الرئيسيةبحث

الصواعق المرسلة/الفصل الرابع والعشرون/الطاغوت الثاني/العشر الرابعة

الوجه الحادي والثلاثون: إن الآيات والبراهين اليقينية والأدلة القطعية قد دلت على صدق الرسل وأنهم لا يخبرون عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه إلا بالحق المحض فهم صادقون فيما يبلغونه عن الله في الطلب والخبر وهذا أول درجات الإيمان فمتى علم المؤمن بالرسول أنه أخبر بشيء من ذلك جزم جزما لا يحتمل النقيضين أنه حق وأنه لا يجوز أن يكون في الباطن بخلاف ما أخبر به وأنه يمتنع أن يعارضه دليل قطعي لا عقلي ولا سمعي فإن كل ما يظن أنه يعارضه من ذلك فهي حجج داحضة وشبه فاسدة من جنس شبه السفسطة والقرمطة وإذا كان العقل العالم بصدق الرسول قد شهد له بذلك وأنه ممتنع أن يعارض خبره دليلا صحيحا كان هذا العقل شاهدا بأن كل ما عارض ما أخبر به الرسول فهو باطل فيكون هذا العقل الصحيح والسمع قد شهدا ببطلان العقل المخالف للسمع.

الوجه الثاني والثلاثون: إن الشبهات القادحة في نبوات الأنبياء ووجود الرب ومعاد الأبدان التي يسميها أصحابها حججا عقلية هي كلها معارضة للنقل وهي أقوى من الشبه التي يدعي النفاة للصفات أنها معقولات خالفت النقل أو من جنسها أو قريبة منها كما قيل:

دع الخمر يشربها الغواة فإنني رأيت أخاها مغنيا بمكانها

فإن لا يكنها أو تكنه فإنه أخوها غذته أمه بلبانها

فقد أورد على القدح في النبوات ثمانون شبهة أو أكثر وهي كلها عقلية وأورد على إثبات الصانع سبحانه نحو أربعين شبهة كلها عقلية وأورد على المعاد نحو ذلك والله يعلم أن هذه الشبه من شبه جنس نفاة الصفات وعلو الله على خلقه وتكلمه وتكليمه ورؤيته بالأبصار عيانا في الآخرة لكن نفقت هذه الشبهة بجاه نسبة أربابها إلى الرسول والإسلام وأنهم يذبون عن دينه وينزهون الرب عما لا يليق به وإلا فعند التحقيق يسفر القاع عن فخ كله ولا فرق بين الشبه المعارضة لأصل نبوة الرسول والشبه المعارضة لما أخبر به الرسول. ومن تأمل هذا وهذا تبين له حقيقة الحال وربما وجد الشبه القادحة في أصل النبوة أكثر من الشبه القادحة فيما أخبرت به الرسل فيقال لمن قدم المعقول المعارض لما أخبر به الرسول هل تقدم المعقول المعارض لأصل الرسالة والنبوة وأنت قد أوردته وأجبت عنه بما يعلم أن صدرك لم يثلج له فإن تلك الأجوبة مبنية على قواعد قد اضطرب فيها قولك فمرة تثبتها ومرة تنفيها ومرة تقف فيها أم تطرح تلك المعقولات وتهدرها وتشهد بفسادها فحينئذ فهلا سلكت في المعقولات المعارضة لخبر الرسول ما سلكت في تلك وكانت السبيل واحدة.

والطريق في ردها واضحة وأنت من أنصار الله ورسوله محام عن أصل الرسالة وعما جاء به الرسول جازم له بعقلك لا تعارض خبره بعقلك وهذا في غاية الظهور بحمد الله ولولا خشية الإطالة لذكرنا ما ذكره من الشبه العقلية القادحة في إثبات الصانع ورسالة رسله وفي اليوم الآخر وفي الشبه القادحة في علوه على خلقه وصفاته وكلامه ورؤيته وعرضنا عليك الجميع ثم إليك الوزن يوضحه:

الوجه الثالث والثلاثون: وهو أن أرباب تلك الشبه إنما استطالوا على النفاة والجهمية بما ساعدوهم عليه من تلك الشبه وقالوا كيف يكون رسولا صادقا من يخبر بما يخالف صريح العقل وأنتم قد سلمتم لنا ذلك وساعدتمونا على أن خالق العالم لا يختص بمكان ولا يتكملم ولا يرى ولا يشار إليه ولا ينتقل من مكان إلى مكان ولا تحله الحوادث ولا له وجه ولا يد ولا إصبع ولا سمع ولا بصر ولا علم ولا حياة ولا قدرة زائدة على مجرد ذاته ومن أصولنا وأصولكم أنه لم يقم بذاته فعل ولا وصف ولا حركة ولا استواء ولا نزول ولا غضب في الحقيقة ولا رضا فضلا عن الفرح والضحك.

ونحن وأنتم متفقون في نفس الأمر على أنه لم يتكلم بهذا القرآن ولا بالتوراة ولا بالإنجيل وإنما ذلك كلام الشيء عنه بإذنه عندكم وبواسطة العقل الفعال عندنا ونحن وأنت متفقون على أنه لم يتكلم به ولم يسمع منه ونحن وأنتم متفقون على أنه لم يره ولا يراه ولم يسمع كلامه ولا يسمعه أحد وأن هذا محال فهو عندنا وعندكم بمنزلة كونه يأكل ويشرب وينام. فعند التحقيق نحن وأنتم متفقون على الأصول والقواعد التي نفت هذه الأمور وهي بعينها تنفي صحة نبوة من أخبر بها فكيف يمكن أن يصدق من جاء بها وقد اعترفتم معنا بأن العقل يدفع خبره ويرده فما للحرب بيننا وبينكم وجه وكما تساعدنا نحن وأنتم على إبطال هذه الأخبار التي عارضت صريح العقل فساعدونا على إبطال الأصل بنفس ما اتفقنا عليه جميعا في إبطال الأدلة النقلية.

فانظر هذا الإخاء ما ألصقه والنسب ما أقربه وإذا أردت أن تعرف حقيقة الحال فانظر حالهم مع هؤلاء الزنادقة في ردهم عليهم وبحوثهم معهم وخضوعهم لهم فيها ومقاومة أعداء الرسل لهم واستطالتهم عليهم ومقاتلتهم لهم بأسلحتهم التي استعاروها منهم.

فإن قلت كيف أصيب القوم مع عقولهم وبحثهم ونظرهم واجتهادهم قلت أصاب عقولهم ما أصاب عقول كفار قريش وغيرهم من الأمم الذين كذبوا الرسل مع تلك الأحلام والعقول ولكن كادها باريها عبرة لكل ذي عقل صحيح إلى يوم القيامة وهذا جزاء من لم يرض بوحي الله وما وهب لأنبيائه من العقول التي نسبتها إلى عقول العالمين كنسبتهم إليهم يوضحه:

الوجه الرابع والثلاثون: وهو أن الله سبحانه اقتضت حكمته وعدله أن يفسد على العبد عقله الذي خالف به رسله ولم يجعله منقادا لهم مسلما لما جاءوا به مذعنا له بحيث يكون مع الرسول كمملوكه المنقاد من جميع الوجوه للمالك المتصرف فيه ليس له معه تصرف بوجه من الوجوه فأول ما أفسد سبحانه عقل شيخهم القديم إبليس حيث لم ينقد به لأمره وعارض النص بالعقل وذكر وجه المعارضة فأفسد عليه عقله غاية الإفساد حتى آل الأمر إلى أن صار إمام المبطلين وقدوة الملحدين وشيخ ا لكفار والمنافقين ثم تأمل كيف أفسد عقول من أعرض عن رسله وعارض ما أرسلوا به فآل بهم فساد تلك العقول إلى ما قصه الله عنهم في كتابه ومن فساد تلك العقول أنهم لم يرضوا بنبي من النبيين ورضوا بإله من الحجر ومن فساد تلك العقول أنهم استحبوا العمى على الهدى وآثروا عقوبة الدنيا والآخرة على سعادتهما وبدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار.

وأفسد عقول أهل الكتابين بكفرهم بالرسول حتى آل أمرهم إلى مقالات الفلاسفة التي قدموها على ما جاءت به الرسل حتى قالوا ما أضحكوا به كافة العقلاء وإن كانوا أصحاب صنائع وأفكار واستنبطوها بعقولهم لعجز غيرهم عنها لكن أفسد عليهم العقل الذي ينال به سعادة الأبد حتى قالوا في فرية سلسلة الموجودات عن واجب الوجود ما هو بسلسلة المجانين أشبه منه بكلام عقلاء الآدميين.

وجعلوا العالم الذي شهدت عليه شواهد الصنعة والاحتياج والافتقار من كون غالبه مسخرا مدبرا مقهورا على حركة لا يمكنه الخروج منها وعلى مكان لا يمكنه مفارقته وعلى وضع لا يمكنه أن يزول عنه وعلى ترتيب شهد العقل والفطرة أن غيره رتبه هذا الترتيب ووضعه في هذا الموضع وقهره على هذه الحركة.

وكون سافله منفعلا غير فاعل متأثرا غير مؤثر كل وقت في مبدأ ومعاد وشواهد الفقر والحاجة والحدوث ظاهرة على أجزائه وأنواعه فجعلوه قديما غير مخلوق ولا مصنوع فعطلوه عن صانعه وخالقه ثم عطلوا الرب الذي فطر السماوات والأرض عن صفات كماله ونعوت جلاله وأفعاله فلم يثبتوا له ذاتا ولا صفة ولا فعلا ولا تصرفا باختياره في ملكه ولا عالما بشيء مما في العالم العلوي والسفلي وعاجزا من أنشأ النشأة الأولى أن يعيدها مرة ثانية.

وفي الحقيقة لم يثبتوا ربا أنشأ شيئا ولا ينشئه ولا أثبتوا لله ملائكة ولا رسلا ولا كلاما ولا إلهية ولا ربوبية.

وأما الاتحادية فأفسد عقولهم فلم يثبتوا ربا وظنوا أن في الخارج إنسانا كليا وحيوانا كليا وجعلوا وجود الرب وجودا مطلقا مجردا عن الماهيات وقالوا لا وجود للمطلق في الخارج.

وبالجملة فلم يصيبوا في الإلهيات في مسألة واحدة بل قالوا في جميعها ما أضحكوا عليهم العقلاء.

وأما متكلمو الجهمية والمعتزلة فأفسد عقولهم عليهم حتى قالوا ما يسخر العقلاء من قائله كما تقدم التنبيه على اليسير منه وقالوا يتكلم الرب بغير كلام يقوم به وخالق بلا خلق يقوم به وسميع بلا سمع وبصير بلا بصر وحي بلا حياة وقدير بلا قدرة ومريد بلا إرادة وفعال لما يريد ولا فعل له ولا إرادة وقالوا الرب موجود قائم بنفسه ليس في العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه ولا فوقه ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن يساره وقالوا إنه لم يزل معطلا عن الفعل والفعل ممتنع ثم انقلب من الامتناع إلى الإمكان بغير تجدد سبب أصلا وقالوا إن الأعراض لا تبقى زمانين وأنكروا القوى والطبائع والغرائز والأسباب والحكم وجعلوا الأجسام كلها متماثلة وأثبتوا أحوالا لا موجودة ولا معدومة وأثبتوا مصنوعا بلا صانع ومخلوقا بلا خالق إلى أضعاف ذلك مما يسخر منه العقلاء.

وكلما كان الرجل عن الرسول أبعد كان عقله أقل وأفسد فأكمل الناس عقولا أتباع الرسل وأفسدهم عقولا المعرض عنهم وعما جاءوا به ولهذا كان أهل السنة والحديث أعقل الأمة وهم في الطوائف كالصحابة في الناس

وهذه القاعدة مطردة في كل شيء عصي الرب سبحانه به فإنه يفسده على صاحبه فمن عصاه بماله أفسده عليه ومن عصاه بجاهه أفسده عليه ومن عصاه بلسانه أو قلبه أو عضو من أعضائه أفسده عليه وإن لم يشعر بفساده فأي فساد أعظم من فساد قلب خرب من محبة الله وخوفه ورجائه والتوكل عليه والإنابة إليه والطمأنينة بذكره والأنس به والفرح بالإقبال عليه وهل هذا القلب إلا قلب قد استحكم فساده والمصاب لا يشعر وأي فساد أعظم من فساد لسان تعطل عن ذكره وما جاء به وتلاوة كلامه ونصيحة عباده وإرشادهم ودعوتهم إلى الله وأي فساد أعظم من فساد جوارح عطلت عن عبودية فاطرها وخالقها وخدمته والمبادرة إلى مرضاته. وبالجملة فما عصي الله بشيء إلا أفسده على صاحبه ومن أعظم معصية العقل إعراضه عن كتابه ووحيه الذي هدى به رسوله وأتباعه والمعارضة بينه وبين كلام غيره فأي فساد أعظم من فساد هذا العقل وقد أرى الله سبحانه أتباع رسوله من فساد عقل هؤلاء ما هو من أقوى أسباب زيادة إيمانهم بالرسول وبما جاء به وموجبا لشدة تمسكهم به ولقد أحسن القائل:

وإذا نظرت إلى أميري زادني نظري له حبا إلى الأمراء

الوجه الخامس والثلاثون: هذه القاعدة التي أسسها من عارض بين العقل والنقل تقتضي أن لا ينتفع بخبر الأنبياء في باب الصفات والأفعال أحد من الخاصة والعامة. أما الخاصة فهم مصرحون بأن علم ذلك ومعرفته موكول إلى العقول فما دلت عليه وشهدت به قبل وما خالفها من السمع وجب رده فلم يستفيدوا من جهة الخبر شيئا وإنما استفادوا الحق من جهة العقل المعارض لما أخبرت به الرسل.

وأما العامة فإنهم اعتقدوا ما دل عليه الخبر وهو باطل في نفس الأمر فلم يستفيدوا منه معرفة الحق بل إنما حصلوا على اعتقاد الباطل فأي معاداة لما جاء به الرسول أعظم من هذه

الوجه السادس والثلاثون: إن الرجل إما أن يكون مقرا بالرسل أو جاحدا لرسالتهم فإن كان منكرا فالكلام معه في تثبيت النبوة فلا وجه للكلام معه في تعارض العقل والنقل فإن تعارضهما فرع الإقرار بصحة كل واحد منهما لو تجرد عن المعارض فمن لم يقر بالدليل العقلي لم يخاطب في تعارض الدليل العقلي والشرعي.

وكذلك من لم يقر بالدليل الشرعي لم يخاطب في هذا التعارض فمن لم يقر بالأنبياء لم يستفد من خبرهم دليلا شرعيا فهذا يتكلم معه في إثبات النبوات أولا وإن كان مقرا بالرسالة فالكلام معه في مقامات:

أحدها: صدق الرسول فيما أخبر به فإن أنكر ذلك أنكر الرسالة والنبوة وإن زعم أنه مقر بهما وأن الرسل خاطبوا الجمهور بخلاف الحق تقريبا إلى أفهامهم ومضمون هذا أنهم كذبوا للمصلحة وهذا حقيقة قول هؤلاء وهو عندهم كذب حسن وإن أقر بأنه صادق فيما أخبر به فالكلام معه في:

المقام الثاني: وهو هل يقر بأنه أخبر بهذا أو لا يقر به فإن لم يقر به جهلا عرف ذلك بما يعرف به أنه ظهر ودعا إلى الله وحارب أعداءه فإن أصر على إنكاره ذلك فقد خرج من جملة العقلاء وأنكر الأمور الضرورية كوجود بغداد ومكة والهند وغيرها وإن أقر بأنه أخبر بذلك فالكلام معه في:

المقام الثالث: وهو أنه هل أراد ما دل عليه كلامه ولفظه أو أراد خلافه فإن ادعى أنه أراده فالكلام معه في:

المقام الرابع: وهو أن هذا المراد حق في نفسه أم باطل فإن كان حقا لم يتصور أن يعارضه دليل عقلي البتة وإن كان باطلا انتقلنا معه إلى:

مقام خامس: وهو أنه هل كان يعلم الحق في نفس الأمر أو لا يعلمه فإن قال لم يكن عالما به فقد نسبه إلى الجهل وإن قال كان عالما به انتقلنا معه إلى:

مقام سادس: وهو أنه هل كان يمكنه التعبير والإفصاح عن الحق كما فعلتم أنتم بزعمكم أو لم يكن ذلك ممكنا له فإن لم يكن ذلك ممكنا له كان تعجيزا له ولمرسله عن أمر قدر عليه أفراخ الفلاسفة وتلامذة اليهود وأوقاح المعتزلة والجهمية وإن كان ممكنا له ولم يفعله كان ذلك غشا للأمة وتوريطا لها في الجهل بالله وأسمائه وصفاته واعتقاد مالا يليق بعظمته فيه وأن الجهمية والمعتزلة وأفراخ اليونان وورثة الصابئين والمجوس هم الذين نزهوا الله سبحانه عما لا يليق به ووصفوه بما يليق به وتكلموا بالحلق الذي كتمه الرسول وهذا أمر لا محيد لكم عنه فاختاروا أي قسم شئتم من هذه الأقسام.

والظاهر أنكم متنازعون في الاختيار وأن عقلاءكم مختارون أن الرسول كان يدري الحق في خلاف ما أخبر به وإن كان قادرا على التعبير عنه ولكن ترك ذلك خشية التنفير فخاطب الناس خطابا جمهوريا يناسب عقولهم بما الأمر بخلافه وهذا أحسن أقوالكم إذا آمنتم بالرسول وأقررتم بما جاء به.

الوجه السابع والثلاثون: إنه إذا جوز أن يكون في العقل ما يعارض ما أخبر به الرسول كان الإيمان الجازم موقوفا على العلم بانتفاء ذلك المعارض ومشروطا به والمشروط بالشيء يعدم عند عدمه ومعلوم أن ما يستخرجه الناس بعقولهم أمر لا غاية له سواء كان حقا أو باطلا فإذا جوز المجوز أن يكون في المعقولات ما يناقض خبر الرسول لم يمكنه أن يثق بشيء من أخبار الرسول لجواز أن يكون في المعقولات التي لم تظهر له بعد ما يناقض خبره فإن قال أنا أقر من السمعيات بما لم ينفه العقل وأثبت من الصفات مالم يخالفه العقل لم يكن لقوله ضابط فإنه وقف التصديق بالسمع على أمر لا ضابط له وما كان مشروطا بعدم أمر لا ينضبط لم ينضبط فلا يبقى مع هذا الأصل إيمان جازم البتة.

ولهذا تجد من تعود معارضة الشرع بالرأي لا يستقر في قلبه إيمان أبدا ولا يكون الرجل مؤمنا حتى يؤمن بالرسول إيمانا جازما ليس مشروطا بعدم معارض فإذا قال أنا أؤمن بخبره مالم يظهر له معارض يدفعه لم يكن مؤمنا به كما لو قال أنا أشهد أن لا إله إلا الله إلا أن يكون في العقل دليل يدل على إثبات إله آخر أو يقول أنا أؤمن بالمعاد إلا أن يكون في العقل دليل ينفيه أو يقول أنا أؤمن بالرسول إلا أن يكون في العقل ما يبطل رسالته فهذا وأمثاله ليس بمؤمن جازم بإيمانه وأحسن أحواله أن يكون شاكا.

الوجه الثامن والثلاثون: إن طرق العلم الحس والعقل والمركب منهما فالمعلومات ثلاثة أقسام:

أحدهما: ما يعلم بالعقل

والثاني: ما يعلم بالسمع

والثالث: ما يعلم بالعقل والسمع

وكل منهما ينقسم إلى ضروري ونظري وإلى معلوم ومظنون وموهوم فليس كل ما يحكم به العقل علما بل قد يكون ظنا وقد يكون وهما كاذبا كما أن ما يدركه السمع والبصر كذلك. فلا بد من حكم يفصل بين هذه الأنواع ويميز بين معلومها ومظنونها وموهومها فإذا اتفق العقل والسمع والعقل والحس على قضية كانت معلومة يقينية وإن انفرد بها الحس عن العقل كانت وهمية كما ذكر من أغلاط الحس في رؤية المتحرك أشد الحركة وأسرعها ساكنا والساكن متحركا والواحد اثنين والإثنين واحدا والعظيم الجرم صغيرا والصغير كبيرا والنقطة دائرة وأمثال ذلك.

فهذه الأمور يجزم بغلطها تفرد الحس بها عن العقل وكذلك حكم السمع قد يكون كاذبا وقد يكون صادقا ضرورة ونظرا وقد يكون ظنيا فإذا قارنه العقل كان حكمه علما ضروريا أو نظريا كالعلم بمجرد الأخبار المتواترة فإنه حصل بواسطة السمع والعقل فإن السمع أدى إلى العقل ما سمعه من ذلك والعقل حكم بأن المخبرين لا يمكن تواطؤهم على الكذب فأفاده علما ضروريا أو نظريا على الاختلاف في ذلك بوجود المخبر به والنزاع في كونه ضروريا أو نظريا لفظي لا فائدة فيه.

وكذلك الوهم يدرك أمورا لا يدري صحيحة هي إما باطلة فيردها إلى العقل الصريح فما صححه منها قبله وما حكم ببطلانه رده فهذا أصل يجب الاعتناء به ومراعاته وبه يعلم الصحيح من الباطل فإذا عرف هذا فمعلوم أن السمع الذي دل العقل على صحته أصح من السمع الذي لم يشهد له عقل ولهذا كان الخبر المتواتر أعرف عند العقل من الآحاد وما ذاك إلا لأن دلالة العقل قد قامت على أن المخبرين لا يتواطؤن على الكذب وإن كان الذي أخبروا به مخالفا لما اعتاده المخبر وألفه وعرفه فلا تجد محيدا عن تصديقهم فالأدلة العقلية البرهانية على صدق الرسل وتثبيت نبوتهم أضعاف الأدلة الدالة على صدق المخبرين خبر التواتر فإن أولئك لم يقم على صدق كل واحد منهم دليل وإنما أفاد اجتماعهم على الخبر دليلا على صدقهم والرسل صلاة الله وسلامه عليهم قد قامت البراهين اليقينية على صدق كل فرد منهم وقد اتفقت كلمتهم وتواطأ خبرهم على إثبات العلو والفوقية لله وأنه على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه وأنه مكلم متكلم آمر ناه يرضى ويغضب ويثيب ويعاقب ويحب ويبغض.

فإفادة خبرهم العلم لمخبره أعظم من إفادة الأخبار المتواترة لمخبرها فإن الأخبار المتواترة مستندة إلى حس قد يغلط وأخبار الأنبياء مستندة إلى وحي لا يغلط فالقدح فيها بالعقل من جنس شبه السوفسطائية القادحة في الحس والعقل ولو التفتنا إلى كل شبهة يعارض بها الدليل القطعي لم يبق لنا وثوق بشيء نعلمه بحس أو عقل أو بهما يوضحه

الوجه التاسع والثلاثون: إن المعلومات الغائبة التي لا تدرك إلا بالخبر أضعاف أضعاف المعلومات التي تدرك بالحس والعقل بل لا نسبة بينهما بوجه من الوجوه ولهذا كان إدراك السمع أعم وأشمل من إدراك البصر فإنه يدرك الأمور المعدومة والموجودة والحاضرة والغائبة والعلوم التي لا تدرك بالحس وهذه حجة من فضل السمع على البصر من النظار وغيرهم وخالفهم آخرون فرجحوا البصر على السمع لقوة إدراكه وجزمه بما يدركه وبعده من الغلط وبين الفريقين مباحثات يطول ذكرها قد ذكرها ابن قتيبة وأبو المعالي الجويني وغيرهما.

وفصل النزاع بينهما أن ما يدرك بالسمع أعم وأشمل وما يدرك بالبصر أتم وأكمل فهذا له القوة والتمام وذاك له العموم والإحاطة والمقصود أن الأمور الغائبة عن الحس نسبه المحسوس إليها كقطر في بحر ولا سبيل إلى العلم بها إلا بخبر الصادق وقد اصطفى الله من خلقه أنبياء نبأهم من هذا الغيب بما يشاء وأطلعهم منه على ما لم يطلع عليه غيرهم كما قال تعالى { مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ } [1] وقال تعالى { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } [2] وقال تعالى { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَة ِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [3] فهو سبحانه يصطفي من يطلعه من أنباء الغيب على ما لم يطلع عليه غيره ولذلك سمي نبيا من الإنباء وهو الإخبار لأنه مخبر من جهة الله ومخبر عنه فهو منبأ ومنبىء وليس كل ما أخبر به الأنبياء يمكن معرفته بدون خبرهم بل ولا أكثره ولهذا كان أكمل الأمم علما أتباع الرسل وإن كان غيرهم أحذق منهم في علم الرمل والنجوم والهندسة والسفسطة وعلم الكم المتصل والمنفصل وعلم النبض والقارورة والأبوال ومعرفة قوامها وطعومها ورائحتها ونحوها من العلوم التي لما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بها وآثروها على علوم الرسل وما جاءوا به وهي كما قال الواقف على نهاياتها الواصل إلى غاياتها وهي بين ظنون كاذبة وإن بعض الظن إثم وبين علوم غير نافعة نعوذ بالله من علم لا ينفع وإن نفعت فنفعها بالنسبة إلى علوم الأنبياء كنفع العيش العاجل بالنسبة إلى الآخرة ودوامها.

فليس العلم في الحقيقة إلا ما أخبرت به الرسل عن الله عز وجل طلبا وخبرا فهو العلم المزكي للنفوس المكمل للفطر المصحح للعقول الذي خصه الله باسم العلم وسمى ما عارض ظنا لا يغني من الحق شيئا وخرصا وكذبا فقال تعالى { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ } [4] وشهد لأهله أنهم أولو العلم فقال تعالى { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ } [5] وقال { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَة ُ وَأُولُو الْعِلْمِ } [6] والمراد أولو العلم بما أنزله على رسله ليس إلا وليس المراد أولو العلم بالمنطق والفلسفة وفروعهما. وقال تعالى { وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } [7] فالعلم الذي أمره باستزادته هو علم الوحي لا علم الكلام والفلسفة والمنطق. وقال تعالى { لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ } [8] أي أنزله وفيه علم لا يعلمه البشر. فالباء للمصاحبة مثل قوله { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ } [9] أي أنزل وفيه علم الله وذلك من أعظم البراهين على صحة نبوة من جاء به. ولم يصنع شيئا من قال إن المعنى أنزله وهو يعلمه وهذا وأن كان حقا فإن الله يعلم كل شيء فليس في ذلك دليل وبرهان على صحة الدعوى فإن البله يعلم الحق والباطل بخلاف ما إذا كان المعنى أنزله متضمنا لعلمه الذي لا يعلمه غيره إلا من أطلعه عليه وأعلمه به فإن هذا من أعظم أعلام النبوة والرسالة وقال فيما عارضه من الشبه الفاسدة التي يسميها أربابها قواطع عقلية { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } [10] وقال { إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ } [11] وقال لمن أنكر المعاد بعقله { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } [12] والظن الذي أثبته سبحانه للمعارضين نصوص الوحي بعقولهم ليس هو الاعتقاد الراجح بل هو أكذب الحديث.

وقال { قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَة ٍ سَاهُونَ } [13] وأنت إذا تأملت ما عند هؤلاء المعارضين لنصوص الأنبياء بعقولهم رأيته كله خرصا وعلمت أنهم هم الخراصون. وإن العلم في الحقيقة ما نزل به الوحي على الأنبياء والمرسلين وهو الذي أقام الله به حجته وهدى به أنبياءه ورسله وأتباعهم به وأمتن عليه فقال { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة َ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ } [14] وقال { وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة َ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } [15] وقال { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة َ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } [16] وقال { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة َ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } [17] فهذه النعمة والمنة والتزكية إنما هي لمن عرف أن ما جاء به الرسول وأخبر به عن الله وصفاته وأفعاله هو الحق كما أخبر به لا كمن زعم أن ذلك مخالف لصريح العقل وأن العقول مقدمة عليه والله المستعان.

الوجه الأربعون: إن علم الأنبياء وما جاءوا به عن الله لا يمكن أن يدرك بالعقل ولا يكتسب وإنما هو وحي أوحاه الله إليهم بواسطة الملك أو كلام يكلم به رسوله منه إليه بغير واسطة كما كلم موسى وهذا متفق عليه بين جميع أهل الملل المقرين بالنبوة والمصدقين بالرسل وإنما خالفهم في ذلك جهلة الفلاسفة وسفلتهم الذين يقولون إن الأنبياء يعلمون ما يعلمونه بقوة عقلية وهم أكمل من غيرهم في قوة الحدس ويسمونها القوة القدسية قالوا ويتميز النبي عن غيره بقون التخيل والتخييل فيتخيل الأمور للعقول في الصور المحسوسة ويخيلها إلى الناس في قوالب تلك الصور ويتميز أيضا بقوة النفس فيتصرف بقوتها في مواد العلم وعناصره بقلب بعضها إلى بعض فهذه عندهم خواص النبوة فالأنبياء عندهم من جنس غيرهم من البشر ونبواتهم من جنس صنائع الناس وسياساتهم ورياضاتهم حتى قال أقرب هؤلاء إلى الإسلام اعلم أن أصول الصناعات أربعة صنعة التجارة والحدادة والنساجة والسياسة وأصعبها صنعة السياسة وأصعب هذه الصناعة صناعة النبوة هذا كلامه بعينه في كتابه.

فلما كانت النبوة عندهم في هذه المرتبة كانت علومها وأعمالها من جنس علوم البشر وأعمالهم فالعقل مشترك بينهم وبين كافة العقلاء فلما جاءت الرسل بما لا تدركه عقولهم وليس في قواعدهم ونظرهم ومنطقهم ما يدل عليه قابلوه بالإنكار وقالوا قد تعارض العقل وما جئتم به وإذا تعارض العقل وخبركم فلا سبيل إلى تقديم أخباركم على العقل لأن ذلك يتضمن القدح فيه فهؤلاء هم الذين عارضوا أولا بين العقل والوحي وهم الذين أسسوا هذه القاعدة ووضعوا هذا البناء إذ كانت علوم الأنبياء وعقولهم عندهم من جنس علومهم وعقولهم وربما رجحوا علم الفيلسوف وعقله وبعضهم يرجح النبي من وجه والفيلسوف من وجه فهؤلاء إذا عارضوا بين العقل والنقل ثم قدموا العقل على النقل عملوا بمقتضى أصولهم وقواعدهم أما من عرف الرسل وأمرهم وعلم أن الله أرسلهم وأوحى إليهم من غيبه ما لم يطلع عليه سواهم وأن نسبة عقول العالمين وعلومهم إليهم أقل بكثير من نسبة عقول صبيان المكاتب إلى عقول العقلاء وأن بين ما جاءوا به من عند الله وبين ما عند هؤلاء كما يدخل الرجل أصبعه في اليم والأمر فوق ذلك يوضحه

هامش

  1. [آل عمران179]
  2. [الجن26، 27]
  3. [الحج75]
  4. [آل عمران61]
  5. [الروم56]
  6. [آل عمران18]
  7. [طه114]
  8. [النساء166]
  9. [هود14]
  10. [النجم28]
  11. [148]
  12. [الجاثية 24]
  13. [الذاريات10، 11]
  14. [151البقرة، 152]
  15. [النساء113]
  16. [آل عمران164]
  17. [الجمعة 2]
الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة لابن قيم الجوزية
المقدمة | الفصل الأول في معرفة حقيقة التأويل ومسماه لغة واصطلاحا | الفصل الثاني وهو انقسام التأويل إلى صحيح وباطل | الفصل الثالث في أن التأويل إخبار عن مراد المتكلم لا إنشاء | الفصل الرابع في الفرق بين تأويل الخبر وتأويل الطلب | الفصل الخامس في الفرق بين تأويل التحريف وتأويل التفسير وأن الأول ممتنع وقوعه في الخبر والطلب والثاني يقع فيهما | الفصل السادس في تعجيز المتأولين عن تحقيق الفرق بين ما يسوغ تأويله من آيات الصفات وأحاديثها وما لا يسوغ | الفصل السابع في إلزامهم في المعنى الذي جعلوه تأويلا نظير ما فروا منه | الفصل الثامن في بيان خطئهم في فهمهم من النصوص المعاني الباطلة التي تأولوها لأجلها فجمعوا بين التشبيه والتعطيل | الفصل التاسع في الوظائف الواجبة على المتأول الذي لا يقبل منه تأويله إلا بها | الفصل العاشر في أن التأويل شر من التعطيل فإنه يتضمن التشبيه والتعطيل والتلاعب بالنصوص وإساءة الظن بها | الفصل الحادي عشر في أن قصد المتكلم من المخاطب حمل كلامه على خلاف ظاهره وحقيقته ينافي قصد البيان والإرشاد والهدى وأن القصدين متنافيان وأن تركه بدون ذلك الخطاب خير له وأقرب إلى الهدى | الفصل الثاني عشر في بيان أنه مع كمال علم المتكلم وفصاحته وبيانه ونصحه يمتنع عليه أن يريد بكلامه خلاف ظاهره وحقيقته وعدم البيان في أهم الأمور وما تشتد الحاجة إلى بيانه | الفصل الثالث عشر في بيان أن تيسير القرآن للذكر ينافي حمله على التأويل المخالف لحقيقته وظاهره | الفصل الرابع عشر في أن التأويل يعود على المقصود من وضع اللغات بالإبطال | الفصل الخامس عشر في جنايات التأويل على أديان الرسل وأن خراب العالم وفساد الدنيا والدين بسبب فتح باب التأويل | الفصل السادس عشر في بيان ما يقبل التأويل من الكلام وما لا يقبله | الفصل السابع عشر في أن التأويل يفسد العلوم كلها إن سلط عليها ويرفع الثقة بالكلام ولا يمكن أمة من الأمم أن تعيش عليه | الفصل الثامن عشر في انقسام الناس في نصوص الوحي إلى أصحاب تأويل وأصحاب تخييل وأصحاب تجهيل وأصحاب تمثيل وأصحاب سواء السبيل | الفصل التاسع عشر في الأسباب التي تسهل على النفوس الجاهلة قبول التأويل مع مخالفته للبيان الذي علمه الله الإنسان وفطره على قبوله | الفصل العشرون في بيان أن أهل التأويل لا يمكنهم إقامة الدليل السمعي على مبطل أبدا | الفصل الحادي والعشرون في الأسباب الجالبة للتأويل | الفصل الثاني والعشرون في أنواع الاختلاف الناشئة عن التأويل وانقسام الاختلاف إلى محمود ومذموم | الفصل الثالث والعشرون في أسباب الخلاف الواقع بين الأئمة بعد اتفاقهم على أصل واحد وتحاكمهم إليه وهو كتاب الله وسنة رسوله | الفصل الرابع والعشرون في ذكر الطواغيت الأربع التي هدم بها أصحاب التأويل الباطل معاقل الدين وانتهكوا بها حرمة القرآن ومحوا بها رسوم الإيمان | الطاغوت الأول | العشر الأولى | العشر الثانية | العشر الثالثة | العشر الرابعة | العشر الخامسة | العشر السادسة | العشر السابعة | المكملة | الطاغوت الثاني | العشر الأولى | العشر الثانية | العشر الثالثة | العشر الرابعة | العشر الخامسة | العشر السادسة | العشر السابعة | العشر الثامنة | العشر التاسعة | العشر العاشرة | العشر الحادية عشرة | العشر الثانية عشرة | العشر الثالثة عشر | العشر الرابعة عشر | العشر الخامسة عشر | العشر السادسة عشر | العشر السابعة عشر | العشر الثامنة عشر | العشر التاسعة عشر | العشر العشرون | العشر الحادية والعشرون | العشر الثانية والعشرون | العشر الثالثة والعشرون | العشر الرابعة والعشرون | وجوه آخيرة