مقالات حول مواضيع سياسية
أذربيجان طوق النجاة من حرب باردة جديدة
لم يتوقع احد أن تحمل قمة الثماني في ألمانيا مفاجأة من الوزن الثقيل لبوش الابن تسببت له في "وعكة صحية" منعته من حضور القمة منذ بدايتها، المفاجأة كانت بإمضاء صديقه فلاديمير بوتين حين اقترح عليه المشاركة في درع مضاد للصواريخ تستخدم منشآت روسية في أذربيجان بدلا من نشر درع آخر جديد في أوروبا الشرقية، ولكنه لم يكن مجرد اقتراح فحسب للخروج من الأزمة السياسية بين البلدين بل يتضمن في طياته كشفا لأهداف الولايات المتحدة من نشر الدرع الصاروخي الجديد.
يعتبر نظام الدرع الصاروخي من بين أهم أولويات بوش منذ دخوله البيت الأبيض سنة 2001 وقد أثار قرار نشره في كل من تشكيكا وبولندا مخاوف الرئيس بوتين فأعلن قلق روسيا من أن يؤدي المشروع الأمريكي إلى إطلاق سباق تسلح جديد، معتبرا أن الصواريخ الإيرانية التي يخشاها بوش غير قادرة على ضرب أوروبا، فتفجرت المفاجأة في هايلنغدام الألمانية أين تجتمع مجموعة الثماني واعتبر بوتين أن أذربيجان مكانا مناسبا للردع في حالة هجوم محتمل على أهداف أمريكية.
لم يكن بوش قادرا على رفض هذا الاقتراح أو قبوله واكتفى بالقول "انه اقتراح مثير للاهتمام"، أما مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ستيفان هادلي فقد وصف الاقتراح بأنه " جريء" وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين سيدرسون الأمر ثم سيناقشونه مع الروس. ولكن رئيس الشؤون الدولية في مجلس الدوما ( البرلمان ) الروسي، قسطنطين كوساتشوف قال " إن رد واشنطن على اقتراح موسكو سيكشف الدوافع الأمريكية الحقيقية من نشر الدرع الصاروخي في أوروبا الشرقية ". ويعتبر هذا الاقتراح بمثابة الاختبار الحقيقي لنوايا الولايات المتحدة، لأن محطة "غابالا" في أذربيجان تعتبر المكان المناسب لردع "صواريخ" كل من إيران وكوريا الشمالية والتي تثير مخاوف بوش ويزعم أنها تهدد الأمن القومي الأمريكي، في حين أن الصواريخ الإيرانية لا يتعدى مداها 1700 كلم،و لكن لإصابة أوروبا يجب امتلاك صواريخ يصل مداها إلى 5 أو 8 آلاف كلم وهو ما تشدد إيران وروسيا على نفيه في كل مرة، ولكن بوش مقتنع بان الخطر قادم من إيران وكوريا الشمالية ويعتبر أن نشر الدرع المضاد للصواريخ هو الكفيل بالمحافظة على امن بلاده ، أما روسيا اعتبرت أن الدرع الأمريكي يهددها بشكل مباشر وكان بوتين قد هدد بتصويب صواريخ على أوروبا في حال تنفيذ المشروع وبالتالي ستكون بداية حرب باردة جديدة ستزيد من تعميق انعدام الاستقرار العالمي .
وكانت محطة غابالا الأذرية الواقعة على بعد 200 كلم شمال العاصمة " باكو" مستخدمة من القوات العسكرية السوفييتية في ثمانينات القرن الماضي عندما كانت أذربيجان جزءا من الاتحاد السوفييتي ومنذ سقوط الاتحاد سنة 1991 تؤجرها باكو للجيش الروسي ، وتضطلع هذه المحطة بدور مهم في نظام الإنذار الروسي إذ تمسح 6 آلاف كلم وتغطي الشرق الأوسط والمحيط الهندي و معظم شمال إفريقيا ويمكنه رصد صواريخ تنطلق من هذه المناطق. الاقتراح الروسي رفضه بعض المسؤولين الأمريكيين وهو ما يمكن أن يزيد من غضب روسيا في حال نشر الدرع في أوروبا الشرقية، وبالتالي ستشهد العلاقات الروسية الأمريكية مزيدا من التوتر وهو ما يخشاه الطرفان إذا انعدم الحفاظ على الصداقة الوطيدة، ولكن كل الاحتمالات موجودة وستكون زيارة بوتين المرتقبة لصديقه بوش في يوليو القادم غير عادية نظرا لما تتضمن من ملفات ساخنة، و سيعمل الرئيسان على حل الخلاف بينهما حتى لاتصل المحادثات إلى طريق مسدود يمكن أن تساهم في حرب باردة جديدة. إن الأمر سيظل متوقفا على ما ستنتجه المحادثات بين الجانبين على المستوى السياسي والعسكري فيما يخص الاقتراح الروسي المفاجئ، فهل ستكون أذربيجان الحل المناسب و تطفئ نار حرب باردة متوقعة يمكن أن تزيد من حدة التوتر العالمي ؟
نجيب الصيداوي
مشاريع ويكي
بوابات اخرى بوابة:سياسة/بوابات شقيقة
مواقع خارجية
بوابة:سياسة/روابط
|