فتركني حتى سَكن جأشي ثم قال: مَهْيم فدفعتُ إليه الكتاب فقرأه مُتبسّماً فلمّا مَضى فيه ضَحك حتى بدت له سِنٌّ سوداء ثم استقصاه فانصرف إليّ فقال: كيف رأيتَ إشفاقَه قال: فقصصتُ عليه ما رأيتُ منه فقال: صلواتُ الله على الصادق الأمين " إنّ من البيان لسحراً " ثم قَذف الكتاب إليّ فقال: اقرأ فقرأتُه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين وخليفة ربِّ العالمين المُؤيَّد بالولاية المَعصوم من خَطل القول وزَلل الفعل بكفالة الله الواجبة لذَوي أَمره من عَبدٍ اكتنفته الذِّلة ومَدَّ به الصَّغار إلى وَخيم المَرْتع ووَبيل المكْرع من جليلٍ فادح ومُعتدٍ قادحٍ. والسلام عليك ورحمةُ الله التي اتسعت فَوسعت وكان بها إلى أهل التَّقوى عائدا فإني أحمدُ إليك الله الذي لا إله إلا هو راجياً لعَطفك بعَطفه أما بعد. كان الله لك بالدَّعة في دار الزَوال والأمن في دار الزِّلزال. فإنه من عُنيت به فكرتُك يا أمير المؤمنين مَخْصوصاً فما هو إلا سَعيد يُوثر أو شَقيٌّ يُوتر وقد حَجَبني عن نواظر السعد لسانُ مرصِد ونافسٌ حَقِد انتهز به الشيطانُ حين الفكرة فافتتح به أبوابَ الوَساوس بما تَحْنق به الصُّدور. فواغوثاه استعاذة بأمير المؤمنين من رَجيم إنما سلطانُه على الذين يتولّونه واعتِصاماً بالتَّوكّل على من خَصَّه بماَ أجزل له من قَسْم الإيمان وصادق السنة. فقد أراد اللَعين أن يَفْتُق لأوليائه فَتْقاً نَبا عنه كيدُه وكثر عليه تحسَّرْه بَليِّة قَرع بها فكرَ أمير المؤمنين مُلبساً وكادحاً ومُؤرشاً ليُفل من عزمه الذي نَصبني له ويُصيب ثأراً لم يَزل به موتوراً. وذَكر قديمَ ما مُني به الأوائل وكيف لحقتُ بمثله منهم وما كُنت أبلوه من خِسَّة أقدار ومُزاولة أعمال إلى أن وصلتُ ذلك بالتشرُط لرَوح بن زِنباع. وقد علم أمير المؤمنين بفضل ما اختار الله له تبارك وتعالى من العلم المأثور الماضي بأنّ الذي عُيِّر به القوم من مَصانعهم من أشدِّ ما كان يُزاوله أهلُ القُدْمة الذين اجتبى الله منهم وقد اعتصموا وامتَعضوا من ذكر ما كان وارْتفعوا بما يكون وما جَهل أميرُ المؤمنين - وللبيان موقعُه غيرَ مُحتج ولا متعد - أنّ متابعةَ رَوح بن زِنباع طريقُ الوسيلة لمن أراد مَن فوقه وأنّ رَوْحاً لم يُلْبسْني العزمَ الذي به رَفعني أميرُ المؤمنين عن خَوله وقد ألصقتْني برَوْح بن زِنباع هِمَّةٌ لم تزل نواظرُها تَرْمي بي البعيدَ وتُطالع الأعلام. وقد أخذتُ من أمير المؤمنين نصيباً اقْتسمه الإشفاقُ من سَخطته والمُواظبة على مُوافقته فما بقي لنا في مثله بعده إلا صُبابة إرث به تَجول النفس وتَطْرِف النواظر. ولقد سِرْتُ بعين أمير المؤمنين سيرَ المَثبِّط لمن يَتلوه المُتطاول لمن تقدّمه غيرَ مبتٍّ مُوجِف ولا مُتثاقل مُجْحِف ففتُّ الطالبَ ولحقت الهارب حتى سادت السنة وبادت البدعة وخسئ الشيطان وحُملت الأديان إلى الجادّة العُظمى. والطريقة المُثلى. فهأنذ يا أميرَ المؤمنين: نُصْبَ المسألة لمن رَامني وقد عقدت الحَبْوة وقَرنت الوَظِيفين لقائل مُحتَج أو لائمٍ مُلْتجّ. وأميرُ المؤمنين وليُ المظلوم ومَعْقل الخائف. وستُظهر له المِحنةً نبأ امرى ولكُل نبأ مستقر. وما حَفَنت يا أميرَ المؤمنين في أوعية ثَقيف حتى رَوي الظمآن وبَطِن الغَرثان وغَصَت الأوعية وانقدَت الأوكية في آل مَروان فأخذت فضلاً صار لها لولاهم للقطتْه السابلة. ولقد كان ما أنكره أميرُ المؤمنين من تحاملي وكان ما لو لم يكن لعظُم الخطبُ فوق ما كان وإنَّ أميرَ المؤمنين لرابعُ أربعة أحدُهم ابنة شُعيب النبيِّ ﷺ إذ رَمت بالظن غرضَ اليقين تفرُّساً في النجيّ المُصطفى بالرسالة فحقَّ لها في الرجاء وزالت شُبهة الشكّ بالاختبار وقبلَها العزيزُ في يوسف ثم الصدِّيق في الفاروق رحمةُ الله عليهما وأميرُ المؤمنين في الحجَّاج. وما حَسد الشيطانُ يا أمير المؤمنين خاملاً ولا شَرق بغير شَجى. فكم غيظة يا أمير المؤمنين. للرجيم أدبر منها وله عواء وقد قلّت حيلتُه. ووَهن كيْدُه يوم كيْت وكيت ولا أظنّ اذكرَ لها من أمير المؤمنين. ولقد سمعتُ لأمير المؤمنين في صالحٍ صلواتُ الله عليه وفي ثَقيف مقالاً هَجم بي الرجاءُ لعدله عليه بالحُجَّة في ردّه بمُحكم التنزيل على لسان ابن عمه خاتَم النبيّين وسيد المرسلين ﷺ فقد أخبر عن الله عز وجلّ وحكاية عن الملأ من قُريش عند الاختيار والافتخار وقد نَفخ الشيطان في مناخرهم فلم يَدَعوا خلف ما قصدوا إليه مرمى. فقالوا: " لولا نزل هذا القُرآنُ على رجُل من القَرْيَتين عَظِيم ". فوقع اختيارهم عند المُباهاة بنَفْخة الكُفر وكِثر الجاهلية على الوليد بن المغيرة المخزومي وأبي مَسْعود الثَّقفي فصارا فيا الإفْتخار بهما صِنْوين ما أنكر اجتماعَهما من الأمة مُنكر في خبر القرآن ومبلِّغ الوحي. وإن كان ليُقال للوليد في الأمة يومئذ رَيْحانة قُريش وما ردّ ذلك العزيز تعالى إلا بالرَّحمة الشاملة في القَسم السابق فقال عزّ وجلّ: " أهم يَقسمون رَحْمة ربك نحن قَسَمْنا بينهم مَعيشَتَهم في الحَياة الدُّنيا ". وما قدَّمتْني يا أميرَ المؤمنين ثقيفُ في الاحْتجاج لها وإنّ لها مقالاً رحباً ومُعاندة قديمة إلا أنّ هذا من أيسر ما يَحتجّ به العبدُ المُشفق على سيِّده المُغضب والأمر إلى أمير المؤمنين عَزل أم أقرّ وكلاهما عَدْل مُتَّبع. وصواب معتفد. والسلام عليك يا أميرَ المؤمنين ورحمة الله. قال نُباتة: فأتيتُ على الكتاب بمَحضر أمير المؤمنين عبد الملك فلما استوعبتُه سارقتُه النظَر على الهيبَة منه فصادف لَحظي لَحظه فقال: اقطعه ولا تُعلمنَّ بما كان أحداً فلما مات. عبدُ الملك فشا عنّي الخبر بعد موته. محمد بن المُنتشر بن الأجدع الهَمداني قال: دَفع إليَّ الحجاج رجلاً ذِمِّيا وأَمرني بالتَّشديد عليه والإستخراج منه فلمِا انطلقتُ به قال لي: يا محمد إنّ لك لشَرَفاً ودِيناً وإن لا أعطي على القَسر شيئاً فاستَأْذِني وارفُق بي. فقال: ففعلتُ فأدى إليّ في أسبوع خَمسمائة ألف. فبلغ ذلك الحجَّاجَ فأَغضبه فانتزعه منِ يدي ودَفعه إلى الذي كان يتولّى له العذاب فدقّ يديه ورجليه ولم يُعطهم شيئاً قال محمد بن المنتشر: فإني لسائرٌ يوماً في السوق إذا صائح بي يا محمد فالتفتُّ فإذا أنا به مُعرّضاً على حمار مَدقوقَ اليدين والرِّجلين. فخفت الحجاجِ إن أتيتُه وتذمَّمتُ منه فملتُ إليه فقال لي: إنك وَليتَ منّي ما ولي هؤلاء فرفقتَ بي وأحسنتَ إليَّ وإنهم صنعوا ما ترى ولم أعطهم شيئاً ولي خُمسمائة ألف عند فلان فخُذها مكافأة لما أحسنتَ إليّ. فقلت: ما كنْتُ لآخذ منك على معروفي أجراً ولا لأرزأك على هذه الحال شيئاً. قال: فأمّا إذا نبت فاسْمع منِّي حديثاً أحدِّثك به حدَّثنيه بعض أهل دينك عن نبيِّك صلى الله عله وسلم أنه قال: " إذا رضي الله عن قوم أَنزل عليهم المطر في وَقته وجعل المالَ في سُمحائهم واستْعمل عليهم خِيارهم وإذا سَخط على قوم أنزل عليهم المطر في غير وَقته وجعل المال في بُخلائهم واسْتعمل عليهم شرارهم ". فانصرفتُ فما وضعت ثوبي حتى أتاني رسولُ الحجَّاج. فسرتُ إليه فألفيتُه جالساً على فراشه والسيفُ مُصَلت بيده. فقال لي: ادْنُ فدنوْتُ شيئاً. ثم قال لي: ادن فدنوتُ شيئاً. ثم قال لي الثالثة: ادْنُ لا أبَالك! فقلتُ: ما بي إلى الدنوَ من حاجة وفي يد الأمير ما أَرى. فضحك وأغمد سيفَه وقال: اجْلس ما كان من حديث الخبيث فقلت له أيها الأمير والله ما غششتُك منذ اسْتنْصحتَني ولا كذبتُك منذ اسْتَخبرتني ولا خُنتك منذ ائتمنتني ثم حدَثته. فلما صرتُ إلى ذكر الرجل الذي المالُ عنده اعرض عنّي بوجهه وأومأ إليَّ بيده وقال: لا تُسَمِّه ثم قال: إنَّ للخبيث نفساً وقد سمع الأحاديث. ويقال: إن الحجَّاج كانَ إذا اسْتَغرب ضَحِكاً والَى بين الاسْتغفار وكان إذا صَعد المِنبر تلفّع بمطْرَفه ثم تكلَم رويداً فلا يكاد يسمع ثم يتزيّد في الكلام فيُخرج يَده من مطْرَفه ثم يَزجر الزَّجرة فيَقْرع بها أقصى مَن في المسجد. صعد خالدُ بن عبد الله القَسريّ المِنبر في يوْم جمعة وهو إذ ذاك على مكة فذكر الحجَّاجَ فحَمِد طاعته وأثنى عليه خَيْراً. فلما كان في الجمعة الثانية وَرد عليه كتابُ سليمان بن عبد الملك يأمره فيه بشَتم الحجاج ونَشرْ عُيوبه وإظهار البراءة منه. فَصَعِد المِنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنّ إبليس كان مَلَكاً من الملائكة وكان يظْهر منِ طاعة الله ما كانت الملائكة ترى له به فضلاً وكان الله قد عَلم من غِشّه وخُبثه ما خفِي على ملائكته فلما أراد الله فضيحتَه أَمره بالسُّجود لآدم فظهر لهم منه ما كان مُخفيه فلعنوه. وإن الحجَّاج كان يُظهر من طاعة أمير المؤمنين ما كُنَّا نرى له به فَضْلاً وكأنَّ الله قد أطلعَ أميرَ المؤمنين من غِشه وخبثه على ما خفي عنَّا فلما أراد الله فضيحتَه أجرى ذلك على يد أمير المؤمنين فلعنه فالْعنوه لَعنه الله ثم نزل. ولما أُتي الحجاج بامرأة ابن الأشعث قال للحَرسيِّ: قل لها: يا عدوَّة الله أين مال الله الذي جعلتِه تحت ذَيلك فقال لها الحرسيُ: يا عدوة الله أين مال الله الذي جعلتِه تحت استك قال الحجاج: كذبْت ما هكذا قلت. أرْسِلْها. فخلي سبيلَها. أبو عَوانة عن عاصم عن أبي وائل قال: أرسل الحجاج إلي فقال لي: ما اسمك قلت: ما أرسل الأميرُ إليّ حتى عَرف اسمي! قال لي: متى هبطتَ هذه الأرض قلت: حين ساكنتُ أهلها. قال: كم تقرأ من القرآن قلتُ: أقرا منه ما إن اتّبعتُه كفاني قال: إني أريد أن أستعين بك على بعض عَملي. قلت: إن تستعن بي بكبيرِ أخرَق ضعيف يخاف أعوان السوء وإن تَدَعْني فهو أحبُّ إليَّ وإن تُقحمني أتقحم. قال: إن لم أجد غيرَك أقْحمتك وإن وجدتُ غيرَك لم أقحمك. قلت: وأخرى أكرم الله الأمير إني ما علمتُ الناس هابوا أميراً قط هيبَتهم لك والله إني لأتعارّ من الليل فأَذكرك فما يَأتيني النومُ حتى أصبح هذا ولستُ لك على عمل. فأعجبه ذلك وقال: هيه كيف قلتَ فأعدتُ عليه الحديث. فقال: إنّي والله ما أعلم اليومَ رجلاً على وجه الأرض هو أجرأ على دمٍ منّي. قال: فقمتُ فعدلتُ عن الطريق عمداً كأنّي لا أبصر. فقال: اهدوا الشَيخ أرشدوا الشيخ. أبو بكر بن أبي شَيبة قالت: دخل عبدُ الرحمن بن أبي لَيلى على الحجَّاج فقال لجلسائه: إذا أردتم أن تنظروا إلى رجل يَسُب أميرَ المؤمنين عثمان فانْظروا إلى هذا. فقال عبدُ الرحمن: معاذَ الله أيها الأميرُ أن أكون أسب عثمان إنه لَيحجِزُني عن ذلك آياتٌ في كتاب الله تعالى: " للفُقراء المُهاجرين الذين أخْرِجوا مِن دِيارهم وأموالهم يَبْتغون فَضلاً من الله ورِضْواناً ويَنْصرون الله ورسولَه أولئك هم الصادِقون " فكان عثمانُ منهم. ثم قال: " والَّذِينِ تَبوؤا الدارَ والإيمان مِن قَبْلهم يُحبُّون مَن هاجَرَ إليهم ولا يَجدُون في صُدُورهم حاجةَ مما أوتُوا ويُؤثِرون على أنفُسهم ولو كان بهم خَصَاصة " فكان أبي منهم. ثم قال: " والَّذِين جاءُوا مِن بَعْدِهمِ يَقولون ربنا اغْفِر لنا وَلإخْواننا الَّذين سَبَقُونا بالإيمان " فكنتُ أنا منهم. قال: صدقت. أبو بكر بن أبي شَيبة عن أبي مُعاوية عن الأعمش قال: رأيتُ عبدَ الرحمن ابن أبي ليلى ضَربه الحجَّاج ووقفه على باب المسجد فجعلوا يقولون له: ألعن الكاذبين: علي بن أبي طالب وعبدَ الله بن الزبير والمُختارَ بن أبي عُبيد. فقال: لعَنَ الله الكاذبين ثم قال: فيُ علي بن أبي طالب وعبدُ الله بن الزُّبير والمُختار بن أبي عُبيد بالرفع. فعرفتُ حين سَكت ثم ابتدأ فرفع أنه ليس يُريدهم. قال الشَعبيُ: أتي بي الحجاجُ مُوثَقاً فلما جئتُ باب القصر لَقِيني يزيدُ بن أبي مسلم كاتبُه فقال: إنا لله يا شَعبي لما بين دَفتيك مِن العلم وليس اليومُ بيوم شفاعة. قلتُ له: فما المَخرج قال: بُؤ للأمير بالشرك والنفاق على نفسك وبالحَرَي أن تنجوَ. ثم لقيني محمدُ بن الحجّاج فقال لي مثلَ مَقالة يزيدَ. فلما دخلتُ على الحجاج قال لي: وأنعت يا شَعبيُ فيمن خَرج علينا وأكثر قلتُ: أصلحَ الله الأمير نَبا بنا المنزل وأجدب بنا الجَناب واستحلَسَنا الخوفُ واكتحلنا السَّهر وضاق المسلك وخَبَطتنا فتنةٌ لم نكنْ فيها بررة أتقياء ولا فَجرة أقوياء. قال: صدق والله ما برُّوا بخروجهم علينا ولا قووا أطلقوا عنه. فاحتاج إلي في فَريضة بعد ذلك فأرسل إليَّ فقال: ما تقول في أم وأخت وجَدّ فقلت: اختلف فيها خمسة من أصحاب محمد ﷺ عبدُ الله بن مسعود وعليّ وعثمان وزَيد وابنُ عباسِ. قال: فما قال فيها ابنُ عباس إن كان لِمَنْقَباً قلت: جعل الجَد أباً ولم يُعط الأخت شيئاً وأعطى الأم الثلث. قال: فما قال فيها ابنُ مسعود قلت: جَعلها من ستَة فأعطى الجدَّ ثلاثة وأعطى الأم اثنين وأعطى الأختَ سهماً. قال: فما قال زَيد قلت: جعلها من تِسعة فأعطى الأمَّ ثلاثة وأعطى الجد أربعة وأعطى الأختَ اثنين فجعل الجَدّ معها أخاً. قال: فما قال فيها أميرُ المؤمنين عثمان قلتُ: جعلها ثلاثاً. قال: فما قال فيها أبو تُراب قلتُ: جعلها من ستة فأعطى الأختَ ثلاثة وأعطى الأمّ اثنين وأعطى الجدّ سهماً. قال: مُر القاضي فلْيُمضها على ما أمضاها أميرُ المؤمنين. فبينما أنا عنده إذ جاءه الحاجبُ فقال له: إن بالباب رُسلاً. فقال: إيذن لهم. قال: فدخلوا وعمائمهم على أوساطهم وسيوفُهم على عواتقهم وكُتبهم بأيمانهم وجاء رجل من بني سُليم يقال له شَبابة بن عاصم فقال له: مِن أين قال: من الشام. قال: كيف تركتَ أمير المؤمنين وكيف تركتَ حَشمه فأخبره. قال: هل وراءك من غيث قال: نعم. أصابتني فيما بَيني وبين الأمير ثلاث سحائب. قال: فانعتْ لي كيف كان وَقْع المطر وتَباشيره قال: أصابتني سحابةٌ بحوارين فَوقع قَطر صغار وقَطْر كبار فكانت الصغار لحْمة للكبار ووقع نشيطاَ ومُتداركاً وهو السّيح الذي سمعتَ به فوادٍ سائل ووادٍ نازح وأرض مُقبلة وأرض مُدبرة. وأصابتني سحابةٌ بَسرا ء فلَبّدت الدِّماث وأسالت العَزَاز وأدحضت التِّلاع وصَدَعت عن الكمأة أماكنها. وأصابتني سحابةٌ بالقَرْيتين فقاءت الأرضُ بعد الرّي. وامْتلأت الأخاديد وأفعمت الأودية وجِئْتك في مثل وِجار الضَبُع. ثم قال: إيذَن فدخل رجل من بن أسد. فقال: هل وراءَك من غيث قال: لا كثُر الإعصار وأغبرت البلاد وأيقنّا أنه عام سَنة. قال: بئس المُخبر أنت. قال: أخبَرْتُك الذي كان ثم قال: إيذَن. فَدَخَل رجل من أهل اليمامة. قال: هل وراءك من غيث قال: نعم سمعت الرُّوّاد يَدْعون إلى الماء وسمعتُ قائلاً يقول: هَلُمّ ظَعنَكم إلى محلّة تَطفأ فيها النيران وتشكّى فيها النساء وتنافسُ فيها المِعزى. وقال الشعبيّ: فلم يدر الحَجّاج ما قال. فقال له: تبا لك! إنما تُحدّث أهلَ الشام فأَفْهِمْهم. قال: أصلح الله الأمير أخصب الناسُ فكَثُر التمر والسمن والزُبد والّلبن فلا تُوقَد نار يُختبر بها. وأما تشَكى النساء فإن المرأة تظلّ ترُبِق بَهمْها وتَمخَض لبنها فتَبيت ولَها أنينٌ من عَضُدها. وأما تنافس المِعزى فإنها ترى من أنواع التمر وأنواع الشجر ونَوْر النبات ما يُشبع بطونَها ولا يُشبع عيونها فتبيتً وقد امتلأت أكراشُها ولها من الكِظّة جِرة فتبقى الجرّة حتى تَستنزل الدِّرّة. ثم قال: إيذن فدخل رجلٌ من المَوالي كان من أشد الناس في ذلك الزمان. فقال له: هل وراءك من غيث قال. نعم ولكني لا احسن أن أقول ما يقول هؤلاء. قال: فما تُحسن قال: أصابتني سحابة بحُلوان فلم أزل أطأ في آثارها حتى دخلتُ عليك. فقال: لئن كنتَ أقصرَهم في المطر خُطبة فإنك لأطولُهم بالسيف خُطوَة. إبراهيم بن مَرزوق عن سعيد بن جُويرية قال: لما كان عامُ الجماعة كتب عبدُ الملك بن مروان إلى الحجّاج: انظر ابن عمر فاقْتد به وخُذ عنه يعني في المناسك. قال: فلما كان عشيّة عرفة سار الحَجّاج بين يدي عبد الله بن عُمر وسالمٍ ابنِه فقال له سالم: إن أردتَ أن تُصيب السّنة اليوم فأوْجز الخُطبة وعَجِّل الصلاة. قال: فقَطَّب ونظر إلى عبد الله بن عُمر. فقال: صدق. فلما كان عند الزوال مَرَّ عبد الله بن عمر بسرادقه وقال الرّواح: فما لَبث أنْ خَرج ورأسًه يَقْطُر كأنه قد اغتسل. فلما أفاض الناسُ رأيتُ الدم يتحدّر من النَّجيبة التي عليها ابنُ عمر فقال: أبا عبد الرحمن عقرت النَّجيبة قال: أنا عُقِرْت ليس النَّجيبة وكان أصابه زُج رُمح بين إصبعين من قَدمه فلما صرْنا بمكة دخل عليه الحجّاج عائداً فقال: يا أبا عبد الرحمن لو علمتُ مَن أصابك لفعلتُ وفعلت. قال له: أنت أصبتني. قال: غفر الله لك. لم تقول هذا أبو الحسن المدائني قال: أخبرني من دَخل المسجد والحجّاج على المِنبر وقد ملأ صوتُه المسجد بأبيات سويد بن أبي كاهل اليَشْكري حيث يقول: رُبّ من أنضجتُ غيظا صدره قد تمنَّى ليَ موتاً لم يطع ساء ما ظَنُوا وقد أبليتُهم عند غايات المدَى كيف أقع كيف يَرجون سِقاطي بعدما شَمِل الرأسَ مَشيبٌ وصَلع كتب الوليدُ إلى الحجّاج: أن صِفْ لي سيرتَك. فكتب إليه: إني أيقظت رأي وأنمتُ هواي فأدنيت السيّد المطاع في قومه ووليتُ الحَرْبَ الحازمَ في أمره وقلّدت الخِراج المُوفِّر لأمانته وصرَفتُ السيفَ إلى النَطف المُسيء فخاف المُريبُ صولةَ العِقاب وتمسّك المُحسن بحظّه من الثواب. قرأ الحجاجُ: في سورة هود " قال يا نُوح إنّه لَيس من أهْلك إنّه عَمَل غير صالح " فلم يَدُر كيف يقرأ: عمل بالضم والتنوين أو عمل بالفتح فبعث حَرسيّا فقال: إيتني بقارئ. فأتي به وقد ارتفع الحجّاج عن مجلسه فحبسه ونَسيه حتى عَرض الحجاجُ حبسه بعد ستة أشهر فلما انتهى إليه قال له: فيم حُبست قال: في ابن نُوح أصلح الله الأمير فأمر بإطلاقه. إبراهيم بن مرزوق قال: حدثني سعيد بن جُويرية قال: خَرجتْ خارجةٌ على الحَجّاج بن يوسف فأرسل إلى أنس بن مالك أن يَخرج معه فأبى. فكتب إليه يَشْتمه. فكتب أنسُ بن مالك إلى عَبد الملك بن مروان يشكوه وأدرج كتابَ الحجّاج في جوف كتابه. قال إسماعيل بن عبد الله بن أبي المُهاجر: بعث إليّ عبدُ الملك بن مروان في ساعة لم يكن يبعثُ إليّ في مثلها. فدخلتُ عليه وهو أشدُّ ما كان حَنقاً وغَيظاً فقال: يا إسماعيل ما أشدَّ عليّ أن تقول الرعيّة: ضعُف أمير المؤمنين وضاق ذَرعه في رجل من أصحاب النبي ﷺ لا يقبل له حَسنة ولا يتجاوز له عن سَيّئة! فقلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين قال: أنس بن مالك خادم رسول الله ﷺ كتب إليّ يذكر أن لحجّاج قد أ ضَرّ به وأساء جواره وقد كتبتُ في ذلك كتابين: كتاباً إلى أنس بن مالك والآخَر إلى الحجّاج فاقبضْهما ثم أخرج على البريد فإذا وردتَ العِراق فأبدأ بأنس بن مالك فادفعْ إليه كتابي وقل له: أشتدّ على أمير المؤمنين ما كان من الحجاج إليك ولن يأتيَ أمرٌ تكرهه إن شاء الله. ثم إيت الحِجَاجَ فادفع إليه كتابه وقُل له: قد اغتررتَ بأمير المؤمنين غِرّة لا أظنك يُخطئك شرُها ثم أفهم ما يتكلمُ به وما يكون منه حتى تُفْهمني إياه إذا قَدِمت عليّ إن شاء الله قال إسماعيل: فقبضتُ الكتابين وخرجتُ على البريد حتى قَدِمتُ العراق فبدأتً بأنس بنِ مالك في منزله فدفعتُ إليه كتاب أمير المؤمنين وأبلغتُه رسالتِه فدعا له وجزاه خيراً. فلما فرغ من قِراءة الكتاب قلتُ له: أبا حمزة إن الحجاج عاملٌ ولو وُضع لك في جامعةٍ لَقَدر أن يَضرك ويَنفعك فأنا أريد أن تصالحه. قال: ذلك إليك لا أخرجُ عن رأيك. ثم أتيتُ الحجاجَ فلما رآني رحَّب وقال: والله لقد كنتً أحب أن أراك في بلدي هذا. قلت: وأنا والله قد كنتُ أحب أن أراك وأَقْدَم عليك بغير الذي أرسلتُ به إليك. قال: وما ذاك قلت: فارقتُ الخليفةَ وهو أغضبُ الناس عليك. قال: ولم قال: فدفعتُ إليه الكتاب. فجعل يقرؤه وجبينه يَعرق. فيمسحه بيمينه ثم قال: أركبْ بنا إلى أَنس بن مالك. قلت له: لا تَفعل فإني سأتلطّف به حتى يكون هو الذي يأتيك وذلك للذي شرتُ عليه من مُصالحته. قال: فألقى إلي كتابَ أمير المؤمنين فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عبد الملك بن مروان إلى الحجَّاج بن يوسف. أما بعد. فإنك عبدٌ طَمَت بك الأمور فطغَيتَ وعَلوت فيها حتى جُزت قدرك وعَدوت طَوْرك ويم الله يابن المُسْتفرمة بعَجَم زبيب الطائف لأغمزنّك كبعض غَمزات اللُّيوث للثّعالب ولأرْكضْنك رَكضة تدخل منها في وَجْعاء أمك. أذكر مكاسبَ آبائك بالطائف إذ كانوا يَنْقلون الحجارة على أكتافهم ويحفرون الآبار والمَناهل بأيديهم فقد نسيتَ ما كنتَ عليه أنت وآباؤك من الدَّناءة واللُّؤم والضراعة. وقد بلغ أميرَ المؤمنين استطالةٌ منك على أنس بن مالك خادِم رسول الله ﷺ جُرْأةً منك على أمير المؤمنين وغِزة بمَعرفة غِيَره ونقَماته وسَطَواته على مَن خالف سبيلَه وعَمد إلى غير مَحبّته ونَزل عند سَخْطته. وأظنك أردتَ أن تُروزه بها لتعلم ما عنده من التَّغيير والتّنكير فيها. فإن سُوِّغتَها مضيتَ قُدُما وإن بُغَضتَها ولّيت دُبراً فعليك لعنةُ الله مِن عبد أخْفش العينين أصكّ الرجلين ممسوح الجاعرتين وايم الله لو أن أميرَ المؤمنين علم أنك اجترمت منه جُرماً وانتهكت له عرْضاً فيما كتب به إلى أمير المؤمنين لبعث إليك مَن يَسحبك ظهراً لِبطن حتى. يَنتهي بك إلى أنس بن مالك فيحكمَ فيك ما احبّ. ولن يَخْفى على أمير المؤمنين نَبؤُك ولكل نَبأ مُستقر ولسوف تعلمون. قال إسماعيل: فانطلقتُ إلى أنس فلم أزل به حتى انطلق معي إلى الحجاج. فلما دخلنا عليه قال: يَغفر الله لك أبا حمزة عَجِلْت باللائمة وأغضبتَ علينا أميرَ المؤمنين ثم أخذ بيده فأَجلسه معه على السرير. فقال أنس: إنك كنتَ تزعم أنّا الأشرار والله سمّانا الأنصار. وقلتَ: إنّا من أبخل الناس ونحن الذين قال الله فيهم: " ويُؤْثِرون على أنْفًسهمِ ولو كانَ بهم خَصَاصة ". وزعمتَ أنا أهلُ نِفاق والله تعالى يقول فينا: " وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ". فكان المَفْزع والمُشتكى في ذلك إلى الله وإلىَ أمير المؤمنين فتولّى من ذلك ما ولاهّ الله وعرف من حقِّنا ما جَهلتَ وحَفظ منّا ما ضيعتَ وسَيحكم في ذلك رب هو أرضى للمُرضي وأسخطُ للمُسخط وأقدرُ على المُغير في يوم لا يشوب الحق عنده الباطلُ ولا النورَ الظلمةُ ولا الهدى الضلالةُ. والله لوِ أنّ اليهود أو النّصارى رأت مَن خدَم موسى بن عمران أو عيسى بن مريم يوماً واحداً لرأت له ما لم تَرَوا لي في خدمة رسول الله عَشرَ سنين. قال فاعتذر إليه الحجاحُ وترضاه حتى قَبل عُذره ورضي عنه وكتب برضاه عنه وقبوله عُذرَه. ولم يزل الحجاحُ له مُعظماً هائباً له حتى أنسٌ رضي الله عنه. وكتب الحجاحُ إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد. أصلحَ الله أميرَ المؤمنين وأبقاه وسهّل حظه وحاطه ولا أعدمنا إياه فإن إسماعيل بن أبي المُهاجر رسول أمير المؤمنين - أعزّ الله نَصره - قَدِم عليّ بكتاب أمير المُؤمنين - أطال الله بقاءه وجعلني من كل مكروه فداءَه - يذكر شتيمتي وتَوْبيخي بآبائي وتَغييري بما كان قبلَ نزول النَعمة بي من عند أمير المؤمنين أتم الله نعمَته عليه وإحسانه إليه. ويذكر أميرُ المؤمنين جعلني الله فداه استطالةً منّي علىِ أنس بن مالك خادِم رسول الله صلى الله عليه و سلم جراءةً مني على أمير المؤمنين وغِرّة بمعرفةِ غِيره ونقَماته وسَطواته على مَن خالف سبيلَه وعَمد إلى غير محبته ونزل عند سَخْطته. وأميرُ المؤمنين أصلحه الله في قَرابته من محمد رسول الله - إمام الهدى وخاتَم الأنبياء أحق من أقال عَثْرتي وعَفا عن ذَنبي فأمهلني ولم يُعجلني عند هَفوتي للذي جُبل عليه من كريم طبائعه وما قلّده الله من أمور عباده فرِأيُ أمير المؤمنين أصلحه الله في تَسْكِين رَوْعتي وإفراج كربتي فقد مُلئت رُعباً وفرقاً من سَطْوته وفُجاءةِ نقْمته وأميرُ المؤمنين - أقاله الله العثراتِ وتجاوز له عن السيآت وضاعفت له الحسنات وأعلى له الدَّرجات. أحقّ من صَفح وعفا وتَغَمّد وأبقى ولم يُشمت بي عدوًّا مُكبّا ولا حسودا مُضبّا ولم يجرِّعني غُصصا. والذي وَصف أميرُ المؤمنين من صنيعه إليّ وتَنويهه بي بما أسند إليِّ من عمله وأوطأني من رِقاب رعيته فصادقٌ فيه مجزيّ بالشكر عليه والتوسّلُ مني إليه بالولاية والتقرّبُ له بالكفاية. وقد عاين إسماعيلُ بن أبي المُهاجر رسولُ أمير المؤمنين وحاملُ كتابه نزولي عند مسرّة أنس بن مالك وخُضوعي لكتاب أمير المؤمنين وإقلاقَه إياي ودُخولَه علي بالمصيبة على ما سيعلمه أميرُ المؤمنين ويُنهيه إليه. فإن رأى أميرُ المؤمنين - طوّقني الله شُكره وأعانني على تأدية حقّه وبَلَّغني إلى ما فيه مُوافقة مَرْضاته ومدَ لي في أجله - أمر لي بكتاب مِن رضاه وسلامة صَدْره يُؤمِّنني به من سَفك دَمي ويَرُدّ ما شَرَد من نومي ويَطمئن به قلبي فقد وَرد عليّ أمرٌ جَليل خَطْبُه عظيم أمرُه شديد عليّ كربُه. أسأل الله أن لا يُسخط أميرَ المُؤمنين عَلَيّ وأن يَبْتلِيَه في حَزمه وعَزمه وسياسته وفِراسته ومواليه وحَشمه وعُماله وصنائعه بما يُحمَد به حُسنُ رأيه وبُعْدُ هِمَّته إنه وليّ أمير المؤمنين والذابّ عن سلطانه والصانع له في فحدّث إسماعيلُ أنه لما قرأ أميرُ المؤمنين الكتابَ قال: يا كاتب أفرخ رُوع أبي محمد. فكتب إليه بالرضا عنه. كان سليمانُ بن عبد الملك يكتب إلى الحجّاج في أيام أخيه الوليد بن عبد الملك كُتباً فلا يَنظر له فيها. فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم. من سليمان بن عبد الملك إلى الحجاج بن يوسف: سلامٌ على أهل الطاعة من عباد الله. . أما بعد. فإنك امرؤ مَهْتوك عنه حجابُ الحقّ مولَع بما عليك لا لك مُنصرف عن مَنافعك تاركٌ لحظّك مُستخفّ بحق الله وحق أوليائه. لا ما سلف إليك من خير يَعطفك ولا ما عليك لا لك يصرِفك. في مُبهمة من أمرك مَغْمور مَنكوس مُعصوصر عن الحق اعصيصاراً ولا تتَنكَّب عن قَبيح ولا تَرعوي عن إساءة ولا ترجو الله وقاراً حتى دُعيت فاحشاً سبَّاباً. فقِسْ شِبرك بفَترك واحذُ زمام نَعلك بحذو مثله. فايم الله لئن أمكنني الله منك لأدوسنّك دَوْسة تلين منها فرائصك ولأجعلنّك شر يداً في الجبال تلوذ بأطراف الشمال ولأعَلقنّ الرًّومية الحمراء بثَدْييها. علم الله ذلك منّي وقضىَ لي به عليّ فقِدْماً غرّتك العافية وانْتحيتَ أعراضَ الرّجال فإنك قَدَرْتَ فَبَذخْتَ وظَفِرت فتعدَّيت. فرويدكَ حتى تنظر كيف يكون مصيرُك إن كانت بي وبك مُدة أتعلّق بها وإن تكن الأخرى فأرجو أن تَؤول إلى مَذلة ذَليل وخِزْية طويلة ويُجعل مصيرُك في الآخرة شرَّ مَصير. والسلام.