→ الآية رقم 99 | الجامع لأحكام القرآن – سورة البقرة الآية رقم 100 القرطبي |
الآية رقم 101 ← |
الآية: 100 { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ }
قوله تعالى: { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً } الواو واو العطف، دخلت عليها ألف الاستفهام كما تدخل على الفاء في قوله: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ } [1]، { أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ } [2]، { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ } [3]. وعلى ثم كقوله: { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ } [4] هذا قول سيبويه. وقال الأخفش: الواو زائدة. ومذهب الكسائي أنها أو، حركت الواو منها تسهيلا. وقرأها قوم أو، ساكنة الواو فتجيء بمعنى بل، كما يقول القائل: لأضربنك، فيقول المجيب: أو يكفي الله. قال ابن عطية: وهذا كله متكلف، والصحيح قول سيبويه. "كلما" نصب على الظرف، والمعني
في الآية مالك بن الصيف، ويقال فيه ابن الضيف، كان قد قال: والله ما أخذ علينا عهد في كتابنا أن نؤمن بمحمد ولا ميثاق، فنزلت الآية. وقيل: إن اليهود عاهدوا لئن خرج محمد لنؤمن به ولنكونن معه على مشركي العرب، فلما بعث كفروا به. وقال عطاء: هي العهود التي كانت بين النبي ﷺ وبين اليهود فنقضوها كفعل قريظة والنضير، دليله قوله تعالى: { الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ } [5].
قوله تعالى: { نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ } النبذ: الطرح والإلقاء، ومنه النبيذ والمنبوذ، قال أبو الأسود:
وخبرني من كنت أرسلت إنما... أخذت كتابي معرضا بشمالكا
نظرت إلى عنوانه فنبذته... كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا
آخر:
إن الذين أمرتهم أن يعدلوا... نبذوا كتابك واستحلوا المحرما
وهذا مثل يضرب لمن استخف بالشيء فلا يعمل به، تقول العرب: اجعل هذا خلف ظهرك، ودبرا منك، وتحت قدمك، أي اتركه وأعرض عنه، قال الله تعالى: { وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً } [6]. وأنشد الفراء:
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي... بظهر فلا يعيا علي جوابها
قوله تعالى: { بَلْ أَكْثَرُهُمْ } ابتداء. { لا يُؤْمِنُونَ } فعل مستقبل في موضع الخبر.
هامش