الرئيسيةبحث

عام الجماعة


في عام ‏(‏41 هـ - 661م ‏)‏ ويسمى عام الجماعة - تنازل الحسن بن علي بن ابي طالب ، عن حرب معاوية بن ابي سفيان ، الذي كان واليا على الشام منذ عهد عمر بن الخطاب ، والذي رفض مبايعة علي بن ابي طالب - رابع الخلفاء الراشدين - متذرعا بان عليا قد فرط في الثار من قتلة عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين ‏.‏‏.‏‏.‏ جميعا ‏.‏

وبتنازل الحسن استقر الأمر لمعاوية فاصبح خليفة المسلمين ، وقامت دولة بني امية التي تنتسب إلى امية بن عبد شمس بن عبد مناف ، فحكمت نحو تسعين عاما ‏(‏ 41 - 132هـ ‏)‏ ‏(‏ 661 - 750م ‏)‏ ونقلت عاصمة الحكم من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجاز إلى دمشق بالشام ‏.‏

كان نظام الحكم في عهد بني امية عائليا ، وقد تداول الحكم اربع عشرة خليفة اولهم معاوية واخرهم مروان بن محمد الذي قتله العباسيون في ‏"‏ أبو صير ‏"‏ من حلوان مصر ‏.‏‏.

كان معاوية أول الخلفاء الأمويين ومؤسس دولتهم ، وكان مولده بالخيف من منى قبل الهجرة بخمس عشرة سنة وامه هند بنت عتبة، وابوه أبو سفيان ، وقد اسلموا جميعا في فتح مكة ‏.

واصبح معاوية من كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، واشترك في حروب الردة مع اخيه وابيه ، ثم ولاه عمر جزءا من بلاد الشام ، فلما جاء عثمان جمع الشام كلها تحت حكمه ‏.‏

وبموت معاوية سنة 60هـ بايع المسلمون ابنه يزيد ، ما عدا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر ، وقد وقف الأولان منه موقف العداء ، وقتل في عهده الحسين ، في كربلاء ، وحكم ثلاث سنوات ثم مات سنة 64هـ ، وعمره ثمانية وثلاثون عاما ‏.‏

ثم تولى معاوية بن يزيد ، بوصاية ابيه ، لكنه كان ورعا زاهدا فتنازل عن الخلافة بعد ثلاثة أشهر ‏.‏

وقد وقعت حروب انتهت في ‏(‏ مرج راهط ‏)‏ بين الأمويين وعبد الله بن الزبير ، واصبح مروان بن الحكم خليفة على الشام وحدها ، وبقي ابن الزبير خليفة على سائر الأمصار ، حتى ظهر عبد الملك بن مروان ، فتمكن من توحيد العالم الإسلامي الشرقي تحت امرته ، ولذا اعتبر المؤسس الثاني للدولة الأموية ‏.‏

وكانت لعبد الملك اياد عظيمة ، فقد عرب الدواوين وضرب العملة ، وبقي في الحكم اثنين وعشرين عاما ، وتوفي سنة 86هـ ، فتولى بعده ابنه الوليد بن عبد الملك ، الذي حكم عشرة اعوام ، وتمت في عهده اصلاحات داخلية عظيمة وفتوحات اسلامية كبرى على يد قادة عظام مثل محمد بن القاسم الثقفي فاتح السند، وموسى بن نصير فاتح الأندلس ‏.‏

ثم جاء بعده اخوه سليمان بن عبد الملك فحكم ثلاثة اعوام لم تتقدم فيها الدولة شيئا ، لا من الداخل ولا من الخارج ، ومات سنة 99هـ ، فوسد الأمر لاعظم شخصية في تاريخ بني امية ، على الرغم من انه لم يحكم الا عامين ، وهو عمر بن عبد العزيز ، الذي اعتبره البعض ‏(‏خامس الخلفاء الراشدين ‏)‏ لكثرة ما عمل من اصلاحات خلال الفترة الوجيزة التي حكم فيها ‏.‏

لقد راقب عمر الولاة بحذر ، واخذ على ايديهم وطرد القساة منهم ، وانتشر الإسلام في عهده انتشارا كبيرا لانه وضع الجزية عمن يعتنق الإسلام ، وكان ولاة السوء لا يفعلون ذلك ، ويروي ابن عبد الحكم ، ملخصا عهد عمر بن عبد العزيز ، في قوله الوجيز ‏"‏ انما ولي عمر بن عبد العزيز سنتين ونصفا فذلك ثلاثون شهرا ، فما مات حتى جعل الرجل ياتينا بالمال العظيم فيقول ‏:‏ اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء ، فما يبرح حتى يرجع بماله يتذكر من يضعه فيهم فلا يجده ، فقد اغنى عمر بن عبد العزيز الناس ‏"‏ ‏.‏

ثم ولي الأمر بعده يزيد بن عبد الملك ، بعهد من اخيه سليمان بعد ابن عمه عمر بن عبد العزيز ، وهو ابن تسع وعشرين سنة ‏.‏ فدامت خلافته اربع سنوات وشهرا ، ثم مات بعدها دون ان يترك اثرا ذا بال اللهم الا اخماده لفتنة يزيد بن المهلب ‏.‏

وولي بعده هشام بن عبد الملك ، فمكث في الخلافة عشرين عاما حاول فيها تقليد عمر بن عبد العزيز ، ولم ينجح في ذلك نجاحا كبيرا ، وان كانت الدولة قد اتسعت في عهده ، ففتحت قيسارية وبلاد الخزر ، وارمينية ، وشمال اسيا الصغرى ، وجزءا كبيرا من بلاد الروم ‏.‏

لكن الأحوال الداخلية لم تكن مستقرة على عهده وتوفي في عام 125هـ ، وترك الحكم للوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي يعتبر عهده - الذي لم يدم أكثر من عام الا قليلا - من اسوا عهود الدولة الأموية ، ظلما وانتقاما من أبناء سلفه هشام فضلا عن عنصريته وخلاعته ‏.‏

ولم يكن للخليفتين اللذين وليا بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، وابراهيم ابن الوليد اثر يذكر ، ولم يدم حكم كل منهما الا ثلاثة أشهر ، ولم تستقم لهما الأمور ، وكانت ايامهما ، وايام سابقهما الوليد بن يزيد ، فرصة ذهبية نجح فيها العباسيون في تعبئة النفوس وتنظيم الصفوف ، للانقضاض على الدولة ‏.‏

فلما الت الخلافة لمروان بن محمد - اخر خلفاء بني امية في المشرق لم يستطع ان يقر قواعد الدولة ، على الرغم من انه ‏"‏ كان اشجع بني امية واقدرهم على تحمل الأخطار ‏"‏ ‏.‏‏.‏ فسقطت الدولة في عهده ، بعد فتنة واضطرابات دامت خمس سنوات ، وكان سقوطها في سنة 132هـ ‏.‏

وكانت دولة بني امية دولة عربية تتعصب للعرب وللتقاليد العربية ، وللغة العربية ، ولم يستطع معظم خلفائها ان يرتفعوا على مستوى المساواة والعدل في الإسلام ‏.‏

لكن مع ذلك كان لهذه الدولة اياد طولى على المسلمين لعل من اهمها جهودها العظيمة في مجال الفتوحات الإسلامية ‏.