→ باب جماع ما يصلى عليه ولا يصلى من الأرض | كتاب الأم - كتاب الصلاة المؤلف: الشافعي |
باب استقبال القبلة ← |
باب الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبيد الله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي ﷺ قال (إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن، من جن خلقت ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بآنافها وإذا أدركتكم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة).
[قال الشافعي]: وبهذا نأخذ ومعناه عندنا - والله أعلم - على ما يعرف من مراح الغنم وأعطان الإبل أن الناس يريحون الغنم في أنظف ما يجدون من الأرض؛ لأنها تصلح على ذلك والإبل تصلح على الدقع من الأرض فمواضعها التي تختار من الأرض أدقعها وأوسخها.
[قال الشافعي]: والمراح والعطن اسمان يقعان على موضع من الأرض وإن لم يعطن ولم يروح إلا اليسير منها فالمراح ما طابت تربته واستعملت أرضه واستذرى من مهب الشمال موضعه والعطن قرب البئر التي تسقى منها الإبل تكون البئر في موضع والحوض قريبا منها فيصب فيه فيملا فتسقى الإبل ثم تنحى عن البئر شيئا حتى تجد الواردة موضعا فذلك عطن ليس أن العطن مراح الإبل التي تبيت فيه نفسه ولا المراح مراح الغنم التي تبيت فيه نفسه دون ما قاربه وفي قول النبي ﷺ (لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن، من جن خلقت) دليل على أنه إنما نهى عنها كما (قال ﷺ حين نام عن الصلاة: اخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان) فكره أن يصلي في قرب الشيطان فكان يكره أن يصلي قرب الإبل؛ لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها. وقال في الغنم هي من دواب الجنة فأمر أن يصلى في مراحها يعني - والله تعالى أعلم - في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعر فيه ولا بول.
قال: ولا يحتمل الحديث معنى غيرهما وهو مستغن بتفسير حديث النبي ﷺ والدلائل عنه عن بعض هذا الإيضاح.
قال: فمن صلى على موضع فيه بول، أو بعر الإبل أو غنم أو ثلط البقر أو روث الخيل أو الحمير فعليه الإعادة؛ لأن هذا كله نجس ومن صلى قربه فصلاته مجزئة عنه وأكره له الصلاة في أعطان الإبل وإن لم يكن فيها قذر لنهي النبي ﷺ عنه فإن صلى أجزأه؛ لأن النبي ﷺ صلى فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده فلم يفسد ذلك صلاته وفي هذا دليل على أن نهيه أن يصلى في أعطان الإبل؛ لأنها جن لقوله: (اخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان) اختيار وليس يمتنع من أن تكون الجن حيث شاء الله من المنازل ولا يعلم ذلك أحد بعد رسول الله ﷺ.
[قال الشافعي]: مع أن الإبل نفسها إنما تعمد في البروك إلى أدقع مكان تجده وإن عطنها - وإن كان غير دقع - فحصته بمباركها وتمرغها حتى تدقعه، أو تقربه من الإدقاع وليس ما كان هكذا من مواضع الاختيار من النظافة للمصليات فإن قال قائل: فلعل أبوال الإبل وما أكل لحمه وأبعاره لا تنجس فلذلك أمر بالصلاة في مراح الغنم. قيل: فيكون إذا نهيه عن الصلاة في أعطان الإبل؛ لأن أبوالها وأبعارها تنجس ولكنه ليس كما ذهبت إليه ولا يحتمله الحديث.
[قال الشافعي]: فإن ذهب ذاهب إلى أن أبوال الغنم ليست بنجسة؛ لأن لحومها تؤكل قيل: فلحوم الإبل تؤكل وقد نهى عن الصلاة في أعطانها فلو كان معنى أمره ﷺ بالصلاة في مراحها على أن أبوالها حلال لكانت أبوال الإبل وأبعارها حراما ولكن معناه إن شاء الله عز وجل على ما وصفنا.