باب كيف السجود |
أخبرنا الربيع قال: [قال الشافعي]: وأحب أن يبتدئ التكبير قائما وينحط مكانه ساجدا ثم يكون أول ما يضع على الأرض منه ركبتيه ثم يديه ثم وجهه وإن وضع وجهه قبل يديه، أو يديه قبل ركبتيه كرهت ذلك ولا إعادة ولا سجود سهو عليه ويسجد على سبع وجهه وكفيه وركبتيه وصدور قدميه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال (أمر النبي ﷺ أن يسجد منه على سبع يديه وركبتيه وأطراف أصابع قدميه وجبهته ونهى أن يكفت الشعر والثياب قال سفيان: وزادنا فيه ابن طاوس: فوضع يده على جبهته ثم أمرها على أنفه حتى بلغ طرف أنفه) وكان أبي يعد هذا واحدا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا عمرو بن دينار سمع طاوسا يحدث عن ابن عباس (أن النبي ﷺ أمر أن يسجد منه على سبع ونهى أن يكفت شعره، أو ثيابه) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع النبي ﷺ يقول (إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه).
[قال الشافعي]: وكمال فرض السجود وسنته أن يسجد على جبهته وأنفه وراحتيه وركبتيه وقدميه وإن سجد على جبهته دون أنفه كرهت ذلك له وأجزأه؛ لأن الجبهة موضع السجود أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني إسحاق بن عبد الله عن يحيى بن علي بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة، أو عن رفاعة بن رافع بن مالك (أن رسول الله ﷺ أمر رجلا إذا سجد أن يمكن وجهه من الأرض حتى تطمئن مفاصله ثم يكبر فيرفع رأسه ويكبر فيستوي قاعدا يثني قدميه حتى يقيم صلبه ويخر ساجدا حتى يمكن وجهه بالأرض وتطمئن مفاصله فإذا لم يصنع هذا أحدكم لم تتم صلاته).
[قال الشافعي]: ولو سجد على بعض جبهته دون جميعها كرهت ذلك له ولم يكن عليه إعادة؛ لأنه ساجد على جبهته ولو سجد على أنفه دون جبهته لم يجزه؛ لأن الجبهة موضع السجود وإنما سجد، والله أعلم على الأنف لاتصاله بها ومقاربته لمساويها ولو سجد على خده، أو على صدغه لم يجزه السجود؛ لأن الجبهة موضع السجود ولو سجد على رأسه ولم يمس شيئا من جبهته الأرض لم يجزه السجود وإن سجد على رأسه فماس شيئا من جبهته الأرض أجزأه السجود إن شاء الله تعالى ولو سجد على جبهته ودونها ثوب، أو غيره لم يجزه السجود إلا أن يكون جريحا فيكون ذلك عذرا ولو سجد عليها وعليها ثوب متخرق فماس شيئا من جبهته على الأرض أجزأه ذلك؛ لأنه ساجد وشيء من جبهته على الأرض وأحب أن يباشر راحتيه الأرض في البرد والحر فإن لم يفعل وسترهما من حر، أو برد وسجد عليهما فلا إعادة عليه ولا سجود سهو.
[قال الشافعي]: ولا أحب هذا كله في ركبتيه بل أحب أن تكون ركبتاه مستترتين بالثياب ولا أحب أن يخفف عن ركبتيه من الثياب شيئا لأني لا أعلم أحدا أمر بالإفضاء بركبتيه إلى الأرض وأحب إذا لم يكن الرجل متخففا أن يفضي بقدميه إلى الأرض ولا يسجد منتعلا فتحول النعلان بين قدميه والأرض فإن أفضى بركبتيه إلى الأرض، أو ستر قدميه من الأرض فلا شيء عليه؛ لأنه قد يسجد منتعلا متخففا ولا يفضي بقدميه إلى الأرض.
[قال الشافعي]: وفي هذا قولان أحدهما أن يكون عليه أن يسجد على جميع أعضائه التي أمرته بالسجود عليها ويكون حكمها غير حكم الوجه في أن له أن يسجد عليها كلها متغطية فتجزيه؛ لأن اسم السجود يقع عليها وإن كانت محولا دونها بشيء فمن قال هذا قال إن ترك جبهته فلم يوقعها الأرض وهو يقدر على إيقاعه الأرض فلم يسجد كما إذا ترك جبهته فلم يوقعها الأرض وهو يقدر على ذلك فلم يسجد وإن سجد على ظهر كفيه لم يجزه؛ لأن السجود على بطونها وكذلك إن سجد على حروفها وإن ماس الأرض ببعض يديه أصابعهما، أو بعضهما، أو راحتيه، أو بعضهما، أو سجد على ما عدا جبهته متغطيا أجزأه وهكذا هذا في القدمين والركبتين.
[قال الشافعي]: وهذا مذهب يوافق الحديث، والقول الثاني أنه إذا سجد على جبهته، أو على شيء منها دون ما سواها أجزأه؛ لأنه إنما قصد بالسجود قصد الوجه تعبد الله تعالى (وأن رسول الله ﷺ قال سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره) وأنه أمر بكشف الوجه ولم يأمر بكشف ركبة ولا قدم ولو أن رجلا هوى ليسجد فسقط على بعض جسده ثم انقلب على وجهه فماست جبهته الأرض لم يعتد بهذا السجود؛ لأنه لم يرده ولو انقلب يريده فماست جبهته الأرض أجزأه السجود وهكذا لو هوى على وجهه لا يريد سجودا فوقع على جبهته لم يعتد بهذا له سجودا ولو هوى يريد السجود وكان على إرادته فلم يحدث إرادة غير إرادته السجود أجزأه السجود ولا يجزيه إذا سجد السجدة الأولى إلا أن يرفع رأسه ثم يستوي قاعدا حتى يعود كل عضو منه إلى مفصله ثم ينحط فيسجد الثانية فإن سجد الثانية قبل هذا لم يعدها سجدة لما وصفت من حديث رفاعة بن رافع وعليه في كل ركعة وسجدة من الصلاة ما وصفت وكذلك كل ركعة وقيام ذكرته في الصلاة فعليه فيه من الاعتدال والفعل ما وصفت.