→ الآية رقم 144 | الجامع لأحكام القرآن – سورة البقرة الآية رقم 145 القرطبي |
الآية رقم 146 ← |
الآية: 145 { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ }.
قوله تعالى: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ } لأنهم كفروا وقد تبين لهم الحق، وليس تنفعهم الآيات، أي العلامات. وجمع قبلة في التكسير: قبل. وفي التسليم: قبلات. ويجوز أن تبدل من الكسرة فتحة، فتقول قبلات. ويجوز أن تحذف الكسرة وتسكن الباء فتقول قبلات. وأجيبت "لئن" بجواب "لو" وهي ضدها في أن "لو" تطلب في جوابها المضي والوقوع، و"لئن" تطلب الاستقبال، فقال الفراء والأخفش: أجيبت بجواب "لو" لأن المعنى: ولو أتيت. وكذلك تجاب "لو" بجواب "لئن"، تقول: لو أحسنت أحسن إليك، ومثله قوله تعالى: { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَظَلُّوا } [1] أي ولو أرسلنا ريحا. وخالفهما سيبويه فقال: إن معنى "لئن" مخالف لمعنى "لو" فلا يدخل واحد منهما على الآخر، فالمعنى: ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية لا يتبعون قبلتك. قال سيبويه: ومعنى { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَظَلُّوا } ليظلن.
قوله تعالى: { وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ } لفظ خبر ويتضمن الأمر، أي فلا تركن إلى شيء من ذلك ثم أخبر تعالى أن اليهود ليست متبعة قبلة النصارى ولا النصارى متبعة قبلة اليهود، عن السدي وابن زيد. فهذا إعلام باختلافهم وتدابرهم وضلالهم. وقال قوم: المعنى وما من اتبعك ممن أسلم منهم بمتبع قبلة من لم يسلم، ولا من لم يسلم قبلة من أسلم. والأول أظهر، والله تعالى اعلم.
قوله تعالى: { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ } الخطاب للنبي ﷺ، والمراد أمته ممن يجوز أن يتبع هواه فيصير باتباعه ظالما، وليس يجوز أن يفعل النبي ﷺ ما يكون به ظالما، فهو محمول على إرادة أمته لعصمة النبي ﷺ وقطعنا أن ذلك لا يكون منه، وخوطب النبي ﷺ تعظيما للأمر ولأنه المنزل عليه. والأهواء: جمع هوى، وقد تقدم، وكذا { مِنَ الْعِلْمِ } [2] تقدم أيضا، فلا معنى للإعادة.
هامش