصب الدستورية الولائية وفق الدستور والقانون لتصريف شؤون الحكم بالبلاد. وللرئيس نائبان ؛ أول وثان. ويجوز للرئيس أن يوزع اختصاصاته بتفويض مستشارين أو مساعدين برئاسة الجمهورية للقيام بها. ويتولى سلطة التشريع الاتحادي المجلس الوطني ـ الذي يُنتخب لفترة أربع سنوات ـ ورئيس الجمهورية حسبما يحدد الدستور. ويشكل المجلس بالانتخاب على النحو الآتي : أ- 275 عضوًا بالانتخاب المباشر من الدوائر الجغرافية المقسمة بتمثيل عادل للسكان في البلاد. ب- 125 عضوًا بالانتخاب من المؤتمر الوطني بتمثيل متوازن لقوى الشعب وأنواعه وأقاليمه. جـ- الوزراء الحاملون لحقائب وزارية بحكم مناصبهم.

ويعين رئيس الجمهورية رئيس القضاء وسائر القضاة وفق القانون. والهيئة القضائية مسؤولة أمام رئيس الجمهورية، إلا أن القضاة مستقلون في أداء واجباتهم، ولهم الولاية القضائية الكاملة في اختصاصهم.

ويرشح الرئيس ثلاثة أشخاص لكل ولاية، من الولايات الست والعشرين، لتولي منصب الوالي، ويختار مجلس الولاية بالاقتراع السري أحد المرشحين الثلاثة. ويعتمد الرئيس المرشح الفائز واليًا لمدة أربع سنوات، ويجوز ترشيح الوالي لتجديد ولايته مرة واحدة فقط. ويعين الرئيس وزراء الولايات والمحافظين بعد التشاور مع الوالي المختص.

اعتمد السودان نظام المؤتمرات لتسليم السلطة للشعب بإرجاع القرار السياسي والتشريع للمواطنين. ويتكون نظام المؤتمرات من المؤتمر الأساسي في الحي أو القرية ثم المؤتمر المحلي في المدينة ثم مؤتمر المحافظة ومؤتمر الولاية ثم المؤتمر الوطني الذي يتكون من 4,862 عضوًا مناصفة بين الأعضاء المصعدين من مؤتمرات ومجالس الولايات والمؤتمرات القطاعية الثمانية(الاقتصادي، الاجتماعي الثقافي، الشبابي الطلابي، النسوي، القانوني، الإداري، الدبلوماسي، الدفاعي الأمني). وينتخب المؤتمر النسبة المخصصة له في المجلس الوطني.

سعت الدولة لإقرار دستور البلاد الشامل بعد أن اكتملت أجهزتها واستقر نظامها، فأعد الرئيس مشروع الدستور، ثم أودعه المجلس الوطني للتداول، (مارس 1998م)، لإجازته وتم عرضه في استفتاء شعبي عام حيث تمت الموافقة عليه في نفس العام.

السكان

أحد أحياء مدينة أم درمان العاصمة الوطنية.
مئذنتا أحد المساجد ترتفعان فوق أحد الشوارع الرئيسية في الخرطوم عاصمة السودان وثانية كبريات المدن بعد مدينة أم درمان.
جانب من سوق المصنوعات الجلدية مثل السروج والفرش والأحزمة مما يستعمل في تجهيز الخيل والجمال.
انتقال البدو في الصحراء يتم على الجمال وتجهز مقصورة على ظهر الجمل لركوب النساء تسمىالهودج.
امرأتان بدويتان ترعيان مجموعة من الغنم بالقرب من خيامهن. ويشكل البدو جزءًا صغيرًا من سكان السودان. وهم يقيمون في الجزء الصحراوي شمالي السودان.

زاد عدد سكان السودان حسب التعدادات والتقديرات الأخيرة من 10 ملايين عام 1956م إلى 14مليونًا عام 1973م ثم إلى 21 مليونًا 1983م وأخيرًا إلى 31,065,000 نسمة عام 1996م. وهذا يعني أن السكان قد زادوا ثلاثة أضعاف خلال 40 سنة. وتعتبر هذه زيادة كبيرة بكل المقاييس. ويعيش حوالي 25% من السكان في المدن، ويعيش أكثر من نصف سكان المدن في مجمع الخرطوم الحضري (الخرطوم، الخرطوم بحري، أم درمان). أما معظم السكان (75%) فيعيشون في الريف، منهم حوالي 65% مستقرون في الريف الزراعي، وحوالي 10% رُحَّل في البادية. وتظل الكثافة السكانية في السودان قاطبة ضئيلة وذلك لكبر مساحة البلاد، والقلة النسبية للسكان، فمتوسط الكثافة السكانية هو 4,13 شخصًا/كم²، بينما تسجل ولاية الخرطوم وهي أصغر الولايات مساحةً أعلى كثافة سكانية وهي 86 شخصًا/كم². وتحتل الولاية الوسطى المركز الثاني من حيث الكثافة وهي 30/كم². في حين تنخفض الكثافة السكانية في الولاية الشمالية إلى 4 أشخاص/كم². وعمومًا يتركز السكان في السودان حول محورين رئيسيين هما وادي النيل والسهول الوسطى، حيث تكون كميات الأمطار ومياه النيل كافية للاستيطان والنشاط الزراعي.

وتقع معظم مشروعات السودان الإنتاجية ومدنه على هذين المحورين. ونتيجة لعدم التوازن في التنمية الإقليمية، وكذلك مشكلات القحط والجفاف التي شهدتها البلاد خلال الثمانينيات من القرن العشرين، إضافة إلى اندلاع الحرب الأهلية في جنوبي البلاد منذ عام 1983م، فقد انتظمت البلاد هجرات داخلية كبيرة كان معظمها موجّهًا نحو العاصمة القومية. ويرى بعض المراقبين أن الهجرة من جنوبي السودان إلى العاصمة القومية كان مخططًا لها سياسيًا من جهات داخلية وخارجية، وذلك بهدف تغيير التركيبة الديمجرافية (السكّانية) للعاصمة. فقد ازدادت أعداد الجنوبيين في العاصمة من بضعة آلاف عام 1983م، إلى أكثر من 1,5 مليون عام 1990م، وقد أشارت بعض التقديرات إلى أن العدد وصل إلى 2 مليون مواطن جنوبي في حاضرة الخرطوم. بالإضافة إلى ذلك ظلت أعداد الوافدين من الدول المجاورة في تزايد مستمر بسبب ظروف القحط والجفاف والحروب الأهلية المنتشرة في كل من إثيوبيا وتشاد وأوغندا.

يتوجه الوافدون غالبًا إلى العاصمة القومية. وقد قُدِّرت أعدادهم في نهاية الثمانينيات بثلاثة ملايين. أما آخر الإحصاءات فتدل على أن الأعداد في تناقص نتيجة لاستقرار الأحوال في دول الجوار مثل إثيوبيا وأوغندا وتشاد. ويأتي معظم الوافدين للسودان من إثيوبيا وإرتريا، حيث كانت أعدادهم حتى عام 1996م نحو 1,021,894 وافدًا. ومن بين المشكلات الديمجرافية (السكانية) في السودان ارتفاع نسبة صغار السن بحيث تصل نسبة من هم دون 15 سنة 47% من جملة السكان، مما يعني ارتفاع نسبة الاعتماد في السكان. فكلما زادت نسبة صغار السن في السكان قلت قوى العمل ونقص الإنتاج. وعلى الرغم من قلة قوى العمل إلا أن الضعف الاقتصادي، وقلة الاستثمار جعلا نسبة البطالة في قوى العمل (15 سنة فأكثر) تصل إلى 6% عام 1983م.

ومما يعقد الوضع ديمجرافيًا واقتصاديًا سرعة نمو السكان. فمنذ تعداد السكان الأول عام 1956م وحتى عام 1996م ظلت نسبة النمو السنوي للسكان في حدود 3%، مما يعني تضاعف السكان في أقل من 23 سنة. أما أكثر جهات السودان نموًا سكانيًا فهي المدن الكبرى التي تنمو نموًا طبيعيًا إضافةً إلى استقبال أعداد هائلة من المهاجرين من الداخل والخارج. فقد سجلت بعض المدن الكبرى نموًا سنويًا يتراوح بين 7% و 10%. وزاد عدد سكان الخرطوم الكبرى من 1,8 مليون نسمة عام 1983م إلى حوالي 4 ملايين في عام 1990م. وقد أدت هذه الزيادة الهائلة إلى وجود مشكلات اقتصادية واجتماعية معقدة، كان من بينها تردي كثير من الخدمات والمرافق.


جامعة الخرطوم أولى الجامعات السودانية، ومن أقدم الجامعات في المنطقة. يظهر في الصورة مبنى المكتبة الرئيسية، وكان مقرًا لكلية غوردون التذكارية التي أنشئت عام 1902م، ثم أصبحت فيما بعد جامعة الخرطوم.

التعليم:

49% من مجموع سكان السودان أميون. وتسعى الدولة إلى تحسين نظم التعليم ومحو الأمية بالبلاد. فقد عممت الدولة الالتحاق بالتعليم الأساسي وجعلته إلزاميًا بدءًا من عام 1998م، ووضعت برنامجًا لمحو الأمية بحلول عام 2000م. وكان السلم التعليمي في السودان قد تغير عام 1991م، من (6+3+3) إلى (2+8+3) ليشمل مرحلة ما قبل المدرسة، ومدتها سنتان، ومرحلة الأساس ومدتها 8 سنوات، والمرحلة الثانوية ومدتها 3 سنوات. وتم تغيير منهج مرحلة الأساس حيث قسم إلى ثلاث حلقات، كما تم تنويع التعليم الثانوي، وألحقت معاهد تدريب المعلمين بالجامعات. والتعليم في السودان مجاني رغم وجود المدارس والجامعات الخاصة. وقد توسع التعليم في العقد الأخير من القرن العشرين توسعًا كبيرًا. فزاد عدد طلاب مرحلة الأساس من مليوني طالب عام 1990م إلى 2,863,600 عام 1996م، وقفزت أعداد المدارس من 7720 إلى 12,187. وزاد عدد المدارس الثانوية من 484 مدرسة عام 1990م إلى 1010 مدرسة عام 1996م. أما الجامعات فقد زادت من ست جامعات عام 1990م إلى ست وعشرين جامعة عام 1996م، وزاد عدد طلاب الجامعات من 6,080 طالب عام 1990م إلى 33,840 طالبًا عام 1996م.

الرعاية الاجتماعية والصحية:

تعمل وزارة التخطيط الاجتماعي على توفير الضمان والأمن الاجتماعي ورعاية الطفولة والمرأة والأسر الفقيرة. وأناطت ببعض الجهات تنفيذ خطتها ومن هذه الجهات: ديوان الزكاة، صندوق دعم الطلاب، الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي، الرعاية الاجتماعية، معتمدية النازحين، صندوق التكامل، الأوقاف، مفوضية العون الإنساني. أما الخدمات الصحية فقد تدهورت بصورة كبيرة وذلك لقلة الإمكانات وسوء توزيعه وضعف نظام الرعاية الصحية الأولية والزيادة العالية في تكلفة الرعاية الصحية. كما أدى تدهور صحة البيئة إلى تفشي الأمراض المستوطنة الناجمة عن سوء التغذية.

السطح

أحد الشلالات بجبل مرة

يقع السودان في شمال شرقي قارة إفريقيا، ويمتد على مساحة تبلغ 2,505,813كم²، وتغطي السهول والمستنقعات والصحاري معظم هذه المساحة. وللسودان واجهة بحرية على البحر الأحمر مكنت البلاد منذ القدم من الاتصال التجاري والتفاعل الحضاري مع الأمم الأخرى. وللسودان حدود برية طويلة مع جيرانه تصل أطوالها إلى أكثر من 7000كم مما يجعل أمر مراقبتها في غاية الصعوبة، كما أن طول الحدود يزيد من توتر العلاقات مع الدول المجاورة في حالة النزاع حول هذه الحدود. وتتنوع الظروف الجغرافية من الصحاري في شمال البلاد إلى المستنقعات والمناخ شبه الاستوائي في الأجزاء الجنوبية. ويتميز السودان بسهوله الشاسعة التي يقل ارتفاعها عن 500م فوق مستوى سطح البحر. أما المرتفعات الجبلية فتغطي مساحات محدودة تتمثل في جبال النوبة في جنوب كردفان، وجبل مَرَّة في دارفور، وجبال الأماتونج في شرق الاستوائية، وجبال البحر الأحمر.

يزيد ارتفاع القمم الجبلية على 3000م فوق مستوى سطح البحر في منطقة جبل مرة، وجبل كنيتي في شرق الاستوائية فقط. وتزيد ارتفاعات بعض القمم الجبلية في منطقة البحر الأحمر على 2000م، وفي منطقة جبال النوبة على 1000م فوق مستوى سطح البحر. ويمكن تقسيم السودان من حيث التركيب الجيولوجي إلى قسمين هما: الصخور القاعدية ـ وهي صخور صلبة تشكل جزءًا من قارة جندوانا القديمة ـ وصخور الرمل النوبي التي تغطي مساحات شاسعة من شمالي البلاد خاصة الأجزاء الصحراوية. وقد تراكمت فوق هذه التركيبات الصخرية عبر آلاف السنين طبقات من الرمل والصلصال فوق مساحات واسعة من السودان.

وتوجد التُرَبة الفيضية على ضفاف النيل وروافده. وتنتمي التربة الفيضية في سهلي الجزيرة والبطانة إلى نوع تربة الحشائش المدارية السوداء ذات الخصوبة العالية. وقد دلت بعض الدراسات على أن التُربة في هذين السهلين من رواسب النيل وروافده عندما كان النهر يغير مجراه مرات عديدة في مراحل سابقة. كما تنتشر تربة القوز في غربي السودان في منطقتي كردفان ودارفور. ويشكل النيل وروافده أهم الظواهر الجغرافية في البلاد حيث إن السودان برمته يقع ضمن حوض النيل. وعلى الرغم من أن النيل الأبيض يأتي بمعظم المياه الجارية في فصل الجفاف إلا أن فيضان النيل يعتمد أساسًا على مياه النيل الأزرق. فبينما يتراوح صرف النيل الأبيض حول 500م§/ثانية في فصل الفيضان، نجد صرف النيل الأزرق ينخفض في فصل الجفاف إلى 100م§/ثانية ثم يرتفع إلى 6,300م§/ثانية في فصل الفيضان بنهاية شهر أغسطس.

تتركز زراعة النخيل في شمال السودان.

وادي النيل:

يجري النيل في السودان بين دائرتي عرض 4° و 22° شمالاً. يبدأ النهر من الهضبة الاستوائية، وينحدر في سهول السودان عند دائرة عرض 4° شمالاً عند بلدة نيمولي، ويُعرف عند دخوله السودان من الهضبة الاستوائية ببحر الجبل، ويجري في حوض شبه مغلق حتى يلتقي مع بحر العرب القادم من الغرب ومياه بحر الغزال حيث تصب جميعها في منطقة السدود. وتغذي العديد من الروافد المنحدرة من منطقة تقسيم المياه بين النيل والكونغو هذه الأنهار الثلاثة.

وتغطي منطقة السدود ـ وهي منطقة مستنقعات مثلثة الشكل تزيد مساحتها على 8,000كم² مساحة كبيرة من مجاري الأنهار في جنوبي السودان مما يعرقل حركة الملاحة النهرية، ويساعد على انتشار الحشرات الناقلة للأمراض ؛ ثم يخرج النهر من منطقة السدود ليلتقي بنهر السوباط، وهو الرافد الوحيد للنيل الاستوائي الذي ينحدر من جنوب الهضبة الأثيوبية. ويقال لولا نهرالسوباط لما تمكن النيل الأبيض من حفر مجراه إلى الخرطوم ؛ ذلك لأن مياه بحر الجبل قليلة وبطيئة لقلة الانحدار. ويعوض السوباط كل المياه التي يفقدها النيل الأبيض في منطقة السدود وهي 1,3 مليار م§ في السنة. ويتجه النهر بعد التقائه بالسوباط شمالاً، حيث يُعرف بالنيل الأبيض، وينحدر النيل الأزرق وروافده بقوة من الهضبة الأثيوبية حاملاً معه مياه الفيضان الوفيرة والطمي الذي يحدد خصوبة الوادي سنويًا.

نهر النيل وجسر يربط مدينة الخرطوم بحري بمدينة أم درمان.
وقد قيل قديمًا إن مصر هبة النيل، ولكن الواقع أن مصر هبة النيل الأزرق فلولاه لانتهى النهر الاستوائي داخليًا في الصحراء قبل أن يصل البحر الأبيض المتوسط. وينبع النيل الأزرق من بحيرة تانا في إثيوبيا، كما أن روافده العليا تأتي من أماكن متفرقة من الهضبة الإثيوبية. ومن أهم روافد النيل الأزرق نهرا الدِّندر والرهد وينبعان في الهضبة الإثيوبية، ويصبان في النيل الأزرق إلى جنوب مدينة واد مدني. ويجري النيل الأزرق شمالاً، حتى يلتقي بالنيل الأبيض عند مدينة الخرطوم في نقطة المقرن. وبعد اختلاط مياه النيلين عند مدينة الخرطوم يتجه النهر شمالاً ويُعرف باسم نهر النيل الذي يصب في البحر المتوسط. وآخر روافده هو نهر عطبرة الذي يصب في النيل إلى جنوب مدينة عطبرة مباشرة عند دائرة عرض 18° شمالاً. ونهر عطبرة أيضًا ينبع من الهضبة الإثيوبية، ويندفع بقوة حاملاً معه المياه الوفيرة، والطمي. وهو من الأنهار غير الدائمة الجريان، إذ يجف مدة خمسة أشهر في السنة من يناير حتى مايو، ثم يعاود الجريان في شهر يونيو، ويصل الفيضان إلى ذروته في أغسطس. ومعدل تصريفه السنوي 380م§/ثانية.

وعمومًا يعتبر النيل وروافده في السودان محور نماء وتطور واستقرار منذ آلاف السنين. ويشكل المحور النيلي ثقلاً سكانيًا واقتصاديًا بارزًا حيث تنتشر المشروعات الزراعية والصناعية والمدن الكبرى والقرى التي لا تنقطع على ضفاف الأنهار. وتكثر مظاهر الحياة والعمران على ضفاف النيل خاصة شمالي مدينة الخرطوم، حيث يصبح الوادي شريان الحياة الوحيد وسط هذه المنطقة القاحلة. أما أرض الجزيرة التي تقع بين النيلين فهي أرض مستوية مكونة من الصلصال الداكن اللون ذي الخصوبة العالية. وتعتبر الجزيرة أهم منطقة في السودان من الناحية الاقتصادية والسكانية، حيث يوجد بها مشروع الجزيرة العملاق (2 مليون فدان) الذي يُعَدُّ من أكبر مشروعات الري في العالم. ويشكل المشروع عصب الاقتصاد السوداني حيث ينتج المحاصيل الزراعية الغذائية والنقدية للأسواق المحلية والعالمية.

عمال يجمعون القطن في مشروع الجزيرة بوسط السودان. يقع هذا المشروع بين النيلين الأزرق والأبيض. والقطن من أهم محاصيل السودان الزراعية.
جانب من أحد حقول زراعة الموالح بالقرب من الخرطوم.

شرق السودان:

ويشمل كل المناطق الواقعة شرقي النيل ومنها سهل البطانة ومنطقة البحر الأحمر والصحراء. ويشتمل سهل البطانة على السهول الطينية الممتدة بين نهري النيل وعطبرة، وهي سهول خصبة لكنها شحيحة المياه، لذا ظلت منطقة رعي للقبائل العربية مثل الشكرية والرشايدة وغيرهما من القبائل الرعوية حتى أُدخلت مشروعات الزراعة الآلية في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي في منطقة القضارف. وتنتج مشروعات الزراعة الآلية العديد من المحاصيل على رأسها الذرة الرفيعة والسمسم والقطن. وقد وصل إنتاج الذرة عام 1996م حوالي 4,104,000 طن، يُستهلك معظمه محليًا لكونه الغذاء الرئيسي للسكان، ويصدَّر الباقي للدول الخارجية، من أهمها اليابان في الآونة الأخيرة.

تعتمد الزراعة الآلية على الأمطار التي تزيد غزارتها كلما اتجهنا شمالاً. أما المشروع الزراعي الآخر في المنطقة فهو مشروع خشم القربة الذي أنشئ أساسًا لإعادة توطين أهالي وادي حلفا الذين تضرروا من طمر أراضيهم بالمياه بعد بناء السد العالي في مصر. وقد أُسس مشروع خشم القربة على نمط مشروع الجزيرة. ومن أهم المحاصيل في الدورة الزراعية القطن والقمح. وبالإضافة لهذا المشروع هناك مشروع آخر لإنتاج السكر وتصنيعه يستفيد من نفس مشروعات الري التي أقيمت بعد إنشاء سد خشم القربة. وبالإضافة إلى السكان المهجَّرين من منطقة وادي حلفا تستفيد مجموعة قبائل المنطقة، مثل قبائل الشكرية والرشايدة والبجة من المشروع، وجيمعها قبائل رعوية. فقد خصصت الحكومة لكل فئة مزارع خاصة بها في مشروع خشم القربة الزراعي.

ومن المظاهر الجغرافية إلى الشمال من سهل البطانة جبال البحر الأحمر والسهل الساحلي والصحاري، ويبلغ أقصى اتساع للسهل الساحلي عند طوكر ودلتا خور البركة. وينبع خور البركة من مرتفعات إرتريا ويجري نحو الشمال مسافة 500كم ويروي الخور وروافده مساحة قدرها 35 ألف كم² ويقع الجزء الأكبر منها في إرتريا، وتحف بخور البركة تلال حصوية ورملية في السودان ترتفع نحو جبال البحر الأحمر. وتبلغ مساحة دلتا طوكر عند مصب الخور في البحر 150 ألف هكتار نصفها صالح للزراعة. ويندفع خور البركة في زمن الفيضان بقوة حاملاً معه المياه والطمي اللذين يساعدان على الزراعة في الدلتا كل عام.

وبالإضافة إلى دلتا طوكر هناك خور القاش ودلتا كسلا الواقعة إلى جنوبي طوكر وشمالي مشروع خشم القربة في شرقي السودان. وينبع خور القاش أيضًا من إرتريا، وهو خور شديد الانحدار في أطرافه العليا ولكن عند دخوله السودان يكون في مستوى السهل الذي يجري فيه، لذا فإنه يغطي مساحات كبيرة على جانبيه في وقت الفيضان. ويشكل القاش دلتا مروحية عند مدينة كسلا. وتتكون الدلتا من طمي شديد الخصوبة، وبعض تُرَب الدلتا من النوع الرملي.

وتستغل الدلتا في الزراعة خاصة الزراعة البستانية لإنتاج الفاكهة والخضراوات. أما جبال البحر الأحمر فهي سلسلة قليلة الارتفاع، غير أن بعض القمم الجبلية تزيد على 2,000م فوق سطح البحر. وتتكون هذه الجبال من صخور نارية ومتحولة، استطاعت بصلابتها مقاومة عوامل النحت والتعرية. وقد تكونت سلسلة الجبال نتيجة لتصدع البحر الأحمر جزءًا من الأخدود الإفريقي العظيم. وإلى جهة الغرب من جبال البحر الأحمر توجد هضبة مكونة من الحجر الرملي النوبي تتخللها الأودية والأخاديد التي كونتها التعرية المائية في عصور قديمة. وتقع هذه المنطقة ضمن الصحراء الكبرى، وتمثل الهضبة سهلاً مسطحًا تغطيه الرمال والحصى وهو أكثر جهات السودان جفافًا، وتسمى الصحراء الواقعة في ثنية النيل النوبي بصحراء العتمور.

قرية في جنوب السودان تشغل مساحة وسط منطقة غابات استوائية. وبيوت القرية مبنية من جدران من الطين، تقع بالقرب من مدينة جويا.

غرب السودان:

تقع في هضاب غرب النيل جبال النوبة التي تتكون من صخور جرانيتية ترتفع في سهل صلصالي، ويصل ارتفاعها في المتوسط 600م فوق مستوى سطح البحر، بينما يصل ارتفاع قمم بعض جبالها إلى حوالي 1500م فوق مستوى سطح البحر. وينحدر من هذه المرتفعات العديد من الأودية التي يصب معظمها جهة الجنوب. وتتراوح تربة المنطقة بين الرملية والصلصالية، ويغطي الحجر الرملي الجهات الشمالية من منطقة جبال النوبة ثم تأتي بعدها تربة القوز، وهي تربة رملية حمراء خصبة. وتنتشر تربة القوز عبر مساحات كبيرة في غربي السودان في ولايتي كردفان ودارفور وتُستغل هذه التُربة في الزراعة في فصل الأمطار. وإلى الغرب من أراضي القوز وإلى الشمال توجد هضاب دارفور وتنحدر معظم أوديتها نحو بحر العرب، وكثيرًا ما تظهر الصخور القاعدية على السطح. أما سلسلة جبل مَرَّة فتتكون من صخور بركانية. ويبلغ ارتفاع الهضبة 900م فوق مستوى سطح البحر، بينما يزيد ارتفاع السلسلة الجبلية في أعلى قمة لها على 3,000م فوق مستوى سطح البحر. وتغطي منطقة جبل مَرَّة مساحة قدرها 5,000كم².

المناخ

إن امتداد أرض السودان بين دائرتي عرض 4°و22° شمالاً، يجعل البلاد تتمتع بمناخات متنوعة، تتأرجح بين المناخ المداري الرطب في جنوبي البلاد، والمناخ الصحراوي الجاف في شمالي البلاد. وعمومًا تتمتع البلاد بمناخ حار طوال أشهر السنة وأمطار صيفية موسمية عدا ساحل البحر الأحمر الذي تكون أمطاره شتوية متأثرة بمناخ البحر المتوسط. وأمطار السودان فصلية تسقط في فصل الصيف وترتبط بتوغل الرياح الجنوبية الرطبة شمالاً. ويرتبط المطر بحركة الفاصل المداري وهو الحزام أو الجبهة التي تفصل بين الهواء الرطب القادم من المحيطات الجنوبية والهواء الحار الجاف القادم من الشمال. وتتراوح شهور المطر من عشرة شهور في جنوبي البلاد، إلى شهر واحد في الجهات الشمالية عند دائرة عرض 20° شمالاً. فبينما تزيد كميات الأمطار السنوية على 1,500ملم في جنوبي السودان، فإنها تقل عن 5ملم في الحدود الشمالية عند مدينة وادي حلفا.

يقل متوسط الأمطار السنوي عند مدينة الخرطوم ـ دائرة عرض 15° شمالاً ـ على 200ملم. مما يؤكد هيمنة المناخ الصحراوي في الجهات الواقعة إلى شمالي المدينة. وتتميز أمطار السودان خاصة في الأجزاء الوسطى والشمالية بذبذباتها العالية من سنة لأخرى، مما يؤثر على النشاط الزراعي والإنتاج بصورة سلبية في السنين التي يشح فيها المطر. وعلى الرغم من أن درجات الحرارة تكون عالية في معظم شهور السنة إلا أنها تكون مرتفعة جدًا في فصل الصيف الجاف كلما اتجهنا شمالاً، بحيث تزيد النهاية العظمى لدرجة الحرارة عن 40°م. وتتراوح درجات الحرارة عادة بين 32°م و 38°م في معظم شهور السنة بمدينة الخرطوم، وقد ترتفع في أشهر الصيف الجاف فوق 40°م، وتنخفض دون 10°م في أشهر الشتاء أحيانًا. وقد تنخفض الرطوبة النسبية في مدينة الخرطوم في أشهر الصيف الجاف (أبريل ـ يونيو) إلى أقل من 15% في وسط النهار. كما تزيد نسبة الرياح والعواصف الرملية والغبار في أشهر الصيف الجاف في جهات واسعة من وسط وشمالي البلاد مما يؤثر على الراحة والرؤية.

تسقط معظم أمطار السودان الأوسط والشمالي في الفترة الواقعة بين يوليو وسبتمبر. وعادة يقل عدد الأيام الممطرة كلما توجهنا من الجنوب إلى الشمال. وبما أن أمطار السودان تسقط في فصل الصيف فإن القيمة الفعلية للمطر تكون قليلة حيث إن معظم المياه الساقطة تفقد بسبب عمليات التبخر. ويتأثر الغطاء النباتي تبعًا لذلك بالقيمة الفعلية للمطر. وتتدرج النباتات من النوع المداري في جنوبي البلاد، حيث تغطي الغابات المدارية مساحات محدودة في منطقة الحدود مع أوغندا وكينيا وزائير، وتلي هذه الغابات مناطق المستنقعات والسافانا الطويلة، ثم السافانا القصيرة التي تغطي معظم وسط البلاد، ثم النباتات شبه الصحراوية والصحراوية في شمالي البلاد.

وعمومًا يمكن القول إن كميات الأمطار الساقطة إلى جنوب دائرة العرض 10° شمالاً والتي تتراوح بين 1000 و 1500ملم، تجعل الزراعة البعلية (الري بمياه الأمطار) ناجحة، ولكن هذا الجزء من البلاد تسكنه جماعات بشرية تحترف مهنتي الصيد النهري والرعي التقليدي، بالإضافة إلى وجود مساحات كبيرة تغطيها المستنقعات. وتساعد البيئة الجغرافية في جنوبي السودان على تفشي أمراض عديدة منها الملاريا، ومرض النوم، والبلهارسيا، وداء الفيل، ومرض اليوز، ومرض عمى النهر إلى غيرها من أمراض المناطق الحارة. أما الآن ومع استمرار الحرب الأهلية التي بدأت عام 1983م فقد تم تدمير معظم المنشآت بما فيها المرافق الصحية، وتدهورت صحة البيئة، إضافة إلى النقص الحاد في الغذاء وتفشي أمراض سوء التغذية. أما المنطقة الوسطى من السودان، الواقعة بين دائرتي عرض 10° و 15° شمالاً، فتمثل المحور السكاني الثاني بعد أودية النيل وروافده، وهي المنطقة التي تضم معظم المشروعات الإنتاجية في البلاد. ففي هذا الحزام الأوسط تتراوح الأمطار بين 900ملم و300ملم في السنة، وتجعل بالإمكان إنتاج المحاصيل الزراعية بعليًا وبالري من الأنهار، وكذلك رعي الحيوان اعتمادًا على المراعي الطبيعية. ويتم في هذه المنطقة الوسطى إنتاج معظم المحاصيل الغذائية والنقدية التي تجد طريقها إلى الأسواق المحلية والعالمية. أما أجزاء البلاد الواقعة إلى شمال دائرة العرض 15° شمالاً، حيث تقل كميات المطر السنوي عن 200ملم، فتعتمد الزراعة على الري من النيل الذي يشكل واحة كبرى وسط الصحراء المترامية الأطراف. ويمكن تقسيم السودان إلى ثلاثة أقاليم جغرافية هي: 1- وادي النيل 2- شرق السودان 3- غرب السودان.

الاقتصاد

التسوق من الأسواق الشعبية يريح من زحام السوق الكبير.

يعتبر السودان من دول العالم الأقل نموًا، بيد أن البلاد تزخر بإمكانات اقتصادية هائلة تتمثل في الموارد الطبيعية الوفيرة. وتكمن المشكلة الاقتصادية في عدم توافر رؤوس الأموال اللازمة للاستثمار من مصادرها الداخلية والخارجية. فالسودان بأرضه الشاسعة ومياهه المتدفقة في الأنهار يحتاج لرؤوس أموال كبيرة لإنشاء السدود وشبكات الري والاستفادة من التقنيات الزراعية الحديثة.

عمومًا ظل السودان لبعض الوقت يعتمد على تصدير السلع الأولية واستيراد السلع المصنَّعة من الدول الخارجية حتى اكتمل الأنبوب النفطي، 1610كم، وبدأ التصدير بنهاية 1999م وحقق ما قيمته مليار دولار أمريكي من صادرات النفط في عام 2000م. وقد كانت مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج الوطني الإجمالي لعام 1993/1994م على النحو التالي:

جانب من السوق الشعبي حيث الخضراوات الطازجة من كل نوع.

الخدمات والتجارة37,1%
الزراعة 37,1%
الصناعة 9,4%
وعلى الرغم من أن السودان ينتج القدرة الكهرومائية من خزان الروصيرص على النيل الأزرق، إلا أنه يعتمد بشكل أساسي على استيراد الوقود من الخارج. ويشكل النفط ومنتجاته أكثر السلع المستوردة تكلفة بحيث تصل قيمة هذه السلع حوالي 400 مليون دولار سنويًا. ويعاني السودان عجزًا كبيرًا في ميزانه التجاري لسنوات عديدة، مما يؤكد ضعف الاقتصاد الذي يعتبر اقتصادًا زراعيًا أحاديًا. ومن جملة ما يؤثر على ضعف القطاعات الإنتاجية ضعف البنيات التحتية من شبكات النقل والمواصلات، وكذلك العجز في إنتاج الطاقة والمياه النقية وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية بالقدر المطلوب. وفي السودان الذي تزيد مساحته على 2,5 مليون كم² لا تتعدى أطوال السكك الحديدية 4,764كم، والطرق المعبدة لا تتعدى 2000كم، والأنهار الصالحة للملاحة 2000كم.

السودان يشتهر بثروة كبيرة من الإبل، وكثيرًا ما تستعمل الإبل في الاحتفالات القومية كالاستعراضات وإقامة سباقات ومنافسات مثل سباق الهِجِن.
وحتى عهد قريب ظل ميناء بورتسودان الميناء البحري الوحيد لشحن وتفريغ جميع الصادرات والواردات، حتى افتتح مؤخرًا ميناء عثمان دقنة في مرفأ سواكن القديم للمساعدة في حركة التجارة الخارجية. كما تعاني شبكة النقل الجوي الداخلي ضعفًا شديدًا في عدد الطائرات والمطارات المجهزة في بلد مترامي الأطراف. أما الخدمات الصحية فهي لا تتناسب مع حجم السكان الذي فاق 30 مليونًا. وتنتشر الأمراض البيئية والوبائية وأمراض سوء التغذية في جميع أنحاء البلاد حتى أنها أصبحت معوقًا من معوقات التنمية.

الزراعة:

تقدر الأراضي الزراعية ذات الترب الخصبة بحوالي 200 مليون فدان، يستغل منها السودان حوالي 15% فقط في القطاعات الزراعية الحديثة والتقليدية. فبينما تقوم كل من القطاعات الزراعية الحديثة والتقليدية بإنتاج المحاصيل الغذائية والنقدية يهيمن القطاع الزراعي الحديث على إنتاج المحاصيل التي تصدر إلى الأسواق العالمية. وينتج معظم الذرة وهو المحصول الغذائي الرئيسي في البلاد في مشروعات الزراعة الآلية في شرقي السودان حيث وصل الإنتاج في موسم 1996 حوالي 4,104,000 طن. أما القطن طويل التيلة فيتم إنتاجه في مشروع الجزيرة ويصدر للخارج. وفي عام 1996م شكل القطن 18% من قيمة صادرات البلاد، والسمسم 23%.

النفط السوداني بدأ يستقطب اهتمام المستثمرين الأجانب.

الصناعة:

يُعَدُّ القطاع الصناعي صغيرًا جدًا. ومعظم الصناعات من نوع الصناعات التحويلية. وأهمها الصناعات الغذائية وصناعة الغزل والنسيج. وترتكز السياسات الصناعية على صناعات إحلال الواردات. وتعاني القطاعات الصناعية، التي يتركز معظمها في العاصمة القومية، مشكلات توفير الطاقة وقطع الغيار.

التعدين:

الإنتاج المعدني ضئيل جدًا. وقد اكتُشف النفط بكميات محدودة في غربي البلاد وجنوبيها، حيث بلغ الإنتاج في حقول هجليج والوحدة وأبو جابرة وشارف 38 ألف برميل في اليوم عام 1998م. ومنحت الحكومة مؤخرًا بعض الشركات الوطنية والأجنبية حق التنقيب عن المعادن والنفط في جهات متفرقة من البلاد.

الثروة الحيوانية:

يتميز السودان بثروة حيوانية ضخمة تجعله من أكبر أقطار إفريقيا امتلاكًا لها. وتقدر هذه الثروة كالتالي: 26 مليون رأس من الأغنام، 25 مليون رأس من الماعز، 22,7 مليون رأس من الأبقار، 35 مليون رأس من الإبل، 35 مليون دجاجة. ويتوافر في السودان ثروة سمكية كبيرة توجد بالمسطحات المائية المقدرة بحوالي 42 مليون متر مربع.

المراكب الشراعية النيلية تستخدم في بعض المناطق للعبور من بعض الجزر إلى الضفة الأخرى من النهر.

النقل والمواصلات:

يعتبر قطاع النقل في بلد شاسع مثل السودان الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بالربط بين تجمعات السكان ومراكز الاستهلاك ومنافذ التصدير. وأهم المرافق في هذا القطاع هي: السكك الحديدية والنقل النهري والجوي والبحري.

السكك الحديدية. بدأت خدماتها عام 1896م، وتعتبر ثاني أكبر شبكة في القارة الإفريقية (4,764كم) وهي تغطي كل القطر من بورتسودان شرقًا إلى نيالا غربًا ومن وادي حلفا شمالاً إلى واو جنوبًا. وقد لازم السكك الحديدية بعض التدهور المالي، بدأت تتخلص منه بعد التحويل إلى الأسس التجارية البحتة وإسقاط ديونها.

النقل النهري. تقوم هيئة النقل النهري بنقل الركاب والبضائع والوقود على النيل الأبيض، كوستي ـ جوبا، (1,436كم) كل أيام السنة، الخرطوم ـ كوستي (400كم) حسب الحاجة، على نهر السوباط ملكال ـ الناصر ـ جامبيلا (570كم)، وعلى النيل الأزرق السوكي ـ الروصيرص (210كم) وعلى نهر النيل الخرطوم ـ شندي ـ عطبرة خلال فصل الفيضان.

وتمتلك هيئة النقل النهري أكبر أسطول نهري في إفريقيا.

إحدى طائرات الخطوط الجوية السودانية تقوم بنقل الركاب داخل السودان وخارجه.
النقل الجوي. أنشئت هيئة الطيران المدني عام 1936م، وتحولت إلى وزارة الطيران والمساحة عام 1985م. ويتكون أسطولها من 14 طائرة، تتنوع بين إيربص وبوينج وفوكرز، تقوم بنحو 2028 رحلة خارجية مجدولة ونحو 505 رحلة غير مجدولة في العام. أما المحطات الداخلية فتبلغ 16 محطة موزعة على معظم ولايات السودان.

النقل البحري. أنشئت الخطوط البحرية عام 1959م، ويتكون أسطول الشركة من تسع بواخر تجوب موانئ البحر الأبيض المتوسط والبحر الأدرياتيكي والبحر الأحمر.


الاتصالات:

في السودان 9 صحف منها 5 صحف يومية، وعدد من الصحف الرياضية. وتمتلك الدولة أغلبية أسهم صحيفتي السودان الحديث والإنقاذ الوطني. وقد بدأ البث الإذاعي عام 1940م، ويوجد بالسودان اليوم 18 محطة تتوزع على الولايات. أما البث التلفازي فقد بدأ عام 1963م، وبدأت الفضائية السودانية بثها عام 1996م.

عملت الشركة السودانية للاتصالات المحدودة (سوداتيل)، التي تأسست عام 1994م وتمتلك الحكومة 68,8% من رأسمالها، على تطوير شبكات الاتصال في البلاد حيث وصل عدد خطوط الهاتف إلى 109,000 خط بعد أن كان 75,000 خط. كما أن الشركة وفرت 1000 خط للهاتف السيار عام 1995م. وأكملت الدولة تشغيل شبكة الإنترنت وفتحت الاشتراك للأفراد والمؤسسات.

نبذة تاريخية

أهرامات سودانية بناها ملوك مروي في القرن الخامس قبل الميلاد وما بعده، وذلك بالقرب من مدينة شندي في وسط السودان.
أحد الآثار القديمة بمملكة مروي السودانية، التي ازدهرت في وسط السودان ومنطقة البطانة ومناطق شندي وغيرها ويُرَى فيه أثر العمارة المصرية والرومانية
رسومات ونقوش تاريخية في أحد الأبنية الأثرية الموجودة في شمالي السودان، وهو رسم لأبدماك المعبود السوداني القديم برأس أسد في جسم بشر من معبده في منطقة شندي.
مسجد أثري قديم في مدينة سواكن ـ شرقي السودان.
للسودان تاريخ حضاري طويل، سكنه الإنسان منذ آلاف السنين. فهو يعتبر معبرًا مهمًا في شمال شرقي القارة الإفريقية، حيث كان وما زال يؤدي دورًا كبيرًا في ربط القارة بالحضارات القديمة والحديثة. وقد شهد السودان حضارات قديمة تمثلت في العصور التاريخية في حضارة كوش في فتراتها الثلاث المعروفة بكرمة والنبتية والمروية. وبعد اضمحلال الحضارات القديمة شهد شمالي البلاد دخول الديانة النصرانية (540-1504م) وقامت العديد من الممالك النصرانية التي امتد سلطانها إلى الموقع الحالي لمدينة الخرطوم.

وعلى الرغم من أن الإسلام دخل شمالي السودان بطرق سلمية، منذ أن فتحت الجيوش الإسلامية أرض مصر، إلا أن تحول شمالي السودان إلى الحضارة والثقافة العربية الإسلامية لم يتم بصورة شاملة إلا بحلول القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي. وقد تأسست في السودان ممالك إسلامية قوية في وسط البلاد وغربها كان من أهمها سلطنة الفونج (910 - 1237هـ، 1504 - 1821م) وكانت عاصمتها سنار على بعد 250كم جنوبي الخرطوم. وبعد سقوط هذه السلطنة هيمنت القوات المصرية ـ التركية على البلاد فيما يعرف بالحكم التركي (1237 - 1303هـ، 1821 - 1885م). ونتيجة لاستبداد وظلم الحكام الجدد تولدت الثورة المهدية (1885 - 1898م) وهي حركة دينية بقيادة محمد أحمد المهدي، الذي استطاع مع أتباعه من الأنصار محاصرة الخرطوم، ثم فتح المدينة وتحريرها من قبضة الجنرال غوردون الحاكم البريطاني معلنًا بذلك تأسيس الدولة المهدية (1885 - 1898م) على هَدْي من الشريعة الإسلامية. ★ تَصَفح: المهدي، محمد أحمد. وبما أن هذا الوضع أزعج القوى الاستعمارية آنذاك، وهو نفس الوقت الذي تكالبت فيه القوى الأوروبية الاستعمارية على توزيع القارة الإفريقية إلى مناطق نفوذ، فقد عزمت بريطانيا بمساعدة الجيوش المصرية على غزو السودان والسيطرة عليه مرة أخرى. دخلت الجيوش الغازية بقيادة اللورد هيربرت كتشنر السودان عام 1315هـ، 1898م، وتمكنت باستخدام السلاح الناري من هزيمة جيوش المهدية التي كانت تستخدم بشكل رئيسي السلاح الأبيض في معركة كرري إلى الشمال من مدينة أم درمان، وأسست ما يُعرف بفترة الحكم الثنائي (1315هـ - 1375هـ، 1898 - 1956م). وحقيقة الأمر أن بريطانيا انفردت بحكم السودان قرابة الستين عامًا، قامت خلالها بإدخال بعض المشروعات الزراعية مثل مشروع الجزيرة عام 1925م، لإنتاج القطن لتغذية مصانعها في لانكشاير. كما قامت بمد خطوط السكة الحديدية التي أنشئت في بادئ الأمر لنقل الجيوش الغازية، وتم بناء ميناء بورتسودان بدلاً من سواكن التي أهملت.

ومن أهم سلبيات هذه الفترة أن عَمِد المستعمر إلى فصل جنوبي البلاد عن شماليها، كما قام الحكام البريطانيون بزرع وتأجيج الفتنة والبغضاء بين أبناء البلد الواحد وكان من ثمارها حركات التمرد التي اندلعت في جنوبي السودان قُبَيْل بزوغ فجر الاستقلال عام 1955م وحتى وقتنا الحاضر، مستنزفة بذلك طاقات البلاد الاقتصادية والبشرية.

شهدت البلاد أول حكومة عسكرية في نوفمبر 1958م بانقلاب قادَهُ الفريق إبراهيم عبود 1958- 1964م ثم جاءت حكومة سر الختم الخليفة في أعقاب ثورة أكتوبر 1964م الشعبية.

وفي عام 1969م وقع انقلاب العقيد جعفر محمد نميري 1969 - 1985م واستمر حكمه ستة عشر عامًا. شهدت البلاد ثانية أكبر انتفاضة شعبية أطاحت بنظام نميري في أبريل 1985م. وقامت حكومة انتقالية برئاسة المشير عبد الرحمن سوار الذهب 1985 - 1986م وأقيمت انتخابات عامة أتت بحكومة رئيس وزرائها الصادق المهدي وأحمد الميرغني رئيسًا للدولة 1986 - 1989م. أطاح انقلاب عسكري قادَهُ الرئيس عمر حسن البشير بحكومة الصادق المهدي في 30 يونيو 1989م، وأصبح رئيسًا لمجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني ورئيسًا للوزراء. وفي 16 أكتوبر 1993م، تم حل مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني وانتقل أعضاؤه إلى مواقع تنفيذية أخرى وأصبح البشير رئيسًا للجمهورية. اتبعت الحكومة النظام الاتحادي (الفيدرالي) الذي وزع السلطة على البلاد. وفي أبريل 1996م، فاز البشير في الانتخابات الرئاسية في غياب المعارضة السودانية. سخرت الحكومة السودانية كافة إمكاناتها لحل مشكلة الجنوب، فعلى الأرض قلصت من وجود المعارض المسلحة بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان. ثم وقعت اتفاقية سلام "اتفاقية الخرطوم" مع قادة سبعة فصائل متمردة في 21 أبريل 1997م، تنصل منها في بداية عام 1998م كاربينو كوانجين بول رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان المنشق من جون قرنق الذي رفض الاتفاقية جملة وتفصيلاً.

وفي ديسمبر 1999م، أقصى الفريق البشير رئيس المجلس الوطني (البرلمان) من منصبه لتأكيد مبدأ فصل السلطات، وحل البرلمان وأعلن حالة الطوارئ. وأسرع حسن الترابي رئيس البرلمان بتشكيل حزب جديد أطلق عليه اسم المؤتمر الوطني الشعبي فكرس لانقسام الحزب الحاكم. وتعمل الحكومة على استقطاب المعارضة الموجودة خارج البلاد خاصة بعد أن نجحت في اقناع نائب رئيس حزب الأمة عمر نورالدائم بالعودة وبصحبه عدد كبير من رجالات الحزب، ثم مالبث أن لحق بهم رئيس الحزب الصادق المهدي. وفي نهاية عام 2000م، فاز الرئيس البشير في الانتخابات الرئاسية في غياب قادة المعارضة أيضًا سوى الرئيس الأسبق جعفر نميري الذي نال أقل من 10% من أصوات الشعب السوداني.

تحاول الحكومة السودانية بنجاح إعادة بناء علاقاتها الخارجية، خاصة مع الدول العربية الشقيقة بعد الفتور الذي لازم هذه العلاقات في أعقاب حرب الخليج الثانية.

إختبر معلوماتك :

  1. للسودان حدود مشتركة مع تسع دول إفريقية. اذكر هذه الدول.
  2. يشكل النيل وروافده أهم الظوهر الجغرافية في السودان. اشرح ذلك.
  3. تتنوع الأقاليم المناخية في السودان. اذكر أهم هذه الأقاليم.
  4. اذكر أهم المشروعات الزراعية الحديثة في السودان.
  5. ما أهم ولايات السودان؟
  6. من بين المشكلات الديمجرافية (السكانية) في السودان ارتفاع نسبة صغارالسن، لماذا؟
  7. يزخر السودان بإمكانات اقتصادية هائلة ومع ذلك يواجه مشكلات اقتصادية جمة. وضح السبب.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية