→ باب سجود السهو وليس في التراجم وفيه نصوص | كتاب الأم - كتاب الصلاة المؤلف: الشافعي |
باب صلاة التطوع وليس في التراجم وفيه نصوص وكلام منثور ← |
باب سجود التلاوة والشكر |
وقد ترجم سجود القرآن في اختلاف علي وابن مسعود رضي الله عنهما وفي اختلاف الحديث وفي اختلاف مالك والشافعي رحمهما الله تعالى مرتين. أما الأول ففيه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي رضي الله عنه قال: عزائم السجود {ألم تنزيل} {والنجم}، و {اقرأ باسم ربك الذي خلق} ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا: ويروى عن عمر وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي رضي الله عنه يخالفونه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا رضي الله عنه لما رمى بالمجدح خر ساجدا ونحن نقول: لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي ﷺ أنه سجدها، وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهم ينكرونها يكرهونها ونحن نقول لا بأس بالسجدة لله تعالى في الشكر. وأما الثاني: وهو الذي في اختلاف الحديث ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله ﷺ قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال أراد الشهرة) أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن يزيد عن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن (زيد بن ثابت أنه قرأ عند رسول الله ﷺ بالنجم فلم يسجد فيها).
[قال الشافعي]: وفي هذين الحديثين دليل على أن سجود القرآن ليس بحتم ولكنا نحب أن لا يترك؛ لأن النبي ﷺ سجد في النجم وترك.
[قال الشافعي]: وفي النجم سجدة ولا أحب أن يدع شيئا من سجود القرآن وإن تركه كرهته له، وليس عليه قضاؤه؛ لأنه ليس بفرض فإن قال قائل: ما دل على أنه ليس بفرض؟ قيل: السجود صلاة قال الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} فكان الموقوت يحتمل مؤقتا بالعدد ومؤقتا بالوقت فأبان رسول الله ﷺ (أن الله عز وجل فرض خمس صلوات فقال رجل يا رسول الله هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع) فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار فأحب إلينا أن لا يدعه ومن تركه ترك فضلا لا فرضا وإنما سجد رسول الله ﷺ في النجم؛ لأن فيها سجودا في حديث أبي هريرة وفي سجود النبي ﷺ في النجم دليل على ما وصفت؛ لأن الناس سجدوا معه إلا رجلين، والرجلان لا يدعان الفرض إن شاء الله ولو تركاه أمرهما رسول الله ﷺ بإعادته.
[قال الشافعي]: وأما حديث (زيد أنه قرأ عند النبي ﷺ النجم فلم يسجد) فهو والله أعلم أن زيدا لم يسجد وهو القارئ فلم يسجد النبي ﷺ ولم يكن عليه فرضا فيأمر النبي ﷺ به. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار (أن رجلا قرأ عند النبي ﷺ السجدة فسجد. فسجد النبي ﷺ ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي ﷺ فقال: يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم تسجد فقال النبي ﷺ: كنت إماما فلو سجدت سجدت معك).
[قال الشافعي]: إني لاحسبه زيد بن ثابت؛ لأنه يحكى أنه قرأ عند النبي ﷺ النجم فلم يسجد وإنما روى الحديثين معا عطاء بن يسار.
[قال الشافعي]: فأحب أن يبدأ الذي يقرأ السجدة فيسجد وأن يسجد من سمعه فإن قال قائل فلعل أحد هذين الحديثين نسخ الآخر قيل فلا يدعي أحد أن السجود في النجم منسوخ إلا جاز لأحد أن يدعي أن ترك السجود منسوخ والسجود ناسخ، ثم يكون، أولى؛ لأن السنة السجود لقول الله عز وجل: {فاسجدوا لله واعبدوا} ولا يقال لواحد من هذا ناسخ ولا منسوخ، ولكن يقال هذا اختلاف من جهة المباح. وأما الثالث: وهو الذي في اختلاف الحديث مالك والشافعي رضي الله عنهما ففيه سألت الشافعي عن السجود في {إذا السماء انشقت} قال فيها سجدة فقلت له وما الحجة أن فيها سجدة فقال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (أن أبا هريرة رضي الله عنه قرأ لهم {إذا السماء انشقت} فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله ﷺ سجد فيها) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ {والنجم إذا هوى} فسجد فيها، ثم قام فقرأ سورة أخرى أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بعض أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت} أخبرنا الربيع سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين، أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر سجد في الحج سجدتين، ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت للشافعي فإنا نقول اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء ف[قال الشافعي]: إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا: نعم وكان أقل أقوالهم لك أن يقولوا لا نعلم من أهل العلم له مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه وأما أن تقولوا: اجتمع الناس وأهل العلم معكم يقولون: ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم بهما النظر لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذا كنتم إنما أنتم مقصورون على علم مالك رحمنا الله وإياه وكنتم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها وأنتم قد تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون: كان لا يحلف الرجل المدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم بها قول النبي ﷺ: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه؛ لقول عمر، ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إذا السماء انشقت} ومعه سنة رسول الله ﷺ ورأي أبي هريرة ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العمل؛ لأن النبي ﷺ في زمانه، ثم أبو هريرة في الصحابة، ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إذا السماء انشقت} وأن عمر أمر بالسجود فيها وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم، ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله ﷺ وهذا من علماء التابعين فقال: قولكم اجتمع الناس لما حكوا فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم، ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم، ثم لا تروون عن غيره خلافه، ثم رويتم عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة، ثم تقولون أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون مأخوذا عليه فيه لما فيه مما لا يخفى عن أحد يعقل إذا سمعه أرأيتم إذا قيل لكم أي الناس اجتمع على أن لا سجود في المفصل وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم مثلهم خلافهم أليس أن تقولوا أجمع الناس أن في المفصل سجودا، أولى بكم من أن تقولوا اجتمع الناس على أن لا سجود في المفصل فإن قلتم لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول اجتمعوا فقد قلتم اجتمعوا ولم ترووا عن أحد من الأئمة قولكم ولا أدري من الناس عندكم أخلقا كانوا فما اسم واحد منهم وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم، ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه أخبرنا كذا كذا ولا تدعوا الإجماع. فدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد يتثبت على علم أقبح من هذا. [قلت] للشافعي أفرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين؟ فقال الشافعي أرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من يخالفكم قول من أخذت بقوله اجتمع الناس أيكون صادقا؟ فإن كان صادقا وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما اجتمع الناس على قوله فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة. قلت هذا هو الصدق المحض فلا تفارقه ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف وهو لا يوجد بالمدينة إلا ويوجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا فيما اختلف فيه أهل المدينة بينهم. [وقال لي الشافعي] واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك لا على ما سواه إذا أردت أن تقول أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فقله وإن كانوا اختلفوا فلا تقله فإن الصدق في غيره. [وترجم مرة أخرى في سجود القرآن] وفيها سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك فقال: أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين، ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة ابن صفية أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين فقلت للشافعي فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة فقال الشافعي فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي ﷺ عامة فكيف تتخذون قول ابن عمر وحده حجة وقول عمر حجة وحده حتى تردوا بكل واحد منهما السنة، وتبتنون عليها عددا من الفقه، ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمونه مستدركا على أحد قولا العورة فيه أبين منها فيما وصفنا من أقاويلكم.