وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن جفنة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر أقبل على بنيه، فقال لهم: يا بني تنافسوا في المكارم، وتجنبوا ما يعدو بكم عنها، فإني إخالكم دون هذا للأيام ملوكاً، ولا يكون الملك ملكاً يا بني حتى يكون منصفاً عدلاً، ويكون للأموال باذلاً، ويكون شجاعاً مقاتلاً عظيماً حليماً لبيباً حكيماً لا غشوماً ولا ظلوماً. ولقد رأيتكم يا بني وفيكم هذه الخصال التي عددتها. ثم إني وايم الله أعرفكم بها دون هذا الناس. ولقد نشرت ملككم قبل أن تولدوا، فياليت من شهدني يومئذ من إخواني وأعمامي كان شاهدي في يومي هذا. ثم أنشأ يقول:
| ||
يا ليتَ ثعلبةَ بن عمروٍ لم يمُتْ | يا ليتَ ثعلبةَ بن عمروٍ يُنشرُ | |
بل ليتَ عِمرانَ بنَ عمروٍ شاهِدِي | وأخاهُ عوفاً أو ربيعةَ يظهَرُ | |
بل ليتَ حارِثةَ بن عمروٍ وابنهُ | أفصى ... | |
حتَّى يروا لي مِنكُمُ ولِنسلِهِمْ | غُرراً كأمثالِ الأَهِلَّة تَزهرُ | |
غُرراً لُيُوثاً في الصوائح للوغى | والمشرفية والقنا تتأطرُ | |
ظنَّي بنيَّ بِكُم وظنِّيْ ظَنُّ من | يعطي النبي منَ الصَّحيح ويُخبِرُ | |
أن سوفَ يحوِي الشَّام مِنكُمْ سبعةً | بهمُ الأسرَّة والمنابِرُ تُعمرُ | |
وإليهِمُ تُجبَى الإتاواتُ الَّتي | من قبلُ كانتُ تجتِبيهَا حِميرُ | |
أيَّام لا كِسرَى يناصي معشرِي | لالا ولا يعصِيْ جُدودِيْ قَيصَرُ |
ويقال: إن جفنة هذا أول ملِكَ مَلَك من غسان وإليه تنسب ملوك غسان التي ذكرها حسان بن ثابت الأنصاري حيث يقول:
| ||
للهِ دَرُّ عِصابةٍ نَادَمتُها | يوماً بجِلَّقَ بالزَّمانِ الأطولِ | |
يُغشونَ حتَّى ما تهِرُّ كلابُهُمْ | لا يسألونَ عنِ السَّواد المُقبِلِ | |
بِيضُ الوُجُوهِ كريمةُ أحسابُهُم | شُمُّ الأُنُوفِ من الطِّرازِ الأوَّلِ | |
أولادُ جفنةَ حولَ قبرِ أبيهمُ | قبرِ بنِ ماريةَ الكريمِ المُفضِلِ | |
الخَالِطُونَ غَنيَّهُمْ بفقيرهمْ | والمُنعِمُونَ على الضَّعيفِ المُرمِلِ |