الرئيسيةبحث

الحجاج بن يوسف الثقفي

الحجاج بن يوسف الثقفي سياسي أموي وقائد عسكري، من الشخصيات المثيرة للجدل في التاريخ الإسلامي والعربي، عُرف بـ (المبير) أي المبيد.[1] وخطيب بليغ. لعب دوراً كبيراً في تثبيت أركان الدولة الأموية، سير الفتوح، خطط المدن، و بنى مدينة واسط.واختلط في المخيلة الشعبية بروايات مبالغ فيها تدل على ميراث الرعب الهائل الذي خلفه.

فهرس

حياته المبكرة

وُلد أبو محمد الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل بن الحكم الثقفي في منازل ثقيف بمدينة الطائف، في عام الجماعة 41هـ. وكان اسمه كليب ثم أبدله بالحجاج. وأمه الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي الصحابي الشهيد.

نشأ في الطائف، وتعلم القرآن والحديث والفصاحة، ثم عمل في مطلع شبابه معلم صبيان مع أبيه، يعلم الفتية القرآن والحديث، ويفقههم في الدين، لكنه لم يكن راضياً بعمله هذا، على الرغم من تأثيره الكبير عليه، فقد اشتهر بتعظيمه للقرآن.

كانت الطائف تلك الأيام بين ولاية عبد الله بن الزبير، و بين ولاية الأمويين، لكن أصحاب عبد الله بن الزبير تجبروا على أهل الطائف، فقرر الحجاج الإنطلاق إلى الشام، حاضرة الخلافة الأموية المتعثرة، التي تركها مروان بن الحكم نهباً بين المتحاربين.

وقد تختلف الأسباب التي دفعت الحجاج إلى اختيار الشام مكاناً ليبدأ طموحه السياسي منه رغم بعد المسافة بينها و بين الطائف، وقرب مكة إليه، لكن يُعتقد أن السبب الأكبر كراهته لولاية عبد الله بن الزبير.

وفي الشام، التحق بشرطة الإمارة التي كانت تعاني من مشاكل جمة، منها سوء التنظيم، واستخفاف أفراد الشرطة بالنظام، و قلة المجندين. فأبدى حماسة و انضباطاً، وسارع إلى تنبيه أولياء الأمر لكل خطأ أو خلل، وأخذ نفسه بالشدة، فقربه روح بن زنباع قائد الشرطة إليه، و رفع مكانته، و رقاه فوق أصحابه، فأخذهم بالشدة، وعاقبهم لأدنى خلل، فضبطهم، و سير أمورهم بالطاعة المطلقة لأولياء الأمر.

لمس فيه روح بن زنباع العزيمة و القوة الماضية، فقدمه إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، و كان داهية مقداماً، جمع الدولة الأموية و حماها من السقوط، فأسسها من جديد.
إذ أن الشرطة كانت في حالة سيئة، و قد استهون جند الإمارة عملهم فتهاونوا، فأهم أمرهم عبد الملك بن مروان، و عندها أشار عليه روح بن زنباع بتعيين الحجاج عليهم، فلما عينه، أسرف في عقوبة المخالفين، و ضبط أمور الشرطة، فما عاد منهم تراخ، و لا لهو. إلا جماعة روح بن زنباع، فجاء الحجاج يوماً على رؤوسهم و هم يأكلون، فنهاهم عن ذلك في عملهم، لكنهم لم ينتهوا، و دعوه معهم إلى طعامهم، فأمر بهم، فحبسوا، و أحرقت سرادقهم. فشكاه روح بن زنباع إلى الخليفة، فدعا الحجاج و سأله عما حمله على فعله هذا، فقال إنما أنت من فعل يا أمير المؤمنين، فأنا يدك و سوطك، و أشار عليه بتعويض روح بن زنباع دون كسر أمره.
و كان عبد الملك بن مروان قد قرر تسيير الجيوش لمحاربة الخارجين على الدولة، فضم الحجاج إلى الجيش الذي قاده بنفسه لحرب مصعب بن الزبير.
و لم يكن أهل الشام يخرجون في الجيوش، فطلب الحجاج من الخليفة أن يسلطه عليهم، ففعل. فأعلن الحجاج أن أيما رجل قدر على حمل السلاح و لم يخرج معه، أمهله ثلاثاً، ثم قتله، و أحرق داره، و انتهب ماله، ثم طاف بالبيوت باحثاًً عن المتخلفين.وبدأ الحجاج بقتل أحد المعترضين عليه، فأطاع الجميع، و خرجوا معه، بالجبر لا الإختيار.

حرب مكة

في 73هـ قرر عبد الملك بن مروان التخلص من عدوه و منافسه عبد الله بن الزبير إلى الأبد، فجهز جيشاً ضخماً لمنازلة ابن الزبير في مكة، و أمر عليه الحجاج بن يوسف، فخرج بجيشه إلى الطائف، و انتظر الخليفة ليزوده بمزيد من الجيوش، فتوالت الجيوش إليه حتى تقوى تماماً، فسار إلى مكة و حاصر ابن الزبير فيها، و نصب المنجنيقات على جبل أبي قبيس و على قعيقعان و نواحي مكة كلها ، و دامت الحرب أشهراً، فتفرق على ابن الزبير أصحابه، و وقعت فيهم الهزيمة.

أعلن الحجاج الأمان لمن سلم من أصحاب ابن الزبير، وأمنه هو نفسه، غير أن عبد الله بن الزبير لم يقبل أمان الحجاج، و قاتل رغم تفرق أصحابه عنه طمعاً في أمان الحجاج فقتل. وكان لابن الزبير اثنتان و سبعون سنة، و ولايته تنوف عن ثماني سنين، و للحجاج اثنتان و ثلاثون سنة. [2]

ولاية الحجاج على الحجاز

بعد أن انتصر الحجاج في حربه على ابن الزبير، أقره عبد الملك بن مروان على ولاية مكة والحجاز كله، فكرهه أهل مكة.وكان وإياهم وأهل المدينة على خلاف كبير، حتى قيل أن عبدالله بن عمر توفي في عام 74 هـ، وقبل موته أمر أن يدفنوه ليلاً، ولا يعلموا الحجاج لئلا يصلي عليه.

في 75 هـ حج عبدالملك بن مروان، وخطب على منبر النبي، فعزل الحجاج عن الحجاز لكثرة الشكايات فيه، وأقره على العراق.

ولاية الحجاج على العراق

دامت ولاية الحجاج على العراق عشرين عاماً، وفيها مات. وكانت العراق عراقين، البصرة والكوفة، فنزل الحجاج بالكوفة، وكان قد أرسل من أمر الناس بالاجتماع في المسجد، ثم دخل المسجد ملثماًً بعمامة حمراء، واعتلى المنبر فجلس واصبعه على فمه ناظراً إلى المجتمعين في المسجد فلما ضجوا من سكوته خلع عمامته فجأة و قال خطبته المشهورة التي بدأها بقول ثمامة بن سحيل:

أنا ابن جلا و طلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني

ومنها:

   
الحجاج بن يوسف الثقفي
أما والله فإني لأحمل الشر بثقله وأحذوه بنعله وأجزيه بمثله، أما والله إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وكأنني أرى الدم بين العمائم واللحى.
   
الحجاج بن يوسف الثقفي

—الحجاج بن يوسف[3]

إلى آخر خطبته التي بين فيها سياسته الشديدة، و بين فيها شخصيته، كما ألقى بها الرعب في قلوب أهل العراق. ومن العراق حكم الحجاج الجزيرة العربية، فكانت اليمن والبحرين والحجاز، وكذلك خراسان من المشرق تتبعه، فقاتل الخوارج، والثائرين على الدولة الأموية في معارك كثيرة، فكانت له الغلبة عليهم في كل الحروب.

وأمعن في الظلم والتجبر، فصادر كل الحريات، بما فيها حرية الكلام عن طريق استخباراته، وحبس الناس، وأمعن في تشريدهم و قتلهم، و منع الأعراب من الهجرة إلى المدن، وبنى واسط، فجعلها عاصمته.

حروب الخوارج

في عام 76هـ وجه الحجاج زائدة بن قدامة الثقفي لقتال شبيب الشيباني، فكانت الغلبة لشبيب. وفي السنة التي تلتها بعث الحجاج لحرب شبيب: عتاب بن ورقاء الرباحي، الحارث بن معاوية الثقفي، أبو الورد البصري، طهمان مولى عثمان. فاقتتلوا مع شبيب في سواد الكوفة، فقتلوا جميعاً، وعندها قرر الحجاج الخروج بنفسه، فاقتتل مع شبيب أشد القتال، وتكاثروا على شبيب فانهزم وقتلت زوجته غزالة الحرورية و كانت تقود النساء الخارجيات و يروى انها نذرت ان تصلى ركعتين في مسجد الكوفة و الحجاج بها تقراء فيهما سورتى البقرة و آل عمران ووفت بنذرها في حماية 70 من جند الخوارج و لم يستطع الحجاج منعها و قيل في ذلك الكثير من ابيات الشعر و من اشهرها "وفت غزالة نذرها رب لا تغفر لها" ، فهرب شبيب إلى الأهواز، وتقوى فيها، غير أن فرسه تعثر به في الماء وعليه الدروع الثقيلة فغرق. وقضى الحجاج على من بقي من أصحابه.

و في 79 هـ أو 80 هـ قُتل قطري بن الفجاءة رأس الخوارج، وأُتي الحجاج برأسه، بعد حرب طويلة.

ثورة الأشعث

في 80هـ ولى الحجاج عبد الرحمن بن محمد الأشعث على سجستان، وجهز له جيشاً عظيماً للجهاد. فلما استقر ابن الأشعث بها خلع الحجاج، و خرج عليه، و كان ذلك ابتداء حرب طويلة بينهما. و في 81هـ قام مع الأشعث أهل البصرة، و قاتلوا الحجاج يوم عيد الأضحى، و انهزم الحجاج، فقيل كانت أربع و ثمانون وقعة في مائة يوم، ثلاث و ثمانون على الحجاج و الباقية له. و في 82هـ استعرت الحرب بين الحجاج و ابن الأشعث، و بلغ جيش ابن الأشعث مبلغاً كبيراً من القوة و الكثرة، ثم جاءت سنة 83هـ و فيها وقعة دير الجماجم بين الحجاج و ابن الأشعث. و كانت من أكثر الوقائع هولاً في تاريخ الحجاج، و فيها كان له النصر على الثوار من أصحاب ابن الأشعث.و قُتل خلق كثير فيها، و غنم الحجاج شيئاً كثيراً.
و فيها ظفر الحجاج بكل أصحاب ابن الأشعث، بين قتيل و أسير، إلا ابن الأشعث، فقد هرب، لكن أصحاب الحجاج ظفروا به في سجستان فقتلوه، و طيف برأسه في البلدان. و بعد وقعة دير الجماجم، كان هناك من حاولوا الدس للحجاج عند عبد الملك بن مروان، لكن الحجاج احتج على عبد الملك بحسن بلاغته.

ولاية الوليد

مات عبد الملك بن مروان في 86هـ، و تولى ابنه الوليد بعده، فأقر الحجاج على كل ما أقره عليه أبوه، و قربه منه أكثر، فاعتمد عليه. و كان ذلك على كره من أخيه و ولي عهده سليمان بن عبد الملك، و ابن عمه عمر بن عبد العزيز. و في ولاية الوليد هدد سليمان بن عبد الملك الحجاج إذا ما تولى الحكم بعد أخيه، فرد عليه الحجاج مستخفاً مما زاد في كره سليمان له، و لمظالمه. و إذ ذاك كان قتيبة بن مسلم يواصل فتوحه في المشرق، ففتح بلاداً كثيرة في تركستان الشرقية وتركستان الغربية واشتبكت جيوشه مع جيوش الصين. و كان الحجاج من سيره إلى تلك البلاد. وفي نفس الوقت قام ابن أخ الحجاج بفتح بلاد السند (باكستان اليوم).

موت الحجاج

مات الحجاج ليلة السابع و العشرين من رمضان عام 95هـ. وقيل أن موت الحجاج كان بسرطان المعدة، و قبلها مرض مرضاً شديداً.

ترك الحجاج وصيته، و فيها قال: بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف : أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده و رسوله ، وأنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك، عليها يحيا و عليها يموت و عليها يبعث .. الخ . [4]

و تمثل عند احتضاره بهذين البيتين:

يا رب قد حلف الأعداء واجتهدوا أيمانهم أنني من ساكني النار
أيحلفون على عمياء؟ ويحهم ما ظنهم بعظيم العفو غفار

ويروى أنه قيل له قبل وفاته: ألا تتوب؟ فقال: إن كنت مسيئاً فليست هذه ساعة التوبة، وإن كنت محسناً فليست ساعة الفزع. [5] و قد ورد أيضاً أنه دعا فقال: اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل. [6] [7]

و دُفن في قبر غير معروف المحلة في واسط، فتفجع عليه الوليد، و جاء إليه الناس من كل الأمصار يعزونه في موته، و كان يقول: كان أبي يقول أن الحجاج جلدة ما بين عينيه، أما أنا فأقول أنه جلدة وجهي كله.

ميراث الحجاج

بنى الحجاج واسط، و سير الفتوح لفتح المشرق، أمر بتنقيط المصحف، خطط الدولة، و حفظ أركانها قامعاً كل الفتن.
غير أن الحجاج خلف أيضاً ميراثاً من الظلم و سفك الدماء لم يسبق له مثيل.
كما خلف في قلوب الناس، حتى الأمويين، كرهاً له و حقداً عليه لأفعاله، و منها حرب ابن الزبير و قتله إياه في مكة، و ما فعله في وقعة دير الجماجم.
و حقد عليه الخوارج لعظيم فعله بهم، و الشيعة لعدم احترامه آل البيت، و قالوا فيه الكثير حتى لبسوا سيرته بالخوارق، والأمور المغلوطة، و أمعنوا في تقبيحه، و النيل منه، حتى لقد صوروه شيطاناً.
أمر الخليفة سليمان بن عبد الملك عامله على الطائف بقتل آل أبي عقيل، و هم عشيرة الحجاج الأقربون، ظلماً، لأنهم من آله. ثم أمر عمر بن عبد العزيز بنفي من بقي منهم و تشريدهم جزاء لأفعال الحجاج، و انتقاماً منه بعد موته [بحاجة لمصدر].

و بقي ميراث الحجاج حياً إلى الآن، فلا يزال موضع حرب و تطاحن بين المختلفين، و لا تزال الأخبار المختلقة تخالط سيرته، و لا زال يُلعن، و يُسب. و يراه الباحثون في التاريخ السياسي نموذجاً للطاغية الظالم سفاك الدماء، و يرى المؤرخون في هذا أنه كان يتشبه بـ زياد بن أبيه في حزمه، فأبار و أهلك.

مذهبه في الحكم

كان الحجاج يرى بتكفير الخارج على السلطان، و طرده من الملة، لذلك كان يرى ما يفعله تقرباً لله يرجو به الأجر. وهذا يفسر ما يظنه البعض تناقضاً في فعل الحجاج في قتل الناس وبين أعمال الخير التي قام بها كالفتوحات وتعظيم القرآن وتنظيم أمور المسلمين.

قيل بعد موته أن رجلاً رفض الصلاة خلف إمام من الخوارج، فقال له أحد أئمة البصرة: إنما تصلي لله ليس له، و إنما كنا نصلي خلف الحروري الأزرقي. قال: و من ذاك؟ قال: الحجاج بن يوسف، فإنك إن خالفته سماك كافراً و أخرجك من الملة، فذاك مذهب الحرورية الأزارقة.

فبينما الخوارج مذهبهم تكفير الحكام، كان مذهب الحجاج هو تكفير من يخالف أمر الحكام. و بالغ الحجاج في شأن الطاعة، و قمع همم الناس، و نفوسهم، و غاياتهم، فوافق الأمويين في أعمالهم، و أذهب بين الناس أن الخلافة اصطفاء من الله، فلا يجوز الخروج على السلطان، و أما من خرج فقد حل دمه، و سُمي كافراً. و شاع مذهب الحجاج في تكفير الخارج على السلطان بعده شيوعاً كبيراً، و كان قد ابتدأ قبله، لكنه ثبته. و ثبت فكرة الإصطفاء، و الحق الإلهي، و بالغ في تعظيم السلطان.

الحجاج و أهل العراق و الشام

اقرأ نصا ذا علاقة بالحجاج بن يوسف الثقفي، في ويكي مصدر.

العلاقة بين الحجاج و أهل العراق هي من أكثر العلاقات تعقيداً و طرافة، و من أكثرها ترويعاً في التاريخ الإسلامي، فالحجاج وُلي على العراق كارهاً لأهلها، و هُم له كارهون، و استمرت العلاقة بينهم كزواج كاثوليكي بالإجبار، لا يجوز فيه الطلاق، و لا أمل للفكاك منه إلا بموت أحد الزوجين.
و كان الحجاج دائم السب لأهل العراق في خطبه، فكثيرة خطبه التي يذكر فيها أهل العراق بشكل سيئ، و التي يرى فيها العراقيون إساءة إلى اليوم.
فدائماً كان يذكرهم:
"يا أهل العراق، يا أهل الشقاق و النفاق...." إلى آخر خطبه، و التي يمعن فيها في ذكر صفاتهم:
"فإنكم قد اضجعتم في مراقد الضلالة..." ، و غير ذلك من الخطب الكثيرة فيهم، كراهة منه لهم، و كراهة منه لهم.
و من ذلك أنه لما أراد الحج استخلف ابنه محمد عليهم، و خطب فيهم أنه أوصى ولده بهم بغير وصية الرسول في الأنصار، أن يقبل من محسنهم و يتجاوز عن مسيئهم، فقد أوصاه ألا يقبل من محسنهم، و لا يتجاوز عن مسيئهم، و قال لهم: أعلم أنكم تقولون مقالة لا يمنعكم من إظهارها إلا خوفكم لي، لا أحسن الله لك الصحابة، و أرد عليكم: لا أحسن الله عليكم الخلافة.
و أنهم شمتوا به يوم فُجع بولده محمد، و أخيه محمد في نفس اليوم، فخطب فيهم متوعداً إياهم.
و من ذلك أنه مرض فشاع بين الناس موته، فخرج أهل العراق محتفلين بموته، غير أنه قام من مرضه ليخطب فيهم خطبة قال فيها: "و هل أرجو الخير كله إلا بعد الموت"

أما أهل الشام فكانوا أكثر الناس محبة للحجاج، و أكثرهم نصرة له، و بكاء عليه بعد مماته، و قيل أنهم كانوا يقفون على قبره فيقولون رحم الله أبا محمد. و كان الحجاج محباً له، دائم الإشادة بخصالهم، و الرفع من مكانتهم، و كان كثير الاستنصار بهم، و معظم جيشه كان منهم، و كان رفيقاً بهم.

وصف تاريخي

كان الحجاج بن يوسف بليغاً فصيحاً، محباً للشعر كثير الاستشهاد به، تقياً، مُعظماً للقرآن و آياته، كريماً، شجاعاً، و له مقحمات عظام و أخبار مهولة.


   
الحجاج بن يوسف الثقفي
إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإنه تعالى يقول {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}[المؤمنون /76].
   
الحجاج بن يوسف الثقفي

الحسن البصري[8]

الحجاج في الذاكرة

كان للحجاج الكثير من المواقف، و الحكايات الشهيرة، و الأقوال الفصيحة، و الرسائل، و الخطب، و التوقيعات، و له مجموعة أشعار متفرقة. فقصص الحجاج و أخباره كثيرة جداً، و موجودة في كتب التاريخ، ما يدل على عظم نفوذه، و لا زالت أقواله باقية إلى اليوم، و مذهبه في الحكم باق إلى اليوم.

و قيلت فيه الكثير من الأبيات بعد موته، و التي تذمه، كما قيل في حياته. كما دخل الحجاج في القصص الشعبي، و المخيلة الشعبية، فظهر جشعاً طماعاً خاطف نساء في حكايات ألف ليلة و ليلة، كما صورته المخيلة الشعبية بصور بشعة.

هوامش

المراجع

  1. ^ جاء في العقد الفريد لابن عبد ربه أن أسماء بنت أبي بكر قالت للحجاج: سمعنا رسول الله يقول أنه يخرج من ثقيف رجلان، الكذاب والمبير. وأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فلا أظنه سواك.
  2. ^ ابن عبد ربه. العقد الفريد.
  3. ^ ابن عبد ربه. العقد الفريد. ووردت الخطبة، بمضمونها، وباختلافات يسيرة في النص في مراجع كثيرة.
  4. ^ تهذيب تاريخ دمشق (4|68).
  5. ^ محاضرات الأدباء (4|495).
  6. ^ تاريخ دمشق (4|82).
  7. ^ البداية والنهاية (9|138).
  8. ^ الطبقات لابن سعد (7/164) بإسناد صحيح.
اقرأ اقتباسات ذات علاقة بالحجاج بن يوسف الثقفي، في ويكي الاقتباس.