أول ما فرضت الصلاة |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: سمعت من أثق بخبره وعلمه يذكر أن الله أنزل فرضا في الصلاة، ثم نسخه بفرض غيره، ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلوات الخمس.
قال: كأنه يعني قول الله عز وجل: {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا} الآية. ثم نسخها في السورة معه بقول الله جل ثناؤه {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه} إلى قوله {فاقرءوا ما تيسر من القرآن} فنسخ قيام الليل أو نصفه، أو أقل، أو أكثر بما تيسر وما أشبه ما قال بما قال وإن كنت أحب أن لا يدع أحد أن يقرأ ما تيسر عليه من ليلته ويقال: نسخت ما وصفت من المزمل بقول الله عز وجل: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} ودلوكها زوالها {إلى غسق الليل} العتمة {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} الصبح {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} فأعلمه أن صلاة الليل نافلة لا فريضة وأن الفرائض فيما ذكر من ليل، أو نهار ويقال في قول الله عز وجل: {فسبحان الله حين تمسون} المغرب والعشاء {وحين تصبحون} الصبح {وله الحمد في السموات والأرض وعشيا} العصر {وحين تظهرون} الظهر وما أشبه ما قيل: من هذا بما قيل: والله تعالى أعلم.
قال: وبيان ما وصفت في سنة رسول الله ﷺ أخبرنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول (جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله ﷺ خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل علي غيرها فقال لا إلا أن تطوع).
[قال الشافعي]: ففرائض الصلوات خمس وما سواها تطوع فأوتر رسول الله ﷺ على البعير ولم يصل مكتوبة علمناه على بعير وللتطوع وجهان صلاة جماعة وصلاة منفردة وصلاة الجماعة مؤكدة ولا أجيز تركها لمن قدر عليها بحال وهو صلاة العيدين وكسوف الشمس والقمر والاستسقاء، فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلي منه وأوكد صلاة المنفرد وبعضه، أوكد من بعض الوتر وهو يشبه أن يكون صلاة التهجد ثم ركعتا الفجر ولا أرخص لمسلم في ترك واحد منهما وإن لم أوجبهما عليه ومن ترك صلاة واحدة منهما كان أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل في الليل والنهار.