الرئيسيةبحث

الأردن، تاريخ ( Jordan, History of )



الأُردن، تاريخ. يعتبر الأردن جزءًا طبيعيًا من بلاد الشام الواسعـة الممتـدة شمالاً من جبال طوروس إلى خليج العقبة جنوبًا، ومن البحر المتوسط غربًا إلى العراق شرقًا. إنَّ تكوين الأردن الحديث مر بمرحلتين سياسيتين مهمتين هما: 1- تشكيل دولة إمارة شرقي الأردن في مطلع العشرينيات من القرن العشرين. 2- تشكيل المملكة الأردنية الهاشمية منذ عام 1946م، وما طرأ على حدودها ووضعها السياسي بعد نكبة عام 1948م، المعروفة بالقضية الفلسطينية.

الأردن في التاريخ القديم والوسيط

تأثرت الجماعات القبلية والعشائرية التي كانت تسكن مناطق الأردن قديمًا بالمد الحضاري الكنعاني، فعلى الرغم من أن الكنعانيين كانوا قد سكنوا فلسطين ومناطق جنوبي بلاد الشام، فإنّ تأثيرهم الحضاري، خاصة الثقافي واللغوي كان قد امتد إلى الجماعات التي كانت تقطن مناطق الأردن.

وأثر الآراميون الساميون تأثيرًا حضاريًا على القبائل التي كانت تقطن مناطق الأردن منذ عام 1500ق.م، على الرغم من أن الآراميين كانوا قد أقاموا كيانهم السياسي في المناطق السورية المحصورة بين نهر الفرات ورافده نهر الخابور. وجاءت هجرات سامية تزامنت مع هجرة الآراميين، لكنها ركزت كيانها السياسي في مناطق الأردن، من هذه الأقوام:

المؤابيون:

جماعةٌ سَامِيَّةٌ أسست مملكة في المنطقة الممتدة بين وادي الموجب والحسا في الجزء الجنوبي من الأردن. وتقع مملكة مؤاب في شمالي مملكة أدوم. وكانت علاقة المؤابيين باليهود علاقة سيئة جدًا، فقد تحاربوا معهم يوم أن قدموا لغزو فلسطين. وقد أجبر المؤابيون اليهود على دفع الجزية لهم في عهد الملك المؤابي عجلون. كما أن المؤابيين حاولوا توسيع دائرة سيادتهم جنوبًا فوصلوا منطقة معان في الجنوب من الأردن.

الأدوميون:

نزل الأدوميون في المنطقة الممتدة بين الحسا في جنوبي الأردن ومنطقة خليج العقبة. وكلمة أدوم بالسامية تعني الحمرة أو الاحمرار. وكان الأدوميون شعبًا مستقرًا يعمل في الزراعة والرعي، ولهم أنماط معيشة ونظم إداريّة خاصة بهم.

العمُّونيون:

سكن العمُّونيون وسط الأردن، وكانت عاصمتهم ربة عمون وهي مدينة عَمَّان اليوم. وكانت علاقة العمونيين باليهود علاقة سيئة طوال مدة احتكاكهم بهم.

خضعت مناطق الأردن للحكم الآشوري والكلداني والفارسيّ والرومانيّ حتى استقر فيها العرب المسلمون. وقد خلفت تلك الدولة آثارًا ذات قيمة تاريخية خاصة الآثار الرومانية كما هو الحال في آثار مدينة جرش، وآثار المدرج الروماني في عمان.

دخلت الأردن في بوتقة الدولة الإسلامية منذ عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق، وخلَّف المسلمون في الأردن القلاع والقصور وغيرها من الآثار الإسلامية التي ماتزال قائمة حتى وقتنا الحاضر. وأدّى الأردن دورًا مهمًا في أحداث التاريخ، خاصة في زمن الحروب الصليبية.

الأردن في العهد العثماني

اهتم العثمانيون بالأردن لسببين رئيسيين هما: 1- مرور طريق الحج الشامي في أراضيه. 2- لأنه طريق مهم لقوافل التجارة البرية. لذلك وجه العثمانيون اهتمامهم إلى الأردن، فبنوا القلاع وبرك الماء والخزانات وغيرها على طول طريق الحج. واهتموا بتأمين سلامة الحجاج وسلامة مرور القوافل التجارية. ودفع العثمانيون الأموال لشيوخ القبائل التي تقطن المنطقة، كي يضمنوا ولاءهم ومحافظتهم على أمن هذا الطريق. وقد قسم العثمانيون الأردن إلى عدة مناطق إدارية هي:

قضاء البلقاء:

تمتد حدود هذا القضاء من وادي الزرقاء شمالاً إلى وادي الموجب جنوبًا. وتعدّ مدينة السلط أكبر مدن هذا القضاء وهي مركزه أيضًا. وقد أسند العثمانيون أحيانًا تبعية هذا القضاء إلى متصرفية نابلس بفلسطين، خاصة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي.

قضاء عجلون:

تمتد حدود هذا القضاء من وادي الزرقاء جنوبًا إلى نهر اليرموك شمالاً. وتعدّ مدينة إربد من أكبر مدنه وهي مركزه أيضًا. ومن مدن هذا القضاء مدينة عجلون ومدينة جرش.

قضاء الكرك:

يشمل هذا القضاء القسم الجنوبي من بلاد الأردن. وتمتد حدوده في المنطقة الواقعة بين وادي السرحان شرقًا ووادي عربة غربًا، ومن وادي الزرقاء شمالاً إلى مدائن صالح جنوبًا. ومدينة الكرك هي أكبر مدنه، وهي أيضًا مركزه، فالكرك بلد واسع نسبيًا، وموقعه مهم واستراتيجي.

ظلت الأردن ضمن السيادة العثمانية إلى أن تشكلت المملكة العربية بزعامة فيصل بن الشريف حسين في سوريا عام 1918م، عندها أصبحت الأردن جزءًا من هذه الدولة العربية الناشئة في أعقاب قيام الثورة العربية الكبرى عام 1916م. وظل وضع الأردن كذلك حتى انتهى عهد المملكة العربية في يوليو عام 1920م. وفي خضم هذه الحوادث التاريخية السريعة والمتلاحقة وصل الأمير عبدالله بن الشريف حسين إلى مدينة معان وأذاع منشورًا بيَّن فيه ماحدث للعرب السوريين من ويلات وظلم من جراء التسلط الفرنسي عليهم، وخاطب الأمير عرب الشام بقوله: ¸كيف ترضون أن تكون العاصمة الأموية مستعمرة فرنسية؟·. وقام الأمير عبدالله بجمع البدو من جنوبي الأردن يريد الثأر من الفرنسيين، الذين أنهوا حكم أخيه فيصل في سوريا. فما كان من فرنسا إلاّ أن استعانت بالحكومة البريطانية لدرء هذا الخطر المحلي الذي يهدد أمن انتدابها على سوريا ولبنان. فأوعزت إلى الأمير فيصل بن الحسين بأنها مستعدة لبحث القضايا العربية على شرط أن يتوقف أخوه عبدالله عن تهديد الفرنسيين في بلاد الشام.

الأردن وبريطانيا

قيام إمارة شرقي الأردن:

بعد مغادرة الأمير فيصل بن الحسين سوريا إلى أوروبا بعد دخول الفرنسيين دمشق في يوليو عام 1920م، وبينما هو في ميناء حيفا ينتظر وصول الباخرة التي ستقله، وصله كتاب سري جدًا من المندوب الساميّ البريطاني في فلسطين السير هربرت صموئيل في أغسطس عام 1920م يخبره فيه أن حكومة بريطانيا تنوي إقامة إمارة في شرقي الأردن.

وقد توجه هربرت صموئيل إلى مدينة السلط في الأردن يوم السبت 21 أغسطس 1920م، واجتمع بشيوخ البلاد وزعمائها، موجهًا إليهم خطابًا أشار فيه إلى أن بريطانيا ستساعد الأهالي في المنطقة، فيقول: ¸تسألونني عن نوع المساعدة التي تريد بريطانيا أن تقدمها لكم، فأجيبكم بأنها لاتريد ضم بلادكم إلى الإدارة البريطانية في فلسطين، بل تريد أن تقيم لكم حكمًا إداريًا مستقلاً عن فلسطين، فهي ترى مساعدتكم في أن تحكموا أنفسكم بأنفسكم·. وقد نشأت عدة حكومات في شرقي الأردن هي:

حكومة عجلون:

وقد تألفت هذه الحكومة في مدينة إربد برئاسة القائمقام علي خلقي الشرايري.

حكومة السلط:

تكونت حكومة السلط في منطقة قضاء البلقاء، من مدن السلط وعمان ومادبا بعد الاجتماع الذي عقده السير هربرت صموئيل في السلط مع زعماء الأردن وشيوخه باستثناء زعماء مدينة عجلون وشيوخها.

حكومة الكرك:

تشكلت في منطقة الكرك حكومة محليّة تحت الإشراف البريطاني الذي يمثله معتمد بريطاني في الكرك.

وصول الأمير عبدالله بن الحسين إلى عمان:

وصل الأمير عبدالله بن الحسين عمان في 2 مارس عام 1921م. وقد استقبلته الوفود العربية استقبال الفاتحين، وألقى خطابًا حث فيه الجميع على السمع والطاعة، وقال لهم: ¸أنتم لنا ونحن لكم·، وإنه جاء إلى عمان من أجل خدمة السكان يدفعه إلى ذلك ماتحمله والده والأسرة الهاشمية من أجل قضية العرب. ثم تسلَّم الأمير عبدالله مقاليد الإدارة في الأردن. التقى الأمير عبدالله ونستون تشرتشل وزير المستعمرات البريطانية في 29 مارس عام 1921م، وحضر الاجتماع هربرت صموئيل المندوب الساميّ البريطاني في فلسطين، وروبير دوكه وكيل المندوب الساميّ الفرنسي في سوريا، وكان الاجتماع في قصر الطور في مدينة القدس، وتمخض عن هذا اللقاء اعتراف الحكومة البريطانية بالأمير عبدالله بن الحسين أميرًا على شرقيّ الأردن، وتم الاتفاق بين الطرفين على قيام حكومة محليّة وطنية في شرقي الأردن يكون زعيمها ورئيسها الأمير عبدالله بن الحسين. وقد نجم عن هذا الاتفاق أن ألغيت كل الحكومات المحليّة في مناطق شرقي الأردن، وحلت محلها حكومة أردنيّة مركزية واحدة تحت زعامة الأمير الهاشميّ عبدالله بن الحسين، وأصبح مركز الدولة الجديدة وعاصمتها مدينة عمان. وقد وافق مجلس عصبة الأمم في سبتمبر عام 1922م على إلحاق إمارة شرقيّ الأردن بسلطة الانتداب على فلسطين مع استثنائها من مقتضيات وعد بلفور ومتطلباته. وأمر الأمير عبدالله بن الحسين بتشكيل لجنة برئاسة ناظر العدل وذلك لوضع قانون الانتخاب لمجلس نيابي وطني، وقد وضعت هذه اللجنة القانون المذكور وصدقته الحكومة الأردنية عام 1923م.

حاولت بريطانيا أن تكبح جماح الحركة الوطنية الأردنية، فرفضت مبدأ العمل بقانون الانتخاب لمجلس البرلمان الأردنيّ الذي وضعته لجنة وطنية، ووضعت قانونًا جديدًا للانتخابات البرلمانية، مما أدّى إلى تجدد الثورة الوطنية في الأردن ضد التسلط البريطانيّ على مقدرات الشعب وكرامته الوطنية، فاجتمع ممثلو الشعب الأردنيّ من الزعماء ورجال الفكر والحركة الوطنية الأردنية، وقرروا إرسال مذكرة احتجاج إلى عصبة الأمم تتناول موقفهم ضد بريطانيا والظلم الذي تمارسه ضد الشعب الأردني لمجرد مناداته بالاستقلال والحرية.

معاهدة عام 1928م:

وقعت الحكومة البريطانية والحكومة الأردنية على معاهدة بين البلدين في 20 فبراير عام 1928م، وقد وقعها عن الجانب البريطاني الفيلد مارشال اللورد بلومر، وعن الجانب الأردني حسن خالد باشا أبو الهدى، أهم بنودها: 1- تحتفظ بريطانيا لنفسها بالشؤون الخارجية. 2- تحتفظ بريطانيا بحق المراقبة على الشؤون الاقتصادية و القضائية. 3- تحتفظ بريطانيا بقوات عسكرية للدفاع عن الأردن، وذلك للمحافظة على الوجود الاستعماري البريطاني فيه. 4- يحق لبريطانيا عقد المعاهدات والاتفاقيات نيابة عن شرقي الأردن. 5- تقدم بريطانيا معونة مالية لشرقي الأردن.

صدقت المعاهدة من قبل البرلمان البريطاني في 4 يوليو 1928م. وفي 16 أبريل 1928م نشر القانون الأساسي أو مايعرف بالدستور الأردني، وهو في جملته مستمد من بنود المعاهدة. وبناءً على مواد هذا الدستور أجريت انتخابات عامة لأول مجلس تشريعي في شرقي الأردن، وانعقد هذا المجلس في يوم الثلاثاء 2 أبريل 1929م. وبالفعل عقد المؤتمر في عمان يوم الأربعاء في 25 يوليو 1928م، وحضره حوالي (150) مندوبًا من مناطق شرقي الأردن، من زعماء البلاد، وشيوخها، والمفكرين الأردنيين، ورواد الحركة الوطنية وقادتها، وانتخب المندوبون رئيسًا لمؤتمرهم حسين باشا الطراونة. ووضعوا ميثاقًا وطنيًا مطالبين بتخلي بريطانيا عن أطماعها، وترك السلطة بأيدي الوطنيين الأحرار وصون كرامة الأردن والأردنيين.

معاهدة عام 1934م:

تحت ضغط الثورات الأردنية، والأحزاب الأردنية، والقوى الوطنية الأردنية المستقلة، رأت بريطانيا ضرورة تهدئة الموقف، فقبلت بمبدأ تعديل معاهدة عام 1928م. وظل الجيش الأردني تحت سيادة بريطانيا، وفي ظلها أيضًا أفسح المجال أمام الحكومة البريطاينة للتدخل في شؤون البلاد.

استقلال الأردن وإنهاء عهد الانتداب البريطاني

وافقت بريطانيا على إنهاء انتدابها على شرقي الأردن، ووقعت في لندن مع الحكومة الأردنية معاهدة تحالف وصداقة بين البلدين بتاريخ 22 مارس عام 1946م، وأبرمت تلك المعاهدة نهائيًا في 17 يونيو 1946م.

وبعد عودة الأمير عبدالله بن الحسين إلى بلاده، اتخذ مجلس الوزراء الأردني قرارًا يقضي باستقلال الأردن استقلالاً تامًا على أساس النظام الملكيّ النيابيّ، ومبايعة مؤسس شرقي الأردن عبدالله بن الحسين ملكًا دستوريًا على المملكة الأردنية. وأن يكون الحكم مستقبلاً لورثته. والملك الأردني بيده كل الصلاحيات المطلقة، فهو الذي يعقد المعاهدات ويعلن الحرب، ويعقد اتفاقيات الصلح بشرط أن لايبرمها إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء الأردني على ذلك.

الأردن وقضية فلسطين

أخذ الصهاينة اليهود يعملون بشكل جاد وفعليّ بعد صدور وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917م على تحقيق هدفهم في فلسطين. فجاء حاييم وايزمان إلى فلسطين على رأس لجنة بريطانية ـ فرنسية ـ أمريكية ـ إيطالية من أجل دراسة الأوضاع فيها، ولدراسة مستقبل العلاقات بين بريطانيا واليهود، على اعتبار أن بريطانيا ستتولى الانتداب على فلسطين، ولوضع مخطط عريض ينظم الهجرة اليهودية إلى فلسطين ويعمل على تسهيلها، وتمهيد الطريق من أجل إقامة اليهود المهجرين عليها.

وأصبح الأردن أول البلاد العربية التي تتأثر مباشرة بالأوضاع التي تدور في فلسطين، وبخطر الصهيونية التي تقترب من حدوده. وكان العدوان اليهوديّ المسلح على الفلسطينيين والعرب قاطبة يثير الشعب العربي في الأردن، خاصة حرب عام 1948م من جهة، والقيود البريطانية المفروضة عليهم من خلال معاهدة عام 1928م، التي ركزت على بقاء القوات الأردنية تحت التأثير البريطاني المباشر من جهة أخرى.

اندلعت الحرب العربية اليهودية عام 1948م، وما لحق بها من أضرار كبيرة على الفلسطينيين عندما حلت نكبة عام 1948م. وأعلن قيام دولة إسرائيل بعد انسحاب بريطانيا من فلسطين في 15 مايو 1948م، وقد اعترف الرئيس الأمريكي ترومان بدولة إسرائيل بعد دقيقة واحدة من الإعلان، ثم قبلت إسرائيل عضوًا في هيئة الأمم المتحدة في مايو عام 1949م. ولم تكن الحرب العربية ـ اليهودية مجزية بالنسبة للعرب، بل كانت خسارة كبيرة جدًا عليهم وعلى الشعب العربي الفلسطيني.

الأردن في العصر الحديث

وبعد نكبة عام 1948م، عرضت جامعة الدول العربية مشروع إنشاء حكومة عربية فلسطينية للمناطق التي احتلتها الجيوش العربية، لكن حكومة الأردن عارضت هذا المشروع بكل إصرار، كما عارضت حكومة الأردن اقتراح جامعة الدول العربية بتدويل مدينة القدس، وهو المشروع الذي أقرته هيئة الأمم المتحدة. وقد تم دمج الضفة الغربية مع أراضي المملكة الأردنية الهاشمية في دولة واحدة هي المملكة الأردنية الهاشمية، ووافق المجلس النيابي الأردني على مشروع الدمج، وانتخب على أثر ذلك مجلس نيابي أردني جديد من الضفتين: شرقي الأردن، والضفة الغربية عام 1950م. وقد اعترفت بريطانيا بالوضع الجديد في الأردن عام 1950م. وفي 20 يوليو عام 1951م قتل الملك عبدالله بن الحسين، مؤسس دولة الأردن، فخلفه ابنه طلال بن عبدالله. وقد تم وضع دستور جديد للبلاد يتمشى مع التطورات الجديدة، ومع نمو الشعور الوطني في الأردن والبلاد العربية.

وكانت فترة حكم الملك طلال بن عبدالله قصيرة جدًا إذ لم يدم حكمه إلا ثلاثة أشهر فقط، بعدها عزل عن الحكم واستبعد بسبب الظروف الخاصة التي ألمت به، فخلفه ابنه الكبير الحسين بن طلال الذي لم يكن بعد قد وصل إلى سن الرشد، فعهد إلى مجلس وصاية ورعاية لتولي شؤون البلاد حتى يصل إلى سن الرشد وهو سن الثامنة عشرة. وكان الملك حسين بن طلال قد نصب وليًا للعهد في عهد أبيه طلال بن الحسين. ونصب الملك الحسين بن طلال ملكًا على المملكة الأردنية الهاشمية في 11 أغسطس عام 1952م، وتسلم سلطاته الدستورية في 2 مايو عام 1953م. وممّا يذكر له أنه أمر بعزل قائد الجيش الأردنيّ البريطاني الجنسية والهوية جون جلوب عن قيادة الجيش الأردني في أول شهر مارس 1956م، وأمر بإخراجه وغيره من الضباط الإنجليز من الأردن. وكان جلوب مخادعًا، وظل يحاول أن يقود الخط العربي باتجاه السياسة البريطانية وهي سياسة بغيضة لدى التيار العربي بكل فئاته. وأدى جلوب دورًا سيئًا في الحرب العربية ـ الصهيونية عام 1948م، وهو من بين السياسيين الإنجليز الذين عملوا على تدعيم الكيان الإسرائيلي في فلسطين.

ألغى الملك حسين بن طلال معاهدة التحالف التي كانت قائمة بين بريطانيا والأردن، في 13 فبراير 1957م، وألحق ذلك بإجلاء القوات البريطانية عن الأردن في صيف عام 1957م. وتخلص الملك حسين والشعب الأردني من عناء الثقل البريطاني المسلط على كاهلهم والذي استمر منذ تأسيس إمارة شرقي الأردن حتى عام 1957م.

أعلن الاتحاد بين المملكة العراقية والمملكة الأردنية الهاشمية عام 1958م، لكن هذا الاتحاد لم يدم سوى خمسة أشهر فقط، فقد انهار الاتحاد بقيام الثورة العراقية في 14 سبتمبر عام 1958م. واشترك الأردن مع كل من سوريا ومصر والمملكة العربية السعودية في القيادة العربية المشتركة. كما شارك الأردن في كل مؤتمرات القمة العربية والإسلامية. ودخل الأردن في الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1967م، والتي انتهت باحتلال إسرائيل للضفة الغربية، وقيام أزمة نازحين فلسطينيين جدد، واحتلت إسرائيل صحراء سيناء، ومنطقة الجولان السورية وتفاقم الموقف من جديد. ونجم عن هذه الحرب وضع طارئ ظل الأردن يسعى لإزالته بكل الوسائل، منسقًا مواقفه مع الدول العربية الأخرى. وظل الملك حسين يسعى لحل سلميّ خاصة بعد حرب رمضان، أكتوبر عام 1973م، وتبنى مشروع مقايضة الأرض بالسلام. واشترك الأردن في مؤتمر مدريد للسلام عام 1990م، وواصل الأردن مباحثات السلام في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، وتوصل إلى مرحلة عملية للحل النهائي حين وقع مع إسرائيل وثيقة إعلان المبادئ عام 1993م بعد توقيع الاتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في واشنطن في العام نفسه لإنهاء فصل الصراع العربي الإسرائيلي. وفي عهد الملك حسين بن طلال قامت نهضة شاملة في الأردن في مجالات: البناء والعمران العام والخاص، وفي مجال تطوير المؤسسات والأجهزة الحكومية، وفي مجال نمو المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية.

أصيب الملك حسين بمرض السرطان في نهاية تسعينيات القرن العشرين، وقد أعلن شفاؤه في 19 يناير 1999م. وفي 25 يناير عين الملك حسين ابنه الأمير عبدالله وليًا للعهد خلفًا لشقيقه الأمير الحسن بن طلال الذي عينه مستشارًا اقتصاديًا. يذكر أن الأمير الحسن ظل وليًا للعهد لفترة 34 سنة، وفي فبراير 1999م لقي الملك حسين ربه، وشيعه إلى مثواه الأخير قادة 75 دولة.

وطـَّد الملك عبدالله بن الحسين علاقاته مع جميع الدول العربية، وأعاد العلاقات الدبلوماسية بين المملكة ودولة الكويت بعد أن تجاوز الأشقاء في البلدين تداعيات حرب الخليج الثانية.

إختبر معلوماتك :

  1. عرف بشكل موجز: المؤابيون، الأدوميون، العمونيون
  2. اذكر الأقسام الإدارية التي تكونت منها مناطق الأردن في العهد العثماني قبل قيام إمارة شرقي الأردن.
  3. بين كيف قامت دولة شرقي الأردن في العهد الحديث؟
  4. اذكر الحكومات في الأردن قبل قيام إمارة شرقي الأردن
  5. اذكر أهم بنود الميثاق الوطني الأردني عام 1928م
  6. تكلم عن معاهدة عام 1934م، موضحًا مالها وماعليها من ملاحظات.
  7. ما الأسباب التي دفعت بريطانيا إلى قبولها بمبدأ استقلال الأردن؟ مبينًا كيف تم ذلك؟
  8. وضح الموقف الأردني من قضية فلسطين
  9. بين الملامح التي تميز عهد الملك طلال بن عبدالله
  10. تكلم عن أبرز معالم حكم الملك حسين بن طلال
  11. بين دور الملك حسين بن طلال في السياسة العربية
المصدر: الموسوعة العربية العالمية