→ الآية رقم 87 | الجامع لأحكام القرآن – سورة البقرة الآية رقم 88 القرطبي |
الآية رقم 89 ← |
الآية: 88 { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ }
قوله تعالى: { وَقَالُوا } يعني اليهود. قوله تعالى: { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } بسكون اللام جمع أغلف، أي عليها أغطية. وهو مثل قوله: { قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } [1] أي في أوعية. قال مجاهد: "غلف" عليها غشاوة. وقال عكرمة: عليها طابع. وحكى أهل اللغة غلفت السيف جعلت له غلافا، فقلب أغلف، أي مستور عن الفهم والتمييز. وقرأ ابن عباس والأعرج وابن محيصن "غلف" بضم اللام. قال ابن عباس: أي قلوبنا ممتلئة علما لا تحتاج إلى علم محمد ﷺ ولا غيره. وقيل: هو جميع غلاف. مثل خمار وخمر، أي قلوبنا أوعية للعلو فما بالها لا تفهم عنك وقد وعينا علما كثيرا! وقيل: المعنى فكيف يعزب عنها علم محمد ﷺ.
قوله تعالى: { بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ } بين أن السبب في نفورهم عن الإيمان إنما هو أنهم لعنوا بما تقدم من كفرهم واجترائهم، وهذا هو الجزاء على الذنب بأعظم منه. وأصل اللعن في كلام العرب الطرد والإبعاد. ويقال للذئب: لعين. وللرجل الطريد: لعين، وقال الشماخ:
ذعرت به القطا ونفيت عنه... مقام الذئب كالرجل اللعين
ووجه الكلام: مقام الذئب اللعين كالرجل، فالمعنى أبعدهم الله من رحمته. وقيل: من توفيقه وهدايته. وقيل: من كل خير، وهذا عام. "فقليلا" نعت لمصدر محذوف، تقديره فإيمانا قليلا ما يؤمنون. وقال معمر: المعنى لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم ويكفرون بأكثره، ويكون "قليلا" منصوب بنزع حرف الصفة. و"ما" صلة، أي فقليلا يؤمنون. وقال الواقدي: معناه لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا، كما تقول: ما أقل ما يفعل كذا، أي لا يفعله البتة. وقال الكسائي: تقول العرب مررنا بأرض قل ما تنبت الكراث والبصل، أي لا تنبت شيئا.
هامش
- ↑ [فصلت: 5]