المحرك البخاري ( Steam engine )
☰ جدول المحتويات
المحرك البخاري آلة تعمل بطاقة تمدد البخار. ويُسْتخدم البخار في دفع المكابس التي تدير عجلات القاطرات القوية، أو يمكن استخدامه في تدوير توربينات ضخمة تحرك مولدات كهربائية، وعابرات محيطات عملاقة. وتدار بالبخار أيضاً المضخات الكبيرة، ومعدات الحفر وأنواع أخرى كثيرة من الآلات القوية.
كان ابتكار المحرك البخاري في القرن الثامن عشر قد مكّن من ظهور الصناعة الحديثة. وحتى ذلك الوقت كان الناس يعتمدون على قوة عضلاتهم أو قوة الحيوان أو قوة الرياح أو قوة المياه. ولكن محركاً بخاريًا واحدًا يمكنه أن يقوم بعمل مئات الخيول. ويستطيع المحرّك أن يمدّ كل الآلات في مصنع ما بالقدرة اللازمة. وتستطيع القوة البخارية أن تجر قطار شحن محملاً بالبضائع الثقيلة، مسافات طويلة خلال يوم واحد. وقد وفرت البواخر البخارية وسيلة انتقال آمنة وسريعة.
كيف تعمل محركات البخار
كيف يعمل المحرك البخاري البخار يشغل الآلة بالدفع أولاً على أحد أوجه المكبس ثم على الوجه الآخر. ويوجه صمام منزلق البخار من وجه إلى آخر. وفي الشكل (إلى اليسار) يدخل البخار من الجانب الأيسر للأسطوانة ويدفع المكبس إلى اليمين. وحالما يتحرك المكبس يُدير ذراعه الحذافة مقدار نصف دورة. وحين يصل المكبس للناحية اليمنى من الأسطوانة (في الشكل أعلاه) يتحرك الصمام المنزلق ويدفع البخار ليسري خلف المكبس مرة أخرى. يوجه البخار المكبس على التحرك إلى الجهة اليسرى. وعندئذ يجذب ذراع المكبس الحذافة لتُكمل دورة واحدة، ويخرج البخار في الناحية اليسرى من الأسطوانة عبر مخرج العادم. |
المحركات البخارية المكبسية:
لها مكابس تتحرّك للأمام وللخلف في أسطوانات. وهناك أنظمة عديدة من الصمامات تسمح بدخول البخار إلى الأسطوانة، ودفع المكبس أولاً في اتجاه ثم في الاتجاه الآخر قبل تصريف البخار إلى العادم. وعادة ماتسمى هذه المحركات بالمحركات الترددية، بسبب حركة مكابسها جيئة وذهاباً. وتتطلب المطارق البخارية التي تستخدم في دفع خوازيق الأرض أو في طرق المعادن مثل هذا النوع من الحركة. ★ تَصَفح: طرق المعادن ؛ مطرقة البخار. بيد أن القاطرة تتطلب حركة دورانية لإدارة عجلاتها. ويتم الحصول على هذه الحركة بتوصيل المكابس إلى عمود مرفقي. وفى بعض المحركات البخارية الترددية ـ وتسمى المحركات المركبة ـ ينساب البخار خلال أربع أسطوانات ويقوم بتشغيل أربعة مكابس.التوربينات البخارية:
تُنتج التوربينات البخارية حركة دورانية. ولتوربين البخار عدة مجموعات من العجلات ذات الرِّيَش المركبة على عمود طويل. ويدخل البخار من ناحية، فيدير العجلات ذات الرِّيَش أثناء اندفاعه عليها. وتُستخدم التوربينات البخارية في إدارة المولدات الكهربائية ورفّاسات البواخر.نبذة تاريخية
كانت أول محاولة لاختراع محرك بخاري، للعالم المصري هيرو الذي عاش في الإسكندرية، عام 60م. وقد تألف هذا المحرك من إناء زجاجىّ كروي صغير محمول على أنبوبة متصلة بغلاية. ثم ثُبتِّت أنبوبتان على هيئة حرف L على الناحيتين المتقابلتين للإناء الكروي. وعندما اندفع البخار خارجًا من الأنبوبتين، تسبب ذلك في دوران الإناء الكروى بسرعة عالية. بَيْد أن هذا المحرك لم يساعد في إنتاج حركة قوية. وقد انقضت مئات السنين قبل ظهور أول محرك بخاري ناجح في أواخر القرن السابع عشر.
محرّك توماس نيوكومن البخاري أدار مضخة لرفع المياه من الآبار. كان المحرك الضخم الذي استخدم في أوائل القرن الثامن عشر يحوّل جزءاً صغيراً من الطاقة التي يستقبلها إلى شغل مفيد. |
المحركات البخارية الأولى:
اعتمدت على قدرة تكثف البخار إلى سائل لا على قدرته على التمدد. فعندما يتكثف البخار إلى سائل فإن الأخير يأخذ حيزاً أقل مما يحتاجه البخار. ولو أن عملية التكثف هذه قد حدثت في قارورة مُحكمة أو إناء فإنه ينتج تفريغاً جزئياً أو عملية شفط، وكلاهما ينتج شغلاً مفيدًا.وفي عام 1698م ابتكر الإنجليزي توماس سافري (1650 - 1715م) أول محرك بخاري عملي، وكان له مضخة لسحب الماء من المناجم. ولم تحتو مضخة سافري على أجزاء متحركة، إلا صمامات تعمل باليد. وعندما تدار الصمامات فإنها تسمح للبخار بالدخول إلى الإناء المحكم. وكان يُصب ماء بارد على جدران الإناء حتى يبرد ؛ ومن ثم يتكثف البخار. عندئذ يفتح صمام حتى يتم شفط الماء أعلى الأنبوبة بفعل تفريغ الهواء في الإناء.
وفي عام 1712م اخترع الحداد البريطانى توماس نيوكومن (1663 - 1729م) محركًا بخاريًا. وكان لمحرك نيوكومن دعامة أفقية كبيرة متزنة في الوسط مثل الأرجوحة. وتعلق مكبس داخل أسطوانة من إحدى نهايتي الدعامة. وعندما يسمح للبخار بالاندفاع إلى الأسطوانة، فإنّ البخار كان يدفع المكبس إلى أعلى خافضًا النهاية الأخرى للدعامة. عندئذ يرش رذاذ الماء البارد داخل الأسطوانة فيتكثف البخار ويسحب التفريغ المكبس إلى أسفل مرة أخرى، وبذلك ترتفع النهاية الأخرى للدعامة والتي ربطت بمكبس المضخة داخل البئر.
محرك واط:
عندما بدأ المهندس الأسكتلندي جيمس واط (1736 - 1819) تجاربه عام 1763م كان محرك نيوكومن البخاري ذائع الانتشار. وكان ذلك حافزاً لجيمس واط على التفكير لأنّه كان يستهلك كميات هائلة من البخار، وكميات أخرى كبيرة من الوقود. وقد رأى واط أنّ التسخين والتبريد المترددين أضاعا حرارة زائدة. عندئذ اخترع واط محركًا بخاريًا بمكثف وأسطوانة منفصلين، وبذا تظل الأسطوانة ساخنة على الدوام. ووفر هذا النظام ثلاثة أرباع تكلفة الوقود، وذلك لفقدان كمية قليلة من البخار خلال تكثفه بدخوله الأسطوانة الباردة.سجّل واط أول براءة لاختراع المحرك البخاري في عام 1769م، واستمر بعد ذلك في إجراء تحسينات على آلته. ولعل من أفضل التحسينات التي أدخلها استخدام مبدأ الفعل المزدوج. وفي المحركات التي تُبنى على هذا المبدأ فإنّ البخار يستخدم أولاً على ناحية من المكبس ثم على الناحية الأخرى. وتعلم واط أيضاً أن يغلق طريق البخار عندما تمتلئ الأسطوانة جزئيا، وأدّى ذلك إلى تمدد البخار الموجود أصلاً في الأسطوانة لتكملة مهمة المكبس. ويعتقد كثير من الناس خطأ أن واط اخترع المحرك البخاري، ولكنه قام فقط بإدخال تحسينات على التصميمات السابقة التي ابتكرها نيوكومن وخفض تكلفة استخدام محركات البخار المكثفة، وبذلك صار ممكناً استخدام هذه المحركات في أعمال أخرى غير الضخ.
المحركات البخارية الحديثة:
كانت أهم التحسينات في السنوات التي تلت نيوكومن وواط تطوير محركات قادرة على استخدام بخار ذي ضغط عال. وحتى ذلك الوقت لم يختبر واط محركه عند ضغط عال خوفاً من الانفجار. فلم يزد الضغط في محركاته عن الضغط الجوي أو مايوازى 100 كيلو باسكال.وفي أواخر القرن الثامن عشر، وأوائل القرن التاسع عشر، قام البريطاني ريتشارد تريفيثيك بتصميم وبناء أول محرك بخاري يعمل بالضغط العالي. وصمم إحدى تلك المحركات بحيث تعمل تحت ضغط يعادل 200 كيلو باسكال. وبحلول عام 1815م صنع الأمريكى أوليفر إيفانز محركاً بخارياً استخدم ضغطاً يعادل 1,400 كيلو باسكال من البخار. وتوجد في أيامنا هذه محركات تستخدم بخاراً عند ضغط يزيد على ما يعادل 7,000 كيلو باسكال.
وشملت التحسينات الأخرى التي دخلت على المحركات البخارية ابتكار واستخدام المحرك المركّب واستخدم البخار فائق التسخين. وفي هذه الحالة ترتفع درجة حرارة البخار إلى أكثر من 370°م بدون زيادة في ضغطه. وتساعد هذه العملية على حماية البخار القادم من التكثف على أسطح أسطوانة المكبس.
وكان اختراع توربينات البخار في أواخر القرن التاسع عشر علامة كبرى في تطوير المحركات البخارية. ووفرت توربينات البخار مصدرًا اقتصاديًا لتوليد القدرة المطلوبة لإدارة المولدات الكهربائية ولإدارة رفاسات البواخر البخارية.