الرئيسيةبحث

البداية والنهاية/الجزء الثاني/ذكر أخبار العرب


ذكر أخبار العرب


قيل: إن جميع العرب ينتسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام والتحية والإكرام، والصحيح المشهور أن العرب العاربة قبل إسماعيل، وقد قدمنا أن العرب العاربة منهم: عاد، وثمود، وطسم، وجديس، وأميم، وجرهم، والعماليق، وأمم آخرون لا يعلمهم إلا الله كانوا قبل الخليل عليه الصلاة والسلام وفي زمانه أيضا.

فأما العرب المستعربة: وهم عرب الحجاز فمن ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وأما عرب اليمن: وهم حمير، فالمشهور أنهم من قحطان، واسمه: مهزم، قاله ابن ماكولا.

وذكروا أنهم كانوا أربعة إخوة: قحطان، وقاحط، ومقحط، وفالغ، وقحطان بن هود، وقيل: هو هود، وقيل: هود أخوه، وقيل: من ذريته، وقيل: إن قحطان من سلالة إسماعيل، حكاه ابن إسحاق، وغيره. فقال بعضهم: هو قحطان بن الهميسع بن تيمن بن قيذر بنت ابن إسماعيل، وقيل: غير ذلك في نسبه إلى إسماعيل، والله أعلم.

وقد ترجم البخاري في صحيحه على ذلك، فقال: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل عليه السلام:

حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن يزيد بن أبي عبيد، حدثنا سلمة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله ﷺ على قوم من أسلم يتناضلون بالسيوف، فقال:

« ارموا بني إسماعيل، وأنا مع بني فلان » لأحد الفريقين. فأمسكوا بأيدهم.

فقال: « ما لكم؟ ».

قالوا: وكيف نرمي وأنت مع بني فلان؟

فقال: « ارموا وأنا معكم كلكم ».

انفرد به البخاري، وفي بعض ألفاظه: « ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع ابن الأدرع ». فأمسك القوم فقال: « ارموا وأنا معكم كلكم ».

قال البخاري وأسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة، يعني وخزاعة فرقة ممن كان تمزق من قبائل سبأ حين أرسل الله عليهم سيل العرم، كما سيأتي بيانه، وكانت الأوس والخزرج منهم، وقد قال لهم عليه الصلاة والسلام:

« ارموا بني إسماعيل » فدل على أنهم من سلالته، وتأوله آخرون على أن المراد بذلك جنس العرب، لكنه تأويل بعيد إذ هو خلاف الظاهر بلا دليل.

لكن الجمهور على أن العرب القحطانية من عرب اليمن وغيرهم، ليسوا من سلالة إسماعيل، وعندهم أن جميع العرب ينقسمون إلى قسمين: قحطانية، وعدنانية ؛ فالقحطانية: شعبان سبأ وحضرموت، والعدنانية: شعبان أيضا ربيعة ومضر، ابنا نزار بن معد بن عدنان، والشعب الخامس وهم: قضاعة مختلف فيهم. فقيل: إنهم عدنانيون.

قال ابن عبد البر وعليه الأكثرون، ويروى هذا عن ابن عباس، وابن عمر، وجبير بن مطعم، وهو اختيار الزبير بن بكار، وعمه مصعب الزبيري، وابن هشام، وقد ورد في حديث قضاعة بن معد، ولكنه لا يصح، قاله ابن عبد البر وغيره، ويقال: إنهم لن يزالوا في جاهليتهم، وصدر من الإسلام، ينتسبون إلى عدنان، فلما كان في زمن خالد بن يزيد بن معاوية، وكانوا أخواله انتسبوا إلى قحطان، فقال في ذلك أعشى بن ثعلبة في قصيدة له:

أبلغ قضاعة في القرطاس إنهم * لولا خلائف آل الله ما عتقوا

قالت قضاعة إنا من ذوي يمن * والله يعلم ما بروا وما صدقوا

قد ادعوا والدا ما نال أمهم * قد يعلمون ولكن ذلك الفرق

وقد ذكر أبو عمرو السهيلي أيضا من شعر العرب ما فيه إبداع في تفسير قضاعة في انتسابهم إلى اليمن، والله أعلم.

والقول الثاني أنهم من قحطان، وهو قول ابن إسحاق، والكلبي، وطائفة من أهل النسب، قال ابن إسحاق وهو قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وقد قال بعض شعرائهم وهو عمرو بن مرة صحابي له حديثان:

يا أيها الداعي ادعنا وأبشر * وكن قضاعيا ولا تنزر

نحن بنو الشيخ الهجان الأزهر * قضاعة بن مالك بن حمير

النسب المعروف غير المنكر * في الحجر المنقوش تحت المنبر

قال بعض أهل النسب:

هو قضاعة بن مالك بن عمر بن مرة بن زيد بن حمير، وقال ابن لهيعة عن معروف بن سويد، عن أبي عشابة محمد بن موسى عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله أما نحن من معد؟

قال: « لا ».

قلت: فمن نحن؟

قال: « أنتم قضاعة بن مالك بن حمير ».

قال أبو عمر بن عبد البر، ولا يختلفون أن جهينة بن زيد بن أسود بن أسلم بن عمران بن إلحاف بن قضاعة قبيلة عقبة بن عامر الجهني، فعلى هذا قضاعة في اليمن في حمير بن سبأ.

وقد جمع بعضهم بين هذين القولين بما ذكره الزبير بن بكار وغيره، من أن قضاعة امرأة من جرهم، تزوجها مالك بن حمير، فولدت له قضاعة، ثم خلف عليها معد بن عدنان وابنها صغير، وزعم بعضهم أنه كان حملا فنسب إلى زوج أمه، كما كانت عادة كثير منهم ينسبون الرجل إلى زوج أمه، والله أعلم.

وقال محمد بن سلام البصري النسابة: العرب ثلاثة جراثيم: العدنانية، والقحطانية، وقضاعة.

قيل له: فأيهما أكثر العدنانية أو القحطانية؟

فقال: ما شاءت قضاعة أن تيامنت ؛ فالقحطانية أكثر، وإن تعددت، فالعدنانية أكثر. وهذا يدل على أنهم يتلومون في نسبهم، فإن صح حديث ابن لهيعة المقدم، فهو دليل على أنهم من القحطانية، والله أعلم.

وقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: 13] .

قال علماء النسب: يقال شعوب، ثم قبائل، ثم عمائر، ثم بطون، ثم أفخاذ، ثم فصائل، ثم عشائر. والعشيرة أقرب الناس إلى الرجل، وليس بعدها شيء.

ولنبدأ أولا بذكر القحطانية، ثم نذكر بعدهم عرب الحجاز، وهم العدنانية، وما كان من أمر الجاهلية ليكون ذلك متصلا بسيرة رسول الله ﷺ، إن شاء الله تعالى وبه الثقة.

وقال البخاري باب ذكر قحطان: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن أبي المغيث، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:

« لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ».

وكذا رواه مسلم عن قتيبة، عن الدراوردي، عن ثور بن زيد به.

قال السهيلي: وقحطان أول من قيل له أبيت اللعن، وأول من قيل له أنعم صباحا.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، عن جرير، حدثني راشد بن سعد المقراي، عن أبي حي، عن ذي فجر أن رسول الله ﷺ قال:

« كان هذا الأمر في حمير، فنزعه الله منهم، فجعله في قريش » (وس ى ع و د ا ل ى هـ م) قال عبد الله: كان هذا في كتاب أبي، وحيث حدثنا به تكلم به على الاستواء، يعني: وسيعود إليهم.

البداية والنهاية - الجزء الثاني
ذكر جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام | قصة حزقيل | قصة اليسع عليه السلام | فصل في حال بني إسرائيل | قصة شمويل عليه السلام | قصة داود وما كان في أيامه وذكر فضائله وشمائله ودلائل نبوته وإعلامه | ذكر كمية حياته وكيفية وفاته عليه السلام | قصة سليمان بن داود عليهما السلام | ذكر وفاته وكم كانت مدة ملكه وحياته | باب ذكر جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد داود وسليمان | ومنهم ارميا بن حلقيا من سبط لاوي بن يعقوب | ذكر خراب بيت المقدس | ذكر شيء من خبر دانيال عليه السلام | ذكر عمارة بيت المقدس بعد خرابها | وهذه قصة العزير | فصل:حفظ عزيرا التوراة | قصة زكريا ويحيى عليهما السلام | بيان سبب قتل يحيى عليه السلام | قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عليه من الله أفضل الصلاة والسلام | ميلاد العبد الرسول عيسى بن مريم العذراء البتول | باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا | ذكر منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام | بيان نزول الكتب الأربعة ومواقيتها | بيان شجرة طوبى ما هي؟ | ذكر خبر المائدة | فصل توجه عيسى عليه السلام نحو البحر. | ذكر رفع عيسى عليه السلام إلى السماء | ذكر صفة عيسى عليه السلام وشمائله وفضائله | فصل اختلاف أصحاب المسيح في رفع عيسى إلى السماء. | بيان بناء بيت لحم والقمامة | كتاب أخبار الماضين من بني إسرائيل وغيرهم | خبر ذي القرنين | بيان طلب ذي القرنين عين الحياة | ذكر أمتي يأجوج ومأجوج وصفاتهم | قصة أصحاب الكهف | قصة الرجلين المؤمن والكافر | قصة أصحاب الجنة | قصة أصحاب أيلة الذين اعتدوا في سبتهم | قصة أصحاب القرية | قصة لقمان | قصة أصحاب الأخدود | بيان الإذن في الرواية عن أخبار بني إسرائيل | قصة جريج أحد عباد بني إسرائيل | قصة برصيصا | قصة الثلاثة الذين أووا إلى الغار فانطبق عليهم | خبر الثلاثة الأعمى والأبرص والأقرع | حديث الذي استلف من صاحبه ألف دينار فأداها | قصة أخرى شبيهة بهذه القصة في الصدق والأمانة | قصة توبة قاتل التسعة وتسعين نفسا | حديث بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها | حديث كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون | حديث إنما هلكت بنو إسرائيل | حديث بينما كلب يطيف بركيه كاد يقتله العطش | حديث عذبت امرأة في هرة | حديث كان في بني إسرائيل امرأة قصيرة | حديث إن مما أدرك الناس | حديث بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي | قصة الملكين التائبين | حديث إن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا | حديث كان رجل يداين الناس | حديث الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل | حديث أتشفع في حد من حدود الله؟ | حديث كلاكما محسن | حديث إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم | حديث لعن الله اليهود | حديث فأمر بلال أن يشفع الأذان | حديث لعنة الله على اليهود والنصارى | حديث لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر | حديث إنما أجلكم في أجل من خلا من قبلكم من الأمم | فصل: بعض القصص من الإسرائيليات | تحريف أهل الكتاب وتبديلهم أديانهم | ليس للجنب لمس التوراة | كتاب الجامع الأخبار الأنبياء المتقدمين | حديث إني خاتم ألف نبي | ذكر أخبار العرب | قصة سبأ | فصل إقامة ست قبائل من سبأ في اليمن. | قصة ربيعة بن نصر بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر | قصة تبع أبي كرب مع أهل المدينة | وثوب لخنيعة ذي شناتر على ملك اليمن | خروج الملك باليمن من حمير إلى الحبشة السودان | خروج أبرهة الأشرم على أرياط واختلافهما | سبب قصد أبرهة بالفيل مكة ليخرب الكعبة | خروج الملك عن الحبشة ورجوعه إلى سيف بن ذي يزن | ما آل إليه أمر الفرس باليمن | قصة الساطرون صاحب الحضر | خبر ملوك الطوائف | ذكر بني إسماعيل وما كان من أمور الجاهلية إلى زمان البعثة | قصة خزاعة وعمرو بن يحيى وعبادة العرب للأصنام | باب جهل العرب | خبر عدنان جد عرب الحجاز | أصول أنساب عرب الحجاز إلى عدنان | قريش نسبا واشتقاقا وفضلا وهم بنو النضر بن كنانة | خبر قصي بن كلاب وارتجاعه ولاية البيت إلى قريش وانتزاعه ذلك من خزاعة | فصل: تفويض قصي أمر الوظائف لابنه عبد الدار | ذكر جمل من الأحداث في الجاهلية | ذكر جماعة مشهورين في الجاهلية | حاتم الطائي أحد أجواد الجاهلية | شيء من أخبار عبد الله بن جدعان | امرؤ القيس بن حجر الكندي صاحب إحدى المعلقات | أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي | بحيرا الراهب | ذكر قس بن ساعدة الإيادي | زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه | شيء من الحوادث في زمن الفترة | كعب بن لؤي | تجديد حفر زمزم | نذر عبد المطلب ذبح ولده | تزويج عبد المطلب ابنه عبد الله من آمنة بنت وهب الزهرية | كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم | باب مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم | صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام | فصل فيما وقع من الآيات ليلة مولده عليه الصلاة والسلام | ذكر ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط الشرفات | حواضنه ومراضعه عليه الصلاة والسلام | رضاعه عليه الصلاة والسلام من حليمة | فصل ذكر رجوعه عليه الصلاة والسلام إلى أمه آمنة بعد رضاعة حليمة | فصل كفالة عبد المطلب للنبي عليه الصلاة والسلام | فصل في خروجه عليه الصلاة والسلام مع عمه أبي طالب إلى الشام | قصة بحيرا | فصل في منشئه ومرباه عليه الصلاة والسلام | شهوده عليه الصلاة والسلام حرب الفجار | فصل شهود رسول الله عليه الصلاة والسلام حلف المطيبين مع عمومته | تزويجه عليه الصلاة والسلام خديجة بنت خويلد | باب ما كان يشتغل به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوج خديجة | فصل ذكر خديجة لورقة بن نوفل عن النبي عليه الصلاة والسلام | فصل في تجديد قريش بناء الكعبة قبل المبعث بخمس سنين | فصل تعظيم قريش للحرم تعظيما زائدا أدى إلى الابتداع | مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وذكر شيء من البشارات بذلك | فصل طلب اليهود من الله تعالى أن يبعث لهم نبيا يحكم بينهم وبين الناس | ذكر أخبار غريبة في ذلك | قصة عمرو بن مرة الجهني | قصة سيف بن ذي يزن وبشارته بالنبي | باب في هواتف الجان