المجذوب، محمد المهدي ( al- Majdhub, M. M: )

المجذوب، محمد المهدي (1336 ـ 1403هـ، 1917 ـ 1982م). شاعر وأديب ورسام سوداني. ولد في مدينة الدَّامَر وتعلم في خلاويها فحفظ القرآن، ثم انتقل للدراسة في الخرطوم. وكان والده الشيخ مجذوب جلال الدين شاعرًا وأستاذًا للغة العربية بكلية غوردون (جامعة الخرطوم حاليًا)، التي تخرج فيها ابنه محمد المهدي. عمل في ديوان الحسابات بوزارة المالية وظل في العمل الحكومي حتى وفاته عام 1982م.

كان المجذوب شاعرًا متفجر الطاقة يتدفق بالشعر، أصدر ستة دواوين أهمها: نار المجاذيب ؛ شحّاذ في الخرطوم ؛ الشرافة والهجرة ؛ تلك الأشياء ؛ البشارة والقربان. وله مجموعة شعرية لقصائده السياسية بعنوان منبريات.

وتجربة المجذوب الشعرية ثرة وغنية، فمنها العاطفي والقومي والذاتي التأمُّلي، وإن كان الوهج الصوفي أكثر إشعاعًا عليها. وتعدُّ قصيدته المولد تجربة فريدة في تراث الشِّعر الحديث، يقول فيها:

تظهر الصورة الشعرية لدى المجذوب شغفه بالألوان واستفادته من نسب الظلال والأَضواء، فقد كان، كما ذكر في مقدمة ديوانه، نار المجاذيب، يتمنى أن يكون رسّامًا.

تُصوِّر رحلته الشعرية أطوار حياته في تدرجها من نزق الشباب وانطلاقه إلى حكمة الشيوخ ووقارها. وخلال هذه الرحلة ظل المجذوب شاعرًا شديد الارتباط بهموم الوطن وأحلام الإنسانية، عبَّر عن ذلك بلغة جميلة، موحية، تشكل عالمًا يفجر أعمق دلالات المعاني ويوحي بها.

وميزة شعر المجذوب احتفاله بالإيقاع، فأسلوبه غنائي شديد الارتباط بموسيقى اللغة، ويظهر جمال الإيقاع في قصيدته:

كتب المجذوب القصيدة التقليدية والحرة وقصيدة النثر وكان يدع التجربة تختار قالب التعبير المناسب لطبيعتها. كما امتاز شعره بتصوير كثير من جوانب البيئة السودانية في جميع عاداتها: أفراحها وأحزانها، فضلاً عن التجربة السياسية. ولعل مرحلة حياته الأولى هي التي جعلت منه شاعرًا جماهيريًا بسبب ارتباطه بالعمل السياسي. أما المرحلة الثانية فكانت عقب استقلال السودان، حيث انصرف المجذوب إلى تجارب ذات طابع ذاتي، مليئة بخيبة الأمل والإحباط، فقد أصابته نكبات شخصية أثرت في روحه ونفسه، فاكتسى شعره مسحة من التأمل والإيحاء وقل فيه التصريح والمباشرة والعنف.

لم يلتزم المجذوب بمذهب شعري معين، فتارة ينطلق مع الرومانسيين وأخرى يلتزم مع الواقعيين وثالثة يهوِّم مع الرمزيين.

انتخب رئيسًا لاتحاد الأدباء السودانيين لأكثر من دورة. وحصل على وسام المجلس القومي للآداب والفنون، وكان كثير المشاركات في المناسبات الأدبية داخل السودان وخارجه. وكان شعره درعه وملاذه، يقول:

ومن أجمل شعره، مقطوعته التي لاذ فيها ببيته وترك الشعر وأهله وانسحب إلى داخل ذاته، مودِّعًا العالم ومن فيه، يقول: