أسفي ، آسفي ،Safi |
|
---|---|
{{{شعار}}} | |
العاصمة | {{{عاصمة}}} |
البلد | المملكة المغربية |
الولاية | دكالة عبدة |
الإقليم | إقليم آسفي |
المساحة | 100 كم² |
السكان | |
العدد (2004) | 344.800 نسمة |
الكثافة السكانية (2004) | ... \كم² |
الموقع | |
المطار المدني الأقرب | مطار محمد الخامس الدولي |
الموقع الرسمي: بوابة مدينة أسفي |
مكـانـةأسـفـي عـبر الـتـاريـخ
قالت الكاتبة الانجليزية فرنسيس مكنب خلال زيارتها لأسفي سنة 1902م:"بلغت شهرة أسفي في القرن 17م درجة عظيمة صدر معها الأمر إلى كل سفينة بريطانية تزور المغرب أن تبدأ بزيارة أسفي"
منذ القديم حظيت أسفي بأهمية بالغة حتى أن اسم المدينة ورد ضمن أمهات المعاجم التاريخية كمعجم البلدان لياقوت الحموي، والرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة ذكرها في مذكراته الشهيرة التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة. ولو كنا نريد أن نتعقب هذه المكانة في سائر المصادر العربية والأجنبية لوجدنا أنفسنا مأمام كراسات طويلة. وحسبنا الاشارة إلى أن أسفي شكلت وجهة مفضلة للعديد من الأسر الأندلسية والعربية من تطوان وفاس والرباط وسلا،حتى أن ذ.أحمد بن جلون وصف أسفي بأنها مدينة دبلوماسية يقطنها السفراء والقناصل، مثل غيوم بيرار الذي مثل فرنسا هنري الثالث لدى المولى عبد الملك وقنصل الدانمارك جورج هورست وجون موكي صيدلاني الملك هنري الرابع، كما كان المبعوثون البريطانيون يفدون بأسفي قبل التوجه إلى مراكش حيث نزل بالمدينة البحار الانجليزي هاريسن لتسليم رسالة من ملك إنجلترا تشارلز الأول إلى مولاي عبدالله.وهكذا تحولت أسفي إلى ميناء دبلوماسي ترسو به السفن الأوربية التي ترغب في ابرام الاتفاقيات الدولية بالعاصمة مراكش.
وعبر التاريخ كانت أسفي أهم الموانئ المغربية، مما جعلها تشهد رحلات علمية شهيرة (راع 69-70-الطوف74). وقديما اتخذها المرابطون مركزا لتجميع قوافل الذهب الافريقي الذي ينقل عبر السفن إلى الأندلس لسك النقود، وبالتالي أصبحت أسفي مرسى الامبراطورية المرابطية.والبرتغاليون جعلوها ميناء رئيسيا لتصدير الحبوب والسكر والصوف. ومع توافد جالية انجليزية كبيرة على المدينة،أقام بها الانجليز مركزا تجاريا ثم أنشأوا في القرن19 مخزنا لتجميع كل ما يصدر من أسفي إلى انجلترا، غير أن معاول الهدم طالتهما ليتم تحويل مكانهما إلى ساحة مولاي يوسف.
وعن أهمية أسفي لابد من الاشارة إلى المحطة البارزة التي ظهرت فيها دبلوماسية السكر على حد تعبير المؤرخين الأوربيين، حيث كان السكر القادم من شيشاوة في مقدمة المواد التي تسوقها المدينة لانجلترا، لأن المملكة لم تكن تقبل في مطبخها – على ما يقوله هنري روبيرتس - الا السكر المغربي، ثم إن أسفي كانت منطلقا لملح البارود المغربي الذي لم يكن يوازيه أي ملح في العالم والذي كان الدفاع الحربي الانجليزي يعتمده، فضلا عن كون المدينة كانت تزود أوربا بأجود الصقور المغربية التي ساهمت في تطويرهواية القنص بالصقر،وعن أسفي وهي تصدر الشمع حيث كان المستهلكون يقبلون عليه لقوة نوره وصفائه وللرائحة التي يستنشقونها عند احتراقه وكأنه مزج بمادة العطر،وأسفي مدينة الجوامع المنتشرة والأربع والأربعين وليا،روضت الطين منذ العصور الغابرة وجعلته يستجيب للاحتياجات اليومية وتحويله إلى لغة شعرية أو لوحة تشكيلية تمتزج فيها الألوان بتناسق بديع ،وأسفي التي أفلحت في تحدي أمواج البحار حيث اشتهر بها الربابنة والرياس الكبار حتى أضحت عاصمة العالم في صيد السردين،وملح الختام أسفي التي أغرت بلذائذ أسماكها جيراننا فجاؤوها محتلين...
وفي اطار تعزيز العلاقات المغربية الأوربية، تخبرنا كتب التاريخ عن البعثة التي توجهت إلى ألمانيا في عهد مولاي الحسن برئاسة قائد أسفي، جوابا عن السفارة التي بعث بها الامبراطور كيوم إلى فاس علاوة عن ترشيح أسفي بعض أبنائها لمدرسة الهندسة العسكرية لمونبوليي وهم محمد الهواري ومحمد الوزاني اللذين كانا ضمن البعثة التي أشرف عليها القنصل البرتغالي كاسطرو.
ومع الدولة العلوية حضي بعض أبناء أسفي بمكانة رفيعة، حيث ضم المخزن الاسماعيلي سنة 1721هيئة من القواد، يرأسهم أحمد بن حدو العطار وهو من أكبر حجاب المولى اسماعيل،بعث به السلطان سفيرا إلى انجلترا،كما منحته الحكومة الانجليزية وساما بعد أن تكلف بعقد اتفاق للسلام والتجارة سنة 1682م.
وازداد اهتمام السلاطين بأسفي فأقاموا بها دارا للسكة ما بين سنة 1716 و1830م، كانت كائنة حيث يوجد حاليا ضريح سيدي بوذهب حسب ما أورده الكانوني الذي يقول:" دار السكة كانت تعالج الذهب والفضة فكانت تعرف بدار الذهب " .
ولعل أهم حدث عرفه أسفي على الاطلاق، هو وصول القائد الاسلامي عقبة بن نافع سنة681 م بعد أن ترك صاحبه شاكر لتعليم البربر اللغة العربية والتعاليم الاسلامية، هذا التابعي له رباط مشهور يعرف إلى اليوم برباط سيدي شيكر، وهو من أقدم الرباطات بالمغرب،كان يحضره العلماء ويقام به موسم سنوي حضره بن الزيات وسجل أخباره.
واذا كانت بعض النواحي معروفة بما يوجد بها من كبار الصلحاء، فكذلك الشأن بأسفي التي صارت مقرونة بذكر الولي الصالح أبي محمد صالح مؤسس ركب الحاج المغربي لأول مرة بالمغرب حيث أنشأ رباطه الشهير بأسفي، وأسس 46 رباطا تربط المغرب بالمشرق عن طريق الحج،لأن الحاجة كانت ماسة لانعاش الجانب الروحي خاصة أن أسفي عرفت النحلة البرغواطية، وتزامنت الدعوة للحج مع الموقف الذي تبناه فقهاء المغرب والأندلس في اسقاط شعيرة الحج، حماية للمسلمين من مخاطر الطريق.
والواقع أن صيت رباط الشيخ أبي محمد صالح، وزواياه المنبتة في مجال واسع قد منح حركته شهرة وتقديرا، حتى أن ملوك الدولة السعدية والعلوية كانوا يصدرون ظهائر التوقير والاحترام للشيخ ورباطه، بل ان أبناء عبد المومن عندما كانوا يضربون السكة يبعثون بالمسكوكات الأولى إلى رباط الشيخ أبي محمد صالح الذي بلغ اشعاعه بعد وفاته أكثر من ثلاثة قرون.وقد أورد البادسي في كتابه "المقصد الشريف والمنزع اللطيف "أنه "عندما رحل الشيخ عبد الملك الوجانسي نزيل سبته إلى الديار المصرية، فأراد أن يأخذ على شيوخها، فقال له ذلك الشيخ: انما شيخك أبي محمد صالح بأسفي،وهو يروي كيفية دخوله على أبي محمد صالح وكيف بادره بالقول: يا عبد الملك،ما جئت حتى وجهت".
ولم يكن رباط الشيخ رباطا للمجاهدة فقط، بل كان ملتقى لأهل العلم وطلابه، حتى بلغت سمعة أسفي كل الافاق، فقصدها العلماء من كل حدب وصوب، وعلى رأسهم لسان الدين بن الخطيب وابن قنفد وغيرهم كثير.
والإمام البوصيري صاحب البردة والهمزيتين اللتين يحفظهما المغاربة، وهو من أصل مغربي، كان له حب في الشيخ، عبر عنه في قصيدة مشهورة مطلعها:
قفا على الجرعاء في الجانب الغربيففيها حبيب لي يهيم به قلبي
وبالرجوع لتاريخ أسفي الحافل بالبطولات، تستوقفنا مقاومة أهالي أسفي للغزاة البرتغاليين، وهو ما يفسر وجود أضرحة كثيرة على طول ساحل المدينة، تضم رفات العديد من المجاهدين، نذكر من بينهم المجاهد أبو محمد بن عبد الله بن ساسي وسيدي بوشتى الركراكي والشيخ أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي الذي اختار الاقامة باسفي ليقود الجهاد ولايزال رباطه موجودا بأسفي قرب قصر البحر والفقيه عبد الكريم الرجراجي وبن الحسن علي بن أحمد بن حسن بنكرارة الرجراجي والمجاهد مول البركي وأخوه عزوز وسيدي الغازي وسيدي واصل ..
وفي فترة الاستعمار الفرنسي، كانت أسفي سباقة إلى إعلان شرارة المقاومة، بعد أن امتدت أيادي المستعمر إلى رمز الأمة، حيث شهدت المدينة العديد من المنظمات المسلحة، نذكر منها منظمة الأحرار بمبادرة من عبد الله الناصري ومنظمة أسود التحرير بزعامة الطيب التقراشي ومنظمة المقاومة والتحرير برئاسة عبد الرحمان الكتاني ومنظمة المقاومة السرية بقيادة محمد بن هدى الرضاوي ومنظمة اليد المباركة وقائدها فايضي الحبيب.ولا غرابة في ذلك حيث يرقد بمقبرة أسفي ثلاثة من الموقعين على وثيقة الاستقلال وهم:الفقيه عبد السلام المستاري ومحمد البعمراني ومحمد بلخضير.
ونظرا لأهمية أسفي فقد ذكرها الكتاب والرحالة الأجانب في كتاباتهم،فهذا الطبيب الانجليزي ارثر ليرد يقول" أسفي مدينة عريقة في القدم،وهي عاصمة عبدة ..ولا تزال بها آثار قصور ومعاقل البرتغال.."أما الكاتبة فرنسيس مكنب والتي زارت أسفي سنة 1902م فقد خلدتها بكلام جميل"كانت أسفي في القرن ما قبل الماضي 19 مركزا تجاريا مهما تشرف عليه شركة دنمركية، وكان البرتغاليون من قبل يشجعون التجارة فيها وبلغت شهرتها في القرن 17 درجة عظيمة صدر معها الأمر إلى كل سفينة بريطانية تزور المغرب أن تبدأ بزيارة أسفي"، وتوالت الكتابات مع الرحالة الفرنسي أوبان أوجين وايتيان ريسيت فضلا عن أرمان أنطونا الذي استقر باسفي وكتب عن تاريخها وعاداتها كتابا أسماه "منطقة عبدة" ثم جاء الكاتب الانجليزي سكون أوكنور وتحدث عن المدينة وهي تحت الحماية الفرنسية .
ومع الحماية الفرنسية ظهرت إلى الوجود دار فرنسية للنشر بمدينة البيضاء، أصدرت مجلة أطلق عليها اسم "مغربنا" يديرها بول بوري، خصصت أحد أعدادها لمدينة أسفي سنة 1949، ثم عادت لاصدار عدد ثان عن أسفي سنة 1953، وهو ما يؤكد بما لايدع مجالا للشك، مكانة أسفي عبر التاريخ.
بقي أن نشير في الأخير أننا لاندعي لأنفسنا الاحاطة الشاملة بكل تفاصيل الموضوع حيث أغفلنا الكثير من المحطات الشاهدة على مكانة أسفي ليس تقصيرا منا ولكن فرضه الطابع الاختزالي والانتقائي الذي توخيناه في انجاز هذه الورقة. وحسبنا أنى اجتهدنا، فمن اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد.
مدينة مغربية على الساحل الأطلسي قرب مدينة الدار البيضاء
تطور النمو الديموغرافي آسفي بين 1960 و 2004 | ||||
1960 | 1971 | 1982 | 1994 | 2004 |
81.072 | 129.113 | 200.689 | 262.276 | 344.800 |
بقلم عبد الله النملي
قالت الكاتبة الانجليزية فرنسيس مكنب خلال زيارتها لأسفي سنة 1902م:"بلغت شهرة أسفي في القرن 17م درجة عظيمة صدر معها الأمر إلى كل سفينة بريطانية تزور المغرب أن تبدأ بزيارة أسفي"
منذ القديم حظيت أسفي بأهمية بالغة حتى أن اسم المدينة ورد ضمن أمهات المعاجم التاريخية كمعجم البلدان لياقوت الحموي، والرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة ذكرها في مذكراته الشهيرة التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة. ولو كنا نريد أن نتعقب هذه المكانة في سائر المصادر العربية والأجنبية لوجدنا أنفسنا مأمام كراسات طويلة. وحسبنا الاشارة إلى أن أسفي شكلت وجهة مفضلة للعديد من الأسر الأندلسية والعربية من تطوان وفاس والرباط وسلا،حتى أن ذ.أحمد بن جلون وصف أسفي بأنها مدينة دبلوماسية يقطنها السفراء والقناصل، مثل غيوم بيرار الذي مثل فرنسا هنري الثالث لدى المولى عبد الملك وقنصل الدانمارك جورج هورست وجون موكي صيدلاني الملك هنري الرابع، كما كان المبعوثون البريطانيون يفدون بأسفي قبل التوجه إلى مراكش حيث نزل بالمدينة البحار الانجليزي هاريسن لتسليم رسالة من ملك إنجلترا تشارلز الأول إلى مولاي عبدالله.وهكذا تحولت أسفي إلى ميناء دبلوماسي ترسو به السفن الأوربية التي ترغب في ابرام الاتفاقيات الدولية بالعاصمة مراكش.
وعبر التاريخ كانت أسفي أهم الموانئ المغربية، مما جعلها تشهد رحلات علمية شهيرة (راع 69-70-الطوف74). وقديما اتخذها المرابطون مركزا لتجميع قوافل الذهب الافريقي الذي ينقل عبر السفن إلى الأندلس لسك النقود، وبالتالي أصبحت أسفي مرسى الامبراطورية المرابطية.والبرتغاليون جعلوها ميناء رئيسيا لتصدير الحبوب والسكر والصوف. ومع توافد جالية انجليزية كبيرة على المدينة،أقام بها الانجليز مركزا تجاريا ثم أنشأوا في القرن19 مخزنا لتجميع كل ما يصدر من أسفي إلى انجلترا، غير أن معاول الهدم طالتهما ليتم تحويل مكانهما إلى ساحة مولاي يوسف.
وعن أهمية أسفي لابد من الاشارة إلى المحطة البارزة التي ظهرت فيها دبلوماسية السكر على حد تعبير المؤرخين الأوربيين، حيث كان السكر القادم من شيشاوة في مقدمة المواد التي تسوقها المدينة لانجلترا، لأن المملكة لم تكن تقبل في مطبخها – على ما يقوله هنري روبيرتس - الا السكر المغربي، ثم إن أسفي كانت منطلقا لملح البارود المغربي الذي لم يكن يوازيه أي ملح في العالم والذي كان الدفاع الحربي الانجليزي يعتمده، فضلا عن كون المدينة كانت تزود أوربا بأجود الصقور المغربية التي ساهمت في تطويرهواية القنص بالصقر،وعن أسفي وهي تصدر الشمع حيث كان المستهلكون يقبلون عليه لقوة نوره وصفائه وللرائحة التي يستنشقونها عند احتراقه وكأنه مزج بمادة العطر،وأسفي مدينة الجوامع المنتشرة والأربع والأربعين وليا،روضت الطين منذ العصور الغابرة وجعلته يستجيب للاحتياجات اليومية وتحويله إلى لغة شعرية أو لوحة تشكيلية تمتزج فيها الألوان بتناسق بديع ،وأسفي التي أفلحت في تحدي أمواج البحار حيث اشتهر بها الربابنة والرياس الكبار حتى أضحت عاصمة العالم في صيد السردين،وملح الختام أسفي التي أغرت بلذائذ أسماكها جيراننا فجاؤوها محتلين...
وفي اطار تعزيز العلاقات المغربية الأوربية، تخبرنا كتب التاريخ عن البعثة التي توجهت إلى ألمانيا في عهد مولاي الحسن برئاسة قائد أسفي، جوابا عن السفارة التي بعث بها الامبراطور كيوم إلى فاس علاوة عن ترشيح أسفي بعض أبنائها لمدرسة الهندسة العسكرية لمونبوليي وهم محمد الهواري ومحمد الوزاني اللذين كانا ضمن البعثة التي أشرف عليها القنصل البرتغالي كاسطرو.
ومع الدولة العلوية حضي بعض أبناء أسفي بمكانة رفيعة، حيث ضم المخزن الاسماعيلي سنة 1721هيئة من القواد، يرأسهم أحمد بن حدو العطار وهو من أكبر حجاب المولى اسماعيل،بعث به السلطان سفيرا إلى انجلترا،كما منحته الحكومة الانجليزية وساما بعد أن تكلف بعقد اتفاق للسلام والتجارة سنة 1682م.
وازداد اهتمام السلاطين بأسفي فأقاموا بها دارا للسكة ما بين سنة 1716 و1830م، كانت كائنة حيث يوجد حاليا ضريح سيدي بوذهب حسب ما أورده الكانوني الذي يقول:" دار السكة كانت تعالج الذهب والفضة فكانت تعرف بدار الذهب " .
ولعل أهم حدث عرفه أسفي على الاطلاق، هو وصول القائد الاسلامي عقبة بن نافع سنة681 م بعد أن ترك صاحبه شاكر لتعليم البربر اللغة العربية والتعاليم الاسلامية، هذا التابعي له رباط مشهور يعرف إلى اليوم برباط سيدي شيكر، وهو من أقدم الرباطات بالمغرب،كان يحضره العلماء ويقام به موسم سنوي حضره بن الزيات وسجل أخباره.
واذا كانت بعض النواحي معروفة بما يوجد بها من كبار الصلحاء، فكذلك الشأن بأسفي التي صارت مقرونة بذكر الولي الصالح أبي محمد صالح مؤسس ركب الحاج المغربي لأول مرة بالمغرب حيث أنشأ رباطه الشهير بأسفي، وأسس 46 رباطا تربط المغرب بالمشرق عن طريق الحج،لأن الحاجة كانت ماسة لانعاش الجانب الروحي خاصة أن أسفي عرفت النحلة البرغواطية، وتزامنت الدعوة للحج مع الموقف الذي تبناه فقهاء المغرب والأندلس في اسقاط شعيرة الحج، حماية للمسلمين من مخاطر الطريق.
والواقع أن صيت رباط الشيخ أبي محمد صالح، وزواياه المنبتة في مجال واسع قد منح حركته شهرة وتقديرا، حتى أن ملوك الدولة السعدية والعلوية كانوا يصدرون ظهائر التوقير والاحترام للشيخ ورباطه، بل ان أبناء عبد المومن عندما كانوا يضربون السكة يبعثون بالمسكوكات الأولى إلى رباط الشيخ أبي محمد صالح الذي بلغ اشعاعه بعد وفاته أكثر من ثلاثة قرون.وقد أورد البادسي في كتابه "المقصد الشريف والمنزع اللطيف "أنه "عندما رحل الشيخ عبد الملك الوجانسي نزيل سبته إلى الديار المصرية، فأراد أن يأخذ على شيوخها، فقال له ذلك الشيخ: انما شيخك أبي محمد صالح بأسفي،وهو يروي كيفية دخوله على أبي محمد صالح وكيف بادره بالقول: يا عبد الملك،ما جئت حتى وجهت".
ولم يكن رباط الشيخ رباطا للمجاهدة فقط، بل كان ملتقى لأهل العلم وطلابه، حتى بلغت سمعة أسفي كل الافاق، فقصدها العلماء من كل حدب وصوب، وعلى رأسهم لسان الدين بن الخطيب وابن قنفد وغيرهم كثير.
والإمام البوصيري صاحب البردة والهمزيتين اللتين يحفظهما المغاربة، وهو من أصل مغربي، كان له حب في الشيخ، عبر عنه في قصيدة مشهورة مطلعها:
قفا على الجرعاء في الجانب الغربيففيها حبيب لي يهيم به قلبي
وبالرجوع لتاريخ أسفي الحافل بالبطولات، تستوقفنا مقاومة أهالي أسفي للغزاة البرتغاليين، وهو ما يفسر وجود أضرحة كثيرة على طول ساحل المدينة، تضم رفات العديد من المجاهدين، نذكر من بينهم المجاهد أبو محمد بن عبد الله بن ساسي وسيدي بوشتى الركراكي والشيخ أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي الذي اختار الاقامة باسفي ليقود الجهاد ولايزال رباطه موجودا بأسفي قرب قصر البحر والفقيه عبد الكريم الرجراجي وبن الحسن علي بن أحمد بن حسن بنكرارة الرجراجي والمجاهد مول البركي وأخوه عزوز وسيدي الغازي وسيدي واصل ..
وفي فترة الاستعمار الفرنسي، كانت أسفي سباقة إلى إعلان شرارة المقاومة، بعد أن امتدت أيادي المستعمر إلى رمز الأمة، حيث شهدت المدينة العديد من المنظمات المسلحة، نذكر منها منظمة الأحرار بمبادرة من عبد الله الناصري ومنظمة أسود التحرير بزعامة الطيب التقراشي ومنظمة المقاومة والتحرير برئاسة عبد الرحمان الكتاني ومنظمة المقاومة السرية بقيادة محمد بن هدى الرضاوي ومنظمة اليد المباركة وقائدها فايضي الحبيب.ولا غرابة في ذلك حيث يرقد بمقبرة أسفي ثلاثة من الموقعين على وثيقة الاستقلال وهم:الفقيه عبد السلام المستاري ومحمد البعمراني ومحمد بلخضير.
ونظرا لأهمية أسفي فقد ذكرها الكتاب والرحالة الأجانب في كتاباتهم،فهذا الطبيب الانجليزي ارثر ليرد يقول" أسفي مدينة عريقة في القدم،وهي عاصمة عبدة ..ولا تزال بها آثار قصور ومعاقل البرتغال.."أما الكاتبة فرنسيس مكنب والتي زارت أسفي سنة 1902م فقد خلدتها بكلام جميل"كانت أسفي في القرن ما قبل الماضي 19 مركزا تجاريا مهما تشرف عليه شركة دنمركية، وكان البرتغاليون من قبل يشجعون التجارة فيها وبلغت شهرتها في القرن 17 درجة عظيمة صدر معها الأمر إلى كل سفينة بريطانية تزور المغرب أن تبدأ بزيارة أسفي"، وتوالت الكتابات مع الرحالة الفرنسي أوبان أوجين وايتيان ريسيت فضلا عن أرمان أنطونا الذي استقر باسفي وكتب عن تاريخها وعاداتها كتابا أسماه "منطقة عبدة" ثم جاء الكاتب الانجليزي سكون أوكنور وتحدث عن المدينة وهي تحت الحماية الفرنسية .
ومع الحماية الفرنسية ظهرت إلى الوجود دار فرنسية للنشر بمدينة البيضاء، أصدرت مجلة أطلق عليها اسم "مغربنا" يديرها بول بوري، خصصت أحد أعدادها لمدينة أسفي سنة 1949، ثم عادت لاصدار عدد ثان عن أسفي سنة 1953، وهو ما يؤكد بما لايدع مجالا للشك، مكانة أسفي عبر التاريخ.
بقي أن نشير في الأخير أننا لاندعي لأنفسنا الاحاطة الشاملة بكل تفاصيل الموضوع حيث أغفلنا الكثير من المحطات الشاهدة على مكانة أسفي ليس تقصيرا منا ولكن فرضه الطابع الاختزالي والانتقائي الذي توخيناه في انجاز هذه الورقة. وحسبنا أنى اجتهدنا، فمن اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد.
http://uzak2020.skyblog.com/ touts les images de la ville safi